"زينة اهدي أرجوكي" أخبرها بعد أن تحولت ملامحه للفزع بعدما رآى ملامحها التي تحولت تماماً لتصبح فتاة أخرى بعد تلك الفتاة السعيدة التي كانت معه منذ دقائق أقترب منها لتبتعد هي عنه
"فكرك إن كده بتغيرني؟ بترجعني زينة بتاعت زمان؟ ويا ترى مين بقا اللي قالك تعمل كده؟ خالو ولا ماما حنت عليا فجأة.. أنسى يا سليم وأنسوا كلكوا.. زينة بتاعت زمان استحالة ترجع.. اتفضل خد الزفت ده وأطلع برا" صرخت به بمنتهى الغضب وهو كل خوفه أن يتحول غضبها لأحدى نوبات الصرع الهيسترية التي تصيبها وحاول التحكم في ملامحه قدر المستطاع ثم حدق بتلك الأبحر التي اهتاجت بموجات من الغضب والخوف بآن واحد، لقد رآى الخوف بعينيها، سيعمل أن يطمئنها بكل ما أوتي من قوة...
"مش احنا اتفقنا قبل كده اننا مش هنعند وخلاص؟ مش تعرفي الأول أنا ليه جبتلك التشيللو ده؟" همس بهدوء وهو ينظر لها بصدق
"هتكون جبته ليه غير انك عايز تفكرني بجزء من حياتي أنا عايزة أنساه!! محدش يا سليم هيقدر يرجعني تاني زي زمان، ولا حتى أنت!! وأنا هثبتلك كويس إن أنا قد كلمتي دي" صرخت به مرة ثانية وتوجهت نحو التشيللو ثم رفعته وكادت أن تلقيه أرضاً ولكن سليم اندفع نحوها بسرعة ليقف خلفها واحتضن جسدها في ثوان وأمسك بكلتا يديها حتى لا تهشمه أرضاً
"لأ مش هاتمنعني.. أنا بكره الزفت ده ومبقتش بطيقه.. مبقتش أعرف أعزف عليه.. سيبني لو سمحت كفاية بقا" تحدثت بنبرة منتحبة بعد أن انهمرت دموعها رغماً عنها ليقترب سليم منها أكثر حتى تلاصق جسديهما معاً وهمس بأذنها
"زينة.. أنا مجبتوش علشان كل ده.. أنا جايبه عشان عايز اسمعك واشوفك وانتي بتعزفي.. وحشتيني اوي، وحشتي عنيا اللي كانت بتشوفك مبسوطة، وحشتي وداني اللي كنت بسمعك بيها.."
"لا أنت كداب.. أنا موحشتش حد.. أنتو بس وحشكوا زينة الضعيفة اللي مبتقدرش تتكلم واللي الكل بيغصب عليها كل حاجة.. مش هاتشوفوها تاني أبداً.. عمركوا ما هتلاقوها تاني" تكلمت بوهن وبكاء مرير ليأخذ سليم من بين يدها التشيلو ثم أزاحه بعيداً والتفت لينظر لها محتوياً وجهها بين كفيه وحدق بعينيها الباكيتين ونظرات التأكيد تنهال من عيناه
"أنا عمري ما كدبت عليكي.. عمري ما كنت عايز أشوفك مضايقة أو بتعيطي... آه وحشتني زينة القديمة بس أنا مش رافض الجديدة اللي اتغيرت.. أنا قابلها بكل اللي فيها بكل اللي بتحبه وبتكرهه.. وعشان تصدقي كلامي لو عايزاني ابعد التشيلو خالص بعيد عنك وارميه هارميه.. بس أنا كنت عايز أشوفك مبسوطة يوم عيد ميلادك وعارف إنك من زمان وأنتي بتحبي التشيلو.. كنت عايزك تتبسطي وأنتي بتعزفي بيه.. بس خلاص أياً كان اللي أنتي عايزاه هاعملهولك.. ومحدش يعرف إني هنا ولا مامتك ولا أي حد غير بابا وهو اتبسط جداً بأني هنا وميعرفش أنا جبتلك ايه.." تحدث لها بصدق وهو لا يزال محاوطاً وجنتيها بيداه وتبادلا النظرات في صمت لتتوقف هي عن البكاء ونظرت له بأنفاس متلاحقة أُنهكت من البُكاء
"طب ارميه لو كلامك صح.. طلعه برا الشقة كلها لو سمحت" همست له ليتفقدها لبرهة ثم أماء لها بالموافقة
"حاضر.. اللي أنتي عايزاه أنا هاعمله.. اوعدك إن مفيش حد هيغصب عليكي حاجة أنتي مش عايزاها بس أنتي كمان اوعديني متعيطيش كده تاني عشان خاطر أي حاجة.." همس لها وبداخله يتمزق لرؤية ملامحها الباكية بتلك الطريقة وتركها ليُمسك بالتشيلو ليضعه في صندوقه مرة أخرى أسفل زرقاوتيها ثم توجه بخطوات بطيئة نحو الباب حتى يخرجه ولكن صوتها الهامس الذي عاد للبكاء مرة ثانية أوقفه
"أنا خايفة اوي.. أنا خايفة أعزف تاني.. أنا عمري ما حبيت حاجة في حياتي واتعلقت بيها قد التشيلو" شهقت بين بكائها ليلتفت لها سليم الذي ترك التشيلو بجانبه أرضاً وتفحص ملامحها ليرتجف قلبه داخله من تلك الملامح المتمزقة آلماً "أنا مش عايزة أعزف لارجع أتعلق تاني، والاقي كل اللي حواليا رافضني، أنا من جوايا نفسي أعزف ليل نهار، نفسي كنت ادخل معهد موسيقى .. بس ماما هترفض ومش هاتسكت والكل هايشوف إن كلامها صح.. أخواتي هيتريقوا عليا وهيقولوا اني تافهة ويتريقوا.. أنا خايفة اوي يا سليم ارجع لنفس الشخصية الضعيفة اللي الكل بيتحكم فيها وبيفرض عليها كل حاجة.. خايفة أواجه كل ده تاني.. أنا مقصدش إنك كداب أو حاجة أنا بس.. تعبت.. أنا خـ.." قاطع كلماتها مهرولاً نحوها ليعانقها بكلتا ذراعيه وهي تنتحب على ص*ره ليشعر بتمزقه داخلياً من تلك الحالة التي أصبحت بها وأخذ يربت على شعرها في حنان ولطف
"هشششش... خلاص يا زينة، متخافيش، مفيش حاجة هتحصل" حاول تهدئتها بينما اشتد بكاءها ليزفر في غضب من فشله في أن يوقفها عن البكاء
"أنا بقيت خايفة من كل حاجة، خايفة أعمل اللي بحبه، خايفة اسمع كلام حد، حتى اللبس اللي بحبه بقيت خايفة البسه، بفكر في الحاجة مليون مرة لغاية ما بحس إن راسي هتنفجر، أنا تعبت يا سليم من كل حاجة بتحصل ليا، ليه الكل بيجبرني على حياة كاملة أنا مش عايزاها" تحدثت بين إنتحابها ونبرتها امتلئت برجفات البكاء وصرخات الآلم ليتحول شعور سليم للأسوأ
"متخافيش، هتعملي كل اللي نفسك فيه ومحدش هيقولك لأ على حاجة ومحدش يقدر يجبرك على أي حاجة انتي رفضاها" ابعدها عن ص*ره قليلاً للوراء ثم حاوط وجهها بكفيه وهو يحدق بزرقاوتيها بتأكيد ونظرة ثاقبة وكأنه ينظر إلي أعماقها "بصي، أنتي كبرتي خلاص، مبقتيش صغيرة، سهل إنك ترفضي حاجة، سهل تقولي لأ ببساطة، من حقك تعملي كل اللي نفسك فيه وكل اللي بتحبيه ما دام دي حاجة مش غلط.. تقدري تقوليلي لو رجعتي تعزفي تاني عمتي هتعمل ايه؟ هتزعق؟ هتقولك بطلي؟! ولا يهمك كل ده.. أنتي مبقتيش صغيرة.. زمان أنتي طاوعتيها بما فيه الكفاية وسمعتي كلامها، من حقك دلوقتي تعملي كل اللي أنتي عايزاه.. من غير ما تحملي نفسك خوف وضغوط وتفكير وعياط وخناق تقدري بسهولة تعملي اي حاجة.. أنا جنبك ومش هاسيبك ومش هاسمح لحد يتحكم فيكي تاني، بس قبل كل ده أنتي بإيد*كي تعملي اللي أنتي عايزاه من غير ما تهتمي برأي حد" تن*د لتنظر هي له بعد أن توقفت عن البكاء بالرغم من آثاره على ملامحها التي دفعتها للتحول للون الأحمر ليومأ لها بأنها تستطيع فعل كل ذلك
"التشيلو ورايا، لو روحتي عزفتي واتبسطتي مين هيقولك لأ؟! مين هيرفض؟!" أخبرها سائلاً بإستنكار
"ما أنا لو رجعت تاني هتعلق بيه وماما مش هـ.."
"انسي بقا ماما هتقول ايه وهتزعق وهتتخانق.." قاطعها ليزفر في إنزعاج "ولو قالت واتخانقت وزعقت وانتي اتعاملتي بهدوء وسيبتيها ومشيتي وروحتي عملتي اللي أنتي عايزاه هيحصل ايه.! هتقول لأ تاني؟! وماله ما تقول بـ..."
"أنت ليه مش عايز تفهم!! أنا الكل بيرفضني، بيحسسني إني مجنونة عايشة ما بينهم!" قاطعته صارخة بحرقة
"لأ محدش رفضك.. لو رفضينك مكنوش اتدخلوا في حياتك، كانت مامتك زمان سابتك تسافري بسهولة، الكل محتاجلك، لو مكنتش محتجالك مكنتش قالتلك تدخلي هندسة، مكنتش منعتك من التشيلو.. مكنتش عملت حاجات كتيرة اوي.. أنتي اللي فاهمة غلط.. الكل عايزك تكوني على مزاجهم لكن مش رفضينك.. عايزينك بذكاءك وشطارتك بس من وجهة نظرهم.. عايزينك تلبسي احسن حاجة وتكوني احسن حاجة بس بالطريقة اللي شايفنها صح، وبإيد*ك متكونيش على مزاج حد غير نفسك يا زينة.. تبقي أنتي بألوانك والتشيلو والموسيقى اللي بتحبيها وضحكك وهزارك ولبسك اللي بيميزك عن كل البنات.. أنتي بس مميزة لكن مش كل الناس بتشوف ده.. كفاية إن أنتي تشوفي ده، كفاية إن اللي بيحبك بجد يشوف ده، واللي ميعجبهوش هو حر.. خليكي زي ما انتي ومتتغيريش، اعزفي والبسي اللي تحبيه واعملي كل اللي في دماغك ما دام مش حاجة غلط ولا هتأذيكي لكن متتغيريش عشان حد.. متتغيريش أبداً غير عشان نفسك"
تفحص زرقاوتيها بعد أن أنتهى من إلقاء تلك الكلمات عليها لتعيدها هي مراراً وتكراراً بداخل عقلها لتشعر أنه محق تماماً، محق تجاه كل كلمة، ولكنها لن تستطيع فعلها بين يوم وليلة، احساسها برفض والدتها لها، رفض أختها لها، ولكن ماذا لو بدأت الآن؟ ماذا لو احتوت ذلك التشيلو بين ذراعيها، ماذا لو فعلت كل ما اعتادت أن تحبه وتكترث لأجله!! لن يشعر أحد بالسعادة سواها هي وكذلك لن يشعر أحد ولن يكترث سواها هي أيضاً عندما يسيطر عليها الحزن وتستولى عليها دوامة الأفكار التي تحتل رأسها طوال الوقت..
أخذت شهيقاً عميقاً ثم زفرته لتبتعد عن سليم ثم توجهت بخطوات سريعة تتسم بالتصميم الشديد واحتوت على الإنتقام من ذلك الضعف نحو التشيلو الذي أحضره لها منذ قليل وذكرها بنفسها الضعيفة التي كانت تحاول التغلب عليها وتخفيها منذ سنوات ثم أمسكت به وجلست على احدى الكراسي أسفل نظر سليم الذي هدأ قليلاً بداخله بعدما شعر أن كلماته لها ربما غيرت شيئاً بداخلها وارتقب منتظراً عودة ولو شبحاً من تلك الفتاة التي لطالما عشقها بجنون..
عدلت من جلستها لتجلس مستوية الظهر، باعدت بين ساقيها قليلاً، أخذت نفساً عميقاً ثم زفرته ببطئ، يراها سليم أسفل عيناه وهو يدرك أنها متوترة، يدرك أنها تعاني تلك الصعوبات التي لا تنتهي بداخلها، تحاول القضاء على نزاع استمر لما يقارب ثمانية سنوات من عمرها الصغير، منذ أن هشمت والدتها التشيلو الخاص بها إلي فرض قرارات حياتية مصيرية كان عليها هي اتخاذها إلي سنوات الوحدة والعُزلة التي تعانيها إلي الآن..
تشعر بإرتجافة داخل نفسها، ارتجافة لا تدري ما القادم بعدها، ارتجافة صوب المستقبل القريب، إذا حقاً كلمات سليم لها منذ قليل صحيحة وهو محق تماماً إذاً هي ستقبل على حرب محتمة لا محالة، وإذا كانت كلماته خاطئة فقط ليسعدها بمناسبة يوم ميلادها فماذا سيكون شعورها بعد أن تلمس بأناملها أكثر الأشياء الغالية على قلبها منذ أن كانت صغيرة؟!
وصدت زرقاوتيها تعتصرهما بشدة، ستترك التردد والعِناد، ستترك تلك الذبذبة التي تقضي على حياتها ولو للحظات، ستستمتع من أجل نفسها ولو لمرة واحدة، فلتتخلى عن تلك المعاناة اللعينة التي تُفسد عليها حياتها وليترفق بها ذلك الصداع اللعين الذي يهشم رأسها من كثرة التفكير في القادم والآت.. ستبتعد عن الذبذبة والتخبط المريعان وستتشجع وستفعلها.. لقد قست على نفسها كثيراً بالسابق وعاهدت أناملها ألا تلمس التشيلو مجداً ولكنها هذه المرة ستخون نفسها وتنكث العهد فهي تستحق ولو قليلاً من المتعة حتى ولو بعزف مقطوعة صغيرة..
تنفست مجدداً ون**ت برأسها تتفقد الأربعة أوتار الخاصة بالتشيلو وهي تمرر أناملها عليها لتتأكد من إحكام شدها بعناية وابتسمت بوهن لأنها لا زالت تحافظ على أظافرها قصيرة ومشذبة بعناية كما العازفين ثم رفعت رأسها وتجاهلت تلك المسام المرتعدة بجسدها بأكمله وخفقات قلبها المرعوب ووصدت عيناها وهي تمسك بالقوس وتحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تتحكم في ارتجافة يدها لتجد نفسها تشرع في العزف لأول مرة منذ سنوات..
لانت شفتاه في ابتسامة عذبة وهو يراها أسفل نظره تتغلب على واحدة من أكبر مخاوفها، ها هي صغيرته تعود للعزف مرة أخرى، ها هي تطرب أذناه بتلك الموسيقى التي يشعر وكأنها مختلفة عن أفضل العازفون في الكون بأكمله لأنها هي من صنعها وليس أحد سواها، تتمايل خصلاتها عند كل تحرك مع وجهها البريء وتفاصيله التي يعشقها ليشرد بها أكثر ويشعر أن العالم حوله مكتمل ولا ينقصه شيء أبداً..
فتنتها بطريقتها هي التي تمتزج بالأنوثة المميزة والبراءة بآن واحد تجبراه على الإستسلام والإذعان لأياً ما أرادته هي، رقتها المتناهية في العزف وكأنها شخصية أخرى تماماً، حورية هي بُعثت من احدى بحور الجنة وهي تتحرك بذلك اللطف لتنسج بأناملها معزوفة ملائكية لم يستمع للأفضل منها أبداً.. أحقاً يستمع أم يغرق عشقاً في بحور تلك الفتاة؟! لا يعلم ولا يكترث لأي شيء سوى أنها أمامه تفعل شيئاً تحبه وتريده منذ صغرها..
يلاحظ السعادة بحدقتاه تغمرها، يلاحظ تلك العلاقة الفريدة بين أناملها وبين أجزاء التشيلو تظهر مرة أخرى على ملامحها، يرى العشق الخالص الذي تصرخ به كل خلية من جسدها كلما لامس القوس بين أناملها أوتار هذا التشيلو، ولكن لماذا رمت القوس من يدها؟ أهي بخير؟ لماذا لا تستطيع أحتواء التشيلو؟
أقترب منها مهرولاً وقبل أن ينهال عليها بعبرات التأكد ما إذا كانت تشعر بخير ارتفعت له زرقاوتان احتبستا بالدموع التي انهالت على كلتا وجنتيها ما إن تلاقت أعينهما وتشبعت بإبتسامة أف*جت عنها أخيراً وحررتها في النهاية بعد سنواتٍ سُجنت بها ظلماً وقهراً، ابتسامة تمنى لو رآها منذ سنوات، منذ ثماني سنوات..
"سليم.. أنا.. أنا لسه بعرف أعزف.. أنا.." همست بنبرة مهتزة ولكنها كانت سعيدة ثم أنقذ تلك التشيلو من بين يديها وقدميها حتى لا تسقط أرضاً ليسندها على واحدة من تلك الأريكتان بغرفة معيشتها ثم اقترب منها مجدداً ليسلط نظره عليها وعيناهما تلتقي في نظرة لم تشاركها من قبل مع أحد على وجه الأرض وفجأة تحولت نبرتها للسعادة الطاغية "أنا لسه زي ما أنا يا سليم.. أنا متغيرتش.. أنا لسه بحب التشيلو" تحدثت كفتاة في العاشرة من عمرها وموجات السعادة تتلاطم من تلك الأبحر بين جفنيها ليجذبها سليم من يدها بلطف وكأنها كادت أن تقع أرضاً بعد شعورها بأن جسدها أصبح كالهلام من ذلك الإحساس الذي لم تشعر به منذ الكثير من الوقت لتجد نفسها تستقر وتستكين بين ذراعاه في عناق محموم بالكثير من العواطف التي لا يستطيع أياً منهما التعبير عنها..
"عرفتي يا زينة.. عرفتي إنك عمرك ما كنتي مبسوطة بحاجة قد التشيلو؟!" همس بأذنها وهو يستمتع بقربها الشديد محتوياً اياها بين ذراعاه ووصد عيناه في
***ة سعادة من امتلاكها هكذا بالقرب من قلبه الذي يخفق بجنون من أجلها
"شكراً.. شكراً بجد يا سليم" همست هي في امتنان لأنه السبب في شعورها بتلك السعادة "أنا عارفة إني بتخانق وبعند مع الكل بس أنا متأكدة إنك كنت عايز تشوفني مبسوطة و.."
"هششش.." قاطعها وهو يمرر أنامله على رأسها وهي لازالت بين ذراعاه وبالرغم من أنه لم يشعر أبداً بمثل تلك السعادة وأنفاسها الرقيقة ترتطم بعنقه عند تحدثها وكنه أوقفها عن الكلام "أنا عارف.. بس متقوليليش شكراً" همس هو الآخر ثم ابعدها عنه قليلاً حتى يُملي عيناه من زرقاوتيها السعيدتين ورغماً عنه وجد نفسه يتفقد ملامحها بأكملها من أعلى جبينها حتى تلك الكرزيتان المرسومتان بعناية ليتلمس أسفل ذقنها بجرأة وحدق بزرقاوتيها الدامعتين مجدداً "أنا بالذات يا زينة متشكرنيش.. أنا عايز أشوفك مبسوطة على طول"
ابتسمت له بعذوبة ثم ارتجف جسدها برفق على اثر بكاءها الذي انتهى وبادلته النظرات التي لا تدرك ما معناها.. أنفاسه الدافئة التي لا تتوقف عن مداعبة ملامح وجهها بلطف جعلتها تشعر بشيء جديد للغاية عليها لم تختبره من قبل..
لا تدري لماذا تسارعت أنفاسها في غير انتظام وهي تنظر له، لماذا هي متوترة، أهذا بفعل أنفاسه؟ ربما لتقاربهما الشديد غير المألوف؟ ما الذي يحدث لها بالقرب منه؟ ما الذي يتغير بينها وبين سليم؟ هي تعرفه منذ أن كانت طفلة.. ابن خالها الذي كان يلاعبها ويمرح معها ولكن ماذا حدث؟ ماذا تغير؟ تشعر وكأنها ستسقط أرضاً لا محالة لو ترك ملامسة ذقنها بتلك الطريقة.. ولماذا عينتاه أصبحتا داكنتان للغاية هكذا؟! لماذا أنفاسه تزداد بتلك الطريقة وتتسارع وتحولت للسخونة الشديدة لتنع** على شفتيها وتسبب لها الإرباك أكثر وأكثر..
حاول أن يوقف تلك الرغبة المُلحة التي انفجرت بداخله على تذوق تلك الكرزيتان التي تبعثر رجولته ولكن دون جدوى، حاول أن يهدأ من وتيرة أنفاسه التي ازدادت وكأنه فر من مسابقة عدو لتوه ولكن لا يستطيع.. رغبته تجاهها تزداد.. عشقها يدفع قلبه للجنون.. عيناه تنهل الآن من تلك الملامح البريئة التي رافقت أحلامه ولوهلة ود لو أن أحلامه كلها تتحول الآن لحقيقة.. ماذا سيحدث لو تذوقها وهي أمامه الآن؟ كل قطرة من دماء عروقه وصلت لحد الغليان وتصرخ ب أن يُقبلها علّ تلك اللوعة تستكين قليلاً.. إبهامه الذي يلامس بشرتها الدافئة يذعن له أنها مستعدة له تماماً.. تشعر مثله.. حسناً سيستجيب لذلك القدر الذي استعمر قلبه منذ صباه وحتى احتل رجولته الكاملة فعشقه لها يصرخ به ويحتم عليه أن يتملك شفاهها بين شفتاه وألا يتركها أبداً..
متى لامست شفتاه شفاهها؟ ما الذي يحدث؟ لماذا تشعر وكأنها تحلق بالسماء؟ أهذا ما تشعر به كل فتاة يٌقبلها رجل؟ لماذا لم يتسنى لها اختبار تلك المشاعر من قبل؟ لماذا تأخرت إلي الآن؟ لماذا لا تستطيع أن تملي زرقاوتيها من ملامحه الرجولية؟ عيناها لا تساعدها أبداً.. ألهذا الحد قد غرقت بتلك اللحظة وتبدو وكأنها لن تستطيع الهروب منها للأبد وستظل سجينة تلك القُبلة للأبد؟ قلبها يكاد يهرب من قفصها الص*ري، تسارعت خفقاته في جنون وهي تستنشق أنفاسه الساخنة التي تتملكها بإستمتاع شديد..
خلل أصابعه بين خصلات شعرها يقربها منه، يستنشق أنفاسها بلوعة تمنى لو تنتهي منذ سنوات، يريد أن يلتهمها بشفاهه لتصبح بداخله للأبد، لن يظن أنه سيستطيع تمالك نفسه بعد تلك القبلة، أكان مصاباً بالحمق والغباء حتى يحرم نفسه ويجبرها ألا تقترب ممن يعشقها قلبه؟ لماذا أنتظر كثيراً؟ لماذا لم يقبلها من قبل؟
خفقات قلبه تتسارع، هيسترية لذيذة اندفعت بدماءه كالبركان، لا لن يتوقف، لن يسمح لنفسه مجدداً أن يمنع كل خلية بجسده من هذه اللذة.. لماذا تريد هي الابتعاد؟ لماذا تدفعه بعيداً عنها؟ ألا تريده؟ ألا تشعر بجسده الذي يصرخ آلماً كي لا تبتعد عنه؟ أهي بهذا الغباء حتى لا تشعر به؟ أهي عمياء؟ ألا ترى كم هو غارقٌ بعشقها؟ ألا تشعر بتلك الأنفاس التي كادت أن تهلكه وتودي بحياته لو ابتعدت عنه مقدار أنمله؟ وا****ة لماذا تصمم دفعه بعيداً عنها؟ أتظن أن يداها التي تتلمس ص*ره ستجعله يبتعد؟ ألا ترى أنه كفتي يدها الرقيقتان وهي تتلمسه بتلك الطريقة تدفعه كي يعمق هذه القبلة أكثر وأكثر؟ لا لن يستطيع أن يكبح جماح رجولته عنها وهي تصرخ بتلك اللوعة بين قبلتيهما..
"سليم!!" همست بأنفاس متقطعة لاهثة بعنف بعدما دفعته بكل ما أوتيت من قوة ليتفرقا جفناه بعد أن سيطرت عليهما
***ة السعادة بقربها وامتلاك شفتيها بين شفتاه ونطقها لأحرف اسمه التي تبدو الآن **مفونية صُنعت خصيصاً من أجله ليتفقدها بحدقتان غابتا في أبحرٍ من الابتهاج وال
***ة للظفر والإنتصار بملاقاة شفتيها أخيراً في وعيها بتلك الطريقة ليجد وجهها ممتزجاً بحمرة قانية صاحبت الكُدرة وكأنما فُقد في لوعة من تلك القبلة التي بعثرت كيانهما معاً والآن أدرك أنها كانت تحتاج للتنفس والهواء ليس إلا..
لمحها لثوان بينما تلتقط أنفاسها وتعيد الهواء لرئتيها مرة أخرى ولكنها ستكون مخطئة لو ظنت أنه سيتركها لتبتعد عنه مرة أخرى.. أهدابها المتلاقية لتخفي تلك الزرقاوتين المليئتان بالرغبة وثدييها اللذان يعلوان ويهبطان بسرعة ولسانها الذي رطب كرزيتيها هكذا، كل ذلك يصرخ به أن يعاود تلك القُبلة مرة أخرى..
هي الآن تحلق بالتأكيد.. كيف أستطاع حملها بكل تلك السهولة لتجد ساقيها تحاوطا خصره؟ وما تلك الآنة التي تحررت من حنجرتها لتُسجن بين قبلتيهما الشغوفة؟ أهي بفعل أصطدامها بالحائط خلفها أم هي شهوة وإرادة منها في المزيد؟
لأول مرة بحياتها تختبر مثل هذه المشاعر.. تريده.. تريد المزيد منه.. لا تكترث لأي شيء سوى ذلك.. تصرخ بنفسها.. تحاول زجر نفسها أن تتوقف.. أن تزجره صارخة ليبتعد عنها.. ولكنها تجد ذراعيها يحاوطا عنقه وتقربه منها لتبادله القبلات!!
أتعشقه هي الأخرى؟ جسدها يذعن له بذلك.. شفتيها تبادله.. حرارة جسدها تدفع بركانه الداخلي أن يع** لهيبه الذي عذبه لسنوات.. تلك الآنة من شفتيها تجعله تدرك أنها استسلمت له تماماً.. تشبثها به هكذا يدفعه للمزيد والمزيد..
نظرت له بأبحر بين جفنيها غابتا عن الوعي بما يحدث لها وسيطر عليها الإحتياج الشديد له لتجده يعتليها وينظر لها بسوداوتين غلفتا رغبة ممتزجه بشيء لم تستطيع تبينه ولا تدري متى حملها حتى يحضرها هنا أسفله على سريرها وأقترب منها بشفتان شغوفتان لتذوق كرزيتيها مجدداً..
تناغمت السنتهما في هذه القبلة بينما دون تحكم أو وعي منه انسابت واحدة من يداه ليتلمس ن*دها ليجد يده الأخرى تمسكت بخصرها لتطوقه هي بذراعيها وهي تلهث بقوة بين قبلتيهما وبدأت آناتها تصاحب أنفاسها اللاهثة لتدفع عقله للجنون ولم يستطع أن يصمد أمام تلك المشاعر ولا تلك الفِتنة اللامتناهية التي تكيلها لها دفعة واحدة ولا ترفق على رجولته أبداً لتقسو عليه وتبدد كل ما امتلك من عقل وحكمة دون شفقة منها أو رحمة..
فرق قبلتيهما لتشهق هي في متعة وشبق للمزيد والمزيد بينما دفن هو وجهه بعنقها ظناً منه أنه يحاول التحكم بنفسه ولكنه كان أ**ق لقد ارتفعت آناتها لتقع على مسامعه كلهيب مستعر اندفع لرجولته بثوانٍ واندفع لشفتاه ليجعلهما محمومتان بنيران الرغبة وبدأ دون تحكم منه أن يلثمها بشهوة واحتياج لأن يكتشف معالم جسدها ويتذوقه متنعماً بإمتلاكها أسفله..
تائهة في تلك الرغبة التي لم تختبرها من قبل، ذاهبة في أعمق محيطات الجنون الماجن بتملك المزيد من تلك المشاعر التي لم يسبق لها تجربتها، أجبرتها كل ذرة احساس بجسدها أن تطلق صيحات المتعة التي تسللت عنوة من بين كرزيتيها لتشعر بتعالي سخونة جسده حتى كادت تلهبها وتحرق جسدها أسفله من كثرة تلك اللذة التي اندفعت بها وأص*ر عقلها الغائب تماماً إشارات لأناملها كي تخلل شعره الفحمي وتدفع رأسه كي تتوغل أكثر بعنقها..
لماذا لا تشفق عليه؟ لماذا تخلت من كل معاني الرحمة والعطف؟ لماذا لا تترفق برجولته قليلاً؟ لماذا تدفع هذا الهوس بكل ذرة دماء تجري بعروقه؟ ألا تشعر بقلبه يكاد يهشم ص*ره؟ لماذا تدفعه بصياحها وآناتها وتحركاتها أسفله للمزيد؟!
كفر بالمنطق بعدما فسد عقله تماماً وذهب ليحلق بالسماء السابعة ولم يتحكم به سوى غريزته ورغبته بتلك التي يعشقها أسفله كي يفعل المزيد والمزيد!! رغبتها واستجابتها له والشبق الذي يغلف نبرتها وجسدها الملتهب أسفله يدفع يداه لا إراديا حتى يعريها تماماً من قميصها القطني الأ**د الذي وجد نفسه يخلعه عنها في ثوانٍ ليتلاقى سواد عيناه بسواد ص*ريتها الذي أحتوى ن*دان ليخفي بياضهما على استحياء.. فبالكاد أخفى أكثر مما ظهر..
حاوطها بذراعيه ليححرها من تلك الص*رية وهو يوزع قبلاً بدءاً من شفتيها مروراً بذقنها وذلك التجويف بمنتصفه لتهبط شفتاه في تناغم تلقائي في تلثيمات لعنقها الذي تنبض به عروقها في لوعة من تلك التلثيمات ليجد نفسه يهبط لأسفل ملتقياً بثدييها سامحاً لنفسه بتذوقها..
لا تستطيع التحمل أكثر، تريد الشعور بجسده الدافئ منع**اً على جسدها، تريد منه المزيد من التقارب وتريد أن تتعمق أكثر في أبحر تلك اللذة التي لم تكن تعرف طريقها من قبل، تعرف أنها جريئة، تتمرد على المنطق، تنافي كل الآداب التي لطالما حافظت عليها، تعبر كل تلك الحدود التي وضعتها لنفسها من قبل والآن ست**ر تلك القيود وامتدت كلتا يداها لتحرره من قميصه القطني هو الآخر ليساعدها هو في التخلص منه ثم عاد لتلثيماته بينما هي ألهبت جحيم جسده ودفعت كينونة رجولته للتحكم به وبها وبالموقف نفسه..
"سليم!!" همست بأنفاس لاهثة غائبة في الشهوة عندما لامست واحدة من يداه أعلى ملتقى ساقيها فوق بنطالها الأ**د ليهمهم بين شفتاه وأسنانه التي احتوت واحدة من سفاح جبالها الوردية كي يتيح للسانه تذوقها مغمضاً عيناه كي يحتفظ بمشاعر تلك اللحظة للأبد ويتذكرها طالما يستطيع التنفس "آه.. سسـليـم!!" همست بشهوة تصرخ وكادت أن تحركه حتى يحررها ويحرر نفسه من تلك الآلام اللذيذة ولكن مهلاً، أبهذا الشكل وبتلك الطريقة يريد أن تكون أول مرة لهما هكذا؟ هذا ليس ما تخيله لكلاهما.. لا لن يدع تلك الشهوة المحمومة بينهما وذهاب عقليهما كي يتحكما بهما.. لن يرضى لمن عشقها قلبه منذ صباه أن تكون هذه هي مرتهما الأولى.. لقد أقسم لنفسه أنه لن يحظى بها أبداً سوى وهي عروس بفستانها الأبيض وبسعادتها لإختيارها اياه ومشاعر حب قوية متبادلة بينهما، وليس لتملكها لحظة سعادة عابرة لإهتمامه بها..
نهض مسرعاً لاهثاً بعنف ليطبق على أسنانه بقسوة وتملكه الغضب بعدما أضطر بمشقة بالغة أن يبتعد عنها وأخذت كل ذرة من دماءه تصرخ به ألا يفعل ولكن كان عليه أن يُسيطر على نفسه لتفيق هي وتنظر لسوداوتيه بصدمة وبنفس الوقت زرقاوتان التهبتا بنيران الغضب لإبتعاده المفاجىء عنها وشعرت بالخجل الشديد عنما أدركت أن نصفها العلوي دون ملابس تماماً فأخفضت رأسها في استحياء ليقرأ ذلك بملامحها وذراعيها اللذان حاوطا ثدييها لتخبئهما عن مرمى بصره ليندفع هو ممسكاً بأحدى الشراشف على سريرها ليلقيه عليها فجذبته هي لتغطي جسدها وهي لا زالت لا تستطيع أن تنظر بعينيه وعاد عقلها لها وهي في صدمة تامة كيف تركته يفعل بها كل هذا بل واستجابت له بمنتهى السهولة..
لا يدري كيف ارتدى قميصه مرة أخرى وبداخله لازالت نيران الإثارة تتحكم به ولكن كان عليه المغادرة حتى لا يتطور الوضع بينهما أكثر من ذلك فاقترب منها ممسكاً برأسها ثم قبلها قبلة طويلة على جبينها ثم أراح جبينه على مقدمة رأسها ووصد عيناه لثوانٍ ليهمس لها
"اوعي تزعلي مني.. أنا لازم امشي دلوقتي.. نامي بدري عشان قدامنا يوم طويل بكرة.. تصبحي على خير" أخبرها ثم ابتعد عنها مجبراً قدماه ومُكرهاً كل ذرة بجسده أن تبتعد بسرعة ليآخذ معطفه ويذهب خارجاً تاركاً اياها بآلم مزقه إرباً بداخله..
*******
أحكمت تلك الشراشف حولها وهي في حالة ذهول شديدة وصدمة لا تدري من نفسها أم من سليم أم من كل ما فعله من أجلها أم من كل ما يحدث حولها هي لا تدري!!
جلست القرفصاء على سريرها وعقدت ذراعيها بمصاحبة الغطاء وبالرغم من زرقاوتيها الشاردتان إلا أنها ترى بوضوح داخل نفسها، نعم هي تدرك تماماً بمّ تشعر.. لأول مرة منذ أن كانت طفلة صغيرة هي تشعر بالسعادة..
نهضت لتقفذ على سريرها كفتاة صغيرة بالثامنة حتى سقطت تلك الأغطية عنها لتدرك أن نصفها العلوي لا يغطيه أي شيء لتقهقه على مظهرها ثم جذبت قميصها القطني لتحتضنه قبل أن تقوم بإرتدائه فللتو كانت يدا سليم من تلمس هذا القميص..
فرغت من ارتدائه وتوقفت عن القهقهة لتتلمس شفتيها بأناملها وهي تتذكر شفتا سليم عندما قبلها تلك القبلات المجنونة لتتثبت ابتسامتها كفتاة مراهقة بالسابعة عشر من عمرها وشردت لتعيد تذكر كل شيء وهي تبتسم وتحمر خجلاً تارة وتارة تعض على شفتاها وتارة تعبث بخصلات شعرها وبالرغم من أنها لطالما دفعت جميع من أعجب بها بعيداً إلا أنها لأول مرة تشعر بتلك المشاعر المنفجرة بداخلها..
"آلو.." اجابت هاتفها الذي أخرجها صوت رنينه من شرودها ومعاودة رؤية كل ما حدث بينها هي وسليم مرة أخرى
"زينة.. نمتي ولا لسه صاحية؟" تحدث سليم سائلاً لتوصد عيناها وكأنه يراها أمامها وشعرت بجفاف حلقها لتحمحم بخجل ثم تمالكت نفسها وعملت على تهدئتها وأقنعت نفسها بتقبل الواقع فهو ليس معها ولا يراها
"ممم.. لا لسه صاحية" همست في ارتباك بالرغم من أنها حاولت التغلب على حالة التوتر تلك
"مش قولنا هننام عشان قدامنا يوم طويل بكرة؟ منمتيش ليه بقا؟!" عاد ذلك المرح الذي يتصف به لنبرته لتندفع إبتسامة الخجل إلي شفتيها وتن*دت قبل أن تجيبه
"لا كنت من شوية هاشرب Hot Chocolate بس فيه حد عطلني"
"مين ده اللي يعطل زوزا القمر عن حاجة هي عايزاها.. مين الكلب ده اللي عطلك وأنا اموتهولك؟!!" تصنع عدم المعرفة سائلاً بمزاح
"متشتمش طيب" همست له بعد أن تحول لون وجهها للحمرة بخجل "ده لسه عاملي مفاجأة عشان عيد ميلادي وبسطني جداً"
"ده واضح كده إنك بتعزيه اوي بقا وشكلك مبسوطة بسببه.. يا ترى مين سعيد الحظ ده؟" سألها مجدداً ليشعر بزفرتها التي ملت من أسئلته
"مالكش دعوة يا رخم" أخبرته بإقتضاب وإنزعاج زائف
"عشان خاطري تقوليلي.." أخبرها بتوسل
"لا مش هاقولك ومالكش دعوة"
"طب بلاش عشان خاطري.. عشان خاطر بدر طيب.. أنا عارف إنك بتحبيه.."
"ممم.. بردو لأ"
"بقا كده يا زوزا أهون عليكي.."
"اه تهون عادي" تغيرت ملامحها بإبتسامه وهو وهي يزيفان العراك هكذا
"بقا كده بردو.. ماشي يا ستي.. قومي يالا اعملي الـ Hot chocolate وأنا معاكي.. وهقنعك بردو ولازم اعرف مين اللي خلاكي مبسوطة اوي كده" رغماً عنها وجدت قدميها تقودها تلقائياً نحو المطبخ وشرعت في صنع مشروب الشوكولا
"اسكت بقا يا سليم وكفاية استعباط .. ما أنت عارف كل حاجة" همست له بخجل
"لا بس عايز اسمعها منك" اخبرها بإبتسامة
"اف!!! ما قولنا خلاص بقا" تن*دت وهي لا تدري لماذا يلح عليها هكذا
"إن كان ليا خاطر عندك" توسلها مجدداً ليستمع لتنهيدتها
"أنت يا سليم!! خلاص اتبسطت؟!" اجابته أخيراً بإنزعاج
"معندكيش فكرة.. الفرحة مش سيعاني"
"يا سلام وده من ايه؟" سألته بتلقائية
"عشان عمري ما اتبسطت مع حد أبداً زي وأنا معاكي.. وبجد كنتي وحشاني اوي ولسه وحشاني حتى وانا بكلمك.. وأنا معاكي وأنتي في حضني كمان كنتي وحشاني" همس بنبرته الرجولية لتوصد هي عيناها بشدة وأحمر وجهها خجلاً ولم تستطع التوقف عن الإبتسام "ايه روحتي فين؟!" سألها ليسم حمحمتها من الطرف الآخر
"معاك اهو" همست بخجل
"لا واضح اننا مش واخدين على سماع الكلام الحلو بس اجمدي بقا عشان فيه دلع كتير اوي بقا داخل علينا" همس بمكر ليزداد خجلها
"اشمعنى يعني؟!" سألت بإستهجان مازح صاحب ابتسامتها الخجولة
"يعني اللي يلاقي زوزا قدامه وميدلعهاش يبقى حرام عليه.. مش بذمتك حرام عليا مدلعش القمر ده" توسعت عيناها واستمع لضحكاتها
"لا أنت كده Over بجد"
"طب روحي كده بصي في المراية للعيون الحلوة دي وقوليلي مدلعهاش ازاي" همس لها لتتن*د هي
"طب كفاية بقا يا سليم عشان مش عارفة أرد على كلامك الحلو ده أقولك ايه" أخبرته بصدق بينما فرغت من إعداد مشروب الشوكولا الساخن وتوجهت مرة أخرى لسريرها
"متقوليش حاجة.. أنا بس عايز أشوفك مبسوطة واسمع ضحكتك دي اللي بموت فيها"
"وبتموت فيها بقا ليه يا ترى؟!" سألته بخجل ولكن لم يمنعها من أن تتعرف أكثر على كل ما يبدر منه بجرأة
"علشان هي جميلة اوي زي ما هي كده وتستاهل إن كل اللي حواليها يموت فيها مش أنا بس.. ومش هننام بقا ولا ايه؟!" غير مجرى الحديث بعد أن استشعر بأنها لن تنهي تلك المكالمة إلا بعد خوضها في كل ما حدث
"لا مش عايزة أنام.. خلينا نتكلم شوية" أخبرته بتوسل
"نتكلم للصبح كمان يا ستي.. طلبات الزوزا أوامر" ساد الصمت لبرهة بينما سمعا أصوات أنفاسهما خلال المكالمة
"قوللي هنعمل ايه بكرة؟!" توسعت عيناها في حماس
"لا سيبيها مفاجأة"
"سليم بطل رخامتك دي.. قوللي بقا عشان خاطري" بالرغم من دلالها التلقائي الذي ظهر بنبرتها وبعثر رجولته إلا أنه لن يخبرها
"تؤ تؤ.. لا مش هاقولك"
"يا ساتر عليك.. طب غششني شوية طيب"
"ممممم.. أغششك" همهم وهو يُفكر ثم تابع "قوليلي ايه أكتر حاجات كنا بنحبها واحنا صغيرين.. يمكن تقولي حاجة من الحاجات اللي هنعملها بكرة" توسعت عيناها وهي تحاول التذكر
"كنا بنحب نقرا كتب سوا.. و .. ونتف*ج على أفلام سوا ونعمل movie night"
"وايه كمان يا زوزا؟!"
"وكنا بنحب نلعب عجل ونتسابق، ونلعب تنس سوا، وكنت بتحب تكلمني عن مامتك، وكنت بتحبني أضحك وأنت بتهزر مع خالو ولما كـ..." أكملا حديثهما سوياً لساعات الصباح الأولى من اليوم.. ساد بينهما ذلك المزاح الطفولي الذي استعاداه سوياً مرة أخرى.. أخبأ كلاً منهما مشاعره خلف تلك القهقهات تارة وخلف الخجل تارة أخرى..
أحس أنه في طريقه لإستعادة تلك الفتاة التي يعشقها.. عاهد نفسه على ألا يبالغ معها مرة ثانية في أي شيء، لن يبالغ بعصبيته، لن يبالغ بصمته، لن يبالغ بتلك الشهوة التي تحكمت به هذه الليلة.. فقط سيبالغ بشيء واحد، هو إسعادها!!
*******
"أ**دي.. أ**دي.. أ**دي.. أفضل صباح لك من أسعد فتاة بالكون بأكمله لم تسعد من قبل مثلها ولن يسعد بعد مثلها..
أنا أحلق من كثرة السعادة وأرفرف بجناحان من الفرحة بالسماء السابعة.. ليت الله خلق لنا خمسون سماء حتى استطيع التحليق بهم جميعاً..
حقاً لن أستطيع أن أعبر لك بحفنة كلمات.. لا بل أنا لا أستطيع أن أصف سعادتي بملايين الكلمات.. لا بل بمليارات الكلمات والجمل المتراصة بجانب بعضها البعض.. آه عزيزي، ما الذي أكبر من المليار؟! أياً كان.. استمع إلي.. فوقتي محدودو للغاية لأن سليم على وشك الوصول!!!! : )
أمس كان أفضل يوم بحياتي بأكملها منذ أن ولدت إلي الآن.. أتدري ماذا فعل سليم من أجلي!! وآه لو تدري ماذا فعل معي.. !!
لو فقط رأيت تورد وجنتاي وقصصت عليك بالتفصيل جميع ما حدث أقسم لك لن تتركني إلا وأنا مهشمة الأصبع من كثرة تلك المشاعر والأحداث والتفاصيل التي سأغرقك بها..
والآن لنعود للوراء قليلاً.. إلي بداية ليلة أمس، تماماً أمام نهر شبريه.. أظن أنك تتذكر أنني كدت أن أعترف لك بحبي تجاهه وأنا كالحمقاء المختلة وصدت غلافك وفررت من الإعتراف بهذا.. والآن وأنا بكامل قواي العقلية أعترف لك صديقي العزيز أنني أخطو أولى خطوات عشقي لذلك الرجل الجذاب المسمى بسليم..
لقد شردت جالسة أفكر بكل شيء إلي أن فاجئني.. أترى؟! لقد أغفلت ولأول مرة أن أعترف لك مثلما أفعل كل سنة، اليوم هو يوم ميلادي.. فلتتحلى ببعض الذوق وأخبرني كل عام وأنتي بخير .. غبي.. لا تتذكر أبداً.. على كل حال أتدري ماذا فعل كأولى مفاجآت يوم ميلادي.. لقد احتل شارعاً بكامله من أجلي.."
تن*دت بسعادة والإبتسامة لم تفارق وجهها ولا شفتاها أخذت تتذكر كل التفاصيل التي حدثت ليلة أمس، رقصهما سوياً بتلك الشاعرية، نظرات سليم لها التي ستتذكرها للأبد عندما تناولا العشاء، وأمّا منذ بداية وصولها شقتها إلي نهاية الليلة لينهيا المكالمة التي حقاً لم تنتهي فلقد غالبهما النعاس وسقطا هاتفيهما من يديهما فهذا هو الجزء المفضل لها بالأمسية بأكملها.. كتبت بدفترها وهي تسارع الوقت لتحاول الإنتهاء بسرعة قبل وصوله فهي الآن على موعد معه!!
*******انتظرها وهو يع** ساقاً أمام الأخرى مستنداً على سيارته بجسده الممشوق حتى يقضيا اليوم معاً كما اتفقا بالأمس واختار أن يبقى منتظراً بالأسفل حتى لا يعاود تكرار ما فعله.. يبدو أنه أصبح غير قادراً على التحكم بسيطرته على نفسه أمامها ولم تعد مشاعره تقاومها أبداً..
سيحافظ بكل ذرة قوة وتحمل لديه على ألا يتجاوزا أية حدود مرة أخرى، لقد أدرك جيداً ذلك الإنجذاب الجسدي بينهما أكثر من مرة وتأكد ليلة البارحة أن طالما هما بمفردهما لن يستطيعا إلا التجاوب لذلك الإنجذاب!
خرجت من البوابة الأمامية لبناية شقتها التي تمكث بها ليراها ترتدي كنزة صوفية حمراء اللون تع** زرقاوتيها وهي تحكم رباط المعطف الأزرق حول خصرها ليتفقد بقية مظهرها ببنطالها الجينز المتسع وملمع الشفاة الوردي البسيط ولون الطلاء السماوي وتلك الإبتسامة المشرقة التي استهلت بها لقائهما ليبادلها الإبتسامة وقد لمح بعينيها أن زينته الزاهية بألوانها التي تدفع من أمامها للبهجة قد عادت الآن!
"صباح الخير يا زوزا" أخبرها وهو يحدق بزرقاوتيها بعد أن أقترب منها متخذا بعض خطوات نحوها ولكنها تهربت بنظرتها بعيداً عنه ولكن دون غضب أو انزعاج
"صباح الخير يا سليم" همست لتبادله وبداخلها تموت من تلك اللحظة التي ستنظر له بعينيه، فبالرغم من قضاءها طوال الليلة الماضية في التسامر معه عبر الهاتف ولكنها لا تستطيع أن تنظر له بعد ذلك الجموح المتهور الذي اجتاحهما في لحظة.. لحظة من الإنجذاب الشديد..
"ايه نمتي كويس؟" سألها وهو يتفقد ملامحها المحببة لقبه ولم يستطع مقاومة ملامسة وجنها بإبهامه وسبابته في لطف
"آه.." همست مجدداً وقد فرغت من تصنع أنها تغلق معطفها وتبحث بحقيبتها القماشية عن شيء ما وتنظر بهاتفها لتتفقده والآن ساد الصمت الغريب وهي لا زالت لا تستطيع رفع نظرها إليه
"فيه ايه يا زينة؟ بصيلي.." تحدث لها لتحمحم بإرتباك ورفعت نظرها في توتر
"مفيش حاجة" غمغمت بإقتضاب
"متقوليش إنك لسه محرجة وم**وفة من اللي حصل امبارح" وكأنه قرأ ما يدور بعقلها ليتورد وجهها بالكامل لتحمحم وقبل أن تستطيع التفوه بأي شيء حاول هو بدوره أن يزيح ذلك الثقل من على كتفيها "واحدة حلوة أوي، بتمنى أشوف ضحكتها وأشوفها سعيدة، شفايفها وعينيها وجمالها يجننوا، كنت معاها لوحدي.. وأنا راجل بردو وليا احتياجات.. وغصب عني مقدرتش أمسك نفسي" طأطأت رأسها للأسفل وهو يعيد على مسامعها ما حدث ليلة أمس وا****ة هو يتحدث بجرأة وبصوت مسموع بل وينظر إليها مجدداً..
"سليم لو سمحـ.." تحدثت بنبرة مرتبكة للغاية تموت حرجاً ولكنه قاطعها هامساً بنبرته الرجولية
"أنا غلطت أنا عارف.. عارف إن أنا اللي بدأت.. بس الرحمة حلوة يعني!!" نظرت له بزرقاوتين انطلق منهما شرار التعجب وكأنها هي من يقع عليها عبء ما حدث "بس بذمتك تقدري تنكري إني جامد وكل البنات هتموت عليا؟!" ابتسم لها بمكر شديد بينما رمقته بإنزعاج
"وده معناه مثلاً إني أول ما أشوفك هجري عليك واتشعلق في رقبتك ولا ايه؟!" استقامت بوقفتها وهي تنظر له بإستنكار وعقدت ذراعيها
"نسيتي امبارح كنتي عاملة ازاي؟" سألها وعيناه تنظر لها بخبث مازح لترفع حاجبيها هي في نفي تام لكلماته وتحفز شديد وهي لا زالت تتصنع الغضب فقرر هو أن يرفع من سقف ذلك المزاح "سليم.. سليم.. آآه.. سليم" همس وهو يقلد نبرتها في مناداته ليلة أمس عندما اعترتهما تلك اللحظة من الإثارة ليتحول وجهها بأكمله ليشابه الجمر المتقدة ودفنت وجهها بيديها في قمة الخجل ليقترب هو منها هامساً بأذنيها
"بس ورحمة أمي، وحياة بدر عندي، ووحياة العيون الزرقا اللي بتجنني دي يا مُزة عمري ما سمعت اسمي بالحلاوة دي.. ده أنا ابتديت احب اسمي بعد امبارح!" وجدت نفسها تبتسم تلقائياً لكلماته ليجذبها هي لتتوسد ص*ره بينما شرد خياله متخيلاً اياها زوجته وهما يحظيا بتلك المتعة وتمنى بشدة أن يقترب ذلك اليوم ليزفر بحرقة وهو لا يريد أن تبتعد عن قلبه الذي تتعالى خفقاته تلقائياً كلما رآها
"ايه يا جميل! الحضن عاجبك اوي ومش قادرة تبعدي؟ تحبي نطلع نكمل فوق؟!" رمقها بمكر وابتسامة جذابة عابثة على شفتاه لتبتعد هي عنه وهي تزجره بموجات غضب لاذعة انهمرت من أبحر عيناها
"سليم!!" صرخت به ليقهقه على انفعالها
"طب يالا عشان ورانا حاجات كتيرة النهاردة" لانت ضحكاته لتتحول لإبتسامة هادئة
"لا" عبست ملامحها "مش رايحة معاك في حتة" أخبرته بحنق وكادت أن تلتفت لتعاود أدراجها لشقتها ولكنه تقدم ليجذبها من يدها موقفاً اياها وتوجه أمامها لينظر لها بجدية
"متزعليش مني.. عارف هزاري سخيف وتقيل.. بس مبقتش قادر اتحكم في احساسي ومشاعري قدامك يا زينة" تقابلت أعينهما بصدق ليتبادلا النظرات بينما شابك أصابعه بأصابع يدها وهو ينظر لها بعشق شديد
"سليم.. أنت حاسس بإيه بالظبط؟" بالرغم من بساطة السؤال إلا أنه لا يستطيع إجابته الآن، لا يستطيع التفوه بحرف حتى يثق تماماً أنها تريده وتعشقه مثلما يعشقها وليس مجرد انجذاب لإهتمامه الزائد وولعه بها
"مش قولتلك تسيبي الدنيا ماشية زي ما هي ماشية ومتستعجليش حاجة؟.." تن*دت وهي ترى الإجابة بعينيه ولكنها تريد سماعها منه بمنتهى الوضوح لتتن*د هي "ومش يالا بقا ولا هنفضل واقفين كده كتير؟" عقد حاجباه وهو ينظر لها بحنق متصنع وهو بالحقيقة يزيف غضبه ويحاول بشتى الطرق أن يلهي عقله عن تلك الكرزيتان اللاتي تدفعاه لتقبيلها بشراهة
"ماشي يا سليم يالا.." همست بالنهاية له لتتوجه نحو سيارته بينما بعدت عنه وتفرقت أصابعهما ليتن*د هو متمتماً
"صبرني يارب وإلا هامشي وانا سايبها هنا حامل!!"
*******
أنهى مكالمته الهاتفية ليعقد حاجباه ولكنه لا يريد إظهار إنزعاجه أمامها حتى لا تلاحظ هذا فهو أراد أن يُسعدها وألا يُعكر أي لحظة عليها حتى تتذكر هذان اليومان للأبد بسعادة ثم عاد ليقف أمامها ليلمح الحُزن الجلي بعينيها.. لقد حان وقت الرحيل.. لقد وصل لتلك اللحظة التي لا يكره أكثر منها.. بالرغم من تأهبه الشديد منذ صغره وترسيخ أمه لتلك اللحظة بداخله منذ سنوات حياته الأولى إلا أنه يكره الإفتراق عن من يحبهم لتعبس ملامحه في انزعاج رغماً عنه!
"ايه؟ مالك اتضايقت كده؟!" تعجبت زينة لملامحه المنزعجة
"لا حوار في الشغل" تن*د وقرر أن يخفي عليها مكالمته مع نورسين ثم غير مجرى الحديث تماماً "اتبسطتي بجد يا زينة؟!" همس سائلاً وهو يعبث بوجنها لتومأ له بالموافقة
"عمر ما حد بسطني أوي كده" اجابته بصدق
"طب ليه شكلك زعلان؟!" همس سائلاً بإنزعاج لرؤية زرقاوتيها تفيضان بالحزن
"مش عايزاك تمشي يا سليم" عانقته بغتة وهي تتعلق بعنقه محاوطة ذراعيها حولها بكل ما استطاعت من قوة ليبادلها العناق في حميمية "هتوحشني اوي.."
"انتي كمان هتوحشيني ومش قادر استنى لغاية ما ترجعي مصر تاني" همس لها بصدق وهو يبتلع تلك الغُصة بحلقه ثم ابعدها قليلاً ليتفقد ملامحها للمرة الأخيرة "كلميني كل يوم يا زينة.. كل شوية.. حتى لو اتشغلت عنك غصب عني كلميني أرجوكي" همس بتوسل لتومأ هي له بالموافقة
"حاضر.. هكلمك.. وهاقرفك كل شوية بكلامي.. أنا أصلاً يا سليم مفيش حد بقا قريب أوي مني كده غيرك" جذبها بعناق لعله هو الأخير ثم همس بأذنها بمزاح ونبرة لعوب حتى يغير من ذلك الجو المشحون بتلك العواطف التي تفيض من كلاهما
"بقولك ايه يا جميل.. تيجي أفكني من السفر ونطلع على الأوتيل ونكمل ليلة امبارح؟!"
"سليم!!" ابتعدت عنه لتزجره بنظرة نارية ليقهقه على انفعالها
"خلاص خلاص.. خدي بالك من نفسك ولو احتاجتي اي حاجة تكلميني على طول"
"حاضر" همست له متن*دة على مزاحه الذي لن يكف عنه ابداً "أول ما توصل كلمني" أخبرته بتوسل بعد أن سمعت النداء الخاص برحلة الطيران التي سيعود على متنها
"هتفضلي صاحية خمس ساعات يا زينة!!" توسعت عيناه في جدية وانزعاج "الساعة دلوقتي عشرة وأنتي عندك جامعة الصبح.. روحي نامي"
"مش هاعرف.. وكده كده لسه ورايا كذا حاجة هاعملها.. وبردو عايزة اتطمن عليك ومتناقشنيش بقا في المواضيع دي" شعر بنبرتها المنزعجة وكأنها تغلف بها تمردها على أحكام الآخرين
"ماشي يا عندية" جذبها ليقبل جبهتها بعد عناق آخير
"توصل بالسلامة" تفقدته بزرقاوتيها وكأنها تحفظ ملامحه
"الله يسلمك يا زوزا.. باي يا حبيبتي" تورد وجهها بأكمله لتلك الكلمة التي أول مرة يناديها بها وأخفضت بصرها في ارتباك وتوتر لترفع بصرها له وفي لمح البصر وقبل أن تدرك ما يحدث حولها لم تجده؛ فنظرت حولها بعد أن فاقت من ارتباكها لتدرك بالنهاية أنه أختفى تماماً من مرمى بصرها وغادر للعودة..
*******
لاحقاً هذه الليلة بمنزل بدر الدين..
"نعم يا اخويا أنت وهي!!" صاح بدر الدين بغضب لينهض بجسده الفارع أمام عينا شاهندة وزوجها وتوأمها وكذلك أمامكلاً من سيدرا ونورسين لتبتلع الأخيرة في خوف وهي تراه يعود لذلك الرجل المخيف بنظرته الثاقبة التي يرتعد لها أعتى الرجال بينما الأولى حاولت أن تكتكم دموعها بعدما رآت ردة فعل والدها "خدي جوزك وولادك يا شاهندة وروحي.. أنا معنديش بنات للجواز" سحق أسنانه بقوة وعبست سائر ملامحه لتتبادل نورسين وشاهندة النظرات المتوترة لتومأ لها بأن تذهب وأنها ستحاول معه ونهضت لتهرول خلفه وهي تلعن عناد شاهندة بداخلها وانفجرت خلفها سيدرا بالبكاء..
لقد نصحتها أن يكون هذا العشاء وتقدم أدهم لسيدرا بوجود سليم ولكن شاهندة رفضت وظنت أن انفعال بدر الدين سيكون أهون من ذلك ولكنها كانت مخطئة..
"بدر" نادته بعد أن دلفت غرفة المكتب الخاصة به لتجده يجلس بالظلام الدامس الذي لم يتخلله سوى بصيصاً من الضوء الآتي من النافذة وتوجهت نحو الحائط حتى تنير الأضواء
"متولعيش النور وسيبيني لوحدي" همس لها بنبرة مقتضبة ع**ت بها ملامح غضبه اللاذع لترتبك من صوته الهادر الذي ذكرها بأيام قد ظنت أنها قامت بنسيانها للأبد ولكنها تقدمت نحوه وجلست بجانبه ولامست يده بحذر
"أدهم يا بدر شخص كويس ومش هنلاقي احسن منه لسيدرا وشاهي كـ.."
"نورسين!" نهض منادياً اسمها بنبرة ارتجف لها جسدها وهو يُشدد نطقه على كل حرف بإسمها "اياكي!! اياكي أنتي ولا شاهي ولا جنس مخلوق يفتح السيرة دي قدامي مرة تانية.. أنا مش عايز كلام في الموضوع ده.. أنا بحذرك وياريت توصلي تحذيري للكل.. أول وآخر مرة تفتحي في الكلام ده تاني.. ويالا اتفضلي اطلعي برا وسيبيني لوحدي" هدر صوته الرخيم الذي تغلف بالغضب الشديد لتنبعث الرهبة أكثر في نفس نورسين
"بس يا بـ.."
"جرا ايه مالك؟ مالكو كلكو؟ هو عشان اتغيرت واتعاملت معاكو كويس هتنسو بدر الدين الخولي ولا ايه" صاح بغضب شديد لتتعالى خفقات قلب نورسين وخاصة عندما أقترب منها وهو عاقداً حاجباه لينظر لها تلك النظرة المخيفة التي حاولت منذ زمن أن تنساها ولكنها ها هي الآن تعود لترعبها "برا حالاً.. مش عايز أشوف وش حد للصبح!!!" تحدث من بين أسنانة المُطبقة في عنف وقسوة وهو يُمسك بذراعها حتى شعرت بأنه يؤلمها وأنفاسه اللاهثة الغاضبة جعلتها تنظر له في وجل شديد صاحب الحزن بل والعتاب
"حاضر يا بدر الدين" همست بنبرة امتلئت بخيبة أمل شديدة فهي لم تتوقع ولو بأسوأ احلامها أن هذا الرجل الذي نسته تماماً قد يعود يوماً ما..
دفع ذراعها من بين قبضته في عنف وولاها ظهره وهو يحاول التغلب على تلك الحالة التي انتابته ثم خر بجسده متهاوياً على الأريكة ما أن استمع لمغادرتها وانغلاق الباب..
"ايوة يا سليم" جففت تلك الدمعة التي تهاوت فجأة
"ايه يا ماما مال صوتك انتي كويسة؟!" تسائل سليم في لهفة
"شاهندة وحمزة كانوا هنا من شوية وفاتحوا بدر في موضوع أدهم وسيدرا وبدر من ساعتها اتحول ومش عارفة اكلمه كلمة حتى" تحدثت وهي تحاول أن تتماسك ولكن نبرتها المهتزة دفعت الريبة لقلب سليم
"طب هو عملك حاجة؟!" أطبق أسنانه بعنف
"لأ.. بس.. بس أنت لازم تتفاهم معاه.. أنت جي امتى؟!" سألته ليزفر هو في ضيق وهو يشعر بأن نورسين تخفي الحقيقة
"أنا هاتحرك حالاً.. مسافة السكة.. سيبيه لوحده خالص وأنا لما اجي هتصرف"
"ماشي يا حبيبي تيجي بالسلامة.. سوق براحة يا سليم ومتتسربعش" أخبرته وتصنعت أنها لا تعرف بحقيقة سفره لألمانيا.
"حاضر متقلقيش.. سلام" أنهى تلك المكالمة ثم برع بإخفاء قلقه وتحكم بإتقان في ملامحه ثم التفت لزينة حتى يودعها قبل مغادرته..
*******#يُتبع . . .