الفصل الثالث

5737 Words
"ايه ده يا شهاب.. بيتك حلو اوي، وستايله يجنن، بصراحة من شخصيتك الجامدة مكنتش أتوقع إن بيتك يبقا حلو كده، أنا اتخيلته أ**د في أ**د وبيت تقليدي بس بجد ذوقك تحفة"  تتبع شهاب ميرال التي ظلت تتجول فيلته في احدى الأحياء الراقية للغاية التي لا تليق سوى بهؤلاء ذو الثراء الفاحش وهو واضع يداه بجيبي بنطاله وظل يتابعها حتى وصل غرفته التي تفقدتها بأعينها لتلتفت له في تعجب "بس ستايل الأوضة غير باقي الـ Villa خالص.. بس على فكرة بحب اللون الكحلي اوي والتفاصيل الـ silver اللي فيها شيك بجد" ابتسمت له ثم أقتربت منه  "كان نفسي بجد يا شهاب أقرب منك ويكون ليا مكان في حياتك، متعرفش أنا سعيدة اوي ازاي إني قربت منك بالشكل ده" أومأ لها بتريث شديد ولكنها شعرت بتغيره معها "مالك فيه ايه؟ أنت مضايق مني؟!" تسائلت مضيقة ما بين حاجبيها وهي تحاول أن تعرف ما الذي اعتراه  "حساك كمان من الصبح فيك حاجة متغيرة من ناحيتي، أنت زعلان مني؟" "اللي عملتيه النهاردة الصبح مع الـ Waiter في النادي معجبنيش" اجابها بنبرة هادئة متأنية وهو بداخله لا يريد الإستعجال خاصةً مع شخصية مثلها "ليه يعني؟ هو ايه اللي.." تريثت قليلا بعد أن لاحظت ملامح الإنزعاج بدأت ترتسم على وجهه لتزدرد من ملامحه المهيبة "طيب معلش متزعلش مني.. I'm sorry بس فعلاً مقصدتش حاجة أنا اضايقت عشانك مش أكتر"  أخبرته بإبتسامة بينما هو عقد حاجباه وتصنع المزيد من الغضب بينما بداخله يريد أن يصل لتلك المرحلة التي سيفرض بها سيطرته على الأمر وتحكمه الكامل بزمام الأمور أمامها "خلاص بجد يا شهاب أنا آسفة.." أخبرته بنبرة نادمة لتلاحظ إطباقه لأسنانه بعنف وكأنما آسفها واعتذارها لا يكفياه  "طب قولي اصالحك ازاي، أنا مستعدة اعملك اي حاجة عشان متفضلش متضايق مني كده" همست له في دلال ليبدأ هو في التحديق بعيناها "مظنش تقدري تعملي اي حاجة" حدثها بهدوء قاصدًا أن يستفزها ويتحداها "طب جرب كده وصدقني أنا تحت امرك في كل اللي أنت عايزه"  أقتربت منه بجرأة شديدة لتحاوط عنقه بذراعيها وأقترب ثدييها ليرتطما بص*ره حتى تلاصقا جسديهما وقبلته بجانب شفتاه ثم ابتعدت عنه ببطء شديد حتى تلامس جانب واجهها بوجهه وشفتاه ونظرت له بأعين تنهمر منها الجرأة الشديدة ليبتسم ابتسامة جانبية وهو يرى أنفاسها المتشوقة للمزيد منه تشجعه لما يريد ويُفكر بفعله ودون أية مقدمات حاوط ظهرها بذراعه حتى تلمست يداه شعرها وقبض عليه فجأة يجتذبه بقوة "هاجرب اهو حالاً!" ضحك مقهقهًا بعد أن تذكر تلك الليلة التي جمعتهما منذ أيام وتعجب لكل ما تحملته من عنف وإذلال وإهانة لشخصيتها المتعجرفة التي تتسم بالكبرياء فقط لأنها سليلة تلك العائلة العريقة المشهورة بالثراء الفاحش، ولا يُصدق أنها لا زالت تتبعه حتى بعد ما أختبرته معه بل وتحاول الوصول إليه مرة ثانية! أمسك بمفاتيح سيارته ثم توجه مغادرا إليها لأن تلك المرة سيجعلها تنساه بإختيارها وستفكر آلف مرة قبل أن تحاول أن تراه مجددا. وصل أمام الفندق الشهيربعد أن خط ذلك السيناريو الذي سيخرجها به من طريقه للأبد مثلما فعل مع غيرها من قبل ثم أخرج هاتفه وهاتفها لتجيبه بعد ثوان "شهاب.. ازيك عامل ايه؟ وحشتني اوي.." "معاكي عربيتك؟!" سألها وتجاهل لهفتها التي بدت على نبرتها السائلة "آه معايا بس أنت فيـ.." "اطلعي برا وتعالي بعربيتك ورايا، أنا مستنيكي" قاطعها بنبرة جامدة مُسيطرة "بجد؟!" صاحت بلهفة سعيدة وهي تلملم أشياءها بحقيبتها استعدادا للمغادرة  "ثواني وأكون عندك" تنفس وليد الصعداء وهو يراها تستعد للذهاب "ايه ماشية؟!" تسائل وهو بداخله يتلذذ بذلك الهدوء الذي سينعم به بعد قليل "اه.. شهاب مستنيني تحت" أخبرته دون أن تنظر له ليرفع حاجبيه ثم أخفضهما وضحك بتهكم "يالا Enjoy" أخبرها بينما تحدث بداخله متهكما  "ده أنتي شكلك ناويلك على نية سودا ما دام جالك بنفسه" تحدث داخله وتلك الإبتسامة الساخرة على ما سيحدث لها لازالت تعتلي شفتاه  "اوك.. باي يا وليد، هبقا أكلمك أكيد" ودعته وتوجهت مسرعة للخارج ليتمتم هو بخفوت بعد أن غادرته "ابقي قابليني لو ده حصل!" غادر كلا من شهاب وميرال خلفه بسيارتها وبداخلها امتلئت حماسا بينما هو شعر بسعادة غامرة لملاحظته ملامحها المتهللة وهو من أعد لها تلك الليلة التي ستخرجها من حياته وستتركها هي مع ذلك الدرس القاسي الذي سيجعلها تفكر آلف مرة قبل أن تأخذ القرار بالإتصال به! صف السيارة بمرأب فيلته ولم يكترث لترك مساحة لمرور سيارتها ودلف تاركا الباب خلفه مفتوحا لها ثم تفقد هاتفه بلمحة سريعة ليتأكد أن وضع تلك الكاميرات على ما يرام وقد وضحت تلك الأماكن التي قد قرر مسبقا أنه سيكون بها معها الليلة. دلفت هي الأخرى خلفه ليضع الهاتف بجيبه وجلس على الأريكة وعيناه البنيتان الثاقبتان تتابعها في صمت أمّا ملامحه فكانت فارغة تماماً كالعادة، فمن الصعب أن يتعرف من أمامه على شعوره سواء كان غاضباً، سعيداً، أم يخطط لشيء ما فكل مشاعره قد تعلم كيف يخفيها بحرفية لا نهائية عن كل من أمامه. توجهت لتجلس بالقرب منه ولكنه أومأ لها بالإنكار ثم حدثها بهدوء آمرا "اقعدي قدامي" "وحشتني اوي" كادت أن تجلس على ساقاه ولكنه دفعها بخفة لتجلس أمامه على ركبتيها ولم يلاحظ هو رفضها لذلك "آه ما أنا عرفت.. وليد بيوصلي كل حاجة" اجاب لهفتها التي تدفقت من عيناها بمنتهى الجمود  "قوليلي بقا كنتي عايزة ايه؟" سألها ثم وضع كلتا يداه على فخذيه لتبتسم هي في تعجب من سؤاله "وحشتني اوي، بعد آخر ليلة قضناها سوا وأنا.. أنا كان نفسي أشوفك تاني، متتصورش تفاصيل الليلة كلها بكل ما فيها حبيتها ازاي، وأوعى تفكر إن أنا من البنات اللي بيرفضوا الحاجات دي" أخفضت بصرها ليلوي هو شفتاه بطريقة اتسمت باله***ة الطاغية ورفع احدى حاجباه في استمتاع لكلماتها "يعني اتبسطي! كويس" همس بصوت يكاد يسمع ثم زفر ونهض مبتعداً عنها ليحدثها متسائلاً بنبرة صوت املئت أرجاء المكان ولهجة مُسيطرة على الموقف بل وعليها هي نفسها  "عايزة تعيدي الليلة دي تاني؟" انتظر جوابها لسؤاله الذي علم مسبقا اجابته ولكنه يريد أن يستمع لإعترافها وإذعانها وقبولها برضوخ شديد لطريقته "ايوة.." اجابته لينتظر هو متريثًا موجهًا ظهره لها لتتعجب من تلك الثوان التي مرت بصمت تام  "أكيد عايزة أعيد الليلة دي معاك" أخبرته ثم شعر بأنها تنهض خلفه ليلتفت واضعًا يداه بجيبيه "مظنش سمحتلك تقومي" تحدث بهدوء شديد ثم حمحم متفقدًا اياها بنظرة امتلئت بإحتقار حاد لها  "لو عايزاني تعالي كده ورايا زي ما أنتي.."  تيبس جسدها لثوانٍ من إدراكها ما يعنيه لتبتلع بتردد لوهلة ولكنها التفتت على ركبتيها ثم بدأت في الحبو بينما التفت هو ليتوجه لأحدى الأبواب الزجاجية التي تفصل الردهة الأمامية عن غرفة الإستقبال الشاسعة ثم التفت مجددا لينظر لها وهي تحبو بتلك الطريقة ليبتسم على ما يراه وتوقف أمامها ليجبرها على التوقف أمام حذاءه ثم نظر بحدقتاه للأسفل وبدأ بالتشفي مقدما بعد كل ما تخيله من الإهانة الشديدة التي ستختبرها الليلة على يداه وبدأ يتنفس بعمق وراحة متلذذًا بذلك التسلط القاسٍ الذي بدأ بالشعور به وهي أسفل قدماه بذلك المنظر. "قومي وارفعي ايد*كي لفوق!" آمرها لتفعل ليشاهدها هو في استمتاع شديد وأخرج يداه من جيباه استعدادًا لممارسة وتنفيذ كل ما قد خططه لها منذ قليل.  ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ في صباح اليوم التالي.. دخل بدر الدين منزله وقد قاربت التاسعة صباحًا وما إن أغلق الباب حتى انتبه سليم الذي كان يجلس بالردهة على احدى الكراسي ونهض ما أن رآه ليرمقه بدر عاقداً حاجباه "ايه يا بابا.. قولتلهم ايه؟!" صاح سائلا في لهفة متوجها نحوه "متقلقش وراك راجل.. شكلك منمتش من امبارح" حدثه بنبرة تحمل التهكم "لا منمتش.. يعني كله تمام؟!" "آه تمام، روح اعملي أنا وزينة قهوة وساندويتشات واحنا هنيجي ناخدها" "اعملكوا قهوة وسندويتشات؟!!" تمتم في غير تصديق مكرراً كلمات والده التي تعجب لها "جرا ايه يا بدر!! أنت شايفني الفلبينية اللي هنا؟" "آه فليبينية ما دام سكرت منك امبارح.. لما أنت مش عارف تسيطر نشوف غيرك بقا!" أخبره متهكما "بابا أرجوك بلاش الأسلوب ده" حدثه بجدية وضيق واضحان  "أنت عارفني كويس، أنا كنت ممكن أجبرها إنها متخرجش امبارح بس أنت فاهم أنا ليه وافقتها، مظنش إنك لو صحيت وشوفتها نايمة في سريرها وعينيها منفخة من العياط ولا جالها نوبة صرع تاني زي أيام زمان كنت هتتبسط! أنا مرضتش أشوفها كده وأتأكد إن حتى لو كانت عمتي بنفسها وقفت قصادي عشان تمنعني اعملها اللي هي عايزاه أنا مكنتش هوافق وهاخرج معاها بدون موافقتها" أخبره بجمود وعقد حاجباه مقطباً أسنانه ليزفر والده وأومأ له في تفهم "فاهم يا سليم.. أنا كنت بهزر معاك على فكرة" حاول بدر الدين استيعاب الموقف وتبدلت نبرته الحادة للين "ماشي" اخبره سليم بإقتضاب ولكن ملامحه لازالت منزعجة "ما خلصنا بقا يا عم!! بذمتك مش نفسك زوزا حبيبة قلبك تاكل من ايد*ك؟" همس بدر الدين له في مزاح ثم رفع حاجباه في مكر عندما تلاقت أعينهما لتلين شفتا سليم في ابتسامة مقتضبة  "معلش.. لازم بردو تدرب للمستقبل متفتكرش أنك عشان ابن رجل أعمال مش هتطبخ وتصحي وتنضف وتساعدها، يعني الدلع والحاجات دي بنساهم فيها بردو، ومعلش خليها عليك واعتبرني في مقام والدك واعملي أنا كمان حاجة أكلها" "لا يا عم أنا هبقا اجيبلها فليبينية.. ويالا روح صحيها على ما أعملكوا حاجة تفطروا بيها" "متحرمش من طيبة قلبك عليا" توسعت ابتسامته ليومأ سليم وبادله الإبتسامة ثم تركه وتوجه للمطبخ بينما توجه بدر الدين للأعلى حيث الغرفة التي اعتادت زينة أن تمكث بها كلما آتت لتمكث معهم! دلف الغرفة بهدوء وأزاح الستائر حتى تسلل ضوء النهار للغرفة وأنارها وتوجه ليجلس بالقرب منها على السرير ليلمح ثيابها منذ الليلة الماضية ثم لاحظ حقيبتها التي تواجدت بها سجائرها ليقطب جبينه في عدم تصديق لما وصلت له حالتها ومد يده ليأخذ السجائر وكذلك قداحتها ووضعهما بجيبه ثم بدأ في ايقاظها. "زينة.. مش نصحى كده ونفوق" صاح بنبرة تُسمع جيداً  "زينة يا حبيبتي يالا اصحي" ربت على كتفها بقوة متوسطة حتى تشعر به فهو على ما يتذكر جيداً أن آلام ما بعد احتساء الخمر لعينة للغاية وربما لن تستطع تحملها! "خالو" همست بنعاس بينما ضيقت ما بين حاجبيها ثم وضعت يدها على رأسها لذلك الآلم البئيس الذي أندلع برأسها ولم تستطع أن تفتح عيناها  "حاضر" همست مجددا ليبتسم هو نصف ابتسامة "قومي خدي shower ويالا عشان نفطر، هستناكي تحت في الجنينة" أخبرها لتومأ هي له وغلف الآلم ملامحها "فوّقي كده ومتناميش تاني عشان عايزك" "حاضر.. هقوم بس وهاجي" أخبرته بعد أن حمحمت وهي تشعر بجفاف حلقها "ماشي.. جنبك مياة اهى اشربي كتير منها ومسكن كمان خديه عشان الصداع اللي عندك ده" حدثها لتفتح عيناها في دهشة فهي لا تعرف كيف علم خالها بذلك  "خدى بس الدوا والـ Shower وهنتكلم.. متتأخريش" ابتسم لها بإقتضاب ثم تركها وتوجه للخارج لتزفر في وهن لذلك الوجع الذي تشعر به ونهضت بصعوبة لتفعل ما أخبرها به بدر الدين. توجهت لخارج الغرفة بعدما اضطرت أن ترتدي ملابسها القديمة الملونة الغريبة التي لطالما تعجب لها الجميع، فهي منذ أن غادرت للدراسة بالخارج وهي لا ترتدي إلا اللون الأ**د وأما ما ارتدته ليلة أمس كان مجرد **ر لذلك الروتين الذي شعرت به يتحكم في حياتها ويُفرض عليها عادة جديدة. "صباح الخير.." تحدث سليم لها بنبرة عميقة وقد بدت مُرهقَة قليلا. "صباح النور" أخبرته ثم شعرت بالتردد بداخلها حتى لاحظت أنه كاد أن يغادرها  "سليم" نادته ثم حمحمت "امبارح أنا، أنا مش بعمل كده على طول وأول مرة أشرب أصلا ومكنتش أقصد، مممـ.. شكرا إنك جيبتني هنا" حاولت الإبتسام ولكن اهتزت شفتيها في توتر بدلا من أن تبدو ممتنة له ليومأ هو لها "حلو اللي أنتي لابساه ده، فكرني بزينة بتاعت زمان" لانت شفتاه بإبتسامة لتعقد هي حاجبيها وهي بداخلها تتمنى ألا تتذكر كل ما مر عليها وشعرت بالخوف ما إن عادت لتلك الفتاة التي عاهدت نفسها على قتلها بداخلها للأبد  "بابا مستنيكي برا" أخبرها ثم تركها وهو لم يعد يدرك كيف يتعامل مع شخصيتها الجديدة التي تحولت لها وبداخله ذلك الصراخ الذي يدفع الدماء بعروقة في غزارة ويتركه مشتتا بين معرفة ما حدث لها لتتغير هكذا وبين معرفة كيف عليه التعامل معها! بالرغم كل ما بدر منها الليلة الماضية لا زال يؤمن بتلك الفتاة الرقيقة الرزينة التي أحبها قلبه، لا زال متأكدا أن تلك التي عشقها قلبه بداخلها في مكان ما، فقط يريدها أن تتحدث، أن تخبره ما بها، أن يعلم أي شيئاً عنها ولكنها منذ عودتها لا يشعر منها سوى بالنفور والجمود. توجهت للخارج حيث انتظرها بدر الدين الذي ما أن لاحظها حتى ابتسم لها وحاولت هي مبادلته الإبتسامة ولكنها بدت كمن تصارع حُزنا دفينا بداخلها قد فهمه هو جيدا أكثر من غيره فلقد عانى من قبل هو الآخر. "صباح الخير يا خالو" بدأت هي بالحديث لومأ لها أن تجلس بجانبه على تلك الأريكة ففعلت "ايه الصداع أحسن شوية؟!" لم ينظر لها حتى لا تتحرج من سؤاله لتومأ له بإقتضاب "آه أحسن" همست مجيبة لتراه بدأ في تناول الطعام "يالا أفطري وأشربي قهوتك.. بس ايه واضح إن سليم متوصي بينا اوي في الفطار النهاردة.."  تعجبت لكلماته وهي تحاول أن ترمقه بنظرة جانبية بينما شرعت في تناول طعامها هي الأخرى وصمتا لدقائق ليحمحم بدر الدين الذي بدأ في الحديث هذه المرة "أنتي عارفة لو كانت هديل عرفت اللي حصل امبارح ده مكنتش هتسكت، مش كده؟!" حدثها بنبرة هادئة "عارفة يا خالو"  اجابته بإقتضاب بينما تن*دت في آلم وتركت الطعام ثم أمسكت بكوب قهوتها وشردت أمامها ليتفحصها بسوداوتيه الثاقبتين ثم ابتسم نصف ابتسامة وأخرج السجائر التي وجدها بحقيبتها ليخرج واحدة له ثم قدم لها العبوة لتتوسع زرقاوتاها وهي ترمقه في دهشة وتعجب وشعرت بالإرتباك المرعب "خدي خدي متت**فيش" هز رأسه لها مشجعا لتمتد أناملها في تردد جلي وهي تتناول احاها على استحياء  "زمان الصداع مفرتك دماغك أنا عارف"  حدثها بلين بعد أن أشعل سيجارته ثم أقترب بالقداحة منها حتى يُشعل لها خاصتها لتتردد هي ولكنها تن*دت بالنهاية وترتكته يشعل سيجارتها لتجده يضع القداحة على المنضدة أمامهما ثم أمسك بكوب قهوته هو الآخر ليرتشف بعضا منها بينما دخن بتأني على ع**ها هي التي بدت وكأنها تلتهم السيجارة وتتناول قهوتها بسرعة وكأنها دوائها الوحيد. "تعرفي بقالي يجي عشرين سنة مولعتش سيجارة" أخبرها في هدوء مبتسماً لتلك الأيام التي تذكرها وما إن قارب على الوصول لمنتصف سيجارته حتى ألقاها أسفل قدمه ودهسها والتفت نحوها متفحصاً اياها  "أتغيرتي اوي، زينة بنتي اللي ربتها راحت فين؟!" همس سائلا وكأنما يعاتبها لتلتفت له بعد أن تريثت لمدة وهي تحاول أن تستجمع شجعتها وبنفس الوقت تبحث بداخلها عن الإجابة المناسبة "موت بابا مش سهل عليا يا خالو، أنا كمان قربت أخلص دراستي ولما أواجه ماما بأني عايزة أكمل حياة في ألمانيا مظنش هتوافق بسهولة على فكرة الماجيستير والحياة بعيد عنها عموما، مش عارفة هاعمل ايه الفترة الجاية وحاسة إني لوحدي، مش عارفة كمان اليومين الجايين دول هيعدوا عليا ازاي لغاية ما أسافر تاني.. مش طايقة القاعدة في بيتنا وعايزة أسافر في أقرب وقت" همست في ضعف أدركه بدر الدين جيدا "عارف، عارف وفاهم إن سيف بالنسبالك كان ايه، بس مش عيب تقولي الكلام ده وأنا موجود، ولا نسيتي إنك بنتي زي سيدرا وسليم؟" نظر لها بلوم لتهز رأسها في إنكار "أكيد منستش يا خالو بس.." لم يتركها لتكمل جملتها بينما اجتذبها لعناق أبوي وربت على ظهرها في حنان "اللي أنتي عايزاه هاعملهولك ومحدش هيقدر يفرض عليكي حاجة طول ما أنتي عايشة، بس أرجعي زينة اللي أعرفها، زينة صاحبتي وبنتي اللي ضحكتها عندي بالدنيا.. خليكي واثقة إن هاكون دايما معاكي وفي ضهرك بس حاولي ترجعي تاني بنتنا اللي نعرفها ومتخافيش من حاجة أبدا"  أخبرها في رفق لتدمع عيناها وجاهدت بشدة ألا تبكي وتنتحب ولكن احدى دمعاتها باغتتها وشعر بها بدر الدين ليبتعد عنها ونظر لها في ود وهو يجفف تلك الدمعة المباغتة "متعيطيش ومتخافيش، كل حاجة هتكون تمام.. اتفقنا؟!" نظر لها بنظرة مؤكدة لتومأ له بالموافقة ثم همست له "اتفقنا" "طيب يالا قومي اغسلي الوش الحلو ده والعيون الجميلة دي واستغلي الواد سليم ده اجازة النهاردة، خليه يواد*كي النادي، الدنيا اتغيرت كتير عن زمان وهيعجبك" ابتسم لها لتبادله الإبتسامة "حاضر" نهضت ثم غادرته للأعلى بينما شاهد سليم كل ما حدث بينهما من على مقربة وما أن غادرت هي أتى ليجلس بجانب والده الذي تفقده بعيناه "مالها يا بابا؟! فيها ايه؟" تسائل سليم بنبرة امتلئت بالحيرة والآسى لحالها "زينة محتاجة اللي يوقف جنبها الفترة دي وخايفة تواجه هديل واخواتها وكل اللي حواليها، حاول تكون جنبها واحضنها يا سليم، زينة محتاجة حضن وحد يفهمها ويُصبر عليها ويطلعها من اللي هي فيه، وأهم حاجة يقبلها زي ما هي، مش عايزة اللي يهاجمها ويزعقلها، عايزة اللي يقومها ويحسسها إنها طبيعية ميحسسهاش إنها غريبة ويتقبل منها كل اللي بتعمله!"  شرد بدر الدين بالفراغ متذكرا ما كان عليه يوما ما وكم آلمه أن تلك الفتاة التي يعتبرها بمثابة ابنة له تمر بمعاناة مثلما عانى هو يوما ما "هي قالتلك حاجة؟" تعجب وهو يتفقد والده بتلك العينتان اللاتي شابهت خاصته "لا بس أنا فاهم كويس اللي بتمر بيه" تن*د في آلم ولكنه أبعد ذلك التفكير السيء عن رأسه تماما  "أنا قولتلها تروحوا النادي شوية تغيروا جو، خليك معاها وحاول تطلعها من اللي هي فيه" "حاضر يا بابا" "ما تبطل بقا بابا دي، متحسسنيش بالدراما كده" التفت له وهو يتفقده وقد عاد المرح لنبرته " ولا فاكرني عجزت ياض" مد ذراعه ليحيط به عنق سليم وجذبه بعتف مازحاً "يا عم بدر خلاص بقا، أنا اللي عجزت، مبسوط كده؟!" "اه يا أخويا مبسوط.. يالا قوم غير وروح معاها، حاول تفرفشها شوية، ايه متعلمتش مني حاجة؟!" "عليا أنا يا بدر، أنت فرفوش بس مع نور" "يا واد أتلم، برضو بتقول نور؟!" عقد حاجباه في حنق بينما أزاد من حدة احاطة عنقه "اه بقا إذا كان عاجبك دي مزتي الحلوة وهافضل أغيظك وأدلع فيها" "بقا كده!!" جذبه أكثر بعنف ليصيح هو من مزاح بدر الدين "يالا يا كلب غور من وشي بدل ما ألعب في وشك البخت!! قال مزتك قال.. جتك ستين و**ة" تركه دافعا اياه ليضحك سليم "خليك كده هتموت مني وانا سيدو ونوري بيموتوا فيا وأنت لأ" صاح له ليستفزه ليتناول بدر الدين احدى زجاجات المياة ودفعه بها "امشي يا ابن الكلب من وشي لحسن لو قومتلك ومسكتك مش هاتمسكك عافية" صاح له بحنق ليتفادى سليم الزجاجة البلاستيكية ببراعة وتوجه مغادرا اياه للأعلى. ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ أطلق زفيرا بعمق كمن يفرغ ثِقلاً حمله للكثير من الوقت وهو ينسلت من داخلها ثم تركها ليسقط جسدها أرضا فهو لم يعد يكترث بما قد يحدث لها بعد أن سجل وصور كل ما أراده. "امشي اطلعي برا" آمرها بعد أن استعاد انتظام أنفاسه وتخلص من ذلك اللهاث بينما هي لازالت أنفاسها اللاهثة الغير منتظمة تدفع ثدييها للصعود والهبوط في عنف "شهاب بيه أنا مش قادرة اتحرك أرجوك خليني أبات عندك الليلادي" توسلت له منادية اياه بهذا اللقب الذي فرضها منذ ساعتان أن تناديه به دائما "وأنا ايه اللي يخليني ابيت عندي واحدة مقرفة زيك، قومي بصي لنفسك في المراية، ده منظر برضو، ده أنا اخاف لا القرف ده يتعبلي عيني"  حدثها بسخرية بينما أخذ احدى الشراشف ليحاوط ما بعد خصره بها ونظر لجسدها الذي لم يتواجد به قيد أنملة إلا وارتسمت عليه علامات حزامه وقسوته المبالغ بها أمّا هي فوجدت نفسها تبكي من كثرة تلك الإهانة التي تلقتها منه، فالمرة السابقة كان عنيفا معها فقط، أمّا الليلة فكأنه لم يرد سوى إهانتها بطريقة مبالغ بها وهي لا تدري ما سبب ذلك. "أرجوك يا شهاب بيه مش هازعجك.. هاستنى بس للصبح، أبوس رجلك أنا مش قادرة أتحرك" تهاوت دموعها وهي تقترت من قدماه لتقبلهما مثلما آمرها أن تفعل كلما جلست أسفل قدماه "بت أنتي.. أنا مش طايق أبص لوشك المقرف ده.. هاتقومي تمشي بالذوق ومش هاتوريني وشك ده تاني ولا تحبي ميرال هانم بنت زكي بيه عثمان تتفضح وسط الناس وهي بتتذلل تحت رجلين راجل؟!"  نظرت له في غير تصديق لتتهاوى دموعها بلا إنقطاع ليبتسم هو في شر خالص وهو ينتشل قدماه من بين يديها وشفتيها اللاتي قبلتاه في توسل "بس سيبك أنتي، اللي حصل ده لو نزل هايصيتك بردو، وأنتي بصراحة ده مقامك.. وكله متصور بكاميرات عالية الدقة.. تخيلي بقا بنت الحسب والنسب لو اتنشرلها فيديوهين شوفي ابوها بقا سمعته هتبقا ايه.. فيديو جنسي لإبنة رجل الأعمال وعضو مجلس الشعب زكي عثمان!! شاهد قبل الحذف" قهقه بضحكاته مستهزءا بها ثم تركها ليتمدد على السرير واضعا كفاه خلف رأسه "ياااه.. ده أنتوا هتتجرسوا، ده مش بعيد تتبهدلوا وتخسروا اللي وراكوا واللي قدامكو بحتة فيديو زي ده، ويا سلام بقا لما اوقعلك ابوكي في السوق، ويبيع اللي وراه واللي قدامه، مش بعيد متلاقوش شقة في حي شعبي حتى تلمكوا" تحدث متن*دا بأريحية وهو يرسم ذلك السيناريو أمامه وهي تبكي في صدمة قاسية "يالا برا بلاش قرف" صاح بها بجدية آمرا لتتهاوى دموعها وأجهشت بالبكاء وبالكاد استطاعت أن تنهض وهي تتحاول على قدميها ويديها بعد أن كبلهم بعنف طوال الساعتان الماضيتان "أرجوك ابوس ايد*ك بلاش تعمل فينا كده.. أنا هامشي.. هامشي ومش هاكلمك ولا هاجي جنبك تاني بس.. بس حتى أنا معنديش هدوم أخرج بيها، كلها اتقطعت" همست بين بكائها المرير "روحي خديلك قميص من غسيلي الوسخ ويالا مش طايق أبص في وشك.. غوري من وشي بقا متقرفنيش واياكي بس تحاولي حتى تعرفيني تاني وإلا هفضحك أنتي وأبوكي"  تحدث دون إكتراث لتومأ في وهن وتوجهت هي للخارج تتحامل على آلامها وجروحها التي **ت جسدها بأكمله وجرح روحها بداخلها بينما تابعها هو عبر كاميرات المراقبة المتصلة بهاتفه حتى غادرت منزله وهي تبكي في حرقة.. تململ في سريره مقهقها بعد أن تذكر تفاصيل الليلة الماضية وشعر بالنشاط يتغلغله لينهض مقررا أن يتنعم بصباح جديد فقد مر وقتا طويلاً لم يتمرن به وغادر سريره حتى يستحم ويستعد للتوجه للنادي الرياضي. ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ "لا أرجوكي ده أنا ما صدقت، أنا اجازة النهاردة، وأنتي معندكيش Extras.. بلاش سخافة بقا ويالا نخرج" تحدث أدهم ولكن نبرته أتت متوسلة "ما أحنا قاعدين سوا أهو يا حبيبي.. وبعدين كلها كام يوم وهنلاقي الإمتحانات قربت" همست له سيدرا حتى لا يستمع إليهما أحد "لا مش قاعدين براحتنا، كل شوية ماما تيجي وطنط نور تيجي، وكمان طنط هديل مخلية الجو كئيب اوي في البيت، عشان خاطري يا سيدو نخرج النهاردة" توالت تلك النظرات المتوسلة من عيناه وبالطبع لن تستطيع سيدرا أن تصمد أمامها "ماشي Okay.. عشان خاطرك.. بس منتأخرش عشان محدش يلاحظ حاجة.. أنا ما صدقت فلت من سليم من يومين لما رد عليك وفضل يسألني أسئلة غريبة.. وكمان لازم نذاكر ونجهز للـ finals" "يا حبيبتي كان بيسلم عليا عادي.. يالا اطلعي غيري وقولي لطنط نور وأنا هاقول لماما.. ومتتأخريش عليا" "ماشي" "شاهي يا مُزة" صاح أدهم دالفا غرفة والدته التي تصنعت المفاجأة "جرا ايه يا أدهم خضتني" "أنا خارج شوية مع سيدرا بدل الجو الكئيب اللي في البيت ده" "يا حبيبي عيب تقول كده.. وبعدين ما تقعد تذاكر زي أسما" عقدت ذراعيها وهي تتفحصه في استغراب "ما خلاص بقا يا ماما والنهاردة أنا معنديش حاجة في الكلية، وحياة أغلى حاجة عندك ما تقفشي.. أنتي عارفة إن كده كده هندسة طلعان عينيهم وأنا والله بذاكر ولو مش بذاكر مكنتش جبت التقديرات دي" "طيب ماشي اتفضل، ومتتأخرش.. سامع؟!" تصنعت الحزم بينما سيطرت على ضحكتها بصعوبة "إلهي ما يحرمني منك يارب يا حلو يا جميل أنت" صاح بنبرته المازحة بينما توجه للخارج ليلتقي نورسين بطريقه "طنط!!" حمحم لتعجبه من وجودها وملامح وجهها لا تبشر بالخير  "عاملة ايه؟!" تسائل وهو يحك رأسه في توتر فربما هي لم توافق على ذهاب سيدرا معه "تمام يا حبيبي.. ماما جوا؟!" ابتسمت له بإقتضاب ورسمية شديدة "آآآه.. هو بجد حضرتك كويسة؟!" اجابها في تردد ثم سألها محاولا أن يتبين حالتها فقد تكون تشاجرت مع سيدرا "آه يا أدهم فيه ايه كويسة اهو.. عديني ادخل لشاهي" نظرت له في تعجب بينما افسح لها الطريق "اه طبعاً اتفضلي يا طنط" أخبرها محاولا أن يرسم ابتسامة على شفتاه  "يووه بقا لو موافقتش!! أنا مش ناقص عكننة" تمتم بخفوت بعد أن تأكد من إغلاقه للباب خلف نورسين وتوجه للبحث عن سيدرا. "العيال.. الهبلة.. مش ممكن.." صاحت شاهندة بين ضحكاتها التي شاركتها نورسين بها "بس دخل عليهم اننا متعصبين" ضحكت نورسين مجددا لتصاحبها ضحكات شاهندة "مش ممكن، حب الطفولة اللي بينهم ده" تحدثت شاهندة بعد أن أهدأت من ضحكاتها "نفسي على طول أشوفهم سوا.. بجد الحب ده مبيتعوضش.. بس لازم يركزوا في دراستهم الأول وبعدين نعملهم اللي همّ عاوزينه" "برضو حمزة قاللي كده مع إني نفسي أفرح بيهم اوي بسرعة بس بردو الدراسة مهمة، أنتي معاكي حق" "هو حمزة يعرف؟!" توسعت زرقاوتاها في دهشة "ده ملاحظ كل حاجة وعامل عبيط.. بس على مين قفشته.." غمزت لها ثم قطبت جبينها لتتابع "وبدر عرف؟!" "لا طبعا أنتي عارفة بيغير عليها ازاي.. ده ممكن ياكل أدهم صاحي" "يادي النيلة.. مفيش فايدة في غيرته دي.. ما يركز معاكي ويسيب البت للواد" "مركز ياختي متقلقيش" "ماشي أمّا نشوف.. يخلصوا بس السنادي وأنا وأنتي نقنعه كده بالهداوة" "خلاص اتفقنا" ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ظل ينظر لها في غرابة شديدة بين الفينة والأخرى وهي ترتدي قميص والده الأ**د الذي احاطته بأحدى الأحزمة الرفيعة حول خصرها وهو يتعجب لإنتقائها الغريب لملابسها، فهي ليلة أمس ذهبت بتلك الملابس السوداء الواسعة غريبة الشكل لتعود برداء قصير أنثوي للغاية لامع لا يليق إلا بأحدى عارضات الأزياء، والآن هي ترتدي قميص والده الذي يغطي جسدها بأكمله وأسفله ذلك البنطال الأ**د الواسع.. لم يعد يتعرف عليها من هي حقا، أهي تلك الفتاة الرزينة التي اتسمت بإرتداء الألوان الصاخبة قبل سفرها، أم هي من تتشح بالسواد دائما، أم هذا لموت والدها، ولكن ما الذي ارتدته ذلك ليلة أمس؟ وما ذلك الحلق الذي تضعه بأنفها منذ أن عادت؟ ولماذا هي مصممة على طلي جفنيها بالسواد وكذلك أظافرها؟ حقا لا يجد تفسيرا لكل ذلك!! "شكرا يا سليم" حدثته ليلتفت لها بينما سارا في اتجاههما لمرأب السيارات الخاصة بمنزل والده "العفو بس على ايه؟!" تعجب لتصرفها وامتنانها له فهي منذ أن عادت من سفرها وهي تقابله دائما بالجمود "يعني امبارح والنهاردة الصبح.. مكنتش بصراحة متوقعة تعمل معايا كده وكمان كلمت خالو" "وايه يعني اللي يخليكي متتوقعيش أعمل معاكي كده؟!" ابتسم لها متسائلا بعد أن توقف ليرغمها هي الأخرى على التوقف بينما تاهت الكلمات منها وهي من تظن أن الجميع يحاول فرض الأشياء عليها "مش توقع.. هو يعني.. تقدر تقول إني مش مستنية مساعدة من حد ولا جمايل، عموما حبيت أشكرك"  أتت كلماتها متحفزة أكثر منها ممتنة ليندهش رافعا حاجباه ولكنه ما أن رآها تشرع بالسير مجددا أوقفها بنبرته الرجولية الدافئة وابتسامته التي يبدو أنها قد تسحر جميع الفتيات من حوله سواها هي. "بصي يا زينة، أنتي بنت عمتي الصغيرة ومتربيين مع بعض وليكي معزّة كبيرة عندي، مظنش أنا الراجل اللي هشوفك محتاجة حاجة ومش هاقف جنبك، ومش جميل ولا مساعدة بس عشان أنا كمان متوقع منك إنك لو لقيتيني في موقف زي ده مش أكيد هتساعديني.. وأظن إن اللي بيني وبينك أكبر من كده بعد السنين دي كلها، ولا إيه؟!"  تفحص زرقاوتاها اللتان تاهتا من كلماته التي لم تستطع تفسيرها بسهولة لتجد نفسها تحاول أن تبتسم بإقتضاب وأومأت بينما اتجهت نحو المرأب وبداخلها تتخبط من تلك الكلمات التي لا زالت لا تدرك ما معناها. "حاسبي السلم"  احاط خصرها بعد أن صاح محذرا وكل ذلك حدث بسرعة شديدة وهي كانت شاردة تماما بكلماته ليستقر جسدها الصغير بين ذراعه وأقتربت للغاية من ص*ره لترفع عيناها الزرقاوتان تتطلعه ولأول مرة تشعر بداخلها بإنجذاب لتلك العينتان اللاتي لطالما ظنتهما سودواتان ولكنها أدركت الآن أنهما عسليتان في ضوء النهار. "خدي بالك.. كنتي هتقعي"  همس أمام وجهها الذي تمنى دائما أن يراه بالقرب منه هكذا طوال تلك السنوات الماضية ليقعا ببؤرة صمتهما تلك ولم يستطع أيا منهما التحرك لينظرا لبعضهما البعض في تريث شديد. نظر لشفتاها تلك التي تبعثر كيانه وتجعله يود أن يتملكهما بين شفتاه ليلثمهما ببطء ويتذوقهما حتى يرتوي منهما بعد تلك السنوات التي أنتظر بها أن يراها مرة ثانية وانتعشت بذاكرته ما حدث ليلة أمس ليحذره عقله من فعلها مرة ثانيةً وخاصةً أن أي أحد الآن قد يراهما من الحراس أو والده وهو لا يريد أن تبدو زينة هكذا بأعين الجميع. "يالا؟!"  كاد أن يقتل نفسه وهو يترك خصرها ويده تريد أن تتمسك بها أكثر ولكنه زجر نفسه بصعوبة وسيطر بشدة على أفعاله بالرغم من أن مشاعره تجاهها تصرخ بداخله ألا يبتعد عنها. أومأت له لتفر نحو السيارة وهي لا تدري لماذا أستسلمت بين يداه بتلك السهولة الشديدة بل وظلت تبادله النظرات وسكنت تماما، فزجرت نفسها على ضعفها الشديد أمام رجل حتى ولو كان ابن خالها فهي لا تسمح أبدا أن يقترب منها رجل بهذا الشكل. دلفا السيارة وكل واحد منهما قد سيطرت عليه تلك اللحظة التي مرت ولكن سليم لا يريد أن يتصف الموقف بالغرابة ولا يعجبه الصمت هذا الذي غلف الجو حولهما فامتدت أنامله لأحدى الأزرار بالتابلوه الأمامي للسيارة ليصدح صوت أحد المغنيين بالتغني بأغنية عن الآلم والجرح بسبب إنفصاله عن محبوبته. "ايه النكد ده" تمتم بخفوت ولكنها سمعته "نكد ايه؟!" همست متسائلة "مسمعتيش الأغنية؟" "لا مخدتش بالي" اجابته بتلقائية ليومأ لها في تفهم بينما ضغط احدى الأزرار لتغير الأغنية "بصراحة مبحبش النكد، أنا فرفوش بطبعي" رمقها بعينتاه بنظرة جانبية لتبتسم لكلمته "فرفوش يعني بتحب تعمل ايه؟!" تسائلت في تعجب "مبحبش قاعدة البيت، يعني بس لولا اليومين دول هتلاقيني دايماً أنا وإياد يا خارجين رايحين سينما يا في النادي يا مسافرين، وقت ما بنكون فاضين نروح نسهر مع أصحابنا، ممكن أخد نوري وسيدرا أخرجهم، بنتجمع ساعات كمان مع طنط شاهي وأسما وأدهم وبنخرج كلنا او بنسافر، حتى لو تعبان بس مبحبش الخنقة والكتمة" تحدث مجيبا بتلقائية لتهز رأسها في تفهم "حلو" "وأنتي بقا بتعملي ايه بعد ما بتخلصي محاضراتك كل يوم؟!" سألها ليتجاذب أطراف الحديث معها "يعني.. بخرج مع أصحابي، ساعات بقعد أذاكر، بحب أروح أقف على الكورنيش، بس عموما الدنيا في ألمانيا غير هنا خالص" "خلصي أنتي بس وتعالي وهتلاقي الدنيا هنا حلوة، اللمة بتاعتنا حلوة أوي يا زينة وهتحبيها" أخبرها لتتجهم ملامحها من مجرد فكرة عودتها الدائمة لتصمت تماماً بينما لاحظ هو تغير ملامحها  "قوليلي بقا لسه بتلعبي تنس زي زمان ولا بطلتي؟" غير الموضوع تماما عندما شعر بتغيرها "ايه؟ تنس!! قليل اوي، مبقاش عندي وقت زي زمان" نجح هو في إخراجها من تفكيرها وعادت ملامحها لتكون طبيعية "طب تعالي بقا، فرصة إننا جينا هنا النهاردة" أخبرها وهو يصف السيارة "فرصة؟! فرصة ايه؟!" صاحت في تعجب وهي تخرج من السيارة بينما تابعته بعينيها "ده احنا هنلعب سوا النهاردة.." ابتسم لها وهو يتوجه نحوها "لا أنا مش عاملة حسابي ولا جايبة هدوم معايا، مش هنلعب لأ" "تعالي بس أمّا أفهمك، لابسة كوتشي أهو، ومظنش المضرب هيقول لا متلعبيش بيا عشان مش لابسة لبس اللعب" تحدث بنبرة تشبه البكاء ولكن مازحة لتضحك هي بخفوت "استنى بس يا سليم، مش هاينفع بجد" "تعالي تعالي.. غيري جو، لو متبسطيش بعد أول عشر دقايق متكمليش!"  أخبرها ثم جذب يدها بين يداه وهو يرغمها على التوجه نحو منطقة ملاعب كرة المضرب لتصيح هي بعبارات الرفض بينما لم يكترث هو وظل يقنعها بطريقهما. ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ "أدهم متقربش اوي كده أفرض حد شافنا" صاحت سيدرا في خجل وهي تدفعه بعيدا عنها "هو هنا وفي البيت وفي الجامعة.. أنا زهقت بقا، أرجوكي بطلي تبعديني عنك، أنا بحبك والله.. ولا أنتي مش واثقة فيا؟!" تفقدها أدهم بعينتاه اللاتي تفحصا زرقاوتاها "ماشي بس هنا كل الناس تعرفنا ومينفعش كده" حاولت الإبتعاد عنه ليجذب يداها "ماشي.. بس بكرة نتجوز ومش هتقدري تبعدي عني أبدا" "يااه لسه بدري يا أدهم اوي، أنا أصلا مش عارفة هيقبلوا الموضوع ازاي واحنا لسه مخلصناش جامعة ولسه صغيرين" نظرت له في قلة حيلة وعينتاها ينهمر منهما العشق له ولكنها أيضا بدت مرتبكة للغاية "هانت.. كلها سنتين ونخلص" نظر لها هو الآخر بود شديد ليحتوي كفها بين يداه "على قد ما أنا مش قادر أصبر لكن كل حاجة عشان خاطر سيدو حبيبتي ممكن استحملها" ابتسم لها لتبتسم هي الأخرى ليجد أدهم فجأة يدا تنهال على كتفه بعنف بينما تركت سيدرا يده في خوف واتسعت مقلتيها في ذعر "مش تقولوا إن أنتو هنا؟!" صاح سليم الذي لاحظهما من بُعد بينما ارتبكا الاثنان أمام عيناه ليحمحم أدهم وابتعدت سيدرا عنه وهي ترتعد لمجرد الفكرة بأن سليم قد رآهما معا  "يالا يالا عشان تلعبوا معانا" تحدث لهما بتلقائية بينما سيدرا وأدهم يحاولا أن يتصرفا بطريقة طبيعية "ننلعب؟! نلعب ايه؟!" تسائل أدهم بينما حك رأسه  "هنلعب تنس أنا وزينة وأنت وسيدرا، يالا انجزوا ومتضيعوش اليوم" توجه بتلك الهالة التي تحيطه وتجبر الجميع على الإنصياع له ليس خوفا ولكن حبا به لأنه يُمثل للجميع الأخ الأكبر الذي يعتمدون عليه ويتوجب عليه اتباعه أمّا عن زينة فهي لا تدري ما الذي يفعله بها ويجعلها تتبعه بتلك الطريقة دون مجهود يُذكر. ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ أوصد إياد حاسوبه ليشرد مجددا بأسما التي باتت تستحوذ على عقله كثيرا تلك الأيام ليتن*د في حيرة شديدة تجاه نفسه، لطالما كان هادئا ويكفيه فقط رؤيتها أمامه بنزلهما ولكن ما يحدث له تلك الأيام قد تعدى الحدود التي رسمها دائماً للتعامل معها ولم يعد يكفيه رؤيتها وحسب! "ايوة يا آسر" اجاب هاتفه الذي صدح بالرنين ليقاطع شروده بعشقه لأسما "بقولك ايه أنا قاعد هنفجر ولسه قدامي كتير على ما أرجع أمريكا تاني وأنت بقا عارف ماما متتواصاش، هري هري هري عن خالك وبيعمل ايه وبيتصرف ازاي لما كلت دماغي" "أنت هتقولي" حدثه إياد بتهكم فكلاهما يعلمان جيدا كم أن هديل تهتم بتفاصيل العمل وخاصةً أن آسر يعمل بفرع الشركة الخارجي بالولايات المتحدة الأمريكية مع زياد "بص، شوفلنا أي مصيبة نروحها كده بدل ما أولع في نفسي، كفاية كمان خروجاتك ناشفة ومفيهاش حتة طرية تطري علينا" "يا ابني ارحمني بقا وأتلم!! مش ناوي تعقل وتكبر وتسيبك من حوارات البنات دي؟!" زجره إياد بحدة "أنا مش فاهمك صراحة عايش كده ازاي، دول البنات دول الحاجة اللي بتخليني أتنفس يا ابني! ده أنت ممل اوي.. فين دلوقتي خالك زيزو كان زمانه مشهيصني بنات ورقص ودلع مش الجفاف اللي عايش فيه هنا" "جفاف!" صاح متهكما "اقفل يا اخويا على ما تاخد محلول واظبط أقولك هنروح فين وهكلمك تاني" أخبره بسخرية "ماشي مستنيك، متتأخرش عليا وحياة أولادك يا بابا!" أخبره هو الآخر في سخرية ليوصد إياد هاتفه ثم تحدث لسليم الذي أجاب بعد فترة "ايه فينك، أنت مش هتيجي خالص النهاردة ولا ايه؟!" "لا، أنا مع سيدرا وأدهم وزينة في النادي، ما تيجي أنت كمان تقعد معانا" تحدث له سليم بالهاتف وهو يوضع مضرب الكرة بمكانه المخصص له "ده أنت أنقذتني.. هاجيب آسر وآجي عشان عايز يخرج، يالا مسافة السكة وجايلك" "تمام مستنيك" أنهى إياد مكالمته وشرع في تجميع أشياءه من على مكتبه لتدلف أروى بنفس اللحظة وهي تتفقده في تعجب "ايه ده أنت ماشي؟!" "آه خارجين أنا وآسر" اجابها بتلقائية دون أن ينظر لها "طب متعرفش سليم هيجي ولا لأ؟!" هنا نظر لها متفقداً اياها "فيه حاجات واقفة على امضته" اجابته بنبرتها الواثقة دائما "ما بكرة يجي يعني هيروح فين، وآه لو حاجة مستعجلة اوي أنا رايحله النادي أنا وآسر ممكن تبـ.." "لا هاجي أنا معاك عشان كمان عايزة اخد رأيه كده في كام موضوع بخصوص اجتماعات الأسبوع ده" تحدثت بثقة مجددا وهي تقاطعه عندما أدركت أنه سيقترح عليها أن ترسل معه الأوراق بينما تعجب أخيها من طريقتها  "استناني تحت وأنا هاجيلك.." أخبرته ثم توجهت لمكتبها هي الأخرى بينما اندهش إياد الذي يعلم أن أروى أخته لا تترك العمل هكذا بتلك السهولة ولكنه لم يكترث كثيرا وتوجه للخارج ليستعدا للمغادرة. ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ أمسكت زينة بالأوراق بين يداها وهي تتفقد أعين سليم بإبتسامة ماكرة وكذلك تفقدت اوجه الجميع وبالرغم من أنها لم تجلس هكذا مع أحد منذ زمن ولكنها شعرت بالسعادة "ما تخلصينا بقا وتخليه يسحب أمّا نشوف مين اللي هي**ب" صاحت أروى في تآفف "يا بنتي استني بس، شكلها كده هتلبسه الشايب" صاح إياد الذي ظل ينظر لهما في حماس "شايب ده أنا مش فاهم بتلعبوها ازاي أصلاً" تحدث آسر هاززاً كتفاه في عدم معرفة "يا عم اسكت أنت يا ابن خالك.. ده احنا ياما لعبناها مع بعض زمان وأنت قاعد مسحول قدام التابلت بتاعك" "يالا بقا يا سليم ما تسحب منها الورقة وتخلص الدور بجد كده هنقعد للصبح" تحدثت سيدرا في توسل بينما نظر لها أدهم في وله تام وكأنه لا يلاحظ من حوله ليلاحظ إياد الذي نظر لسليم ليومأ هو له في تفهم وابتسم له في إدراك لما يعنيه. "زينة اخلصي بقا وسيبيه يسحب منـ.." تحدثت أروى بإنزعاج لتنظر لها زينة بملامح منزعجة وهنا جذب سليم احدى الأوراق منها على غفلة لتعيد النظر للورقة المتبقية في يدها وتحولت تعبيراتها للحزن الممزوج بالغضب "هارد لك يا زوزا!" أخبرها بإنتصار لتنفعل هي أكثر "لا أنت بتخم، ولولا إن أروى كلمتني كنت **بت" صاحت بإنزعاج لتلقي الورقة من بين يدها وعقدت ذراعيها في طفولة وشردت بحقد في الفراغ لخسارتها لتتعالى ضحكات الجميع. "أنا كنت قصداها عشان سليم ي**ب" أخبرتها أروى وكأنما تتشفى بما فعلته "يالا بقا اسحبي ورقة عشان أحكم عليكي بحاجة" ابتسم سليم ناظرا لها بعد أن جمع أوراق اللعب ومدها أمامها لتجذب اياها "لا مش ساحبة ولا زفت، ومش هاتحكم بحاجة" أخبرته بإنزعاج شديد "ايوة هنجيب ورا بقا.. هتسحبي ولا أقوملك؟!" نظر لها بمكر "يا سلام هتهددني يعني؟!" نظرت له في تحفز وتوسعت زرقاوتاها "ما بلاش أنا" ابتسم بخبث شديد ورفع احدى حاجباه "أوبااا اديله شكلنا كده داخلين على خناقة مسخرة" صاح أدهم بينما ضحك الجميع على ما يشاهدوه بين سليم وزينة وتعالت صوت ضحكاتهم جميعا ليلتفت جميع الجالسين نحوهم وحتى ذلك الذي فرغ من تمرين الملاكمة للتو ليتعجب مما يراه من على بُعد. "طب وريني كده تقدر تعمل ايه!" "انتي اللي اخترتي!!" نهض ليتوجه نحوها بينما فرت هي قبل أن يقترب من كرسيها وأخذت تجري مبتعدة عنه ليتبعها هو بتلقائية وضحك كلا من إياد وآسر وصاحت سيدرا في غير تصديق "مش ممكن سليم هيفضل طول عمره بيبي في الحاجات دي" "لا أنا أقوم الحقهم بدل ما هم بيجروا ورا بعض كده زي الأطفال" تحدث إياد الذي نهض مهرولا خلفهما "لو مسكتك مش هاتمسكك عافية بقا، احسنلك تنفدي بجلدك من قدامي"  صاح سليم الذي جرى خلفها بينما هي اخذت احدى المنعطفات وهي تُفكر بالتخفي بأحدى الحمامات المخصصة للفتيات فهو لن يستطيع اللحاق بها عندها وكاد أن يُمسك بها ولكنها انعطفت يسارا لتتصادم بجسد رياضي شعرت بصلابته وكادت أن تفقد توازنها شعرت بيد سليم تحيط خصرها وتأكدت أنه هو عندما صاح بنبرة منتصرة "مسكتك!!" "أنا آسفة مقصدش"   تحدثت بإعتذار لذلك الذي ارتطمت به لترفع رأسها في حرج لتجد زوجاً من العيون البنية التي تحدق بعينتاها الزرقاوتان اللاتي تفحصتاه في استغراب بينما لم يبتعد هو ولم يفسح الطريق أمامها ولا زالت تشعر بالخجل هكذا وسليم يحيطها من خصرها وجسدها لا زال ملتصقاً بمن أمامها ثم شهقت في مفاجأة من جذبة سليم الذي أبعدتها عن ذلك الرجل ووجدت سليم يدفع جسدها للتقهقر خلفه حتى استقرت خلف سليم وأصبح هو من يقف أمام الرجل ليواجهه لتضيق ما بين حاجبيها من تصرفه وتعجبت بعد أو وجدته يقدم يده ليصافح الرجل الذي اصطدمت به ولم تتعرف عليه بعد وحدثه بنبرة غريبة تعجبت لها ولم تسمعها زينة منه من قبل "ازيك يا شهاب!!"  ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ #يُتبع . . . 
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD