بعد مرور بضع أيام..
"كلمتك كتير مردتش.. كنت فين كده امال؟" اجاب وليد هاتفه الذي صدح بالرنين وكان المتصل شهاب
"لا ده حوار ابويا مكعبلني فيه مع ولاد عمي" أخبره ولم يرد أن يخبره بجميع التفاصيل
"ولاد عمك؟! وده من امتى الموضوع ده، فجأة كده طلع؟" تعجب وليد بشدة لما استمع له
"آه.. بس حوار وهيعدي.. قولي أخبار الدنيا تمام معاك والرجالة جهزوا ولا لأ؟!"
"لا تمام.. متقلقش هي اول مرة لينا ولا ايه؟"
"لا عادي بطمن" اخبره ببرود
"لا كله زي الفل والدنيا ماشية، عملت ايه مع اللزجة اللي اسمها ميرال صحيح؟!"
"بص بقا أنا قرفت من لزقتها وهي اللي جابته لنفسها، أنا هاجيبها عندي بليل"
"وفكرك هتبطل.. أنا بجد مش عارف بيستحملوك ازاي، تبهدل الواحدة من دول وبردو يفضلوا لازقين فيك"
"يا عم يولعوا كلهم.. اهم حاجة طمني لما تخلص"
"حاضر يا شهاب بس أنا مش فاهمك قلقان ليه المرادي؟"
"لا قلق ولا حاجة، أنت عارف إني بحب كل حاجة تمشي تمام من غير شوشرة"
"لا هتمشي تمام"
"يالا سلام وأشوفك بكرة"
أنهى شهاب المكالمة ثم زفر في ضيق شديد من كل ما لاقاه اليوم وتزايدت عقدة حاجباه بينما عقد ذراعاه كذلك وهو يستند على سيارته بجانب احدى الطرق بعد أن غادر ذلك الإجتماع الذي لم يكتمل وأخذ يُفكر في كل ما رآه اليوم وتلك الشخصيات الجديدة التي ستدخل حياته قريبا..
سليم هذا يبدو من نظراته أنه صعب المراس ويعامله الجميع على أنه الأكبر بينهما والمتحكم الوحيد بكل شيء.. وإياد يبدو قريبا منه للغاية، أمّا عاصم فكأنه يحاول أن يلفت الإنتباه بأي طريقة منذ حتى أن صافحه وقد شعر بطريقته التي يحاول أن يفرضها على الجميع ولكن يبدو وأن لا أحد يكترث بما يفعله.. كما تبدو تلك الفتاة أروى مغرورة للغاية، ليتها تحدثت لكان عرف كيف يجذبها له..
نفخ ما برئيتيه من هواء وهو يتألم بداخله فلم يكن يخطر بباله أبدا انه سيواجههم يوما ما وعليه أن يتعامل معهم لمدة والتي يبدو أنها ستكون طويلة..
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
وقف من بعيد خلف إحدى الأشجار بمنزل عائلة والده يتفقدها وهو لا يدري ما الذي حدث له منذ عودتها عند معرفتها بوفاة والدها، هو كان يعرف جيدا أنه لطالما عشقها وتربعت زينة على عرش قلبه منذ أن كانا صغارًا، رؤيتها وهي تبتسم، مجالستها لوالده لساعات بل وأيام دون ملل، طريقة حديثها الجذاب وكأنها أذكى من على الأرض كلها بين البشر، عشق طفولتها ورآها أمامه تكبر كل يوم، لطالما شعر وكأنها تنتسب لمنزلهم وليس هنا وكأنها خُلقت من أجله..
تن*د شاردا بها ولم يلاحظ ما إن كان يراه أحد أم لا وود لو أقترب منها ليرى ما الذي تكتبه بذلك الدفتر، ود لو ذهب ليحدثها، تمنى أن يعرف ما ذلك الذي أعتراها، فهي منذ عودتها لاحظ كم تغيرت وأصبحت فتاة جديدة لا يعرفها وكأنها تبدلت تماماً عند سفرها تلك الخمس سنوات المنصرمة..
"طب ولو حد قفشك دلوقتي وأنت هيمان كده فيها يقول عليك ايه؟"
"بدر!!" همس سليم لوالده بينما ابتسم له بإقتضاب
"اه بدر من حظك الحلو.. تخيل لو كان حد من اخواتها ولا هديل.. مكنش منظرك هيبقا لذيذ خالص" أخبره بينما بدءا بالسير سويا بحديقة منزل العائلة وتن*د سليم وهو يحاول أن يُخفي إحراجه من الموقف
"حاسس إنها اتغيرت اوي، مبقتش زينة اللي نعرفها، ولا تفتكر ده عشان موت باباها؟!" تحدث سليم لوالده بعينان متسائلتان
"اتغيرت فعلا.. بقت شخصية تانية" أومأ بدر الدين في موافقة على كلمات سليم
"بس ولو حتى اتغيرت، ليه متقربش منها وتروح تقعد معاها و.."
"لا لأ ملهاش لازمة قاطعه بنبرة حاسمة "هي من ساعة ما رجعت وتصرفاتها بقت غريبة شوية تصدني وشوية تتعامل كويس.. دي حتى مش عاملة خاطر لإني ابن خالها"
"طب وبعدين! هتفضل تتف*ج من بعيد؟! تعالى بس تعالى.." أخبره بدر الدين ثم دفعه برفق نحوها
"يا بدر مش عايز اروحلها، استنى بس.. قولتلك لأ.. بابا!!" صاح سليم بعبارات النفي ولكن لم يتقبلها بدر الدين حتى وجد أنهما أقتربا منها للغاية حتى لاحظت هي إقترابهما ووصدت دفترها
"شوفناكي قاعدة لوحدك قولنا نيجي ننورك شوية" أخبرها بدر الدين لتبتسم له بإقتضاب
"خالو.. أتفضل طبعا" اجابته وكأن سليم غير موجود بجانبه وجلس كلاهما وتحولت ملامح سليم للغضب مما فعله والده
"ايه اللي مصحيكي لغاية دلوقتي؟ منمتيش ليه؟"
"أبداً يا خالو مش جايلي نوم خالص" أخبرته وتن*دت ثم شردت بالفراغ أمامها
"ناوية تعملي ايه الكام يوم الجايين؟!"
"أبداً.. بفكر أسافر آخر الأسبوع عشان لازم أبدأ أجهز الـ masters وعموما ده آخر semester"
"بالتوفيق يا حبيبتي.." ابتسم لها ولكنه لاحظ شرودها ليهمس لسليم "ما تقول حاجة يا رجل الكرسي أنت" رمقه ابنه في حنق شديد
"وناوية يا زينة تكملي شغل في ألمانيا بردو؟" ظل ناظراًلوالده بلوم وتوعد ثم همس له دون أن تسمعهما زينة
"وربنا ما هعدي حركاتك دي" ابتسم له بدر الدين ثم نهض وتوجه ليجلس بالقرب من زينة
"لسه محددتش" اجابته بإقتضاب ليندم سليم على سؤاله ونظر لوالده وعيناه تصرخ به "أرأيت؟!"
"بس وحشتيني اوي يا زينة.. لازم تيجي تقعدي معايا يومين قبل ما تسافري ونرجع لأيام زمان"
"وأنت اوي" همست ثم تفقدته في اشتياق واقتربت منه لتحتضنه بكلتا ذراعيها واراحت رأسها على ص*ره
"هاجي اقعد معاك حاضر" بادلها العناق وربت على ظهرها في حنان لتغلق هي عيناها في راحة لوجوده بالقرب منها وشعرت بحنانه الذي افتقدته للغاية
"على قد ما نفسي الحضن ده يطول بس خلاص مش قادر" تثائب وتصنع النعاس وإرادة النوم
"أنا هاقوم بقا يا ولاد وكمان لازم نصحى بدري علشان هنرجع بيتنا.. تصبحوا على خير" افسحت له زينة المجال كي ينهض بينما نظر له سليم كمن سيقتله لا محالة
"وأنت من أهله يا خالو" ابتسمت زينة له ليتركهما وسليم بداخله يود أن يذهب ليتشاجر معه
"وأنت من أهله" أخبره هو الآخر في حنق لتنظر له زينة فبادلها النظرات
"عاملة ايه دلوقتي؟!" سألها لتهز كتفيها وقلبت شفتاها
"ايه دلوقتي يعني.. ما أنا كويسة اهو" اجابته بنبرة جافة وكأن لم يمر على موت والدها سوى أيام تعد على أصابع اليدان ليندم سليم على سؤاله لها وصمم أنه لن يحدثها إلا إذا بدأت هي بالكلام وتظاهر بالإنشغال بهاتفه.
نظرت له تتفقده فهي لا تدري منذ أن أتت والعديد من الأشياء قد تغيرت، لم تكن تعرف أنها مكثت وقت طويل هكذا، كانت خمس سنوات ليس إلا ولكن الجميع تغير حتى ملامحهم قد تغيرت..
بداخلها أخذت في إطلاق الأحكام، تصنف هذا وذاك، أما سليم الذي لطالما عرفته منذ أن كانت طفلة صغيرة قد تغير كثيراً، ملامحه أكتسبت وسامة وجاذبية شديدتان، لم تظن أنه سيبدو هكذا حقا، هو ليس مجرد وسيم وحسب بل تلك الرجولية الشديدة بملامحه أ**بته رونق خاص، وطريقته التي لم تكتشفها بأكملها بعد ولكنه يبدو تغير كثيرا، لم تعد التعرف عليه حتى..
ضحكت بداخلها والأفكار تنهال على عقلها، هي لا تعرف نفسها وتبدأ بإطلاق الأحكام على غيرها وتصنف الجميع، لو فقط يرى كل من حولها ما يدور بداخلها لأشفق الجميع عليها.
"خير؟" تحدث لها سليم بعد أن شعر بالغرابة من كثرة تطلعها إليه
"فيه ايه؟" اجابته سائلة
"قاعدة بتبصيلي اوي بقالك فترة، فيه حاجة؟!" اندهشت من مدى جرأته بل ويبدو أنها قد حدقت به أكثر من اللازم ولكن لا لن يُفرض عليها بهذا السؤال التحكم في الموقف
"بقولك ايه.. تخرج تسهر معايا؟!" لا تدري حقا من أين واتتها الفكرة ولكنها لا تكترث على كل حال
"أسهر!! تقصدي ايـ.." تمتم سليم في دهشة بينما نهضت هي وقاطعته
"استنى عشر دقايق ورجعالك" لم تعطيه الفرصة ثم غادرته
"سهر ايه وباباها مكملش كام يوم ميت!! مجنونة دي ولا ايه؟!" تمتم متعجبا مما قالته وكذلك مغادرتها له هكذا كما تعجب لنفسه كثيرا فهو ليس من يُفرض عليه شيئا بتلك الطريقة التي حدثته هي بها ووقع في حيرة من أمره وهو يُفكر لماذا لم ينهاها ولماذا لم يرفض ما قالته.
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
"صاحية يا مامي" تحدثت أروى التي دلفت غرفة هديل للتو لتتفقد والدتها
"آه يا أروى تعالي" همست هديل بنبرة مرهقة
"عاملة ايه دلوقتي يا حبيبتي؟" جلست أمام والدتها على السرير لتمسك بكلتا يديها
"اد*كي شايفة، بين يوم وليلة سيف فجأة راح وأنا.." ولأول مرة لم تجد هديل الكلمات التي عليها التحدث بها وأنهمرت احدى دموعها لتزيحها أروى سريعا
"خلاص يا مامي علشان خاطري كفاية عياط" أخبرتها ابنتها بلهفة لتومأ لها هديل وصمتت لبرهة ثم تحدثت لها
"أروى أنا مش قادرة اليومين دول على أي حاجة، معلش يا حبيبتي بس أنتي عارفة أخواتك عاملين ازاي، إياد بيجري ورا سليم وبيوافقه على اي حاجة، وعاصم ع**ط ومش عارف ياخد حقه، وآسر اكيد هيسبنا ويرجع لزياد تاني أنتي فاهمة هو لعبي زي خاله بالظبط، وأنتي عارفة زينة عاملة ازاي بجنانها ده.. لازم الفترة الجاية تاخدي بالك من كل حاجة زيي بالظبط"
"أكيد طبعا يا مامي متقلقيش يا حبيبتي مش محتاجة توصيني"
"أنتي هترجعي تنزلي الشغل امتى؟!"
"من بكرة"
"طب وموضوع ابن عمك عملتوا فيه ايه؟!"
"مفيش، المفروض نحدد معاد معاه تاني قريب، أصلا الإجتماع مكملش عشان بابا لما.."
"خلاص فهمت" قاطعتها هديل وهي لا تريد تذكر الموقف "وسليم عاملة معاه ايه؟!"
"مفيش.. كالعادة يعني أنتي عارفة هو قد ايه بيعاملني بدبلوماسية، مقدرش أغلطه ومقدرش أقول إن فيه حاجة بتتطور"
"يعني أنتي يا أروى بجمالك ده كله مش عارفة تخليه يتلحلح معاكي؟ حاولي تقربي منه وتحببيه فيكي بدل ما واحدة غريبة تيجي تشيل الليلة كلها!" أخبرتها هديل بضيق واحتدت نبرتها قليلا
"ما أنا بحاول وهو عامل تقيل، بالذات من ساعة ما موضوع بابا ما حصل بقيت بشوفه صدفة، بس متقلقيش واديني وقت بس"
"ماشي أمّا نشوف.. صحيح هو شهاب كلم أي حد فيكو؟! أقصد يعني لما جه يعزي هو وعمك؟"
"لا دول مكملوش عشر دقايق ومشيوا" اجابتها أروى لتومأ لها هديل
"صحيح يا مامي، أنا كنت يعني عايزة أكلمك في موضوع.. دلوقتي بابا خلاص الله يرحمه ومكانه بقا فاضي في الشركة، وأنا مش عايزة بصراحة أدهم ابن طنط شاهي يدخل في الحوار هو كمان، هو أنا عارفة إنه لسه صُغير بس كلها سنتين ويتخرج ومش بعيد هو يكون عايز يمسك مكانه.. أنا من رأيي بما إن زينة خلاص هتخلص دراستها تمسك مكان بابا سيف" تريثت أروى لترى إعجاب والدتها بحديثها
"معاكي حق فعلا.. لازم زينة اللي تمسك مكانه بما انها كمان مهندسة!"سكتت لبرهة لتركز بالفراغ وعقدت حاجبيها ثم تابعت ونظرت لإبنتها في جدية
"بصي أنتي متكلميهاش في أي حاجة خالص، وخاللي الموضوع يجي من ناحيتي عشان أنتي عارفة دماغها الجزمة"
"ما أنا قولت لحضرتك عشان كده"
"خلاص اتفقنا، أنا هاكلمها في الموضوع بكرة الصبح.. يالا يا حبيبتي قومي نامي عشان شغلك وعدي بس على تيتا اطمني عليها احسن مش قادرة أقوم خالص"
"حاضر يا حبيبتي.. تصبحي على خير"
"وأنتي من أهله"
توجهت أروى للخارج بينما زفرت هديل بحرقة وأخذت تتحدث لنفسها
"ياااه لو كل أخواتك كده زيك كانوا ريحوني من زمان.. أنا بقا خلاص تعبت.. لغاية امتى هيفضل كل واحد فيهم كده مش حاسس باللي بيضيع من ايديه، امتى يفوقوا بقا ويفهموا!"
أخذت تفكر بكل ذلك العبء الذي سيقع على عاتقها وحدها وخاصةً بعد مفارقة سيف ورغما عنها تهاوت دموعها لتذكرها أوقاتهما سويا.
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
تفقدها بعينتان اتسعتا دهشة وامتلئتا غرابة من تحولها المفاجئ من الصمت تلك الأيام الماضية وهي تقود السيارة بعد تصميمها على السهر خارجًا وارتدائها لذلك الثوب القصير القرمزي اللامع وبعثرتها لشعرها بتلك الطريقة في موجات متمردة، لا يصدق أن تلك الفتاة الجالسة بجانبه هي ابنة عمته الصغيرة التي يعشقها..
"قولي بقا فين أحسن Nightclub قريب؟"
"ايه؟! Nightclub" تمتم بدهشة لما تسأل عنه غير مُصدق ما سمعه للتو
"خلاص خلاص أنا هتصرف" اجتذبت هاتفها من احدى اماكن التخزين الجانبية بباب السيارة ثم عبثت على هاتفها لتثبت شاشته بعد دقائق على احدى الخرائط التي تبين الطريق لمكان ما
"وأنت بقا مبتسهرش في Nightclubs؟ بتعملوا ايه يعني في اجازتكوا؟!"
تعجب سليم من كل ما يحدث ولكنه توصل بداخله أن ما تفعله ربما يكون إنكارا لحالة الحُزن المحيطة بجو المنزل لذلك يراها تتصرف بتلك الطريقة الغريبة.
"زينة لفي وارجعي"
"ليه يعني؟" نظرت له ثم أعادت تسليط عيناها على الطريق
"قولت لفي وارجعي.. مفيش Nightclubs الساعادي، الساعة حداشر ونص"
"بقولك إيه أنت شكلك كده كبرت وبقيت ممل، ولعلمك بدل العربية ممكن أطلب uber وخلاص.. لو عايز ترجع أنت مفيش مشكلة، لكن هتنكد بقا ملهاش لازمة"
سحق أسنانه من ردها الذي أستفزه للغاية ثم نظر لها بعد أن صفت السيارة على جانب الطريق ويبدو أنها بدأت في تجميع أشياءها وتستعد لمغادرته
"ساعة واحدة وهنمشي!! مش عايز نقاش في الموضوع ده! سمعتيني؟!" رق قلبه قليلا وانصاع لما ارادته هي، فهو لا يريد أن يراها في قوقعة الحزن التي وقعت بها من قبل فأيا كان ما ستفعله سيكون أهون من أن تدخل في تلك الحالة التي كانت عليها منذ سنوات.
"ما تيجي تاخدني قلمين احسن!! هنروح ووقت ما نمشي نبقا نمشي"
"انجزي يا زينة وبطلي تضيع في الوقت" زفرت في تآفف لكلماته ثم شرعت بالقيادة مجددا حيث وجهتها التي حددتها من قليل.
"زينة كفاية ويالا نمشي" تحدث بين أسنانه الملتحمة وهو ممسك بذراعها حتى تغادر حلبة الرقص ولكنها نظرت له وابتسمت
"فيه ايه يا سليم.. وبعدين أنت مبترقصش معايا ليه" واجهته لتقف أمامه وأخذت تتمايل بجسدها واستندت بساعدها على ص*ره لتشجعه على الرقص هو الآخر بينما نظر لها في نفاذ صبر
"فيه إن الساعة بقت واحدة والرجالة بتتف*ج عليكي بالزفت القصير اللي أنتي لابساه ده!! اتفضلي يالا قدامي" حدثها بلهجة منزعجة
"طب هادخل الحمام وهاجي وراك" أخبرته بإبتسامة مقتضبة وتوجهت على الفور لتفلت يده التي أمسكها بها قبل أن يعترض واختفت وسط الأشخاص المتواجدين بالمكان.
صدقها وتوجه للخارج حتى ينتظرها بالسيارة وبداخله يشعر بالصدمة الشديدة لكل ما تفعله وكأنما تبدلت تلك الفتاة الرزينة لتحل محلها أخرى يفوح التمرد والغرابة من كل تصرفاتها.
تفقد ساعته ليجد أنه أنتظر ما يقارب من عشرون دقيقة ليتعجب لتأخرها فأخذ هاتفه وأتصل برقمها ليرى ما الذي يؤخرها كل ذلك الوقت.
"أنتي فين؟! كل ده مخلصتيش؟!"
"معلش.. أصل الـ Toilet زحمة.. اديني بس عشر دقايق" أنهت هي المكالمة بسرعة ليعقد حاجباه وتمتم في خفوت
"يا ريتني ما كنت وافقتها على اللي بتعمله ده!"
مرت عشرون دقيقة أخرى ليقرر أنه لن ينتظر أكثر من ذلك فلقد تأخر الوقت وقاربت الساعة على الثانية صباحا ويكفي فقط ما قد تفعله والدتها إذا علمت ما تفعله الآن.
توجه للداخل بعد أن أغلق السيارة وأخذ يبحث عنها بعيناه وفجأة توسعتا عندما وجدها تحتسي مشروبا كحوليا حتى آخره ويبدو أنها تطالب بالمزيد ولم تكترث لذلك الرجل الذي أقترب منها ليحدثها ويبتسم لها بخبث وهو يشعل احدى سجائرها التى امسكت بها بين إصبعيها.
"اتفضلي قدامي حالا" صاح بها بعد أن أخذ خطوات سريعة نحوها وهو يلهث في غضب شديد مما تفعله
"سليم! أنت جيت؟!" ضحكت بخفوت وهي تنظر له بينما أشارت لعامل البار في وضع المزيد لها بينما تراجع الرجل من تلك النظرة المخيفة التي رمقها به سليم
"قومي معايا" صرخ بها بينما أخرج من جيبه حفنة أموال ووضعها أمام العامل ثم شدها بقوة من ذراعها وتوجه بها للخارج
"استنى بس يا سليم شوية، أنا مش عايزة اروح البيت الكئيب ده بالناس اللي فيه.. يووه امشي براحة طيب"
تحدثت له وهي تحاول بصعوبة عدم السقوط فهي لم تعد ترى أمامها بوضوح وأخذت تتعثر في خطواتها.
"أنا غلطان عشان أوافق على الهبل اللي بتعمليه ده" صاح بلهاث بينما دفعها بالكرسي بجانب السائق وتوجه للجانب الآخر وأدار المحرك بينما تلمست هي كتفه
"أنت مش غلطان.. لا خااالص! أنت بسطني اوي.." ضحكت بطريقة تعجب لها وتفقدها ملياً ليعلم أنها ثملة
"شيلني يا سليم، ومتروحنيش البيت، أنا مش عايزة أشوف ماما، هتفضل تزعق تزعق تزعق لغاية ما تجيبلي صدااع.. وديني أي حتة تانية"
سحق أسنانه بينما تفقدها وهي تهز رأسها يمنى ويسرى في ثمالة شديدة ثم أعاد تركيزه على الطريق ونوعاً ما كلماتها نبهته أنه لا يستطيع أن يعود بها هكذا لمنزل العائلة أمام الجميع!
"تعرف.. أنت شعرك لما كبرت بقا حلو أوي زي شعر خالو"
نظرت له بزرقاوتيها بعد أن أقتربت منه وهي تتشبث بذراعه ليعقد حاجباه ونظر لها وللحظة شرد بعينيها وتناسى تماما أنه كان يقود ولانت ملامحه ولم يفق سوى من سماعه لأحدى أبواق السيارات بالطريق وصياح رجل مار بالشارع
"جتكوا القرف أشكال زبالة.. ربنا يتوب علينا من أشكالكوا"
سلط نظره مجددا على الطريق بينما أبعد المقود الذي تفلت من بين يداه ودفع السيارة حتى كادت أن تلامس الرصيف!
بعد برهة شعر بها تتوسد ذراعه وسمع أنفاسها وهي تتثاءب ليزداد تشبثها بذراعه أكثر وهمست له في نعاس
"أنا عايزة أنام، الظاهر صدعت عشان صاحية بدري" تن*دت ثم شرعت في النوم دون إدراك على ذراعه.
"ايه اللي أنتي بتعمليه ده بس؟ اتغيرتي اوي يا زينة!! يوم ما تقربي مني تبقي في حالتك دي؟ أنا مبقتش فاهم مالك؟ ايه اللي عمل فيكي كده وغيرك اوي كده؟"
تحدث لنفسه وأخذ يُفكر بكل ما لاحظه عليها منذ عودتها وهو يتفقدها بين الحين والآخر حتى وصل منزله وبمنتهى الحرص الشديد اراح جسدها على الكرسي خلفها وغادر السيارة متوجهاً نحو الباب الآخر وحاولإفاقتها ولكنها لم تستجب!
تن*د ثم نظر لملامحها التي يعشقها وأخذ يتفقدها في وله تام ولم يكترث أن الوقت يمر حولهما ولم يهتم لوجودهما هكذا أمام بوابة المنزل وحدهما حتى شعر بالآلم بداخله وتمنى لو صارحها بكل ما يحمله لها منذ سنوات!
اقترب ليحملها في حرص حتى لا يوقظها وتوجه نحو البوابة التي فتحها بصعوبة لحمله اياها ثم توجه ليصعد بها الدرج حيث تلك الغرفة التي اعتادت أن تمكث بها كلما مكثت معهم وخفقات قلبه لا يستطيع السيطرة على إيقاعها الذي تسارع بعنف لقربه منها هكذا.
كاد أن ينجح في تركها على السرير ولكنها استيقظت وتفقدته بزرقاويتيها الثملتان وشعر هو بإستيقاظها ليبادلها النظرات ولكن ما أدهشه هو جذبتها له من مقدمة قميصه ليجد أن قربهما من بعضهما البعض قد تعدى المسموح به
"سليم" همست بإسمه بنعاس بمنتهى الأنوثة جعلته يلعن نفسه بداخله!! كم تمنى أن تكون زوجته الآن حتى يعتليها ويُقبلها حتى يريها ذلك الشغف الذي يبعثره بداخله لأشلاء
"احنا فين؟!" همست مجددا ليصر أسنانه في محاولة للسيطرة على تلك المشاعر بداخله
"احنا في بيت بابا متخافيش" اجابها بين أسنانه الملتحمة
"طب متقولش لماما حاجة.." تفقدها وهي تتحدث كالطفلة الخائفة واختفت تلك الأنثى التي بعثرت رجولته منذ ثوانٍ ليتن*د وهو لا يدري كيف يستطيع الصمود أمامها
"متخافيش مش هاقولها" همس أمام وجهها ليشعر بأنفاسها المحملة برائحة الكحول بينما شعرت هي بأنفاسه الدافئة تنع** على وجهها
"تعالى يا سليم نام جنبي.. أنا بقالي كتير اوي لوحدي من ساعة ما سافرت وأنا كل يوم بنام لوحدي"
عقد حاجباه لغرابة ما يستمع إليه منها ولم يُصدق تلك الجرأة التي تحدثه بها ولكنه أقنع نفسه أنه تأثير الخمر ليس إلا
"يا سليم بقا!!" جذبته أكثر لها ليجد شفتاه تلتصق بشفتاها وتوسعت عيناه مما حدث فهو لم يكن يتوقع أنها ستفعل ذلك بحياتها أبدا!
تسارعت خفقات قلبه في هوس من تلامس شفاههما هكذا ودون أن يدرك ما فعله وجد نفسه يقبلها على مهلٍ شديد وتريث وانهالت جفونه للأسفل رغما عنه لإرادته الشديدة بأن يتمسك بتلك اللحظة التي لطالما تمناها لسنوات وأغلق عيناه في استمتاع..
لم يعد يدرك ما يفعله عندما شعر بيداها حول عنقه وكأنما تشجعه على المزيد وبدأت أنفاسه في التعالي لتواكب تلك المشاعر المتأججة كالبركان الثائر في دماءه ولكنه لاحظ أنه كاد أن يعتليها بالكامل ليفق مما يفعله وابتعد عنها وهو يتفقدها بلهاث ليجدها مغلقة عيناها في
***ة الثمالة خاصتها فتوجه للخارج مسرعا وأوصد الباب خلفه!
فرك وجهه ثم خلل شعره الفحمي في عدم تصديق لما أوشك على فعله لتتضارب بداخله الأسئلة العديدة نحوها ونحو ما أصبحت عليه وتخلله القلق مما أصبحت عليه تلك الفتاة التي لوعه عشقها لسنوات.
زفر ما برئيتيه من أنفاس عجت بالحيرة ثم عقد ذراعيه واراح رأسه للخلف لينظر للسماء التي أوشك الصباح أن ينبثق بها وأخذ يُفكر كيف سيختلق سببا حتى لا تعلم هديل وبقية من بالمنزل سبب غيابها الحقيقي!
أخرج هاتفه من جيب بنطاله وبالرغم من أنه متأكد أن والده نائم الآن ولكن هو الوحيد الذي ربما يساعده في تلك الورطة التي أصبحا بها.
"سليم.. فيه ايه؟ أنت مش في البيت؟" اجاب بدر الدين هاتفه بنبرة نعسة
"بابا.. معلش ركز معايا كده شوية ومتتكلمش خالص جنب ماما.. أنت تمام كده صحيت؟!" تن*د سليم الذي حاول التأكد من كامل وعي أبيه
"آه.. أنا قومت اهو وواقف برا، فيه ايه طمني!" حدثه بقلق وبدأت نبرته الطبيعية في العودة من نعاسه
"بص.. أنا مش عارف أقولها ازاي بس زينة، روحنا.. روحنا نسهر برا و.. وشربت من ورايا وسكرت من غير ما أعرف وكان الحل إني اجيبها البيت هنا"
"سكرت!!" تمتم بدهشة ليعقد حاجباه في تعجب
"بص.. معلش لما يصحوا قولهم إننا روحنا النادي بدري ولا أي حاجة، عمتي لو عرفت هتطربق الدنيا"
"طيب متقلقش أنا هتصرف!! خليها نايمة ومتصحيهاش لغاية ما أجيلكوا، أنا هاسيب نورسين وسيدرا هنا علشان ميحسوش بالموقف وهاجي أتصرف معاها.. وأنت حسابي معاك بعدين! ازاي يعني تسكر من وراك؟"
"يا بابا أنا.." حاول التحدث ولكنه لن يبرر الآن "لما تيجي طيب هنتكلم!.."
"ماشي يا سليم.. اتفضل روح ناملك ساعتين، سلام!"
"سلام!"
أنهى سليم مكالمته مع والده وبداخله هو لا يريد أن يعرضها للقسوة من أبيه ولكن كان ذلك هو الحل الوحيد أمامه فلن يستطيع أحد سواه التحكم في الأمر.
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
"بص.. أنت تيجي دلوقتي حالا وتخلصني من ميرال دي احسن أنا خلاص اتخنقت، لازقالي وعمالة تسأل عليك وبتقول إنك مبتردش عليها من يوم ما كانت عندك،" صاح وليد بهاتفه بحنق بالغ
"طيب طيب اهدى.. شكلها كده متعلمتش الأدب من اللي عملته فيها المرة اللي فاتت، أنا بقا المرادي هخلصك منها خالص!" حدثه شهاب بنبرة هادئة للغاية لم تتلائم مع انفعال وليد الشديد
"أنا فعلا مش فاهم، تمسك الوحدة من دول تفضل تضرب وتموت فيها وبردو يجروا وراك! ابقى اقضي عليهم يا ريت وموتهم وريحني منهم، مش هافضل أنا في دور صاحبك الحنين ده كتير، أنا زهقت بجد"
"ما قولنا خلاص جي.. أنت فين؟"
"في الـ Nightclub اللي في الـ Four Seasons"
"طيب لما اجي هابقا اكلمها وتطلعلي هي"
"ايه ده أنت مش هاتقعد شوية؟!"
"مش قولت أخلصك منها؟! أنا هاتصرف بقا.. روح أنت كمل سهرتك وأنا كلها نص ساعة بالكتير واجي"
"ماشي لما نشوف!"
أنهى شهاب مكالمته ثم ابتسم في زهو شديد بأن تلك الفتاة ابنة رجل الأعمال المشهور بكل غرورها وكبرياءها لا زالت تلهث خلف ظلاله لتختفي ابتسامته ولمعت عيناه البنيتان وهو يعاود تذكر ما فعله بها تلك الليلة التي أتت له بها..
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
#يُتبع . . .