مطلع سبتمبر 2018
جلس بمكتبه دافناً وجهه بيداه وكأنما يريد أن يختفي عن أعين الجميع!! لماذا لا يعود للوراء منذ شهران، كان كل شيء على أفضل وجه، والده ووالدته كانا بأفضل حال، سعادة أخته الصغيرة عندما علمت بقبول والدها خطبتها من أدهم لازالت تطغى على وجهها الي الآن، ولكن كيف له أن يعايش تلك الأجواء بينما علم بحقيقة هذا الرجل الذي أوشك على الإندماج بجميع عائلته!!
زفر في حيرة وهو لا يدري كيف يمكنه إقصاء شهاب الدمنهوري من حياتهم إلي الأبد! لا يدري إلي متى يستطيع إخفاء الأمر عن والده كلما سأله ماذا وجد عندما تحدث إلي ميرال! يوماً بعد يوم يشعر وكأنه أقترب من إنتهاء جميع الأعذار، يشعر وأن والده يقرأ ملامحه التي تريد أن تصرخ بحقيقة هذا الحقير، يتمنى لو وقف أمام الجميع ليخبرهم أن شهاب الدمنهوري الشريك المؤكد وابن عم أولاد عمته رجل سادي حقير لا يُمكن لأحد أن يتعامل معه!
عاد مجدداً ليفكر ملياً بكل ما أخبرته به ميرال، ارتجافها وهي تقص عليه كل ما حدث بينها وبين شهاب، ارتجافها بل ورعبها المُفزع وهي تخبره بتلك الطريقة التي هددها بها، توسلها له ألا يُخبر أحداً، بكائها الهيستري وهي تتذكر تلك الأفعال المشينة التي فعلها بها!! ماذا لو رجل بتلك الشخصية تعرض لأيٍ منهم؟ ما يفعل ذلك بفتاة يستطيع أن يفعل العديد والعديد فهو شخص قد تجرد من كل معاني المروءة والكرامة ليفعل مثلما فعل، ماذا لو كانت أروى هي من فعل بها ذلك؟ وا****ة!! ماذا لو أن زينة مكانها؟!
نهض بغضب ليُلقي كل ما على مكتبه أرضاً وتوالت أنفاسه في عصبية لمجرد تلك الفكرة التي ارتطمت بعقله كشاحنة مسرعة وهو لا يدري ما تلك الحجة التي عليه أن يختلقها كي يُقنع الجميع ليعرضوا عن فكرة مشاركته، لا يستطيع أن يبوح بالحقيقة خاصةً وأنه يحجب نفسه وراء تلك الصورة لرجل الأعمال الناجح، وصورة والده تلك التي ليس عليها غبار، ويأتي ذلك الكائن ليدلف حياتهم حتى يجعله يحتجب خلف أعذار واهية كلما آتى ذكره!! من كان ليُصدق أن رجل مثله بهذا المقدار من الدناءة!
"آلو" أجاب هاتفه دون أن يرى هوية المتصل وتمنى بكل ما لديه أن تنتشله تلك المكالمة من أفكاره
"وحشتني يا سليم" أخبرته زينة لتلين شفتاه في شبح ابتسامة باهتة ليتنفس براحة وهو يستمع لصوتها وأدرك أنها بخير
"وأنتي كمان يا حبيبتي وحشتيني أوي" تحدث معها وهو يتوجه لأحدى الأرائك في مكتبه ليلقي بجسده عليها في ارهاق
"ايه ده مال صوتك؟!" تعجبت سائلة
"مفيش أنا كويس أهو"
"يا سلام.. يعني عايز تقنعني إن سليم ده هو هو سليم اللي كان معايا في عيد ميلادي؟"
"آه أهو أنا تمام"
"أنت كداب يا أبو صلاح!" صاحت مازحة وهي تخبره بتلك الجملة الشهيرة بأحد الأفلام بينما كان هو قائلها معظم الأوقات
"ده أحنا بقينا بنقلد كمان بقا" ضحك بخفوت عندما أستمع لما قالته
"مالك بجد؟!" عادت للجدية مرة أخرى بينما نبرتها كانت مليئة بالتوسل الشديد
"أبداً.. شوية ضغط شغل"
"طب ما تسيبك من الشغل وتجيلي تاني" أخبرته بخبث ليرفع سليم احدى حاجباه في تعجب وطغت على شفتاه ابتسامة ماكرة
"اجيلك.. خدتي عليها بقا كده شكلك.."
"ومخدش عليها ليه بقا؟!"
"شكلك كده لسه مبسوطة من اللي حصل"
"يعني عيد ميلاد ودلع وهدايا وفُسح .. مظنش إن فيه حد ممكن ميتبسطش بكل اللي حصل"
"عيد ميلاد .. دلع .. هدايا .. فُسح .. نسيتي أهم حاجة كده شكلك" مازحها بخبث
"تقصد ايه يعني؟!" تصنعت عدم المعرفة
"سليم.. سليم.. آه.." تحدث بمزاح مقلداً نبرتها لينعش تلك اللحظة التي كلما تذكرتها تلعن نفسها لتحدثها بتلك الطريقة وقتها، هي بالحقيقة لا تستطيع نسيانها، ولا تدري لماذا يصمم أن يتحدث بهذا الأمر كثيراً لتشعر هي بالخجل مجدداً
"تصدق إنك رخم!!"
"زمانك بقيتي طمطماية دلوقتي.. لما أنتي بتت**في ومش قد الكلام بتجيبي السيرة ليه؟" ضحك عالياً بينما دلفت أروى غرفة مكتبه بنفس الوقت
"يا سلام!! أنت اللي جبت السيرة مش أنا" صاحت بإنزعاج
"لا يا شيخة.. ماشي.." أخبرها بينما هدأت ضحكته وعادت ملامحه للجدية الشديدة عندما أدرك أن أروى تقترب بإتجاهه "خليكي معايا ثواني" أخبرها وحدق بأروى "نعم يا Miss أروى.. محتجاني في حاجة؟!"
"كله وافق على الـ meeting مع شهاب عشان نمضي العقود .. ناقص Confirmation (تأكيد) بتاعك على الميعاد" تحدثت له برسمية بينما أحترقت بداخلها وهي لتوها لاحظت أنه كان يتحدث لفتاة فتأكد شكها بعد أن لاحظته طيلة االفترة الماضية وهو يتحدث بهاتفه ولا يتركه من يده أبداً
"آه أنا عرفت بس معنديش وقت.. لما الاقي وقت مناسب هبلغكوا.." أخبرها برسمية هو الآخر ليرى ملامحها تتحول للإنزعاج
"معلش بس كلنا شايفين إن الموضوع آخد كتير اوي، ومينفعش نظهر بالصورة دي قدامه"
"وأنتي أو غيرك هتعرفوني ايه اللي ينفع وايه اللي مينفعش.. أتفضلي بعد اذنك على مكتبك وهابقا ابلغكوا بالميعاد اللي أنا فاضي فيه" صاح بلهجة امتلئت تحذيراً وزجر نافياً لأي نقاش محتمل
"لا ما واضح فعلاً إنك مش فاضي ومشغول أوي" تمتمت وهي تنظر لهاتفه وأعادت نظرتها لعيناه لجزء من الثانية ثم فرت لتغادره وبالكاد أستطاع سليم التحكم بغضبه وحاول أن يكظمه بكل ما لديه من قوة وحتى تأكد أنها غادرت عاد للتحدث لزينة
"أيوة يا زينة معاكي" زفر حانقاً لتستشعر زينة انفعاله بنبرته
"ايه يا سليم.. مالها أروى؟"
"مفيش.. عمالة تزن على موضوع العقود اللي ما بينا وبين شهاب" أخبرها بإقتضاب وهو يحاول أن يُخفي إنزعاجه الجلي بنبرته
"يااه!! أنتو لسه ممضتوش العقود.. هو الموضوع ده أتأخر كده ليه ولا ده الطبيعي يعني؟!" سألته بتلقائية لينهض هو في عصبية بالغة ليخلل شعره الفحمي في غضب
"جرا ايه يا زينة انتي كمان.. ما يتأخر ولا يتحرق، أنا مش فاهم أنتو بتستعجلوا الموضوع ده ليه" صرخ بها لتتعجب زينة من ردة فعله
"ما براحة بس هو حصل ايه لكل ده أنا بسأل عادي، بتزعق كده ليه؟!" أختلفت نبرتها كثيراً فلتوه قد غضب عليها وهي لم تفعل شيئاً ليلعن نفسه لما فعله وزفر بإرهاق شديد، فيبدو أن ذلك الأمر ومحاولاته العديدة للإبتعاد عن شهاب تماماً تُفسد عليه كل شيء وتدفعه للغضب بسبب وبدون
"زينة، أنا أصلاً مش قابل الموضوع ده ومش مرتاح لشهاب.. ياريت يرجع في كلامه ونخلص منه خالص" تحدث بإنزعاج وهو يحاول أن يُهدأ من أنفاسه ولكنه رغماً عنه يريد البوح ولو بمقدار بسيط من ذلك العبء الذي يحمله بداخله..
"أنا مش فاهمة أنت بتكرهه كده ليه" تحدثت بتعجب بعد أن ساد الصمت بينهم لوقتاً ليس بالقليل "مع إني لما اتعاملت معاه حسيته عادي جداً.. شكله كويس كمان" وكانت جملتها تلك بمثابة إشعال فتيل غضبه وقضت على كل ذرة احتمال بداخله
"كويس!! كويس ايه يا زينة أنتي متعرفيش حاجة.. واياكي تجيبي سيرته تاني.. فاهمة ولا لأ!!" صرخ بعنف بينما تصلب جسد زينة بأكمله واندفعت الدموع لتغلف زرقاوتيها فهي لأول مرة تستمع لنبرته تلك، نعم لقد تشاجرا من قبل ولكن تلك المرة كانت مختلفة كثيراً عن المرة السابقة ولكنها لا تدري ما السبب بغضبه ذلك.. لقد أعادت حديثها له بعقلها وهي تحاول أن تتذكر أي كلمة أو شيء ربما أخبرته به دون قصد لتغضبه بهذا الشكل ولكنها لم تجد أي خطأ بحديثها..
"لو سمحت بعد اذنك متكلمنيش كده، أنا معملتش حاجة، وأصلاً مش فاهمه ايه سبب عصبيتك دي.." بالرغم من أن كلماتها تبدو وكأنها تدافع بها عن نفسها إلا أن نبرتها كانت مترجية بدلاً من أن تبدو كجدال
"أنتي تسمعي الكلام وخلاص!! بالذات الموضوع ده متجبيش سيرته تاني! فاهمة؟!" تناسى ذلك العهد الذي أخذه على نفسه عندما يتعلق الأمر بزينة ولم يتذكر سوى كل ما قصته عليه ميرال ليرى زينة مكانها وهو يكاد يحترق غضباً ولا تدري زينة لماذا يتحدث لها بتلك الطريقة وكأنها مخطئة ولكنها تأكدت من عدم فعل شيئاً وانهمرت دموعها اثراً على نبرته الغاضبة وصراخه بها وقد شعر هو ببكائها ولكنه لم يكترث سوى لتلك الكلمة التي وصفت بها شهاب للتو، فهي حقاً لو تعلم ما هي حقيقة هذا الرجل لما تحدثت عنه أبداً هكذا..
"طيب يا سليم.. أنا لازم اقفل عشان عندي حاجة مهمة في الجامعة.. سلام" هذا ما وجدته مبرراً مقنعاً ثم أنهت المكالمة ليطبق سليم على أسنانه في غضب وغيظ شديدان وهو لا يدري كيف له أن يفقد هدوءه مع الجميع وخاصةً زينة ودفعها للتحدث بمثل ذلك الحُزن والارتجافة التي طغت على نبرتها وكل هذا بسبب ذلك الرجل الذي آتى من اللامكان ليفسد عليه حياته بأكملها!
*******
ماذا لو أعادت أدراجها حتى تصرخ بوجهه وتصب عليه كل ذلك الغضب الذي يتآكلها؟ لقد سأمت أفعاله، سأمت عدم إكتراثه وعدم شعوره بها.. لماذا لا يلاحظ كل ما تحاول هي فعله من أجله؟ لماذا لا يلاحظ تلك المشاعر التي تحاول أن تظهرها؟ ومن هي تلك التي أصبح يتحدث معها ليلاً نهاراً؟
أصبح ملتصقاً بهاتفه بشدة، لا يتركه أبداً، هي حتى تتذكر أنه أصبح يحمله معه في كل مكان تقريباً حتى ولو ذهب للحمام!! ما الذي تغير هكذا فجأة، لم يكن هذا سليم.. لم يكن هكذا!! أحقاً أنه هناك فتاة أحتلت عقله؟ أيمكن أنه قد وقع لفتاة أخرى سواها؟
زفرت بإنفعال وهي تحاول أن تهدأ من أنفاسها المتلاحقة ودمائها المحتقنة غيظاً حتى تستطيع التفكير.. عليها أن تفعل شيئاً وبسرعة.. لن تتركه هكذا حتى تبادر أخرى وتنتصر بكل تلك الأملاك يوماً ما!!
حسناً عليها معرفة من هي تلك الفتاة حتى تجعلها تندم، ستفعل أي شيء، أياً كان، بطريقة مشروعة أو بغيرها حتى تبعدها عنه.. تلك الضحكة التي استمعت لها، ملامحه عندما رآته بعينيها، تصرفاته مؤخراً تدل على أنه عاشق لتلك الفتاة..
لا لا يمكن هذا أبداً.. زجرت نفسها ونهت عقلها عن التفكير بمثل تلك الطريقة.. لا يمكن أنه وقع في عشق فتاة بمثل تلك السرعة، سليم الخولي لن تزعزعه فتاة لتسرق عقله وتسيطر عليه وعلى وقته بل وتجعله يهمل بعمله بوقت قصير كهذا.. مجرد علاقة عابرة، علاقة عابرة ليس إلا.. أو هذا ما حاول عقلها أن يخبرها به كي تهدأ قليلاً..
عليه أن يلاحظها، ستثير غضبه، غيرته، ستناقشه، ستبكي أمامه، ستفعل كل شيء ممكن، بمكر أو بصدق أو بطرق ملتوية، لن تستسلم ولن تقلع أبداً عن فكرة زواجها المحتوم من سليم .. هكذا فكرت!
"وهو ماله اتحمق اوي كده لما جبت سيرة موضوع العقود؟! أكيد فيه مصيبة ورا الموضوع ده" فكرت كثيراً وهي تكاد تموت حتى تعرف ما السبب وراء كل ما يفعله سليم لتتريث لبرهة وبداخلها إصرار رهيب على التوصل لتطور بعلاقتها مع سليم فهي لم يعد يكفيها أنها ابنة عمته ومدير عام الشركات!! لن تقبل بهذا بعد الآن!
"بقا كده.. ماشي .. بكرة تعرف إن مش أروى يا سليم اللي تخسر .. بتعامل معاك بهدوء وبعقل .. بس أنت بقا باللي بتعمله ده بتستفزني .. وأنا موتي وسمي اللي يعاندني يا سليم!! أنا بقا هاوريك كويس أنا مين" اخذت نفساً ملئت به رئتيها وتوجهت مسرعة لتلم حاجيتها من غرفة مكتبها بينما لاحظتها مساعدتها الشخصية تغادر على عجالة
"ساعتين وراجعة.. عندي مشوار مهم" بادرت لتجيب عيناها المتسائلتان وهي تتوجه للخارج ولأول مرة رغماً عن سليم شاء أم أبى ستجعله يلاحظها!!
*******
"العمال حسابهم يتقفل النهاردة والفلوس تتصرفلهم حالاً يجوا يقبضوا.. وادي لكل واحد حافز نص شهر زيادة" تحدث شهاب برسمية شديدة مملياً آوامره على مدير المالية بشركته
"حاضر يا بشمهندس"
"ابعتلي تقارير الضرايب .. معاك لغاية آخر اليوم"
"تحت أمرك حاضر.. فيه حاجة تانية اقدر اعملها؟!" سأله الرجل بتهذيب ليومأ له شهاب بالنفي
"شكراً"
"العفو حضرتك.. بعد اذنك.." غادره الرجل ليزفر شهاب في راحة بعدما ادرك أنه في ظرف شهرين واحد فقط قد أنهى ذلك المبنى الذي سيساعده في الإطاحة بكل ما يمت بصلة للخولي..
ابتسم نصف ابتسامة وهو شارداً بعيناه يتخيل وجوه تلك الأطفال عندما يقعوا في ذلك الشرك الذي ينصبه لهم بإتقان شديد، يتخيل وجه وليد وهو محاطاً بتهم عديدة يحتاج لسنوات كي يحصل بها على أحكام مخففة في الأغلب بعد قصر المدة ستصبح خمسة وعشرون عاماً..
وصد عيناه وهو يستند بظهره في كرسي مكتبه الوثير وأخذ الإستمتاع يطغى على ملامحه شيئاً فشيئاً وهو يتخيل ذلك الفتي الصغير المسمى بسليم مفرغ فاهه والصدمة تعتلي ملامحه بكل تلك التهم المنسوبة إليه..
نهض بشبح ابتسامة منتصرة اعتلت شفتاه في لحظة ثم عبست ملامحه سريعاً عندما تذكر بدر الدين الخولي.. لجزء من الثانية شعر أن هذا الرجل لن يترك ابنه وعائلته في مثل هذا المأزق.. ولكن لا.. لن يدع تلك الشكوك كي تؤثر عليه أبداً..
عرف أنه عليه أن يبدأ بالتحرك وآخذ أولى قرارات الإنتهاء من تلك العائلة للأبد، وكذلك معرفة ما الذي حدث لكريم عمه، لربما بالأساس هو أقترب من تلك العائلة الملعونة لأجل رغبة والده ولكن الآن الأمر أصبح يُشكل عليه عبئاً من نوع آخر تماماً، لو فقط كان يعلم أن الأمور ستؤول لما يشعر به في هذه اللحظة لما بدأ معهم تلك الشراكة المزعومة، ولكن عليه أن ينهيها مهما كلف الأمر..
"أروى.. عاملة ايه؟!" هاتف أروى، يعلم جيداً أن مثل تلك الفتاة المغرورة هي من ستساعده بما يريد، فبالطبع هي من تود أن تكون الفضلى بكل شيء والمتحكمة بمجريات الأمور لذا تحدث إليها هي ولم يختر سواها
"أنا كويسة.. ازيك يا شهاب عامل ايه؟!" اجابته بنبرة متآففة فلقد آتى لتوه بوقت غير مناسب تماماً
"تمام.." انتظر لبرهة وهو لا يدرك ما سبب نبرتها تلك ولكنه أكمل على كل حال "مش هانمضي العقود بقا ولا ايه.. الموضوع اتأخر أوي، ومعلش بالرغم من أنتو ولاد عمي بس أنا مش هاقدر أسيب شغلي متعطل أكتر من كده" انتظر وكأنه يلتقط نفسه ولكنه أراد استشعار اثر تهديده الخفي بالرغم من أن نبرته لا يتجلى بها ذلك ولكنه أيضاً استشعر بأنها لا تمانع تلقي كلماته فتابع "أنتي فاهمة أكيد يمكن أكتر مني يعني ايه مجمعات سكنية خدماتها ممتازة والمجمعات السكنية اللي محدش بيهتم بيها وأنا مش هاقبل سمعة مش تمام على الـ compounds بتاعتنا.." نطق كلماته الأخيرة بمنتهى الحزم ولكنه كان هادئاً، غامضاً كعادته
"أوك يا شهاب، أنا هاشوفلك الموضوع ده وهاخلصه قريب" أخبرته بإنزعاج حاولت أن تخفيه ولكنها باءت بالفشل، كما أنها ودت أن تنتهي من تلك المكالمة حتى تنتهي من خطتها المُسبقة
"مش هاستنى تخلصيه قريب أو يحصل تأخير تاني، معاكم لغاية آخر الأسبوع.. لو مكنش فيه ما بينا قرابة كنت هاتصرف تصرف تاني!! ياريت أسمع بكرة بالكتير ميعاد التوقيعات" تحدث بنبرة لينة بينما كادت أن تنفجر أروى من كثرة الإستفزاز
"أنت ازاي بتـ.." صاحت بعصبية ولكنها توقفت من تلقاء نفسها عندما خطر على بالها فكرة لتبتسم بمكر بينما عقد شهاب حاجباه متعجباً لنبرتها "ياريت لو فاضي تعدي عليا كمان ساعة في الشركة وأنا هاخلصلك كل حاجة النهاردة"
"تمام اتفقنا" أخبرها ليدرك أنه تسرع بذلك لإرادته أن ينهي الأمر فزفر بهدوء محاولاً تمالك غضبه
"أنا هاستناك كمان ساعة، معلش هاقفل عشان ورايا حاجات.. باي" أنهت مكالمتها معه دون إعطاءه الفرصة للإطناب أكثر ليصر الآخر أسنانه في غضب لاذع.. لم يخطر على باله أنه سيتعرض لموقف مماثل من تلك الفتاة التي تشابه الفتيات الأخريات اللاتي تلقين منه أسوأ المعاملات التي يمكن لرجل أن يعامل بها إمرأة ولكنه ابتسم في تشفي.. شهاب الدمنهوري حتماً سينتقم!!
أخذ ما أحتاج إليه ثم أنطلق مسرعاً حتى يكن على الموعد معها تماماً فهو لا يحبذ التأخير أبداً ولا يتصف به أبداً.. وقد نوى بداخله أنه سيحيك هذا الأمر بعناية وكأنما يتوقف على حياته.. فهو منذ أن رأى تلك العائلة وهي تجعله يشعر بالتقزز من نفسه لأنه ينتسب إليهم بل والغضب الشديد لمجرد فكرة أنهم ربما يكونوا أفضل منه حالاً..
*******
جلس مكفهر الملامح وهو لا يُصدق أنه قد انطلق منه شبحه الغاضب ليُفسد الأمر على من يعشقها قلبه، يتذكر نبرتها الحزينة المهتزة عندما صرخ بها ليزجرها عن ما تقوله، لو فقط تعلم كم أن هذا الرجل حقيراً لما كانت لتتفوه بما قالته!!
زفر في انزعاج وتآفف تجاه نفسه قبل أن ينفعل على زينة، فهو قد وعد نفسه مسبقاً ألا يتعاملا سوياً بمثل تلك الطريقة، فخاصةً زينة لا تستحق منه مثل تلك المعاملة وهو آخر من يريد أن يراها حزينة على وجه الأرض!
"زينة أنتي كويسة؟!" تحدث سائلاً ما ان اجابت مكالمته
"أنا تمام" أجابت بإقتضاب فهي لم تتخلص بعد من ترسبات مكالمته السابقة ومعاملته اللاذعة لها
"أنا مكنتش أقصد أتعصب عليكي" تن*د بسأم ثم تابع "متزعليش" أخبرها ثم ساد الصمت بينهما ليتعجب من عدم تلقي أي ردة فعل تُذكر منها "زينة .. أنتي معايا؟!" سألها بعدما ظن أنها أنهت المكالمة
"آه معاك.."
"شكلك لسه زعلانة.. ما قولنا خلاص بقا!!" أخبرها بينما هي لم تقبل بعد محاولته لإسترضاءها
"مش هاقبل يا سليم إني أتعامل بالطريقة دي.. وبعدين أنا مغلطتش.. أنت اللي أول ما جبت سيرة شهـ .. "
"خلاص.. حقك عليا متزعليش" قاطعها بنبرته المتوسلة ما ان آتت على ذكر اسم ذلك الكائن الذي كلما تذكر ما فعله بميرال غلت الدماء بعروقه، وهو لن يخاطر الآن بالتحدث عنه فهو لا يضمن ردة فعله وماذا قد يحدث بينه وبين زينة إذا تحدثت عنه الآن.
"أول وآخر مرة يا إما لو عملت كده تاني أنا مش هـ.."
"بتهدديني يعني يا زينة؟!" قاطعها سائلاً بنبرة امتلئت مزاحاً وبدأ مزاجه في التغير والعودة لذلك الرجل الذي قضت الأيام الماضية لا تفكر في أحد سواه
"أعتبره زي ما تعتبره.. تهديد بقا ولا هزار.. زي ما تحب" أخبرته بإبتسامة تمنى لو رآها مرتسمة على شفتاها أمام عيناه
"لا ده احنا بقينا بنتكلم بقلب ميت بقا.. ولا بتتدلعي عليا يعني؟!"
"ممم.. اعتبره بردو زي ما تحب"
"ياااه!! للدرجادي؟! ده احنا بقينا واثقين من نفسنا جامد اوي بقا"
"ممكن" أخبرته بإقتضاب
"بس الدلع ده اخرته وحشة.. خدي بالك من نفسك بقا"
"يا سلام!! واخرته وحشة ليه بقا؟!" تعجبت بصدق من نبرته المُحذرة
"علشان لو كنتي هنا قدامي وبتتدلعي الدلع ده مكنتش هاسيبك في حالك على فكرة وكان هايحصل حاجات هتعجبك اوي" همس مجيباً بنبرة ساحرة مازحة علمت جيداً خلالها ما يقصده بها "زي الحاجات اللي حصلت كده في شقتك يوم عيد ميلادك!! فكراني هاعرف امسك نفسي ولا ايه وانتي بتدلعي قدامي كده؟! أنا مش جامد اوي كده يعني، أنا غلبان خالص وأصعب على الكافر" همس مجدداً بمزاح لتتوسع الإبتسامة على شفتيها وتورد وجهها خجلاً لتسأل نفسها لماذا عليه أن يُذكرها بهذا الأمر، فهي بالحقيقة لا تستطيع نسيان تلك اللحظة بينهما!
"هو أنت مش هاتبطل بقا تجيب سيرة الموضوع ده وتتكلم فيه كل شوية؟!" زجرته ولكن نبرتها تحمل الإبتسامة والحرج بآن واحد
"وهو يعني اللي يجرب يقرب منك تفتكري يقدر يبعد؟!" سألها هامساً ووجد نفسه يبتسم وقد تناسى تماماً سبب صراخه عليها منذ قليل "الشفايف الحلوة ديه والعيون الل بلون البحر.. ولا لما نطقتي اسمي بـ.."
"على فكرة بقا، أنا كنت عاملالك مفاجأة وكنت هاقولك ايه هي في المكالمة اللي فاتت، بس لما كلمتني كده وزعقت قررت مقولكش عليها!" قاطعته مسرعة فهي حقاً لا تستطيع تحمل تغزله بها بهذا الصوت المسموع، فلقد تمزقت خجلاً من كلماته التي يطرب أذانها بها ولا تستطيع أن تواجهها أكثر من هذا..
"ايه ده، ايه ده؟! أنتي بتعملي الحركات دي عليا؟!" رفع احدى حاجباه في تصميم
"اه بقا.. فكرك أنت بس اللي بتعرف تعمل مفاجآت ولا ايه؟!" حدثته في تباهي
"طب افرضي المفاجآة معجبتنيش؟! هتعملي ايه ساعتها"
"متأكدة أنها هتعجبك"
"مش بقولك بقينا واثقين من نفسنا اوي؟! شكلي كده دلعتك زيادة عن اللزوم.. يالا ما علينا.. العيون الحلوة دي متستاهلش مني غير كده" أخبرها ليتورد وجهها خجلاً مرة أخرى وامتنت للغاية لأنه لم يكن أمامها وعضت على شفتاها وحاولت أن تفكر فيما عليها قوله ولكنها قد شعرت بعدم وجود كلمات كافيه لمواجهة غزله الذي لا ينتهي "أنا آسف يا زينة.. متزعليش مني على اللي حصل.. أنا مضغوط اوي اليومين دول" أخبرها في توسل واحتياج لأن يشارك ولو جزءاً ضئيلاً بما في داخله
"خلاص مش زعلانة.. والضغط كله هيروح أنا متأكدة وهترجع تضحك وتهزر تاني" أخبرته بصدق
"مش بقولك بقينا واثقين من نفسنا .. أنا اللي جبت ده كله لنفسي .. مفيش دلع تاني بقا أبداً .."
"مش هاتقدر صدقني .."
"ده لوي دراع ده ولا ايه"
"لا.. أنا واثقة فيك بس مش أكتر"
"لا لا .. ده كتير عليا اوي"
"مش كتير ولا حاجة"
"طب مش هتقوليلي ايه المفاجآة؟!"
"لأ.."
"ممم.. ماشي يا زينة.. هانت .. كلها أسبوع وهتيجي واستحالة أسيبك تعملي الحركات ديه قدامي"
"لما نشوف .."
"مش ممكن الثقة اللي بتتكلمي بيها.. بس ماشي اتدلعي عليا كمان" أخبرها لتبتسم ولم تستطع إكمال حديثها معه بتلك الطريقة
"مش كفاية بقا معا**ة لغاية كده واروح أكمل اللي ورايا؟!" سألته بخجل
"ما انتي اللي وحشاني اوي.. أعملك ايه؟!" أخبرها هامساً ليزداد خجلها
"أنت كمان وحشتني" همست بنبرة رقيقة لتتوسع ابتسامة سليم
"يادي النيلة عليا وعلى سنيني" غمغم حانقاً
"ايه فيه ايه؟" تعجبت زينة سائلة
"مش عارف اختك مالها النهاردة بيا.. بتكلمني وانا لازم ارد عليها.. اصل أروى دايماً بتجيلي بالمصايب"
"طيب خلاص روح رد عليها ونبقا نتكلم تاني لما نفضى"
"بس أنا عايز اتكلم معاكي" توسل كالطفل الصغير لتضحك زينة تلك الضحكة الرائعة التي يعشقها
"روح شوف المصايب ولما تحلها ابقا كلمني"
"ربنا ما يجيب مصايب احسن خلاص أنا زهقت"
"لا خير متقلقش.. يالا روح باي"
"خدي بالك من نفسك يا حبيبتي.. باي"
أنهى مكالمته مع زينة بينما امتعضت ملامحه وهو ينظر بشاشة هاتفه ويرى اسم أروى أمامه ثم زفر في إرهاق واجابها..
*******
"مش ناوية ترضي عني يعني.. كل ده بحايل فيكي" اعترض بدر الدين طريق نورسين إلي المطبخ لترمقه هي بإنزعاج مصطنع
"بعد اذنك حاسب خليني اعدي" عقدت ذراعيها وهي تشيح بزرقاوتيها عنه
"يوووه بقا.. ما خلصنا يا نوري" زفر حانقاً فهو منذ مغادرة شاهندة وحمزة وأدهم منذ شهرين وهي لا زالت لا تتحدث معه سوى بإقتضاب مبالغ به
"قولت حاسب لو سمحت" تحدثت بجدية شديدة بينما بداخلها ودت لو هرولت لتستقر بين ذراعيه
"طب أنا مش فاهم.. قولت اني متزفت موافق.. متضايقة ليه لغاية دلوقتي؟" سألها متحدثاً بسأم لتعود هي لترمقه بنظرة غير مصدقة
"بدر الدين ابعد عن طريقي خليني اعدي" صاحت وهي تقف منتصبة بشموخ وأشاحت بزرقاوتيها بعيداً عن عيناه لتجده يقترب منها دون حتى السماح لها بالرفض أو القبول وبلحظة وجدت شفاهه تحتوي شفتيها دون مقدمات
"متزعليش بقا" همس بعدما فرق قبلتهما بعد أن احتاجا للهواء
"لا يا بدر اللي أنت عملته ده مش طبيعي.. لو سمحت ابعد" همست له ونبرتها حقاً لم تعد تحمل أياً من تلك القوى التي اتسمت بها نبرتها منذ قليل
"حقك عليا.. ما أنتي عارفة بغير عليكي أنتي وسيدرا ازاي، عايزاني استحمل حتة عيل جايلي بيتي وعايز يتجوز بنتي الصغيرة بسهولة كده" توسل لها وهو يحدق بزرقاوتيها
"بس مينفعش أبداً اللي أنت عملته مع شاهي وحمزة جوزها" تحدثت بتآفف مصطنع وهي تحاول أن تبتعد عن ذراعيه اللذان طوقاها بشدة ولكنها لم تعد تملك السيطرة لتبتعد عنه
"متنشفيش دماغك بقا.. ما أنا كلمتهم واعتذرت وحتى هما بقوا بيكلموني عادي.. ده مفيش حد صعب أوي كده زيك" زفر في ملل لترمقه هي بجدية
"طب وسيدرا.. حد ي**ر فرحة بنته كده!! كنت مبسوط وهي بتعيط قدام الناس؟"
"سيدرا مرزوعة اهي فوق عماله تختار الفستان اللي هتلبسه.. ونسيت أصلاً اللي حصل.. يعني كل اللي حواليا مبسوطين وانتي لسه منشفة دماغك!! ما تفكيها بقا يا نوري" زفرت في انزعاج ثم اعادت زرقاوتيها لثاقبتاه السوداوتين
"وسليم يكلمك كلمتين توافق لكن أنا ماليش لازمة!!" أخبرته بدلال طفلة صغيرة حزينة بل وتشعر بالغيرة لأنه استجاب لسواها
"يعني أنتي زعلانة عشان سليم!!" همس بمكر بينما تلمس أسفل ذقنها بأنامله وهو يبادلها النظرات
"ولا سليم ولا سيدرا.. حاسب بقا" أخبرته بدلال وهي تحاول دفعه بعيداً عنها
"نوري يا حبيبتي اعقلي وكفاية خصام لغاية كده.. أبو العيال على اللي جابهم.. أنا لو أعرف إننا في يوم هنزعل سوا بسببهم مكنتش خلفت.. أهدي بقا كده وعدي الموضوع على خير علشان بوختي أوي معايا"
"يا سلام!!" صاحت بجدية وهي تنظر له بعينتين متسعتين اثر تهديده فهي من لها الحق بالتهديد وليس هو "ولو معدتش الموضوع يا بدر هتعمل ايه؟!" عقدت ذراعيها أمام ص*رها ليبتسم لها بمكر وعيناه تحملا بريق الخبث
"لاحظي إني ماسك نفسي بقالي فترة ومش هاستحمل دلع أكتر من كده.. لو معدتيش الموضوع هاغتصبك يا حبيبتي ولا هيفرق معايا ولاد ولا زعل ولا غيره" أطلقت ضحكة منتصرة ليعقد حاجباه متفحصاً ملامحها التي تحولت تماماً للإنتصار والسخرية تجاهه
"ولا هتعرف"
"لا ده أنا أعرف وأعرف أوي.. تحبي تجربي يا روحي؟!" همس لها بأحدى أذنيها بعد أن أقترب منها لتقترب هي الأخرى من احدى اذنيه
"مش هاينفع نجرب يا بدور.. ظروف نسائية يا حبيبي" أخبرته هامسة ثم انخفضت بجسدها من بين ذراعيه لتفر بعيداً لتتركه خلفها وهي تضحك بينما غمغم هو في إنزعاج
"الله يحرق العيال على الجواز.. كانت شورة سودا أنا عارف"
*******
"افندم يا Miss أروى.. خلتيني استناكي وقولتي موضوع مهم!! خير فيه ايه؟!" صاح بعدما دلفت أروى مكتبه وهو كان يتوقعها ولكنه لم ينظر إليها وتحدث موليها ظهره
"أنا و Mr شهاب اتكلمنا النهاردة و..." التفت سليم الذي شعر بغليان الدماء بعروقه ما ان استمع لاسم شهاب ولم يتبين حقاً بقية حديث أروى له ولكنه منذ أن التفت لها وقعت عيناه على ما أغضبه بالفعل..
ما تلك ا****ة التي ترتديها؟ لماذا تشابه العاهرات بملابسها تلك؟ يقسم أنه يستطيع أن يرى ن*ديها بأكملهما!! لم يكن يوماً من الرجال الذين يعترضون على ملابس النساء فهي حرية مطلقة لكل إمرأة ولكن أروى تبالغ بشدة فيما أخترته لترتديه.. وما الذي يفعله هذا اللعين بجانبها؟ من الذي سمح لشهاب الدمنهوري بأن يأتي الآن لمكتبه حتى دون علمه؟ عقد حاجباه فهي لم تكن ترتدي ذلك منذ ساعتان.. تأتي الآن بصحبة هذا الحقير وهي ترتدي هذا!! فقط لو تعلم ما الذي قد يفعله بها لما اختارت ذلك المظهر بصحبته أبداً..
"اتفضلوا" أشار سليم أمام مكتبه لهما بالجلوس وبعد أن أعاد متعلقات المكتب التي القاها أرضاً قبل وجود أروى وشهاب بقليل وحاول السيطرة على انفعاله أمامهما ثم جلس ليرى ما الذي يريداه
"بكرة أنا سألت الـ assistant وقالتلي انك فاضي.. أظن يوم مناسب جداً علشان نمضي العقود ونبدأ الشغل" تحدثت أروى بينما لاحظ شهاب تصرفات سليم المنزعجة
"بغض النظر عن إنك مرجعتليش الأول بس لسه هشوف باقي الـ.."
"أنا عرفت إن وقتهم يسمح وظبطت المعاد!! بكرة الساعة حداشر مناسب للكل!" قاطعته ليصر سليم أسنانه في غضب
"تمام.. مفيش مشكله" تحدث بإقتضاب وهو حقاً بداخله يريد أن يقتل أروى لفعلتها، فهو لا يستطيع إبداء السبب الحقيقي لرفضه التعامل مع شهاب الذي لا يزال إلي الآن صامتاً لم يتفوه ولو بحرف
"أنا اتفقت إن أول دفعة هنستلمها مقدم على آخر الإسبوع و Mr شهاب معندوش مشكلة" أخبرته أروى ليومأ سليم بالموافقة بينما بداخله لهيب يلتهم دماءه وحاول بقدر المستطاع الحفاظ على هدوءه
"كويس إننا خلاص اتفقنا.. بعد اذنك" نهضت وهي توشك على المغادرة ليرى شبح ابتسامة اعتلت شفتا شهاب كالظافر بشيء ما وينظر له بإنتصار لينهض هو الآخر وقدم له يده ليصافحه ليرمقه بإحتقار شديد وبداخله لا يريد حقاً أن تتلوث يداه بمصافحة شخص مثله ولكنه حافظ على تلك الرسميات التي يتبعها وقدم يده ليصافحه بإقتضاب
"آه صحيح أنا بقالي شوية بكلم عاصم واياد مش بيردوا.. لو وصلت لحد فيهم قولهم إني هاتعشى برا ومش هروح غير متأخر.. يالا يا شهاب" أخبرت جملتها الأولى لسليم الذي استغرب تصرفها ولكن كلمتها الأخيرة التي ترجح أنها حتماً ستذهب مع شهاب ليتآكله الغضب
"رايحة فين يا أروى؟!" سألها بإنفعال شديد وقد تناسى تلك الرسميات التي سنها هو ووضع قواعدها بنفسه ليتبعها الجميع
"كنت متفقة أنا وشهاب نتعشى سوا يا Mr سليم" شددت على كلمتها الأخيرة وكأنها تذكره بأنها لم تنسى من هو سليم الذي وضعته للتو في مأزق، فهي بالنهاية تبقى ابنة عمته، عائلته، لن يسمح لهذا الحقير بأن ينفرد بها وحدها.. يقتله الخوف ما ان عاود هذا الحقير فعلته معها مثلما فعل بميرال
"تمام.. وأنا كمان نفسي أ**ر جو الشغل.. ممكن اتعشى معاكم؟!" ابتسم بإقتضاب وهو يحاول السيطرة على غضبه ولم يكن أمامه حل آخر
"طبعاً ممكن.." ابتسمت أروى له وهي بداخلها تشعر بلذة الإنتصار ظناً منها أنها أثارت غيرته ليرمقه شهاب بنظرة جانبيه بداكنتيه البنيتين ولانت شفتاه في سخرية تجاه سليم الذي نظر له بإحتقار شديد ثم جمع هاتفه ومفاتيح سيارته وانطلق معهما حيث ذلك العشاء اللعين!
*******
"أسمعت عزيزي كلماته لي؟ أأدركت الآن أنه يكترث لي؟؟ بالطبع لقد فهمت كل شيء، لقد رأيت بسطورك أن سليم أصبح يهتم بي وكأنني أنا الهواء بالنسبة له!
يعتذر لي عن غضبه الغير مبرر.. بالمناسبة لماذا غضب هكذا؟! ما الذي حدث له في ثوانٍ ليتحول من ذلك الرجل اللطيف لآخر عصبي ومنفعل؟! لماذا يكره شهاب ابن عمي؟! .. حسناً سنترك هذا حتى أحدثك عنه لاحقاً..
ولكن استمع لي الآن.. أنا لم أعد أستطيع التريث ولا الإنتظار.. أريد أن آراه.. أريد أن أرى تلك الإبتسامة، مزاحه، ضحكته، نظراته لي التي تجعلني أشعر ويكأنني أفضل الفتيات على وجه الأرض.. لذا سأخبرك بالتالي..
ستقلع طائرتي الليلة، أو لنقل في فجر غد.. لأول مرة أشعر بتلهفي للعودة ولرؤية رجل.. لا تغضب علي لقد تفقدت أموري بالجامعة وأستطيع أن أنتهي من تلك الدراسات لاحقاً.. كنت سأسافر بعد اسبوع ولكن صدقني صديقي الوحيد، أشعر بأن الإشتياق له يُمزقني إرباً.. لم أعد أطيق الإنتظار..
سأحملك معي غداً.. عندما أدخل مكتبه، عندما يراني.. عندما تتلاقى أعيننا وأريدك أن تحفظ تلك اللحظة للأبد عن ظهر قلب.. أريدك أن تسجل بعناية ملامحه وتحفرها بين طيات سطورك بحبر لا يجف ولا يتأثر بأي شيء أبداً حتى أعود لتلك الأسطر كلما أشتقت له..
أرجوك أخبرني أنني أخترت القرار الصائب، أرجوك أصرخ بي وأنت تتمنى حظاً سعيداً لمخبولة مثلي.. تمنى لي أن يصرخ أحدنا بالآخر مذعناً بعشقه.. لا أدري متى تنتهي مرحلة "الاستعباط" التي حدثتك عنها.. تجاهل تنهيدتي وخذ بيدي وأنت تقلني لبر الأمان من تلك المشاعر التي لا تملك شفقة ولا رحمة على قلبي الذي لأول مرة يخفق بهذا الجنون عندما رأيت اسمه أو حدثته او حتى تذكرت ذكرياتنا سوياً..
أيها الأ**د إلي متى سأصمد بين لهيب هذا العذاب اللذيذ؟ أين لي بقدرة تحمل؟ متى سأستطيع أن أتواجد معه بصفته حبيبي أمام الجميع؟ لماذا كلما سألته يجيبني بأنه لا يريد الإستعجال؟ أ**دي أرجوك أجبني إن كنت حقاً صديقي الوحيد على وجه هذه الكرة الأرضية اللعينة!!
لماذا أتوسل لك يا ذو السطور الفارغة التي أخط أنا بها كل شيء؟ أنت لا تجيبني أبداً، لا تستطيع إخباري عن سليم وعن علاقتي به، ولم تستطع مساعدتي من قبل عندما سألتك كثيراً من أكون، ولم تحاول حتى أن تشير لي تجاه ما أريده كلما سألتك ماذا أريد!..
ولكن لقد توصلت مؤخراً إلي الحقيقة.. دون مساعدتك بالمناسبة أيها الأسود..
لقد سألتك من أنا!! أنا فتاة تغيرت عديداً مرات ومرات بداخل إعصار الحياة المستمر الذي لا يملك ولو ثانية من رحمة أو سأم كي يتوقف..
وما الذي أريده؟! أريد أن آراه وأن أضع نهاية وتعريفاً لتلك المشاعر المحمومة المندفعة من كلاً منا..
ولكن دعني أقر بأنك ستبقى الأقرب لي ولن أتوقف عن إخبارك بكل تفاصيل حياتي.. فأنا أحبك أكثر من الجميع.. ربما هناك شخصاً واحداً فقط أصبحت أعشقه بجنون..
نعم أنا أعترف لك بأنني قد وقعت بعشقه.. أنا أعشق سليم..
احتفظ أ**دي العزيز بذلك الإعتراف وسأكمل لك البقية بعد رؤيته.. وداعاً الآن.. علي حزم حقائبي حتى أستطيع اللحاق بالطائرة..دمت بخير صديقي الأسود.. إلي اللقاء عزيزي.."
*******
#يُتبع . . .