"أنتي اتجننتي ولا في حاجة لحست مخك.. ايه اللي انتي عملتيه ده النهاردة؟" صرخ سليم بأروى التي لم تهتز بها ولو شعرة واحدة
"أنا معملتش حاجة غلط.. ممكن تفهمني ايه اللي مضايقك اوي كده؟" اجابته سائلة بهدوء مميت
"لا ده انتي بتستهبلي بقا.. مش فاكرة إنك جبتي شهاب لغاية مكتبي من غير حتى ما تبلغيني انه جي معاكي.. مش فاهم يعني بتلوي دراعي ولا ايه بالظبط؟" صرخ بها مجدداً
"والوي دراعك ليه؟ كل اللي حصل ان فرصة كويسة كانت هتضيع من ايدنا وانا حليت الموضوع.. بالع** ده انا اقنعته بعد ما كان هيسبنا.. ده بدل ما تشكرني جي تزعقلي" احتدت نبرتها قليلاً ولكن دون مبالغة
"أشكرك ايه! ما كان يغور في ستين داهية الكلب ده" صاح بغضب وهو لا يصدق انه كاد أن يقترب من التخلص من شهاب وتأتي هي الآن حتى تفيد الأمر تماماً وود لو يقتل أروى على فعلتها لتضيق هي بين حاجبيها في تعجب
"هو ده سليم اللي بيكلمني اللي خايف على مصلحة الشغل أكتر مني؟ سليم اللي استحالة يسيب فرصة كبيرة زي دي تضيع من شركتنا؟ بصراحة مستغرباك أوي.." هزت كتفيها بإنكار ثم ابتسمت بسخرية لتتابع حديثها "ولا أنت بقا فيه بينك حاجة وبين شهاب علشان كده كنت رافض تمضي معاه العقود؟!" نظرت له بتساؤل واستفسار ليدرك سليم أنه في ثورة غضبه أصبح مُطالباً بإعطاء الإجابات والتفسيرات
"أنا!! فيه حاجة بيني وبين القذر ده؟" نظر لها بغير تصديق
"اللي يشوفك وأنت بتقول عليه الكلام ده ميقولش غير كده" ابتسمت بتهكم وهي تحدق بعينيه لتبادل نظرته الغاضبة بأخرى منتصرة
"لا أنتي أكيد أتجننتي.. بس يكون في علمك أنا عاملتك بإحترام قدامه عشان عيب اننا قرايب نظهر بصورة زفت قدامه، المرة الجاية يا أروى مش هعديهالك بالساهل أبداً.." صاح بها بغضب لتتوسع ضحكتها
"أنا مش فاهمة أنت بتعمل كل ده ليه.. واهو شهاب زي ما أنت ابن خالي أهو قريبي وابن عمي.. أنت بتبالغ أوي يا سليم!" أطبق أسنانه في غضب حتى كاد يهشمها
"أنتي بتقارني ما بين واحد عرفك من وانتي طفلة وواحد لسه عارفاه أول امبارح لأ وايه.. رايحة تتزفتي وتاكلي وتهزري معاه وأنتي بمنظرك ده وهدومك اللي معرياكي.. أنتي خلاص فاكرة نفسك محدش ليه حكم عليكي ولا ايه؟!" تحدث لها بمنتهى الغضب ما ان انتعش بذاكرته كلمات ميرال له وشعر بالخوف على ابنة عمته
"وأنت مالك بهدومي ولا اروح اهزر مع مين.. مش كان برا الشغل؟ ايه اللي يضايقك في كده؟!" تحدثت بهدوء ومكر ظناً منها في أنها تقترب في الإلتفاف والسيطرة عليه وبدأت تحيك تلك المؤامرة حوله وضيقت الخناق عليه في هذه المجادلة.. ولم ترى أنها بدت كالأفعى تماماً..
"مالي اني ابن خالك وان مينفعش تكوني مع راجل غريب بالمنظر ده" تحدث بصدق وخوف فهي بالنهاية تبقى عائلته
"لا بجد.. أنت غيران يا سليم؟!" نظرت له وهي تنتظر اجابته بتلهف ولكن آتى إياد ووالدتها مهرولان اثر صوتيهما
"ايه يا ولاد فيه ايه اللي بيحصل هنا؟!" تدخلت هديل
"أبداً يا مامي.. سليم مبقاش عاجبه حاجة خالص" رمقت أروى والدتها بخبث لتغمز لها وقد فهمت هديل ولكن دون أن يلاحظهما أحد
"لو سمحتي يا عمتي عيب أوي اللي أروى ده بتعمله.. كل واحد حر اه بس فيه حدود"
"هو ايه اللي حصل يا سليم؟!" تحدث إياد سائلاً بقلق ولهفة واضحان
"ابقى أسأل أختك.. تصبحوا على خير.. وابقي البسي هدوم يا أروى بكرة متنسيش" ابتسم بتهكم ليغادرهم وهو كاد أن ينفجر غضباً من كل ما يحدث حوله اليوم!!
*******
"سليم يقصد ايه بكلمته دي؟!" توجه إياد لأخته بالسؤال وهو يرمقها جيداً ويتفحص مظهرها
"يقصد اللي يقصده.. هو مش صاحبك؟ ما تروح تسأله" اجابته ببرود وغرورها المعهود
"وأنتي ايه الزفت اللي لابساه ده.. اياكي أشوفك بالمنظر ده تاني.. سامعاني ولا لأ.!" صاح بعصبية شديدة بين أسنانه المُطبقة
"لا والله!! شكلك كبرت ونسيت إنك بتكلم أختك قدامي.. أنت بقا الراجل اللي هيقولنا نلبس ازاي ونعمل ايه؟!" هنا تدخلت هديل بعصبية ونبرة محتدة
"أنتي مش شايفة يا ماما منظرها.. فعلاً سليم عنده حق!"
"آه بقا قول كده.. كالعادة إياد بيمشي ورا اي حاجة يقولها سليم وهو مغمض!!" ابتسمت له بسخرية "بص يا إياد أختك مش صغيرة عشان تاخد رأي حد تلبس ايه ومتلبسش ايه.. واياك تاني تدخل في حياتها وتعمل كبير عليها.. ولا أنت مش عارف تعمل كبير على بدر وسليم جاي تعمل كبير علينا.."
"تصدقي أنا فعلاً غلطان إني خايف على أختي لو حد شافها يبصلها بصة مش كويسة!! طول عمرها بتلبس عادي يعني وانا متكلمتش غير لما دخلت البيت بمنظرها ده.. بس فعلاً أنا غلطان يا أمي إني بعمل حساب لمنظرها قصاد الناس.. بس ماشي.. اعملوا اللي أنتو عاوزينه وزي ما بتحذريني يا ريت تحذريها انها متبقاش تيجي تعيط لو حاجة حصلتلها.." تحدث متهكماً ليتركهما سوياً ولكنه التفت مرة أخيرة ليلقي المزيد على مسامعهما "أو أقولك.. ابقي خليها تعيطلك أنتي وعاصم!!" رمقهما بحزن غائر حبيس بعينيه ثم تركهما دالفاً للمنزل مرة أخرى..
"تفهميني حالاً كل اللي بيحصل وايه اللي أنتي بتعمليه ده حالاً.. أظن كفاية أوي كلام أخوكي اللي سمعته من تحت راسك!!" حدثتها والدتها بإنفعال
"كل اللي فيها إني خليت سليم يغير شوية.. مش هو ده اللي أنتي كنتي عايزاني أعمله من زمان؟ وأهو أد*كي شايفة النتيجة.. كان قدام عنيكي واقف بيغلي"
"أنتي عملتي ايه بالظبط؟!" ضيقت هديل ما بين حاجبيها وتلهفت ملامحها لمعرفة تفاصيل كل شيء
"هاحكيلك يا مامي بس أكيد مش هنا.. تعالي ندخل وأنا أفهمك كل حاجة.. كمان لازم تكلمي خالي ضروري.. أنا مش هاسيب اللي حصل النهاردة ده يعدي على خير ولازم كل اللي بخططله يحصل"
"طيب اتفضلي قدامي" أخبرتها بسأم وتلهف واضح لمعرفة ما فعلته ابنتها لتتوجها سوياً للداخل بينما تحيكا كل منهما مؤامرة جديدة لتصلا لمرادهما..
*******
"ازاي بمنتهى التخلف اقول كده عليه قدامها.. والصبح كان قدام زينة من غير ما اخد بالي.. وبابا عمال يزن عليا بسبب زفت الطين اللي اسمه شهاب ده ويسألني عرفت ايه من ميرال.. حتة الحيوان ده ليه هيموت كده ويدخل ما بينا، ولو هو شايف نفسه كبير اوي ليه مستنينا عشان العقود ولا الزفت" فكر وهو يقود سيارته متجها لمنزل والده ليصيح فجأة وهو يضرب مقود السيارة يلكمه بعنف
"غ*ي!! غ*ي!!" أطبق أسنانه في عصبية مبالغ بها وهو يصف نفسه ليشعر بإندفاع الدماء المغلي برأسه ليرن هاتفه الذي أجابه دون تفقد هوية المتصل
"افندم!" اجاب بعصبية
"فيه ايه بس يا سليم ما تهدى كده شوية" تحدث إياد بهدوء على الطرف الآخر من الهاتف
"فيه إن اختك بتصغرني قدام شهاب الزفت ده.. جايالي تجبرني اننا نمضي العقود معاه وبتستذكى عليا.. لا ورايحة تقعد مع واحد قذر زيه.. الله أعلم كان ايه اللي حصل لو مكنتش أنا معاهم بمنظرها ولبسها ده" صاح بغضب تعجب على اثره إياد
"سليم!! دي اختي يا ابني وبنت عمتك.. أروى استحالة تعمل حاجة غلـ.."
"يا ابني افهم أنا مشكلتي مش في اروى" قاطع سليم تلك الحدة التي سمعها في نبرة إياد وأدرك أنه قد فهم كلماته على محمل الخطأ "بص يا إياد.. أنت بتثق في كلامي أظن بعد العمر اللي ما بينا ده كله.. صح؟!"
"أكيد يا سليم بس مـ.."
"شهاب ده واحد قذر وحقير ومش هيجي من وراه خير أبداً ومتسألنيش عرفت منين" قاطعه مجدداً ليزفر بقليل من الراحة بعد ذلك الثقل الذي لا يزال يحمل منه الجزء الأكبر ولكنه للتو قد فرغ ولو جزءاً ضئيلاً منه بمشاركته هذا لإياد.
"هو عمل ايه بالظبط؟" تعجب إياد الذي عادت نبرته للهدوء ولكن القلق كان جلياً بصوته
"قولتلك متسألنيش .. وياريت يا إياد تاخد بالك معايا منه.. ده إنسان مش كويس ومش عايز أسيبه كده يدخل ما بيننا" انتظر ليسمع من إياد ما يطمئنه بعد أن ساد الصمت لفترة لا توصف بالقليلة ليستمع بالنهاية لتنهيدته
"ماشي يا سليم.. بس لازم تفهمني كل حاجة في يوم وأنا عارف إنك مش بتخبي عليا حاجة"
"حاضر.. اديني وقتي بس"
"طيب .."
"أنا داخل على البيت .. سلام دلوقتي.."
"سلام"
أنهيا مكالمتهما بينما كل واحد منهما تسيطر الأفكار المتضاربة على عقليهما.. فإياد لا يدري ما الذي دفع سليم لتلك الثورة على أروى، نعم هي بالغت بما ترتديه؛ ولكن ما الذي يعرفه عن شهاب ولا يريد البوح به!
هو لطالما كان رجل هادئ، لا يتعجل الأمور؛ ولكن ما رآه اليوم من سليم جعله يريد معرفة ما يخفيه اليوم قبل غداً؛ لا يعرف كيف له أن ينتظر بعدما سمع تلك النبرة من سليم الذي لطالما لم يأخذ أصعب الأمور إلا بمزاح وهدوء.. لابد وأن هناك شيئاً كارثياً يعلمه سليم وحده ولا يستطيع إياد سوى الإنتظار..
أمّا عن سليم فلقد غرق في دوامة من الغضب والخوف على عائلته بأكملها وخاصة الفتيات.. أروى، زينة، وسيدرا.. ماذا لو تعرض لهن بتلك الحقارة التي عامل بها ميرال؟ لن يستطيع بين يوم وليلة يأتي من اللامكان ليواجه شهاب ويخبره بأنه سادي وعليه ألا يتعامل مع عائلته!! قد يفضح أمر ميرال فالرجل الذي يفعل ذلك بإمرأة لن يتوانى ولو للحظة واحدة أن يخرج تلك التسجيلات إلي النور وسيقضي تماماً على مستقبلها ومستقبل عائلتها..
وحتى إذا أوصل الأمر للسلطات المختصة قد يفلت منها بأية طريقة ملتوية، رجل مثله لن يكون بمثل هذا الغباء.. هو حقاً لا يدري لماذا يطلق عليه ويصفه برجل، فليس هناك رجل خقيقي يفعل فعلته!! ولماذا لا تثق به عائلته، لقد كان حامياً للجميع، كان أخاً لهم ولم يعاملهم سوى بالحسنى دائماً.. ماذا فعل تجاه أروى حتى تعانده بمثل هذه الطريقة اليوم؟ ولماذا دافعت عنه زينة اليوم بمنتهى الحدة؟ فقط يتبقى أن تأتي سيدرا لتخبره أن شهاب الدمنهوري هو رجل جيد وهو فقط يكرهه من منطلق اللاشيء..
زفر في غضب وهو يصف سيارته بمنزل بدر الدين وشعر وكأنما ضاقت عليه الأرض وقد خليت رأسه من الحيل.. ذلك الإمتعاض الذي شعر به والتقزز كلما تذكر شهاب أو تعامل معه أصبح يسيطر عليه بمجون حتى قارب أن يدفعه لقتله أمامه دون إكتراث للعواقب التي قد تقع على اثر تصرف مثل ذلك..
ترجل من سيارته وهو يطالع هاتفه الذي اتصل عن طريقه بزينة ولا يدري لماذا تآكله القلق عندما لم تجيب فأرسل لها برسالة مكتوبة على احدى وسائل الإتصال الإجتماعي وانتظر أن تراها بفارغ الصبر وهو يتجه نحو البوابة ولكن أوقفه صوت والده الرخيم
"أهلاً أهلاً بسبع البرمبة.. مالك ومال أروى يا سليم؟!" صاح بدر الدين بتهكم ليتوقف سليم واتجه نحوه
"طبعاً وصلتك الإخبارية.. أكيد عمتي مبتصبرش على الخراب"
"مالك رايح تزعق في البنت ليه؟ وبعدين أنت ايه قصتك مع شهاب؟"
"يوووه بقا شهاب شهاب مش هاخلص أنا النهاردة" صاح متآففاً بينما جلس بجانب والده وقد لاحظ بدر الدين الملامح المنزعجة بل والمُرهقة التي ترتسم على وجه ابنه
"اهدى بس كده يا ابن ليلي وفهمني فيه ايه؟" حاول أن يخفف عنه تلك الملامح المرتسمة على وجهه
"أروى رايحة تتفق معاه من ورايا على معاد نمضي فيه الزفت العقود، وجابتهولي المكتب من غير حتى ما تعرفني انه جي معاها، لا ولابسة تقريباً من غير هدوم ورايحة تسهر معاه" أخبره بحنق بالغ وانفعال ثم أشاح بنظره إلي هاتفه ليتفقد رداً من زينة التي لم تجيبه
"واد أنت.. أنت تعرف ايه عن شهاب بيعفرتك اوي كل ما بتيجي سيرته؟ أنت من ساعة ما قعدت مع ميرال وهي قالتلك حاجة وأنت مخبيها عني.. مش ناوي تشركني في الحوار ولا خلاص بقيت كبير وعايز تحل كل حاجة لوحدك؟" حدثه مستفسراً بهدوء ليلتفت له سليم وحدق بعينا والده الثاقبتان
"بص أنا مش هاخبي عليك.. آه أعرف عن بلوة سودا.. وملوش لازمة إني أحكيلك.. ولا احكي لغيرك.. بس أتأكد يا بابا أن البني آدم المقرف الواطي ده مش هيجي من وراه خير أبداً.. وأنا هافضل وراه لغاية ما يخرج من وسطنا زي ما دخل وسطنا" حدث والده وقد رآى بدر الدين الصدق بعينيه ليزفر مُفكراً وقد توقفا عن تبادل الحديث لبرهة ليعود سليم لتفقد هاتفه مرة أخرى وقد لاحظه الآخر
"طب مش تتعامل بهدوء.. عارف هديل مكلماني تقولي ايه؟! دي دماغها شايفة إنك بتتحكم في بنتها وفي خطواتها.. بترمي كلام نسوان.. من الآخر عايزة توصلني إن ابني ملوش حق يغير على بنتها لأن أصلاً مفيش ما بينهم حاجة تخليه يعمل كده" أخبره ليرفع سليم عيناه التي شابهت عينا والده ونظر له في صدمة جلية وابتسم بسخرية
"لا دول اتجننوا رسمي!! تصدق فعلاً أنا غلطان اني مردتش اسيبها مع واحد حيوان زي ده" صاح بغضب بينما نهض ليغادر والده ليوقفه جاذباً ذراعه ثم جذبه بأكمله بعنف ليقع جالساً بجانبه مرة أخرى
"هو أنا مش عارف المك ولا ايه ياض.. شوية تتنرفز على زينة وشوية اختها!! ما تهدى كده وتعقل!! أنت صغير ولا ايه يا سليم؟!"
"يا بابا أنا خايف عليهم مش أكتر" زفر ليوصد عيناه وأتكأ بظهره على المقعد الخشبي خلفه وأخذ يفرك عينتاه بيده في إرهاق واضح
"خاف بس بعقل مش بهبل وعصبية.. وبعدين اللي مش عارف يعمل حاجة يطلب المساعدة.. أنا اهو قدامك ممكن تحكيلي ولو مش عايزني أساعدك يبقا تهدى وتفكر وتتصرف براحة علشان تعرف تحل.. لكن مش عافية هي" حاول والده التخفيف عنه قليلاً ليومأ له ابنه بالموافقة
"عندك حق.. أنا زودتها شوية" همس لوالده بإذعان وعاد ليتفقد هاتفه مجدداً
"ويا ترى بقا فيه ايه في الموبايل أهم مني عشان كل كام ثانية تبص فيه؟" حدثه بتهكم
"زينة مبتردش.. مش فاهم راحت فين دي"
"ابو قلب حنين قلقان على مزته!! الساعة واحدة الا تلت يا سليم!! زمانها نامت" أخبره بضحكة خافته ليحدق الآخر بوالده
"عندك حق.. أنا نسيت إن الوقت أتأخر" أخبره بجدية ليعود بدر الدين ليمزح معه
"واضح إن معايا حق النهاردة في حاجات كتيرة أوي.. كلمتها النهاردة؟!"
"ايوة كلمتها.. هي كويسة الحمد لله"
"كويسة الحمد لله!! ياض اتلحلح بقا وقولها اجازتك الجاية هنتخطب ولا اي كلمة عدلة تبل بيها ريق البت"
"ما قولتلك يا بدر إني مش عايز أستعجل حاجة.. النهاردة مثلاً اول ما جبت سيرة شهاب طلعت فيا، زينة لسه مش مظبوطة، ممكن بين يوم وليلة ترجع تاني لنفس شخصيتها لما رجعت ساعة عزا باباها.. لازم تتأكد هي بنفسها أنها بتحبني بجد مش عشان شوية كلام حلوين وهدايا ومكالمات ووقت حلو يبقا خلاص كده بتحبني"
"لا يا واد تقيل اوي.. لما نشوف آخرة مسلسل العشق الممنوع ده معاك انت وهي"
"العشق الممنوع!! أنت بتتف*ج على مسلسلات تركي من ورانا ولا ايه يا عم الحاج؟" صاح سائلاً بإبتسامة
"أمك يا أخويا مبتسبش مسلسل تركي إلا وتفضل تتف*ج عليه.. قرفتني والله"
"معلش بقا يا كبير.. ضريبة الجواز والحب"
"حب!! حبها برص" حدثه بإنزعاج
"أوبااا!! شكلكوا لسه متصالحتوش من يوم حوار سيدرا وأدهم" ضحك سليم بخفوت ليرمقه بدر الدين بتآفف
"اه يا أخويا لسه قالبة عليا!! متبقا تتوسطلي كده بكلمتين حلوين" أخبره بإبتسامة امتزجت بالتوسل
"بدر الدين الخولي مش عارف يتعامل مع مراته وبيطلب من اتوسطله.. هبقا أشوف مواعيدي ولو عندي وقت فاضي هبقا أحط الموضوع ده في جدول أعمالي" تحدث بزهو لتنزعج ملامح بدر الدين وتتحول للغضب بدلاً من الجدية
"جدول أعمالك يا ابن الكلب!!" أخبره بإنفعال ليجذبه وهو يلف ذراعه حول عنق سليم كمن سيخنقه
"خلاص خلاص ورحمة أمي لاكلمها أول ما أصحى الصبح"
"ايوة كده أظبط.. جتك البلا في شكلك.. غور نام ياض كفاية عليك لغاية كده" أخبره بإمتعاض بينما ترك عنقه
"يالا تصبح على خير" أخبره وهو ينهض ليقف أمامه "بس بردو متنكرش إن نوري بتعزني أكتر منك ولو مش بتحبني مكنتش جيت تقولي اتوسطلك" أخبره في تحفز
"حبك برص يا ابن الكلب" صاح وهو ينهض ليفر سليم مهرولاً للداخل يتظاهر بالخوف ما إن لحقه ولكن توقف بدر الدين عن متابعته وجلس مجدداً وغرق بالتفكير الشديد بأمر شهاب الدمنهوري وما الذي قد أكتشفه سليم عنه حتى يحاول أن يبتعد عنه هو والجميع بهذه الطريقة!
*******
استيقظ سليم على صوت نورسين التي دلفت غرفته لتوقظه فقد ترك ملاحظة لها على باب الثلاجة بأن توقظه لأنه عاد متأخراً بالوقت وفتح عيناه بصعوبة فهو لا يزال يشعر بالإجهاد من كل ما يحدث حوله
"صباح الفل يا نوري" همس بنعاس
"صباح الفل يا حبيب نوري.. ايه أحضرلك الفطار" صاحت وهي تفتح ستائر غرفته حتى ينساب ضوء الصباح للغرفة
"ماشي.. بقولك ايه يا نوري محتاجك كده في مصلحة" حاول طرد النعاس عنه وهو ينهض جالساً بسريره لتقترب نورسين وتجلس أمامه
"خير يا حبيبي فيه ايه؟!" ضيقت ما بين حاجبيها وهي تنظر له بإهتمام
"بدر يا عيني متشلوح من غيرك اليومين دول وشكله زعلان اوي.. صالحيه بقا بدل الوش العكر اللي باجي أشوفه كل يوم بليل ده"
"آه.. عايزني أصالحه ومش قادر عليا فباعتك ليا" تحدثت له بنبرة امتلئت بالحدة والتحفز "لا.. مش مصالحاه دلوقتي خالص" تحولت ملامحها المشرقة للعبوس
"ما خلاص بقا يا أبو قلب أبيض أنت.. بذمتك موحشكيش بدور والهزار معاه؟!" غمز لها لتنظر له ببراءة صادقة
"آه وحشني طبعاً" أخبرته ولكنها تداركت ما قالته لتتابع بنبرة نافية لكلمتها السابقة "بس ده ميمنعش أنه زودها أوي معايا ولازم يتعلم الأدب.."
"يا ستي علميني أنا الأدب وصالحي الراجل.. ده بقا عامل زي اليتيم من غيرك"
"زعلان أوي على أبوك ومش زعلان على اللي عمله معايا!! ماشي يا سليم!! أنا رايحة أحضـ.."
"استنى بس يا جميل" أوقفها جاذباً يدها في رفق عندما رآها تنهض بعدما كادت أن تغادره "والله أنا مسكتلهوش.. بس خلاص بقا المسامح كريم.. وبعدين أنتي عارفة إنك روحه أصلاً.. حد يعرف يعيش من غير روحه؟! وكمان أنتي بتموتي فيه.. لمي الدور بقا وسامحيه ولو عمل حاجة تاني أنا اللي هتصرف!" أخبرها وهو يحدق بزرقاوتيها لتنظر له بحيرة
"غلبتني بالكلمتين دول.. ماشي يا سليم!! هاشوف الموضوع ده" أخبرته بإقتضاب ليومأ بالإنكار
"لا يا مزتي أنتي هتصالحيه عشان بدر ملوش غيرك.. مش لسه هتشوفي"
"خلصنا با ابن بدر"
"يعني وعد خلاص هنزل أفطر معاكوا الاقيكوا كويسين؟!"
"هشوف"
"يا جميل بقا متتقلش وغلاوتي عندك كفاية بقا عقاب عليه لغاية كده.. الراجل كان غيران على بنوته بردو" زفرت وهي تتفقده بعينتيها
"حلفتني بالغالي وبتسبتني!! خلاص يا سليم هصالحه.. ارتحت كده؟!" أخبرته بإنزعاج ليومأ بالموافقة ثم أقترب منها ليقبل يدها الممسك بها لتصيح هي بإنزعاج "يووه بقا يا سليم متكبرنيش كده!"
"ربنا ما يحرمني منك يا أحلى ماما في الدنيا" ابتسم لها لتبادله الإبتسامة
"طيب يالا يا حبيبي اجهز علشان متتأخرش"
"عيوني يا واد يا جميل أنت يا أبو عيون مفيش زيها"
"يووه بقا عليك يا بكاش أنت" فرت ناهضة للخارج وهي تتحدث "مش هخلص أنا من كلامك الحلو ده أبدا.. مفيش فايدة" أكملت متمتمة وهي تتوجه للخارج تحت أنظار سليم الذي ابتسم ليتحدث لنفسه
"يا ترى يا زينة ممكن نوصل لليوم اللي أعيش فيه معاكي وولادنا تكبر ونفضل نحب بعض كده زي بدر ونور!!" تن*د بإبتسامة وهو يتمنى مثل تلك الحياة التي يحياها بصحبة والديه ثم نهض عن سريره ليتوجه للحمام الملحق بغرفته حتى يستعد لليوم الذي تأكد أن كل ما فيه من أحداث تجعله يشعر بأنه لن يستطيع الفرار من ملاقاة ذلك الكائن ذو الطلة الكريهة الذي أصبح لا يكره مثله في الحياة!
*******
أنتهى شهاب من إكمال مظهره بربطة عنق قد صنعها مصمم شهير للأزياء لتماثل تلك البدلة الرمادية الصارخة بالفخامة فهو اليوم لابد أن يذكر الجميع أنه مهندس شهير ذائع الصيت ولا يقل عنهم ثراءاً ولا فخامة.. كما أن عليه التأنق ليجذب أنظار أروى له..
ابتسم وهو يتذكر طريقتها معه بالأمس، أنثى تريد إثارة غيرة ذكر آخر، أتظن أنه لم يفهمها ولم يلاحظ ما تحاول تلك الفتاة فعله؟! يا لها من حمقاء!! لقد أدرك ما تخطط له تلك الفتاة التي تظن نفسها ذكية وأن ليس هناك من يرى ما تحاول فعله.. حسناً فليمرح قليلاً مع هؤلاء الأطفال.. واحد يعشق فتاة وأختها تحاول أن تثير غيرته.. يا له من مسلسل درامي.. فليلهو مع الجميع قليلاً طالما أن كل ما يحدث حوله يسير في ذلك الطريق الذي خطط له.. ليس لديه مانع بذلك أبداً..
جلس بشرفته وهو يتناول قهوته الصباحية في فنجان مزخرف لربما يعود للعصور الوسطى، فقد اقتناه من احدى المزادات بفرنسا، تليق به الفخامة لا محالة، ولماذا لا تليق به وهو من عمل جاهداً على تحقيقها وها هو قد وصل إليها وحقق كل ما أراد؟!
توسعت ابتسامته ثم وضع الفنجان على المنضدة وأخذ ينظر مرمى البصر بذلك القصر الذي صممه والده، يا لها من متعة للناظرين، بيوم ما ستأتي زينة هنا لغرفته وقد تنبهر بكل تلك المناظر التي يتم الاعتناء بها بأموال طائلة.. أم أنها لن تنجذب بمثل تلك الأشياء؟! أياً كانت ما ستشعر به تلك الفتاة وأياً كا ما يلفت نظرها سيفعله حتى يصل لما يريده.. ستكون هي من تهديه لطريق عمه لا محالة وستكون هي سبب إطاحته بذلك الفتى المغرور سليم!
زفر وهو يحاول أن يرتب أفكاره وينظم ما عليه فعله، نعم سيقوم بتوقيع العقود، وبعدها عليه أن يدعوا أولاد عمه للإحتفال، ها هي أول صفعة على وجه سليم، سواء آتى معهم أم لا، عليه أن يدع الجميع يتعرفون على شهاب الدمنهوري، ومع من يتعاملون فعليهم جميعاً الإلتفات إلي أن شهاب الدمنهوري هو الكبير بينهم، الأغنى، الأنجح، والأفضل..
عليه الليلة يتحدث مع وليد عن تلك الصفقة من الممنوعات التي ستكون بمثابة واحدة من أكبر الصفقات التي سيتفقا عليها.. عليه أن يقنعه تماماً بكل ما فيها، كما عليه دفع وليد لأن ينفذ كل ما يريده إلي النهاية .. كما عليه الإنتهاء هو الآخر!!
أمّا غداً فعليه أن ينتخب احدى هؤلاء الأطفال ليقوم بتسليمهم تلك الأماكن بالمجمعات السكنية التي أعدها خصيصاً لشركتهم والتي كذلك ستكون نهاية عائلة الخولي تلك.. ود لو ذهب مع زينة حتى ينفرد بها قليلاً ولكنه لن يؤخر الأمر أكثر من ذلك، فعليهم احترامه شاؤوا أم آبى احداهم ولكن عليهم أن يعرفون مع من يتعاملون!
أما عن زينة فليس عليه سوى الإنتظار، فلقد عرف من أروى أنها أوشكت على العودة فقط أيام معدودة وسينفذ كل ما برأسه حتى أنه سيقوم بإسعاد والده.. ولربما بعد كل تلك السنوات سيجتمع بعمه..
ابتلع في انزعاج ناهضاً وتوجه ليمر على شركته أولاً ثم لشركة عائلة الخولي وحاول أن يُثني تفكيره عن رغبته الشديدة بالعائلة وتواجد أناس حوله.. أدرك جيداً أن عليه التوقف للإستماع لتلك الطفولية الشديدة بداخله.. فتلك العائلة لن يملكها أبداً وكان وقت امتلاكها منذ سنوات وليس الآن أبداً.. فمن مر عليه سنوات من الوحدة والجهاد منفرداً يستطيع تحمل الكثير وليس في حاجة لأحد كي يشعر معه بالألفة والحياة!!
*******
"لا أصدق أنني استطعت التوقف عن الحديث إليه كل تلك الساعات المنصرمة.. أشعر وكأنها سنوات... أ**دي لا تنظر لي بمثل تلك النظرات المستفسرة.. نعم أنا أتحدث عن سليم!! من غيره يا تُرى؟!
أنظر أنا أحبك كثيراً صديقي الأسود.. أيها الرفيق أنا فضلت أن أتناول فطوري هنا بالمطار حتى أتحدث لك وأبوح لك ببعض أفكاري قبل الذهاب إليه اليوم..
أتدري أنه أرسل لي رسالة بأنه يريد الإطمئنان علي!! بل وأخرى صباحاً تعبر حقاً عن قلقه الشديد.. ولن أخبرك عن تلك المكالمات التي قصدت ألا استجيب لأي منها ليلة أمس وكذلك اليوم صباحاً.. ها هو يحدثني للمرة السابعة والساعة لم تتعدى العاشرة صباحاً بعد!!
أتصدق رفيقي أنه أصبح هناك من يهتم بفتاتك ذات الرداء الأ**د؟! أتصدق أنه أصبح بيومي من يكترث لأجلي؟ أتصدق حقاً أنني تركت ألمانيا بتلك السرعة حتى أراه؟ أتتذكر أن جلوسي وحدي هو أكثر ما أصبحت أوده في تلك الحياة منذ سنوات ليأتي ذلك الرجل الساحر ليغير كل ما أحب وأريد بمنتهى السهولة.. لا بل يسعدني كذلك..
ها أنا أخبرك أنني لا أستطيع الإنتظار حتى آراه بعيني.. أنتظر تلك اللحظة عندما تتقابل أعيننا.. أخبرني صديقي.. أستكون مثل تلك النظرات بأحدى الروايات والأفلام الرومانسية؟! أسيسعد بحضوري ورؤيتي؟ ياااه صديقي أموت شوقاً لتلك اللحظة.. أود أن التهم فطوري وكذلك ألتهم تلك الأسطر حتى أنتهي من إخبارك بكل ما أحمله من مشاعر تجاه ذلك الشاب الرائع الذي بمنتهى الغباء لم ألاحظ عشقه لي.. أنا حمقاء أعرف.. ليس هناك داعٍ لتصرخ بي عزيزي..
أنظر أنا سأذهب الآن لأنني أمامي يوم طويل للغاية.. أعدك أنني مساءاً سأخبرك بكل ما سيحدث اليوم بيني وبينه.. فقط فلتبتهل من أجلي بقليل من الدعاء ألا تعكر أسرتي اليوم بأكمله علي.. دمت كاتم أسراري أيها الرفيق.. وداعاً أ**دي!"
وصدت دفترها وأخذت تتناول فطورها الذي أحضره لها النادل وبداخلها طاقة إيجابية لم تشعر بها منذ سنوات.. تشعر بالسعادة ولا تبارح الإبتسامة شفتيها كلما فكرت بتلك اللحظة التي ستقابل سليم بها.. تن*دت وهي تفكر فيما عليها فعله، فعليها أن تتأكد أن سليم اليوم بالشركة وليس بمكان آخر..
"يا صباح الفل يا خالو.. وحشتني اوي.. عامل ايه؟!" تحدثت بهاتفها بعد أن أجابها بدر الدين
"الزوزا حبيبة خالو.. وحشتيني.. عاملة ايه يا حبيبتي؟"
"تمام يا خالو.. وحشتوني كلكوا ونفسي أشوفكوا.. طنط وسيدرا وسليم عاملين ايه؟"
"يا بت عليا أنا.. قال سليم قال!!" صاح بعقله ولكنه أجابها مسرعاً "كله تمام.. نورسين كالعادة بتحضر للغدا الأسطوري بتاعها، وسيدرا في الجامعة وسليم في الشركة"
"أنا وحشني أكل طنط نور جداً بقا.. مفيش زيه هنا خالص.."
"يا زوزا نوري دي مفيش زي أكلها أبداً.. ولا في مصر ولا ألمانيا"
"هانت يا خالو وهارجع وهاخليها بقا تعملي كل اللي نفسي فيه"
"يا سلام.. واحنا عندنا كام زوزا.. الزوزا تؤمر واحنا ننفذ"
"وحشني دلعك ليا يا خالو اوي.."
"يالا واديني مستنيكي اهو عشان لما تيجي ادلع براحتي بقا.."
"أنا خلاص كلها كام يوم وتلاقيني عندك.. الأيام بتعدي هوا"
"ماشي وأنا مستنيكي.. أخبار جامعتك ايه؟!"
"تمام.. كده هاخلص شوية حاجات في الماجيستير واجي، وبعدين هاقعد فترة في مصر وارجع تاني اسبوعين كده اخلص فيهم الإمتحانات"
"بالتوفيق يا حبيبتي"
"يارب.. سلملي عليهم كلهم.. استئذنك بقا عشان عندي محاضرة"
"اتفضلي يا حبيبتي وخدي بالك من نفسك"
"حاضر.. باي.."
"باي يا حبيبتي" أنهى بدر الدين مكالمته ليتمتم "قال سليم عامل ايه!! مش قاعدين مرزوعين بيرغوا ليل ونهار.. يخربيت السهوكة" نهض وهو يتوجه للمطبخ حيث نورسين وقرر أن يحاول التحدث معها
"الحلو بيعملنا ايه النهاردة؟!" سألها بنبرته الدافئة وهو يقترب منها ويحيط خصرها بذراعاه بعد أن ترك فنجان قهوته أمامهما على المنضدة التي تتوسط المطبخ ودفن وجهه بعنقها ليستنشق تلك الرائحة التي أشتاق إليها
"بعمل أكل يعني يا بدر.."
"بحب التفاصيل أنا.. كلميني بتعملي ايه.." همس بنبرة أغرتها كثيراً بصحبة أنفاسه الدافئة التي لفحت عنقها
"بعمل روستو ورز بالخلطة وشوية سلطات وحبة محشي ورق عنب عشان سليم بيحبه"
"طب وأبو سليم ملوش شوية محشي فلفل عشان بيحبه اوي هو كمان وبيعشق اللي بتعمله؟" ازدادت نبرته إثارة من نوعاً خاص وقد أشتاقت له بالفعل
"حاضر.. اللي نفسك فيه هعملهولك.." أخبرته وقد بدا على نبرته التأثر من التصاقه الحميم بها
"لسه زعلانة يا نوري؟!" همس سائلاً ليشعر بإماءة رأسها بالإنكار
"تؤ.. خلاص محصلش حاجة" همست بصعوبة فأنفاسه التي أصبحت ساخنة قد أثرت عليها بشدة
"طب أخبار الظروف النسائية ايه؟!"
"مفيش"
"حلو أوي عشان وحشتيني.." بدأ في أن يُقبلها بعنقها لتبدأ هي في الشعور بإنعدام الجاذبية أسفل منها
"هاقولك على حاجة ومتزعلش؟!" سألته بينما همهم إليها مجيباً ولكنه لم يتوقف عن تقبيلها "مكنش فيه ظروف أصلاً.. كنت بضحك عليك" أخبرته ونبرتها تحمل الإبتسامة
"بقا كده" غمغم بين قبلاته التي أنهاها بتلثيمة اتصفت بالتوحش وبلمح البصر حملها بين ذراعيه
"يا مجنون بتعمل ايه.. احنا أطفال يعني يا بدر على الحركات دي.."
"وهو يعني أنتي لسه بيجيلك ظروف وممكن تجيبيلي بيبي وفكرك متجوزة راجل عجوز ولا ايه.. ده أنا لسه جامد أوي وهثبتلك.. بس امسكي نفسك أنتي بس وصدي قدامي"
"هتشوف يا حبيبي.. بس إياك تتعب أنت.. واهو فرصة سليم وسيدرا مش موجودين" همست بدلال وهي تهمس أمام شفتاه بعد أن أحاطت عنقه بذراعيها
"ده أنا هخلي صوتك يجيب آخر الشارع صبرك عليا بس.." همس ثم التهم شفتاها ليقبلها بنهم وهو يصعد بها الدرج ثم ابتعد قليلاً ليغمغم أمام شفتيها "وحشتيني يا نوري.. متزعليش مني تاني"
"وأنت كمان وحشتني اوي" همست ثم جذبت رأسه لها لتقبله وهي لا تدري كيف لها أن تتوقف عن عشق هذا الرجل الذي لا يتوقف عن النمو بداخلها ولعنت نفسها لإبتعادها عنه تلك الأيام المنصرمة..
*******
تفقد شهاب الجميع، سليم كالعادة يبدو متأنقاً ولكن حاول ألا يزعجه ذلك.. يدرك بأعماقه أنه أفضل منه على كل حال بل لا يقل ثراءاً عنه.. وأما تلك الفتاة تلك فهي منذ الأمس وهي تتصرف تصرفات عجيبة وكذلك مظهرها المبالغ به وزينتها الثقيلة أدرك خلالها أنها لا زالت تحاول أن تثير غيرة سليم.. وعاصم بالطبع كالعادة منعدم الشخصية مهزوزاً منتظراً أن يبدأ غيره في تناول بدء الإجتماع قبله.. أما عن إياد فهو يختلف كثيراً هذه المرة، نظراته المتفحصة تلك جديدة عليه تماماً.. لكن لربما سيتغير كل ذلك بعد ما خطط له اليوم..
ابتسمت أروى بداخلها وهي ترى الإنزعاج ينهمر كالبحور الهائجة من عينا سليم، تظن أن خطتها تنجح، تظن أنه نجحت في إثارة غيرته عليها بعد ما فعلته ليلة أمس.. ولكن هناك المزيد لتفعله على كل حال.. فهي لن تتوقف حتى يصبح زوجها بيومٍ ما..
"اتفضل يا Mr شهاب.. امضي أنت الأول.. أظنك راجعت العقود مع المحامي بتاعك من بدري" تحدث له سليم ليومأ شهاب له بهدوء وجذب الأوراق ليوقع عليها تحت أنظار سليم المتفحصة وما ان انتهى حتى قدم الأوراق إليه بأنامله ليرفع حاجباه له بأن يوقع هو الآخر ليبتسم له سليم بسخرية لا يدري شهاب ما سببها ولكن أوقف سليم صوت الباب الذي أعلن عن دخول شخص للغرفة فحول عينتاه نحو الباب ليراها أمامه وهو لا يُصدق أنها قد آتت دون أن تخبره مسبقاً ثم التفت باقي الحاضرون لها ليتعجب إياد لحضورها المبكر، واستغرب عاصم قليلاً، بينما تآففت أروى التي ظنت أنها عادت لتسرق منها وقت سليم أما شهاب بسرعة ملاحظته لتلك النظرة المتلهفة من سليم نهض مسرعاً تجاهها ليقدم يده إليها
"زينة.. حمد الله على السلامة.. جيتي في وقتك بالظبط.." ابتسم لها تلك الإبتسامة الوقورة التي يستطيع تزييفها ببراعة شديدة ليصر سليم أسنانه في غضب من مجرد ملامسته ليدها بهذا الشكل وقرر التدخل بسرعة..
*******#يُتبع . . .