"تعرف يا سيف.. أنا طول عمري كنت شاطرة، وطول عمري طموحة.. نفسي ابقا ناجحة اوي ويبقالي كيان أنا وأولادي ويبقوا ناجحين وشاطرين ونكبر سوا وكمان جوزي كان نفسي نبقا عيلة كبيرة.. بس الراجل اللي اخترته يفضل جنبي طول حياتي وأبو أولادي دمر نفسه في عيني وحرم نفسه من أولاده بنفسه، كنت فاكره إن تفكيره زي تفكيري عشان كان شاطر وذكي.. إنما لاقيته طماع واستغلالي مش أكتر، خياناته اللي مكنش بيبطلها وقذارته في انه يطلع مصلحة على حساب سمعته وسمعة شركة أهلي.." ابتلعت بمرارة بينما نظر لها سيف في حُزن لتآلمها البادي على ملامحها وتركها لتتحدث له بكل ما يجول بداخلها
"مكنتش اصدق في يوم انه ممكن يتخلى عني وعن ولاده عشان خاطر حتة بنت صغيرة شافها حلوة في عينيه.. تعرف يا سيف، لو كانت بس بالنسباله نزوة وشالها من دماغه يمكن كنت سامحته.. متستغربش ان بشخصيتي الجامدة دي هيبقا صعب عليا اسامح اللي بحبه.. بس.." تن*دت وهي لا تدري حقاً ماذا عليها أن تقول
"أنا آسفة يا سيف، المفروض مكنتش أقولك الحاجات دي، أنا بحبك والله، وربنا عوضني بيك.. عارفة إنك هدية من ربنا لأولادي ويمكن أنا مش حنينة عليهم زيك ولا هادية زيك.. بس.. أنا في لحظة حياتي اتدمرت، زينة على ايديا وباباها مش جانبي وحسيت ان المسئولية كلها عليا والبنت كانت اصعب واحدة في اخواتها.. وصدقني لولاك أنا مكنتش هاقدر أعيش.. أنا معرفش أصلاً ازاي لقيت راجل زيك.. أنا آسفة لو بفضفضلك بـ.."
"هششش" قاطها ثم جذبها لص*ره وهو يربت على ظهرها في حنان "هديل أنا بحبك بشخصيتك القوية وطموحك وذكائك وانك بتقدري على المجهود الجبار بين الشغل والأولاد ومامتك.. أنا أصلاً اللي مش عارف لقيت زيك ازاي.. وانتوا اللي دخلتوا حياتي هدية من ربنا بعد ما مات جوايا أمل اني يبقا عندي طفل واحد لقيت خمس اطفال مرة واحدة بيقولولي يا بابا.. أنا بحبك وبحب كل حاجة فيكي، بحب اسمع وجعك وحكياتك وحتى وأنتي بتزعقي بحبك وبحب صوتك وحتى وأنتي مكشرة كمان.. اوعي تقولي تاني أبداً إنك المفروض متحكليش واياكي تعتذريلي.. وبعدين لو أنا مش جنبك وبسمعلك، مين يسمعلك؟!"
لانت شفتاها في ابتسامة وهي تتذكر تلك اللحظات بينهما منذ سنوات لتتهاوى دموعها دون إنقطاع وهي تشعر بأنها وحيدة للغاية، تريده مجدداً بملامحه البشوشة وهدوئه المحبب لقلبها، تريد أن ترتمي بص*ره مرة أخرى، تقص عليه كل ما أرادته في الحياة، تخبره عن ذلك المستقبل الذي تحلم به، لقد أشتاقت له كثيراً!!
تمنت لو عادت لتلك الأمنيات البسيطة التي قد تمنتها من قبل أن يحدث الكثير، لقد قطعت وعداً على نفسها منذ أن أكتشفت خيانات كريم المتعددة لها بأن تتغير كلياً، خارجياً وداخلياً.. ولكن بين يوم وليلة أن تنقلب الأمور رأساً على عقب وأن يضيع ذلك المستقبل الذي رسمته لنفسها ولأسرتها لم يكن هيناً عليها أن تتقبل تغير الأوضاع، لم تتقبل الواقع وقتها بتلك السهولة وما حدث منذ سنوات..
جففت دموعها بصعوبة ثم شردت في الفراغ وللحظة خارت قواها، للحظة فكرت أنه ربما أبناءها لن يكونوا كما تصورت وتخيلت لسنوات، ولكنها تريد الأفضل لهم، تريد أن تراهم الأفضل بين الجميع، تريد أن ترى بأعين الناس نظرات التمني أن يكونوا مكانهم، ولكن كيف وكل واحد منهم يتصرف على هواءه دون أن يتكاتفا ويتقاربا؟! عليهم جميعاً أن يكونوا معاً وسوياً بالرغم من كل شيء، لن تتركهم أبداً هكذا.. ولكن كيف وهي التي لم تتعلم اللين والحنان يوماً؟!! لا يفرق لديها الطريقة المتبعة، على كل حال لقد صممت منذ زمن أنها ستستعيد ذلك الحلم المخملي الذي لطالما حلمت به منذ الأزل ولن يقف أمام حلمها أحد أبداً..
*******
"أأيوة.." حمحمت بتوتر ثم اجابت منادية بصوت مرتفع قليلاً
"طيب ممكن ادخل؟!" تسائلت نورسين لتتعالى أنفاس زينة في ارتباك لتلاحظ أقتراب سليم منها
"متخافيش.. هي عارفة إني هنا من بليل!" ابتسم لها ثم تفقدها لثوانٍ وذهب بنفسه ليفتح الباب "صباح الفل يا نوري" ابتسم سليم لها
"صباح الخير يا حبيبي.. يالا روح غير هدومك بسرعة وخد شاور عشان تلحق بدر، هو بيجهز وهيجيلك عشان تروحوا النادي" أخبرته بإبتسامة وتوجه هو في طريقه لخارج غرفة زينة ثم أخذت نورسين تتصرف بتلقائية "زينة يا حبيبتي يالا فوقي كده وانزلي عشان تفطري.. محتاجة حاجة اجيبهالك؟!"
"لا شكراً يا طنط" حاولت زينة الإبتسام ولكن شفتاها تصلبتا في توتر
"ما قولنا بلاش طنط دي.. بس سيبك من الحوار ده دلوقتي ويالا عشان النهاردة عايزين نخرج سوا، ايه رأيك بقا؟!" نظرت لها بزرقاوتين امتلئتا حماس لتومأ لها زينة ولكن لا زالت ملامحها متجمدة فأقتربت منها نورسين واحاطت ظهر زينة بذراعهيا "مالك يا حبيبتي؟!"
"هو.. هو خالو يعني يعرف إن سليم كان هنا و.."
"متخافيش محدش يعرف غيري" همست لها بغمزة من احدى عيناها مقاطعة لكلماتها لتبتسم زينة وبدأت في الهدوء قليلاً
"طيب.. هو ليه يا طنط سليم فضل معايا؟! ليه عمل كده؟"
"متكبرنيش بقا بطنط بتاعتك دي تاني.. سامعاني ولا ايه؟!" تن*دت وتصنعت الغضب دون مبالغة "ما تقوليلي يا نور ولا يا نوري!!بس هعديهالك تاني.. سليم كان قلقان اوي عليكي وشايف انك اتضايقتي امبارح بسببه عشان مشاكل الشغل دي وخاف تقلقي بليل وتكوني لوحدك.. يالا اجهزي على ما احضرلكوا الفطار وانزلي بسرعة"
"حاضر" ابتسمت لها نورسين بتلقائية ثم تركتها وتوجهت للخارج وعاملتها بطريقة طبيعية للغاية وكأن لم يحدث شيء ليلة أمس تماماً بل وكأن كل ما حدث كان طبيعياً ويحدث للجميع لتتعجب زينة بداخلها من هذا المنزل الذي كل من يقطن به يتقبلها مثلما هي بدون أية تعليقات أو تحكمات لاذعة على ع** والدتها وأخواتها!
ترددت لدقائق وهي لا تستطيع مواكبة الأحداث التي مرت بسرعة شديدة حولها منذ أمس إلي الآن وشعرت أنها ستقع بمزيد من الحيرة فقررت ترك ذلك الأمر جانباً وتوجهت للحمام حتى تستعد لما اقترحته نورسين بالرغم من أنها لا تحبذ التنزه كثيراً.
*******
"ايه لسه مش على بعضها؟" تفقدها سليم بنظرة تعرفها نورسين جيداً
"هتجنن يا عيني ومرعوبة لا بدر يعرف.. بس سيبك شاكلها هادي كده ومبسوط" ضحكت بخفوت ثم غمزت لها بأحدى أعينها
"لا بدر يعرف ايه.. ده أنا اروح فيها" همس لها وتحولت نظرته للجدية
"ياخواتي يا ناس على حبيبي اللي خايف من بابي" داعبته ممرة يدها على وجنه
"استني بس أنتي بتهزري ولا ايه.. لو عرف بجد يا ماما الموضوع مش هيعدي أنتي عارفة غيرته وبالذات انه بيعتبر زينة زي سيدرا بالظبط" تحولت ملامحه للقلق والجدية
"متخافش مش هيعرف حاجة.. هو لسه في الحمام.. اجري انت بس على اوضتك ويالا عشان تنزل تفطر معانا.. وعد الجمايل يا سولي يا حبيبي" غمزت له وكادت أن تتركه فجذب يدها ليقبلها
"إلهي ما انحرم منك أبدا يا نوري يا جميلة"
"ماشي يا اخويا.. يالا اخفى بقا قبل ما يشوفك" ابتسمت له ثم تركته لتغادر لتعد لهم الإفطار ولكنه اوقفها
"هي بجد مبسوطة؟! يعني هي قالتلك ايه؟" تسائل بحماس
"ده احنا واقعين اوي بقا.. مقالتش حاجة عموماً بس شكلها وعنيها بتقول.. انجز بقا بدل ما بدر يجي ويقلب علينا احنا الاتنين"
"يا ساتر.. حاضر اهو خلاص ماشي.."
*******
"أشتقت لك أسوَدي .. أرجوك ألا تتعجب، لا تسأل لماذا لأول مرة بحياتي أخبرك بأنني أشتقت لك .. حسناً، ربما أشعر بالإحتياج لك ومزاجي رائق نوعاً ما .. لا تقلق ولا تستغرب كلماتي السابقة .. سأقص عليك بعد الأشياء التي حدثت ربما نستطيع التوصل لحل جلي لسؤالي المعهود، قد توحي إلي تفسيراً ما لكل ما يحدث لي ..
أنسى صفحاتي السابقة وكل ما عهدت أن أخبرك به، وأرجوك أنسى تلك الطريقة الحادة التي اعتدت أن أصب غضبي اللاذع عليك كلما ارتبت وسئمت نفسي عن طريقها .. دفتري الأ**د العزيز، رفيق دربي الموحود استمع لي، ومن حسن حظك هناك أخبار جيدة...
أتتذكر، قبل سفري، عندما عانيت وحدي .. لا أدري لماذا حظي بائس للغاية هكذا حتى انتسب لتلك العائلة التي يلهو كل فرد منها في ليلاه ولكن على العموم لقد تقبلت ذلك .. اذعنت لكوني الفتاة الصغرى لتلك الأسرة الغريبة التي لا يكترث أي فرد بها للآخر! سوى أبي ولكنه كما تعلم، لقد ذهب هو الآخر وتركني وحدي..
هذا ليس موضوعنا، ولكن أتتذكر تلك الحالة المذرية التي كانت تغتالني فجأة وتنتشلني من أوجاعي لأوجاع وفزع أسوأ، حسناً .. لقد واجهتها مجدداً .. بالطبع ستتعجب وستسألني أين تلك الأخبار الجيدة التي أخبرتك عنها!! أنتظر قليلاً أيها الأ**ق سأخبرك!
ليلة أمس لقد واجهتها، لا أدري لماذا أتتني بعد أن ودعتها منذ سنوات ولكن يبدو أن أحداً منا أشتاق للآخر، لا أدري أنا أم هي .. لن أكذب عليك لقد تألمت مجدداً .. ولكن لأول مرة بحياتي أكون ممتنة لتلك البغيضة!
لقد استيقظت ووجدته بجانبي، لا أدري لماذا بقى بجانبي طوال ليلة أمس؟! لأول مرة أشعر بأن هناك من يكترث لأجلي .. هل لد*ك تفسيراً لذلك؟!!!
لقد استيقظت ولوهلة شعرت بأن .. حقاً لا أدري ماذا علي أن أقول .. لأول مرة لا أدري ما هي الكلمات الصائبة لتعبر عما أشعر به.. ولكن ما أعرفه أن جزءاً ما بداخلي استكان فجأة .. هناك ما جذب تلك الشخصية القوية التي أظهرها للجميع وقيدها ولم تستطع الإنطلاق!!
لقد استيقظت يوماً عندما كان ستيفن بغرفة الجلوس بشقتي بألمانيا، لم أتقبله يوماً ما كما تعرف .. أم تريد العودة لتلك الصفحات؟! على كلٍ، ستجدها بصفحاتك والآن دعني أتابع ..
كما تتذكر وتعرف يومها سمحت له ببقاء الليلة بمنزلي كإمتنان ليس أكثر كان ذلك بسبب ما فعله معي عندما أنهى عراكاً محتماً بيني وبين هذا الشاب السخيف دايفيد وقلني للمنزل في ساعة متأخرة، أتتذكر يومها ماذا فعلت؟ أتتذكر بمّ أخبرتك؟
أنت تعرفني أكثر من الجميع، أنت تعرف أنني لست تلك الفتاة التي تسمح للرجال بالمبيت معها والتواجد بجانبها، إذن، عليك أن تُفسر لي لماذا استيقظت هذا الصباح بمثل هذا الهدوء وتلك السكينة؟
أتتذكر لقد أمعنت النظر لتفاصيله .. مهلاً!! أتقبلته لأنني أجده أكتسب وسامة غير معهودة؟ أنا أعرفه منذ الأزل، نعم منذ زمن سحيق ولكن أعترف الآن أنني منذ عدت وهناك شيئاً به تغير، شيئاً بملامحه يجذبني .. ولكن أحقاً كنت هادئة للغاية لأنني انجذبت لملامحه؟!
لا .. لا .. أرجوك لا تخبرني بأنني مثل تلك الفتيات الساذجات اللاتي تعجبن بمظهر رجل .. لا تقل لي ذلك أرجوك!!! أنت تعرفني جيداً منذ سنوات .. هيا أرجوك أخبرني ما هذا الذي أفعله؟ من تلك الشخصية التي تحاول الظهور هكذا فجأة؟
سخيف!! صامت!!! ولا تقل شيئاً أبداً .. وداعاً أيها الغبي.. أنا على موعد ما للتنزه، وأقسم لك إذا لمحت شبحاً من ابتساماتك المستهزئة سأقتلك بيدي المجردتين!! أنتظرني سأخبرك بالمزيد الليلة.. وداعاً الآن.. أحدهم يطرق الباب!
*******
"منزلتيش تفطري ليه؟!" تسائل سليم وهو ينظر لها عندما فتحت الباب الذي طرق عليه منذ ثوان
"مممـ.. كنت بغير بس عشان طنط نور قالت اننا نازلين!"
"لو سمعتك بتقولي طنط دي هتموتك على فكرة" تفحص زرقاوتيها بإبتسامة
"اقولها ايه بس" ابتسمت في استفسار
"عايزة تجنني بدر، قوليلها يا نوري قدامه.. هيولع" أشار بيداه لتتوسع ابتسامتها
"واجنن خالو ليه بس؟! أنا هاقولها قدامه يا طنط ومن وراه هبقى اقولها يا نور وخلاص"
"لا لا تعالي ننكشه على الصبح.. هيبقا منظره مسخرة"
"استنى بس يا سـ.."
"لا استنى ايه تعالي بس" قاطعها ثم جذبها رغماً عنها ليوجهها حيث غرفة الطعام وبجسدها النحيل لم تستطع مقاومته وتآففت وصاحت بعبارات النهي
"سليم مش كده.. متشدنيش طيب"
"تعالي بس تعالي ده احنا هنضحك من هنا لغاية بليل على اللقطة دي" أخبرها بإبتسامة ثم همس لها "قولي كده صباح الخير يا نوري وبصي لبدر واضحكي بقا"
"لا طبعاً مش هاعمل كده" همست له هي الأخرى بعد أن اقتربت من الجميع والأعين تحولت لهما
"لا هاتعملي.. وإلا هاقول لبدر اننا نمنا جنب بعض امبارح!!" حاول إدعاء الجدية على ملامحه لتتوسع زرقاوتاها
"صباح الخير يا زوزا.. نمتي كويس؟" ابتسم لها بدر الدين سائلاً ولكنه لاحظ توترها بطرف عينه وظن أنها فقط محرجة مما حدث ليلة أمس أمام الجميع.
"صباح الخير يا خالو.. اه الحمد لله نمت كويس " بادلته الابتسامة في هدوء وأشاحت بنظرها للطبق أمامها ولكن قد قرر سليم مسبقاً ألا يتركها لحالة الشرود تلك.
"واحدة بقا صباح الخير يا نوري وبدور هيقلب.. يالا اسمعها منك.. ها.. هاتيجي اهى" همس لها لتنظر له هي بزرقاوتين جادتين "يا اما هقوله اننا كنا سوا امبارح طول الليل وانتي عارفة بقا دماغ الرجالة ودماغ بدر بالذات" ابتسم لها بخبث ليزداد حنقها ثم ضيقت زرقاوتيها بما معناه أن سليم يمزح ليس إلا.
"طب أنا هوريكي بهزر ولا لأ" همس لها ثم شرع في تناول الطعام "صباح الخير يا بدر.. فاتك انت اللي حصل امبارح بعد ما نمت" تحدث بتلقائية بينما ابتلعت زينة في توتر
"صباح الخير.. ايه اللي حصل بعد ما نمت؟" تسائل بدر الدين وقد تنبه لكلمات سليم
"ابداً.. بعد ما نمت انت امبارح طلعت انا وروحت أنا عشان أنامـ.."
"صباح الخير يا سيدو.. صباح الخير يا نوري" هنا صاحت زينة بنبرة مهتزة عالية حتى تمنع سليم عن الاسترسال بحديثه بل وتجذب انتباه الجميع.
"صباح الخير يا زوزا" بادلتها سيدرا على الفور وهي ترفع عيناها عن هاتفها لثانيتين بإبتسامة عذبة ثم أعادت نظرها لهاتفها الذي يبدو وكأنها تطالع به احدى مواقع التواصل الإجتماعي.
"صباح الخير يا حبيبة نوري" ابتسمت لها نورسين
"حتى انتي كمان بقيتي بتقولي نوري.. ما تتلموا بقا، هلاقيها منك ولا من الزفت التاني" تحدث بدر الدين بإمتعاض ليرمقها سليم بنظرة انتصار
"استنى بس يا بدر، ده يا ريت ما نمت بدري، كان فيه حتة ماتش امبارح فاتك، ازاي تفوت ماتش لليوفي؟! بصراحة لازم تتف*ج عليه تاني" ابتسم سليم بخبث لزينة التي اندفع الحنق بدمائها وعلمت أنه انتصر عليها وجعلها رغماً عنها تغضب بدر الدين "اه صحيح متنساش معاد الـ gym بتاعنا النهاردة، متقلش بقا في الأكل، أنا عارف اي حاجة نوري بتعملها مش بتشبع منها خالص غير لما تخلص الأكل كله، وبعدين واضح وزنك زاد اليومين دول" نظر لوالده نظرة جانبية قاصداً المزاح
"لا واضح إن نظرك ضعف.. بص لنفسك وقارن نفسك بيا، أصلاً وأنا في سنك ده كنت أحسن منك، وبعدين لما تبقا توصل لسني وتبقا نفس الفورمة الجامدة دي ابقا تعالى اتكلم"
"ما خلاص بقا يا بدور، ولا يعني عشان سولي حلو والبنات مبتشلش عنيها من عليه في الرايحة والجاية بتقول الكلام ده؟!" هنا تدخلت نورسين بإبتسامة
"بصراحة يا مامي أنا كل ما سليم يجيلي الجامعة البنات مبتشيلش عنيها من عليه"
"يا اخواتي حبيب مامي ده اللي مجنن البنات" ربتت نورسين بيدها على ذراع سليم الذي ابتسم لوالده في غيظ بينما شعر بدر الدين بالغضب من حديثهم عنه لتنظر له نورسين وقد فهمت تلك النظرة جيداً
"فرحانين بيه اوي، الله يرحم!! أنا أصلاً غلطان إني قاعد في وسطيكوا، وأنت ياض أنا مش رايح معاك الـ gym وهاروح لوحدي" تحدث بحنق بعد أن نظر للجميع بإمتعاض وأكمل طعامه
"بطل بقا حقد.. هتاخد زمنك وزمن غيرك ولا ايه.. وبعدين تعالوا ناخد رأي زوزا.. ايه رأيك في سليم؟! مش حلو بذمتك ومحافظ على جسمه وشكله؟!" تورد وجه زينة بالكامل وهي لم يحدث لها من قبل أن تكون بنفس ذلك الموقف أبداً لتبتسم نورسين بداخلها وغمزت لسليم دون أن يلاحظ أحد ليدرك ما تفعله نورسين
"ممم.. سليم كويس، يعني.. شكله بيروح الـ Gym ومواظب كمان ودي حاجة كويسة عشان صحته" تمنت بداخلها أن يبدو حديثها طبيعي وحاولت الإجابة دون أن يظهر عليها الإعجاب الشديد بمظهر سليم الذي قد أختلف كثيراً عن السنوات السابقة
"وخالك يعني مش كويس؟ خلاص بدر مبقاش يعجب حد.. متشكرين يا زوزا هانم" تحدث بدر الدين معقباً على كلماتها
"لا يا خالو أنت مفيش زيك.. الكبير كبير بردو" صاح الجميع تعقيباً على كلماتها بعبرات الإعجاب بل وضحكت سيدرا كذلك وتهللت ملامحهم لتشعر زينة أنها لم تعايش تلك الأجواء من قبل
"لا زوزا كلامها صح بابي طول عمره بياخد باله من نفسه" تحدثت سيدرا
"أوبا بقا، واضح أن خالو ليه معجبين كتير واحنا مش واخدين بالنا" صاح سليم بإعجاب "قطع علينا بقا يا عم بدر.. وانتي يا نوري.. خدي بالك بقا من عم الجامد ده لواحدة كده ولا كده تخطفه منك"
"مين دي اللي تخطف.. ده أنا أموتها بإيديا"
"ايوة يا عم، شايف الغيرة، الله يساهله يا سيدي" أخبره سليم بضحكه امتزجت بنبرته الرجولية لينظر له بدر الدين بحنق
"عينك أنت بس.. سيبنا في حالنا وروح شوف حالك بعيد يا حلو يا مقطع السمكة وديلها"
"أنا مقطع السمكة وديلها بردو.. ده أنا غلباااان" أخبره بمزاح لتضك سيدرا
"يا سولي ده أنت بس لو توافق هتلاقي بنات قد كده حواليك، كل البنات بتيجي تسألني مين ده لما بتجيلي ويفضلوا يكلموني عنك.. إنما أنت تقيل زيادة عن اللزوم"
"بس يا سيدو سيبي سليم كده زي ما هو، مش رمرام وعارفة انه زي بدر في الموضوع ده، هي واحدة بس وهيقفل عليها.. هذا الشبل من ذاك الأسد"
"ماشي يا مامي.. يا بختها من دلوقتي"
"بختها مهبب.. قال زيي قال، ده ولا يجي ربعي حتى"
"جرا ايه يا بدر، كارهني ليه كده من الصبح نفسي افهم، أنا مش ابنك بردو؟ حسسني طيب بحنان الأب في اي حاجة مش كده يعني" تكلم سليم مازحاً وزينة لا تفارقها الإبتسامة من تلك الكلمات التي تسمعها فهي قد نست تلك الأجواء منذ سفرها، فهي لا تجدها سوى ببيت خالها فقط.
"حنان الأب!! طب يالا ياض اطلع اجهز عشان اوريك حنان الأب في الـ gym، اراهنك مش هتعرف تعمل زيي"
"هنشوف يا بدر.. بس ماتجيش أنت تتعب في الآخر"
"اه يا بدر صحيح.. أنا وسيدرا وزينة وشاهندة هنروح نعمل Shopping النهاردة.. وهنتغدى برا، انتوا كمان اتغدوا برا عشان مفيش اكل النهاردة" تحدثت نورسين لتنزعج ملامح بدر الدين
"من لقى احبابه يعني.. ماشي يا نورسين"
"ما خلاص يا عم بدر متحبكهاش كده.. ده احنا بقالنا كتير مقعدناش مع بعض ولا مش قادر على بعد نوري.." غمز له سليم ينهض بدر الدين وصاح متجهاً لأعلى
"بردو ديل الكلب.. نفسي تبطل تقول نوري دي.. وانجز يا ابن امك انت عشان منتأخرش" ضحك الجميع اثراً على كلماته
"يا سولي براحة بقا عليه، متغيظهوش كده" تحدثت له نورسين بتوسل
"ده أنا هجننه.. صبرك عليا بس.. لسه كمان لما نقضي اليوم سوا، هيجي يقولك الحقيني"
"سولي صحيح بابا وافق على موضوع السفر ولا لسه؟!"
"هاكلمه النهاردة"
"ماشي بس علشان الحق احجز.. يالا أنا هاقوم الحق اجهز عشان اغير بسرعة.. باي يا سولي"
"باي يا حبيبتي"
"وانا كمان، هاطلع اخد shower عشان ملحقتش الصبح وكنت بجهزلكم الفطار.. ساعة بالكتير وهنروح نعدي على شاهي.. متتأخريش يا زوزا علشان نلحق اليوم من اوله"
"حاضر يا طنط"
"بردو طنط؟ حوشها عني يا سليم عشان بنت عمتك بتكبرني اوي بصراحة.. يالا سلام، اشوفك بليل بقا" ابتسمت زينة في احراج بينما توجهت لأعلى ليتبقا زينة وسليم بمفردهما
"اعملي حسابك اننا اللي هنشيل الأكل عشان احنا كده اتدبسنا"
"كان ايه لازمته بقا الكلام اللي انت قولته، كنت بتضحك عليا وخلاص؟!" سألته زينة بإنزعاج واضح بعد أن التفت بكرسيها وهي تتفقد ملامحه وعقدت ذراعيها في تحفز
"كلام!! كلام ايه ده؟!" تصنع عدم المعرفة وتناول ما تبقى من طعام في صحنه
"لما قولت انك هتقوله اننا نمنا سوا امبارح" توسعت زرقاوتيها في غضب
"امتى انا قولت كده؟ لا مش فاكر اني قولت الكلام ده" تظاهر بأنه لا يعرف ما تتحدث هي عنه وتناول بعض الاطباق ناهضاً لتفعل زينة مثله ثم توجه نحو المطبخ لتتبعه بخطوات منزعجة
"سليم انت هتستعبط!! طب اياك بقا تعملها تاني وساعتها انا اللي هاقول لخالو بنفسه، مش فاهماك يعني كنت بتهددني ولا تقصد انك تضايقـ.." تحدثت له ونبرتها تصيح بالاعتراض ليضع هو ما بيده داخل غسالة الاطباق والتفت لها مسرعاً بينما هي لا زالت تحمل بعض الاطباق بيدها
"اعمل ايه بالظبط تاني؟" قاطعها سائلاً ونظر له بخبث
"اياك تنام جنبي تاني.. سامع ولا لأ؟" زجرته بإنزعاج ونبرتها جدية للغاية
"ولو نمت جنبك تاني؟" سألها وتوجه نحوها ليلاحظ توترها ولكنها تصنعت الشجاعة
"لا مش هاقبل وهاروح اشتكي لخالو"
"وهتقوليله ايه؟" اقترب منها اكثر حتى كادت تنعدم المسافة بينهما لتعود هي للخلف حتى ارتطم ظهرها بجرانيت تلك الجزيرة التي تتوسط المطبخ
"هقوله اني صحيت ولاقيتك جنبي و.."
"وفضلتي تبوصيلي وواضح ان الموضوع كان عاجبك اوي وصحيت مبسوطة وبتضحكي" قاطعها لتضيق ما بين عيناها في انزعاج وتعالت انفسها في توترمن اقترابه الشديد منها
"لا الكلام ده مش صح ولو سمحت ابعد عني"
"ولو مبعدتش؟" نظر لزرقاوتيها متفحصاً كلتاهما بنظرة خبيثة امتلئت استمتاعاً بملامحها المتوترة بسبب اقترابه منها بينما ضيق بينهما المسافة أكثر وزينة تنظر له نظرات متعجبة كثيراً ولأول مرة ينعقد لسانها بينما تلك الصحون التي كبلت كلتا يداها لم تدع لها الفرصة للتحرك بسهولة خاصة وأن كل ما يحدث أمامها كان جديداً عليها تماماً، لم يعاملها سليم هكذا من قبل مما تركها واقعة في الإندهاش والحيرة أكثر.
"سليم لو سمحت ابعد شوية.." آتت نبرتها مهتزة لا تدري لماذا! لقد توقعت من نفسها أن نبرتها ستأتي زاجرة ناهية بمنتهى الغضب والشدة ولكن قد أدهشتها تلك النبرة المهتزة التي اندفعت على لسانها
"ابعد ليه يا زينة؟!" همس لها لتتوسع عيناها وهي لا تدري لماذا نبرته الهامسة اختلفت الآن كثيراً؟ لماذا تبدو عيناه هكذا؟ ومنذ متى وهو يقترب منها بتلك الطريقة الغريبة تماماً؟
لقد تيبس جسدها، لقد حارت تلك الزرقاوتان، لقد تاهت تماماً في تلك السودواتان امامها، ذلك الشعور بتلك الأنفاس الدافئة لم تختبره قبلاً بمثل تلك الطريقة، كما أن تلك الأنفاس المتواترة في عدم انتظام منها يشعرها بالتوتر الذريع، لا تدري هي لا تشعر بالضعف، ولا بالكراهية تجاهه، هي تشعر بشيء غريب.. فقط تريد معرفة ما هو ولكن لا تستطيع بعد تفهم ما يعتريها من مشاعر غريبة!
"ما تردي.. عايزاني ابعد ليه؟!" همس مجدداً وأعينهما تتلاقيان في شعور جديد لكلاهما، هي تشعر بالغرابة أما هو فلم يشعر بتلك السعادة من قبل في حياته بأكملها!
"سليم.. أنت يا بني آدم فينك؟ فين اللي كان مقطع السمكة وديلها من شوية؟!" تخللت تلك المشاعر صوت بدر الدين الرخيم الذي آتى من مسافة تبدو وكأنها قريبة لتتوسع عينيها أكثر بينما لعن سليم بداخله، لا يريد الابتعاد عنها، حتى ولو رآه والده، لا يكترث، يريد البقاء بالقرب منها، لا يريد لتلك اللحظة أن تنتهي أبداً
"سليم.. أرجوك ابعد.. خالو هيشوفنا" همست بأنفاس متوترة ثم ابتلعت وهي تنظر له في توسل ورغماً عن سليم ابتعد من أجل تلك النظرة المترجية بعيناها
"ده أنا مقطع السمكة وديلها والحوت وديله والكائنات البحرية كلها.." صاح بصوت مرتفع وهو يبتعد عن زينة بعد أن رمقها بنظرة جعلت الدماء تتجمد في عروقها فهي لا تدرك ماذا يقصد بها ولكنها تشعر بالغرابة تماماً من أفعال سليم اليوم منذ الصباح وما أن تركها وابتعد حتى تنفست الصعداء.. "ايه يا كبير.. جاهز؟!" توجه نحو والده الذي لتوه قد هبط الدرج الداخلي للمنزل ولم يلاحظ ما يبدو غريباً أبداً.
"ده أنا هاخلي الـ Gym كله يضحك عليك.. يالا يا اخويا"
"هنشوف يا بدر، بس افتكر انك خليتها كده.. شكلك هتزعل النهاردة"
"قدامي يالا!"
"يالا.. طب كرامة ابنك يا حاج ولا اي حاجة"
"انجز ياض!!"
"بعدك يا كبير" قدم يده ليتقدمه بدر الدين متوجهاً للخارج وتبعه هو والقى نظرة مجدداً على زينة التي لم تنظر له ولكنه أدرك جيداً أنها كانت واقعة بالحيرة من امرها لترتسم شفتاه بإبتسامة عذبة وأكمل طريقه متوجهاً للخارج!
*******
"خطوة.. يا صاحب الخطوة.. خطوة.. امشيلي لو خطوة.. ده أنت عالقلب ليك سطوة.. خطوة.. يا صاحب الخطوة" تعالت أصواتهن جميعاً وهن ترددن كلمات احدى الأغنيات بتلك السيارة التي قادتها سيدرا وهي تغني وتمرح مع كلاً من والدتها وعمتها شاهندة بينما ارتسمت ابتسامة في عدم تصديق على شفتي زينة وهي لا تدري ما تلك الأغنية ولكن يبدو أنها ذائعة الصيت كثيراً واخذت تتفقد وجوههن وهي لا تصدق كذلك أن كلاً من خالتها وزوجة خالها أصبحتا كالمراهقات وكأنهن بعمر سيدرا
"ايه يا زوزا ما تغني معانا، ولا خلاص بقيتي مواطنة المانية يعني؟" سألتها نورسين لتبتسم زينة
"لا يا طنط أبداً.. أنا بس مش عارفة الأغنية دي" أجابتها بإحراج
"لا بقا انتي عايزالك درس حلو في اغاني اليومين دول وبعدين بقا ما تبطلي طنط طنط دي.. كبرتيني قدام سليم النهاردة، بذمتك ينفع كده يا شاهي؟"
"لا ده أنتي شكلك ناوية على موتك، كله إلا أنك تقولي لنور يا طنط.. ممكن تاكلك اساساً"
"والله مامي دي سكر.. بقا المزة دي يتقالها طنط.. يا بنتي ده شكلها أصغر مننا اساساً، وكله بقا كوم واني اقول انها مامتي قدام حد كوم تاني.. أأمنلك امسحي كلمة طنط من قاموسك خالص"
"سيدو معاها حق" أشارت شاهندة معقبة على كلمات ابنة اخيها "بس احسنلك اسمعي كلامها عشان مش مسئولة عن اللي هيحصل"
"فيه ايه يا جماعة!! انتو بتخوفوني كده ليه؟!" ضيقت ما بين حاجبيها وهي تنظر بوجوهن جميعاً وكذلك نظرت لسيدرا بمرآة السيارة الداخلية
"ما براحة يا جماعة متخوفوش البنت.. هتقلبوا الموضوع جد ولا ايه؟.. ماتخافيش يا زوزا يا حبيبتي.." اقتربت منها فجأة لتحتضنها "انا بس بحس اني بكبر زيادة بس غير كده متقلقيش.. ان شالله تقوليلي يا تيتا حتى انا موافقة.. واحنا يعني عندنا كام زينة.. ده أنا معـ.."
تعجبت زينة لتلك الكلمات التي تذكرتها كما تعجبت لتلك الطريقة التي تتعامل كلاً من شاهندة ونورسين معها هي وسيدرا فكلتاهما لا تفرقان بينها وبين سيدرا، طوال اليوم لم تسمع ولو كلمة واحدة تعكر صفو ذلك المرح الذي تنعم به منذ استيقاظها..
لانتا شفتاها بإبتسامة هادئة وهي لا تصدق تلك الطريقة التي تتحدث بها نورسين معها، هي لا تتذكر متى آخر مرة ذهبت للتسوق مع أحد، ولكن كل ما تتذكره هو قسوة هديل بلسانها الذي تنهال منه الحروف القاسية تجاهها وتجاه اختيارتها منذ أن كانت صغيرة..
رغماً عنها وجدت رأسها يُعيد تذكر تلك اللحظات التي مرت طوال اليوم بينها وبين نورسين وشاهندة وسيدرا ثم تلقائياً وجدت عقلها يقارن بين مواقف هديل معها وبين ما اختبرته اليوم..
"يا بنتي بقا متتعبنيش حرام عليكي.. ايه اللي أنتي بتختاريه ده؟ بقا فيه بنت في سنك تلبس اللبس الغريب ده.. مليون لون في بعض.. أتفضلي قدامي أما نغير القرف اللي اختارتيه ده بسرعة.. لسه باقي اخواتك هجيبلهم هدوم"
اعترى ملامحها الإن**ار عندما تذكرت كلمات والدتها اللاذعة عندما شاهدت مرة اختياراتها بعربة التسوق بأحدى المحلات التجارية للملابس كما تذكرت خطواتها المتسرعة وتلك الطريقة التي أخذت بها الملابس التقليدية لأي فتاة بعمرها لتضعها بتلك العربة وكأن كل ما تريده هو أن تنتهي من عبأ تلك الفتاة عليها..
"زوزا خلصتي ولا ايه؟!" نادتها نور بإبتسامة وهي تتوجه نحوها وقد رمقت عيناها تلك العربة التي امتلئت بالملابس السوداء مجدداً!! فهي لم تعد تقتني سواها
"ايه بقا الذوق الجامد ده.. هيبقوا عليكي حلوين موت.. بس بصي كده شوفت شميز يجنن.. نفس درجة لون عنيكي.. لو لبستيه مع skirt سودا او بنطلون اسود High waist هيبقوا تحفة.. تعالي كده نبص عليه.. ولو معجبكيش خدي حتى رأي سيدرا وشاهي"
توسعت ابتسامتها وهي لا تصدق أن نورسين وسيدرا وشاهندة اقنعنها بتلك الملابس الملونة وتلك الأحذية الأنثوية، كل شيء كان أسهل معهن، مرحهن وضحكاتهن وتلك الطريقة المحببة اللاتي اتخذنها معها لتجد نفسها لم تشعر سوى بأنها فرد منهن! كم تمنت بينها وبين نفسها أن تجد ذلك الحنان وتلك الطيبة بوالدتها هديل ولكن لا تعلم لماذا هي غير باقي الأمهات حولها؟
تن*دت وهي جالسة على احدى الارائك الخشبية بديقة منزل خالها بدر الدين وأخذت تعيد تذكر تلك اللحظات التي مرت بيومها وللحظة شعرت بالإنتصار بينها وبين نفسها أنها استطاعت أن تقضي يوماً طبيعياً بين الجميع، يبدو وأنها لازالت تستطيع المرح قليلاً بل والتظاهر بع** تلك العاصفة التي تهب بداخلها طوال الوقت دون انقطاع.. ولكن رغماً عنها وجدت رأسها تتجه بها نحو ذلك التغير الشديد الذي لمسته بطريقة سليم معها منذ أن عادت وأخذت تتذكر كل تلك الأوقات التي مرت عليها بصحبته..
*******
في صباح نفس اليوم..
"مبقتش عارف والله يا بابا.. هي لسه حساسة زي ما هي.. عارف مخلياني أحس أن كل حاجة هتكون صعبة معاها، بالذات بعد ما النوبات دي رجعتلها امبارح، عارف ده بيخليني اقلق اكتر من كل حاجة وبيخليني أفكر كتير، يا ترى عاشت ازاي لوحدها كل السنين دي؟ وكمان كانت بتجيلها الحالة دي وهي لوحدها ولا لأ؟!" تحدث سليم لوالده مكملاً سرد تلك المشاعر التي يشعر بها عليه بينما ارتدى قميصه القطني الرياضي بعد أن فرغا سوياً من التمرن بالصالة الرياضية بالنادي الذي يذهبوا إليه دائماً.
"ايوة اكتئب بقا وخد الموضوع جد وقولي يا بابا.. اللي يشوفك دلوقتي ما يشوفكش امبارح وانت معاها في اوضتها وبتبعد الكل عنها حتى انا.. اكبر وافهم بقا إن زينة عايزة حد يعاملها بهدوء وبراحة.. وفي نفس الوقت لازم تجمد كده وتبقا قدها ومتسبش الامَر تخرج عن ايدك.. جرا ايه مالك ما تنشف ياض ولا انت معرفتش تتعلم مني حاجة خالص" أخبره بدر الدين وهو يعقد رباط حذاءه بعدما شعر بأن الحديث قد امتلئ بالحزن وهو لا يريد أن يسقط سليم بتلك الحالة
"انشف!! ماشي يا بدر أنا غلطان إني بفضفض معاك يعني وبحكيلك عن كلاكيعي!! ماشي يا عم.. أنا أروح لنوري هي اللي هتقدر تسمعني وتحتويني" ابتسم لوالده بخبث ليرى ملامح الضيق تعتري وجهه ثم أخذ حقيبته ممسكاً بها
"نوري تاني.. ده أنا هموتك النهاردة.." نهض ثم توجه نحوه بخطوات مسرعة ليتوجه سليم هو الآخر آخذاً خطوات ليبتعد عنه هو الآخر "خوفت دلوقتي وبتبعد عني.. ماشي ياض يا ابن الكلب بس وحياة أمك ما سايبك النهاردة.." أمسك بدر الدين بحقيبته هو الآخر ثم تحولت خطواتهما للهرولة وكذلك حاول بدر الدين اللحاق بسليم الذي سبقه للخارج
"جرا ايه يا بدر.. مش كنت هتموتني من شوية.. ايه مبقتش قادر تجري ورايا؟ اجي اساعدك؟" صاح سليم ضاحكاً بينما اكمل هرولته التي بدأت في أن تصبح عدواً صريحاً
"عشان سبقتني.. بس ساعة ما امسكك متبقاش تزعل بقا من اللي هيحصلك" صاح بدر الدين وهو يعدو خلف سليم
"قال ازعل قال.. ما خلاص بقا عجزت يا عم بدر" صاح سليم محدثاً والده وهو يضحك في سعادة ولا يصدق أن بدر الدين لا زال يتمتع بتلك الفكاهة
"عجزت.. ده أنا اخلف سبعة زيك ياض" صاح بدر الدين الذي شعر بلذة الإنتصار عندما شاهد سليم وهو يرتطم برجل ما ثم قدم يده وهو يُمسك بسليم "قفشتك!! ده أنا هاعمل من فخادك بطاطس محمرة" لهث مخبراً اياه وتوقف بينما وجد سليم ينظر لذلك الذي ارتطم به فحلقت سودواتاه لتتفقد ملامح ذلك الرجل متعجباً لصمت ابنه الذي استبدل مزاحه وضحكه معه
"ازيك يا شهاب!" قدم سليم يده ليصافحه بينما نظر له بدر الدين بتفحص شديد ببنيتيه الحادتان لتلاقي سوداوتي بدر الدين اللاتي تخللاتاها نظرة جامدة وكأنما تحاول التغلغل لداخل شهاب وتبحث بأعماقه عن شيء ما
"بدر الدين الخولي.. والدي!" قدم سليم والده لشهاب بينما للحظة وقع شهاب بالحيرة!! والده، بدر الدين الخولي، يهرول خلفه كفتى بالعشرينات من عمره "شهاب الدمنهوري.. كلمتك عنه يا بدر قبل كده" أكمل سليم حديثه بينما آخذ خطوة للجانب ليفسح لهما المجال كي يتصافحا ليندهش شهاب بداخله من مناداة سليم لوالده دون القاب حتى غابت الكلمات تماماً عن لسانه
"ازيك يا شهاب" مد بدر الدين يده ليصافح شهاب الذي فاق على صوت ذلك الرجل الرخيم
"ازيك يا بدر بيه" صافحه هو الآخر وملامح الجميع تحولت للجدية الشديدة واخذ كلاً من بدر وسليم ينظرون له نظرات تفحص ليسيطر هو على ملامحه التي لم تع** أياً مما يشعر به واخذ ينظر لبدر الدين الخولي ذلك الرجل الذي لطالما سمع عنه الكثير وحاول أن يعرف من هو ولكن لم يستطع فهو الآن قد اختلف تماماً بملامحه الصارمة والجدية عن ذلك الفتى الذي كان يجري خلف ابنه، لا بل صديقه منذ ثوانٍ..
عيناه الثاقبتان السودواتان لم يراهما بأحد من قبل، أدرك شهاب أنه ليس سهلاً أبداً أن يتعامل مع ذلك الرجل، شيئاً به غريب، وكأنه يستطيع التحول تماماً لشخصية مختلفة في لحظة واحدة! لبرهة شعر بأنه سعيد الحظ كي يتعامل مع سليم بدلاً من والده!
"ايه ده Uncle بدر.." صاح صوت انثوي من خلف شهاب وهو يحاول التذكر بسرعة، هو يعرف صوت تلك الفتاة التي تهلل وجه بدر الدين لها، ولكن لا يتذكر تماماً من هي.. حاول مجدداً ولكن بالنهاية أخرجه بدر الدين من تلك المحاولات عندما ابتسم وتوجه بسوداوتيه لتلك الفتاة بل وأخذ خطوة نحوها ليترك شهاب خلفه بقليل
"ياااه ميرال عثمان بنفسها.. عاملة ايه يا حبيبتي؟!" للحظة أطبق أسنانه في غضب ليلاحظ سليم ملامح شهاب التي تحولت تماماً ولكنه لا يدري لماذا يظهر الغضب فجأة هكذا على وجه شهاب وأدرك أن هناك شيئاً ما يدعوا لذلك التغير بينما انشغل بدر الدين في مصافحة ميرال "وحشاني اوي.. والدك عامل ايه؟!" أكمل بدر الدين حديثه لها
"الحمد لله بخير.. حضرتك عامل ايه؟!" ابتسمت له بينما لم تلاحظ من هو ذلك الرجل الذي لا يزال موجهاً ظهره اليها
"أنا تمام.. كنت مع سليم في الـ Gym ويادوبك اهو هنروح نتغدا"
"ازيك يا ميرال عاملة ايه؟!" توجه سليم نحوها ليصافحها
"تمام.. أنت أخبارك ايه وسيدرا وطنط، كله كويس؟!" ابتسمت له بلباقة
"اه كلهم بخير.. تعالي أعرفك.." اقترب سليم بصحبة ميرال ليقفا أمام شهاب "شهاب الدمنهوري.. قريبنا" قدمه لها ثم أردف "ميرال عثمان.. عائلتنا تعرف بعض من زمان ولينا business مع بعض"
ابتلعت ميرال في صدمة وكأنما تجمدت الدماء بعروقها وهي تنظر بخوف في وجه شهاب الذي نظر لها نظرة ثاقبة ارعبتها ليتعجب سليم عاقداً حاجباه لتلك الملامح التي اعترت ميرال فجأة والآن تأكد أن هناك شيئاً ما بين كلاً منهما وعليه أن يعرفه عاجلاً
"أهلاً.. ازيك؟!" قدم يده ليصافحها لتمد هي يدها في تردد
"تتـ ـمام.. ازيك يا شهاب!" بالكاد نطقت وقد لاحظ سليم توترها الشديد الذي لابد وأنه وراءه دافع قوي بينما انشغل بدر الدين بمكالمة على هاتفه وحلقت عسليتي سليم لملامح شهاب التي عادت مجدداً خالية من أية مشاعر ولكن تأكد بداخله أن هناك أمراً ما بينهما ولا يدري لماذا شعر وكأنما يتوجب عليه أن يعرفه، فتوتر ميرال ذلك وملامحها المرعوبة لابد وأن هناك شيئاً خلفها وسيعلمه هو ولن يتوانى عن معرفته.. فلربما بتلك الصدفة البسيطة سيجد مبرراً حتى يتخلص تماماً من شهاب الدمنهوري فهو لم ولن يروق له وتمنى أن يتخلص منه اليوم قبل غداً!!
*******
#يُتبع . . .