الفصل السابع

3280 Words
تيقن أسيد انه حدث شئ بالفعل عندما رأى علامات الصدمة بادية على وجهه وهو يرمقه بذهول فأنزل الهاتف من على اذنه وهو يتمتم بدهشة : _ بابا فى حد ضربه بالنار وهو فى المستشفى دلوقتى وبيقولوا أن الرصاصة قريبة من القلب ؟! كان معتز يقف شامخًا مبتسمًا بأنتصار وهو يقول : _ ده اول واحد بس لسا كله بالدور ! غار ريان عليه وهو يبرحه ضربًا فأبعده أسيد عنه وهو يصرخ به منفعلًا : _ أرجع البلد دلوقتى ياريان اطمن على عمى وطمنى وسيبنى معاه هخليه يتمنى الموت وميطلهوش ! وقعت نظرة من ريان على معتز ، نظرة مخيفة ولكنها لم تؤثر به .. ثُم أستدار وغادر مهرولًا على عجالة فسحب أسيد معتز الى الخارج وجعله يصعد بالسيارة عنوة وهو مازال مبتسمًا بلؤم لا يبشر بخير ...... !! *** لم يتمكن أحد من أخماد نيران سارة التى تحولت الى صراخ وبكاء هستيرى وهو تقول : _ انا عايزة اروح البلد اطمن على بابا .. ابعدى يا أسمى سبينى هتفت ليلى بنظرات مشفقة فى أسى : _ اهدى ياسارة ياحبيبتى مراد هياجى دلوقتى وياخدنا ، اهدى جثت على الارض وهى تدخل فى نوبة بكاء عنيفة وتنوح بكل ما اوتيت اليها من قوة فرمقت أسمى ملاك الواقفة وملامح وجهها واضح عليها الحزن وصرخت بها فى قسوة : _ صدقتى ياسارة اننا كان عندينا حق لما قولت انها جاية تنتقم بس واهو عمى فى المستشفى دلوقتى ، عارفة لو عمى حصله حاجة مش هيكفينى فيكى روحك لو عندك ذرة دم خدى هدومك يلا وغورى من هنا ليلى بخنق فى خبث : _ لا تمشى ازاى لاقية أكل وشرب ومكان تنام فيه ببلاش هتمشى ليه كفاية اخوكى اللى بيدافع عنها ! هطلت عبراتها من تلك الكلمات الجارحة التى تلقتها للتو منهم وكأنها خنجر طُعنت به فى قلبها وركضت الى غرفتها وهى تبكى بحرقة .. ثوانٍ وأتى مراد واخذهم وذهب ، اما هى فبدلت ملابسها وأخذت حقيبة ملابسها الصغيرة وغادرت المنزل فورًا وعندما حاول الحُراس منهم تحولت الى وحش كاسر فأفسحوا لها الطريق ... عادت مُجددًا الى التجول فى الطرقات وليس معها شئ سوى حقيبة ملابسها ، دموعها تسيل على وجنتيها بصمت ، ظلت تسير فى الطرقات وهى لا تعرف الى اين تأخذها قدماها ومع سدول الظلان واعتكار الليل وأشتداد البرد كانت لا تشعر بأى شئ فقط تفكر فى طريقة تدبر بها تلك الليلة من حيثُ طعام ومكان تنام به ، حققت الايام جميع مخاوفها لها لم يبقى شئ ولم تفقده او تذوقته ، جميعهم مذاقهم مرًا ولكن منهم من كان دواء لامراض كثيرة فيها ومنهم من سبب لها المرض ، توقفت فجأة عندما شعرت بضيق نفسها ثوانٍ محدودة ولم تتمكن من أخذ نفسها فجثت على الارض وبدأت تفتش فى الحقيبة على دواءها فلم تجده ، أستسلمت تلك المرة فأستندت على الحائط وهو تعافر فى ألتقاط بعض الا**جين حتى بدأت تفقد وعيها تدريجيًا .............. *** كان الجميع مجتمع داخل المستشفى منتظرين استعادة وعيها ولم تتوقف أشجان وسارة عن البكاء فأقترب منهم ريان هاتفًا بنظرات حادة : _ امى كفاية بكى عاد مش الدكتور عمل العملية وهو كويس ، لازم يتحط فى العناية المشددة علشان يبقى تحت العناية الخاصة صاحت أشجان به فى جنون وعدم وعى لما تقوله : _ انت هتسيب اللى عمل كده فى ابوك وتقعد ساكت تأفف بخنق وهو يهمس بنبرة تحمل فى طيأتها الوعيد : _ هسيبه فعلًا بس بعد ما أخد روحه بأيدى خرج صوت ليلى الغاضب الذى لا يخل من اللؤم الدفين : _ اللى عمل كده كلنا عارفينه كويس اووى ! أستقرت نظرة مراد على امه عندما فهم مقصدها نظرة منزعجة ، فهمت هى من نظرته انه يأمرها بالصمت بينما ريان فمسح على شعره بزمجرة واضحة وهو يهمس بصلابة : _ الشخص اللى بتتكلمى عنه يامرات عمى ميقدرش يأذى قطة هيحاول يقتل !؟ أنضم اليهم أسيد اخيرًا وهو يسير مسرعًا نحوهم حتى وصل لهم ووضع يده على كتف ريان هامسًا : _ عامل ايه عمى يا ريان غمغم براحة بسيطة فى هدوء : _ كويس الحمدلله بس فى العناية المشددة ادعيله يا أسيد _ ربنا يقومه بالسلامة يارب انحنى على أذنه ليهمس فى غضب عارم : _ متقلقش عملت معاه الواجب وقاعد فى (....) ، بس مش مرتحله حاسس انه بيخطط لحاجة مش معقول الهدوء اللى هو فيه ده والراحة دى همس ريان باسمًا : _ استنى بس اروحله انا وهطير الراحة من عينه ! لوى فمه بأعتراض واضح وكأنه لم يعجبه كلامه ثُم سار ليقف فى أحد الاركان بعيدًا بسنتى مترات قليلة عنهم ، ساندًا رأسه على الحائط خلفه ويرفع قدم عن الارض ليسندها على الحائط ايضًا عاقدًا ذراعيه امام ص*ره ، وسرعان ماخطرت على ذهنه عندما أغمض عينه تلك اللحظة التى كان يقف هكذا منتظر خروج الطبيب ليبشره بسلامة زوجته وقدوم صغيره على الحياة ، متذكرًا كيف كانت حالته فى تلك اللحظة كيف كان يحاول الصمود على قدميه بصعوبة حتمًا أن كانت أتت عاصفة أخرى كانت ستهوى به الى الهاوية....... أنتفض جسده عندما سمع صوت رنين هاتفه فى جيبه فأنتصب فى وقفته واجاب قائلًا : _ الو مين معايا ؟ خرج صوت رجل يبدو شيخًا قدى فُنى وهو حى : _ ايوة ده رقم أسيد الصاوى اجابه أسيد بترقب فى أستغراب : _ ايوة انا مين انت ؟! _فى بنت شابة اكيد انت تعرفها يابنى لقيتها واقعة فى الشارع ومعاها شنطة جبتها على المستشفى ولما دورت فى التلفون بتاعها كان انت اخر رقم تكلمه وفى البطاقة بتعتها مكتوب اسمها ملاك هتف أسيد فى دهشة وقلق شديد : _ طيب قولى مستشفى ايه بسرعة؟! اخبره بعنوانها فهم بالتحرك على عجالة من امره لولا ليلى التى قالت فى فزع : _ مين فى المستشفى يا أسيد ؟ أسيد بنظرة نارية تنم عن نفس غاضة : _ هنبقى نتكلم فى البيت يا امى عن الموضوع ده ! اوقفه ريان قبل أن يرحل وهو يرمقه بنظرات دقيقة هامسًا : _ ملاك هى اللى فى المستشفى صح ؟! بخفوت ونبرة رزينة اجابه قائلًا : _ ايوة متقلقش هطمن عليها واطمنك خليك انت هنا علشان لو عمى فاق تكون جمبه اماء له بعبوس شديد فى خنق مجيبًا بنبرة متهمة : _ استغفر الله العظيم ، ماشى يا أسيد ابقى طمنى بالله عليك لاحسن انا مش حامل توتر اعصاب تانى رتب على كتفه بنظرة دافئة وأنطلق الى خارج المستشفى مهرولًا .............. *** ساعات محدودة وكان يقف بسيارته امام باب المستشفى ليترجل منها ويقود خطواته السريعة نحو الداخلة متجهًا الى الطابق التى تكمن به بعد أن سأل عن اسمها فى " الاستقبال " .. وضع يده على المقبض وهم بفتح الباب فوجد الطبيب يخرج من الداخل فوقف يتحدث معه كالاتى : _ خير يادكتور طمنى ، انا ابن خالها بلطف جلى وإبتسامة مشرقة ممتزجة ببعض المزاح : _ اهدى طيب مفيش حاجة تستدعى القلق ده كله ، هى كويسة اوى الحمدلله هو حصل معاها كده بس لانها اهملت فى علاجها ومكنش معاها وقت الازمة فغر مُقلتيه بذهول وهو يجيبه بعدم فهم وأستيعاب : _ أزمة ايه بظبط يادكتور معلش فهمنى تحولت نبرة الطبيب الى الجدية وبعض الحزن : _ واضح انك متعرفش ، هى عندها مشاكل بسيطة فى القلب وبسببها بيجليها ضيق تنفس حاد بيأدى للاغماء انا معرفش لو هى متابعة مع دكتور مقالهاش تعمل عملية ليه لانها حاجة بسيطة لو عمليه هتنهى عليها خالص ومش هتكون خطرة وممكن يكون الدكتور قالها وهى رفضت أغمض عينه بتأثر على تلك المسكينة وهو يتأفف بخنق مجيبًا : _ تمام يادكتور شكرًا ، كده كده انا هاخدها عند دكتور تانى ولو قالها فى عمليه او حاجة هخليها تعملها _ تمام جدا ، الف سلامة عليها ودعه بإبتسامة شبه متصنعة وفتح الباب ليدلف لها ، كانت مستلقية فى فراشها نائمة كالملاك قد بدأ يظهر على وجهها الشحوب مُجددًا ، جذب أحد المقاعد وجلس امامها يتفحص ملامح وجهها المرتخية وانفاسها شبه المنتظمة ! ، ملامحها بشرتها البيضاء شفتيها التى برغم حالتها لم تفقد لونها الوردى الجميل ، لوهلة شعر بها زوجته لشدة تشابههم فى الشكل وبعض الصفات ، العناد ، الرقة ، تلك الإبتسامة التى كانت تجعله يرفرف جناحيه فى السماء عندما يراها على ثغر زوجته ، حساسيتها المفرطة تجاه اى شخص غريب كطفل صغير يخشى الاقتراب من الغرباء .... بدأت تحرك جفنيها تستعد للاستيقاظ وضعت يدها على قلبها وهى تص*ر تأوها شديد فهتف هو بهلع : _ ملاك انتى كويسة ، ملاك ؟! فتحت جزء بسيط من عيناها لترى صورته ضبابية وهى تلفظ انفاسها من بين شفتيها بصعوبة ، شعرت انها ستلفظ انفاسها الاخيرة فى تلك اللحظة وضعت يداها المرتجفة والباردة بشدة على يده هامسة بعدم وعى لم تلفظه : _ أسيد خليك جمبى ابوس ايدك نظر الى يدها بدهشة بسيطة وسرعان ما وضع كفة يده الاخرى فوقها وهو يرتب عليها قائلًا بلطف جميل : _ انا جمبك ياملاك ، ثانية هروح انده الدكتور ذهب وجلب الطبيب فورًا وبعد اجراء الفحص كانت هى تعود لتنفسها بطبيعية ليقول الطبيب باسمًا : _ هاا يا مدام ملاك بقيتى كويسة دلوقتى بصوت ضعيف يكاد لا يخرج : _ الحمدلله يادكتور هو انا امتى اقدر اخرج ؟ _ مستعجلة كده ليه بس ، لو عايزة تخرجى مفيش مشكلة بس متهمليش علاجك ياريت وكمان تشوفى الدكتور اللى متابعة معاه لو قالك على عملية تعمليها بأقرب وقت ياريت لانك انتى شايفة وضعك ازاى رأت نظرة أسيد لها التى تنم عن نفس غاضبة ومتضايقة فهتفت بتوتر بسيط : _ أن شاء الله يادكتور انت عارف العملية بتحتاج فـ....... قاطعها بصرامة ونبرة رجولية وهو يجيب الطبيب : _ متقلقش يادكتور لو فى عمليه هتعملها فى أقرب وقت إبتسم الطبيب ثُم ودعهما وأنصرف ، فجلس هو على الاريكة الصغيرة وهو يحدق بها بنظرات قاتلة تحاول هى تفادى تلك النظرات المريبة بالنسبة لها فهتفت منفعلة قائلة : _ بتبصلى كده ليه مكنش قصدى على فكرة اخبى عليك انت وريان بس قولت ملوش لزمة اقولكم يعنى اذا كان جوزى كان بيدينى فلوس العلاج بالذل والاهانة وبيرميلى الفلوس فى وش فمرضتيش احس بالشفقة من ريان وخبيت الموضوع ده ، مفيش حد يعرف غيرى اساسًا صاح مُنفعلًا فى أستياء : _ وانتى بتشبهينا بال**** ده ياملاك ، الموضوع مفهوش شفقة ولا غيره ده موضوع مينفعش نتأخر فيه وكل ما نتأخر فيه هيكون فيه خطر على حياتك أشاحت بوجهها وهى تجيب بمرارة : _ ومين قالك اصلا انى فارقة معايا حياتى ، ده الموت راحة ولله ، على اى حال انا هشوف الدكتور وأن شاء الله ميقوليش فى عملية وحتى لو قالى مش .............. مقاطعًا بنظرة نارية ارعبتها قليلًا : _ هتعمليها ياملاك غصب عنك وانا بنفسى هروح معاكى عند الدكتور علشان اتأكد ، لسا كمان استنى لما ريان يعرف انك خبيتى عنه حاجة زى كده أعتدلت فى جلستها وهى تهتف بغضب فى نبرة محذرة : _ مش هيعرف يا أسيد ولو عرف صدقنى همشى ولا انت ولا هو هتعرفولى مكان ولا اى حد ، كفاية انت عرفت انا مكنتش عايزة اقول لحد اصلا لا ريان ولا زمردة ولا سارة هيعرفوا حاجة صمتت ثوانٍ وهو يقول بضجر : _ اممم همشى ، زى ماعملتى كده النهردا .. احنا متفقين ايه يا ملاك وامبارح كنا بنتكلم ومفيش حاجة طلع امتى موضوع المشيان ده فى دماغك ، امى وأسمى قالولك ايه ومن غير لف ودوران تقولى علطول بثبات تام فى شموخ اجابت : _ مقالوش حاجة انا مشيت وحدى محبيتش اقعد اكتر من كده والا ابقى ضيفة باردة يعنى مشيت من هناك برغبتى محدش قالى كلمة ولا قالى امشى ، واتمنى انك تفهم رغبتى فى انى مش عايزة ارجع تانى هب واقفًا وجذب المقعد لجلس مقابلها مباشرًا هامسًا بمكر : _ ملاك يمكن انتى كنتى بتقدرى تضحكى على ريان وتقنعيه بكلامك اللى مش مقنع اساسا ، بس انا مش ريان ومفيش كلمة من اللى قولتيها دخلت دماغى بس همثل انى صدقتك وهمشى على كلامك وهتفهم رغبتك .. بس فكرينى انا قولتلك ايه امبارح ، قولتلك أن انتى وزمردة وصية بابا مش كده يعنى متتوقعيش منى انى هسيبك تلفى فى الشوراع وانا موجود وكمان قولت انى دايما كنت معاكى انا وريان ومازالت معاكى ... مفهوووم الكلام ! حالة من السكون الجميل سادت بينهما ، نشبت داخلها روح تضج بالسعادة لم تنكر أنجذابها له منذ اول يوم دخلت فيه منزله ووقف بجانبها امام والدته .. لان الصمت بينهم حتى قطعه هو مُكملًا : _ ودلوقتى لو مش عايزة تاجى البيت معايا تمام بس هتروحى تقعدى فى بيتى والافضل انك تشوفى زمردة تاجى تقعد معاكى علشان متقعديش وحدك ده غير انى هاخدك بكرة ونروح ننهى موضوع طلاقك ده وهتكونى فى شهور العدة يعنى لا هقدر اشوفك ولا اكلمك فلازم يكون فى حد معاكى علشان اكلمه واتعامل معاه تمتمت بأستغراب بعد إن تفكرت مليًا : _ أسيد هو ريان ميعرفش ان زمردة بنت عمه صح ؟ اماء لها بإيجاب ثُم هب واقفًا وهو يمد يده لها قائلًا بودٍ : _ يلا قومى علشان نروح وبليل هجيلك ونروح للدكتور مفهووم امسكت بيده فساعدها على النهوض وهى تجيب له فى موافقة من دون مقاومة وقد تلونت وجنتيها ، حمل حقيبة ملابسها وسارت معه الى الخارج ، كانت تتبعه كقطة صغيرة تطلب الامان ! ................... *** فى مساء ذلك اليوم ........... اسرع الجميع الى ثروت عندما اخبرهم الطبيب انهم استعاد وعيه وتحسنت حالته ويستطيعوا الدخول لها ، هرولت أشجان وسارة اليهم كل واحدة من ناحية تحتضنه وهما يبكيان بشدة فخرج صوته ضعيف قائلًا بمرح : _ حد قالكم انى مت بعّدى اكده انتى وهيا انا مش حامل صداع إبتسم الجميع بعذوبة فأبتعدت عنه أشجان قائلة بضيق : _ اخص عليك يا ثروت بقى كده أقترب منه ريان لينحنى ويبقبل يده قائلًا بحنو : _ حمدلله على سلامتك ياحج ، صدقنى ماهسيب اللى عمل كده يتهنى يوم واحد فى حياته ثروت بهدوء وصوت خافت : _ سيبك دلوك من الكلام ده ياولدى انا زين الحمدلله ، انا عارف اللى عمل كده اختارنى انا بذات ليه صاحت أشجان بغضب عارم : _ حسبى الله ونعم الوكيل فى اللى عمل كده أقترب منه محمد وقال بدفء : _ حمدلله على سلامتك ياولدى _ الله يسلمك يا ابوى سادت الاحدايث بينهم والمزاح والمرح الى مايقارب ربع ساعة حتى أبتعد ريان عن حشدهم بل غادر الغُرفة بأكملها ليخرج هاتفه ويجرى أتصال با أسيد ليجيبه قائلًا : _ الو يا ريان طمنى عمى فاق ؟ _ فاق الحمدلله متقلقش يخير ، هو ده اللى هطمنك يا أسيد انا قاعد من الصبح على اعصابى مالها ملاك طمنى نظر أسيد بجوراه لها فأشارت له بحزم أن لا يقول شئ فأردف بجدية : _ مفيش حاجة تعبت شوية والدكتور قالها انيميا ومبتهتمش بصحتها اليومين دول ، معرفتش اكلمك لانى بعد ما روحلتها كان معايا كام حاجة خلصتها ونسيت خالص ، انا هخلص حاجة كده وهاجى البلد عند عمى ونتكلم على رواقة همس بخفوت فى أرتياح : _ طاب الحمدلله كنت قلقان عليها ، اول ما افضى هكملها واطمن عليها ، يلا مستنيك سلام ! انهى الاتصال معه ثُم نظر لها وهتف بزمجرة مزيفة : _ ادينى كدبت علشانك ياهانم ياريت بس يطمر وتبطلى عند افترت شفتاها عن إبتسامة جميلة وهى تقول برقة ممزوجة بمرح : _ لا دى كدبة بيضة ، ربنا يجعلها فى ميزان سيئاتك !!! تجلجل المكان بضحكته الرجولية وهو يهتف من بين ضحكاته : _ طاب قومى ياختى يلا شوفى لو فى حاجة نقصاكى علشان نمشى لاحسن نتأخر على الدكتور بوجه مشرق وثبت واقفة وهى تقول بصوت رقيق : _ حاضر ثانية هاخد شنطتى واجى ثوانٍ وكانت امامها وهى جاهزة تمامًا ففتح الباب وتبعته هى للخارج وصعدا بالسيارة ثُم رحلا ............................ *** فى صباح اليوم التالى ، يوم مشرق اخيرًا شعرت ملاك أن الشمس ستظهر عن جزء من شعاعها بطلاقها اليوم من ذلك الحيوان الذى لا يمتلك فى قلبه ذرة رحمة ........ كانت تجلس هى وكلٌ من زمردة فى مكتب المأذون منتظرين قدوم أسيد وريان بصحبة أكرم واخيرًا أتوا فصدمت ملاك من منظره فى كل جزء من وجهه يوجد بقعة حمراء أثر الضرب التى تعرض له على يد أسيد ورجاله ، توجه وجلس امامها وهو يرمقها شرزًا متوعدًا لها شعرت ببعض الخوف ولكن أطمئنت عندما تذكرت وجود أسيد وريان معها وانه لا يستطيع أذيتها بوجودهم فأظهرت القوة والثبات امامه .. اما المأذون فهتف بدهشة : _ ايه اللى عمل فيك كده بس يابنى ؟! نظر الى أسيد الذى كانت نظراته كالصقر الحاد أنزلت الرعب فى قلبه فهتف بغضب : _ لا دى مشكلة كبيرة حصلت وولاد الحرام عملوا كده ، مش يلا نبدأ بأجراءات الطلاق وكعادة اى مأذون حاول فى البداية أن يردهم عن قرارهم بتذكيرهم أن الطلاق يهتز لعرشه الرحمن وأن أبغض الحلال عند الله الطلاق غيرها من النصائح فهتف ريان بشئ من الانفعال : _ متتعبش نفسك مفيش حد فيهم هيتراجع عن الطلاق تتفس الصعداء بيأس ثُم بدأ بأجراءات الطلاق التى أنتهت بسماع ذلك الو*د وهو يلقى على مسامعها " يمين الطلاق " كانت فى أشد سعادتها تلك اللحظة ونظرت الى زمردة وهى تتن*د بأرتياح وسعادة واضحة فى عيناها ثُم نهضوا جميعًا وغادروا المكتب فنظر أكرم لها وهتف منذرًا : _ لسا حسابنا مخلصش ياملاك وهدفعك تمن اللى عملتيه ده وابقى قولى أكرم قال تص*ر له ريان وهو يتشدق بصوت رجولى مخيف : _ ده جرب كده وشوف ايه اللى هيحصلك ؟! سحبه أسيد من يده بهدوء وهو يغمغم مبتسمًا بخبث : _ سيبه يا ريان هو عارف كويس هيحصله ايه لو فكر يعمل حاجة من اللى بيقولها لانه مظنش انه هينسى اللى حصله فى المخزن ، صراحة انا هكون مستمتع جدا لو كررتها تانى ولا انت ايه رأيك ؟ قال اخر جملاته وهو يغمز لها بلؤم شبه ضاحكًا فأشتعل فعيل نيرانه وهو ينصرف فورًا و يتوعد لهم جميعًا ، التفت ريان الى ملاك ليهمس بنظرة عاشقة : _ وعدتك انى هخلصك منه وادينى وفيت ياملاك برقة طاغية همست : _ ده العادى عليك ياريان علشان كده كنت مرتاحة كان يتابع أسيد حديثهم مُبتسمًا ثُم أقترب من ملاك وهو يطلب منها القدوم معه بعيدًا عنهم قليلًا فلبت طلبه وأبتعدوا عن مسمعهم وهو يقول بنبرة لا تقبل النقاش : _ انتى سمعتى الدكتور قال ايه امبارح صح ، لغاية ماتخلصى شهور العدة هتحافظى على علاجك ياملاك فاهمة علشان بعد ماتخلص نروح للدكتور ونحدد معاد العملية بعينان تبتسمان من الداخل لسعادتها وهى تهمس بإيجاب : _ حاضر بس مش هو قالى اعمل تحليل واودهوله النهردا !؟ مسح على شعره وهو يردف بتأسف : _ اممم تصدقى نسيت الموضوع ده ، طاب يلا هنروح دلوقتى وهخلى ريان يوصل زمردة للبيت وبعد كده انا ارجعك البيت علشان تبدأى العدة كانت نظرة ريان لهم مشتعلة عيناه تكاد تخرج النيران منها ، فقد تأججت نيران الغيرة داخله لاحظت زمردة ذلك فأبتسمت بمكر ولكن اختفت إبتسامتها فورًا عندما رأت نظرته النارية لها فتصنعت انها لا تراه وهى تحدق بالسماء بأضطراب جلى ، أرغمت اياه على الابتسام وهو يتعجب على تلك الفتاة البلهاء التى تعتقد انها كذلك ستهرب بما فعلته أقترب أسيد من منه لينحنى نحو اذنه ويهمس بخشونة : _ ريان خد زمردة ووصلها للبيت وانا وملاك هنروح مشوار سريع وناجى وراكم بغيرة مدمرة وأغتياظ ممزوج بالانفعال : _ مشوار ايه اللى مينفعش تتكلموا قدامنا فيه ، ايه هو سرى للدرجة دى يا أسيد بيه بأقتضاب اجابه محتجًا : _ اهاا سرى ياريان اعمل اللى قولتلك عليه يا ابن العم يلا من غير عصبية هااا *** كانت سارة تقف خارج غُرفة والدها تتحدث عبر الهاتف مع أحد اصدقائها وتشرح لها ما حدث بخصوص حادثة والدها والأسى يستحوذ عليها فرأت مراد يخرج من الغُرفة ليقع نظره عليها ، ويرمقها متغطرسًا عندما أعتقد انها تتحدث مع ذلك الشاب فأنهت الاتصال مع صديقتها فورًا وركضت خلفه وهى تنادى عليه ، فتوقف والتفت لها ليهمس بجفاء : _ خير ياسارة !!؟ أنزوت نظرها عنه هامسة بتوضيح : _ انا مكنتش بكلم على فكرة اسلام دى وحدة صحبتى ! رأت شبح إبتسامة مستنكرة على ثغره وهو يقول بعدم اهتمام : _ اولًا انا مسألتكيش بتكلمى مين ، ثانيًا دى حاجة متخصنيش اذا كنتى بتكلميه او لا غامت عيناها بالعبرات وهى تتمتم معتذرة : _ مراد بالله عليك بلاش اللى بتعمله ده ، ثُم انى قطعت علاقتى بيه خلاص ومكنش قصدى انى اعمل حاجة غلط انا بس قولت أن كلامنا على الفون هيبقى مؤقتًا لغاية ماياجى يتقدملى وتبقى فى حاجة رسمى غلبه الوجوم وهو يحدج بها بصمت مرير ذلك الصمت احدث فى نفسها ضجيجًا حيث جعل شجونها تهيج من جديد عندما طفق يقول بقسوة : _ مؤقتًا مش مؤقتًا انا مليش دعوة ياسارة انا مش اخوكى ولا ابوكى علشان احاسبك ، والافضل انك تمشى دلوقتى ومتتكلميش فى الموضوع ده لان لو حد طلع وسمعك هتكونى فى موقف انا مش هقدر اعملك فيه حاجة قال كلمته الاخيرة وهو يستدير ويرحل ، فتتصلب هى بأرضها وتسلط نظرها عليه وهو يغادر بأعين منطفئة ، نخر الحزن قلبها بلا هوادة نظرة عدم الثقة وتخييب الامال الذى فى عينه تمزق قلبها اربًا بلا رحمة ................. *** خرج مروان باحثًا عن أسمى فى حديقة المستشفى ، توقف لحظات يقلب نظره بين الجالسين فلم يجدها من ضمنهم .. فأخرج هاتفه وحاول الاتصال بها ولكن كان هاتفها خارج التغطية ! ، شعر بنغزة بسيطة فى قلبه لا يعرف سببها فأنطلق كالمجنون يبحث عنها بكل قطعة فى المستشفى ، وكأن قدماه ألتصقت بغراة فى الارض عندما رأها فاقدة الوعى ويحملها رجل ، ليدخل بها سيارة كبيرة .. فضربت أشارات الإنظار فى عقله ليصرخ بصوت رجولى هادر قائلًا : _ أسمى ركض نحوها محاولًا اللحاق بها ولكن كان ذلك الرجل يضعها بالسيارة وينطلق بها بسرعة البرق ................ _ يتبع ........ طبعًا فى البعض هيشمت فيها ??? #ندى_محمود
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD