الفصل السادس

3790 Words
رفع حاجبه اليسار لاعلى مندهشًا وهو يهمس لنفسه فى زمجرة واضحة مع مزيج من الغطرسة : _ اسلام بيستهبل لااا ملوش حق ! أسرع فى خطاه نحوها بأعين ملتهبة وبدون أنذار سحب الهاتف من على اذنها ، فأنتفضت هى كالذى لدغته عقرب ورمقته برعب جلى ، بينما هو فوضع الهاتف على اذنه يستمع الى هذا الو*د الذى يقول بنبرة عشق : _ تعرفى ياسارة انا بحمد ربنا والله انه رزقنى بيكى مش متخيل حياتى من غيرك انا ممكن اموت خرج صوته الرجولى الخشن وهو يقول ساخرًا : _ متخافش هناجى نعزى ونعمل الواجب ! الجمت الدهشة لسانه فهمس بشئ من الخوف بعد لحظات : _ مين معايا ؟؟! رأت فى عيناه البنيتين الاعصار المدمرة وهو يصيح به يلقنه بألفاظ تتناسب مع تلك النوعية من الرجال : _ سارة معاك يا ***** أنزل الهاتف من على اذنه ورمقه بنظرة نفثت الرعب فى قلبها وصرخ بها بأستياء : _ ايه ده ياسارة هااا ، انتى يطلع منك كده ! أنهمرت دموعها وهتفت فى توسل بنسيج مسموع : _ انا اسفة يا مراد ، اسفة أكمل صياحه المنفعل وهى يهتف : _ لا وكلام حب ومعرفش ايه ، انا مليش كلام معاكى ولا حكم عليكى انا هقول لابوكى واخوكى وهما يتصرفوا معاكى أجشهت فى البكاء وهى تقبض على ذراعه وتقول راجية ، يكاد البكاء يشقها الى نصفين : _ لا متقولش لريان ابوس ايدك يامراد ، ريان لو عرف هيقطع راسى هو وابويا .. هو واعدنى انه هياجى يتقدملى اخر الشهر ده ! صر على اسنانه ليبرز عن مخالبه المخيفة : _ وانتى زى ا****رة صدقتى طبعًا ، هو لو عايزك فعلًا هيقعد يتكلم ويحب فيكى فى التلفون ولا هياجى ويدخل البيت من بابه ، ردى عليا ياسارة هانم صراخه المرتفع كافى لجعل جميع من فى المنزل ينتابهم الفضول حول ما يحدث ويخرجوا ليروا ماذا يحدث ، أزدردت سارة ريقها بتوتر جلى فوضعها لا تحسد عليه الان ، ركضت نحوها ملاك فى فزع وتبعتها أسمى أمسكت ملاك بوجهها بين كفيها لتهتف بقلق : _ مالك ياسارة بتعيطى ليه !؟ أرتمت داخل احضانها وهى تص*ر شهيق مسموع ، فهتف أُسيد فى نظرة متقدة بحرارة : _ فى ايه وبتزعق لبنت عمك ليه ؟ رمقها مراد بنظرة اوقعت الرعب فى قلبها جعلتها تدفن وجهها بين ثنايا ص*ر ملاك ، ليجيبه بلهجة صارمة : _ مفيش حاجة ، هى عارفة كويس انا بزعق ليه وأظن هى عرفت غلطها دلوقتى حدقت ليلى بالجميع فى ريبة وهتفت بأستغراب : _ طاب ماتفهمنا غلطت فى ايه يخلى صوتك عالى كده ! ، بعدين مش شايفها مش مبطلة عياط ازاى ! بنبرة جديدة تمامًا لم يعهدها أحدهم فى المنزل وصوت مرتفع قليلًا فى غضب عارم : _ غلطت فى اللى غلطت فيه ، محدش ليه دعوة انا وهيا حلينا الموضوع خلصنا تفحصت ملاك هيئته فقد كان فارع الطول لديه نظرة توقع الرعب فى اى غريب لن يختلف عن اخيه كثيرًا ، لم تعد تخشى غضب واحد فقط فى هذا المنزل بل اصبحا أثنين اليوم بعد أن رأت ذلك الوحش الكاسر المتحول ! .. أستدار وغادر فلحق به أُسيد ليصيح مناديًا عليه بصلابة فتوقف والتفت له وهو يلوى فمه بخنق ، فرأى فى عينى اخيه نظرة نارية ملتهبة ثُم رفع سبابته فى وجهه ليقول منذرًا : _ اى كان اللى عملته ملكش حق تزعقلها كده فاهم ، ومتنساش انها ضيفة هنا كلها كام يوم وترجع البلد فأذا كان غلطت فى حاجة ابوها واخوها لما تروح هناك يتصرفوا معاها ، احنا ملناش دعوة هى مش أسمى على تزعق وتشخت فيها براحتك .. واضح الكلام يامراد على الله اللى حصل ده يتكرر تانى اص*ر تأففًا قوى وهو يحدجه ساخرًا بغيظ ثُم يتجه ويصعد بسيارته وينطلق بها .. بينما هى فأصطحبها كل من أسمى وملاك الى اعلى وهما يحاولان تهدئة روعها .......! أقتربت ليلى من أُسيد لتهتف بتبرم وهى تلوى فمها : _ على اساس أن البتاعة اللى اسمها ملاك دى هتمشى النهردا ممشيت ليه ؟! هتف فى أنزعاج شامل : _ مش هتمشى يا امى قاعدة ، ايه ياليلى هانم خليكى رحيمة شوية اخليها تمشى وتروح فين يعنى ، تقعد فى الشارع واهلها قاعدين فى بيوتهم مرتاحين صاحت به بوحشية : _ واحنا مالنا ماتغور فى اى مكان ، يعنى هى بقيت علينا اذا كان جدها مش عايزها .. انا البنت دى مش عايزاها تقعد فى بيتى انا مش عايزة مشاكل ، ايه يضملى متكونش متفقة مع اخوها الحيوان ده " معتز " وعايزة تأذينا .. ! تمطع بعنقه للجانبين فى نفاذ صبر من هذا الشجار الذى لا ينتهى : _ امى اقسملك بالله انا فيا اللى مكفينى مش كل ماتشوفينى تنرفزينى كده ، قلتها كلمة ومش هتنيها ملاك قاعدة هنا ومش هتمشى ومش عايزة اسمع انها اشتكت منك او من أسمى ، هتسألى ليه هقولك علشان دى وصية بابا قبل ما يموت وانا مش ه**ر وصيته علشان سبب تافه زى ده ! *** خرج ريان من المرحاض وهو يدندن بأحد الاغانى الشهيرة ، يلف المنشفة حول نصفه السفلى ، عارى الص*رى وبيده منشفة صغيرة يجفف بها شعره الغزير ، ليقطع حالته المزاجية صوت رنين هاتفه فأجاب عليه هاتفًا : _ الو خير عملت ايه ؟ _ عيب عليك ياريان بيه قولتلك يومين وهتلاقى قراره قدامك عرفت مكانه قاعد فى قرية اسمها ( ..... ) فى نجع حمادى هتروح هناك وهتسأل عليه وهو هناك اشهر من النار على العلم هيدلوك على بيته علطول تهللت اساريره وهو يتشدق : _ عفارم عليك ، هو ده الشغل ولا بلاش أنهى الاتصال معه وهمس لنفسه بنظرة متوعدة : _ وقعت تحت ايدى يامعتز الكلب ، انا هكتفى بتعذيبك بس لكن اللى خايف منه الصراحة أُسيد واللى هيعمله فيك ، علشان تتعلم بعد كده متلعبش مع ولاد عيلة الصاوى ثُم أكمل دندنته وهو يرقص بخفة ويبدأ فى أرتداء ملابسه والحماس يكاد يصل الى اعلى مراتبه لديه لكى ينال من عدوه .... !! *** داخل غُرفة سارة .... هتفت أسمى متسائلة فى قلق : _ سارة اهدى وفهمينا فى ايه ؟! نقلت نظرها بينها وبين ملاك لترى فى عيناهم الفضول الشديد حول ماحدث فأستجمعت ما تبقى منها وهمست بخفوت وهى ترتجف من فرط بكائها : _ انا اعرف واحد من بدرى وبنتكلم انا وهو وهو بيحبنى وانا برضوا وهو واعدنى انه هياجى يتقدملى اخر الشهر والنهردا كنت بكلمه ومراد شافنى واخد منى الموبايل ورد عليه وهزقه وبعدين بهدلنى انا وقالى انه هيقول لريان وبابا وهما يتصرفوا معايا وريان لو عرف هيقطم رقبتى تنفست الصعداء ملاك فى أقتضاب لتقول فى شئ من الاندفاع : _ تصدقى تستاهلى اللى عمله فيكى ، انتى هبلة يابت يعنى قالك هياجى يتقدملك وانتى صدقتيه بكل سهولة هو لو عايزك فعلا هيكلمك تلفون ليه ! ، لولا انى اخاف عليكى من ريان وجنانه كنت قولتله لكن انا عرفاه كويس فى هدوء تام وصوت رزين قالت أسمى : _ متخافيش اذا كان مرضيش يقولنا احنا هيقول لريان وعمى ، مستحيل اصلًا هو بيخوفك بس مش اكتر اماءت برأسها لهم فى أرتياح بسيط فتشدقت ملاك بحدة بسيطة : _ اياكى تكلمى الولد ده تانى فاهمة ياسارة والا قسمًا عظمًا انا بنفسى اللى هروح اقول لريان ، احنا ايه عرفنا ممكن يأذيكى بأى شكل من الاشكال سارة بضيق زائف فى عبوس : _ ايه ياملاك انتى معايا ولا عليا !؟ _ معاكى بس مش مع اللى عملتيه أستقرت نظرة ساخرة فى عينى أسمى على ملاك لتردف بقسوة وهى تلقى الكلمات حجرًا : _ واللى عملته عمتى ايه ، وانتى الله اعلم كنتى فين وبتعملى ايه .. الافضل انك تفضلى انتى بذات ساكتة وصبت واقفة وهى ترفع سبابتها محذرة وتهتف بغضب عارم : _ أسمى احترمى حدودك فاهمة ، ولو جبتى سيرة ماما تانى هتشوفى وحدة تانى ومش هيهمنى حد تابعتها وهى تغادر بغطرسة فسلطت نظرها سارة عليها فى أعين صارمة تلومناها على ما قالته لتقول بغيظ : _ ايه اللى قولتيه ده يا أسمى !! بعدم أكتراث امتزج بغرور وهى تطفق : _ مقولتش حاجة غلط ! فى أنزعاج شامل اجابتها سارة بحرارة : _ لا غلطانة انتى عرفك كانت فين بتتكلمى على اساس ايه ، ملاك دى يابخته اللى عنده زوجة ولا اخت ولا بنت زيها تتحط كده على الجرح يطيب ، وكانت متجوزة من واحد حيوان مشوفتيش جسمها واللى عامله فيها وعمتى انا كنت بروحلها انا وريان لو كنتى شوفتيها عمرك ما كنتى هتقولى اللى بتقوليه ده انها السبب فى موت عمى ، وحتى أُسيد ومراد يعرفوها لكن ملاك متعرفنيش غيرى انا وريان علشان كده مش عايزة تقعد هنا ، متبقيش انتى والزمن عليها كمان يا أسمى خليكى حنينة معاها هى ملهاش ذنب فى اى حاجة بالع** دى هى الضحية فى كل حاجة من بداية اللى عملته عمتى هى اللى دفعت التمن مش حد تانى زفرت بضيق زائف بعد أن بدأت تشفق عليها قليلًا فهبت واقفة وأستدارت لتغادر فى وجه ينم عن عدم رضاها ..... *** بعد مرور ساعات قليلة أرتدت ملابسها وهبطت الدرج سائرة نحو مكتبه ، لتطرق الباب عدة طرقات رقيقة فيأتيها صوته يسمح للطارق بالدخول ، دلفت الى الداخل وجعلت ذراعيها خلف ظهرهها وهى تفركهما ببعضهم بقلق ، كانت رشيقة العود تنضج بشرتها بالبياض والملاحة ملابسها فضافضة لدرجة لا تظهر اى شئ من مفاتن جسدها حجابها يصل اللى اسفل ظهرهها من الخلف ومن الامام حتى أسفل ص*رها ، شعرت بالدماء تصعد لوجنتيها عندما رأته يثبت نظره عليها منتظرًا منها القاء عليه ماتريد قوله فهمست بصوت يكاد لا يسمع ومضطرب : _ أُسيد انا كنت عايزة اروح لوحدة صحبتى ممكن تقول للحراس يطلعونى قال بخفوت فى هدوء : _ فين بيتها صحبتك دى ؟ _ فى الشقة اللى قدام بيتنا القديم ، انا مشوفتهاش من ساعة ما اتجوزت اكرم ! اجابها بودٍ فى خشوع وهو يهب واقفًا : _ تمام يلا هوصلك فى طريقى انا كده كده طالع ولما تاجى طالعة من عندها اتصلى بيا قطبت حاجبيها لتتمتم بحيرة : _ وانت تعرف مكان بيتنا من فين ؟!! جذب مقاتيح سيارته وهاتفه ليخرج صوته الاجشَّ قائلًا متجاهلًا سؤالها تمامًا : _ انا هستناكى فى العربية بره احدث صمته ضجيجًا فى نفسها وقد هيمن عليها الفضول حول معرفة الكثير من الاشياء وقررت أن تسأله عن كل شئ اليوم ولن تتركه يرحل بدون أن تفهم منه ...... !!! *** بعد مرور ساعات قليلة حيث أستر الليل ردائه كاملًا وارتفع ضوء القمر فى السماء منيرًا قلوب البعض ليبشرهم بالنور القريب الذى سينير حياتهم وبعضهم يزيد من ظلامهم ، كان يجلس مراد فى الظلام الدامس يحدق فى النجوم الساهرة بشرود قلبه يشعر به بنغزة تكاد تقتله قتلًا لا يعرف سببها .. تسللت من خلفه أسمى فأقتربت من اذنه لتهمس باسمة : _ العاشق الولهان سرحان فى ايه ؟! التفت خلفه بشئ بسيط من الفزع ليطالعها بإبتسامة دافئة فتلتف هى لتجلس على الاريكة بجانبه رامقة اياها فى ريبة من امره ، ففتح لها ذراعيه داعيًا اياها للانضمام الى احضانه فلبت طلبه بكل سرور ، أخذت تحدق معه فى السماء لدقائق ليس بقصيرة حتى قطعت ذلك الصمت المرير لتهمس بعد إن ابتعدت عنه : _ مالك يامراد ؟ .. انا ملاحظة انك ليك كام يوم كده مدايق من ايه طاب أُسيد وعارفين سبب ديقته وعصبيته وانه اتغير شوية طاب وانت !؟ اجابها باسمًا بمرارة وقد سحق تحت الأسى والشجن : _ على الاقل أُسيد عارف هو كده ليه لكن انا مش عارف أسمى بشئ من الغضب والانفعال : _ لا انت عارف بس بتضحك على نفسك ، لسا بتفكر فى الزفتة دى صح بعد ده كله ولسا بتفكر فيها يامراد تأفف بقوة فى خنق وتمتم فى أحضان الظلام بصوت حازم : _ قومى يا أسمى من جمبى ! صاحت به فى أنزعاج شامل وقد تملكها الغضب : _ لا مش هقوم ، مش هقوم يامراد ... فى ايه اكتر من انها حاولت تسرقك وراحت عند الدكتور وسقطت ابنك من غير ماتعرف وضحكت عليك وفهمتك انها وقعت وعلشان كده سقطت وكله كوم وخيانتها ليك كوم تانى ، بعد ده كله ولسا بتفكر فيها ومش قادر تنساها ، تعرف انها لو شفتها الحيوانة دى هشرب من دمها !! خرج صوته الجهورى وهو يصرخ بها بصوت جعل اعضائها تنتفض : _ قولت قومى يا أسمى هبت واقفة ثائرة وهى تقول بأمتعاض : _ خليك كده بتضحك على نفسك بدل ماتبص لحياتك قاعد بتفكر فى القذرة دى ! همت لترحل فرأت مروان قادمًا اليهم ، تملكتها الدهشة للحظات ولكن سرعان ماتحولت لابتسامة عذبة وصافية وهى تقول بمرح بسيط : _ ايه ده جيت امتى مش تقول انك جاى طيب يامروان اخص عليك بنظرة حانية تود ضمها همس باسمًا : _ انا بكرة وراجع تانى فى شغل هخلصه سريع وهرجع ! مراد مستنكرًا : _ ليه بيجروا وراك ولا وراك الديوان علشان صد رد كده ضحك بخفة فأقتربت أسمى من مروان لتهمس له بزمجرة : _ شوفه يامروان لاحسن لا انا ولا ماما بنقدر نتكلم معاه هو وأُسيد ، اظن انت فهمتنى انا قصدى على ايه ! اماء برأسه لها فى إيجاب وتفهم ليشير لها بعينه أن تذهب وانه سيحل ذلك الامر بطريقته الخاصة ....... *** سارت نحوها وهى تحمل بيدها صينية فوقها كوب ممتلئ بمشروب طازجة فهتفت ملاك معاتبة : _ والله انتى بتستهبلى يازمردة مش كفاية الاكل اللى عملاه هو انا غريبة قالت بشئ من الضحك : _ علشان تحبسى ياحبيبتى .. انا مش مصدقة ازاى يحصل كل ده معاكى ومتقوليش بأى طريقة ياملاك لو اتصلتى بيا وعرفتينى كنت هتصرف ملاك ببساطة فى إبتسامة ساحرة : _ دلوقتى مبقيش ينفع الكلام ده قولى الحمدلله ان ربنا بعتلى ريان وأُسيد والا كان ممكن متلقنيش قدامك لو ممتش منه كنت انا هخلص منى نفسى وارتاح فى نبرة شبه ضجر هتفت زمردة : _ انتى هبلة يابت ايه الكلام ده ، انا لو اعرف ان ريان ده مش عايز يأذيكى مكنتش قولتله كده بس اول ماعرفت انه ريان ابن ثروت صديته علطول غمغمت مبتسمة فى وجه مشرق وجميل : _ انا اصلًا مليش غيرك انتى وريان وسارة ثُم أكملت فى نظرات أسى وشجن : _ هتفضلوا لغاية امتى كده يازمردة انتى ليكى حق زي كل واحد فى البيت هناك ، ليه متروحيش تاخدى حقك انتى ؟ صمتت لبرهة ثُم نظرت لها وهمست بعينان تهيمان بالدموع : _ وانتى ليه متروحيش تاخدى حقك منهم ؟! ، مش هتردى صح اقولك ليه علشان احنا الاتنين زى بعض ياملاك اتربينا وكبرنا من غير اب ولا عيلة بس اتربينا على ايد عمتى فرودس وماما وانا مليش ام واحدة لا اتنين امى وعمتى فرودس الله يرحمها وانتى كذلك ، كبرنا على كده اتعودنا على حياتنا يمكن كنا اسعد منهم تعرفى كده على الاقل مكنش فى حاجة فى دماغنا غير اننا نلعب وناكل وننام ونستنى امى وامك لما يرجعوا من الشغل وناكل وننام مرتاحين يكفى اننا كنا بنحط راسنا على المخدة بليل وانا مرتاحين الضمير ، هما اللى مش مرتاحين لم تتمالك ملاك نفسها فأنخرطت تبكى معها بحرارة وهى تعانقها بشدة وهى تهمس بصوت مزقه الحزن : _ صدقينى كل ده هيعدى يازمردة وربنا هيعوضنا وهياخدلنا حقنا من كل واحد ظلمنا ! مررت يدها لاعلى واسفل على ظهرهها بحنان وهى تهتف بصوت باكى تحاول اظهار نبرة المرح : _ انت بنت نكدية والله ابعدى يابت جاتك القرف نكدتى عليا !! أبتعدت عنها لتطالعها مُبتسمة بحب وهى تجفف عبراتها لتقول زهرة بحماس : _ احكيلى انتى عاملة دلوقتى عند أُسيد ده ؟ بصوت يخالطه البكاء اجابتها : _ وهو انا من امتى برتاح يازمردة .. لا مرات خالى ولا أسمى طايقنى علشان كده عايزة امشى لكن أُسيد الصراحة كويس جدا معايا ومش هقدر اجى اقعد عندك لان اكيد اكرم اول مكان هيتوقعه هو بيتكم فا لو مشيت مش عارفة هروح فين بجدية تامة فى حدة اجابتها : _ ايوة هتروحى فين يعنى ، طلاما هو كويس معاكى ملكيش دعوة بأمه واخته ياملاك هما هيفهموكى مع الوقت صدقينى وهيحبوكى قطع حديثهم صوت رنين الهاتف الصاخب فأمسكت به واجابت بهدوء : _ الو اتاها صوت تعرفه جيدًا لا تستطيع نسيانه مهما فعلت جعلها تتعرف عليه فى الحال وهو يقول : _ لو خلصتى انا مستنيكى تحت ياملاك تعثرت الكلمات فى فمها لتخرج غير منتظمة وهى تقول : _ هاا .. انت .. اووف ماشى يا أُسيد نازلة ؟ أردفت زمردة بضحك خفيف وهى تطالعها بترقب : _ ما شاء الله بياجى على السيرة ! هبت واقفة وهى تتشدق بحنان جلى بعد أن عانقتها عناق حار مودعة اياها : _ يلا بقى انا همشى وبأذن الله هحاول اجى تانى ولو مقدرتش هتصل بيكى واوصفلك الطريق وتاجى انتى اماءت له فى لطف لترافقها حتى الباب وتودعها لتهبط هى الدرج حتى تغادر المبنى تمامًا وتستقل بالسيارة بجوراه وهى تهمس بخجل بسيط : _ معلش تعبتك معايا ؟ لفظ الحروف ببطء من بين شفتيه قائلًا : _ اظن أن انا اللى قولتلك انى هاجى اخدك مش انتى ! طفح الكيل من حالاته المزاجية المتغيرة هذه ليس مجبورة على تحملها لتصيح به فى أندفاع : _ ومحدش غصبك تاجى تاخدنى قولتلك هروح واجى وحدى انت اللى صممت ، كمان انا الغلطانة فى الاخر لما بقوله تعبتك معايا .. عارف انت انسان غريب والله يعنى اكيد فيك حاجة غلط ساعة تتكلم بحنان وهدوء وساعة مش طايقنى ، فى ايه يا أُسيد لو زهقت منى قولى وانا همشى والله علطول انا اصلًا أاا .... وجدته يضع يده على فمها مقتربًا منها ليغرس فى عينها شعاع عينه الثاقب مهمهمًا بصلابة : _ وعلشان انا انسان غريب بقى زى ما قولتى ياملاك متكتريش فى الكلام معايا علشان لا انا ولا انتى ضامنين ردة فعلى تسارعت نبضات قلبها واطرقت الطبول حتى كاد يسمعها عيناه الرمادية تحولت الى سوداء من فرط غضبه يكاد قلبها يدب من بين اضلعه كلما لفحت انفاسه الملتهبة صفحة وجهها ولكنها نجحت فى السيطرة على مشاعرها حيثُ دفعت يده بعنف عن فمها وتهم بفتح باب السيارة لتترجل منها وتذهب بمفردها فيقبض على ذراعها ويجلسها بالسيارة عنوة صائحًا : _ رايحة فين ، اقعدى مكانك مش ناقص جنان انا غامت عيناها الدمع وهى تنتزع يده من على ذراعها بشراسة ونظرات نارية فأنطلق بالسيارة وهى تستند برأسها على زجاج السيارة تتابع الطريق فى صمت حتى هتفت بخفوت فى صوت مبحوح : _ وقف العربية لو سمحت هنا ؟ _ ليه ؟!! صاحت بغضب هادر : _ هتوقفها ولا انزل منها هى وماشية ! أستقرت نظرة مشفقة منه عليها وعندما نظرت له أشاحت بوجهها للجهة الاخرى فورًا بأضطراب وهى تحاول التكلم بنبرة طبيعية : _ مقولتش انت تعرفنى ازاى وعايزة اعرف كل حاجة دلوقتى ؟ تن*د بتذمر وطفق يقول بخفوت بعد أن جلس يإرياحية اكثر : _ ملاك هو انتى فكرانى ايه انا كل حاجة عارفها عن العيلة دى واعرف حجات عن كل واحد محدش يعرفها زى ما انا عارف ان صحبتك دى زمردة بنت عمى عزت ، عمى مات قبل بابا طبعًا ووصاه على بنته ومراته دول وكان بيروح يطمن عليهم علطول وبالنسبة ليكم انتى وعمتى محدش كان عارف مكانكم غير لما جيتوا وسكنتوا قدام زمردة ، بابا طبعًا مكنش قادر يسامحها على اللى عملته وبرغم كده مش قادر يسيبها من غير حد يكون معاها او كده ، وقتها انا كنت عشرين سنة وريان كذلك بعدها مات بابا ووصانى عليكم انتوا وزمردة فانا بعت ريان وخليته هو اللى يتولى المهمة دى ويطمن عليكم من كل فترة لفترة وانا اتوليت مهمة زمردة وطبعا ده كله من غير ماحد يعرف انا وريان ومراد بس اللى كنا عارفين الموضوع ده وسارة كمان ، يعنى كنت عارف كل حاجة عنكم حتى كنا حاطين ناس بيراقبوكم ولما الراجل بتاع الشقة كان عايز يمشيكم علشان مدفعتوش الاجار وانتوا افتكرتوا أن اللى دفعه ريان لا انا اللى دفعت ريان وقتها كان مسافر بره مصر بس من وقت ما سبتوا الشقة محدش عرفلكم طريق .. اظن عرفتى دلوقتى ليه اتعصبت لما قولتى لريان أن الناس دول هما السبب فى اللى انا فيه لانك مكنتيش تعرفى اى حاجة ! تملكتها الصدمة وهى تارة تحدق به وتارة فى الماء امامها هاتفة بعدم استيعاب : _ مش مصدقة اللى بسمعه بجد دلوقتى فهمت ليه لما شوفتنى عند اكرم مستغربتش ولا حتى سألت ريان مين دى ودافعت عنى كأنك تعرفنى من سنين ، كنتوا عارفين كل حاجة وسبتونا فى اللى احنا فيه اكتفيتوا بأنكم تشوفوا لو عايزين حاجة ولا لا صح ، هل سألتوا نفسكم فى مرة ياترى محتاجين ضهر بتسندوا عليه محتاجين يشعروا بالامان والحنان محتاجين عيلة يتربوا بينها ، مسألتوش نفسكم صح عارف ليه يا أُسيد علشان مكنش عندكم وقت تفكروا كل واحد فيكم عايش حياته سعيد واحنا كان بيوصل بينا لدرجة اننا بننام انا وزمردة ورا الباب احنا وصغيرين معتقدين اننا هنقدر نمنع الحرامى لو جرب يدخل البيت ، مجربتش طبعا لا انت ولا ريان ولا سارة ولا مراد تكبروا من غير اب من غير حماية اتعودتوا أن كل اللى بتعزوه بيجليكم ، بس العيب مش فيكم ولا فى جدى ولا امى ولا عمى العيب فينا انا وزمردة احنا اللى ملناش حظ فى الحياة دى اتكتب على جبينا الشقى قالت أخر جملها وهى تنخرط فى موجة بكاء عنيفة ، كلماتها صوبت نحو قلبه الضربة القادية ، مزقته اربًا .. شعر بقلبه ينسحق تحت الأسى والشجن فهمس بصوت ينسدل الحرير ناعمًا : _ ملاك كفاية بكى لو سمحتى انا مكنتش اقصد كده صدقينى ، لو كان بأيدى انا وريان حاجة كنا اخدناكم وودناكم البيت بس مكناش عايزين المشاكل ليكم اعتقد انتى عارفة جدى كويس هو ده السبب اللى خلانا منفكرش فى اننا نجيبكم البيت ، انا كان قصدى اوضحلك انكم مكنتوش وحدكم واننا دايما كنا معاكم ومازالت معاكى التقى شعاع عينها فى عينه بدون قصد ثوانٍ مرت كالسنين عليها ليقطع تلك اللحظات صوت هاتفه فيخرجبه من جيبه ويقول بجدية : _ الو ياريان خير متصل فى اخر الليل كده ليه ؟ ريان فى نظرات خبيثة ومتقدة : _ جهز نفسك معانا طلعة بكرة لنجع حمادى مش اى طلعة بس هب واقفًا متحمسًا وهو يهتف بنبرة رجولية : _ تبقى عملتها يا ابن ثروت .. قولتلك انه مش هيبعد عن نجع حمادى وهتلاقيه فيها اكيد ، متقلقش انا مجهز نفسى اساسًا من زمان للحظة دى هاخد روحه بأذن الله هتف ريان فى لهجة لا تقبل النقاش ومحذرة : _ اياك يا أُسيد تقول لملاك أن الحيوان ده اخوها ! نظر لها للحظات فى تردد ثُم اجابه بخشونة : _ لما اشوفك نبقى نتكلم فى الموضوع ده ياريان _ تمام ، سلام هتصل بيك بكرة وهنتفق هنتقابل فين وامتى أنزل الهاتف من على اذنه وهى يتن*د بقوة فهمست هى بفضول بسيط : _ اعتقد انكم عرفتوا مكان اللى اسمه معتز ده ! عقد حاجبيه ورفع حاجبه الايسر قائلًا بريبة : _ وانتى تعرفيه من فين ؟؟! _ ريان قالى على بعض المشاكل والمصايب اللى عملها لما اصريت عليه انه يقولى .. على اى حال خدوا بالكم واضح انه واحد مش سهل والله هو الافضل انكم مترحوش ابدًا لكن العيلة كلها عندها عرق العند وبتعمل اللى فى دماغها دايما يعنى مهما قلت مش هيجيب نتيجة لا معاك ولا مع ريان إبتسم لها بصفاء ليتمتم بودٍ : _ كويس انك عارفة ، مش يلا علشان نروح ولا ايه ؟ اماءت برقة ساحرة فى إيجاب وهى تنهض واقفة على قدميها لتتبعه الى السيارة ... *** مع أشراقة شمس يوم جديد والسماء مزينة بقطع غيوم متقطعة ، كان يجلس أُسيد منتظر قدوم خليله حتى أتى ليصعدا بالسيارة وينطلقوا نحو منزله .... أوقف أسيد السيارة داخل أحد القرى الصغيرة حيثُ مكتظة بالاطفال الذين يلعبون والرجال الذين فى اعمالهم ببساطة كانت تع** مظاهر الحياة البسيطة ، كان كل من يمر يرمقهم بنظرات تفحص وأستغراب من تلك السيارة الفاخرة وملابسهم وهيئتهم التى تع** رغد العيش .. تقدم أسيد وتبعه ريان نحو أحد المنازل الصغيرة المتكونة من طابق ارضى ، فطرق ريان بطريقة لا يمكن القول عنها سوى انها همجية ، لحظات وفتح لهم فرأوا على وجهه إبتسامة ماكرة وكأنه كان منتظر قدومهم ! .. تلقى ضربة قادية من أسيد ابرحته أرضًا وهو يتحسس بأنامله الدماء التى بدأت تسيل من جانب ثغره ، ثُم دلفا واغلقوا الباب فأنقض عليه أسيد يكمل مابدأه للتو وكأنه يفرغ شحنة غضبه المكتظة بداخله منذ وفاة زوجته فى ذلك الو*د أستطاع ريان افلات معتز من بين يديه بصعوبة وهو يصيح به بصوت جهورى يحمل فى داخله التحذير : _ هتدفع تمن افعالك الـ *** دلوقتى يامعتز ، مقدرتش اقتلك وقتها علشان كان عندى عيلة خايف عليها لكن دلوقتى معنديش حاجة اخاف عليها خرج صوته متغطرسًا ضاحكًا : _ ومستنى ايه اقتلنى يلا ! هتف ريان فى تلك اللحظة فى نظرة تشتعل بفعل العواصف الهائجة داخله : _ مستعجل على موتك اوى ، متخفش هنحققلك امنيتك بس مش قبل ما نشبع من تعذيبك قطع حديثهم صوت رنين ريان التى تجاهله تمامًا فهتف معتز مبتسمًا بمكر : _ برأى ترد يمكن تكون حاجة مهمة ؟! صر أسيد على اسنانه فجذبه من ملابسه وهو يصرخ به بتحذير : _ اقسم بالله لو طلع انك أذيت حد لاكون دافنك فى أرضك يا *** أخرج ريان هاتفه ونقل نظره بين أسيد ومعتز فى توتر بسيط ثم اجاب بخفوت: _الو تيقن أسيد انه حدث شئ بالفعل عندما رأي علامات الصدمة بادية علي وجهه وهو يرمقه بزهول............... يتبع...... #ندى_محمود
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD