الفصل الثالث
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ام عبير : هو فين جراله إيه ! إيه اللى فى وشك ده يا عبير انتى مضروبة !
عبير باكية : لا يا امه دا ، دا ، ده أنا تقريبا لطمت كتير
فهمى : يلا بينا مفيش وقت ، ناخده نروح بيه أى مستشفى
وحملوه إلى السيارة وذهبوا به إلى المستشفى العام ، وهناك أدخلوه غرفة العناية المركزة لمحاولة إنقاذه ، قال الأطباء أنه تعرض لضغط عصبى حاد ، حاول فهمى يستكشف من عبير ما الذى تعرض له ، لكن بكاءها أسكته ، بعد قليل خرج الطبيب ليبلغهم أن حامد قد فارق الحياة ، صرخت أم عبير ودون شعور ألقت بنفسها فى حضن فهمى تبكى على ص*ره ، ربت على ظهرها وقبل جبينها حتى سكنت وهدأت ، شعر بسيل جارف من الحنان عليها عندما احتضنها وهو يطالبها بالهدوء لأجل ابنتها ، عاش بإحساسها بعد معاناتها فى مرضه وأحزانها اليوم لموته ، فاضت الدموع من عيني فهمى وهو يتابع عبير وهى تصرخ وتسقط على الأرض ، انهى الإجراءات وتم الدفن واصطحبهما للدار ، كان إلى جوارهما طوال أسبوع كامل ثم منحهما مبلغا كبيرا من المال وقبل أن يتفق معهما على القدوم فى اليوم التالى وجد ام عبير تخبره انها عائدة لعملها فى الغد ، حاول إثناءها عن قرارها لكنها أصرت ، مشاهد البؤس تأرجحت فى عيون فهمى الذى قرر أن يشترى لهما بيتا جديدا بجواره حتى تكونا تحت رعايته بشكل كامل ، وبالفعل خمسة أيام وانتقلتا للبيت الجديد ، كل ذلك أخذه من وقتة مع سامية التى كانت تعرف أن لديه قلبا حنونا لن يسمح له برؤية محتاج دون مساندة ، لكنه ملأ حياتها بالخروج والتنزه وزيارات المساكين لتقديم العون ، جعل لها نصيبا فى المشاركات الخيرية ، وأقحمها لتفكر معه كيف يمكن دعم الناس وبث الأمل فى نفوسهم ، كان فهمى يقضى وقتها لياليه فى المكتب يفكر كيف لو تكررت حالة حامد أو حالات مشابهة لها ، ما العمل ! مثل هؤلاء البؤساء لا يملكون إلا قوت يومهم ، اختمرت فى عقله فكرة تنفعهم ، بدأ بت**يم دراسة شاملة لما يفكر فيه، ذهب فى ليلة ليطمئن على سامية وابنها فى غرفتهما فانتبهت له سامية التى أشارت إليه أنها ذاهبة إليه فى غرفته ، أغلق الباب خلفه ثم انتظرها فدخلت عليه مبتسمة !
سامية : أخيرا رضيت عنى !
فهمى : كل الرضا حبيبى
. أخبرها بأنها الآن تحتاج له كأخ أكثر من ذي قبل وبعد قليل ستعرف لماذا ، أخبرها بأنه فى هذه الأيام يفكر جديا فى طريقة تسعدها مدى الحياة ، فقط عليها الصبر شهرين أو أقل ، قبلت جبينه مؤكدة على ثقتها فيه ثم تركته للنوم وعادت تنام بجوار كريم ، فى الصباح جاءت ام عبير ثم طرقت باب غرفة الباشمهندس فهمى الذى خرج إليها وقد بدا على وجهها القهر والذل معا !
فهمى : إيه مالك يا ام عبير خير !
أم عبير باكية بمرارة : خير منين بس يا بيه ، عبير معايه تحت ، أنا قلتلها ان انت اللى لينا بعد ربنا ، انجدنا يا بيه ، الحقنا ربنا يستر عرضك !
فهمى : طب اهدى بس فهمينى فيه إيه ، عبير مالها ؟
ام عبير : حقك عليا يا بيه صحيتك وقلقت منامك بس احنا مالناش غيرك
نزل معها السلم فوجد عبير تبكى وبحرقة ، أخذهما ودخل مكتبه وبدأ ينصت لحديث عبير !
فهمى : اهدى يا عبير واتكلمى ، كل مشكلة ليها حل
ام عبير : عبير حامل يا بيه ، حامل من وحيد ابن اخوك ، ابن العمدة !
فهمى : وحيد ! وازاى ده حصل كلمينى يا عبير انا مش مستحمل
عبير باكية تمسح دموعها : تانى يوم ما حضرتك جبت لى الكمبيوتر واللاب توب جالى البيت وامى هنا عندكم وقال لى انه عاوز يعرف لو كنت محتاجة انترنت ، شكرته وقلت له مش ضرورى ، خرج ورجع تانى يوم يسألنى لو كنت محتاجة حاجة ، بقيت مستغربة هو بيعمل كده ليه ، بعد كام يوم لقيته بيطلب يقابلنى بره البيت عشان عاوزنى فى موضوع مهم ، خرجت معاه مرة واحدة ومالقيتش مواضيع غير انه بيحبنى ونفسه يتقدملى ، حاول يمسك إيدى ويقول لى كلام حلو ، كنت عارفة فرق السما من الأرض اللى بينى وبينه ، بقيت أنفعل عليه عشان يرجع عنى ، لحد يوم ما اتصلت بيك تيجى تلحق أبويه ، قبلها بساعة جالى البيت وقال ان انت اللى باعته بفلوس وقعد وطلب شاى ، دخلت اعملهوله ، جه ورايه المطبخ مسكنى من وسطى وحضننى من ضهرى ، زقيته وقع ع الأرض ، جريت منه على أوضة أبويه ، جه ورايه ومسكنى وقعنى ع الأرض خبطته بكوباية فى راسه ، قعد يض*بنى على وشى بالاقلام وبدأ يقطعلى هدومى ، كنت بصرخ لكن محدش سمعنى غير أبويه اللى كان شايف كل ده وعاوز يلحقنى مش عارف ، وحيد كان م**م يعمل اللى فى دماغه ، ماقدرتش عليه وانا عينى على ابويه اللى بيتقطع قدامى وهو شايف اللى بيجرالى قدام عنيه ، فجاة لقيت ابويه رفع جسمه وهو بينازع ، وقع ع الأرض ، حاولت أروح له ، استغل وحيد الفرصة وهجم عليا و... وحصل اللى حصل ، قام بعدها بص على ابويه وخرج ، قمت مش قادرة اتحرك زى المشلولة ، روحت عند أبويه لقيته مابينطقش ، اتصلت بحضرتك تيجى تلحقنى
فهمى بحدة وبعنف : الكلب الخسيس ابن الكلاااااب ! ده حتى ما احترمش مرض الراجل قدام عنيه ونهش فى عرضه قدامه ، يعنى كان السبب فى موت ابوكى ! ماقلتليش ليه من يومها ما قلتيش ليه ! ده لو كان ابويه ماكنتش هاسيبه !
ام عبير : ماكانتش راضية تقول لحد يا بيه ، كانت خايفة يضطهدونا ، دى ماقالتليش أنا عشان عارفة انى مش هاسكت الا لما عرفت لوحدى وهى وشها بيصفر وبتدوخ وبترجع
فهمى : هما مين دول اللى يضطهدوكم ! اللى يقربلكم هامسح إسمه من على وش الدنيا ، استنونى هنا نص ساعة وجاى لكم
ام عبير : هاتعمل إيه يا بيه !
فهمى : ما ابقاش فهمى ابن الحاج حسين الراعى لو ماجبتهوش هنا هو وابوه زاحفين يترجوكم توافقوا يتجوزها
انطلق فهمى نحو بيت أخيه سرحان سيرا على قدميه ، دخل من البوابة يقرع باب الدوار قرعا متتاليا ، فتح سرحان والخوف على وجهه !
فهمى : هو فين الكلب ابن الكلب اللى اسمه وحيد
سرحان : كلب وابن كلب كمان ! انت عاوز ايه يا فهمى ع الصبح فيه إيه ؟
فهمى : عاوز وحيد بيه ، هاتك الأعراض اللى انت ماعرفتش تربيه
سرحان : وحيد ابنى هاتك أعراض ! وعمه اللى بيقول كده ، ده البلد كلها بتحكى وتتحاكى بيه وباخلاقه
فهمى : وسع من قدامى فين أوضته اخلص
دخل فهمى غرفة وحيد فوجده نائما ، أمسك بمجامع ثوبه يوقظه من نومه ، استيقظ والرعب يتملكه !
فهمى : قوم تعالى معايه دلوقتى تكتب على عبير
وحيد : عبير ! اكتب عليها ليه ؟
سرحان : عبير مين دى ؟ ويكتب عليها ليه ! الواد لسه فى التعليم ، ماتقول فيه ايه وتفهمنى
فهمى : البيه ابنك دخل بيت الصياد الغلبان حامد واغتصب بنته قدام عنيه وحملت منه واتسبب فى موته ، عظيم بيمين لو ما جيت معايه لاكون قاتلك وشارب من دمك قدام ابوك ، وانت يا سرحان هاسلمك للنيابة بتهمة استغلال نفوذ وتسهيل الاعتداء الجنسى لابنك بإساءة استخدام سلطاتك واود*ك فى ستين داهية وهعمل لك فضيحة فى البلد يا عمدة يا اللى مش عارف تحكم ابنك ! حق الغلابة هاجيبه بدراعى يا سرحان !
سرحان فى خزى ومذلة : ايه الحكاية يا وحيد ! اللى بيقوله عمك ده مظبوط
سكت وحيد بينما صفعه عمه على وجهه صفعة مدوية نطق بعدها ووجهه فى الأرض !
وحيد : أيوة حصل ، بس
سرحان : ما بسش ، اخرص خالص ، تعالى يا فهمى عاوزك فى كلمة
فهمى : لو قلت أى حاجة غير انه ييجى يكتب عليها ودلوقتى مش هايبقا فيه كلام بيننا وحقهم انا اللى هاجيبه ، إيه !! هى اعراض الناس رخيصة فى نظركم وبتستحلوها ، عاوز تقول إيه ! نديهم قرشين ونجوزها لواحد من رجالتك مش كده ! وحيد هاييجى معايه دلوقتى يعنى دلوقتى وانت كمان هاتيجى معاه ، اتصل بالمأذون خليه يروحلنا الفيلا والا هاتصل بالنيابة تيجى تاخدك انت يا سرحان وابنك ده الدبان الازرق مش هايعرف طريق جثته
كانت كل تلك الصدمات كفيلة بأن يرتدى سرحان عباءته ويأخذ وحيد من ذراعه فى **ت لينطلق ثلاثتهم نحو فيلا فهمى ، دخل من الباب وهما خلفه ! لم تكن سامية قد استيقظت بعد !
فهمى : تعالى يا كلب ، بوس راس حماتك ، بوس رجلها يمكن تسامحك ع اللى انت عملته
أم عبير : العفو يا بيه انتو اسيادنا وعلى راسنا
فهمى : انتى اللى ستنا وعبير ستنا وفوق راسنا انتم الاتنين ، سرحان ! اطلب ايد عبير من امها لابنك
سرحان : احنا طالبين ايد عبير لوحيد يا صفية قلتى إيه ؟
فهمى : هو إيه اللى قلتى إيه ؟ قول هاتجيب لها شبكة بكام وعفش بكام وشقة كام أوضة ، والفرح هايتعمل فى أنهى قاعة أفراح ، هى من الشارع ولا إيه !
سرحان : هانـ ، هانجيب لها اغلى شبكة وانضف عفش واللى تقول عليه كله مجاب
فهمى : إيه رأيك يا ام عبير ؟!
أم عبير : اللى تشوفه يا بيه
فهمى : إيه رأيك يا عبير ؟ أهه المأذون جه !
عبير : اللى تشوفه يا فهمى بيه
فهمى : عمى ! قولى لى عمى زى ما جوزك بيقول لى
المأذون : الصور والبطايق بعد إذنكم
فهمى : آخر النهار تكون الصور عندك يا مولانا بس اكتب دلوقتى وانا هابقا اعديهم عليك ، حافظ رقم بطاقتك يا بيه ؟
وحيد : أيوة يا عمى حافظها
فهمى : وانتى يا عروستنا يا قمر ؟
عبير : حافظاها وعندى الصور هابقا اجيبها لحضرتك
وضع وحيد يده فى يد عمه فهمى الذى اختارته عبير وكيلا لها فى العقد ، وأصر فهمى على أن يكون مؤخر الصداق ثلاثة ملايين جنيها وسط دهشة كل المتواجدين ، عقد المأذون العقد وخرج بمبلغ ضخم دفعه له فهمى ، وبعد انصرافه أخرج فهمى ورقة وكتب قائمة منقولات فاخرة تجاوزت قيمتها مليون جنيها ، واعطاها لأم عبير التى أصرت على بقائها معه ، تم تحديد موعد الزفاف خلال يومين فقط على أن يسكن وحيد مع عبير وامها فى بيتهما الجديد إلى حين بنائه لبيت يليق بعروسه ، انصرف الجمع وهمت أم عبير تقبل قدم فهمى الذى منعها وهو يقبل رأسها ، ضمها لص*ره وهى تبكى ، عانقته وجعلت تمطره بالدعوات وعينها لا تتوقف عن الدمع ، نظر لوجهها بابتسامة ثم قبل خدها بهدوء وهى خجِلة بينما هو يربت على كتفها ويعدها ألا ترى إلا الفرحة وراحة البال ، وعدها كذلك منذ يومها أنها ليست خادمة فى هذا البيت بل من أهله ، لها الحرية للتصرف فى كل شئ والامتناع عن أى شئ ، وأقيم حفل زفاف عبير ووحيد ويومها كانت أم عبير فى أبهى حلة وأطيب زينة ، نالت إعجاب الجميع ، الفرحة على وجهها وعيناها لا تفارقان فهمى ، جلس فهمى وسامية فى الصف الأول بينما راح الأقارب والأهل يطلقون النيران احتفالا وبهجة ، همس فهمى فى أذن سامية وهو يقول !
فهمى : عقبالك يا قمر واعمل لك اكبر فرح فى المنطقة كلها
سامية مبتسمة : خلاص بقا انا جربت حظى مرة ، انت اللى لازم تتجوز
فهمى : يعنى مش هاترضى تتجوزى الأستاذ عماد ؟ طب أقول له بقا قبل ما ييجى بكرة يطلب إيدك ، احسن ت**فيه !
سامية فى دهشة وسعادة : بكرة ! عماد ! ايه اللى انت بتقوله ده ؟!
فهمى بهمس : هو انا بالعب ! عدتك خلصت من كام يوم يا هانم ، انا رتبت لعماد مقابلة صدفة من يومين هههههه ، خدى بالك صدفة ! وقعدت معاه وجرجرته فى الكلام وعرفته انك اتطلقتى ، قعدت الف وادور عليه حوالى ساعتين انه ينطق ! أبدا ، لحد ما خليته يفهم انك مش موافقة على أى حد الا لو كان بيحبك وطول عمره بيتمناكى وهو ده شرطك الوحيد ، لقيته راح ناطق على طول وطلب ييجى يشرب الشاى معانا ، قلت له ييجى تانى يوم فرح وحيد ، ثم رفع فهمى صوته والتفت للخلف وهو يقول : وأنا اللى دعيته يحضر الفرح ، مش كده يا عمدة !
عماد من موقعه خلف فهمى : كده يا احلى باشمهندس فى الدنيا
سامية تنظر خلفها وتشهق شهقة عميقة : عماد !
فهمى : آه عماد ، إيه شوفتى عفريت ، تعالى يا عماد اقعد مكانى
سامية فى خجل تمسك بيد فهمى : لأ فهمى ، فهمممممممى !
فهمى : إيه عاوز اطلع انقط ، اقعد يا عماد يا اخى
عماد : مش عارف أقول إيه ولا أبدأ منين بس
سامية : بس إيه
عماد : انا بحبك يا سامية
سامية : عماد ! احنا فى فرح عيب كده ، خلى الكلام ده لبكره ، وبعده ، وبعده
عماد مبتسما : طول العمر ، انتى حب العمر
سامية : وانت العمر اللى استنيته يا عماد
وتمت مراسم زواج سامية وعماد وانتقل كريم بعد أسبوع للعيش معهما ، وعاد فهمى وحيدا فى الفيلا ولا زالت أم عبير تقوم على رعايته وهى فى غاية الامتنان له ، ذات مساء أقبلت أم عبير إليه فى مكتبه بفنجان القهوة فوضعته أمامه وهى تدعو له بالصحة والسعادة ، كانت ابتسامتها هذه المرة ابتسامة فتاة فى العشرين نظر لها فهمى نظرة تختلف عن نظراته السابقة لها ، طلب منها الجلوس وجلس امامها ، استمر الحديث بينهما ما يقرب من ساعتين لكنه كان حديثا مختلفا ، أم عبير كانت مرحة أكثر من المعتاد ، أخذت تروى له طرائف عن بعض الشخصيات فى القرية ، انتزعت ضحكات فهمى الذى دمعت عيناه من كثرة الضحك ، بينما ضحكاتها كانت تخرج من القلب وسعادتها كانت تغمرها لأنها ترى فهمى سعيدا مستبشرا ، **ت فهمى قليلا ثم نظر لصفية فى هدوء ورومانسية ثم قال !
فهمى : تتجوزينى يا صفية
أم عبير : بتكلمنى انا يا بيه ؟!
فهمى : اسمى فهمى يا صفية ، تتجوزينى !
أم عبير : هو انا أد المقام يا بيه ؟ ده انت ست مين تتمنى تراب رجليك !
فهمى : وانتى يا ام عبير ستهم كلهم
أم عبير : صفية بقا يا بيه ، بس أصلى انا مش ...
فهمى : إيه مش مصدقانى صح !
ام عبير : العفو يا بيه ! ده انت الكلمة اللى تقولها ميزان حق
فهمى : طيب اخطبك من مين أنا يا صفية ؟
ام عبير : يا بيه انت بت**فنى كده انا .... انا ماشية
فهمى : صفية !
ام عبير : يا قلب صفية ، يا عمر صفية أقول ايه بس ده انا .... !
فهمى : انتى فى عنيه الاتنين ، موافقة !
أم عبير : هو انا كنت احلم تقولهالى يا بيه !
فهمى : قولى لى فهمى بقا بلاش بيه دى احسن اسيبلك البلد وارجع الإمارات تانى
أم عبير : لا فهمى ، خلاص ، فهمى وستين فهمى كمان ، ترجع فين ، ده انت كل اللى لينا فى الدنيا دى بس أصل انا عارفة ان سعادتك مشتاق للخلفة وضرورى محتاج واحدة شابة تجيب لك بيه صغير كده ماتآخذنيش يعنى !
فهمى : لا خلاص يا صفية ، الحلم ده بقا فيه مكانه أحلام تانية كتير ، وبعدين لو كان على إحساس الأب فأنا باحسه ناحية عبير وناحية كريم وحتى وحيد هو كمان ، كلهم اولادى ،
أم عبير : قصدى من صلبك يحمل اسمك لا مؤاخذة يعنى يورثك بعد عمر طويل !
فهمى : اسمى اولى بيه يحمله الخير اللى نفسى اقدمه للناس ، مش ابن يشيله بخير ولا شر ، وفلوسى اللى هاسيبها ماينفعش تكون لواحد بس ، يتعلم بسببها ال**ل والأنانية أو يتحول بسببها لغول بيزيح من طريقه أى حد ، لو كنت عاوز اسمى وفلوسى يفضلوا فى الدنيا بجد هاسيبهم للناس كلها تفتكرنى بدعوة من القلب أو ابتسامة تترسم فى قلوبهم قبل ماتكون على ملامحهم
أم عبير : ربنا يد*ك الصحة والعمر الطويل بس كان قصدى... ..
فهمى : صفية انا بحبك ، تتجوزينى !
أم عبير : يا لاااهوى على كلامك يا سى البشمهندس فهمى بيه !
فهمى : طب أنا كنت هابعت أجيب المأذون ، إنما عشان طابور الألقاب ده اللى حطيتيه قبل اسمى وربنا هانروحله احنا الاتنين تعالى !
وتم زواج فهمى بصفية ، وكان فهمى يعيش معها أجمل أيام عمره ، كانت له الحنان والأمان والدفء ، استعاد معها طعم السعادة ، وتفرغ ذهن فهمى تماما لينهى الدراسة التى أعدها لأجل فقراء الحال فى قريته ، كانت فكرته تتلخص فى انشاء صندوق استثمارى لكل قطاع من المهن ، يساهم فى تحسين أحوالهم المعيشية وإقامة عدد من المشاريع لتستوعب المتعطلين منهم وتدر دخلا للصناديق لتنميتها حتى تكون داعمة لهم وقت الازمات على النحو التالى :
صندوق بقيمة عشرة ملايين جنيه بحساب بنكى للصيادين وأسرهم يتم تخصيص جزء منه لإنشاء ورشة لصنع المراكب الخشبية ومحلات لمستلزمات الصيد ووكالة لشراء الأسماك من الصيادين وبيعها بالجملة للتجار .
صندوق بقيمة عشرة ملايين جنيه بحساب بنكى للمزارعين وأسرهم يتم تخصيص جزء منه لتأسيس مزارع للدجاج والبقر والغنم ومعامل للألبان وثلاجة لتخزين الخضروات والفاكهة الموسمية .
صندوق بقيمة عشرة ملايين جنيه بحساب بنكى للحرفيين وأسرهم يتم تخصيص جزء منه لإنشاء مصنع للجلود وآخر للمنسوجات وآخر للموبيليا وتشييد مقر لتخزين وتدوير القمامة .
صندوق بقيمة عشرة ملايين جنيه بحساب بنكى للعمال اليوميين وأسرهم فى مختلف الأعمال من بناء ومحارة ودهانات إلى غير ذلك يتم تخصيص جزء منه لإنشاء شركة للمقاولات الهندسية تضمهم جميعا برواتب شهرية ويتم توزيع الأعمال عليهم وفقا لجداول داخل وخارج القرية مع حصولهم على حافز مع كل عمل ينجزونه .
صندوق بقيمة عشرة ملايين جنيه تتولى الدكتورة سامية الإشراف عليه بشكل تام لرعاية اليتامى والأرامل وذوى الاحتياجات الخاصة مع منح رواتب للطلاب الغير قادرين فى مختلف المراحل التعليمية .
كل الأموال كانت منه وحده وكل المشروعات أقيمت على أرضه هو تبرعاً منه ، ثم أنشأ ما يشبه مجلس إدارة من العدول لكل صندوق ليتولى الإشراف والإدارة لكل تلك المشروعات ودراسة الحالات ودعمها فور الحاجة ، أصبح ما يفعله نموذجا سعت كل القرى المجاورة لأن تتبناه وتنفذه كما تراه فى قرية فهمى الذى أصبح بين يوم وليلة حديث المحافظة ، صار بيته منتدى وقاعة للنقاشات فى كل ما يخص الشأن العام وما ينفع الناس ، وبعد انتهاء أحد اجتماعاته الأسبوعية مع وجهاء القرية وبسطائها من رجال وشباب وسيدات وبنات سار فى حديقته التى صار يتولى رعايتها بنفسه فتوقف أمام الأشجار ، بعضها غير مثمر لكنه ظليل ، وبعضها لا يثمر ولا يظل لكن أخشابه قيمة ، ثم توقف أمام شجرة مثمرة وهو يحدث نفسه : لكل شجرة قيمة وفوائد ، لو فقدت فائدتها لكان قطعها حلالا ، ولو أننى انكفأت فى الحياة على نفسى واكتفيت بها لكان عمرى وبالا .
# # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # #