وادي الخطر

4974 Words
كانت الأرض المتاخمة لمدينة مفعمة بالمرضى بأحلام اليقظة قبل أن تغمض عين ، وبين الجبال الشاهقة التي تشق السحاب المتكاثفة في سماء الصيف ، بص*ر أحد الشطآن الرحبة التي تنتشر على امتداد الضفة الشرقية لـلبحر ، حيث تتسع حافة البحر خالقة مساحة متسعة أطلق عليها البحارة القدماء (لسان العطش) والذين كانوا دوماً يقللوا من سرعة قواربهم الشراعية عندها ملتمسين بركة (الشيخ الغريب) ، نشأت مدينة تجارية صغيرة ، ميناء ريفي صغير يدعى (الشط الكبير) ! ! اصطلح على تسميته (اللسان)؛ أو مدينة البحر كما أطلقت عليه سيدات المنازل في المدن المجاورة حيث اعتاد أزواجهن التلكؤ فيها لبعض الوقت والعربدة بالحانة في أيام المتاجرة ، وعلى بعد ميلين من تلك المدينة يوجد جوف صغير بين التلال المرتفعة يمكنك اعتباره من أكثر الأماكن هدوءا في العالم ، يمر عبره جدول صغير ، ولا يبدد هذا الهدوء المقيم سوى صفير العصافير أو نقيق الضفادع في العشب الشيطاني على حافة البحر والمستنقعات الداخلية . * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * عُرف هذا الوادي الصغير باسم (وادي الشط) حيث يقول البعض أن هذا المكان قد سُحِّر خلال الأيام الأولى لاستيطان البحارة فيه والبعض الآخر يرجح أن صوفي ماهر هو سيد عشيرته قد حمل مريديه إلى هناك قبل اكتشاف البلدة وبسبب ذلك ظل المكان واقعا تحت تأثير بعض القوى السحرية التي تسيطر على إدراك الأصحاء من سكان البلدة فتجعلهم يهيمون في أحلام يقظة مستمرة وخواطر غريبة ورؤى متعددة لمشاهد عجيبة ويسمعون موسيقى وأصوات تتردد في الهواء ، ويقص كل من في المدن المجاورة عنهم العديد من القصص والحكايات المحلية التي تتحدث عن البقاع المسكونة بالأرواح وخزعبلات الغسق . واللافت للنظر أن تلك النزعة التنبئية والأوهام لا تصيب فقط أبناء البلدة الأصليين ولكنها تلحق بكل من يستقر هناك لبعض الوقت ، والذين يؤكدوا أنهم يقعوا تحت تأثير تلك القوى السحرية بمجرد دخولهم إلى تلك المنطقة واستنشاقهم الهواء المسحور تبدأ مخيلتهم في النمو ويغرقوا في أحلام اليقظة . بين أحضان تلك الطبيعة الخلابة ، منذ ما يقرب من نحو الثلاثين عاماً اشتهر بيت (آل حمدان) القادم من صعيد مصر وعائلته التي كانت تحرص على إمداد الاتحاد بمديري المدارس لتعليم الأبناء والحطابين الجيدين لأعمال الغابة ، قدم (علي حمدان) إلى (وادي الشط) لتعليم الأبناء ، كان (علي حمدان) ذو هيئه تشبه الكاتب المصري الجالس القرفصاء برأسه المستدير وجلسته العجيبه على المصطبة أمام البيت كأنه يراقب اتجاه الريح في الحقول حيث كان طويل القامة بدين جدا بأكتاف عريضة وأذرعه تمتد إلى خارج أكمامه وأقدامه الطويلة التي تشبه المجارف ورأسه الصغير المنبسط من أعلى وأذنيه الطويلتين وعيناه الزجاجيتان العسليتان وأنفه المدبب الطويل ، تراه يمشي في يوم عاصف بملابسه المتسعة التي يغوص جسده بداخلها تحسبه فزّاعة هاربة من حقل قصب . * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * وكان مبنى البلدية مكون من غرفة كبيرة ، مبني بإهمال ونوافذه غير مكتملة الزجاج ، مرقّع ببقايا الدفاتر القديمة ، كان المكان سهلا جدا لأي لص قد يفكر في سرقته عند دخلوه بينما قد تعترضه بعض العراقيل عند الخروج ، وكان مبنى المدرسة يقوم وحيدا أسفل تل من الأشجار تؤنسه ساقية تركض قريبة منه تنمو على إحدى جوانبها شجرة بتولا عملاقة ، يهدر صوت التلاميذ في المدرسة المجاورة في ترداد دروسهم كصوت صادر عن خلية نحل في يوم صيفي خامل ، يقطعه أحيانا صوت المعلم منبها أو موجها وكأنما يقود بعض من قراميط البحر العنيدة لطريق معروف ، أو الصوت المزعج للبوم ، كان شقيقه (عادل حمدان) رجلا واعياً يرى في تعليمه لأبناء وادي الشط والقيام بالواجب ، يمارس دوره بمنتهى الحكمة فكان يساعد الضعفاء منهم ويزيل عن كاهلهم الأعباء الثقيلة التي يسندها للأقوياء من بينهم ، كان دوما يجنب الصبية الخوف من العصا ، فهو يؤمن بالمثل القائل (تبقى العصا ويفسد الطفل) ويسعى لتحقيق الثواب والعقاب بإفراط العقاب على التلميذ العنيد ، الذي يثير غيظه ويجعله كقنفذ البحر الهولندي الذي ينتفخ وينمو تحت شجرة البتولا ، ولا يعاقب طالب إلا بعد إيعاز من أهله ، ويعزي ما قد يلحق بهم من ألم إلى أنهم سوف يشكرونه في يوم من الأيام على الفرصة التي أتاحها لهم للحياة بشكل أفضل ولو ليوم واحد . . * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * حين تنتهي ساعات الدراسة ، يشارك (عادل حمدان) الصبية الكبار في لهوهم وفي عصر يوم العطلة يرافق الصغار منهم إلى بيوتهم بحجة إيصالهم ، بينما يهدف بذلك إلى الإبقاء على علاقات جيدة مع أولياء الأمور وخصوصا من لهم أخوات جميلات وأمهات رائعات في الأعمال المنزلية لإشباع شهيته النهمة للطعام ، حيث أن ما يحصل عليه من أجر في المدرسة ضئيل للغاية يكفيه بالكاد لشراء الخبز اليومي ، فعلى الرغم من ضآلة حجمه إلا أنه كان يتمتع بشهية مفتوحة للطعام كشهية أفعى الأناكوندا ، كان يعيش على التنقل بين بيوت تلاميذه يمكث في كل منها لبعض الوقت حاملا معه منديل قطني كون صرة تضم كل ممتلكاته في تلك الحياة . * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * بعيدا عن الوقار المفرط الذي كان يبدو به في المدرسة ، كان (عادل حمدان) يتعاون مع الفلاحين في إعداد العلف وإصلاح الزرائب ورعي البقر إلى المرعي ، مما جعله يلمس الرضا في عيون الجميع وخصوصا الأمهات لمساعدته لأطفالهن ، فكان يجلس مع الأطفال ويداعبهم ويهز مهد الرضع منهم بقدمه في سعادة لساعات . بالإضافة إلى ذلك كان (عادل حمدان) المطرب المفضل لأهل البلدة ، يجني بعض العملات المعدنية اللامعة حين يقود كورال الصغار في القداس ، كان (عادل حمدان) يزاول كل تلك المهن دون التفكير في عمل واحد مرهق يكفل له حياة سهلة وأكثر راحة . * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * وكان (عادل حمدان) يحظى ببعض الأهمية في دائرة نساء البلدة ، بشخصيته المحترمة الأنيقة وما يمتلكه من عظمة وكبرياء الأغنياء ، كان في أيام الجمع يجمع العنب لفتيان وفتيات البلدة من العروش الموحشة الملتفة حول الأشجار في ساحة المسجد ، وكان يقصص عليهم ما تحويه المرثيات المكتوبة على شواهد القبور ، ويتجوّل مع مجموعة منهم على ضفاف بركة البئر المجاورة للمسجد ، بينما تدبر عنه الخجولات منهن بسذاجتهن الريفية ، يحسده الجميع على أناقته وشهرته ، كان بمثابة جريدة يومية متنقلة تنقل الأخبار من بيت إلى بيت ، كان محترما من قبل الرجال والنساء لسعة معرفته وقراءاته المتنوعة ، كان خليطا فريدا من الدهاء والسذاجة ، فكان ملما بتاريخ ساحرات نيو إنجلد ، مغرما بالحكايات الغير اعتيادية ، فكانت قمة متعته حين ينتهي اليوم الدراسي يتمدد على الحشائش الخضراء المتاخمة للساقية ليقرأ في الجرائد اليومية أو كتاب للعقاد أو للمازني دون خوف أو ريبة حتى يسقط الغسق ، ليبدأ في رحلة عودته إلى بيته الريفي المربع البناء ، ترافقه أصوات الطبيعة ونقيق الضفادع تحت الشجرة ، وصياح البوم الكئيب ، الذي يرفرف فيهيج أخيلته ، فلا يمتلك في هذا الجو الكئيب سوى ترديد ايات او اغنيات ، وأهالي وادي الشط الذين اعتادوا الجلوس أمام منازلهم في المساء ، يقطع صمتهم صفير (عادل حمدان) وهو يدندن ببعض أغاني على طول الطريق المظلم . كان كذلك يؤنس وحشته في ليالي الشتاء الطويلة بالجلوس مع العجائز المؤتنسات بنار الموقد التي يحمصن فيها الذرة المشوي المرشوق في أسياخ ، ليستمع لحكاياتهن العجيبة عن الأشباح والعفاريت ، و الجسور و المنازل المسكونة بها ، و خصوصا قصة الفارس الذي فقد رأسه ، بينما يمتعهن هو بحكاياته عن السحر و الطالع والمشاهد و الأصوات العجيبة التي تملأ الهواء والتي كان يسمعها في بلدته ، ويرهبهن بتوقع النيازك والشهب والمذنبات ، ومما يعرضهن للتوتر والقلق . * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * بينما كان يعتبر هذه متعة ، كان يتقوقع على نفسه والوهج المتورد القادم من المدفأة وطقطقة الخشب المحترق ينع** فوق صفحة وجهه ، ثم يواصل المشي السريع في الطريق إلى بيته ، والذي يخيم عليه الظلام والظلال الخائفة ، وسط الوهج الضعيف لليل المثلج ، يرقب الوهج الضعيف القادم من النوافذ البعيدة ، خائفا حتى من النظر خلف أكتافه كي لا تباغته النداهة مقطوعة الرأس ، ويتملكه أحيانا الفزع الرهيب حين يسمع صوت انفجار مفاجئ يصدح من بين الأشجار يرجح بأنه صوت عدو النداهة مقطوعة الرأس . * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * كان كل ذلك مجرد خيالات تتراءى له في الظلام ، كرؤية شياطين تحيط به ، ضوء الشمس كان كفيلاً بإنهائها جميعا ، كانت حياته ستكون اكثر سهولة ومتعة إن لم تتخللها تلك الحكايات والأعمال الشيطانية ، وما يعترض طريقة من مخاوف في عودته إلى بيته ، وما أربك به حياته من تلك الشئون . * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * وهذا ما حدث بالحرف في يوم من الأيام . . إذ تم نقل زوجها إلى مشفى المدينة إثر إصابته بإصابة عمل خفيفة في المعمل . وفيما كانت ( سارا ) تبكي بحرقة وهي في طريقها إلى المدينة ، رافقها ( أنور ) الأعرج . أَوَ لم يكن صديق زوجها الصدوق ؟ ثم ألم تحدث الإصابة في معملهم كذلك ؟ وفي الطريق جلسا متجاورين جنباً إلى جنب في السيارة الصغيرة ، ووليدها ( سمير ) في حضنها ، التصق الرجل بها قدر ما استطاع ، وانطلق لسانه من فمه الذي يفوح بروائح الخمر : " ( سارا ) ، اسمعيني ، إنك جميلة جداً ، ألا تفهمين ذلك من نظراتي ؟ زوجك رجل وسيم ، أعرف ذلك ، لكنه ليس أكثر من هذا يا أمي . وافقيني ، واطلبي مني ما تشائين . تعرفين أنني عازب ، ولم أتزوج إلى الآن . وسوف أغمرك بالسعادة التي لم تخطر لك ببال . . . . " لكن ( سارا ) صدَّته بحزم عنيف ، وهددته بأن بإمكانها أن تُخبر زوجها إذا ما حاول معها بنفس الطريقة الكريهة ، ثمّ بعد ذلك . . . " وماذا سيحدث بعد ذلك ؟ أنا غني . يدي طويلة ، وذراعي طويلة . . . " أجابت في حدة : " لا جعل الله رجلاً آخر غير زوجي من نصيبي يا ( أنور ) أفندي . . . " عاد يلح : " فكِّري جيداً ، ولا تتسرَّعي ! " قالت في اصرار : " لا داعي لأن أفكر ، فقد قلت لك في البداية ، ما سوف أقوله في آخر الأمر . " قال في ثقة : " حسن ! لا ضير في ذلك ، إنني رجل صبور ، وسوف أنتظر . وسوف تأتين إليَّ زاحفة يوماً ما ، ( سارا ) تعالي متى تشائين ، فسوف أنتظر ! " . لم تُطل الحديث ، وقطعته قائلة : " تنتظر بلا جدوى طيلة حياتك . وليعميَ الله عينيَّ هاتين إن قلت نعم لغير زوجي طالما كان على قيد الحياة ، هل سمعت ؟ " تماثل زوجها للشفاء ، وغادر المستشفى بعد أسبوع ، لكنّه فقد عمله في محلجة عم ( أنور ) . وكان الأعرج غائباً عن الساحة ، إذ غادر إلى اسطانبول . لم يدر الشاب ماذا يفعل ، ثمّ تذكر فجأة تَرِكة وَرِثها عن أمّه في منطقة ما في الشرق . أخذ يتحدَّث في حيرة بخصوص أمر الذهاب : " إذا وافقت أخواتي وأنسبائي ، وبعت نصيبي من التّركة ، فإما أن نذهب إلى المدينة ، وإما أن أفتح دكاناً هنا وأعمل فيه لحسابي الخاص ، فلا حياة لي أو لغيري على أبواب الآخرين ، محال ! " قالت في رجاء : " خذنا معك ، لنذهب سويّة ! " لكن الشاب أكَّد لها أنه لن يبقى هناك طويلاً ، بل سوف يُنجز أعماله خلال أسبوع أو عشرة أيام على أكثر تقدير ، ويعود إلى زوجته الشابة وإلى طفله ، ولا داعي للانزعاج ، فهو يفعل ما يفعله لأجلهما ، وهل يمكنه أبداً أن ينسى طفله الجميل ؟ نظرت في عينيه سائلة : " وأنا ؟ " أجاب : " سوف أشتاق إليك أكثر من اشتياقي إليه . . . " وهكذا بقيت الزوجة الشابة ، وهي تحبس في ص*رها خوفها من ( أنور ) الأعرج ، ودون أن تفتح فمها أمام زوجها عنه بكلمة . وما زال بقاؤها هذا هو ذلك البقاء . سبع سنوات . سبع سنوات تامّات مرّت وانقضت على بقائها على هذا النحو . أجهشت ( سارا ) بالبكاء لحظة . في هذه اللحظة تماماً تقلَّب طفلها في نومه من جنب إلى جنب . ماذا لو استيقظ ورأى عينيَ أمّه الدامعتين ؟ نظرت إليه بخوف ، ولاحظت حاجبيه اللذَين يذكرانها بأبيه ولاحظت أنفه ، وشَعره البني الذي يُشبه أيضاً شعر أبيه . . . الحمد لله أنه لم يستيقظ . . . وبانفعال سوَّت وضع ثدييها المنفلتين من ص*ر ثوب نومها الرقيق . بانفعال . . . لأنه ، ألم يكن قادراً على أن يكتب ولو سطرين ؟ سبع سنوات . لم تكن تعرف متى وكيف سينتهي هذا الفراق الذي استمر سبع سنوات طويلة . ألن يعود أبداً ؟ لو لم يكن قد مات لعاد . فعلاً . . لعاد . وبما أنه لم يَعُد . ولم يسأل ولو بسطرين . . . لم يكن ذهنها خالياً من أفكار سيّئة : إذ ربما صادف في البلدة التي قصدها لتحصيل ميراث أمّه ، فتاة حسناء جداً وظل معها . ثمّ إنه لم يعطِ زوجته الشابّة وطفله الرضيع الذي تركه في حضنها ، أي عنوان والسبب أنّه هو نفسه لا يعرف العنوان تماماً بشكل واضح . تنهَّدت من جديد بحرقة . لم تستطع نسيانه . شاربيه الكثَّين ، وضحكته الرجولية ، ونظراته الجانبية ، ورائحة دخانه ، وضمّه لها بين ذراعيه ، وتقبيله لها مراراً . وعندما سعل طفلها سعلة خفيفة ، انقطع شريط الذكريات والخواطر . نظرت إليه ، ورتَّبت وسادته . سيأتي يوم يكبر فيه هذا الطفل ، والأسوأ أنه سوف يصبح رجلاً مثل أبيه ، وعندما يبدأ بالوعي ألن يسأل عن أبيه ؟ ألن يطلب منها معلومات عن أبيه ؟ سوف تجيبه : " كذا ، كذا ، ذهب لتحصيل نصيبه من تركة أمّه ، ولم يَعُد ! " هل ستكون مًقنعة إذا قالت لـه ذلك ؟ بإمكانه أن يطيل الموضوع فيسأل : " لماذا لم يَعُد ؟ " أي واحد في مكانه سوف يطيل الموضوع ويلح ويبحث ويدقّق ويُقسِم الشَعرة أربعين قسماً ، وعندما يبدأ ابنها بقطع الشَعرة إلى أربعين قطعة ـ بل إنه بدأ بذلك فعلاً منذ الآن ـ كيف ستطمئنه ؟ قد تقول : " لا أعرف ، هكذا ذهب وراح ! " ويسأل : " لماذا ؟ " . فتجيب : " ليبيع حصّته من ميراث أمّه . . . " ويسأل : " حسن ، وهل باع حصّته ؟ " فتجيب : " لا أعرف . " ويسأل : " ألم يكتب ولا رسالة واحدة ؟ " فتجيب : " لم يكتب . " ويسأل : " هل نشبت بينكما مشادّة أو تطاول بالألفاظ ؟ " فتجيب : " لا شيء أبداً . " سوف يسأل بشك : " حسن ، كيف يُعقل أن لا يسأل ولو برسالة واحدة ؟ " وهذه كانت الطامة الكبرى . إذ سوف تطوف بلب ابنها أفكار سوداء ، وسوف يسأل يميناً ويعتاقة . وسيعمل على أن يتلقّى الجواب الشافي ، حتّى الناس كانوا يتساءلون " لماذا لم يسأل عنها ؟ " " . . . أيمكن أن لا يسأل عنها أبداً ، لو كان راضياً عنها ؟ من يدري ، ربما طرقت مسامعه مسألة ( أنور ) ، فكرهها وتقزز منها ، وابتعد عنها للأبد ! " . وهذا كان هاجساً آخر ، فإذا لم يسمع أحد بما قالته لـ( أنور ) ، ولم يعرف بأنّها صدَّته وطردته ، فإن الله في السماء يعرف ! وبعينيها الدامعتين نظرت من جديد إلى طفلها . كان هائماً في نوم الأطفال الوديع الجميل . كان نقياً كالملائكة ، وطاهراً كالملائكة . هذا الابن الطيب النظيف ، والمتعلّق جداً بأمّه ، هل سيحقد عليها يوماً ما لمثل هذا السبب ؟ أجفلت منه ، ثمّ شعرت بأنها تكره نفسها ، وبدأت تداعب خصلات شَعره البني ، بينما تنهمر دموعها الساخنة غزيرة من عينيها دون إرادتها . قالت له هامسة دون أن يسمعها : " . . . يا روحي أنا . يا عسلي أنا . ألا يمكن أن لا تشك في أمّك ؟ أنت مازلت طفلاً صغيراً . لماذا لم أتزوج ثانية لَوْ لم أكن أحب أباك حتّى الآن أكثر من روحي ذاتها ؟ أنا عانيت كثيراً من زوج الأم . ولم أشأ لكَ أن تكون تحت رحمة زوج أم و*د حقير ، إني أشفق عليكَ ، فزوج الأم يضربك ، ويجبرك على العمل ، ويرهقك . إفهم أمّك ، وثق دائماً بأنها لم تشمّ وردة بعد أبيك ! " وفجأة تبدّلت ملامح الرقّة والحنان في وجهها إلى تجهم ونفور ، إذ تذكَّرت ( أنور ) الأعرج ابن أخي ( هاشم بك ) أحو أكبر الصناعيين الأغنياء في البلدة ، وصديق زوجها حسبما يقول . . . وعندما غادر زوجها ، ربما كان قد أسمعه بلسان أحد المقربين منه ، إن لم يكن بلسانه هو : " تلك المرأة لا تليق بك يا رجل . . . " وعندما يسأل زوجها عن السبب ، لابد وأن يكون قد أجابه قائلاً : " تلك لها علاقة بابن أخي ( هاشم بك ) ! " ظل يطاردها لسنوات . وفي مرة من المرّات ، كان الليل قد أسدل ستائره بينما كانت في رحلة العودة إلى الدار بعد أن وزّعت الملابس التي غسلتها على بيوت أصحابها وعند حدود الغابة ظهر أمامها ( أنور ) الأعرج ! تسمّرت في مكانها . هل تصرخ ؟ ، هل تصيح ؟ ، هل تقيم الدنيا وتُقعدها ؟ . . . نعم ، قد تفعل ، ولكن ما الذي سوف يحدث وقتها ؟ سوف يتجمّع الناس ويتساءلون : " ماذا هناك ؟ ماذا يحدث بالضبط ؟ " . و( أنور ) الأعرج ثري ونافذ الأمر ، وعمّه واسع النفوذ في البلدة ، وسوف يقفون إلى جانبه في الحال . لذلك كله أحجمت عن فكرة الصراخ والفضيحة . حسناً ، ماذا تفعل اذن ؟ -4- يجب أن تهرب . فكرة حسنة . كان ( أنور ) الأعرج قد بدأ يحثّ الخُطا حين قفزت واجتازت الخندق إلى الطرف الآخر ، وولت الأدبار . حسناً ولكن ، عندما يكبر ابنها غداً ويسألها عن أبيه ، كيف ستفهمه هذه الحادثة وأمثالها من الحكايات ؟ وإن أفهَمَتْه ، فكيف ستُقنعه ؟ حركة بجانبها . التفتت . ابنها يناديها ضاحكاً مستبشراً بوجه مشرق منير : " ماما ! " أجابته وقد نسيت كل شيء : " قلبي ؟ " كانت المرأة الشابّة تضحك كل صباح من مناداة طفلها لها عند استيقاظه كل صباح وهو يناديها بهذه البراءة وتأملته للحظة ثم هتفت : " ( سمير ) ! " سألها : " نعم ؟ " تبسّمت قائلة : " خمّن من رأيت في منامي ! " دون أي تفكير أجاب الولد : " بابا . . . " ثمّ وبعينين ناريتين سألها بلهفة : " هل كان قادماً ؟ " أومأت برأسها : " نعم كان قادماً . " تزايدت لهفته : " ماذا أحضر لي معه ؟ " أجابت في مرح : " طعام شهي . " برقت عيناه : " وبندقية ؟ " ضحكت مجيبة : " وبندقية . " عاد يسأل : " ودرّاجة بثلاث عجلات ؟ " وعادت تجيب : " ودراجة بثلاث عجلات . " وبجزل جنوني صفّق بيديه وصاح : = " يحيا أبي ! " ثمّ توقّف فجأة . وككل مرَّة سألها : " متى سيأتي فعلاً ؟ " وككل مرَّة أجابته الأم : " حينما ينتهي من عمله . " رفع الطفل حدقتيه ، وجال ببصره في السقف أولاً ، ثمّ في جدران الغرفة العارية . منذ سنوات وأمّه تطمئنه على النحو نفسه : " حينما ينتهي من عمله . . " ما هذا العمل الذي لا ينتهي ولا آخر له ؟ويسألها : " لماذا لا ينتهي عمله أبداً ؟ " تجيب : " لأنها أعمال كثيرة . " يسألها : " إذا كانت كثيرة . . . فهل سي**ب نقوداً كثيراً ؟ " تقول بثقة : " طبعاً . " تلمع عيناه ويسأل : " أكثر من أي واحد في هذه البلدة ؟ " تؤكد له : " أكثر . " توقّف ثانية ، وجال ببصره مرَّة أخرى في السقف ، وفي جدران الغرفة ، وفي ستارة النافذة البيضاء الملطّخة ببقعة الشمس الصفراء ، وأخيراً توقّف ببصره على وجه أمّه ، وسألها : " وأكثر من آل علي ؟ " ـ " ومن آل علي . . . " انفعل ، وبسرور بالغ صفَّق بكفّيه الصغيرين : " يعيـ يـ يـ ش ! " ـ " لماذا ؟ " ـ " عندها لا يجرؤ أحد أن ينظر إلي نظرة جانبيه ، أليس كذلك ؟ " ـ " لا يجرؤ . " ـ . . . . . . . . ـ . . . . . . . . كان حديث الأم وطفلها سيمتد ويطول كما في كل صباح . لكن انشغال الطفل بما في مخيّلته من طيارات ملونة تحلق في أعالي السماء ، ومن أل**ب تسير بالبطارية كالسيارة والقطار وسيارة الجيب والدرّاجة البخارية المصغرة ، ومن أنواع لبان المضغ ببالوناتها الملونة ، سرعان ما أنساه أمّه وكل شيء آخر حتى الحديث الطويل بلا جدوى . فاستفادت الأم من الفرصة التي سنحت بها خيالات الولد الحالم ونهضت لتجهيز الفطور . لم ينتبه الطفل لذلك . إن أبوه سوف يأتي يوماً ما على كل حال ، سوف يأتي بكل تاكيد وليقل من يشاء ما يشاء . إنه سوف يأتي في إحدى الليالي محمَّلاً بشتّى أنواع الأل**ب الملونة ، ولو كان ابنه يغطّ في نوم عميق حينها فإنه سوف يداعب رأسه ويوقظه من نومه ويجلسه على ركبته ويضمّه ويقبّله . لكل أبناء الجيران آباء يعودون إلى منازلهم كل مساء ، وكان الأبناء ينتظرون على الطريق كل مساء عودة آبائهم ، ثمّ يهرعون إليهم وهم يتصايحون : " بابا ، أبي ! " ويأخذون ما في أيديهم من حاجيات أو هدايا ، ثمّ يسير كل واحد منهم بجانب أبيه متبختراً مزهوا مثل بطل صغير ، متّجهين إلى بيوتهم . إلاّ ( سمير ) الذي يبقى وحيداً حتّى وقت متأخر . وحين يبقى وحيداً هكذا يضع يديه خلف ظهره ويستند بكتفيه إلى الجدار ، ويفكّر في سبب عدم وجود أب لـه هو أيضاً ، وتتملّكه الرغبة في البكاء . بل كان الطفل يبكي أحياناً بدموع حارة ، حين يأتي الليل ويشاهد أصدقاءه الذين يلعب معهم مختلف الأل**ب من الصباح حتّى المساء ، وهم ينسحبون واحداً إثر الآخر بصحبة آبائهم إلى بيوتهم ، ويجد نفسه وقد بقي وحيداً . آه لو كان لـه أب هو أيضاً ، آه لو يذهب إلى بيته هو أيضاً مثل الآخرين ، آه لو يطلع القمر . فلا يجد ( سمير ) في عتمات الليل ! وحدث أنه في مرة من المرّات راقب بحذر " عليّ " ابن الجيران المقابلين لهم . يومها تأخر أبو علي في العودة عن آباء بقية الأولاد ، فتملّك القلق والخوف الصبي وقال ل( سمير ) في قلق وشك : " أليس من الممكن أن يكون قد ظهر لأبي عمل ، وأنّه هو أيضاً لن يعود بعد اليوم ، مثل أبيك ؟ " لكن أباه أقبل في تلك اللحظة بالذات ، فهرع إليه " علي " كالمجنون ، وتناول الحاجيات من من يده ، ثمّ عتاقة باتّجاه البيت تحت ضوء النجوم الأزرق الباهت . وحين كان ( سمير ) سيبقى وحيداً مثل كل مساء ، سار بحذر خلف " علي " وأبيه ، ثمّ اجتاز ساحة دارهم دون أن يلمحاه ، وراح من إحدى الزوايا يراقب تحابب الأب والابن ، ويسمع مايقولانه . استقبلت أم " علي " الأب والابن عند الباب ، ثمّ دخلوا سويّة إلى الغرفة ، وأخذت الأم الخبز من يد ابنها ، وجلس الأب والابن على الأريكة مقابل النافذة . كان أبو " علي " متعباً ، والعرق يتصبّب منه ، لكنه مع ذلك أجلس ابنه في حضنه ، وداعب شعره ، وقبَّل وجنيته . كاد ( سمير ) يجهش بالبكاء ، لكنه تماسك ، إذ يجب أن لا يبكي ، فأمّه كانت دوماً تردّد عليه قولها : " يا حبيبي ، أنت أبي ، وأنا أبوك وأمّك معاً ، لا تنظر إلى الأطفال الآخرين ، فأولئك حفنة صغار مدلَّلين . أمّا أنت فقد كبرت بلا أب ، لذلك فأنتَ أعقل منهم جميعاً ! " . لذلك لم يبكِ . انسحب من تحت النافذة ، وقد احلولك الظلام في الخارج . ومن خلف الغابة الكثيفة والجبال المحيطة بالبلدة بدا القمر مثل كرة حمراء ترتفع رويداً رويداً ، ثمّ صار يجري مُسرعاً في أعماق السماء حتّى ابتعد وصغُر ، ومن هناك راح يتلألأ بلونه الفضي كأنه الماء الرقراق . وقف ( سمير ) طويلاً ، بظهره المستند إلى جدران بيته ، الصفيحية المتآكلة ، وبضياء القمر المبتعد مسرعاً في أعماق السماء ، وبقلبه الصغير المكتوي بنار غياب الأب . لماذا ذهب أبوه لإنجاز أعمال لا تنتهي أبداً ؟ هو يعرف أنه ذهب ليبيع نصيبه من ميراث أمّه ، أي من ميراث جَدِّة ( سمير ) ، ويعود بمال كثير . سمع أمّه تقول ذلك مراراً . حسناً ، ولكن هل إنجاز هذه الأعمال كلّها ثمّ العودة إلى البيت أمر عسير إلى هذا الحد ؟ والد علي أيضاً ذهب ليبيع أرضه الواقعة في إحدى القرى البعيدة ، فأنجز أعماله في غضون أسبوع وعاد . لو كان بيع الأرض أو النصيب المتبقي للإنسان من تركة أمّه صعباً ، لذهب والد علي ولم يعد بحال من الأحوال ، لكنّه عاد . أمّا والد ( سمير ) فإنّه لا يعرف العودة بأي حال . كانت أمّه ترى أباه باستمرار في أحلامها ، وفي كل مرّة تراه عائداً محمَّلاً بأل**ب أكثر من أل**ب حفيد رجل الصناعة ( هاشم بك ) . كانت تراوده أحياناً فكرة أن يكون هو حفيد ( هاشم بك ) . آه لو أنّه كذلك ، آه لو أمكن حدوث ذلك ، إذن لاشتُرِيَت لـه هو أيضاً درّاجة بثلاث عجلات مثل درّاجة ( مسعود ) . عندها كان سيمتطي دراجته مثل ( مسعود ) ، وسيتجوّل بها في أزقة البلدة ، طِبق الأصل مثل ( مسعود ) . . . يسمع صوت أمه يناديه : " هيا يا حبيبي ، الشاي جاهز . . . " هل هذا وقته الآن ؟ ما معنى " هيا يا حبيبي ، الشاي جاهز . . . " فيما هو يتجوّل في أزقة البلدة بدرّاجته ذات العجلات الثلاث ؟ إنّه الآن لا يشتهي الشاي ولا الخبز ولا الجبن ، وأمّه تناديه بلا توقّف وكأنّها تتعمد تشتيت خيالاته ! لِمَ لَمْ يكن حفيداً ل( هاشم بك ) ؟ لو كان ، وبمعنى أدق لو كان كذلك منذ زمن بعيد ، لكانت لـه هو أيضاً مثل ( مسعود ) دراجة بثلاث عجلات ، وبندقية بارود خشبية صفراء ، ودمىً ملوّنة ، وعساكر من رصاص ، وسيارات رائعة تسير من تلقائها عندما يدار زنبركها وتوضع على الأرض ، ومصباح يدوي يضيء بعينه الواحدة مثل عين الشيطان بمجرّد ضغطه على الزر . . . " تعال يا روحي ، إني في انتظارك ! " زحف نحو خرقة المائدة الممدودة عند طرف الفراش الذي كان جالساً فيه على ركبتيه . وهناك على حافة المائدة استوى وتربّع جالساً . لا ، لا . . لم يكن حفيداً لـ( هاشم بك ) ، ولم يكن لديه أب مثل بقيّة الأولاد ، كانت لديه أم فقط .هذا هو كل ما في الأمر . حسناً ولكن ، هل كان ( مسعود ) حفيد ( هاشم بك ) أعقل منه ؟ أم أقوى منه ؟ أم أسرع منه في الجري ؟ لا شيء من هذا أبداً . بل لقد تسابقا ذات مرّة فسبقه في الجري . وبالرغم من ذلك ، فان ( مسعود ) لديه أل**ب كثيرة ، ودرّاجة بثلاث عجلات ، وسيارات ودراجات تنطلق مسرعة من تلقائها بعد شدِّ زنبركها ووضعها على الأرض ، وعساكر من رصاص . . . فجأة خطر بباله عمّه ( أنور ) الأعرج . بما أنه عم ( مسعود ) الحقيقي فإن أولاد الحي جميعاً كانوا يدعونه " عمّي ( أنور ) " ، كذلك كان ( سمير ) مثل الآخرين يدعوه عمّي ( أنور ) . كان ذلك أيام اشتُريت لـ ( مسعود ) درّاجة حمراء جديدة ذات ثلاث عجلات وكان ( سمير ) يتفرَّج مع الأطفال الآخرين بحسرة وانبهار ، على دراجة ( مسعود ) الجديدة . فهذه الدرّاجة أكبر من سابقتها الزرقاء ، وعجلاتها أغلظ ، وهي ذات زَرَد . لم يستطع ( مسعود ) قيادتها حينذاك ، هل ساقاه قصيرتان يا ترى بحيث لم تصلا إلى البدَّالات ؟ وقع أرضاً مع الدرّاجة ، فأسرع عمّه ( أنور ) الأعرج ورفعه عن الأرض ، ثمّ ثبَّت ناظريه في ( سمير ) وناداه : - " تعال " . فأسرع ( سمير ) شاعراً بغبطة ، وأركبه " العم ( أنور ) " على دراجة ( مسعود ) ، فقادها قيادة مدهشة أدهشت حتّى ( مسعود ) نفسه ، وبعدها مرَّة ثانية ، ثمّ من جديد مرَّة أخرى . . . ـ " حرَّك السُّكَّر ! " سمع أمّه ، لكنه لم يلتفت إليها . أمّا هي فقد أحسَّت بأنه يفكّر فيما لا يدري به أحد ، فلم تزد . وماذا ستزيد ؟ ألا تعرف أن الطفل يبدأ بالتفكير والشرود في كل مرَّة تُفتح فيها سيرة أبيه ؟ وأنّه ليس على لسانه سوى كلمة " بابا " ولا شيء آخر . لنفترض أنَّ أباه غضب منها فلم يعد إليها ثانية . أو أنه صادف في قريته التي ذهب إليها فتاة أجمل منها ، أو أكثر منها غنىً ومالاً ، فتزوجها ورُزق منها بأولاد آخرين . ولكن ما ذنب هذا الطفل البريء ليسحقه سحقاً هكذا ، ويتركه وعيناه معلّقتان على الطريق ؟ ـ " ماما ! " تنهَّدت : " روحي ؟ " ـ " عم ( مسعود ) ذاك . . " تخيَّلت ( سارا ) حاجبي ( أنور ) الأ**دين الغليظين ، وعينيه اللتين تلمعان بشهوة حيوانية مجنونة ، فقالت بحدَّة : ـ " نعم يا حبيبي ، ما به ؟ " أجفل الطفل وقال : " لا شيء . " سألته في عدم فهم : " كيف لا شيء ؟ " غمغم : " هكذا . يعني لا شيء . . . " قالت محنقة : " ألم أطلب منك أن لا تذهب إلى ذلك الرجل القذر ؟ " قال بارتباك : " لكني لم أذهب إليه . " سألت في حنق متزايد : " ماذا اذن ؟ " أجاب ببساطة : " هو جاء إلي . " فسألته وكلها انتباه : " لماذا ؟ " أجاب : " لقد اشترى جد ( مسعود ) درّاجة جديدة بثلاث عجلات لـ ( مسعود ) ، فلم يستطع قيادتها ، ووقع . فأركبني عمي ( أنور ) على الدرّاجة ، وقُدتها قيادة ! " مع اعتراض المرأة ضمناً على ركوب ابنها دراجة ( مسعود ) ذات العجلات الثلاث ، إلاَّ أنها لم تستطع رفع صوتها ، وبدت كأنها اقترفت ذنباً أوقعها في موقف حرج أمام ابنها .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD