-72-
منزل سمر
تواجدت العجوز فى عالم نادية زوجة الضابط طارق وهذه المرة كانت أمام باب منزل سمر التى كانت تستعد للخروج والذهاب إلى مقر الشرطة التى يعمل بها أخيها طارق لتدلى برأيها العلمى فيما يخص وسيلة دخول وهروب اللص سارق المخطوطة الأثرية.
طرقت العجوز الباب فاتجهت سمر بعد نصف دقيقة لتفتح الباب، فتحت سمر الباب وتسمرت لبضع ثوان ثم أغلقت الباب بسرعة فطرقت العجوز الباب مرة أخرى تهدجت أنفاس سمر وتسارع نبضها فقد شاهدت جدتها سعاد التى توفيت منذ خمس سنوات بشحمها ولحمها واقفة حية ترزق أمام باب منزلها.
ترددت سمر برهة قبل أن تفتح الباب ببطء وحذر شديدين ، اعتلت الدهشة وجه سمر عندما لم تجد طيف جدتها العجوز – على حد ظنها - واقفا أمامها بل اختفت تماما.
بحثت سمر عنها يمنة ويسارا وخطت خطوة للأمام فداست على شىء ما تراجعت للخلف بسرعة وانحنت لتلتقط ما داست عليه قدماها.
وجدت حقيبة جلدية قلبتها بين يديها ثم دخلت إلى منزلها وجلست على أقرب مقعد لها وشرعت فى فتحها فدخل زوجها مصطفى الذى سألها قائلا: من كان بالباب يا سمر ؟ تنبهت سمر له وقالت: عجوز تشبه جدتى سعاد تماما تركت هذه الحقيبة واختفت تماما دون أثر.
اعتلت الدهشة وجه مصطفى وقال: جدتك سعاد المتوفية من خمس سنوات؟! أومأت سمر بالإيجاب فأردف زوجها قائلا: ولكن كيف هذا ؟ وماذا يوجد بتلك الحقيبة ؟ فتحت سمر الحقيبة ثم أخرجت منها الصور المترجمة المطبوعة وورقة مكتوب عليها الآتى فقرأتها بصوت عال: عزيزتى سمر أنا نسخة جدتك التى توفت ولكن أعيش فى عالم مواز آخر.
لقد أستعرت المخطوطة التى يبحث عنها أخيكِ لكى أترجم ما طمسته تحتها عصورا ، فهذه الصور مترجمة ستساعدك كثيرا فى بحثك وتساعدك فى معرفة أماكن اتصال العوالم المتوازية الثلاثة التى اكتشفها جهازك من قبل سيتبقى فقط إحداثيات كل نقطة فى عالمك بما يوازيها فى عالم آخر.
سأحضر مرة أخرى لأحضر لك تلك الاحداثيات رجاء عليكِ الإنتهاء من الوصول إلى تلك النقاط الأربعة وعمل محطة فى كل نقطة ، رجاء آخر أخبرِ المفتش وأخيك الضابط بما حدث المخطوطة سيجدها طارق فى صندوق بريد منزله .
فحصت سمر الصور المطبوعة فقطعها إتصال أخيها طارق ليذكرها بموعدها مع المفتش ،تنبهت سمر لهاتفها ففتحت الاتصال بسرعة وقالت بلهفة: طارق اتصالك فى الوقت المناسب لغز سرقة المخطوطة معى سآتى على الفور.
أغلقت الخط بسرعة تاركة أخيها فى حيرة بالغة واضحة على وجهه ف*نبهت نادية لزوجها وقالت: ما بك؟ لماذا تغير وجهك هكذا ؟
-73-
منزل الضابط طارق
قال طارق: معذرة يا نادية سأذهب للعمل لأمر هام عندما أعود سأعوض لك هذا الوقت، نهض طارق مسرعا خارجا إلى سيارته وقبل أن يستقلها لمح شيئا غريبا على البريد الخاص به، فقد وجد ورقة ملصقة على صندوق بريده فتوجه على الفور إلى صندوق البريد فوجد ورقة مكتوب عليها قلت لك أننى استعرتها وها هى بين يد*ك الآن.
فتح طارق الصندوق بلهفة؛ ليجد المخطوطة التى سرقت ليلة أمس تحتل فراغ صندوق بريده الداخلى وتسمرت يده عندما أمسكت بالمخطوطة وتسارع نبض قلبه ، وقال فى نفسه : يبدو أن أمرا جللا يُحَاك فى الظلام ، سأذهب إلى المفتش الآن .
***
استقل طارق سيارته بسرعة واضعا المخطوطة بجواره وانطلق بسرعة جدا، ليتواجد فى مقر عمله ،فى نفس اللحظة التى يوقف فيها سيارته فى المكان المخصص ، كانت أخته تخطو خطواتها لداخل المبنى .
لمحها بسرعة وأسرع الخطى للحاق بها ، فأمسك ذراعها الأيمن ثم قال: لقد وجدت المخطوطة بداخل صندوق بريدى، برقت عيناها وقالت: كما أخبرتنى تلك العجوز من العالم المواز الآخر .
***
ترك طارق ذراعها واعتلت الدهشة وجهه فارتسم سؤالا عليه وقال: العجوز؟! أردفت سمر قائلة : ستفهم كل شىء عندما نصعد إلى مكتب المفتش هيا بنا.
استسلم طارق لاقتراحها وصعدا سويا درجات السلم ثم سارا بضع خطوات ليتواجدا أمام باب المفتش الذى سمح لهما بالدخول وفتح الباب عند رأى وجهيهما أمام الشاشة الموصولة بالكاميرة أعلى باب مكتبه .
دخل طارق ثم سمر وجلسا الاثنان أمام المفتش ، بسط طارق يده وأعطى المخطوطة للمفتش وقال: يبدو أن السارق قد وفى بوعده بإعادة المخطوطة .
تطلع المفتش بدهشة إلى المخطوطة التى وضعها طارق على مكتبه وفتحها ليتأكد من أصالتها وعندما تأكد زفر بقوة ثم قال: عودة المخطوطة سالمة لا يعنى أننا لن نبحث عن سارقها يجب أن نجده فى أقرب فرصة حتى يعاقب وإلا ستصبح عادة عالمنا ويضيع النظام تماما .
تنحنحت سمر فأذن لها المفتش لكى تتحدث، فأخرجت الصور المترجمة عن المخطوطة وتلك الورقة ووضعتهم أمامه فوق مكتبه ثم قالت : طالع تلك الأوراق سيدى وستفهم كل شىء، قرأ المفتش الصور المترجمة وتلك الورقة ، مرتان واعتلت الدهشة وجهه ، ثم صاح بغضب قائلا: أيعقل هذا ؟ ما هذا الهراء؟ ورمى الأوراق ف*ناثرت على الأرض.
انتفض جسد سمر ثم انحنت سمر ولملمت الأوراق من الأرض ووضعتها فى الحقيبة مرة أخرى ، فى حين اعتلى الذهول وجه طارق وغزت الحيرة عقله فهذه أول مرة يرى فيها رئيسه هكذا .
التفت طارق إلى أخته وسألها قائلا: ماذا يوجد فى تلك الأوراق يا سمر ؟ مطت سمر شفتيها ثم ناولته الأوراق فالتقطها بلهفة وقرأها فى بضع دقائق ثم نظر إلى المفتش وألقى الأوراق بإهمال متعمد فوق مكتب المفتش ثم قال : من حق المفتش أن ينفعل هكذا يبدو أنها مزحة سخيفة من المتمردين .
قرأت سمر فى أعين أخيها ورئيسه عنادا ورفضا لفرضية أن هناك عالما موازيا آخر، فأخذت الأوراق ثم وضعتها داخل الحقيبة ، ثم استأذنت منهما للرحيل ، وعند الباب توقفت ثم الفتت وقالت بحزم : سأثبت لكما قريبا أن هذا الامر ليس بمزحة وكررت كلمتها ليس بمزحة .
-74-
منزل الضابط طارق
توجه طارق إلى منزله وكان الإنزعاج واضح عليه حيث لاحظت زوجته نادية حالة زوجها، عصفت بها المخاوف من أنه قد اكتشف أنها اللصة سارقة المخطوطة ، حاولت جاهدة أن تخفى توترها فاقتربت منه بدلال وجلست بجواره فوق تلك الأريكة المريحة والمفضلة له مسحت بيدها بحنان بالغ على جبهته وقالت: ما بك ؟ لِمَ يعلو الضيق والإنزعاج وجههك ؟
مط طارق شفتيه ثم قال:زعمت أختى سمر بأن سيدة عجوز تشبه جدتنا قد زراتها وقد تركت لها حقيبة بها صورا مطبوعة مترجمة عن تلك المخطوطة التى سرقتها، وتزعم بأن تلك السيدة هى نسخة جدتنا فى عالم مواز آخر وقد جاءت من أجل المساعدة فى التقاء العوالم ببعضها والاتصال بينها .
حدقت نادية فى وجهه ثم قالت : حقا لقد زارتها تلك العجوز أخيرا . فلتت تلك الجملة من نادية ف*نبهت لما فعلته، فقد تغيرت ملامح زوجها وأمسك ذراعيها بقوة ، ماذا تعرفين عن تلك السيدة ؟
نزعت نادية ذراعها من يده بصعوبة ثم نهضت وقالت: أنا زوجتك لست مذنبة لد*ك تحقق معها ؟ تلعثمت نادية ثم أردفت : لقد زارتنى منذ فترة قبل حفل زفافنا وطلبت منى أساعدها فى الوصول لسمر لترسل لها كتبا تساعدها فى بحثها وكانت لا تريد أن تعلم سمر بوجودها إلا فى الوقت المناسب .
صاح طارق فى غضب شديد لم تعهده من قبل؛ فانزوت نادية فى ركن بعيد ثم تكومت وتملكها الرعب وانهارت باكية ، حاول طارق تهدئة نفسه فاتجه إلى المطبخ وصب لنفسه كوبا من عصير الليمون المفضل لديه وابتلعه فى مرة واحدة.
سمع صوتا يناديه من خلفه صوتا لم يسمعه منذ خمس سنوات يقول له: اهدأ يا بنى زوجتك لم تفعل شيئا يعاقب عليه القانون لا تستحق منك كل هذا الغضب. .
التفت طارق لصاحب الصوت ففزع وتراجع إلى الخلف بضع خطوات ليلتصق ظهره بالثلاجة واعتصر الكوب فى يده الذى ت**ر فجُرِحَت يديه على الفور.
تساقطت بعض قطرات من دمائه فوق أرضية المطبخ، فصاحت العجوز مستنجدة بنادية وقالت: ضماد ومطهر فورا يا نادية زوجك يحتاج إليهما .
نهضت نادية بمجرد سمعاها صوت العجوز سعاد واتجهت ناحية الصوت؛ لتتأكد مما سمعت وعندما رأت الدماء تقطر من يد زوجها سارعت، لتحضر ما طلبته العجوز ، جلس طارق والذهول يعتصر عقله أثناء تضميد العجوز يده ، وبعد أن انتهت من تضميده ، صاحت نادية ها هى الجدة سعاد نسخة جدتك فى عالم مواز آخر.
تراجع طارق للخلف وقد ارتسمت الحيرة على وجهه فهو لم يقتنع بعد بفرضية وجود عوالم أخرى غير عالمه،ثم أشاح بوجهه .تلاقت أنظار العجوز ونادية ببعضهما، ثم نهضت العجوز.
أخرجت من حقيبتها شاشة صغيرة محمولة مسجل عليها بضع فيديوهات لطارق ولكن فى العوالم الثلاث الأخرى وهو ممثل وهو زعيم ع***ة وهو طبيب كانت العجوز سجلتها سرا من أجل هذا اليوم .
فقد كانت تدرس طبيعة ونفسية كل شخصية وجهزت الطرق التى ستقنع بها هؤلاء الأشخاص ومنهم طارق فهو لن يتقبل تلك الفكرة بسهولة لذلك ناولته تلك الشاشة وتركته مع نسخه الثلاث لعله يقتنع ويتقبل هذا الواقع الذى لم يتوقعه أحد من قبل .
انسحبت نادية والعجوز بهدوء من الغرفة ، وخرجتا إلى حديقة المنزل همست العجوز فى أذن نادية وقالت: أريدك أن تجعليه ينام مرة أخرى هو لن يقتنع حتى يرى بنفسه ،يجب أن نفقده الوعى الآن ونجعله يذهب إلى عالمى ليقابل حفيدى طارق وحفيدتى سمر فعالمى مخالف تماما لعالمكم إنه النقيض هيا بنا .
كان طارق غارقا فى الدهشة والإستنكار بما يراه ، كان عقله يصارع من أجل تصديق ما يراه فكل الاحتمالات التى تنفى حدوث ما يراه قد خطرت على باله.
قطعت العجوز تفكيره فقالت: أرى أنك لم تصدق بعد ن ترى ما الذى يجعلك ترفض تلك الفكرة ؟ هل تخشى أن تكن إحدى نسخاتك زعيم ع***ة مثلا على النقيض منك؟ ترى ماذا ستفعل إذا مَثُلت أمام نسختك الأخرى على النقيض منك؟ أستضع القيود وتسلمها لعالمك؟
قبل أن يص*ر طارق أى كلمة رشت نادية الم**ر أمام وجهه بسرعة خاطفة فغاب عن الوعى فورا وكاد أن يسقط لولا أمسكته نادية وأجلسته على الأريكة ثم قالت العجوز : هيا اقتربى منه ومنى حتى ينتقل ثلاثتنا إلى عالمى ثم عدلت العجوز وجهة خاتمها ثم ضغطت عليه فاختفى الثلاثة وانتقلوا إلى عالم العجوز على الفور.
-75-
منزل سمر
بعد أن التقت سمر بالمفتش وأخيها فى مركز الشرطة ، عادت إلى منزلها وقصَّت على زوجها كل شىء ، كان مصطفى ينصت باهتمام شديد ثم قال: إن الشىء المحير فى هذا الموضوع هو غضب أخيك ورئيسه فى المعمل من فكرة وجود عالم آخر مواز مختلف عن الذى نعيشه !، قالت سمر : فعلا إنه لشىء محير حقا ؟ ولكن يجب أن أنتهي من الوصول إلى تلك النقاط لتلك العوالم فى أقرب فرصة.
أزاحت سمر ما فوق منضدة صغيرة على الأرض ثم أخرجت من الحقيبة التى أعطتها إياها العجوز الصور المترجمة عن النص وطلبت من زوجها مصطفى أن يحضر لها جهازا خاصا بمعرفة احداثيات أى مكان ولكن عن طريق النجوم.
أحضر مصطفى الجهاز لها ثم أخذت صورا متقطعة من الصور المترجمة وعبثت ببعضا أزرار الجهاز وفى خلال نصف دقيقة.
انبثقت نتائج البحث حيث ظهرت أربعة مناطق موجودة على سطح الأرض، وحينما ظهرت أسماء تلك الأماكن تسمر مصطفى فى مكانه ،فأطلقت سمر شهقة مكتومة عندما وقع نظريهما على أسماء تلك المناطق.
نهضت سمر بعصبية وزفرت وقالت : لماذا؟ لماذا الأمور معقدة لهذا الحد؟ لماذا؟ لماذا؟ تدخل مصطفى وقال لها : حقا الأمور بدأت تتعقد ، لن يمكنك المضى قدما فى الأمر دون تدخل المسؤولين وموافقتهم فإن مناطق التقاء تلك العوالم الموازية موجودة تحت السجون الأربعة الموجودة فى الأركان الأربعة لعالمنا ، ثم عقد ساعديه خلف ظهره وأردف قائلا : يا لسخرية القدر ، لم يجد المسؤولين إلا تلك الأماكن ليبنوا السجون الأربعة ، أم أن الأمر متعمد؟ لا يمكن أن يكون اختيارهم ذلك صدفة أبدا.
تن*دت سمر وقالت: تفكيرك منطقى يبدو أن المسؤولين على دراية بالأمر منذ عهود وتعمدوا إخفاء الحقيقة طوال الوقت بتشيدهم تلك السجون تحت مناطق التقاء العوالم الأربعة بالذات . ولكن كيف سنقنعهم بفضح ما تعمدوا إخفاؤه ؟ كيف؟
قطع صوتها بكاء طفلهما الرضيع ، ف*نبهت إلى صوت بكائه فصعدت درجات السلم المؤدى إلى غرفة صغيرها ، ثم سارت بضع خطوات حتى وصلت إلى باب غرفته واتجهت نحو مهده الصغير ثم انحنت لتلتقط صغيرها بحنان ، الذى هدأت أنفاسه عندما احتضنته أمه.
عاد الرضيع إلى نومه مرة أخرى ، دخل مصطفى الغرفة ومسح بيده برفق على رأسه صغيره ثم طبع قبلة صغيرة على خده الأيمن ، قالت سمر: يبدو أنه راوده حلما مزعجا ، بعد أن تأكدت سمر من خلود رضيعها إلى النوم ، أعادته إلى مهده مرة أخرى.
اقترب مصطفى من سمر وقال: يبدو عليكى الإرهاق والتعب ، فلنخلد إلى النوم وفى الصباح سنجد حلا لتلك المشكلة أنا متأكد من ذلك . فضل الزوجان المبيت فى غرفة صغيرهما تلك الليلة . انسدلت ستائر الأحلام وطافت الأفكار حول رأسيهما حتى غلبهما النوم وراحا فى سبات عميق.
-76-
منزل الضابط طارق
وجد الطبيب مصطفى نفسه فى منزل واسع يخلو من لمحات الجمال المنتشر فى عالمه، عالم سابين، حيث انتقل مع العجوز سعاد الى عالم صافين، قد استرعى انتباهه صور زفاف الضابط طارق ونادية فاعتلت الدهشة وجهه ثم أمسك الصورة، لينظر إليها عن كثب ثم قال: أنا فى منزل نسخة صديقى طارق أليس كذلك وأشار إلى صورة زفاف الضابط طارق ونادية .
ابتسمت العجوز وقالت : نعم ولكن هذه النسخة ع**دة جدا وستكون عقبة أمامنا فى الأيام القادمة لذا لجأت إلى إحضاره لعالمى وادخاله فى حالة سبات عميق تحت الرعاية الصحية.
اعتلت الدهشة مرة أخرى وجهه وارتسم تساؤلا عندما سمع جملة سبات عميق لاحظت العجوز السؤال فى عينيه فأردفت العجوز وقالت : إنها حالة ندخل فيها الشخص المذنب إلى النوم الدائم تحت رعاية صحية محاليل غذائية حتى يأتيه الموت وتلك هى ال*قوبة الوحيدة فى هذا العالم ، سرت قشعرينة فى جسد مصطفى عندما أوضحت له الجدة ذلك ، قال مصطفى : ما المهمة المطلوبة منى ؟
أخرجت العجوز من حقيبتها ملفا يحتوى العديد من صور شخصيات هذا العالم فيه كل المعلومات الجسمانية عنهم ، ثم ناولته إليه وقالت: فى هذا الملف يوجد صورا لأهم الشخصيات الحاكمة فى هذا العالم ولكنهم لا يرغبون أبدا فى التواصل مع العوالم الأخرى ، ويفرضون رأيهم ورغبتهم تلك على شعوب هذا العالم؛ لذا يجب أن نزيل تلك ال*قبة بطريقة ناعمة خالية من العنف .
هنا يأتى دورك ، عليك أن تصنع أقنعة تماثل وجوههم ليرتديها رجال معارضين لنظام هذا العالم ، مع تعديل أجسادهم، لتماثل أجساد تلك الشخصيات الحاكمة ثم ندخلهم فى سبات عميق وينتحل رجالنا حيواتهم حتى يكتشف أمر العوالم الموازية لشعوب هذا العالم ونتيح لهم فرصة حق تقرير مصيرهم .
تن*د مصطفى ثم قال : يا لها من مهمة! حسنا سأبدأ حالا فى تحضير الأقنعة إذا توافرت المواد التى سأصنعها منها .
ابتسمت العجوز ثم فتحت خزانة أمامها فظهرت الكثير من الزجاجات التى تحتوى على المواد التى يحتاجها مصطفى ثم قالت : هذا كل ما ستحتاجه ، أما الرجال الذين سينتحلون الشخصيات الحقيقية سيتواجدون هنا قريبا بمجرد الإنتهاء من صناعتك للأقنعة.
حك مصطفى ذقنه بسبابته ثم قال: ولكن كيف سيتمكن رجالك من تقليد أصوات الأشخاص الحقيقية .ضحكت العجوز ثم أخرجت شيئا دائريا صغيرا وقالت: هذه رقاقة صغيرة يمكنها من تسجيل نبرة صوت أى شخص ثم تعديل نبرة الشخص الذى يرتديها إلى النبرة المسجلة عليها .
اعتلت الدهشة وجهه ثم قال: أتقصدين أن رجالك سيضعون تلك الرقاقة فوق حنجرتهم ثم يتحدثون فيخرج الصوت كأنه صوت الشخصيات الحقيقية .
أومأت العجوز برأسها بالايجاب . ثم ربتت على كتفه وقالت: هذا ما سيحدث عليك فقط اتقان مهمتك ، أما أنا فسأذهب إلى عالم آخر؛ لأنجز شيئا ما لا تقلق سأعود سريعا ثم عدلت وجه خاتمها وضغطت عليه فاختفت فى لمح البصر وتواجدت فى عالم آخر.
كان الطبيب مصطفى منهمكا فى إعداد تلك الأقنعة الحيوية بالتقنية المنتشرة فى عالمه حيث يأخذ نسيجا من جلد المصاب ثم يصنع منه قناعا جلديا بتقنية ثلاثية الأبعاد ثم يلصقه بوجه المريض الذى تش*ه وجهه بسبب حوادث الحروق مثلا .
تلك التقنية شهيرة جدا فى عالمه ولكن هنا سيصنع أقنعة مؤقتة لكى يرتديها رجال العجوز سعاد الذين سينتحلون شخصيات مهمة فى هذا العالم الذين يشكلون عقبة كبيرة فى كشف وجود العوالم المتوازية الأخرى لشعب هذا العالم.
تواجدت العجوز وطارق الممثل فجأة فى غرفة طارق الضابط ،أخذ طارق الممثل يجول بنظره فى أرجاء الغرفة فمط شفتيه بامتعاض ثم قال: يا له من ذوق سىء جدا ما هذه الغرفة الكئيبة ؟
ضحكت العجوز وقالت: تلك الغرفة الكئيبة بالنسبة لصاحبها رائعة جدا، اتجهت العجوز نحو خزانة الملابس ثم أخرجت منها صندوقا خشبيا فتحته وأخرجت منه سلاحا يشبه السلاح الذى يستخدمه ضباط عالم طارق الممثل وشارة ثم أعطتهما لطارق الممثل وقالت: هذا السلاح وتلك الشارة ستسهل لك الدخول إلى مقر عملك دون أن يشك فيك أحد.
خرجت العجوز يرافقها الممثل طارق من الغرفة ثم هبطا إلى قبو المنزل حيث يجهز الطبيب مصطفى الأقنعة البيولوجية .
تنحنحت العجوز وطرقت الباب قبل دخولها على مصطفى الذى انتبه لوجودهما فترك ما بيده ثم اتجه إليهما ابتسم مصطفى ورمق الممثل طارق وهو فى زى الضابط طارق رمقه بنظرة متفحصة ثم ضحك وقال: لو أن طارق صديقى رآك الآن لن يصدق عيناه لن يصدق أن إحدى نسخاته ضابط شرطة .
وضع طارق الممثل يده اليمنى فى جيب بنطاله وأشار بسبابته اليمنى وقال: بل ممثل محترف ينتحل شخصية ضابط .
عقد الطبيب مصطفى حاجبيه بقوة محاولا إستيعاب جملة طارق فوجه نظره إلى العجوز متسائلا ، ابتسمت العجوز وقالت: حقا هذا طارق الممثل أحضرته من عالم مواز آخر غير عالمك وغير عالم الضابط طارق لينتحل شخصية طارق الضابط مؤقتا .
هز الطبيب مصطفى رأسه ثم قال: حسنا ولك.....
بترت العجوز جملته ثم أردفت: أريد منك أن تفحص طارق جسديا لتجعله مطابقا تماما لطارق الضابط وهذا الملف يحوى كل المعلومات التى تحتاجها فى ذلك وناولته الملف ثم التفت إلى طارق الممثل وقالت: اترككما الآن لتنجزا ما طلبته منكما وسأعود بزوجة الضابط طارق قريبا .
عادت العجوز سعاد وزوجة الضابط طارق من عالم ضارين بعد ما أدخلوه في سبات عميق حتى تتم المهمة بنجاح.
توجهتا إلى قبو منزل طارق حيث يوجد الطبيب مصطفى الذى انتهى من مقارنة جسد الممثل طارق بجسد الضابط طارق الذى توجد صورة كبيرة واضحة لجسده فى الملف الذى أعطته إياه العجوز.
تنبه الاثنان لوجود العجوز ونادية ، ابتسم مصطفى واقترب من نادية التى تشبه نادية فى عالمه ورمقها بنظرة فاحصة محاولا إيجاد أى اختلاف فى الشكل بخلاف لون الشعر المصبوغ.
شعرت نادية بالإحراج بسبب إطالة مصطفى النظر إليها فتوجهت إلى طارق الممثل واقتربت منه وقالت: إنه يشبه زوجى تماما فى المظهر ولكن فى الطباع وطريقة الحديث لا أعلم بعد كيف يكون ؟
اقتربت العجوز منها ورتبت على كتفها وقالت: هنا يأتى دورك عليك تدريب طارق الممثل على طريقة زوجك فى كل شىء حتى تناول الطعام ، كل شىء.
تن*دت نادية وعقدت ساعديها أمام ص*رها ثم قالت: حسنا سأبدأ على الفور ، تركتهم نادية ثم صعدت إلى غرفتها وأخرجت جهازا مسطحا صغيرا هذا الجهاز مسجل عليه أغلب الأوقات التى قضتها وزوجها معا.
خرجت من غرفتها هبطت درجات السلم المؤدى إلى قبو منزلها فدخلته بحثت عن الجدة فلم تجدها تساءلت بنظراتها أين ذهبت الجدة؟ أجابها طارق بحركة مسرحية بأن الجدة قد اختفت.
مطت نادية شفتيها ثم ابتسمت ثم سحبت كرسيا وطلبت من طارق سحب كرسيا وطلبت منه بحركة مسرحية ليجلس جوارها.
جلس الاثنان ثم فتحت نادية الجهاز الصغير وبدأت تحكى له عن الذكريات التى مرت بها مع زوجها طارق .
كان الممثل طارق يستمع إليها باهتمام بالغ مثلما كان يفعل مع المخرج عندما يوضح له تفاصيل الشخصية التى سيمثلها.
أثناء ذلك انتهى الطبيب مصطفى من وضع اللمسات الأخيرة الدقيقة على الأقنعة البيولوجية التى طلبتها العجوز منه صناعتها.
جلس يراقب نادية فكان الفضول يقتله فكان يقارن بينها وبين نادية محبوبة صديقه طارق فى عالمه المواز، كانت هادئة رقيقة على ع** نادية فى عالمهم فهى جريئة قوية عصبية.
كانت نادية تتحدث عن المواقف التى مرت بها مع طارق الضابط بكل محبة واضحة وكانت هناك لمعة لدمعة تأبى أن تنحدر من عينيها الحالمتين.
كان مصطفى يتخيل لو كان صديقه الطبيب طارق هنا وتعرف على نادية تلك ترى هل سيتردد فى الزواج من نادية التى فى عالمه ؟
بدأت الاحتمالات تعصف برأسه خاصة عندما تخيل سمر محبوبته مع مصطفى آخر تتركه وتتزوج من نسخته إذا وجدته؟ هز رأسه بعنف كأنما ينفض عنها تلك الأفكار السيئة.