-77-
منزل سمر
تركت الجدة سعاد الجميع يستعدون لمهمتهم القادمة لتتواجدت فى منزل سمر أخت الضابط لتشرح لها الخطة وتساعدها فى تنفيذها بدقة.
كان مصطفى زوج سمر خرج لتوه من المنزل ، كانت سمر فى غرفة الرضيع ترضعه وتحممه ،ثم وضعته مرة أخرى داخل مهده ، تنحنحت العجوز حيث كانت سمر تعطيها ظهرها.
تفاجأت سمر بوجودها ولكن سرعان ما ابتسمت واتجهت ناحيتها ثم احتضنتها ، قالت العجوز:معذرة يا سمر ولكن هناك أمر هام لابد أن أطلعك عليه.
ارتسمت الجدية على وجه سمر ،جلست العجوز على أريكة فى الغرفة ودعت سمر لتجلس بجوارها، أخرجت العجوز ملفا من حقيبتها ثم بدأت تشرح كل شىء لسمر اتسعت عيناه سمر كثيرا وسرت رجفة فى أوصالها ، عندما علمت بالخطة خاصة الجزء الخاص بأخيها فقد شعرت بالقلق تجاهه ، ماذا ستكون ردة فعله عندما يستيقظ من السبات العميق ؟
بعد ربع ساعة انتهت العجوز من سرد خطتها لسمر ، ثم قالت: ألد*كِ أية أسئلة أو مخاوف يا سمر ؟ تنحنحت سمر ثم قالت: لدى سؤال ، إلى متى سيمكث أخى والمسؤولون فى عالمى فى السبات العميق ؟ وإذا استيقظوا بعد ما اتصلت العوالم الأربعة المتوزاية ، كيف سنتعامل مع ردة فعلهم ، يمكن أن يقوموا بثورة مضادة .
قطبت العجوز حاجبيها ثم قالت : هذا أمر وارد بالتأكيد،ولكن ليس لدى حل لهذا الإحتمال الآن ، دعينا لا نستبق الأحداث ، فلنركز على الوصول إلى الأربعة سجون المبية فوق الطرق الضوئية التى تصل العوالم ببعضها البعض فقد تعمد السابقون بطمسها منذ عصور قديمة جدا ، هذا هو المهم الآن.
أومأت سمر برأسها وقالت: حسنا، دعنا لا نستبق الأحداث . والآن ما دورى فى هذه الخطة؟ عدلت العجوز من منظارها ثم قالت: دورك يقتصر على مقابلة الشخصيات المزيفة فى اجتماع يضم علماء آخرين متحمسين للفكرة، وعلماء ضد هذه الفكرة وبعض المسئولين ضد هذه الفكرة فعليكى اقناع المناهضين بطريقة علمية ثم يأتى دور الشخصيات المزيفة ، تحاول المناقشة بين مؤيد ومعارض حتى يبدو الاجتماع طبيعيا ولا يشك الآخرون فى تواطؤ الشخصيات المزيفة.
تن*دت سمر ثم قالت: حسنا يا جدة فهمت قصدك ، سيبدو الأمر طبيعيا ولن يراود الشك العلماء المناهضون .
نهضت العجوز ثم قالت: حسنا سأذهب إلى منزل أخيك لأتمم على كل شىء.
عادت العجوز إلى منزل الضابط طارق حيث كان يوجد فيه طبيب التجميل مصطفى من عالم سابين والممثل طارق من عالم شارين ونادية من عالم صافين ثلاثة أشخاص من ثلاثة عوالم موازية مختلفة كلية ولكن هدفهم واحد.
ضغطت العجوز على زر فى الباب ثم انتظرت حتى يفتح لها أحد، انتفضت نادية وقطبت حاجبيها ونظرت إلى طارق الذى بادرها بسؤاله: أتنتظرين أحدا؟ هزت رأسها نفيا ، ثم قالت: لعله أحد الجيران لا تقلق سأذهب لأتحقق من الأمر.
خرجت مسرعة من القبو ثم اتجهت إلى باب المنزل نظرت من شاشة صغيرة معلقة فى الحائط المجاور للباب فشاهدت العجوز سعاد، فارتسمت الدهشة فوق وجهها فأسرعت وفتحت الباب، دلفت العجوز وقد شاهدت سؤالا مرتسما على وجه نادية همت بإلقائه عليها : فأجابتها قبل أن تسأله فقالت: إن طاقة الخاتم بدأت تخبو لذا سأدخرها للإنتقال فقط بين العوالم الموازية حتى ننتهى من إنشاء المحطات فى العوالم الأربعة.
أومأت نادية برأسها ثم قالت: حسنا . لقد انتهى مصطفى من عمله وطارق أيضا أصبح يعلم كل شىء عن زوجى وعن المسؤولين الذين سنخ*فهم .
رتبت العجوز على كتفها وقالت: رائع . سارت العجوز برفقة نادية ثم هبطتا إلى قبو المنزل، تنبه مصطفى وطارق لوجودهما ثم رحبا بالعجوز ، أشار مصطفى إلى الأقنعة البيولوجية وقال: لا ينقصنى سوى رجالك الذين سينتحلون حياة المسؤولين الخمسة الذين سنخ*فهم .
التفتت العجوز إلى نادية وقالت: أحضرى هاتفك من فضلك يا نادية.أخرجت نادية هاتفها من حقيبتها ثم ناولته للعجوز التى ضغطت على بضعة أرقام وانفتح الإتصال ثم قالت: أهلا يا عزيزى أحضر رجالنا إلى منزل الضابط طارق فورا ثم أنهت الإتصال .
جلست العجوز ودعت الآخرين ليجلسوا أيضا ، التفتت إلى طارق وقالت: إن الضابط طارق الذى تنتحل شخصيته هو من الضباط المهمين جدا عالميا ويتمتع بصداقات قوية معهم هؤلاء الخمسة بالذات.
لذا سنخ*ف المسؤولين من خلاله ، أنت ستذهب إلى كل مسئول على حدة بصفتك هو وتطلب منه أن يأتي معك لمشاهدة أمر هام جدا ثم تأتى به إلى منزلك ثم تعرض عليه مشروبا به م**ر ثم ... قطعها طارق بحركة مسرحية وقال: ثم يذهب فى سبات عميق.
ضحكت العجوز وقالت: نعم سيتكرر المشهد مع الخمسة واحدا تلو الآخر ولكن فى كل مرة سيذهب معك مسئول مزيف بعد أن نستدرج الحقيقى إلى هنا أولا حتى يأتى الآخرون معك فورا دون تردد فأولئك الخمسة على صلة وثيقة ببعضهم ، ستبدأ مع المسئول الذى يحكم دولتك ثم غمزت بعينها وقالت : أقصد دولة طارق الضابط .
تنحنحت نادية وقالت: أيمكننى أن أرافق طارق فى هذه المقابلات . أومأت العجوز بالايجاب ثم قالت: بالتأكيد وجودك سيعزز موقف طارق جدا.
قطع حديثهم رنين هاتف نادية فأجابت المتصل على الفور وقالت: أهلا من معى ؟ نظرت إلى العجوز وناولتها الهاتف ، حدثت العجوز المتصل ، ثم قالت : حسنا سنفتح الباب الآن. أغلقت الاتصال ، التفتت لنادية وقالت: لقد حضر الرجال افتحى لهم الباب .
نهضت نادية مسرعة متجهة إلى الباب ثم فتحته ، دخل الجميع أشارت لهم بأن يتبعوها حتى وصلوا إلى القبو جميعا ، تلاقت أنظار الجميع ببعضهم البعض.
تنحنحت العجوز وبدأتهم الحديث فتحلقوا حولها ف حلقة ، قالت العجوز: مهمتنا لا تسمح بأى خطأ، حياة الكثيرين على المحك.
التفتت إلى الطبيب مصطفى ثم قالت: باشر عملك الآن مع رجالنا أريدهم طبق الأصل من المسؤولين الحقيقيين .أشار مصطفى إلى واحد منهم ليبدأ العمل معه.
أما البقية فأخرجت العجوز من حقيبتها تلك الرقاقة التى تحول صوت الشخص إلى صوت آخر جلس باقى الرجال واستسلموا إلى العجوز فوضعت لكل رجل رقاقة على حنجرته من الخارج ص*رت تأوهات منهم عندما فعلت ذلك ولكن سرعان ما انتهى الألم .
كانت الرقاقة تتخذ لون جلد الشخص الذى ارتداها، فتختفى تماما عن الاعين فيستحيل أن يلحظها أحد، قام الرجال بتجربة الرقاقة فتحدثوا بشكل عشوائى فخرجت أصواتهم تشبه تماما أصوات المسؤولين الحقيقيين.
ضحك طارق الممثل على هذا المشهد ،فى حين ارتسمت الدهشة على وجهى نادية ومصطفى ، قال طارق الممثل : هذه التقنية منتشرة جدا فى عالمى ، رفعت نادية حاجبيها بدهشة وقالت: حقا !
عقد طارق الممثل ساعديه أمام ص*ره ثم قال: فى عالمى التمثيل منتشر جدا وكثيرا ما نحتاج تقليد أصوات الشخصيات المهمة، فاخترعنا تلك التقنية التى تحول صوتك إلى صوت شخص آخر واستحسنها العامة.
هناك أشخاص أصواتهم ق**حة منفرة يبتعد عنهم الناس، فيلجأون إلى تلك التقنية المسجل عليها مجموعة من الأصوات الحسنة ،فيختار أحدها لتصبح صوته بعد ذلك وقد ص*ر قانون يسمح بذلك ولكن هذه الرقائق لا تُباع إلا من خلال شركة وحيدة فقط ويجب أن تأخذ تص**حا بتداولها من الدولة حتى لا يتم استغلالها بطريقة سيئة قد تؤدى إلى النصب والاحتيال على الآخرين .
انهكمت العجوز مع الطبيب مصطفى فى تحويل الرجال الخمسة إلى نسخات طبق الأصل من المسؤولين الحقيقين ، فى حين استكملت نادية حديثها مع طارق وسألته قائلة: هل ينظم عالمكم قوانين مثل عالمى ؟
أومأ طارق برأسه بالايجاب ثم قال: بالتأكيد ولكن القوانين التى لدى عالمى مختلفة تماما ، ففى عالمى مثلا لا نودع الخارجين عن القانون بالسجون، فيكونوا أموات وأحياء مثل مذنبيكم نحن نزرع فى مخهم رقاقة إلكترونية تؤثر على الجانب السلوكى لديهم وتبرمجهم على إطاعة قوانين عالمنا خاصة الجزء الذى عوقبوا من أجله ثم ندعهم يلتحمون مع باقى الناس دون أن يشعر الخارج عن القانون بذلك.
مطت نادية شفتيها وقالت: ولكن ماذا لو تمكن شخصا ما بالدخول إلى تلك الرقائق وإعادة برمجتها إلى تحويل الشخص إلى فوضوى وشريرا أو يستعبد هؤلاء الأشخاص المبرمجون من خلال تلك الرقائق ويستغلهم فيكون جيشا مثلا أو ع***ة يفعل بهم ما يشاء .
ارتعب طارق الممثل عندما سمع تعقيب نادية على كلامه ، وقال: هذا الاحتمال لم يخطر ببالنا قط . قطعت العجوز حديثهما وقالت: حسنا يا طارق حان دورك.
قدمت العجوز صورة المسؤول الذى سيستدرجه طارق الممثل إلى منزل الضابط طارق ثم قالت له بجدية وحزم :احفظ صورته جيدا وأنت يا نادية هل زوجك حكى لكى أى شىء عن هذا الرجل؟
أجابت سمر: بالتأكيد فقد حضر هذا المسؤول حفل زفافنا وقد قصصت لطارق الممثل ما حدث بالتفصيل فى حفل زفافنا لا تقلقى . قالت العجوز : حسنا فلتذهب أنت ونادية إليه ولكن اتصل به قبل ذهابك إليه وقل له أريد مقابلته لأمر هام ، وعندما تذهب إلى مكتبه قل له بأنك اكتشفت شيئا مهما للغاية ويجب أن يراه قبل أن تبلغ عنه رؤسائك فى العمل فهو يخص أحد أفراد عائلته، ومنزلك أكثر مكان آمنا لتتحدث معه فى هذا الأمر .
أومأ الممثل طارق برأسه ثم قال : لقد فهمت .
التفتت العجوز إلى نادية وقالت: هذه المرة لن تذهبِ مع طارق فوجودك هنا مهم حيث من الممكن أن يأتى أى شخص يخص زوجك أو أحد جيرانك يجب أن تمكثي هنا هزت نادية رأسها بالموافقة .
ناولت العجوز طارق هاتفه وطلبت منه الاتصال بالمسؤول الذى وافق على مقابلته بعد ربع ساعة ثم رافقت العجوز طارق الممثل لخارج منزله حتى استقل سيارته السوداء،ثم أدخل احداثيات مكتب ذلك المسؤول والتى قد أعطته إياه نادية مسبقا وانطلق بسيارته مسرعا.
-78-
مكتب المسؤول
وصلت السيارة إلى محيط مكتب ذلك المسؤول ، فهبط طارق الممثل من سيارته فور وصله ، ترك سيارته فى المكان المخصص عدل من هندامه ، توجه إلى مكتب الاستعلام الذى ابتسم ابتسامة واسعة ،عندما أظهر له طارق الممثل بطاقة الضابط طارق الأمنية ثم عبث فى أزرار الكمبيوتر وطبع تص**حا مكتوبا فيه اسم الضابط طارق ثم ناوله الموظف ذلك التص**ح ليقابل به المسؤول.
صعد طارق درجات السلم المؤدى إلى مكتب المسؤول ثم دخل مكتبا صغيرا خارج مكتب المسؤول تجلس فى هذا المكتب فتاة حسناء، نهضت عندما دلف إليها الضابط طارق المزيف والذى أظهر لها التص**ح فأخذته وقالت له: انتظر هنا لحظات سأستأذن لك سيدى المسؤول.
اتجهت إلى ثلاجة المشروبات وأخرجت علبة من عصير البرتقال، ثم وضعتها فوق صينية صغيرة وقدمتها للضابط طارق المزيف ترحيبا به ، ثم اتجهت إلى باب مكتب المسؤول وطرقته، فدخلت عندما سمح لها المسؤول ناولته تص**ح طارق فنهض مبتسما وقال لها بحفاوة: أدخليه فورا.
دلف الضابط طارق المزيف بعد أن أذنت له الفتاة الحسناء بالدخول للمسؤول . اتجه المسؤول ناحية طارق واحتضنه فور رؤيته وقال له: أهلا بك عزيزي طارق ثم غمز له وقال: ما رأيك فى الزواج ها؟
لماذا تركت زوجتك الحسناء لتقابلنى ؟ أمللت الزواج بهذه السرعة ؟ ضحك طارق ثم قال: لا لم أَمَلْ بل هناك أمر هام لا يحتمل التأخير سيدى ، دعا المسؤول طارق ليجلس على الكرسى الذى أمامه وقد ارتسمت الجدية على وجهه ثم قال: وهذا الأمر الهام ألا يؤجل بعد شهر عسلك ؟
هز طارق رأسه نفيا وقال: للأسف هذا الأمر يخص أحد أفراد عائلتك ، فقد اكتشفت شيئا مهما يخص هذا الشخص وأريد أن أعرضه عليك قبل أن أبلغ رؤسائى فى العمل،سرت قشعرينة فى جسد المسؤول عندما سمع ذلك وارتسم القلق البالغ ملامح وجهه ثم قال بصوت يشوبه التوتر والقلق: من هو؟ وماذا فعل ذلك البائس؟
اقترب طارق من المسؤول وقال بصوت منخفض، تعال إلى بيتى هذا الأمر لا يمكن تداوله هنا يجب أن يكون بعيدا عن عملك،فالحوائط لها آذان سيدى وهذا أمر خطير قد يضر بسمعتك ويهدد منصبك الهام؛ لذا أردت ان اناقشه معك قبل ان يصل الامر إلى رؤسائي فأنت من أعز أصدقاء والدى رحمه الله وأريد أن أحظى بره وهو ميت من خلالك فقد كان يحبك جدا سيدى.
اعتدل المسؤول فى جلسته ثم قال: حقا كان والدك من أفضل أصدقائى وأفتقده كثيرا ،حسنا يمكننا أن نذهب إلى منزلك الآن لم يتبق على ميعاد انتهاء عملى إلا القليل فلنذهب الآن.
خرج المسؤول يرافقه الضابط طارق المزيف، وقال المسؤول لمساعدته بأنه سيذهب قبل ميعاده لأمر هام .
خرج الاثنان وركب المسؤول سيارة طارق بعد أن طلب من القيادة الآلية أن تعيد سيارته إلى منزله ثم اتصل بزوجته وقال لها بأنه سيذهب إلى منزل الضابط طارق لأمر هام وسيعود بعد ساعة.
انطلق الضابط طارق المزيف بسيارته وقد برقت عيناه فقد وقع المسؤول فى الفخ ولم يشك فى أداء طارق الممثل واقتنع تماما بأنه طارق الضابط ،فقد أتقن طارق الممثل شخصي نسخته الضابط ببراعة ، وصلا الاثنان إلى منزل الضابط طارق ثم خرجا من السيارة ، اتجها الاثنان إلى باب المنزل.