-13-
منزل سمر
دخلت سمر مكتبها لتفحص تلك القصة القديمة التى وجدتها بين كتب جدتها منذ خمس سنوات التي وجدتها صدفة بينما كانت تنظف مكتبة جدتها بعد وفاتها.
وجدت تلك القصة القديمة جدا والتى كانت تحكى كيف بدأ عالمهم وأنه يوجد عوالم موازية أخرى فى مجرات أخرى شبيهة لعالمهم وكانت القصة تحوى خريطة قديمة جدا عندما تتبعتها أرشدتها إلى القطب الشمإلى حيث وجدت فى المكان المذكور كهفا مدفونا داخل الجليد .
كانت سمر تمتلك شركة كبيرة لصناعة وانتاج تلك الأجهزة التى تجسد كل شىء إلى صوت وصورة وأحيانا إلى رائحة ، قامت شركتها بالتنقيب والبحث عن ذلك الكهف منذ خمس سنوات وبالفعل وجدت ذلك الكهف ، حيث وجدت الكثيرمن النقوش القديمة التى تحكى قصة الفتيات الأربعة وكيف حكمن أربعة عوالم موازية،كما تحكى النقوش تاريخ العالم منذ أن جاءت شارين حاملة معها عالم الخيال بين يديها وكيف تتطور الخيال إلى أن أصبح مُوَجَّهًا ، كما شرحت القصة كيفية صناعة جهاز يمكنها من الاتصال بتلك العوالم مثل فكرة الهواتف المنتشرة فى عالمهم والتى تجعلهم يتصلون ببعضهم من مكان لآخر.
حيث أخبرتها النقوش بوجود طرقا ضوئية يمكنها أن تنقل بشرا خلالها بلمح البصر كانت النقوش واضحة جدا وكان هذا كافيا ليجعل سمر تبدأ فى مشروع جديد وهو اكتشاف عوالم موازية أخرى والتواصل معها ، وقد كان ما كان وصنعت جهازا يتلقى إشارات ثابتة من العوالم الثلاث الأخرى.
لم يتبق سوى معرفة إحداثيات تلك الطرق الضوئية ،وبينما كانت سمر تعبث بأوراق تلك القصة لاحظت شيئا غريبا بأحد أوراق تلك القصة، أن هناك ورقة أكثر سمكا من باقى الأوراق وكأنها ورقتان ملتصقتان بشدة حاولت أن تفصلهما برفق، وقد نجحت فى ذلك باستخدام جهازا طيفيا يذيب أى مادة لاصقة، وقد وجدت خريطة أخرى مرسوم فيها الكوكب الذى يعيشون عليه، وعند خط إستوائه ناحية الشرق يوجد هرم فوق قمته شمس لها أذرع طويلة جدا تخترق السماء، وكان هذا الهرم مرسوما أيضا فى الغرب وآخر فى الجنوب ونفس الشمس التى توجد بالقمة تخرج منها أذرع طويلة.
صاحت سمر فجأة ونهضت بحدة من فوق كرسيها وقالت بحماس شديد: الطرق الضوئية ، ثم فتحت خط اتصال بفريقها وقالت: لقد وجدتها، لقد وجدت الطرق الضوئية التى نبحث عنها ،جهزوا لى كل الخرائط القديمة لكوكبنا وكذلك الخرائط النجمية ، سآتى حالا.
صعدت إلى غرفتها وناداها زوجها ولكن لم تنبه له فقد كانت على عجلة من أمرها، بعد عدة دقائق ارتدت ملابسها بسرعة الريح ثم توجهت إلى زوجها وطلبت منه ارتداء ملابسه بسرعة، فارتسمت ابتسامة واسعة على شفتى زوجها وقال : تريدين أن نقضي باقى اليوم فى الخارج يا له من اقتراح رائع قاطعته سمر قائلة : أنا ذاهبة للعمل لأمر هام، صاح مصطفى قائلا : ذاهبة للعمل وشهر العسل ؟! برقت عينا سمر وقالت : ما رأيك في المجيء معى ستُدْهَش مما سترى ولن نتأخر يمكننا بعد ذلك الذهاب إلى أى مكان تريده .مط شفتيه بضيق وقال: حسنا سآتِ معك .صعد حجرته وارتدى ملابسه سريعا وذهبا سويا إلى عمل سمر.
-14-
مكتب سمر
وصلت سمر وزوجها إلى معملها، فدخلت مكتبها على الفور يرافقها زوجها ثم وضعت الخرائط أمامها وانهمكت فى دراسة إحداثيات المواقع التى اكتشفتها بالخريطة ومطابقتها مع الخرائط القديمة والحديثة لمواضع النجوم.
برقت عيناها عندما استطاعت تحديد إحداثيات أماكن تقابل العوالم الأربعة من خلال عالمها، أثناء ذلك كان زوجها يقلب بصره حوله وقال لها: لا أرى شيئا مدهشا فى مكتبك هذا ،لا أرى سوى أوراق وكتب وخرائط ،فما المدهش فى ذلك؟، ضحكت سمر ضحكة قصيرة ثم اقتربت منه وحدقت فى عينيه وقالت: أتريد أن تشاهد شيئا مدهشا حقا ؟ أومأ زوجها بالموافقة وقال: أكيد .
ضغطت سمر على زر وقالت: انتباه أيها السادة أريد تجهيز طائرة استطلاعية يمكنها الطيران بسرعة قريبة من الضوء فورا . أجابها صوت قوى : علم وجارى التنفيذ . ثم فتحت سمر باب حجيرة صغيرة تحتوى بعضا من الأزياء الخاصة بالمهمات الخارجية ثم ارتدت إحداها وقلبت فى الباقى وقالت لزوجها أعتقد أن هذا الزى سيناسب جسدك . استسلم لها زوجها وارتدى زيه الذى اختارته له ، وثم قاطعهما صوت خرج من المكبر قائلا: لقد تم تجهيز كل شىء .
برقت عينا سمر فى جزل ثم الفتت إلى زوجها وقالت : أنت على بعد خطوة من أكثر شىء مثير قد تراه فى حياتك إذا صح ظنى.
استقلت سمر الطائرة بصحبة زوجها مصطفى ،ثم أدخلت إحداثيات المكان الذى وجدته فى الخريطة وانطلقت الطائرة بسرعة البرق فوصلت الطائرة فى المكان المنشود
فهبطت سمر يجاورها زوجها درجات سلم الطائرة ،وقف الزوجان وقد ارتسم التعجب على وجهيهما فقد كان المكان فارغ تماما والأرض ممهدة بصورة تدعو إلى الشك مطت سمر شفتيها ثم تن*دت وقالت بصوت منخفض: هناك شيئا غريبا فى هذا المكان، لابد أن يكون هنا هرما ، هل من الممكن أن يكون قد تهدم بسبب التغيرات البيئية أيمكن أن يكون زلزالا قد طمس.... برقت عينا سمر وصاحت فجأة لقد طمسوه غيروا معالم المكان ،فرغ مصطفى فاهه وارتسم الرعب فى عينيه وأشار خلف سمر التى لاحظت الرعب فى عيني زوجها فالتفتت حيث أشارفانطلقت صيحة مكتومة عندما شاهدت ذلك الطائر العجيب الذى يشبه التنانين التى انقرضت منذ زمن بعيد جدا والذى رفرف بجناحيه القوتين ونفث نارا عظيمة والتى كادت أن تصل إلى وجه سمر لولا أن جذبها زوجها بشدة وصرامة وقال بلهجة صارمة :هيا بنا لن نموت اليوم .
انطلق الزوجان إلى الطائرة بسرعة والتى انطلقت بلمح البصر إلى مقر عملها فى النصف الآخر من الكرة الأرضية ، انفجر مصطفى غاضبا فى وجه سمر عندما هبطا من الطائرة وقال لها : كنت ستعرضين حياتك للخطر منذ لحظات هذا البحث لن تكمليه بعد الآن .
انفجرت سمر ضاحكة وقالت :أتخشى على من خيالا موجها أيها المصارع الهمام ؟! ارتبك زوجها للحظات ثم قال: خيالا موجها ؟ ماذا تقصدين ؟ تن*دت سمر ثم قالت: أولا تلك التنانين انقرضت منذ زمن بعيد جدا ، ثانيا ذلك التنين أين يعيش؟ أليس يعيش فى الكهوف ؟ لم نبصر كهفا على مد البصر،فلم نبصر سوى معالم مطموسة بعناية تنطلى فقط على قليلى الخبرة فقط .
زمجر مصطفى كثور هائج وقال: ماذا تقصدين بقليل الخبرة ؟ ربتت سمر على كتفه بحنان وقالت: أقصد أن هذا التنين ما هو إلا صور مجسمة صادرة من نقطة ما لتخيف أى شخص يحاول الاقتراب من تلك المنطقة فيتملكه الرعب عندما يراه دون التفكير فى تحليل الموقف علميا، يبدو أن معالم المكان طُمِست بالكامل بتلك الخيالات الكاذبة، لإخفاء أمر هام جدا. سأذهب غدا بصحبة جهاز كشف الخيال و... قطع حديثها زوجها قائلا باستنكار: لن تذهبي إلى هناك مرة أخرى .
عقدت سمر ساعديها أمامها ثم رمقته بنظرة توحى بعدم موافقتها له وقالت بحزم واضح: قلت لك أن ما رأيناه خيال ليس حقيقى، لا يوجد خطر فى شىء مجرد فيلما مسجلا .
أخرست تلك الكلمات فاه مصطفى واستسلم لرأيها وقال: لن أتدخل فى عملك لكن من الآن فصاعدا سأرافقك فى مهماتك الخارجية أنت زوجتى ومن واجبى المحافظة على أمنك وحمايتك ثم أردف بحزم: حتى لو كان خيالا ، ابتسمت سمر ابتسامة واسعة ثم همست له : إنه من دواعى سرورى أن يرافقنى زوجى العزيز فى مهماتى وأن ينقذنى من الأشرار.
-15-
دار النشر
عزيزى القارىء أتذكر نادية تلك الأديبة فى عالم شارين ‘كنا قد تركناها قد أُغشى عليها عندما شاهدت تلك العجوز ترحب بها ، استفاقت نادية بعد ربع ساعة كانت فيها الأفكار تعصف بعقلها ،كيف هذا ؟ هل حقا هى ؟ لكن كيف ؟ وقد ماتت منذ خمس سنوات مضت ؟ كيف تكون على قيد الحياة ؟وقد دُفنت أمام أعين الجميع ؟ تسلل صوت أجش إلى أذنى نادية يقول لها : أستاذة نادية أنتِ بخير؟ كان الصوت بعيد ظَلَّ يقترب شيئا فشيئا حتى أصبح واضحا لمسامعها،واستفاقت أخيرا.
نهضت ثم أمسكت رأسها بألم ثم نظرت حولها،توقف نظرها عند تلك العجوز وقالت برعب واضح: الجدة سعاد كيف هذا؟ أهذا شبحك أم ماذا؟ ضحك الجميع لما قالته نادية والتى تعجبت من ضحكاتهم فأردفت:علام تضحكون من المفترض أن تكون متوفاة منذ خمس سنوات ؟ لقد حضرت جنازتها بنفسى ، ردت العجوز قائلة : وأنا أيضا حضرت جنازتها بنفسى ، اعتلت الدهشة وجه نادية وظهر الارتباك عليها وقالت: حضرتِ بنفسك؟ ثم اعتلت الحيرة وجهها المليح مرة أخرى.
ربتت العجوز على كتفها وقالت: لد*كم أسطورة فى عالمكم قديمة جدا تزعم أنه كان يوجد أربعة فتيات كانت لهم قوى خاصة وكل فتاة اعتقدت خطأ أن العالم يجب أن يُحكم بقواها هى دون غيرها من قوى أخواتها واختلفن كثيرا،فتدخلت والدتهن التي أخبرتهن بوجود عدة عوالم متوازية يسكنها البشر وكل عالم يوجد فى مجرة خاصة بعيدة عن المجرة التى يوجد فيها العوالم الأخرى، فلتختار كل واحدة منكن عالما مناسبا لنظريتها فى القوى المناسبة لحكم عالمها، ثم حذرتهن من الفشل فى ذلك فحينها ستتدخل لتصلح ما أفسدته إحداهن ووافقن على ذلك ،وانطلقت كل فتاة تبحث عن عالمها المناسب لتثبت فيه فكرها الخاص، وفشلن جميعا فقررت والدتهن إصلاح فسادهن بعنصريتهن، فقد نشرن الفكر العنصري فى العوالم الموازية الأربعة، وقررت أن تتواصل تلك العوالم معا ليحدث التوازن فى كل منها عن طريق نقل تجربة كل عالم للآخر،وبحثت الأم عن شخصا قد توفى فى ثلاث عوالم ولكنه لازال حيا فى العالم الرابع يمهد لثورة فى العوالم الثلاث والتواصل مع المعارضة فى كل عالم والتنسيق بينهم حتى يفتحوا جسرا للاتصال والتنقل فيما بينهم ،وكنت أنا ذلك الشخص المنشود.
عقدت العجوز ذراعيها خلف ظهرها وقالت بنبرة تعلوها الفخر ثم أردفت قائلة: وكان من الضرورى أن تكون نسخى الثلاث ميتة بالفعل فى باقى العوالم حتى إذا ظهرت لك وللآخرين فى العوالم الأخرى تصدقون أننى من عالم مواز آخر ليس هذا فحسب بل أنى ساعدتكم خفية فى الوصول إلى فرضية وجود عوالم أخرى ودسست لهم الأدلة يوما بعد يوم، استخدمت القوى الأربعة التى حكمت تلك العوالم فى توجيه ومساعدة المعارضين، فسكان عالمى أقنعت معارضيهم بأن هناك عالما آخر يمكنهم الذهاب إليه خاليا من العنف يرحب بالذين يتمتعون بالجمال والرقة ، وأقنعت معارضين عالم آخر بأن هناك عالما آخر مسموح بالخطأ فيه وأن المذنبون لا يموتون أحياء ويسمح لهم بالفرصة للتوبة وأقنعت عالما ثالثا يقدسون فيه الجمال وينبذون القبح فكان الذين لا يتمتعون بالجمال منبوذون ويشعرون بالغربة فى عالمهم وهم فيه محاطون بالجمال، فقد كانوا يش*هون ذلك الجمال بقبحهم، وأقنعت المعارضين منكم بأن هناك عالم مواز خال من الخيال الموجه ويمكنهم من الاتصال به ونقل تجربتهم ، وقد نجحت فى ذلك فجميع المعارضين اقتنعوا وبحث كل منهم عن عالم مواز آخر ليتعلم منه ويصلح ما أفسدته عنصرية فكرة واحدة ، ولكن تبقى أن يتواصلون معا لذلك أريد منك ومن نسخك فى العوالم الأخرى المساعدة فى ذلك .
اعتلت الدهشة وجه نادية وارتسم الذهول فى عينيها وفركت عينيها بقوة لعلها كانت تحلم ونفضت رأسها بقوة لعلها كانت نائمة ولكنها ليست كذلك فكل ما سمعته ليس حلما ،وقالت نادية: ماذا يمكننى أن أقدمه لك لمساعدتك إذا كان كلامك صحيحا ؟.جلست العجوز خلف مكتبها وشبكت يديها وابتسمت وقالت: إن لد*ك ثلاث نسخ مثلك تماما فى الشكل والصوت ولكن كل نسخة مختلفة فى الطباع والمعتقدات،ويوجد نسخة واحدة فقط ليست من المعارضين وهى من عالمى فعالم العصابات هو الفكرالمنتشر فيه وللأسف نسختك فى ذلك العالم ترحب بذلك النظام فهى عنيفة جدا ومتعطشة لسفك الدماء قاسية القلب ولما لا فهى الوريثة الشرعية لثانى أكبر ع***ة فى عالمها وللأسف عصابتها هى التى تتواصل مع الكاهن الذى يحرس معبد ضارين التى أورثت ذلك الفكر العنصري وهو البقاء للأقوى وهى متزوجة من طارق هو وريث شرعى لع***ة أبيه ولكنه مع المعارضين ويتمنى أن يهرب من ذلك العالم البغيض على حد قوله .
فالخطة هى أنك تأخذى مكانها بعد أن نخ*فها وندخلها فى السبات العميق وذلك بمساعدة زوجها ثم تنتحلين شخصيتها فى عصابتها وتساعدينا فى معرفة مكان الكاهن الذى يحرس معبد ضارين حتى نتخلص منه فهو يمد العصابات بالأسلحة،هذا سيكون مؤقتا حتى تتم الثورة بنجاح فى عالمى، وبعد ذلك سيتم إحلال تلك الفكرة العنصرية بقِيَم تعمل على ترسيخ مفهوم مساعدة القوى للضعيف وليس القضاء عليه وذلك تدريجيا .
ابتسمت نادية وقالت: أنا أوافق على ذلك ؟ متى سأنتقل إلى عالمك؟ أجابتها العجوز: ليس الآن ، ستعرفين فيما بعد المهم يجب عليك أيضا التمهيد لثورة فكرية فى عالمك أيضا وطباعة كتبك ستكون البداية فحسب، سنقوم بطباعتها، كما سنقوم بتجسيدها بأجهزة الخيال الموجه بصورة محببة لمشاهديها،تمهيدا للتغير الحضارى المقبل وقد علمتنى الأم كيف أقوم بذلك لا تشغلى بالك بذلك .
تثاءبت نادية بشدة وقالت: هل يمكننى الرحيل الآن؟ فلم أنم بعد. ابتسمت العجوز لها وقالت:حسنا يمكنك الذهاب الآن. وخرجت نادية من المكتب ثم المبنى واستقلت الحافلة عائدة إلى شقتها.
ابتسمت العجوز وقالت: يجب أن نزور نادية الأخرى زوجة الضابط طارق النسخة الأخرى لنادية الأديبة قريبا جدا .