الحلقة الأولى -مفاجأة حفل زفاف

3875 Words
الفصل الأول عالم شارين -1- قصر طارق عز الممثل فى الصباح الباكر انسدلت أشعة الشمس على نافذة الفنان الشهير طارق عز العازب ذو الوجه الوسيم جدا، ذو الابتسامة الساحرة والتى أذابت العديد من حسناوات هذا العالم، حيث رنَّ هاتفه المحمول؛ فاستفاق من نومه بتكاسل واضح ثم التقط الهاتف فى خمول متثائبا. فتح الخط فانساب إلى أذنه صوت أخته سمر التى قالت: أما زلت نائما أيها ال**ول؟ ثم تغيرت نبرة صوتها إلى الحدة وأكملت حديثها قائلة : ألا تعلم كم الساعة الآن ؟ أنسيت أن اليوم حفل زفافى ؟ ستتأخر عليه و.... قاطعها أخوها الممثل بصوت متحشرج قائلا : لا تقلقي سأتجهز الآن . ثم أغلق الخط فى تكاسل،نهض ببطء وفتح ستائر غرفته ثم فتح النافذة.استنشق شذى الأزهار التى تفوح من حديقة قصره الواسع، تن*د ومد ذراعيه محاولا بذلك نفض ال**ل عن جسده الممشوق، اتجه إلى الحمام ليستحم ويستعد للذهاب إلى حفل زفاف أخته سمر . *** -2- حفل زفاف سمر سمر عز أخت الممثل الشهير طارق عز نسخة مطابقة جينيا لثلاث نسخات أخرى في عوالم متوازية مختلفة. ومن سخرية القدر أنها ونسخاتها فى العوالم الأخرى الموازية تدرس نفس المجال (الفيزياء الكمية) بل الأعجب، أن كل نسخة تعمل على نفس التخصص، فالبحث المقدم للدكتوراة من كل منهن له نفس العنوان وهو:(إثبات وجود عوالم موازية أخرى وإمكانية التنقل بينها ). حضر أخوها الممثل بكامل أناقته وكعادته سلب الأنظار تجاهه ولفت انتباه جميع الفتيات،أسرعت إليه الحسناوات من أجل التقاط الصور التذكارية معه، وهذا زوج أخته كثيرا والذي يجب ان يكون هو محط الأنظار فزفر بضيق قائلا بسخرية واضحة: أيعتقد نفسه فى مهرجان السينما؟!   رمقته سمر بنظرة معاتبة وداعبته قائلة : أتغار من شهرته التى غطت على شهرتك أيها المصارع الهمام؟ لَمْ يلتفت زوجها لدعابتها وسحبها من ذراعها لِيجلسا أمام من سيوثق زواجهما، وأخيرا انقشعت سحابة المعجبات من حول الممثل وذهبت كل فتاة إلى طاولتها تتمنى كل منهن فى قرارة نفسها أن تكون عروس ذلك الممثل الوسيم يوما ما ،ذهب طارق تجاه أخته ليشهد على عقد قرانها. كانت إطلالة سمر كالبدر فى ليلة صيف مخملية فى ثوبها الأبيض الخلاب بجوار زوجها المصارع الشهيرأثناء رقصتهما الهادئة. طنَّ جهاز الطوارىء الخاص بها، وهو ساعة يد أنيقة ترتديها دائما، تنبئها باكتشاف عالم مواز لعالمها من خلال تلك  الآلة المختصة بذلك. انتفض جسدها بقوة عندما سمعت ذلك الطنين فلاحظ زوجها التغير المفاجىء في ملامح وجهها الباسم إلى الجدية والقلق فهمس لها بقلق قائلا: ماذا بكِ ؟ لم تنتبه سمر لسؤال زوجها فقد كانت الأفكار والاحتمالات تتصارع داخل عقلها بسرعة، تُرَى ماذا حدث؟ أحقا وجد الجهازعالَما موازيا لعالمها، أم شىء آخر؟ التهمها القلق جدا فسحبت ذ*ل ثوبها الطويل واتجهت نحو المكان التي وضعت فيه هاتفها. هاتفت الفنى سمير الذى يحرس تلك الآلة، واتصلت به مرات ومرات ولكن لم يجبها سمير؛ وذلك لأنه غفا ولم ينتبه إلى الآلة أو إلى رنين الهاتف المتواصل . زفرت سمر بحنق واضح واشتعلت عيناها بغضب ناري فاضطرت أن تترك حفل زفافها وتذهب مسرعة إلى المعمل لتطمئن وتطفىء نار قلقها. اعتذر زوجها للحضور بإنهاء الحفل باكرا لأن زوجته شعرت بتعب مفاجىء. تركت سمر الحفل وانطلقت بمرافقة زوجها وانطلقا سويا إلى معملها ولم يعترض الزوج على ذلك فقد كان القلق يلتهم وجه زوجته تماما. -3- معمل الأبحاث الفيزيائية الفلكية وصل العروسان إلى المعمل الذى يوجد داخل مبنى من عشرة أدوار ويعلوه علما مرسوما عليه كرة أرضية تدور حولها إلكترونات . نزلت  سمر من السيارة مسرعة تجر ورائها ذ*ل فستانها ، تاركة زوجها الذى فضل المكوث فى السيارة . اعتلت الدهشة والذهول وجه حارس الأمن (عزمى) الذي يحرس المبنى عندما وجد الدكتورة سمر بثوبها الأبيض شاخصة أمامه. بادرته  سمر  بالسؤال عن الفنى  سمير قبل أن يستفيق من دهشته ، أجابها بأنه موجود في المعمل منذ ساعتين. اندفعت سمر دون أن تجيبه تاركة إياه فى بحيرة من الحيرة والدهشة والفضول، فاستقلت المصعد حتى وصلت إلى باب المعمل فدخلته بسرعة، واستشاطت غضبا مما رأته . فقد كان الفنى  سمير  غافيا فوق مكتبه. -4- قصر الممثل طارق عز نعود إلى  طارق عز الممثل و تخيل معى عزيزى القارىء أن طارق عز هذا له ثلاث نسخ منه ولكن كل نسخة لها قدرها الخاص، وهكذا معك ومع باقى الشخصيات لكل منكم نسخة فى عالم آخر مواز . كيف ستكون ردة فعلك تجاه تلك الفكرة؟ وعندما تجد نسختك تلك شاخصة أمامك وجها لوجه؟ ، هل ستشعر بالارتياح لذلك الموقف؟ عندما تنظر إلى نفسك الأخرى فى وضع آخر فى عالم مواز آخر؟ ترى هل ستشعر بالفخر عندما تجد نسختك ناجحة فى عالم آخر مواز، بينما أنت هنا فى عالمك فاشل؟ أم هل ستصيبك الغيرة من نفسك الناجحة؟ إذا انتابك الفضول لمعرفة كيف سيتصرف شخصيات القصة فى تلك العوالم المتوازية عندما يتواجهون وجها لوجه ، فلا تترك صفحات الرواية التى بين يد*ك . عاد طارق الممثل إلى قصره الذى يتواجد بإحدى الأحياء الراقية جدا والفارهة التى تليق بممثل شهير وغنى مثله،دخل قصره مترنحا من شدة التعب ، فأسرع الخطا إلى غرفته بالطابق العلوى وفتح الباب واحتضن فراشه بلهفة عجيبة ونام دون أن يبدل ثيابه. قد أصابه التعب ،فاستسلم لنوم عميق وحلقت فوق رأسه الأحلام كان من بينها حلم لطالما راوده كل ليلة وطارده فى أحلامه مثلما يطارد النمر فريسته بإصرار وعناد .  ففى هذا الحلم يرى ذاته منع**ة عن أربعة مرايا تع** كل منها صورة منه ولكن تختلف كل منها عن الأخرى ببعض التفاصيل ،مثلا يرى نفسه فى إحدى المرايا يرتدى منظارا طبيا، تحيط برقبته سماعة تشبه سماعة الطبيب فى عالمه ، وفى المرآة الثانية يظهر مفتول العضلات ولديه سلاحا عجيبا يحيط بأحد ذراعيه ، و مرآة أخرى تظهره كما لو أنه من رجالات العصابات العتاة بذلك الوشم الذى يشبه ال*قرب وشما أزرق اللون ،والمرآة الرابعة تظهره كأنه نفسه بأناقته المعهودة ثم تت**ر تلك المرايا الاربعة وتتناثر أجزائها الم**ورة وقبل أن تصطدم تلك الأجزاء الم**ورة بوجه طارق الممثل والذى يغطى بوجهه بسرعة ليتفاداها فتلتحم الصور المنع**ة الثلاثة به ،وينتابه شعورا غريبا ثم يستيقيظ طارق على هذا فزعا حائرا يدق قلبه بسرعة ، عاد طارق للنوم مجددا بعد أن أيقظه ذلك الحلم للحظة ،لم يجد طارق تفسيرا منطقيا لهذا الحلم الا أنه أضغاث أحلام. -5- المعمل مرة أخرى نعود إلى سمر التي تركت زوجها فى السيارة أمام المبنى الذى يتواجد بداخله معملها ،وقد استشاطت غضبا عندما رأت سمير الفنى نائما على مكتبه ،وهو من المفترض أن يراقب الجهاز ويخبرها إذا حدث أى تغير فيه ،وعضت على شفتيها غيظا وقالت فى نفسها : غبى ! فأيقظته فى حدة مما جعلته ينتفض بشدة فزعا وفرك عينيه وقال فى خوف وتردد:دكتورة سمر ؟! ما الذى أحضرك فى هذه الساعة ؟ أليس حفل زفافك الليلة ؟ رمقته سمر بنظرة حادجة وقالت: وماذا عن هذا؟ أليس من المفترض أن تراقبه بدلا من النوم على مكتبك يا ذكى؟ وأشارت إلى الجهاز من وراء شاشة كبيرة شفافة تظهره كأنه تحفة فنية ،وشاهدًا على وجود عوالم أخرى متوازية ،تلعثم سمير فى حديثه ولم يجد ما يقوله ردا على اتهام الدكتورة سمر له بالإهمال والذى كان ظاهرا فى نبرة صوتها ونظراتها الحانقة جدا،فأطرق رأسه خجلا ،وقالت له :لقد أص*ر الجهاز إشارة تفيد بأنه قد التقط شيئا ما،سأدخل الآن لأرى الجهاز. وقد لاحظت سمر دهشة اعتلت وجه سمير عندما سمع طلبها فقالت له : لِمِ كل هذه الدهشة المرتسمة على وجهك؟ فأشار بحرج إلى ثوبها الأبيض وفهمت مغزى إشارته وقالت : حسنا سأرتدى الزى الخاص بالعمل. دخلت سمر حجيرة صغيرة بجوار باب المعمل وأبدلت ثوبها الأبيض برداء خاص محكم يحميها من الإشعاعات التى قد تتسرب من الجهازلسبب ما. انتهت مهمة سمرثم شرعت تكتب تقريرها الذى سترفعه غدا إلى مديرها ،بعد ذلك أبدلت زيها الخاص بالعمل وارتدت ثوبها الأبيض من جديد. استقلت المصعد الذى هبط بها إلى الدور الأرضى ، فأسرعت الخطا إلى سيارة زوجها الذى وجدته قد غفا على مقود سيارته ، وأيقظته برفق قائلة: مصطفى، حبيبى أنا آسفة جدا على تأخرى .   تسرب صوتها الرقيق إلى مسامع مصطفى الذى فرك عينيه بشدة وهز رأسه محاولا بذلك نفض النوم من عينيه ثم تثائب وقال لها : لا عليكِ، هيا بنا نذهب إلى منز... وقطع كلامه تثاؤبه المتلاحق ، فشعرت سمر بالحرج الشديد والحزن لأنها قد تسببت فى إفساد ليلة زفافهما . انطلقا بسرعة حتى وصلا إلى منزل الزوجية ،دخل الزوجان المنزل ثم صعدا إلى غرفتيهما بتعب شديد ثم ألقى كل منهما جسده واحتضن وسادته وراح الزوجان فى النوم بسرعة دون أن يبدلا ملابسهما . -6- وفى صباح يملؤه الحب والتفاؤل، استيقظ طارق الممثل على صوت نقرات خفيفة على زجاج شرفته، كانت لعصفور زاهى الألوان ، انزعج طارق لهذا الصوت ، ووضع وسادة على رأسه ليتفادى صوت تلك النقرات المزعجة له،ولكن هيهات فكانت إرادة العصفور هى الأقوى وانتصرت على خمول و**ل الممثل طارق عز، وطار النوم من رأسه ونهض غاضبا ،وحاول التخلص من العصفور الذى عندما رآه قادما نحو الشرفة رفرف بجناحيه عاليا تاركا طارق فى غيظ شديد. حاول طارق أن يعود للنوم ولكن هيهات وتن*د قائلا: يبدو أن هذا الطائر قد صنع معروفا عندما أيقظنى فذلك الحلم العجيب قد راودنى مرة أخرى . حك ذقنه بسبابته وشرد للحظات فى محاولة يائسة منه لايجاد تفسيرا منطقيا لحلمه العجيب هذا، وعندما لم يجد تفسيرا منطقيا له نهض من فراشه وتثاءب ، ثم حاول نفض ال**ل عنه واتجه إلى الحمام ليستحم . استلقى فى مسبح صغير ملىء بالفقاقيع وامتلأ المكان برائحة ذكية وانسابت موسيقى هادئة ، وبعد ساعة خرج من مغطسه ،ذهب إلى المطبخ بعد ارتداء ملابسه ،ليتناول طعام الإفطار الذى أعده شخصا آليا وبينما يتناول طعامه فتحت ساندى- شخص آلى آخر- جهازا يشبه التلفاز وشاهد الجديد من الآنباء ، وبعد لحظات ،قلَّب بين قنوات الجهاز إلى أن لمح القناة التى تذيع الطالع واستمع بجدية إلى ما قالته المذيعة بشأن برجه واستمع إلى الآتى ( توأمك قادم ، قد يغير حياتك إلى الأفضل أو إلى الأسوأ). توقف طارق عن تناول الطعام ، وقال لنفسه :توأمى؟! ليس لى توائم !قطع تعجبه رنين هاتفه ، الذى بادر فى الرد عليه عندما رأى اسم مخرجا كبيرا وهو الأستاذ عزمى ودار الحوار التإلى بينهما. -         صباح الخيرات أستاذ عزمى،  أهلا بمخرجنا الكبير . -         أهلا طارق ،أريدك فى عمل فنى جديد ، سأنتظرك مساءً الليلة فى المكان المعتاد. -         حسنا، سأكون هناك. وأغلق طارق الخط ولمعت عيناه ببريق واعتلت شفتاه ابتسامة جذابة . -7- منزل سمر بعد انقضاء ليلة طويلة قضت نصفها سمر فى المعمل ومع صباح يوم جديد ،استيقظ العروسان سمر ومصطفى ونفضا عنهما ال**ل.  نهضا معا فى نشاط يتعارض مع تعبهما ليلة أمس، ولكن هذه عادة من يمارس الرياضة  بانتظام يشعر بالنشاط والحيوية بمجرد أن يستيقظ من النوم. أُغرِمت سمر بمصطفى  الرياضى المصارع الشهير فى عالمهما، عندما اصطدما صدفة وهما يهرولان فى تلك الحديقة العامة الشهيرة وكادت سمر أن تسقط لولا احتضان مصطفى لها بذراعيه القويتين حتى لا تسقط وتتأذى ثم اعتذر لها ومنذ تلك اللحظة وهى واقعة فى غرامه . مارَس الزوجان التمارين الرياضية المعتادة ثم تناولا الفطور وجلسا يطالعان جريدتهما المفضلة لمعرفة آخر الأخبار. بعد قليل فاتحها زوجها فيما حدث أمس وما الذى دفعها بأن تذهب إلى المعمل هكذا بثوب الزفاف ، فاقتربت منه وهمست له بلهجة مخيفة وقالت له :ليس عالمنا هو فقط الأوحد فى هذه المجرة؛ ولكن هناك عوالم أخرى موازية يعيش فيها بشر أمثالنا بل لكل منا نسخة مكررة فى كل عالم من تلك العوالم . ارتشفت بعضا من الماء ثم أكملت حديثها :لقد عكفت على إعداد آلة تمكننا من ادراك تواجد هذه العوالم والتواصل معها. سألته باهتمام تُرى كيف تكون نسخك فى تلك العوالم المتوازية؟ أنصت مصطفى إليها بذهول شديد محاولا أن يعى ما تقوله،ولكن هيهات فهو لا يفقه شيئا سوى المصارعة وحدها ثم أردفت قائلة : كيف سنقضى شهر عسلنا يا عزيزى؟ يبدو أنهما يرجوان التمتع بقضاء شهرعسل ولكن الأحداث اللاحقة ستقتل أمانيهم تلك قريبا فالوقت يمر كالشهب. -8- المطعم بدأت الشمس فى المغيب، كان القمر بدرا وظهر  تدريجيا  حتى عانق شمس المغيب وكانت شجرة تفصل بينهما ،كان المشهد كأنه لوحة رسمها فنان رقيق،وبينما الليل يتسلم مملكته من الشمس،نزل طارق من سيارته الفارهة حيث كان أنيقا جدا بحلته السوداء وربطة عنقه الحمراء الزاهية وشعره اللامع المصفف بعناية ،كما فاحت منه رائحة عطره المميز. التقى الممثل الشاب بالمخرج المتميز فى مطعم شهير يقصده أبناء تلك المهنة ، وبعد أن رحب كل منهما بالآخر ، جلس طارق فى مواجهة المخرج ، ولمعت عيناه ببريق ظهرت الحماسة والفضول على قسمات وجهه لمعرفة العمل الجديد الذى طلبه المخرج من أجله وقد لاحظ المخرج فضوله هذا وابتسم له قائلا: لدى عمل فنى ستجسد فيه دور مركبا، شخصيتان مختلفتان تماما وهذا الدورمختلفا عن تلك الأدوار التى جسدتها سابقا، أريدك أن تخرج من دور الفتى الوسيم الغنى الذى تصبو إليه كل الفتيات، برقت عينا طارق بلهفة وقال: طبعا التجديد والتنوع فى الأدوار مفيد جدا لحياتى المهنية ، ما هذا الدور أخبرنى بسرعة سيدى؟ أجابه المخرج : حسنا، الدور عبارة عن توأم افترقا منذ صغرهما أحدهما كان الحظ حليفه وتبنته أسرة غنية فأصبح ضابطا والآخر لم يجد من يعتنى به إلا لص محترف اتخذه ابنا له وخليفة له فى مجال الإجرام، لم يكمل المخرج قصة الفيلم ولكن أعطى السيناريو لطارق لكى يقرأه بتركيز فى منزله ، ثم تركه واستأذن لأن لديه موعد مع باقى أبطال الفيلم. -9- منزل سمر كنا قد تركنا سمر أخت الممثل وزوجها المصارع الشهير يقضيا نهارا سعيدا مليئا بالحب ، انسدل الليل بستائره الفضية، وتمايلت أوراق الشجر وعزف حفيفها لحنا هادئا  راق لسمر وزوجها. كان يجل**ن فى حديقة منزلهما يتناولان طعام العشاء فى جو رومانسى، قطع ذلك الجو الرائع صوت مصطفى الذى قال: موسيقى هادئة ،طعام لذيذ، ووجه مليح ، إنها الجنة ،هكذا وصف الوضع مصطفى مداعبا زوجته ، وبينما كان مصطفى يتناول الطعام مستمتعا بالجو الجميل شردت سمر للحظات في النتائج التى توصلت إليها مؤخرا وكيف سيتمكن فريقها من فتح الاتصال بين تلك العوالم وتتواصل معهم ليتعرفوا حضارات تلك العوالم. لاحظ زوجها شرودها فحاول قطعه باعطائها كوبا من العصير المثلج، فانتبهت وأخذت الكوب وارتشفت منه قليلا ثم أعادته إلى الطاولة ولكنه نهضت فجأة عندما تذكرت شيئا ما فتركت زوجها يستمتع وحده، انطلق خلفها ليعلم ما أحل بها. وجدها انتقلت إلى مكتبها وأخذت تقلب فى بعض الأوراق.كانت تبحث عن شئٍ ما فى أدراج مكتبها بتوتر، دخل مصطفى وقال: أتبحثين عن شىء ؟ أتحتاجين مساعدة ؟ تن*دت سمر بيأس واضح وقالت: قصة قديمة جدا كنت قد ورثتها عن جدتى ولا أذكر أين وضعتها؟ أردف مصطفى قائلا : أهى مهمة لهذه الدرجة؟ أجابته سمر : نعم، مهمة جدا . اقترب منها مصطفى محاولا مواساتها وقال لها: أَمِنَ الممكن أنك قد تركتها عند أخيك؟  برقت عيناها فجأة وقالت :حقا ،لقد نسيت صندوقا مهما هناك،وبحثت عن هاتفها لتخاطب أخيها وطلبت منه أن يأتيها بذلك الصندوق عندما يزورها غدا. أنهت المكالمة ثم تثاءبت سمر ثم اتجهت إلى غرفة نومها فتبعها زوجها.    -10- قصر طارق عز الممثل بعد أن أتم طارق قراءة نص الفيلم الجديد ، شعر برغبة عارمة فى النوم ، فخرج بسرعة من المكان الذى قابل فيه المخرج ، ثم استقل سيارته الفارهة . عاد إلى منزله لينال قسطا من النوم ، وقبل أن يدخل إلى غرفته ويخلد إلى النوم ، دلف إلى غرفة أخته سمر وبحث عن ذلك الصندوق التى أوصته بأن يحضره إليها غدا عندما يزورها، وبالفعل وجده فأخذه ثم عاد إلى غرفته ووضعه فوق طاولة صغيرة. أبدل ملابسه بلهفة ،وألقى جسده المنهك بين أحضان فراشه الوثير ثم وضع تلك الأداة فوق عينيه التي تمكنه من عيش حيوات أخرى في أحلامه. كانت تلك الأداة لها القدرة على الاندماج مع ال*قل الباطن لمن يرتديها وتجسيد مكنونات نفسه وأمنياته في صورة أحلام يسهل تغييرها وفق إرادة صاحبها. في الأزمان الغابرة ملكت الأرض في هذا العالم فتاة تدعى شارين كان الأسلاف يقدسونها حيث كانت تحمل بين طيات عقلها قدرات خارقة مكنتها من السيطرة على عقول البشر في تلك الأزمان . صار لها كهانا نشروا عبادتها في جميع الأرجاء وفي مقابل ذلك منحتهم الكثير من العلوم المختلفة التي تطور مخيلتهم والتحكم في عقول البشر في كل زمان . وكان لكل عصر أدواته التي يسيطر بها الكهنة على البشر وكان الممثلون أداة قوية في تغيير قناعات ومبادىء الكثيرين. كان طارق عز أحد الأدوات للسيطرة على البشر وتحريكهم فالممثل قدوة يحتذى بها الذين لا يملكون خبرة وتجارب في تصريف أمور حياتهم . فما يشاهدونه يوجه فكرهم ومعتقداتهم والسلوكيات التى يمارسونها  على المدى البعيد. -11- منزل سمر انتصف النهار وتوسدت شمسه كبد السماء تداعب بأشعتها الدافئة جسد طارق الذي خرج من سيارته الفارهة متوجها إلى باب منزل أخته سمر بعد أن قطع بضع خطوات فوق ذلك الممشى المغطى بالقرميد والذي يفصل بين البوابة الخارجية وباب المنزل. كانت أزهار القرنفل تتمايل على جانبي ذلك الممشى مرسلة عبيرها المبهج إلى أنف طارق فذكرته بالحسناوات اللاتي يلهثن خلف وسامته وشهرته الواسعة. استقرت قدماه فوق عتبة الباب،طرق الباب مرارا ولكن دون جدوى فلم يجد مجيبا له ، وبينما كان يبحث عن هاتفه ليهاتف أخته ليخبرها بمجيئه، انطلق صوت مصطفى  زوج أخته قائلا : أمير السينماي الوسيم فى بيتنا يا مرحبا يا مرحبا . ابتسم له طارق  ابتسامة باردة عندما استشعر رائحة السخرية تفوح من كلماته، تدخلت أخته لتلطف الجو بينهما، فاحتضنت أخيها بقوة، ثم رمقت زوجها بنظرة معاتبة ، فقال  طارق أين كنتما ؟ أجابته وهى تشير إلى حبات العرق المتصبب منها ومن زوجها، ففهم أنهما كان يزاولان رياضة الجرى فى الهواء الطلق. دعته سمر للداخل ، كان المكان معبأ بالحب فقد لاحظ أخوها ذلك من خلال تلك اللوحات الفنية المعبرة عن لحظات الحب بين عاش*ين ما،والمتناثرة على جدران غرفة الضيوف التي دلف إليها منذ قليل، اتخذ طارق من ذلك الكرسى الفخم المزين بنقوش ذهبية خلابة. أحضرت سمر المشروب المفضل لأخيها مع بعض من البسكويت الحلو، استأذنت منه لتستحم وزوجها سريعا ،فأذن لهما وبينما كان طارق ينتظرهما، فتح صندوقها الخشبى المزخرف ثم فتح تلك القصة القديمة والتى أرادتها أخته بشدة ،فقلب صفحاتها وكان يدندن لحنا شهيرا حتى جاءت أخته يرافقها زوجه،ابتسمت عندما وجدته يطالع تلك القصة التي تركتها عنده قبل زواجها وأخذت منه القصة وقالت له بحماس: هذه القصة بها معلومات ستقلب موازين عالمنا يا طارق. تعجب طارق من مقولتها وأطل السؤال من عينيه الساحرتين، فبادرته سمر بالإجابة وقالت : أنا أعمل حاليا على بحث بدأته منذ خمس سنوات أفترض فيه بوجود عوالم أخرى موازية لعالمنا، وكل واحد منا له نسخة منه فى الشكل والجينات فى العوالم الأخرى لكن أقدارهم واختيارتهم مختلفة ، بمعنى أنت مثلا هنا في عالمنا ممثل فى عالم آخر ضابط أو طبيب فى عالم آخر . مط  طارق شفتيه معبرا بذلك عن عدم اقتناعه بحديث أخته وقال لها :لن أقتنع إلا عندما أرى نسخاتي تلك وجها لوجه. ابتسمت سمر بسخرية ثم نهضت وقالت بنبرة يشوبها الاستنكار وقالت: عجيب أمرك يا رجل !تعيش فى عالم أساسه الخيال، فلِمَ لَمْ يجول بخاطرك يوما تلك الفرضية؟ ألم تتخيل وجودها قط؟  لم يجد طارق ما يقوله فهو فعلا لم يفكر فى أى شىء أبدا . ثم أردفت سمر وقالت :دعنى أجيب عنك، إن الخيال الذى يحكم عالمنا موجه للتحكم فى عقولنا لنتخيل فقط ما يريده الآخرون تخيله .زفر بضيق ثم قال وماذا سيفيدنا ذلك؟ حدجته سمر بنظرة استنكار واضحة وقالت: الكثير، على سبيل المثال نتعلم من تجاربهم الناجحة والفاشلة فى إدارة عوالمهم أو لربما نختار عالما آخر نعيش فيه أليس من حقا أن نختار مصيرنا؟.  ارتسمت الدهشة على وجهى طارق ومصطفى وقالا فى نفس الوقت: حقنا؟ ماذا تعنين بالحق هذا إنها كلمة لم نعهدها من قبل؟ أجابتهما قائلا: إنها كلمة قديمة جدا اندثرت بسبب موت عقولنا وكيف تدرك عقولنا ماهية الحقوق وقد وُجَّهَت تماما إلى خيالات زُرِعَت في عقولنا على مر السنوات. تن*دت سمر فى يأس وقالت : لا ترهقا عقليكما بما أقول . ابتسمت إلى أخيها وقالت: ما الدور الجديد الذى ستشارك فيه قريبا ؟ اعتدل طارق فى جلسته وابتسم قائلا : إنه دور مركب سأجسد فيه شخصيتين،الأولى ضابط والثانية لص،والأحداث تدور حول افتراق التوأم عندما كانا صغيران وعاش كل منهما فى عالم خاص به وحياة خاصة تختلف عن الآخر ،ثم يلتقى الأخوان ويحاول كل منهما اثبات أنه الأفضل فى عالمه إلى أن يتفقا على مبادلة حياتهما لفترة وتتوالى الأحداث. نهضت سمر ورتبت على كتف أخيها وقالت له: بالتوفيق يبدو أنه دور جديد تماما على السينما فهو ليس خيالا موجها هذه المرة، أتمنى لك النجاح  دوما . نهض طارق ومد يده ليسلم على أخته وزوجها معلنا بذلك رغبته فى الرحيل. وبعد أن ودعت سمر أخيها على باب منزلها .أسرع للداخل لتمسك بالقصة القديمة وبرقت عيناها وقلبت صفحات القصة ثم أدخلتها الصندوق وأخذت الصندوق إلى غرفة مكتبها ووضعته فى خزانة خاصة خلف لوحة فنية معلقة على جدار مكتبها ثم أغلقت الباب وذهبت إلى زوجها لتؤنس وحدته . -12- منزل نادية الأديبة سألونى كم عمرك ؟ قلت لهم عمرى قارب على الثلاثين ، و سألونى أمتزوجة ؟ فابتسمت قائلة نعم تزوجت الحزن ، وقبل هذا طلقنى الفرح ، وقريبا سأكون أرملة الحب !! كانت هذه آخر كلمات خطتها يد الأديبة  نادية فى كتابها الذى تنتوى طبعه ونشره ، فهى تحاول بذلك إعادة طبع الكتب والروايات التى اندثرت على مر السنوات ، تريد إحياء التراث البشري المفقود فى عالمها،فقد غزت أجهزة تجسيد الخيال والأمنيات حياتهم، وانتشرت أفلام السينيما حتى طمست ذلك التراث الجميل الذى عهده القدماء ، حيث لم توجد تلك التقنيات الصارخة فيه، تلك التقنيات التي قتلت بشريتنا داخلنا - على حد قولها- ولكن لم يصغ أحد لها ولم تجد من يطبع وينشر كتبها تلك بعد ،ولكنها لم تيأس أبدا فقد كانت تكتب وتكتب حتى لو لم تجد من يقرأ ما تكتبه. وضعت القلم جانبا، تثاءبت بشدة ثم اتجهت إلى فراشها لتنام رغم شروق الشمس الذى أعلن ميلاد يوم جديد. ولكن هكذا حال الأدباء ليس لديهم وقت محدد للنوم فقد سهرت طيلة الليل فى تنظيم كتابها الأخير، أملا فى إيجاد من يطبعه وينشره لها يوما ما. استرخت أفكارها المتلاحقة عندما سجنها النوم بين ذراعيه واستسلمت له ، ولكن حررها من سجنها هذا رنين هاتفها المتواصل والذى انتزعها من قيود سجنها ، قفزت من فراشها فزعة وحاولت أن تلتقط هاتفها الذى سقط منها عدة مرات قبل أن تتحكم فيه وتجيب على المتصل الذى انتزعها من النوم ، ودار الحوار التإلى ، -         صباح الخير ، من المتصل؟ -         إذا أردت أن تنشرِ أعمالك ، فلتأتِ إلى مكتبى اليوم لنتحدث فى التفاصيل. طار النوم من عيني نادية عندما طرق إلى مسامعها تلك الجملة ، ولم تصدق ما سمعته ،وشردت للحظة ،محاولة  استيعاب ما قيل لها ،وقطع شرودها صوت المتصل الذى قال لها : أستاذة نادية ، ألازلت معى ؟ أجابت نادية بصوت متحشرج: أنا لا أصدق ما تقول سيدى. ضحك المتصل وقال: لا تقلقي لدى مطبعة سأنشر لك كل أعمالك ، يا أستاذة. قالت نادية باستغراب : حقا ما تقول ؟! أجاب المتصل قائلا:  احضري ورقة وقلم ودونى العنوان من فضلك. خطت بيدها العنوان ،برقت عيناها ، ثم أغلقت الخط ، وانهالت الأفكار عليها ، وحاصرتها الحيرة وبعضا من القلق ،ثم نهضت من فراشها بسرعة، فاتجهت إلى الحمام لتستحم وتنفض عنها غبار ال**ل والنوم ، ثم أعدت فنجانا من القهوة المفضلة لديها ،وبعد ذلك ارتدت ملابسها وتزينت ثم رتبت أوراقها فى حقيبة جلدية حمراء، محفور عليها شعار على شكل ريشة وقلم، ثم خرجت من شقتها مسرعة ، فلم تلتفت إلى جارتها العجوز التى ألقت عليها تحية الصباح. استقلت الحافلة فهى تفضل الإنتقال بالحافلة حتى تلتمس أحوال الناس و الذين هم مص*ر إلهام لكتابتها وأفكارها خاصة عندما تتأمل وجوههم وتتربص بأحاديثهم التى تستمع إليها وهى معهم على الحافلة ،وعندما وصلت إلى وجهتها المنشودة ، أشارت لسائق الحافلة ليقف فى تلك المحطة ، فنزلت منها ، ثم أسرعت الخُطا ، وبحثت عن مكان دار النشر التى اتصلت بها بحسب ما قيل لها سابقا، و التى لم تجد صعوبها فى إيجادها. برقت عيناها عندما وجدت لافتة مكتوب عليها دار العوالم المتوازية للطباعة والنشر ، وقد تعجبت كثيرا من ذلك الإسم "عوالم متوازية" ، فهى لم تسمع عن تلك الدار من قبل ، ترددت نادية للحظة قبل دخولها المبنى الذى يحمل اللافتة ، ولكن سرعان ما استعادت رباطة جأشها وداهمتها الحماسة ،فقررت أن تغامر وتدخل ذلك المبنى الغامض لها وتسبر أغواره . صعدت نادية سلالم المبنى إلى أن وصلت إلى الشقة التى تحمل اللافتة ، فطرقت الباب ودخلت فوجدت فتاة جالسة أمام مكتب صغير أنيق والتى عدلت من منظارها الطبى والذى لم يعد مستخدما بعد انتشار عمليات تصحيح الإبصار ،يبدو أن تلك الفتاة من الطراز القديم أو تخشى القيام بتلك العملية، المهم نهضت الفتاة من كرسيها ، وقابلت نادية بابتسامة، وقالت  نادية أنا نادية لقد اتصل ... قاطع نادية صوت أجش أتاها من الخلف ، وقال لها : أهلا نادية الجميع فى انتظارك وأشار لها بأن تأتى معه ، تبعته فى **ت ، طرق مساعد الجدة بابًا ثم فتحه ودخل ومن خلفه نادية التي أصابها الفزع عندما وقع ناظريها على سيدة عجوز فى أواخر عقدها الخامس ، فانطلقت صيحة رعب من نادية خاصة عند اقتراب تلك العجوز منها ، فوقعت فريسة سهلة لإغماءة استمرت لمدة ربع ساعة انهمك الجميع في إيقاظها منها. يتبع......
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD