-62-
الغابة
فى تلك الأثناء كانت العجوز قد وصلت إلى المعبد المقدس حيث كان مصطفى يجلس على عرش الكاهن المقنع ، فنهض من فوقه واتجه ناحية العجوز وسألها قائلا: لقد حان الوقت، لنذهب إلى غابة الوحوش أليس كذلك؟ هزت رأسها بالإيجاب وقالت: بالتاكيد.
أمسكت يديه وضغطت على الخاتم الذى أخذته من حفيدتها وانتقلا على الفور فى غابة الوحوش حيث دخل الليل على هذا العالم ، كان القمر بدرا فى تلك الليلة .
أخرجت العجوز سلاحا صاعقا لها وآخر لمصطفى ، كان ظهر العجوز يلتصق بظهر مصطفى وكان كل منهما يتحركان بحذر شديد ،كان الجهاز الكاشف عن مناطق إنعدام الجاذبية الذى تحمله العجوز فى حقيبتها يطن بصوت خافت .
استمرت العجوز ومصطفى فى البحث عن تلك المنطقة ساعات لم يقابلا وحشا ضاريا وفجأة تغير طنين الجهاز ف*نبهت العجوز إليه وتوقفت عن الحركة،فتوقف مصطفى بدوره ،أعطت سلاحها لمصطفى ثم أخرجت الجهاز بحذرثم ضغطت على زر ما ليحسب مساحة المنطقة المنشودة والتى تعرف إليها الجهاز ثم أخرجت علامات مثلثة الشكل صلبة من معدن الحديد الملون بالاحمر ووضعتها فى محيط المنطقة ثم طلبت من مصطفى إيجاد مكان مناسب للمخيم فىه حتى الصباح؛ فلبى طلبها ووجد مكانا مناسبا للمخيم ، فأخرج الخيمة من حقيبة ظهره وفتحها وجهزها .
استلقى كل منهما على جانبه الأيمن داخل الخيمة ،لم يجرؤ النوم من الإقتراب منهما ،فالأخطار التى تحدق بهم من كل اتجاه كانت تدفع النوم عن أعينهما.
شرد ذهن مصطفى للحظات مفكرا فى زوجته سمر التى سافرت إلى بون لتقنع المجتمع العلمى بضرورة اتصال عالمهم بعوالم أخرى موازية فى حين كانت العجوز شاردة، تفكر فى طارق الممثل الذى جاء من عالمه لكى يقوم بمهمة كبيرة وخطيرة فى عالم مواز آخر لعالمه وعالمها وكيف انتهت ؟
انسدل الصباح على الخيمة التى كان يبيت فيها المصارع مصطفى والعجوز سعاد فى تلك الغابة الموحشة،تنبهت العجوز لأول شعاع شمسى تسرب إلى الخيمة، فأيقظت مصطفى على الفور.
خرج الاثنان من الخيمة، فضاقت حدقت عيونهما بسبب الضوء ،حدق مصطفى فى المنطقة التى طوقتها العجوز بالعلامات بدهشة بالغة ،فكانت عبارة عن عش ضخم لأحد الديناصورات التى انقرضت فى عالمه منذ زمن بعيد جدا ، فعندما كان صغيرا اصطحبه والده يوما ما إلى متحف الكائنات المنقرضة وهذا العش وهذا البيض يشبه كثيرا ذلك العش الذى رآه وهو صغير.
كان بيض الديناصور فى ذلك العش متأثرا بانعدام الجاذبية فكان معلقا فى الهواء لمسافة متران لأعلى ،مط مصطفى شفتيه ثم التفت إلى العجوز ثم قال : والآن ماذا نفعل ؟
هذا العش وهذا البيض لديناصور قد انقرض من عالمنا ؟ كيف يكون حى يرزق فى عالمكم؟! ضحكت العجوز وقالت : لأن الإنتخاب الطبيعى كان حليفه ، تن*د مصطفى ثم قال: حسنا ما....
لم يتمكن مصطفى من استكمال جملته حيث سمع صوت رفرفة قوية صادرة من جناح ديناصور قوى يبدو من هيئته أنه أنثى غاضبة فطن مصطفى أنها صاحبة هذا البيض.
اختطفت أنثى الديناصور مصطفى بمخالبها الحادة وطارت به بعيدا عن العش، حاولت العجوز اللحاق بالديناصور وانقاذ مصطفى ، من حسن حظ مصطفى أنه كان يحمل سكينا حادا فى تلك اللحظة فأخرج السكين بسرعة ثم طعن الديناصور الطائر عدة طعنات سريعة متتالية فى مخالبها التى تمسكه بها، فمالت بسرعة واختل توازنها فانتهز مصطفى تلك الفرصة وقفز فوق ظهرها وامتطاه ثم طعنها طعنة نافذة فى رأسها فسقطت واصطدمت بشدة بالأرض ، تشبث مصطفى بقوة برقبة الديناصور وتناثرت الدماء على وجهه وملابسه فبدا كأنه جُرِحَ .
نزل مصطفى من فوق الديناصور منهك القوى فألقى بنفسه على الأرض ليستريح ، فزعت العجوز عندما وجدته ملطخ بالدماء وتفحصته فنهض ببطء وقال : أنا بخير. حتى الآن .
فجأة خرجت جموع من الرجال من خلف الاشجار التفوا حولهما تنبهت عضلات مصطفى واتخذ وضع القتال ، فضحكت العجوز ضحكة صغيرة ثم قالت: لا تقلق إنهم رجالنا ، جاءوا ليساعدونى فى بناء محطة حول حقل انعدام الجاذبية.
بعد ساعة من العمل الشاق تم نقل الح*****ت التى تقطن هذه الغابة إلى غابة أخرى بعد أن حقنوهم بمنوم قوى ليسهل عليهم نقلهم بعيدا ، وبعد ذلك.
بدأ الرجال فى بناء المحطة التى قاربت على الإنتهاء ‘ ثم جاءت سمر فى آخر اليوم ، ثم أوصلت الأجهزة التى ستراقب حقل انعدام الجاذبية ومراقبة الطرق الضوئية ، وفى تلك الأثناء فى المعبد المقدس تواجد قرابة مائة رجل من رجال المنظمة السرية لبناء المحط الفضائية فى سرية تامة وكذلك فى قصر والد نادية ، كانت سمر تتنقل بين تلك المحطات للإشراف على بناءها وتشغيلها .
هبطت الملكة الأم إلى عالم العجوز سعاد فى هيئة بشرية من أجل ضخ الطاقة اللازمة فى المحطات ومن أجل تنشيط الطرق الضوئية مرة أخرى والمتصلة بذلك العالم والعوالم الأخرى.
انتقلت الملكة إلى باقى العوالم حتى وصلت إلى عالم الضابط طارق وساعدت هذا العالم بطريقة ما ببناء المحطة فى غضون لحظات وليس يوما كاملا على حد تقدير علماء هذا العالم ، حيث تفاجأ العمال بعد العودة من فترة راحتهم بإكتمال بناء المحطات الأربعة .
علمت سمر بأمر ذلك وقبل أن تنتقل إلى المحطة الموجودة فى موطنها، زارتها الملكة الأم فى هيئتا البشرية وقابلتها فى منزلها ثم أوضحت لها أنا وراء البناء السريع لتلك المحطات وأنها آمنة للاستخدام وأوضحت لها كيف يمكنها الإنتقال إلى عالم مواز آخر.
كانت الملكة قد أوضحت ذلك لسمر فى باقى العوالم أيضا كيفية عمل المحطات ، فى تمام العاشرة صباحا قد اجتمع المعنيون بأمر تلك المحطات فى العوالم الأربعة من أجل تلقى الإشارات الثابتة الصادرة من الطرق الضوئية كما طلبت منهم الملكة حيث ميزت كل طريق بنوع خاص من الطاقة فيص*ر عنه إشارة مختلفة عن نظيره وصنعت لكل طريق جهازي استقبال وإرسال خاص حتى يسهل عليهم الاتصال ببعضهم البعض .
-63-
محطة قصر طارق
طلبت نادية الأديبة من العجوز سعاد أن تعيدها إلى عالمها مرة أخرى وكذلك المصارع مصطفى أراد أن يعود إلى عالمه، أخبرتهم العجوز بأن طاقة خاتمها قد نفدت وعليهم الإنتقال إلى عالمهما من خلال المحطات التي بنوها ولكنهم يريدون إختبارها أولا فهم لا يعرفون أى عالم سينتقلون إليه .
طلبت منهما أن يذهبا معها إلى قصر حفيدها طارق لكى يختبروا هذه المحطة أولا ، كانت العجوز قد طلبت من سمر وطارق بعدم إخبار باقى زعماء العالم بهذا الحدث الجلل ،فشعوب عالمهم ليسوا مستعدين بعد لتقبل نسخ منهم تقطن عوالم أخرى موازية لعالمهم .
عندما وصلت العجوز ومعها الضيفين مصطفى المصرع ونادية الأديبة إلى قصر حفيدها طارق من أجل إرسالهما إلى عالميهما .
كانت سمر فى حيرة من أمرها حيث تحاول أن تجد طريقة لتتواصل مع العوالم الأخرى ، من ترسل ؟ وماذا ترسل لهم ؟ تريد أن يكون الانطباع الأول عن عالمها محمودا لدى تلك العوالم الاخرى.
أعطت العجوز سمر مكعبا يحوى معلومات عن العالم الذين يعيشون فيه من خلال فيديوهات مصورة عن الكوكب الذين يعيشون فيه، كما أوضحت العجوز فى نهاية الفيديو أنه يجب على الآخرين فى العالم المواز الاخر تسجيل مقاطع مميزة عن عالمهم.
أوضحت كيفية إستخدام ذلك المكعب التفاعلى وتسجيل تلك الفيديوهات من خلاله، أعجبت سمر بتلك الفكرة تماما
طلبت سمر من مساعديها بالإنتقال إلى المحطات الثلاث الأخرى لكى يرسلوا باقى المكعبات ، لم يكن لديهم بعد ذلك سوى الإنتظار والقلق .
فى صباح اليوم التالى زارت العجوز سعاد مصطفى المصارع ونادية الأديبة فى قصر حفيدها طارق وقد أخبرتهما بأنه يمكن لهما بالعودة إلى عالمهما من خلال الطرق الضوئية، فهما سيكونا أول المسافرين من خلال تلك الطرق الضوئية ، ارتسمت السعادة على وجهيهما.
بعد تناول الإفطار معا ، ذهبت سمر إلى الغرفة التى تحولت إلى محطة لنقل الكائنات الحية من أجل تجهيزها لنقل نادية ومصطفى عبرها.
أحضر طارق لوحتين قد رسمهما بنفس منذ شهور وأهدى واحدة لنادية وأخرى لمصطفى ، أما سمر فقد أعدت ملفا ملىء بالصور والمعلومات عن عالمها وأهدته لنادية لتستعين بها عند نشر مقالاتها ، بالنسبة لمصطفى فقد أهدته زى كاهن المعبد المقدس تقديرا منهم على مجهوداته معهم.
تمكنت سمر في عالم ضارين من تمييز عوالم المحطات ما عدا محطة لم يرد منها أى شىء.
كانت محطة قصر طارق هى التي سينتقل منها مصطفى المصارع ونادية الأديبة إلى عالم شارين عالمهما المواز.
تصافح الجميع ثم أقبلت العجوز واحتضنت مصطفى ونادية ، ثم دخل الضيفان مصطفى ونادية إلى مجال انعدام الجاذبية الذى تم التحكم فى قوته مسبقا وتمركزا فى منتصفه ثم أمسك مصطفى بيد نادية بقوة.
قامت سمر بفتح القبة التى تعلو المحطة ثم بدأت بزيادة انعدام الجاذبية حتى وصلت للذروة فانطلقا الرفيقان بسرعة عظيمة فدخلا فى بداية الطريق الضوئى المؤدى إلى عالمهما ،وفى لمح البصر وصلا الرفيقان إلى نهاية الطريق الضوئي المؤدى إلى عالمهما.
كانت سمر في عالم ضارين قد أرسلت مكعبا آخر توضح فيه أنها سترسل شخصان إلى عالم شارين، فيجب أن تستعد المحطة المناظرة فى العالم المواز الآخر لاستقبالهما.
كانت سمر زوجة المصارع مصطفى قد استعدت لاسقبال أول مسافرين عبر العوالم المتوازية ، ولأن عالمهما متقدم للغاية فى بحوث الفضاء والاتصالات قد صنعوا مجسات بالقرب من المحطات الفضائية تستشعر أى تغير فى طاقة الطرق الضوئية عند حدوث سفر من خلالها.
وبالفعل عند اقتراب نادية ومصطفى من الغلاف الجوى للكوكب الذى يعيش عليه سكان هذا العالم استشعرت تلك المجسات ذلك النشاط ،واستعدت سمر في عالم شارين لفتح القبة العلوية وع** انعدام الجاذبية؛ ليتمكن المسافران من الهبوط على سطح أرض الغرفة كما طلبت بفتح شبكة مطاطية تساعدهما على الهبوط بسلام.
كانت العجوز قد أعطتهما زيا خاصا يجعلهما يتحولان إلى طاقة صافية تعود إلى الصورة المادية مرة أخرى عندما يتواجدان داخل حقل إنعدام الجاذبية في العالم الآخر.
وجدا نفسيهما خارج القبة السماوية التى تعلو تلك الغرفة التى تيحط بمنطقة انعدام الجاذبية،ف*نبهت الأجهزة بوجود طاقة حول القبة، ففُتحت القبة تلقائيا بمجرد استشعارها قدوم المسافرين، ليهبطا فوق تلك الشبكة المطاطية .
عادت هيئتهما المادية مرة أخرى حيث ظهر الرفيقان من خلف شاشة كبير بعرض الحائط، توجهت سمر ومساعديها إلى الغرفة، لكى يتحققا من هوية هذان المسافران.
عندما وصلت سمر مدت يدها لتصافح مصطفى الذى لم تعلم أنه المسافر بعد فاحتضنها بقوة نزعت نفسها بقوة من بين ذراعيه وبدا عليها الغضب الشديد، فنزع مصطفى خوذته بسرعة وقال: أنه أنا يا سمر زوجك مصطفى.
ارتسمت الدهشة على وجه سمر وأطل الذهول من عينيها ، لم يمكنها استيعاب تلك المفاجأة، فزوجها الذى من المفروض أن يكون فى معسكره فى دولة أخرى ليستعد لبطولة عالمية فى المصارعة يقف أمامها الآن آتيا من عالما موازيا آخر، لم تفق من صدمتها إلا بعد أن شاهدت وجه نادية بعد أن نزعت خوذتها عنه ،فقد أصابتها الغيرة عندما وجدت زوجها برفقة فتاة غيرها، همَّ مصطفى بقول شىء ما ولكن سمر قاطعته بصرامة قائلة : من تلك يا أيها المحترم ؟
ابتلع مصطفى ريقه بصعوبة عندما شاهد الغضب يطل من عين زوجته ، تنحنحت نادية ثم قالت: أنا قابلته صدفة فى عالم العجوز سعاد، فقد استعانت بنا فى حل بعض الأمور ولم أقا**ه إلا وقت السفر من خلال المحطة هناك ، أشاحت سمر بوجها عنهما ثم طلبت من الضابط الموكل من قبل أحد الجهات الأمنية بإجراء التحقيق معهما .
عقد مصطفى ساعديه أمام ص*ره ثم قال: هكذا تقابلين زوجك بعد غياب يا سمر؟!، لم تعره سمر انتباها وتركته مع الضابط ليتم التحقيق معه.
طلبت نادية الأديبة من أحد المسؤلين عن المحطة الفضائية بإرسال فيلما لها ولمصطفى يوضح أنهما وصلا بخير حيث يتم إرساله إلى العالم المواز الذى جاءا منه وهو عالم ضارين، وبالفعل تم ذلك فبعد عشر دقائق تم تصوير الفيديو وإرساله إلى ذلك العالم.
اعتلت الراحة قلب سمر حفيدة العجوز سعاد عندما وصلها ذلك الجهاز الذى به فيديو يوضح وصول نادية ومصطفى بالسلامة إلى عالمهما، دلفت العجوز إلى الغرفة أثناء مشاهدة سمر للفيديو ثم ربتت على كتفها وقالت: لابد أن نختطف زعماء العصابات فى عالمنا وندخلهم فى سبات عميق ويتم استبدالهم برجال مؤيدين للإصلاح ، فليس لدينا وقت للدخول معهم فى حروب مجهول المصير قد تؤدى إلى دمار عالمنا.
دخل طارق الغرفة ثم قال: حقا ما تقولين يا جدتى ولكن ماذا لو استيقظوا من سباتهم هذا يوما ما وتفاجئوا بما حدث لهم ، هل تضمنين غضبتهم؟ ألن يقوموا بردة فعل عنيفة تجاهنا ؟
تن*دت العجوز ثم قالت: ما باليد حيلة سنحرص على نفيهم بعيدا فى كوكب مناسب لهم يكفينا شرورهم عنا، رد طارق قائلا: حسنا متى سنبدأ تلك الحملة ؟ لمعت عينا العجوز وقالت: فى أقرب وقت يا بنى .
***
سنوات وأيام تمر
قلب ينبض
روح معلقة
ما بين حياة
وموت
اختلفت الأخطاء
وال*قاب واحد
........
الفصل الرابع
(عالم صافين)
-64-
منذ عدة أيام
اتصلت سمر عالمة الفيزياء الكمية بأخيها طارق عز الضابط الكفء والشجاع المخلص لعمله والذى يحارب العصابات فى عالمه، لكى تذكره بأن زفافه اليوم ،فهو دائم الانشغال بعمله لدرجة أنه قد ينسى زفافه ودار هذا الحوار السريع بينهما .
- أهلا سمر.
- أهلا طارق ، أتصل لأذكرك بأن زفافك اليوم .
- ضحك طارق قائلا: أيعقل أن أنسى موعد زفافى يا أختاه ، سأترك مكتبى الآن وأذهب لكى أتجهز، إلى اللقاء . ثم أغلق الهاتف بسرعة دون أن يعطى فرصة لأخته بأن تضيف كلمة أخرى فتلك عادته .
تعالت أصوات الضيوف المعبرة عن الفرحة وأغانى الزفاف فى القاعة التى يقام فيها زفاف المقدم طارق عز.
أشهر ضابط فى مكافحة العصابات فى عالم مواز آخر ، ظهر على الحضور علامات القلق بسبب تأخر حضور العروسين للقاعة، فقد دقت الساعة العاشرة مساءا ولم يأت العروسين بعد.
كانت العروس قلقة أيضا على زوجها الضابط الذى اعتذر عن حضوره للكوافير ليأخذها كعادة الناس فى عالمهم ولكن..... ماذا نقول ؟ إنه طارق ! العمل أهم شىء على الاطلاق ، فقد كان ينتوى بالفعل أن يُحضِر عروسه بنفسه للقاعة ولكن ......
فى الطريق لمح شخصا فى الجهة الأخرى من الطريق ، شاهد شابا يهدد عجوزا بسكين وشاهد العجوز يعطيه ما لديه صاغرا، اشمئز طارق من المنظر وهاله ذلك السلوك المشين وغلبته المسئولية الأمنية وأسرع بسيارته محاولا اللحاق بذلك اللص اللعين الذى امتطى دراجة وطار بها سريعا حتى لا يلحظه، أحد تاركا ورائه العجوز فى حسرة وألم.
ولكن هيهات، ويالحظه التعس ذلك اللص اللعين، فقد شاهد كل ذلك المقدم طارق الذى طارده حتى وقع فريسة بين مخالب ذلك الضابط القوى الذى طالما كره تلك السلوكيات التى تتنافى مع تقاليد عالمه،خاصة وأن الناس فى ذلك العالم **موا على إفشاء السلام والعدل وأى فقير أو عاطل عن العمل له الحق فى طلب إعانة إذا كان عجوزا أو تأهيله ليعمل عملا مناسبا لقدراته حتى لا يضطر إلى السرقة أو القيام بعمل غير شرعى .
لكن هيهات هناك شرذمة فى ذلك العالم أرادت أن تخطو خطوات مخالفة تماما لما هو متفق عليه فى ذلك العالم، فلم يكن من المقدم طارق إلا أن يكبله بالقيود وعاد به إلى القسم وحرر محضرا بالواقعة وأعاد ما سرقه اللص إلى الرجل العجوز فى بيته بنفسه وكان هذا سبب تأخره على حفل زفافه .
حضر الضابط طارق أخيرا ، وقد قابلته عروسه بنصف ابتسامة ولم تعلق على تأخره فقد اعتادت منه على ذلك.
أخذ عروسه وجلساعلى طاولة خاصة بالعروسين مزينة بالورود الحمراء والبيضاء بالتتابع فى شكل جميل يناسب الحياة الجديدة التى يقبل عليها العروسين، وبدأ الحفل أخيرا الذى استمر لمدة ساعة وانتهى الحفل .
استقل العروسان السيارة ورافقهما الأهل والأصحاب كعادة ذلك العالم إلى منزل الزوجية ليودعهما . لعلك عزيزى القارىء تسأل نفسك الآن ،أين سمر فى هذا العالم الموازى لماذا لم تتواجد فى حفل زفاف أخيها الضابط طارق، للأسف لم تستطع حضور الزفاف حيث فاجأها المخاض بعدما هاتفت أخيها ،واضطُرت أن تهرع إلى المشفى هى وزوجها تاركة حفل زفاف أخيها لتضع مولودها الأول.