-58-
معبد ضارين المقدس
وجد المصارع مصطفى القادم من عالم آخر نفسه فجأة أمام بناء ضخم يبدو من هيئته أنه معبد ما، أشارت العجوز إلى المعبد وقالت: إنه المعبد المقدس تشرف عليه عائلة الفهد الأ**د وهى مسئولة عن حمايته جيلا بعد جيل وصاحب فكرة بناؤه هو الذى ساعد الأميرة ضارين التى هبطت بقوتها الخارقة إلى هذا العالم واختارته لتحكمه بأفكارها العنيفة والمؤيدة لكل ما هو قوى والنابذة لكل ما هو ضعيف.
كان الجد المؤسس لهذه العائلة متعطشا للدماء وكان صاحب فكرة البقاء للأقوى، كما أنه كان متعطشا للسيطرة على الناس، فأشار على ضارين ببناء معبد عظيم حيث تقام فيه المباريات بين الوحوش المفضلة إليها وبين البشر والوحوش تقربا لها وللحصول على بعض من قواها الخارقة .
سرت رعشة قوية فى جسد مصطفى عندما شاهد واجهة المعبد المزخرفة بالتماثيل الضخمة التى كانت على هيئة ح*****ت مفترسة و وحوش أصبحت من الماضى فقد انقرضت فى عالمهم منذ زمن بعيد، لاحظت العجوز اعتلاء الخوف على وجه مصطفى عندما شاهد هذه التماثيل الضخمة، فأرادت إشعال الحماسة وازالة الخوف من قلبه فقالت : أعلم أن هذه التماثيل كفيلة ببث الرعب فى قلب أشجع الرجال ولكن سكان عالمى ألِفُوا رؤية هذه الوحوش مثلما يألف الرضيع أمه .
أغاظت هذه الجملة مصطفى وقال : أنا مستعد لمصارعة أى وحش الآن.
ابتسمت العجوز وأمسكت ذراعه بقوة ثم حثته للدخول إلى المعبد الذى انفتحت أبوابه بمجرد الوقوف أمامها، سار الاثنان بخطوات ثابتة وواثقة نحو بهو المعبد المزين أيضا بتماثيل أصغر حجما، ولكنها أكثر رعبا متناثرة فى أرجاء البهو ورؤوس الوحوش معلق هنا وهناك.
كانت هناك حلبة صراع تلتهم نصف مساحة البهو محاطة بأسلاك شائكة وفى الجانب المقابل لها عرش وثير مغطى بفراء وجلود الوحوش المفترسة ، وأثناء تفحص مصطفى للمكان دخل رجلا مقنعا يرتدى زيا مصنوعا من فراء الح*****ت المفترسة.
حاول مصطفى أن يلمح أى هيئة بشري فى ذلك الرجل المغطى بجلود وفراء الح*****ت.
انطلقت حشرجة كصوت الأسد ثم تحدث الرجل المقنع قائلا بلهجة ساخرة: من تجرأ وجاء إلى المعبد المقدس اليوم؟!
غضب مصطفى من لهجة المقنع الساخرة و رد عليه قائلا :أنا من تجرأ أيها الحيوان الناطق. زمجر المقنع بغضب وقال: هذا الحيوان الناطق سيقضى عليك فى الحال ، وسأتمتع بصوت ت**ير ضلوعك بأصابعى أيها المتحذلق.
برقت عينا العجوز عندما سمعت تلك الجملة من المقنع فهذا ما تريده أن يصارع مصطفى ذلك الكاهن المقنع. ترى ما الذى تخفيه تلك العجوز ؟ ولماذا تمنت أن يحدث هذا؟
اصطنعت العجوز الخوف ثم قالت: دعنى أودع حفيدى . ثم اقتربت من أذن مصطفى وقالت له: صارعه كأنما تصارع نفسك يا بنى ثم دست فى يده خاتما به صاعقا كهربيا بدون أن يلاحظ المقنع ذلك وأردفت قائلة: اصعق رقبة الكاهن بهذا الخاتم وسيسقط صريعا على الفور.
لم يفهم مصطفى ماتقصده العجوز بمصارعته كما لو أنه يصارع نفسه ولكنه استوعب تماما ما يخص الخاتم .
انزوت العجوز بعيدا ثم فتح الرجل المقنع الحلبة ودخل المتصارعان وبدأ القتال،كان متكافئا حيث كان المصارعان بنفس القوة ، حاول كل منهما طرح الآخر أرضا تمكن المقنع من ذلك وكاد أن يقضى على مصطفى ولكن قفزت صورة زوجته إلى ذهنه، فنهض مسرعا ومبتعدا عن المقنع الذى هوى بجسده وبقوة على الأرض بدلا من أن يهبط على جسد مصطفى .
انتهز مصطفى تلك الفرصة والمفاجاة التى تعرض لها غريمه ، فأمسك رقبته بقوة وجلس على بطن عدوه وغرز الخاتم فيها فسرت شحنة كهربية كفيلة بإفقاده الوعى تماما لساعات .
لهث مصطفى من فرط الجهد الذى بذله فى صراعه، ابتسمت العجوز ثم نزعت القناع من الرجل المقنع عندما اقتربت منه.
ارتسمت الدهشة على وجه مصطفى عندما رأى وجه المقنع ، فابتسم إلى العجوز وقال: الآن علمت مغزى جملتك صارعه كأنما تصارع نفسك إنه نسختى فى هذا العالم أليس كذلك؟ أومأت العجوز بالموافقة ثم قالت : انتهينا من ال*قبة الأولى، ثم أمسكت يده وحثته على المضى معها حتى وصلت إلى حفرة دائرية محفورة فوق عرش المصارع.
أزاحت الغطاء ثم أدخلت يد مصطفى فيها وبعد ثوان تحركت إحدى جدران بهو المعبد لتكشف عن وجود غرفة سرية ، قالت العجوز: هذه الغرفة تنفتح بب**ة يد الكاهن أى الرجل المقنع، ولأنه نسختك فأنتما تحملان نفس التركيب الجينى وكل كاهن يمحو ب**ة سابقة ويخزن ب**ته وكان من الصعب الإقتراب من نسختك هذه لذا فكرت فى مساعدتك لى فى ذلك .
حك مصطفى ذقنه بسبابته وقال: ولكن هل تستحق هذه الغرفة كل هذا العناء أو كل هذا التأمين والإخفاء إنها غرفة خاوية تماما.
ضحكت العجوز ثم خرجت لثوان وجاءت بأحد رؤوس الح*****ت المعلقة ثم أطاحتها إلى منتصف الغرفة فطارت إلى سقف الغرفة.
كان هناك قوة خفي تحاول إبعادها من مجال الجاذبية الأرضية ،فضحك مصطفى عندما شاهد ذلك حيث تذكر نفسه عندما وقع فى حقل انعدام الجاذبية سابقا ثم قال: إنها أحد البوابات لعالم مواز آخر أليس كذلك؟
هزت العجوز رأسها بالإيجاب ثم طلبت منه أن يخلع ملابسه ويرتدى ملابس نسخته المقنعة ،ويمكث قليلا فى المعبد حتى تنقل هذا المقنع إلى المقر السري وتعود بعد ذلك إليه ليبحثا عن البوابة الأخيرة الموجودة فى غابة الوحوش، وفى لمح البصر انتقلت العجوز إلى المقر حيث تفاجأت سمر حفيدتها بوجودها ومعها زائر آخر .
-59-
قصر الزعيم طارق
نعود إلى نادية وطارق زعيم الع***ة فبعد ساعة من العمل الشاق تم جز وقطع الأشجار حول تلك الغرفة الغامضة، كانت مدفونة تماما تحت الأشجار الكثيفة، ظهرت العجوز سعاد فجأة كعادتها فى حديقة قصر حفيدها .
شاهدت الأشجار المقطوعة على جانبى الغرفة السرية ، اتجهت ناحية نادية وطارق الذَين قد انتهيا من إزاحة الأشجارعن الغرفة.
انتبها لوجودها فى عالمهما ، قالت العجوز : أرى أنكما قد أنجزتما المهمة على أكمل وجه، تصبب العرق من جبين طارق ولهثت نادية من شدة التعب ، ربتت العجوز على كتفيهما ثم قالت: تبقى لنا ثلاثة أماكن أخرى ،قصر زوجتك والمعبد المقدس وغاب الوحوش.
سنبدأ بقصر نادية ثم أمسكت كتفي نادية الأديبة من من عالم مواز آخر وقالت :غدا ستبدأين المهمة الثانية و... قطع حديثها حفيدها طارق الذى بدا قلقا وهو يسألها : كيف سنصل إلى تلك الغرفة التى تماثل الغرفة التى وجدناها فى قصرى؟
ابتسمت العجوز ابتسامة واثقة ثم قالت: لا تقلق لقد أحضرت لكم جهازا من عالم مواز آخر يكشف عن المناطق التى بها خلل فى الجاذبية الأرضية، ثم أخرجت الجهاز من حقيبتها وقالت: هكذا يعمل الجهاز عند الضغط على هذا الزر ثم نوجهه إلى المناطق المحيطة به حتى تعثر على إشارة قوية حيث يتحرك المؤشر عند وجود هذا الخلل فى الجاذبية وعندما وجهت العجوز الجهاز تجاه الغرفة التى بها خلل فى الجاذبي تحرك المؤشر بقوة.
ارتسمت ابتسامة ارتياح على وجهى نادية وطارق عندما شاهدا ذلك . قالت العجوز: لقد حان وقت راحتكما الآن . هزت نادية الأديبة رأسها نفيا وقالت : بل نذهب إلى قصر والد نادية زوجة طارق فالوقت لايسمح بالانتظار ،وافقها طارق على ذلك قائلا : حقا لا داعى للانتظار فلنذهب الآن ثم أخرج هاتفه من جيبه وهاتف والد زوجته وأخبره بزيارته هو وزوجته له فى القصر بعد قليل .
ضحكت العجوز وقالت: يالحماسة الشباب !
-60-
المقر السري
عادت العجوز إلى المقر السري يرافقها مصطفى الكاهن والذي وقع فريسة لإغماءة تسبب فيها ذلك الصاعق الذي استخدمه مصطفى المصارع عندما اقترب من رقبته أثناء صراعهما .
مطت سمر شفتيها وأشارت إلى الكاهن النائم وقالت: ومن يكون هذا؟ ابتسمت العجوز ابتسامة واسعة ثم قالت: إنه كاهن المعبد وبرقت عيناها ثم قالت : لم يتبق سوى مكان واحد وهو الغابة والآن ضعيه على جهاز السبات العميق سأساعدك فى نقله.
أسرع مساعد الجدة بمساعدتهم ، طلبت الجدة من سمر إعارتها خاتمها لكى تنتقل إلى الغابة فطاقة خاتمها التي تمكنها من الولوج بسهولة وبسرعة فائقة بين العوالم الأربعة شارفت على الإنتهاء.
أطاعتها سمر على الفور فأخذت العجوز خاتم حفيدتها ثم ضغطت عليه لتنتقل إلى المعبد المقدس؛ لتكمل مهمتها مع مصطفى المصارع ضيف عالمهم من عالم مواز آخر، وفى تلك الأثناء تأهب طارق حفيد العجوز سعاد ومعه نادية ضيفته من عالم مواز آخر لزيارة والد زوجته حيث ينتويان البحث عن تلك الغرفة المشابهة للغرفة التى وجداها فى قصره.
-61-
قصر والد نادية
وصل الزعيم طارق ونادية إلى قصر والد زوجها عصرا أوقف طارق سيارته أمام بوابة القصر التى فتحها أحد العاملين فى القصر ثم سارا بضع خطوات فى الممشى المزين برؤوس الح*****ت المفترسة على جانبيه ، فسرت قشعرينة فى جسد نادية، فأمسكت ذراع طارق بقوة الذى همس فى أذنها وقال: لقد بدأت المهمة كونى على حذر من الآن.
ابتلعت نادية ريقها وحاولت رباطة جأشها وتمالكت نفسها وأقنعت نفسها أنها نادية الشرسة وليست نادية الحالمة الرقيقة ثم أخذت نفسا عميقا،رحبت مديرة القصر بهما وهما يصعدان درجات سلم القصر ثم دخلا بهو القصر الذى لا يختلف كثيرا عن قصر طارق فى انتشار رؤوس الح*****ت المفترسة فى أرجائه وجلود الح*****ت إلى تفترش الأرض ، سحب طارق نادية من يدها وجلسا على أريكة تشبه التى فى قصره .
لم يمض سوى بضعة دقائق حتى جاء والد نادية الذى استقبلهما بحفاوة ،فنهضت نادية وقبلت يد والدها ثم قبل طارق يد والد نادية كعادتهما، لم يشك والد نادية للحظة بأى تغير فى ابنته حيث أدت نادية من عالم مواز آخر دورها بإتقان، جاءت مديرة القصر التى أعلنت أن المائدة قد تم تجهيزها.
نهض الجميع وتوجهوا إلى غرفة تناول الطعام ، تخلل تناولهم الطعام سرد والد نادية بعضا من القصص المثيرة عن أوقات صيدهما معا، كانت نادية تجارى والد زوجة طارق فيما يحكيه حيث استخرجت سمر تلك الذكريات وعرفتها لنادية الأخرى ، وبعد تناول الطعام اتجه الجميع إلى حديقة القصر بناء على رغبة نادية التى ادعت أنها افتقدتها كثيرا .
جلس الجميع فى مكان ظليل وكانت الأزهار آكلة الحشرات منتشرة فى الحديقة ،فلن تجد أزهارا خلابة فقاطنوا هذا القصر يتذوقون فقط الأزهار المتوحشة والنباتات القاسية مثل الصبارات والنباتات التى تخرج منها الاشواك.
همَّ والد نادية بسرد قصة أخرى ولكن نهضت نادية فجأة وقالت: لدى هدية لك يا والدى معي حلوى لذيذة أعددتها خصيصا لك .
أخرجت من حقيبتها علبة بها الحلوى المفضلة لوالد نادية وقد دست فيها عقارا يجعله يدخل في سبات عميق، كما طلبت منها العجوز سابقا استدراجه وإعطائه هذه الحلوى بعيدا عن أعين الخدم.
تناول والد نادية الحلوى بسعادة غامرة ولكن سرعان ما سرى ال*قار فى أوصاله فأفقده الوعى، فألبسته نادية خاتما مثل الذى كانت ترتديه سمر ثم ضغطت عليه باستخدام عصا رفيعة طولها نصف متر حتى تكون بعيدة عن مسار الشعاع الناقل الذي قام بنقل والد نادية إلى المقر السري وهو غارق تماما فى حالة السبات العميق .
كانت سمر على علم بهذه الخطة وكانت مستعدة لذلك فمع ظهوره المفاجىء، نادت على بعض أعضاء الجمعية السرية ليساعدوها فى وضعه على الجهاز ،فى الجانب الآخر كانت نادية تسامر طارق متظاهران بذلك ويتجولان فى الحديقة.
فَعَّلَت نادية الجهاز المُخَبَّى فى حقيبتها واستمرت فى التجوال بمرافقة طارق حتى أص*ر الجهاز صوتا مميزا، ففطنت لوجود منطقة انعدام جاذبية فى هذه المنطقة ،ارتسمت على وجهها حيرة واضحة قد لاحظها طارق الذى سألها : ما الأمر؟ فقالت: يص*ر الجهاز إشارة قوية وثابتة عندما اقترب من هذه المنطقة التى نقف عليها ولكنها مغطاة تماما بالعشب ،حك طارق ذقنه للحظات ثم قال: أعطنى ذلك السكين المخبأ فى ملابسك ، نفذت له نادية ما طلب وأخرجته من تحت ملابسها، فالتقطه وبدأ بطعن العشب فى أماكن متفرقة حتى ان**ر نصله بسبب اصطدامه بشيئا ما صلبا مغطى بالعشب.
برقت عينا نادية ثم ساعدته فى إزالة طبقة العشب عن تلك المنطقة بيديهاحتى ظهرلهما قبة معدنية قطرها متر وذات مقبض حاول الاثنان فتح القبة الصغيرة ولكن لم ينجحا فى ذلك.
زفرت نادية بضيق وقالت: وماذا نفعل الآن ، لم ينتبه لجملتها طارق حيث كان يتفحص ذلك المقبض فوجد عليه تجويفا صغيرا يناسب تلك القلادة التى أعطته له زوجته نادية من قبل فنزعها من رقبته ثم أدخلها فى تلك الفجوة المناسبة لها وأدارها فانفتحت القبة لتكشف عن حجرة خفية تحت أرض الحديقة.
هبط طارق أولا ثم تبعته نادية درجات سلما معدنيا صغيرا لينتهى إلى غرفة واسعة خالية من أى شىء، كان هناك فى وسط الغرفة حلقة معندية محفور عليها نقوش لم يفهمها طارق ونادية وهذه الحلقة محاطة بجدران زجاجية شفافة قامت نادية بالنقر عليها بأظافرها؛ لتتأكد من وجودها ، قالت نادية بحماسة : لقد نجحنا فلتهاتف أختك سمر وتخبرها بذلك .
أومأ رأسه بالموافقة وقال : فلنصعد الآن إلى السطح صعد طارق أولا والذى تسمر مكانه عندما وصل لنهاية السلم حيث أطل وجه أحد الخدم من القبة المفتوحة،سمعت نادية صوت الخادم الذى قال: سيدى طارق ماذا تفعل هنا سيدي؟ وما هذه الغرفة؟
صعدت نادية بسرعة فوجدت طارق مذهولا لا يقدر على الحراك فبادرت الخادم بالسباب ولعنت ذلك الخادم ونهرته بسبب تطفله وتدخله فيما لايعنيه؛ فانطلقت حشرجة مكتوم من حنجرة الخادم وقال: سيدتى اعتذر عن تطفلى ثم ترك المكان وهو مطأطىء الرأس حتى غاب عن الآنظار .
شعر طارق بالضيق من اضطرار نادية للجوء لذلك الأسلوب الهمجى، أخرج طارق هاتفه واتصل بأخته وأخبرها بكل شىء ، خاصة أن خادما من القصر على علم بأمر تلك الغرفة السري تحت حديقة قصر سيده، طلبت سمر من أخيها طارق أن يمكث حتى تأتيه مع بعض أعضاء الجمعية السرية ليتموت بناء المحطة .