مر يومان و ليل تشرف على تطبيب جرح بحر، وقد اتفقا أن يطلبها بحر من صقر بعد مرور فترة مناسبه على موت والدها، و بينما هي جالسه تعد الطعام، المتوفر لديهم في المغارة وجدت درديري يهل عليهم، و هو فاغر فاه من هيئتها، فهي أول مره يراها حاسرة الرأس بلا عممه، وقف أمامها متلجلجا:- ل...ي...ل، انتي بخير؟
توترت و اض*بت:- بخير يا درديري، اجعد.
و دخلت لداخل المغاره ترتدي العمه، و خرج بحر له:- مرحب درديري.
- مرحب يا بحر، كانك بجيت مليح.
- لازمن ابجى مليح، اللي طببني ليل، و هو يده تتلف في حرير.
حرك درديري يده على ص*ره في رغبه:- لا مش يده بس، طلع ليه شعر كمان كيه الحرير.
نظر له بحر نظرة توعد:- شعر ايه يا مخبل، ليل طول عمره سيد الرجال.
فنظر درديري نظره خبيثه: آه ما آني واخد بالي، على العموم الكبير صجر باشا، شيعني اطمن عليكم، وانتم بخير آهه.
- عشت يا درديري احنا كنا لسه هنشدول الرحال للريس و نشوف هو فين.
- في المغاره السوده، جاعدين كلاتنا هناك.
خرجت ليل:- ناكلوا الاول عشان الدوا يا بحر، لاجل الجرح ما يلهبش.
ابتسم درديري:- طبعا، طبعا.
****
انتھى تجھیز دار طایع و نزلوا إلى النجع
وأرسل مرسالًا إلى ضرغام یطالبه بالحضور لجلسة عرفیه، تضم سید رجال الصعید وصاحب الكلمة العلیا على كل العائلات دیاب العزایزي، وأكابر العبابسة،
ھاج ضرغام وثارت ثائرته وأرسل من یقص أخبار طایع ویعرف عنه كل كبیره و صغیره، وھاله ما عرفه عنه من نفوذ، وجاه، ومال، ومكانه، وأیقن أنه قد وقع بین رحى المطرقة والسندان و كانت الطامة الكبرى حين علم أن الشركه الجديدة التى وقع معها عقود الشراكه تابعه لمجموعه طايع التجارية.
تساءل فهد بالطبع عن السبب الذي يدعو طايع الذي لا يعرفون عنه شيئا قبل الآن، أن يستدعي والده لجلسة عرفيه، تضم أكابر الصعيد، و ما الذي قد يريده ذلك الطايع، و هم اللذين لهم عنده حق ثأر لعمه.
اطلعه ضرغام على ما كان من والد طايع وما فعله هو معه، لم يقتنع فهد بما قاله والده، فبالتأكيد هناك ما يخفيه عنه.
حان وقت الجلسة.....
دخل ضرغام ومن ورائه فھد للقاعة لیسلما على كبیر الجلسة دیاب العزایزي و یرحبا به ترحیبًا حارًا ولیجدا طایع ووھدان یتوسطان المجلس.
فدخل فهد ملقیًا السلام:- السلام علیكم.
فنھض طایع من مجلسه وألقى السلام:- وعلیكم السلام.
ولم یسلم أحدھما بالید على الآخر
اتخذ كل من ضرغام وطايع مجلسهما ونظرات التوعد والكره موجھة من كل منھما للآخر
فدق دیاب العزایزي الأرض بعصاه الآبنوسیة السوداء لی**ت الجمیع وقال:
- آني ھاسمع الحدیث للآخر ومش ھاجول حكمي إلا بعد ما تتحدتوا، الكلمه لیك یا طایع یا ولدي.
بدأ طایع الحدیث
- من سنین مش عاوزین نعدوھا ولا نفتكروھا، الضرغام جتل أبوي جدام عیني و ما خدش بشھادتي إن أبوي كان بريء، واستوطي حیطتي وإني كنت لساتني عودي أخضر وطردني من أرضي وبیتي، وھدد أمي اللي خافت عليّ وھربت بيه كیه ما أمرھا الضرغام، الزمن دار ولف واللي ما یعرفش دلجیت مین ھو طایع الخطاب یروح بس سكندریه ویجول الاسم وألف مین یدلوه على تجاره وأملاك ما لھاش آخر، أنا رجعت للنجع وراید حج بوي وھاحلف على كتاب ربنا إن ابوى ما جتلش الناصري، یا ولد ھات المیاه والمصحف.
توضأ طایع ثم وضع یده على كتاب ﷲ عزو جل وأقسم
:- أنا حلفت على صدج حدیدیتي، وراید الحج،(و نظر لضرغام) راید تار ابوي یا ضرغام وأنا أعرف الأصول زین، والدم ما رایدھوش یسیل بین العبابسه و الحطابین، مھما إن كان بینا أصول ونسب جدیم ومش عاوزین نفتحوا سیرة الدم و سلساله.
نظر له ضرغام نظرة یحاول بھا سبر أغواره وأن یفھمه:- أمال راید إیه یا ولد الحطاب.
قال طايع بقوة وثقة وثبات:- یا تجدم كفنك لیا جدام الكل، یا یكون بیناتنا نسب جدید وتجاره توجف الدم.
انتفض ضرغام وتملكه الغضب ووقف صائحًا:- يا جبروتك یا ابن حطاب، راید ضرغام العبابسي یشیل كفنه لا كان ولا ھیكون، ده آني اض*ب نفسي بالبندجه جدام الكل وما اعملھاش.
قال طایع منتصرًا:- یبجى النسب، وآني راید رابحه بنت الناصري خیك تكون مرتي على سنة ﷲ ورسوله.
انتفض فھد:- رابحه لا، رابحه مكتوبالي.
ابتسم طایع:- وآني ما رایدش غیرھا، یا رابحه یا الكفن.
ثار فھد:- ما دامك راید رابحه یبجى آني راید ملیكه.
انتفض طایع وكأنما لدغه عقرب، وهو يقول مستنكرًا:- وملیكه مكتوبالي.
فنظر دیاب للمأمور لیعطیه فرصة ابداء رأیه فقال المأمور:- یا جماعه كده الحكایه محلوله، الصبیه رابحه المقسومه لفھد یتجوزھا طایع، والصبیه ملیكه المقسومه لطایع یتجوزھا فھد، وبكده نكون حلینا المشكله والعیلتین یدوبوا في بعض، والنسب يبقى مكان التار.
ھدر طایع:- بس یا...
عقب المأمور:- ما فیھاش بس یا طایع بیه، انت قلت الحل المضبوط، البدل بین العیلتین ھیخلى كل عیله تخاف على مصالح التانیه.
لیدق دیاب العزایزي الأرض بالآبنوسیة مص*رًا حكمه الغير قابل للنقاش
- بتنا ملیكه لفھد، وبتنا رابحه لطایع، والحدیت خلصان، والعجد بكره عشیه و ھاشھد علیه بنفسي، والكلام لطایع ولفھد، أنا عارف إن جایز راسكم بتدور فیھا الدوایر وناویین تتربصوا لبعض، خصوصا أنت یا طایع، لازمن تعرف أنه بنسبكم كل حاجه من الماضي ھتموت والعداوه لازمن تختفي، ملیكه ورابحه من دلجیت في حمایتي آني وھاعدھم من بناتي، خلاصة الجول، الراجل فیكم اللي ھیحط براسه أنه یودر واحده منیھم یبجي بیودرني آني، وما افتكرش إن العبابسه برجالتھا ولا الحطابین بنفوذ طايع یجدروا یستحملوا تودیرتي وعجابھا، خلص الكلام، العجد بكره عشیه عند طایع في دواره، تجیب رابحه یا ضرغام وحریم العبابسه معاك، و الفرح یتنصب من دلجیت.
ودق الأرض معلنًا انتھاء الجلسة.
انصرف الكل وضرغام یرغي ویزبد وكذلك فھد، دخلا الدار لتقابلھما صبیحه تض*ب خدھا:- یا مري یا مري، بجي البت اللي ما صدجنا تكون وسطینا ھترموھا لولد ابو حطاب، یا مري یا مري، جدرت يا فهد تديها ليه إكده، ده انت يا ابن بطني عوفت الحريم كلاتهم عشان ما رايدش غيرها، ترميها كده لابن الحطاب، يا مرك يا صبيحه، يا مرارك اللي هتبجي فيه يا رابحه.
نزلت رابحه تنظر لھم:- أنا سمعت اللي حصل ومش فاھمه حاجه، طایع إیه ده اللي عاوزین تجوزھولي.
لیدخل أحد الغفر:- یا ضرغام باشا، يا ضرغام باشا.
- ایه یا واكل ناسك عاوز ایه؟
- الشيخ دیاب بیه الكبیر باعت مرسال بیجول أنه راید الست رابحه في دوار العمده دلجیت، و رایدھا تيجي لحالھا.
زفر ضرغام:- البسي الملس یا رابحه وروحي، الكبیر ما نجدرش نخالفوه.
حاولت الاعتراض:- یا عمي.
- ما فیھاش عمي یا بتي، إذا كنت أنا كبیر ناسي وكلمتي ما تتردش، فدیاب كبیر الناحیة كلاتھا.
وعند طایع ما أن دخل حتى استقبلته ملیكه و الغضب یتملكھا:- اللي سمعته ده صح یا طایع، أنا ھیكتبوا كتابي بكره وعلى مین؟ على فھد اللي المفروض عدونا، اللي لا أعرفه ولا یعرفني، وھتسیبني لیه یا طایع، ھتسیبني لغیرك، عيشتني العمر كله إني ليك وفي الآخر تسيبني لعدوك.
أمسك رأسه متألمًا من المطارق الحدیدیة التي تض*ب كل عصب في مخه، فلقد انقلب تخطیطه وشرب من الكأس التي أراد أن یسقیھا لضرغام
- أسكتي یا ملیكه كفیاني اللي آني فیه.
- اسكت! اسكت ازاي؟ أنت فاھم اللي بیحصل ده، تولع البلد على التار یا ﷲ نرجع اسكندریه وننسى.
صرخ بھا:- یا ریته كان ینفع، جبل جول الشيخ دیاب كان ممكن، انما بعد حكم الشيخ دیاب ما ینفعش، آنى بكل رجالتي ما اجدرش أخالفه، آني نصبت الخيه و وجعت فيها، آني جلت مش هيوافج يحرم ولده من اللي عاشجها كيه ما سمعنا، و هيوافق يجدم كفنه و يركبه الخزي عمره كله، وإلا ياخدها من جصيرها ويجتل نفسه، لكن ما همهوش لا ولده و لا بنت أخوه، كل اللي همه نفسه وبس، وابنه ربايته، راد ي**رني و يجبرني أ**ر طلبي فطلبك لنفسه، وآنى عارف أنه ما رادكيش غير كيدا فيا، ويجي الشيخ دياب يطربجها علينا كلنا ويوافج ، يا طينك اللي شيلته يا طايع..
لیدخل الغفیر:- یا طایع بیه، الشيخ دياب الكبیر راید ملیكه ھانم عند العمده ولحالھا.
صرخت:- غور من وشي أنا مش رایحه لحد.
نظر الغفیر لھا بدھشة فاغرًا فاه:- ها اللي هو ازاي يا ستنا؟
ربت وھدان على كتفھا:- ما یصحش یا بتي طلب الكبیر ما یتردش.
اعترضت:- یا بابا.
- دي ما فیھاش لا بابا ولا ماما.
*****
وصلت مليكه أولًا وأشار لها الغفر على الغرفة حيث ستلتقي الشيخ، دخلت واقفه تنتظر وهي عاقدة العزم على مواجهة الشيخ وعلى التمسك برفض ذلك الفهد، بعد قليل وصلت رابحه وأدخلها الغفر نفس الغرفه حيث مليكه، دخلت لتجد تلك الفتاه تقف وحين استدارت مليكه حين أحست بوقع خطوات خلفها صاحت:- رابحه!!
وصاحت رابحه متعجبة:- ملیكه!!
- ازاي؟ انتي هنا ليه؟
- مش ممكن!!
وغرقتا في أحضان وقبلات تنمان عن شوق للقاء بعضھما قالت مليكه:- انتي فین یا بنتي أنا عماله اتصل یقولي یا مغلق یا غیر متاح.
ارتمت باكیة في حضنھا:- ماما ماتت یا ملیكه، ماتت.
ربتت علیھا:- البقاء لله، یا قلب ملیكه، بس انتي بتعملي إیه ھنا؟
- أنا طلعت من ھنا، دي حكایه طویله، انتي بقى جایه ھنا لیه؟
- دي حكایه أطول، جایه أقابل واحد بیقولوا علیه الشيخ دياب الكبیر.
-إيه ده؟ أنا كمان جايه أقا**ه.
دخل دیاب ف**تتا في حضرة ھیبته ووقاره، نظر لھما نظرة حانیة، وجلس مشیرًا لھما بالجلوس:- عرفوني بنفسكم یا بنته، وإلا أجول لكم استنوا آني ھاعرفكم لحالي، إنتي رابحه، إنتي الخالج الناطج أمك چازیه في شبابها، وانتي ملیكه فیكي كتیر من أمك نواره.
ابتسمتا وقالت رابحه:- أنت عارف أھلنا یا حاج.
- أمال إیه، الچازیه ونواره دول غالیین ولاد غالیین، وآني اللي دسیت أمك الچازیه لمن حبت تھرب من عمك عمران، عشان اكده ما وصلھاش یا بتي،
اسمعوني زین، جوازكم من فھد وطایع ھو اللي ھیوجف الدم.
فقاطعتاه صرخت رابحه:- نھار أ**د ھو انتي اللي فھد ھیتجوزك.
و صرخت مليك:- انتي اللي طایع ھیتجوزك.
دق دیاب الأرض غاضبًا:- آني ما اتجاطعش یا سلسال العبابسه والحطابین، اسمعوا وانتو ساكتین(**تتا) شرارة الدم نایمه ولو ولعت مش ھنخلصوا وأول اللي هيموتوا بيها هم فهد وطايع.
دخل الغفیر:- السماح يا شيخنا، بس فیه حرمه بره طالبه تجابلك، وبتجول لازمن تعرفك حدیت مھم جبل ما تخلص جعدتك مع الصبایا، موضوع يخص الجوازه