أنا شكلي هحبك ولا إيه

3933 Words
-حاولت مرام أن تغمض عيناها لعلها تنام ولو لساعة ولكن النوم أبى أن يريحها فكلما أغمضت عيناها فاجئتها عين نادر مقتحمة تفكيرها فنفضت عنها تعبها وغادرت فراشها وتوجهت إلى مرحاضها لتتوضأ وأفترشت سجادة الصلاة تؤدي فرضها وأخذت تدعو الله أن يوفقها في إيجاد عمل آخر لتستطيع سداد ذلك الدين الذي يثقل حياتها فهي تتمنى أن تتخلص من ضغط نعمة عليهم، فلعنت نعمة لإسلوبها المستفز في تعاملها معهم وشتماتتها في إصابة لارا. -إنتبهت مرام لصوت رنين هاتفها ومع تكرار الرنين مدت مرام يدها لهاتفها فوجدت المتصل بها جارهم عبد الله فاجابت الاتصال سريعا لعله يستطيع تأمين عمل آخر لها، اجابته مرام واستمعت إلى صوته الهادىء يقول: -"إيه يابنتي إنتي مجتيش ليه لحد دلوقتي سليم سئل عنك كذا مرة وأنا قولت له إنك وصلتى يلا يا مرام متتأخريش واوعي يا بنتي تحرجيني مع سليم وعلى فكرة أنا شرحت له ظروفك كلها والنهاردة هكلمه على الفلوس اللي إنتي محتجالها واطمني هو مش هيمانع أبداً يديهالك علشان تخلصي من دين نعمة". -شعرت مرام بالراحة وحمدت الله أن عملها مازال قائم وأن نادر لم يتخذ ضدها أي إجراء فاجابته مرام بصوت خفيض حتى لا يسمعها أحد من اخوتها: -"بجد يا عم عبد الله يعني تفتكر إن الأستاذ سليم هيوافق يديني المبلغ دا ومش هيمانع". -طمئنها عبد الله وقال: -"ايوة يا بنتي واطمني دانا اللي مربي سليم ونادر وعارف إنهم فالخير مش بيترددوا أبداً، أقولك على ما توصلي هكون اتكلمت معاه وربنا هيسويها من عنده هو بيعمل خير كتير وإنتي مش هتاكلي الفلوس عليه وهترديها دا أنا اضمنك برقبتي يلا علشان ميحسش إنك اتاخرتي". -تحركت مرام بخطوات متسللة تراقب اخوتها وقالت بهمس: -" خلاص يا عم عبد الله نص ساعة وأكون عندك ". -وصلت مرام إلى فيلا الدهشوري ودخلت من الباب الخلفى واستقبلها عبد الله فطلب منها أن تسرع بتنظيف الدور العلوي وحذرها من دخول الجناح الأخير تعجبت مرام لما يشدد عليها ألا تقرب من ذلك الجناح وانتابها فضول شديد لمعرفة ما يحتويه ولكنها نهرت نفسها لفضولها هذا وتوجهت لتنهي عملها. -أخذت مرام تنظف بنشاط وحين انتهت نزلت إلى المطبخ فلم تجد عبد الله فجلست على مقعد جانبي تنتظره لتستئذه بالمغادرة فهي تريد الإنصراف سريعا لتلحق بزميلتها حتى تأخذ منها المحاضرات التي فاتتها وما هي إلا لحظات حتى دلف عبد الله إلى المطبخ وابتسم لها بوجهه الهادىء وقال: -"خلاص ف*جت يا مرام أنا كلمت لك سليم ووافق يساعدك وبكرة بالكتير إن شاء الله هيكون المبلغ معاكي أنا مش قولت لك متشليش هم حاجة وقولي يارب". -احست مرام بالراحة لإنها أخيراً ستتخلص من مضايقات نعمة لها فقالت مبتسمة: -"طيب هو أنا هقابل الأستاذ سليم إمته علشان اشكره بنفسي وأرتب معاه إزاي هسدد له المبلغ دا إنت عارف يا عم عبد الله دي بردوا مسئولية ودين عليا عاوزة أعرف هسدده إزاي". -تغيرت ملامح عبد الله فجأة وقال باضطراب: -"لا يا بنتي إنتي مش هينفع تقابلي سليم هو مش بيقابل أي حد خالص عموما هو هيخلي نادر يتكلم معاكي ويرتب كل حاجة زي ما إنتي عاوزة". -شهقت مرام حينما أتى عبد الله على ذكر نادر وقالت بخوف وقلق: -"لأ بلاش الأستاذ نادر يا عم عبد الله أقولك خلاص أنا مش عاوزة حاجة أنا". -"إنتي إيه والأستاذ نادر لاء ليه يا أنسة مرام". -انتفضت مرام بحدة واستدارت تنظر إلي الخلف فشاهدته يقف أمام باب المطبخ يتسند ب**ل إلى بابه فازدردت ل**بها وقالت: -"ا س ت ا ذ – ن ا د ر". -ابتسم نادر بتهكم وقال: -"ايوة الأستاذ نادر إيه مالك". -**ت نادر برهة ثم أعتدل وهو يرفع حاجبه وقال وهو يستدير عنها: -"تعالي ورايا يا يا أنسة مرام". -أشار لها عبد الله أن تتبع نادر وقال لها: -"روحي يا بنتي ومتخافيش نادر ميتخيرش عن سليم دا إنتي ربنا بيحبك يلا متوقفيش كدا ربنا ييسر لك الحال". -تبعت مرام نادر وجسدها يرتجف فهي لم تتوقع أن تراه مرة أخرى سريعاً هكذا وازداد اضطرابها بعدما لاحظت أثر ض*بتها له على أنفه والكدمة التى خلفتها فشعرت بالقلق منه، دخلت مرام خلفه إلى المكتب ووقفت تنظر أرضاً تشعر بالحرج منه. -جلس نادر خلف مكتبه وتابعها بعيناه كالصقر يبتسم ب ***ة أنها تقف أمامه ومصيرها كله أصبح بين يداه فقال لها: -"اتفضلي أقعدي واقفة عندك ليه". -جلست مرام أمامه باضطراب وقالت: -"عم عبد الله كان كان بيقول إن الأستـــ". -**تت مرام بعدما لاحإ انشغاله عنها واهماله الإستماع إليها فحدقت به بغيظ ووقفت لتغادر فرفع عيناه لها وقال: -"وقفتي ليه مش قلت لك أقعدي أنا سامعك كنتي بتقولي إن عم عبد الله قالك حاجة يا ترى قالك إيه بقى". -حملقت به مرام وعادت إلى مقعدها وقالت: -"عم عبد الله قال إن الأستــ"... -**تت مرام مرة أخرى حينما غادر مكتبه وتحرك بإتجاهها فتراجعت للخلف في مقعدها وحدقت به فوجدت على وجه علامات التسلية والسخرية فنهرت نفسها لخوفها فوقفت أمامه بتحدي ورفعت عيناها لتواجهه وقالت: -"الأستاذ سليم قال إنه هيديني المبلغ اللي أنا محتجاله و". -قاطعها نادر فجأة وقال وهو يحدق بتمعن في عيناها: -"عيون قطة صح زي ما أنا قلت إنتي عيونك بتتغير زي عيون القطط". -فتحت مرام فمها ببلاهة ونظرت إليه بإستغراب فرفعت أصبعيها وفرقعت بهم أمام وجهه وقالت: -"حيلك ياأستاذ إنت متنح لي كدا ليه ولا تكونش عاوز جولة تانية بس أعمل حسابك المرة دي ممكن تتجبس بسببي". -ضحك نادر بشدة فانتفض قلبها داخل ص*رها يتراقص على نغمات ضحكاته وشعرت بقوى تجذبها نحوه بشكل خطير فهزت رأسها لتفيق من سحر ضحكاته وقالت: -"شكلك كدا هتضيع وقتي أنا ماشية خصوصاً إني لازم أعدي أخد المحاضرات أحسن أروح ورا الشمس مع لارا". -اوقفها نادر بحجبه الباب بجسده وقال: -"يعني مش عاوزة الفلوس خلاص تمام بلاش أنا كنت محضرهم ومعاهم وصل الأمانة اللي هتمضيه علشان أضمن فلوسي قصدي فلوس اخويا سليم". -تراجعت مرام عن مرمى يداه لتوجسها منه وقالت: -"طيب هات الايصال وأنا همضيه لو سمحت". -أبتعد نادر عن الباب وهو يبتسم بمكر وتوجه إلى مكتبه من جديد وأخرج أحد الدفاتر وأعطاه لها وقال: -"أظن عارفة الصيغة بتتكتب إزاي حضرتك هتكتبي إنك أستلمتي من سليم المبلغ وهتسلميه ليا أنا". -وقعت مرام على الايصال دون أن تجادله وقالت: -"فين الفلوس". -ابتسم نادر بشر وقال: -"فلوس إيه هو إنتي مش أخدتيهم قبل ما تمضي اومال يعني مضيتي على الإيصال إزاي". -تبدلت مرام في لحظات وقد شعرت أن نادر ينتوي الانتقام منها فصاحت بأعلى صوتاً لها وقالت: -"نعم لا دانا أروح فيك فداهية إنت هتستعبط عليا ولا إيه يا تجيب الفلوس يا تجيب الإيصال أقطعه إنت هتنصب عليا يا روح". -ض*ب نادر بقوة فوق سطح مكتبه ف**تت مرام ووضعت يدها فوق فمها وتمتمت معتذرة: -"أنا أسفة بجد أسفة مش قصدي أنسى نفسي كدا بص يا أستاذ نادر ربنا وحده اللي عالم بالظروف اللي عندي شكلها إيه فبلاش تيجي عليا إنت كمان ولو على اللي حصل مني إمبارح فأنا بعتذر لك بس يا تديني الفلوس يا تديني الإيصال قولت إيه". -جلس نادر بهدوء وقال وهو يمرر بصره فوقها: -"ولو قلت لك إن كل الورق اللي مديون بيه والدك معايا أنا هتنفذي اللي هقولك عليه". عقدت مرام حاجبيها تحاول فهم ما قاله وقالت بحيرة: و إنت أخدت الورق إزاي وأمته وإنت يادوب عارفني بس من إمبارح". -رفع نادر ساقيه فوق مكتبه وحدق بها بسخرية وقال: -"أنا نادر يا مرام وليا طرقي و طرقى الخاصة أنا عارف عنك كل حاجة دا حتى مرضتش أعرف إخواتك إن أختهم مرام طالبة الفنون التطبيقية بتشتغل عندي خدامة". -شهقت مرام حينما تفطنت إلى تهديده المبطن و قالت بقلق: -"لهجتك فالكلام معايا مش عجباني وبصراحة أنا شايفة إنك تديني إيصال الأمانة اللي لسه مضياه وأنا هتصرف وأسد لك الدين طالما الورق بقى معاك إنت". -إشار لها نادر لتجلس بعدما شعر بتوترها وأنها قد ترحل عنه وهو الأمر الذي يخشاه فهو لا يعلم لما لا يريدها أن تغيب عنه فقال: -"أقعدى يا مرام واسمعيني بصي أنا مش هخبي عليكي إن عاجبني فيكي إنك مكافحة وإنك بتضحي بمستقبلك علشان تسددي ديون والداك الله يرحمه وعلشان كدا هقدم لك عرض كويس جدا يخلي صورتك لطيفة ادام اخواتك وادام نفسك كمان يعني مش معقول طالبة الفنون التطبيقية تبقى بتشتغل خدامة في فيلا الدهشوري و لا إيه". -أحست مرام بالإهانة بسبب كلماته فتمالكت نفسها تسيطر على دموعها التي احستها تحرق عيناها ون**ت رأسها فض*ب نادر إحساس غريب وأحس أنها لا تستحق ما ينتوي فعله معها فأنزل ساقاه وطرق يفكر ماذا يفعل معها أيمضي في تنفيذ ما يريد أم يعدل عنه شعر نادر بالحيرة الشديدة وهو يحدق بها وهي تحاول بشدة إخفاء احراجها من حديثه وقال محدثا نفسه: -"وبعدين بقى يا نادر ما أنت عارف كله إلا الدموع وخصوصا عيون القطة بتاعتها دي اوف أنا مش عارف إنتي طلعتي لي منين يامرام لا وجاية عندي وإنتي شبهها قوي لا شبها مين بس يا نادر إنت شايف مرام حاجة كدا ملهاش زي دا كفايا عيونها إيه ما تفوق يا نادر معلقه معاك عيونها قوي كدا ليه لا هي مش عيونها بس اوف دي مش واخدة بالها من شفايفها خصوصاً لما بتعض عليهم أعقل بقى وسيبك من شغل المراهقين دا مينفعش اللي بتفكر فيه دي واحدة بتسترجل عليك عارف يعني يعني هتبقي مسخرة صحابك لو حد عرف إن القطة هي اللي علمت عليك أنا لازم أ**ر مناخيرهي دى اللي رفعاها فالسما والبداية أهي هي اللي جت تحت ضرسي من غير ما أطلب بيضة مقشرة هسيبها بردوا بس يا نادر سليم موصيك وإنت عارف زعل سليم وحش إزاي طيب أنا هلعب معاها شوية أهو أرد لها اللي عملته وبعدين أسيبها تمام كدا شوف شغلك بقى معاها ولاعب القطة الشرسة دي". -"ترك نادر مقعدة ودار حول مكتبه وجلس بالمقعد أمامها وقال: -"متنزليش راسك أبداً إنتي معملتيش حاجة تخجل على الأقل حاولتي بشرف إنك تسدي دين والدك بصي إحنا أتعرفنا ببعض غلط من الأول أقولك إحنا هنتعرف ببعض دلوقتي صح قومي أقفي أدامي يا مرام صالح وسلمي عليا أنا مديرك الجديد نادر فاروق". -حدق بها نادر متبادلاً معها النظرات لا يدري كيف نطق ل**نه بتلك الكلمات فلم يكن هذا ما ينتويه وجد نفسه يتوه بين عيناها البنية المغلفة باللون الأصفر فأحس بأنها تلمع بضوء شمسي لمس وترا باعماقه. -وقفت مرام بإرتباك تحاول سبر أغوار عيناه فهل هي حقا استمعت لكلماته أم توهمتها فازدردت ل**بها وقالت مستفسرة: -"مديرى إزااي أنا أنا مش فاهمة". -ابتسم لها نادر بعدما أيقن بأنه غرق في بحر عيناها ولم يعد بإستطاعته العودة عن قراره الجديد فقال: -"مديرك ما إنتي امم إنتي هتبقي السكرتيرة بتاعتي الخاصة بذمتك مش احسن من شغل الفيلا والمسح والكلام اللي بتعمليه هنا ها إيه رئيك". -رددت مرام كلماته بلا وعي وقالت: -"هبقى السكرتيرة الخاصة ليك إنت". -انتبهت مرام للهجتها فأسرعت وصححت: -"قصدي لحضرتك". -وقف نادر أمامها بطوله الفارع وقال بلهجة مرحة : -"أيوة إتعدلي إسمها حضرتك ويا فندم وسيادتك إسمع حاجة غيرهم بعد كدا إنتي حرة". -احست مرام بالإضطراب من قربه المبالغ فيه منها فتراجعت إلى الخلف لتسقط جالسه فوق مقعدها فمال نحوها نادر ووضع يداه على جانبى المقعد فأحست مرام أنها حبيسة ذراعيه فحدقت بعيناه لتتوه في حلقات النار التي تحيط بعيناه فهمست بصوت متلعثم: -"ا ب ع د – ل و – س م ح ت". -وكأنها سلبته عقله لم يستطع نادر إبعاد ناظريه عنها ولا الاعتدال إلا وهو يجذبها لتقف أمامه وما كاد أن ينحني ليقبلها حتى تحولت مرام في لحظات واطاحت به أرضاً بعدما دفعته عنها ووقفت وهي تلتقف أنفاسها وص*رها يعلو ويهبط ثم صاحت بغضب لم تدري إن كان بسبب انجذابها له أو بسبب ما كاد يفعله وقالت: -"إنت مفكرني إيه يا أستاذ إنت هو علشان ظروفي ولا علشان طلبت سلفة أبقى سهلة قوي كدا عموماً أنا اللي غلطانة مش حضرتك وشكرا قوي أنا لا عاوزة فلوس ولا عاوزة إيصالات الأمانة أنا عندي أتحبس بيهم ولا إن حد يسترخصني كدا". -احس نادر أنه صغير أمامها فوقف ينظر إليها ومسح بيده فوق رأسه وقال وهو يتنفس بقوة: -"أنا أنا فعلاً أسف وعلشان تعرفي إن نيتي فعلاً مفيهاش أي إساءه ليكي ولا بسترخصك أنا هد*كي إيصال الأمانة تقطعيه بإيدك". -تحرك نادر بصعوبة من أمامها فهو يشعر بأنه قد علق في شباكها وفتح درج مكتبه بيد مرتجفه ليسحب الإيصال ومد يده به إليها فأخذته مرام وهي لا تصدق وقالت وهي تشعر بالإرتباك: -"طب بالنسبة للـــ". -رسم نادر ابتسامة واهية فوق شفتيه وقال: -"هتسدي دينك ليا بشغلك معايا". -هزت مرام رأسها بالنفي وقالت و هي تتمالك أعصابها: -"لأ أنا أسفة أنا مش هشتغل سكرتيرة لحضرتك أنا هفضل فشغلي هنا". -حملق بها نادر بدهشة وقال مستنكرا: -"يعني تختاري تشتغلي خدامة عن إنك تبقي سكرتيرة وليكي وضعك". -اغمضت مرام عيناها بحرج وقالت: -"ايوة شغلي هنا أنا راضية بيه على الأقل هبقى مع عمي عبد الله فأمان إنما معاك وسكرتيرة بصراحة أنا مضمنكش". -أحس نادر أنها أغضبته بكلماتها وعدم ثقتها به فجلس على مكتبه وقال بلهجة أمرة: -"تمام براحتك وطالما إنتي أخترتي أتفضلي أعملي لي فنجان قهوة مظبوط وطلعيه أوضتي فوق وأه إياكي تكون باردة لأخ** منك اليوم". -عادت مرام إلى منزلها تشعر بالإجهاد والتعب فنادر لم يرحمها ولم يدعها لحظة واحدة تجلس بهدوء لاستمراره بإلقائها أوامره عليها طوال الوقت ولم يدعها تغادر إلى كليتها حين استئذنت منه حتى كادت تصرخ تعباً، حاولت مرام أن تتجنب أختها لارا ولكنها لم تفلح فما أن دلفت إلى غرفتها تفاجأت بوجودها بانتظارها في غرفتها ف*نهدت مرام بيأس وقالت: -"ازيك يا لولو عاملة إيه". -لم تجيبها لارا إنما استمرت بالتحديق بها بنظرات غاضبة فشعرت مرام بالتوتر فجلست على طرف فراشها وهمست مستفسرة: -"مالك يا لارا مبترديش عليا ليه". -تحركت لارا بمقعدها المتحرك لتواجه مرام وقالت: -"جبتي الفلوس لنعمة منين يا مرام ومين الراجل اللي راح ادلها الفلوس". -عقدت مرام حاجبيها بعدما احست بإتهام لارا الواضح من لهجتها فاغمضت عيناها فهي لا تريد التفكير فيما وصل إليها من صوتها وحدته التي دلت على سوء ظنها بها فقالت: -"أسلوب كلامك معايا مش عجبني بس الأول ممكن أعرف نعمة قالت إيه علشان أقدر أرد إنما التحقيق دا كدا من غير بينة يبقى ظلم وبعدين عيب قوي لما تسئليني بالطريقة دي وأنا أختك وإنتي أقرب واحدة ليا وعرفانى". بقلمى منى أحمد حافظ -بكت لارا وقالت بصوت من**ر: -"طريقتي فالكلام مش عجباكي علشان مشوفتيش اللي حصل معانا بعد ما جنابك اختفيتي الست نعمة وقفت فنص الشارع كله وفضحتنا وقالت إن بنات صالح بيجيبوا الفلوس من نومهم برا بيتهم وإننا بقينا من غير ظابط ولا رابط قالت إن في واحد دفع لها الفلوس وأخد الإيصالات منها وإنك إنتي اللي بعتاه لدرجة إنها خلت الشباب فالشارع يعايروا اخوكي وهو متحملش الموقف جرى على هنا و". -وقفت مرام وقد اشتعلت غضبا فتركت غرفتها وتركت لارا تناديها ولم تلتفت لها لتقتحم غرفة اخيها وتوقظه من نومه وتجذبه ليقف مذعوراً ثم غاضباً حينما تيقن أنها مرام فصفعته فجأة بقوة وقالت بغضب: -"إنت إزاي تسيب نعمة تلسن عليا بالكلام وتقف ساكت إزاي مض*بتهاش بالجزمة أول ما جابت سيرتي فهمني إزاي تقبل عليا حاجة زي دي ماشي يا سيف إنت دلوقتي تتفضل ادامي على تحت علشان أنا هعرفك تبقى راجل وتحمي إخواتك البنات إزاي يا راجل العيلة". -واجتذبته مرام ساحبه إياه خلفها متجاهلة نداء لارا ورويدا لها لتفتح باب شقتهم مستمرة في سحبه خلفها إلى الأسفل لتقول بصوت غاضب: -"أقف أتعلم الرجولة من أختك تبقى إزاي يا أستاذ سيف". -واندفعت مرام إلى محل نعمة لتباغتها جاذبه إياها من ملابسها لتلقيها أرضاً بقوة وسط الطريق وتنهال عليها ض*باً وسُباباً فتجمع المارة والجيران على صرخات نعمة وصياح مرام وهي تقول: -"بتجيبي سيرتي يا نعمة فالشارع إنتي مفكرة إن الناس كلها زبالة وشمال زيك إنتي إزاي تجيبي سيرة أسيادك على ل**نك إحنا بنات صالح يا نعمة اللي المنطقة كلها والبلد بتحلف بحياتنا وشرفنا إحنا عمرنا ما هنمشي وراسنا فالأرض ولا عاش اللي ي**رنا والفلوس اللي وصلت لك دي من شغلي فشركة فاروق الدهشوري سمعتي عنها ولا مسمعتيش فوقي لنفسك يا نعمة وإياكي تجيبي سيرتنا تاني على ل**نك علشان المرة الجاية هقطعهولك". -إبتعدت عنها مرام بعدما عجز البعض عن ازاحتها من فوق نعمة لتقف وتتنظر إلى الوجوه المتجمعة وتصيح: -"على فكرة الكلام دا ليكم كلكم أي كلب ولا كلبة هيفكر بس إنه يتكلم عننا تاني أقسم بالله لأكون جايبة خبره إحنا مش حيطة واطية علشان تنداس إحنا ولاد صالح وفكروا كويس قبل ما تغلطوا فينا تاني". وقفت نعمة بمساعدة بعض الجيران لتقول بصوت مملوء بالحقد: -"شرف مين يا أم شرف اومال بتباتي فين كل ليلة يا محترمة يا شريفة يا بت صالح وشغل إيه اللي بيدفع الآلافات دي كلها". -استدارت مرام وهي ترفع قدمها لأعلى لتصل إلى وجه نعمة وض*بتها في وجهها وقالت وهي تعود لتقف على قدميها: -"اللي زيك يا نعمة ميستحقش ينض*ب إلا بالرجل علشان تعرفي إنك مقامك هو تراب رجلي". -ما أن أنهت مرام جملتها حتى ظهر عبد الله ليقف بجانبها وقال بصوت مرتفع: -"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ". -**تت جميع الهمهمات ما أن ألقى عبد الله الاية الكريمة في وجههم فنظروا بحرج إلى بعضهم البعض ليسمعوا صوت عبد الله يقول مرة أخرى: -"الفلوس اللي وصلت للست نعمة من صاحب الشغل اللي بنتي مرام بتشتغل عنده فالشركة ولو عندكم شك تقدروا تروحوا وتسئلوه وبعدين إنتم مين أساساً علشان تخوضوا فأعراض غيركم وتقفوا تسمعوا لكلام الست نعمة من غير بينة وبعدين مين فيكم أصلا أهتم بعيلة الحج صالح من وقت ما مات ولا حتى حاول يمنع نعمة عن البنات علشان تقفوا دلوقتى وتتف*جوا على نعمة وهي بتسب فيهم والله عيب عليكم يا خسارة العيش والملح اللي كان بينكم وبين الحج صالح وأم سيف الله يرحمهم". -أحاط صالح كتف مرام ليجذبها إلى داخل المنزل لتحدق مرام باخيها وتقول: -"عرفت إزاي تسكتهم يا أستاذ سيف مش تجري وتستخبى وتسيب الناس تجيب سيرتنا". -حاول سيف أن يعتذر من مرام ولكنها رفضت وحينما وصلت إلى شقتهم أستأذنها عبد الله للإنصراف فدخلت مرام لتجد لارا ورويدا أمامها فأهملت مرام وجودهم وتوجهت إلى غرفتها واغلقت الباب خلفها رافضة التحدث مع أيا منهم لتجذب غطائها فوق رأسها تلعن دموعها التي أبت أن تريحها شاعرة بثقل الحمل يزداد عليها بشدة. -استيقظت مرام على صوت طرقات على باب غرفتها لتسمع صوت رويدا تقول: -"مرام إفتحي الباب في واحد برا عاوزك يا مرام افتحي بقى إنتي من امبارح حابسة نفسك". -فركت مرام عيناها وهي تستمع لصوت رويدا متعجبة من سيأتي لزيارتها هي ففتحت الباب لتقف أمام رويدا ب*عرها المنعكش وعيناها المنتفخة من قلة النوم وقالت بصوت مختنق: -"واحد مين اللي عاوزني". -همست رويدا وقالت: -"دا حتة موز يا مرام إنما إيه دا حتى أختك لارا أول مرة أشوفها متنحة لحد بالشكل دا من ساعة اللي حصل لها". -زفرت مرام بضيق وقالت: -"واسمه إيه الكائن الغريب اللي قدر يسحر لأختك". -ابتسمت رويدا ورفعت حاجبها بمشا**ة وقالت: -"اسمه نادر". -صدمة احتلت جسد مرام ما أن سمعت إسم نادر لتكرر الإسم بتلعثم وتقول: -"ن ا د ر". -لتفيق إلى حقيقة كون نادر موجود بمنزلها وأنه قد يُعلم شقيقتها بطبيعة عملها لديه فأسرعت مرام بملابس نومها وملامحها النائمة لخارج غرفتها لتقف أمامه غافلة عن ملامحها التي زادت جمالاً بإحمرار بشرتها فوقف نادر حينما رأها ليحملق بها كأنه يراها للمرة الأولى فألتفتت لارا بمقعدها وهي تبتسم وتقول: -"الأستاذ نادر جه يطمن عليكي لما عمو عبد الله بلغه باللي حصل من نعمة وجه يفهمني الحقيقــ". -**تت لارا حينما عقدت مرام ساعديها أمام ص*رها وهي ترفع حاجبها بسخرية لتقول بصوت متألم: -"وهو إنت كنتي لسه مستنية الأستاذ نادر يجي يوضح لك علشان تصدقي أختك يا لارا". -ارتبكت لارا حين احست بلهجة مرام الساخرة فأحمر وجهها وقالت معتذرة: -"أنا مش قصدي حاجة يا مرام كل الموضوع إن". -أشاحت مرام بوجهها عنها وهي تلتقط أنفاسها بحزن ومسحت بيدها على رأسها لتبدأ بالتنبه لملابسها فأخذت تنظر إلى ما ترتديه وأطلقت صيحة خجل وهي تهرول إلى غرفتها. -حاولت لارا تدارك الأمر وابتسمت لنادر وقالت وهي تحدق به بشدة: -"اتفضل أرتاح هي زمانها جاية". -جلس نادر وهو يتهرب من نظرات لارا فسمعها تساله وتقول: -"حضرتك مقولتش مرام بتشتغل إيه عندك". -هم نادر أن يجيب ولكن صوت مرام اوقفه وهي تقول: -"سكرتيرة يا لارا أنا السكرتيرة الخاصة للأستاذ نادر وهو كتر خيره بيسيبني أروح المحاضرات المهمة ودا غير إنه هو اللي دفع الفلوس يالارا والإيصالات معاه لحد ما أسدد حقها من شغلي ها في أي أسئلة تانية ولا كدا التحقيق خلص". -جلست مرام بجانب نادر داخل سيارته وهو يقودها متجهاً إلى شركته صامته لا تقوى على الحديث فهي مازالت تشعر بالألم من حديث لارا وعدم دفاع شقيقها عنها تشعر بالخذلان بسبب تصديقهم إتهام نعمة لها دون بينة وحتى وإن كان هناك بينة كيف لهما وهم إخوتها أن يصدقوا عليها شيئا هكذا، لقد نالتها طعنة إخوتها أكثر مما نالتها كلمات نعمة، لم تشعر مرام بالسيارة وهي تتوقف ليربت نادر على يدها ينبهها اإلى وصولهم فحدقت به وعيونها غائمة وهمست بصوت يهدد بالبكاء: -"ليه بيحصل معايا كدا ليه أقرب ناس ليا واللي ماليش غيرهم فحياتي يصدقوا كلام بالشكل دا عني وأنا منهم لا مش منهم دا دمنا واحد وتربيتنا واحدة أنا مش قادرة أنسى نظرات الإتهام اللي بصوها ليا وهما شاكين فيا". -حاولت مرام تمالك نفسها ولكنها لم تستطع فهي ولأول مرة تسمح لنفسها بالبكاء فهي تذكر جيدا يوم أتت الشرطة تبلغهم بوفاة والديها سوياً وأنهما وقعا ضحية حادث طريق لم تبك وإنما وقفت كوالدها تماما ثابته كما عودها وتسلمت زمام الأمور كأن ما تمر به بعيداً عنها تعجبت كثيرا وقتها من نفسها من أين أتتها تلك القوة لتذهب مع الشرطي إلى المشرحة وتتسلم جثة والديها يرافقها عبد الله جارهم وكيف أنهت كافة الإجراءات لتودعهم إلى مثواهم الأخير وتقيم لهما سرادق العزاء وكيف تقبلت بصبر وجلد ما حدث لم تبكى إلى الأن وفاة والديها لأنها وجدت أنها يجب أن تكون عوضاً عنهما فهي تعلم حساسية شقيقتها الكبرى لارا ورقة رويدا ومراهقة سيف وأنهما لن يستطيعا التحمل مثلها ولكن ما حدث منهم زلزل كيانها وبعثرها كليا فأنهار سدها المنيع وتدفقت دموعها تنوح كل ما مرت به منذ سنوات. -جلس نادر بجانبها يشعر بالعجز وهو يراها تنهار هكذا وأحس انها تحمل هموما كثيرة تفوق قدرتها لتنهار بمثل هذا الضعف واليأس. -اشاحت مرام وجهها صوب الجهة الأخرى بعيداً عن نادر فهي لا تدري لما شعرت بالأمان بجانبه لتسمح لضعفها أن يعلن عن وجوده وحاولت أن توقف إنهمار دموعها ولكنها فشلت فقالت له بصوت ضائع بين الضعف والخذلان: -"لو ينفع تروحني تاني أنا مش عاوزة أطلع الشركة لأ بلاش تروحني أقولك أنا هنزل هنا أنا محتاجة أكون لوحدي". -شعر نادر بتمزق بداخل ص*ره ليست شفقة منه تجاهها إنما هو شىء آخر يشعر به يض*به بقوة تجاهها فقال وهو يعاود القيادة: -"لا مش هسيبك لوحدك أبداً ولا كمان هروحك أنا كل اللي هطلبه منك إنك تديني ثقتك وتسيبي لي نفسك وأنا هنسيكي كل اللي حصل". -همست مرام بصوت مختنق قبل أن تنفجر بالبكاء مرير: -"أنا لا يمكن هقدر أنسى اللي حصل أبداً أنا أت**رت وأتوجعت جامد قوي إخواتي خذلوني يا نادر". -لم يتمالك نادر مشاعره وهو يسمع اسمه من بين شفتيها التي ارتعشت بالبكاء فأوقف السيارة جانباً مرة أخرى ليجذبها إلى أعماق ص*ره، فانتحبت بقوة متشبثه بقميصه. -ارتفع معدل ض*بات قلب نادر وهو يشعر بدفء مرام بين يديه ليرفع وجهها بيده ممسكاً بذقنها مزيلاً دموعها بيده الأخرى وأحس بإرتجاف مرام حين لامس وجهها فحرك يده لتصبح خلف رأسها ليقربها من وجهه الذي أخذت أنفاسه تمتزج مع أنفاسها ليغمض عيناه وهو يلتقط شفتاها بين شفتيه مقبلاً إياها ليحرر يده من ذقنها ويضعها خلف ظهرها دافعاً إياها لتصبح أقرب متعمقاً في قبلته التي أحس معها كأنه وجد مأواه أخيرا. -إبتعد نادر عن مرام ليلتقط أنفاسه وهو يهمس بصوت مسلوب إليها: -"أنا الظاهر حبيتك ولا إيه". -حاولت مرام ف** سحر اللحظات التي اختطف نادر مشاعرها إليه فيها لتبعد عنه وتعتدل مرتبك على مقعدها وهي تغمض عيناها بقوة قابضة على كفيها معا تحاول تهدئه أنفاسها التي خاضت عدوا سريعاً مع أنفاس نادر لتتفاجيء بيد نادر تحاوط كفيها من جديد وهو يقول: -"أنا مش هقدر أعتذر المرة دي لإن اللي حصل دا أقوى مني ومنك وبجد أنا فعلا حاسس إني بتخ*ف ليكي وحاسس إني بدأت أحبك". -"الجميل سرحان فايه". - التفتت لارا إلى رويدا شقيقتها تبتسم لها واجابتها قائلة: -"الجميل اتخ*ف النهاردة يا رودى أول مرة اتخ*ف كدا". -جلست رويدا على المقعد المواجه لها وقالت: -"ودا مين اللي قدر يخ*فك وتبقي بالشكل دا". -"نـ .. -كادت لارا أن تبوح لرويدا بإسمه ولكنها تراجعت وازدردت ل**بها وقالت: -"لأ أنا مش هقولك إنتي أصلك فتانة وهتروحي تقولي لمرام زي المرة اللي فاتت". -عبست رويدا وقالت لتنبه لارا: -"على سيرة مرام هنعمل إيه علشان ننسيها الموقف الزبالة اللي إتحطت فيه وبعدين الأستاذ سيف قافل على نفسه هو كمان من وقت ما مرام هزئته". -زفرت لارا بضيق وقالت: -"كله من نعمة هي السبب لعبت فدماغ الكل منها لله". -وقفت رويدا وقالت بعتاب: -"بس إنتي يا لارا صدقتي كلامها رغم إن قولت لك متسمعيش ليها وظلمتي إختك وإنتي عارفة إن مرام شايلة حمل كل حاجة وبتحاول على قد ما تقدر تعوضنا خسارتنا لبابا وماما ولو عليها تبيع روحها علشان خاطرنا". - خفضت لارا رأسها وقالت بخجل من نفسها: -"إنا عارفة إني غلطت لما سمعت لنعمة ومش عارفة أصالح مرام مش عارفة أساساً ليه دايما بحسها هي الكبيرة مش أنا عموما لما ترجع من شغلها هعتذر لها ودلوقتي تعالي نشوف سيف ما هو مينفعش يفضل فالضعف اللي هو فيه دا هو لازم من بكرة يرجع الجيم تاني يرجع يلعب رياضة مع دراسته ويسيبه من وقفة الشارع اللي مش ليها أي فايدة دي".  
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD