أستفاق ليث من نومه، ليجدها نائمة بأحضانه تحاوط خصره بعفوية منها من أسفل الغطاء، دافنة أنفها في تجويف عنقه، فأبتسم يطالعها بحنان، كم تمنى من قبل أن يستفيق و يكون أول ما يراه هو وجهها، و حدث بالفعل، أصبحت أول ما يراه، و أول ما ينام على رؤيتها، حاوط إحدى وجنتيها بكفه بحنان، ثم قبّل مقدمة رأسها بعمق فشعرت به لتستفيق تفرك عيناها، و رفعت رأسها له لتبتسم عندما وجدته أمامها، لتردف بلطف:
ـ صباح الخير
فوجدته يقول بحنان:
ـ صباح النور و الحلاوة!
أبتسمت و هي تنظر له بعيناها الخضرواتين، فقبّل جفونها برقة قائلاً برومانسية:
ـ بحسد نفسي أني هقوم على الجمال دة كل يوم
أن**ت نظراتها بخجل ثم ناظرته مرة أخرى بحنو و هي تقول:
ـ ربنا يخليك ليا!
تن*د بعمق ثم ابعد خصلة ثائرة على عيناها لخلف أذنها:
ـ و يخليكي ليا يا روح قلبي
نظرت له بتردد و هي تقول:
ـ ليث هو .. عندك يعني عرفوا اننا اتجوزنا؟ قولتلهم؟
قال بهدوء شارداً بها:
ـ قولت للحاج، وأكيد البيت كله عرف دلوقتي
طالعته بقلق، لتردف بإندفاع، و لم تدركك أثر نطقها لأسمه ماذا سيفعل به:
ـ طب و أدهم يا ليث؟
جمدت أعينه عليها، فأدركت خطئها لتبعد نظراتها عنه تصحح خطئها مبررة كلماتها:
ـ أنا قصدي يعني آآآ أنه ممكن يعمل حاجة في نفسه
طالعها بضيق، ليقول بسأم:
ـ أولاً متنطقيش أسمه على ل**نك من النهاردة يا عهد، ثانياً هو مش غ*ي للدرجة دي عشان يعمل حاجة في نفسه يعني
طالعتهبحزن ثم أومأت له، ليسمعوا رنين هاتفه العالي على الكومود جوار عهد، فأِشرأب بعنقه ليمد ذراعه ناحية الكومود لكي يلتقطها يخفيها بـ عرض منكبيه، و أخذه ليجد والدته من تتصل، نهض جالساً على الفراش يبعد خصلاته عن وجهه ثم فتح المكالمة ليضع الهاتف على أذنه قائلاً بهدوء:
ـ أيوا يا أمي
سمع ما لن ينساه أبداً في حياته، سمع صراخ أمه المقهور و هي تقول بحرقة حقيقية:
ـ ألحق يا ليث، اخوك بيموت يا ليث، أدهم عمل حادثة و بيموت آآآآه!!!!!
أنتفض من فوق الفراش مبعداً الغطاء عن جسده ينهض و هو يصرخ بقلق شديد:
ـ أيــــه!!!! أزاي!!! و هو فين دلوقتي انتوا فين؟
أخبرته ببكاء و بصوت متقطع بالكاد فسره:
ـ هو في .. في المستشفى .. م .. مستشفى **** و انا معاه، بس .. بس هو في الع .. العناية جوا يا ليث، و الدكتور بيقول حالته صعبة أوي
أسرع يقول متجهاً للخزانة يفتحها على مصراعيها:
ـ طيب يا أمي انا جاي أهدي متخافيش انا خمس دقايق و هبقى عندكوا يا حبيبتي أهدي
ثم أغلق معها ليلقي بالهاتف أرضاً فأنتفض جسد عهد و هي تقول بقلق شديد:
ـ في أيه يا ليث أيه اللي حصل؟!!
قال هو يرتدي بلوفر على بنطاله مسرعاً:
ـ أدهم .. أدهم عمل حادثة و في المستشفى يا عهد!
وقع قلبها أرضاً من شدة الصدمة لتخفي شفتيها بكفيها، ثم أسرعت تنهض و هي تقول و عيناها أمتلئت بالدموع:
ـ طيب .. طيب أستنى أنا هلبس و هاجي معاك دقيقتين و الله و هبقى لابسة مش هأخرك
قال بحدة:
ـ لاء مش هينفع خليكي أنتِ هنا
خائف عليها مما ستفعله أمه عندما تراها، و متأكد أنها ستحملها الذنب بأكمله، فطالعته برجاء و هي تقول:
ـ لاء لاء عشان خاطري عايزة أجي معاك لو سمحت يا ليث
زفر بضيق ثم قال على عجلةٍ من أمره:
ـ طيب ألبسي فوراً يا عهد دقيقتين و ألاقيكي جاهزة
أومأت له بلهفة فاخذ هاتفه و مفاتيح سيارته لينتظرها بالخارج، و بالفعل بأقل من دقيقتين كانت خرجت له فأسرع ناحية الباب يقول:
ـ يلا
****
صفّ سيارته أمام المشفى ثم أسرع بالنزول منها وراءه عهد التي لم تتوقف عن البكاء تشعر بتأنيب ضمير رهيب يؤرقها، دلفا للمشفا ليسأل ليث عن مكان وجود أخيه لموظفة الأستقبال و أعطاها معلومات عنه لكي تدل به لغرفة العناية، فأخبرته أنها في الطابق الثاني أخر غرفة في الممر، فأسرع يذهب ناحية الدرج دون أن يستقل المصعد و عهد وراءه تتمنى من ربها أن يكن أدهم بخير، كان يركض فوق الدرج متخطياً ثلاثة سلالم معاً، ثم ركض في الممر فوجد أبيه جالس على المثعد يحاول تماسك نفسه، و والدته منهارة من البكاء على المقعد جوار أبيه، سار نحوهم بخطوات سريعة تطوي الارض أسفله، و عندما رأته أمه أسرعت ناحيته تتمسك به و كأنه طوق نجاتها تقول بألم شديد:
ـ الحق أخوك يا ليث، أدهم بيموت يا ليث بيموت
كانت عهد واقفة خلفه تطالع نادية بحزن شديد و لكنها لم تتحدث، فحاوط ليث أمه بحنان يقول بثبات و لكن عهد تعلم ما يمر به جيداً:
ـ أهدي يا أمي متخافيش أدهم هيبقى كويس، تعالي أقعدي و أحكولي أيه اللي حصل
وبالفعل سار بها ناحية المقاعد بينما ظلت عهد واقفة رافضة التقدم تفرك أناملها معاً، أجلس أمه ثم جلس هو الاخر جوارها يقول بهدوء:
ـ ها يا أمي قوليلي في أيه، قولي يا حاج أيه اللي حصل
نظر له مدحت بحزن شديد نبع من عيناه، فقالت والدته و هي تشهق ببكاء:
ـ انا هحكيلك أنا يابني هقولك على اللي حصل، انا روحت لـ أدهم و ياريتني ما قولتله، قولتله أك أتجوزت عهد و ياريتني كنت أتشليت قبل ما أروح و أقوله يا ليث، المهم هو أتصدم و زعل أول، وقال كلام يصعب على الكافر يابني والله، وبعدين كان عايزة يمشي و لما منعته **م و مشي من القصر، غاب ساعتين كنت فيهم بحاول أوصله عماله أتصل أتصل عليه و هو مكانش بيرد، لحد ما الموبايل أتقفل، ساعتها حسيت أن في حاجة وحشة أوي حصلتله، وبعدين فضلت قاعدة مع أبوك على نار قلبي واكلني عليه، و فجأة لقيت مكالمة منه على موبايلي، فتحت الخط على طول و لاقيت صوت غريب بيقولي .. بيقولي أن صاحب التليفون عمل حادثة!!! آآآآه يا ليث آآآه
أغمض ليث عيناه و هو يستمع لبكاءها الذي كان كالخناجر يمزق قلبه بقسوة، ليأخذها في أحضانه يحاول تهدأتها ممسداً على ظهرها بحنان حتى هدأت عقب كلماته الحنونة و صوته الدافئ الذي يجعل أي شخص يهدئ على الفور:
ـ ششش أعدي يا أمي انا جنبك متخافيش أدهم بإذن الله مش هيجراله حاجة متقلقيش، كل حاجة هتبقى تمام
ظل يهدأها حتى هدأت بالفعل، فألتفت إلى عهد التي لت واقفة مستندة بجانبها على الحائط بعيد عنهم مغمضة عيناها تبكي دون صوت، فقط دمعاتها تنهمر دون توقف، أخذ نفس عميق ثم نظر إلى أبيه ليجده على حالته كاتم في قلبه، فنادى عليه بحنان يقول:
ـ بابا، أمي محتجاك دلوقتي أوي، عايزك تبقى قوي زي ما عودتني دايماً، لأن كلنا محتاجينك
نظر له أبيه يبتسم بحزن شديد، ثم قال و هو يفرك عيناه الباكية:
ـ أدهم هيموت يا ليث، قلبي بيقول ادهم هيموت
أغمض ليث عيناه و حمد ربه أن أمه ششبه نائمة في أحضانه و لم تسمع شئ، لينظر لأبيه يقول برجاء:
ـ لاء بإذن الله هيفوق و هيبقى كويس، متقولش كدا
نفى برأسه بحزن شديد يقول و قلبه يؤلمه عما يقول:
ـ يارب، يارب يقوم بالسلامة، مع أني حاسس أن دة مش هيحصل، بس يارب يارب قومهولي بالسلامة دة أنا ماليش غيرهم في حياتي يارب والله ما ليا غيرهم دول هما اللي مصبرني على كل حاجة يارب يقوم بالسلامة و يبقى كويس يااااارب
نظر لأبيه بهدوء ثم نظر لأمه يقول بهدوء:
ـ مافيش أوضة فاضية تريح فيها؟
قال ابيه مشيراً على الغرفة التي أمامه:
ـ الممرضة قالت لو نامت نقدر ننيمها في الاوضة دي
و على الفور حمل ليث والدته رغم ثقل وزنها، و لكنها كانت بالنسبة له خفيفة كالريشة ليس فقط لجسده قوي البينة، بل لأنها أمه!!!
ذهب بها للغرفة ثم وضعها على الفراش بهدوء ليغلق عليها الباب و خرج، فوجد أبيه يقول بحزن شديد:
ـ أنا هروح أصلي في الجامع اللي تحت و أدعيله يابني، و لو حصل جديد بلغني ماشي؟
ـ حاضر!!
قال بثبات، فغادر أبيه الطابق، ف*نهد ليث لينظر إلى عهد التي كانت على حالها، وجهها شاحب و أعينها مغمضة و كأنها لا تريد أن تواجه نظرات احدهم، بينما عيناها تنزف دمعات حارقة تحرق قلبه هو، أتجه لها بخطوات هادئة ثم وقف أمامها، فشعرت بوجوده لتفتح أعينها الحمراء، رأته يطالعها بهدوء، نظرات فسرتها بشكل خاطئ، ظنت انه هو الاخر لربما يشعر بالضيق منها، فأحزنها ذلك أكثر، لتردف و هي ترتجف بحزن:
ـ أنا عارفة أنك مش طايق وجودي دلوقتي، عارفة انك بتقول في نفسك أن انا السبب في كل اللي بيحصل دة أنا والله آآآآ