الفصل 6

1531 Words
بعد أن انتهى جونغ هي من الاستحمام بدل ثيابه واستلقى على سريره ممسكاً بهاتفه ينظر لصوره مع مين يونغ ويستذكر كل اللحظات التي جمعتهما منذ تعرفه عليها والتي بدت له كأنها في الأمس ولكنها الآن باتت مجرد خيالات ولا يكاد يصدق وضعهما الحالي. كان يمرر إصبعه على شاشة هاتفه فوق وجهها وقد امتلأت عينيه بالدموع. " ما زلت لا أصدق بأننا افترقنا، ما زلت لا أصدق بأنني لن أعانقها أو أشتم رائحتها أو أعبث بخصلات شعرها. لم يكن فراقنا برغبتي فأحياناً لا تمنحنا الحياة الكثير من الخيارات، تضع أمامك الخيارات الصعبة والمؤلمة وأياً كان خيارك فستتألم. مين يونغ، اشتقت إليك شوق الأرض الجافة لقطرات المطر ولكن ما باليد حيلة. ما زلت أذكر المرة الأولى التي لمحتك بها في شركة والدك. ربما يكون هذا مبالغاً به أو حتى خيالياً ولكنه كان حباً من النظرة الأولى. رأيت فتاة بجمال الورود، ابتسامتها وحيويتها ولطفها مع الآخرين جعلني أتبعها بنظراتي، ليس بنظراتي و حسب بل شعرت بأن قلبي يطفو على سطح الماء وهي القارب الذي سينقذه. تبعتها كالأبله طوال اليوم في الشركة بينما كانت هي تنتقل من قسم لآخر ولم تلاحظ وجودي حتى. وصلت آلة بيع القهوة ووضعت نقودها ولكنها تعطلت ولم تخرج ما طلبته فقلت في نفسي: ها قد حان دوري لأظهر نفسي لها وأتعرف إليها. اقتربت منها ووقفت بمحاذاتها مبتسماً وقلت: هل تعطلت مجدداً؟ هذه الآلة تحب الضرب، عليك أن تضربيها لتعطيك ما طلبته منها، إنها آلة بخيلة نوعاً ما. ضربت الآلة بقدمي فضحكت وشعرت بأن الكون بأكمله يضحك معها وعرفت كيف يكون ذلك الشعور الأ**ق والذي يجعل العاشق يرى محبوبته وحولها تحلق الفراشات وتغرد الطيور وتسطع الأضواء وما إلى ذلك. شعرت بأن قلبي على وشك الانفجار من قوة خفقانه ولكنني أردت بأن أتمالك نفسي وأصرف انتباهي عن سحرها الذي ألقته على بلا رحمة فتناولت كوب القهوة وأعطيتها إياه فأخذته مني وقالت وهي تضع بعض القطع المعدنية الجديدة في الآلة: سأشتري لك كوباً من القهوة تعبيراً عن شكري لك، ولكن أرجو ألا تبتلعه هذه الآلة البخيلة مجدداً. ودعتني وغادرت وجعلت قلبي معلقاً في هواها وبقيت أتبعها بنظراتي حتى غابت عن ناظري وخرجت من الشركة. أخذت كوب القهوة والابتسامة العريضة البلهاء ترتسم على وجهي بلا سبب وجملتها الأخيرة بشأن كوب القهوة جعلتني أستشعر بأنه ألذ وأطيب كوب قهوة تذوقت في حياتي بأكملها. سألت عنها وعرفت من تكون فشعرت بالقلق من أن أتسبب بمشكلة بين والدي ووالدها خاصة أنهما كانا قد عقدا شراكتهما حديثاً. حاولت التعرف عليها تدريجياً وكنت أنتظر أخبارها ومعرفة مواعيد زياراتها كل عام لأكون أول المستقبلين لها ورويداً رويداً وقعنا في حب بعضنا البعض ونلنا موافقة أهلنا ولم أكن أعلم أن موافقة أبي لغاية في نفسه. ولكنني أ**ق لأنني ظننت بأن موافقته كانت من أجل مشاعري ولأنه واثق بقراري لا بل كعادته دائماً يحسب كل خطوة يخطوها بالمال. ظن بأن هذه العلاقة ستجلب له المزيد من المصالح والأموال فوافق وعندما باتت بلا فائدة أجبرني بأبشع الطرق لأتخلى عنها. لم يطرف له جفن بشأن قلبي الذي تمزق لأشلاء ومشاعري التي تحطمت، لا يبالي بأنني أصبحت جثة تتحرك ولكن بلا روح، لقد أجبرني على الانفصال عن روحي فكيف سأعيش. لا أنكر بأنني فكرت بالانتحار فالأيام التي أعيشها الآن لا تسمى حياة ولكن ماذا عن أمي، لو كنت واثقاً بأنها ستكون بخير بعد موتي لما تأخرت ثانية و لكن حتى لو تحملت ألم فراقي لا أدري ماذا سيفعل بها سوغن هي هونغ ... ذلك الشيطان المتجسد بصورة إنسان." دخلت مين يونغ غرفتها ورمت نفسها على السرير واحتضنت وسادتها تكتم بها آهات بكائها وألمها لعلها تخمد بعض النيران التي تشتعل في قلبها. مر بعض الوقت وهدأت ثم اغتسلت وجلست أمام المرآة لتجفف شعرها وتضع بعض المستحضرات على وجهها تخفي شحوب وجهها وتورم عينيها الباكيتين فسمعت صوت طرقات على باب غرفتها ثم أتاها صوت مين جو طالباً الإذن بالدخول فابتلعت ريقها وحاولت الابتسام داعية له للدخول. فتح مين جو الباب ودخل يسألها مبتسماً: لقد نسيت أن أسألك، أنت لم تتناولين غداءك صحيح؟ دعينا نتناول الغداء معاً ويمكنك أن تطلبي من مدبرة المنزل أن تعد لك أي طبق تشتهينه. ابتسمت مين يونغ قائلة: شكراً لك ولكن لا رغبة لي بتناول الطعام، يمكنك أن تتناول غداءك حتى تستطيع أخذ أدويتك. رد مين جو بحنق: لست طفلاً لتقولي لي ذلك، إن لم ترغ*ي بتناول الطعام معي فانسي الأمر ولكن لا تملي على ما أفعله. كانت مين يونغ قد أبعدت المنشفة عن رأسها وبدأت محاولة فرد شعرها لتجففه ولكن عندما رأت ردة فعله اقتربت منه ونزلت أرضاً على إحدى ركبتيها ووضعت يدها على ساقه وابتسمت قائلة: حسناً سأتناول الطعام معك فلا تعبس كالأطفال اتفقنا؟ أجاب مين جو بحنق: ومن قال بأنني عابس، افعلي ما يحلو لك ولا تأكلي إن لم ترغ*ي بذلك. وقفت مين يونغ وقالت مبتسمة: هيا بنا لننزل ونتناول الطعام معاً، دعنا لا نتجادل في أمر كهذا. همت مين يونغ بالخروج فأمسك بيدها قائلاً: انتظري، لا يمكنك النزول الآن. نظرت له مين يونغ باستفهام وسألت: لماذا؟ ألم يجهز الطعام بعد؟ رد مين جو بضيق قائلاً: الأمر ليس كذلك ولكن عليك أن تجففي شعرك أولاً. ابتسمت مين يونغ قائلة: لا تقلق لن أصاب بالبرد لأن شعري مبلل فقط، مناعتي ليست ضعيفة. ازدرد مين جو ريقه ثم قال بحنق: ومن قال بأنني أهتم لهذا، كل ما في الأمر بأنني لا أريدك أن تسقطي قطرات الماء المتناثرة من شعرك هنا وهناك في بيتي، وخاصة بأننا سنتناول الطعام الآن، هل فهمت الآن؟ ابتسمت مين يونغ بحرج ثم قالت: حسناً، فهمت. عادت مين يونغ للجلوس أمام المرآة وأمسكت بمجفف الشعر وبدأت بتجفيف شعرها بينما كان مين جو يحدق بها ثم تمالك نفسه وهز رأسه قائلاً في نفسه: تمالك نفسك أيها الأ**ق، ما بك؟ ثم قال دون أن ينظر لها بتوتر: سأنتظرك في الأسفل، لا تتأخري فأنا لا أحب انتظار أحد. نظرت له مين يونغ وابتسمت قائلة: حسناً فهمت سأتبعك بعد لحظات. خرج مين جو من غرفتها ووضع يده على ص*ره محاولاً إسكات ضربات قلبه التي يخشى أن تفضح أمره، وقف أمام المصعد وقال في نفسه: هذا مستحيل، لا يعقل بأنني معجب بالقطة الشرسة، هذه المشاعر الطفولية لا تناسبني. انفتح باب المصعد ورأى انعكاسه في داخله وتأمل جلوسه على كرسيه المتحرك للحظات ثم دخل المصعد وهو يقول بصوت هامس وغاضب في ذات الوقت: أنا لست معجباً بها ولا يحق لي أن أعجب بأي فتاة. كل ما في الأمر أنني أعاني من الوحدة ولم أواعد فتاة منذ فترة طويلة منذ أن ... نظر إلى انعكاسه مجدداً وقال في نفسه: انظر لنفسك جيداً واعرف قدر نفسك فبعد ذلك الحادث لم تن**ر عظامك فحسب بل ان**ر قلبك أيضاً. كيف لك بأن تفكر بتكرار الأمر مجدداً، أنت لست سوى عاجز لا يمكنه الاهتمام بكل أموره بنفسه حتى فكيف لك أن ... أدار مين جو وجهه بألم ونفخ الهواء بغضب ثم خرج من المصعد متوجهاً لطاولة الطعام وبعد دقائق أتت مين يونغ وجلست مقابله مبتسمة وبادرت مدبرة المنزل بسكب الطعام لهما في حين لاحظت مين يونغ صمت مين جو وعدم نظره إليها حتى فظنت بأنه غاضب منها أو مستاء فسألته: مين جو، هل حدث شيء ما؟ لقد جففت شعري وربطته أيضاً فلا تقلق. بقي مين جو ينظر لطعامه ولا يعيرها أي اهتمام ففهمت مين يونغ بأنه لا يريد التحدث فآثرت الصمت حتى تفهم ما يدور في ذهنه وجعله يصمت فجأة هكذا. انتهى مين جو من تناول طعامه بسرعة وهم بالمغادرة والعودة لغرفته، التفتت له مين يونغ وهمت بالحديث ولكنها توقفت ومنعت نفسها لأنها لم تشأ أن تضغط عليه. مضى الوقت وحل المساء وعاد السيد كيم للبيت حيث دخل وسأل مدبرة المنزل عن مين جو فأخبرته بأنه عاد لغرفته بعد تناول الغداء ولم يتناول دواءه بعد فتن*د بألم وهم بالذهاب لغرفته فالتقى بمين يونغ التي كانت في طريقها للمطبخ فتوقفت أمامه للحظات بجمود ثم أومأت برأسها لتحيته دون أن تتفوه بحرف محاولة تجنب النظر لوجهه وهمت بالذهاب فأوقفها قائلاً: مين يونغ، دعينا نتحدث في غرفة المكتب. من فضلك. تبعته مين يونغ إلى مكتبه حيث أخرج العقد ووضعه أمامها على الطاولة وطلب منها توقيعه فوقفت تحدق بالعقد وقد امتلأت عينيها بالدموع فقال: مين يونغ، أعلم بماذا تشعرين ولكنني أفعل هذا لحماية ابني، أعلم بأن طلبي كان أنانياً جداً ولكنني لم أقصد إيذاءك أبداً، هيا وقعي العقد فهذا يضمن حقك. ردت مين يونغ بألم وقهر وقد بدأت الدموع تنساب على وجنتيها: لا أحد يمكنه الشعور بألمي، إنه إحساس بشع للغاية لم أتخيل نفسي يوماً في موقف كهذا. لا أدري موافقتي على هذا الهراء ماذا تجعل مني أمام نفسي فما بالك بالآخرين. عندما أفكر بالأمر أشعر بالاشمئزاز والخجل من نفسي ولكنني أواسي نفسي بأنني كنت مجبرة على ذلك لعدة أسباب. لا أدري إن كنت سأحتمل الأمر حتى النهاية فأنا أشعر بالتعب منذ الآن. اقترب السيد كيم وضمها لص*ره وقد بدا الألم على تعابير وجهه فأجهشت هي بالبكاء بينما قال لها: أنت لم تخطئي بشيء، لا تقلقي يا ابنتي سيبقى الأمر بيننا فقط، اهدئي. بعد لحظات ابتعدت عنه مين يونغ ومسحت دموعها قائلة: إن كان توقيعي على هذا العقد سيخفف ألم ما فعلته بي ومن تأنيب ضميرك سأوقعه. وقعت مين يونغ العقد بسرعة وخرجت من المكتب لتجد مين جو متوجهاً نحو مكتب والده فحاولت مسح آثار الدموع المتبقية في عينيها وإكمال طريقها فلاحظ مين جو الأمر وبعد أن مرت بجانبه ناداها فقالت بصوت هادئ: أنا متعبة وسأرتاح بغرفتي لذا لا تقلق لن أزعجك اليوم. التفت لها مين جو بصمت وتبعها بنظراتها حتى دخلت غرفتها ثم دخل لمكتب والده وسأله إن كان قد حدث شيء ما بشأن شركة والدها لأنها بدت حزينة وباكية ولكن والده تمكن من المراوغة ووجد إجابة مقنعة. أخذ مين جو دواءه بعد إلحاح والده ثم عاد لغرفته وبقي يتخيل شكل مين يونغ وهي خارجة من مكتب والده وشعر بالقلق عليها ولكن بعد تجاهله لها وقت الغداء لم يجد الجرأة الكافية ليذهب ويسألها عن حالها. بقي حائراً ويفكر بطريقة لمساعدتها حتى وجد الحل.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD