الفصل السابع :

2008 Words
ابعدت وجهها سريعا عنه ونظرت نحو مرافقته التي اقتربت وسلمتها الزهور وهي تقول بلطف " حمد لله على سلامة الوالدة .. مرحبا سيدتي .. حمد لله على سلامتك " تقبلت الزهور الربيعية الملونة ثم اقتربت ووضعتهم جانبا فوق حافة النافذة بيد متشددة بينما ريم ووالديها يجلسون فوق الاريكة وينظرون نحوها .. منتظرين ردها " شكرا لك عزيزتي .. لزيارتك وللزهور .. فلتجلسي " وسحبت لها كرسي لتجلس تحاول وتحاول لتمالك نفسها .. تأمر نفسها بشدة الا تظهر شيء يزعج والدتها .. اقترب امير وانحنى يقبل امها المتفاجئة من وجوده فعضت شفتها وعادت لمكانها لتستند على اطار النافذة وترمقه ببرود " امير .. متى عدت حبيبي ؟! " " كيف حالك الان غاليتي ؟! .. افضل ؟! " ابعدت عيناها عنهما ثم اخذت انفاس متعددة .. تجاهليه .. انه ليس هنا .. رأته يجلس بجانب والدتها ويمسك يدها " لم تخبرني شمس بعودتك ؟! .. شمس ؟! " نظرت نحو امها التي تكلمت بلوم طفيف وقالت بصوت مبحوح وكذبت .. لاول مرة كذبت على والدتها .. وبسببه " اجلت الامر الى ان تصبحي افضل ماما " " تسرني عودتك جدا بني .. حمدا لله على سلامتك " ستسرك كثيرا .. هتف صوت هازئ داخلها لكنها ابتلعت الكلمات داخلها وزفرت ببطئ .. ال**ت خيم على الغرفة للحظات ثم سألت امها مجددا " من الفتاة اللطيفة ؟! .. اهي احد اقاربكم ؟! " ابتسامة هازئة كانت الرد .. كيف تخبرها ؟! .. كيف تزرع الم في ص*رها وهي مازلت تتعافى حديثا .. ال**ت كان الجواب لمثل هذه الاسئلة دائما .. واي منهم لم يجرأ على ان يكون المجيب .. " كيف حال مريضتي المفضلة ؟! " انقاذ جيد .. وخرجت ضحكة مريرة خافتة من فمها .. اتعيش فلما هنديا ام ماذا ؟! .. الدكتور الخمسيني اقترب من والدتها يمازحها ثم عاد ينظر نحوهم وبجدية قال " ارجو ان تعذورنا .. ساتحدث مع مريضتي اذا سمحتم .. شمس انت ايضا لو سمحت " اضاف جملته الاخيرة مع خروج الجميع عداها .. جرت قدميها للخارج ووقفت تستند للحائط بجانبها .. بينما يجلس الباقون على الكراسي في الممر .. صوت ريم الساخر كان من قطع حدة الموقف " اتظنون ان الخبر سيسعدها ؟! .. لطالما كنت المفضل لديها اخي .. حتى مع غيابك .. لم نحظى انا وعمرو بنصف ذلك الحب الذي تكنه لك " " يكفي ريم " تكلمت والدتها بلطف معها لكنها لم تتوقف واخذت تسأل بنبرة قاسية " لما هي هنا اصلا ؟! .. لما جلبتها معك ؟! .. اينقص عمتي الم اخر بسببك ؟! .. " " امير ليس السبب .. لقد رفض ان ارافقه .. لكني اصريت .. اردت ان اكون معكم في هكذا ظرف ريم " حاولت تجاهل الامر .. امرت اذنيها بألا تسمع .. ابعاد عينيها عن عائلة لم تعد جزء منها عقاب عليها تنفيذه .. لكنها كانت تشعر كما لو ان ريم تصرخ بصوتها هي .. بألمها هي .. ولما تستغرب فالاخرى اكثر من يعرف كم عانت وتعاني " وبأي حق تأتين .. من انت ؟! .. ممتنون لضميرك .. لكن هذا المكان ليس لك " " ريم " صوت والدها اوقفها ورأتها ترتجف بعنف وقفت بعدها تقول بحدة " ساذهب للبحث عن عمرو .. النفاق هنا يخنقني .. غادروا من دوني " ديمة تحركت تقف هي الاخرى وقالت بصوت خافت تهمس لامير بكلمات لم تفهمها هي ثم غادرت هي الاخرى دون ان تنظر خلفها .. اغمضت عيناها .. ريم محقة رغم انها لم ترد ان تؤذي بكلماتها الفتاة .. لكن والدتها ستصدم بشدة ان علمت كيف تعيش الان .. وارتجفت اصابعها .. ماذا تفعل ؟! .. اتكذب عليها مخبرة ايها كم هي سعيدة لعودة امير ؟! .. ام .. ؟! .. قبضت يدها وتقابلت عيناهما .. كل شيء حولها اختفى .. الاصوات .. الحركات .. وبقي هو فقط .. شعرت بالم اكبر يغمر قلبها .. واخذت تخبره دون ان تتفوه بحرف .. لقد عدت بأسوء ايامي .. عدت لتجدني اضعف من ان اقاوم .. وبرق الدمع داخل مقلتيها لتحجب صورة وجهه عنها .. " شمس ؟! " انقطع اتصالهما وادارت وجهها تنظر نحو الشاب الاسمر الذي قال بقلق " هل انت بخير ؟! .. تبدين شاحبة " " انا بخير دكتور .. قلقة قليلا لاجل امي .. هذا كل شيء " لامس ساعدها وقال بصوت متعاطف " رأيت البارحة الصور النهائية بعد الجراحة والامر جيد جدا .. يمكنني القول انها تجاوزت الخطر .. والامر مقتصر على التعافي لا اكثر .. لذا كوني قوية كما عهدتك " " شكرا لك .. انا فعلا ممتنة لكما انت ودكتور اسامة .. اشكرك " خرج صوتها مبحوحا وصادقا والامتنان يغمرها .. فاي شكر لهما غير كافي .. خصوصا مع وجودهم الدائم بجانب والدتها .. " الشكر لله اولا شمس .. اه .. هذا رقمي الخاص .. نسيت اعطائك اياه قبلا .. اي وقت .. حسنا .. اي وقت اتصلي وساجيب .. والان اعذريني علي الذهاب " " مؤكد .. شكرا لك مجددا دكتور " عيناها تابعتا مسيره حتى اجتاز الممر ثم عادت لتسند جسدها للحائط وتعقد يديها امام ص*رها .. " كيف حالك انت ؟! " رفعت رأسها .. رأت الكثير من الحنان داخل عيني المرأة .. تلك التي لوقت طويل اعتبرتها طفلة لها .. لكن ماذا عن الان ؟! .. وحاولت الابتسام في وجهها .. حاولت الكذب .. ونطقت .. لكن لم يخرج شيء سوى همس ناعم لايمكن تصديقه " بخير " " انت كل شيء الا بخير ابنتي " واقتربت تحتضنها فتركت جسدها يجد راحته في حضن والدته .. تدفن رأسها في عنقها وتعض شفتها مانعة نفسها من البكاء .. دقائق مرت ثم خطوات اقتربت منهما " امي سأشعر بالغيرة من شمس " واقتربت ريم تدفع نفسها وسطهما بينما عمرو يجلس براحة بجانب والدها وامير بالجهة المقابلة .. " انها تحبها اكثر منك .. تأكدي من هذا " " اهذا صحيح ؟! " سألت بصوت غيور جلب الابتسامة لشمس التي نظرت لعمرو بلوم فضحك بدوره وارخى جسده اكثر " احب كلتاكما .. تعالي هنا " استمتعت بالعناق الانثوي الذي جمع كلتاهما ووضعت يدها خلف ظهر ريم تجمعها معهم .. صوت باب الغرفة انهى العناق وخرج الطبيب اسامة اخيرا " اعتذر لكن انتهت الزيارة لليوم .. شمس ايمكن ان اراك في مكتبي .. نحتاج للتكلم " هزت رأسها له وهمست " دقيقة واحدة وسألحق بك " غادر هو بينما وقف الجميع عانقوها مودعين ما عدى عمرو الذي بقي مكانه .. وامير الذي اقترب اخيرا يتكلم بصوت جاد " لن اعود معكم .. " " لا .. الافضل ان تذهب انت ايضا .. " لم يستجب لكلماتها بل انتظر الى ان غادر والديه وريم ثم عاد ليجلس فرمقته بعيون حادة " غادر " اسند جسده للخلف ثم وضع قدم فوق الاخرى براحة كبيرة .. فمه مال ليبسم لها كالعادة .. وحدقت عيناه بتحدي كبير " عودي لنتكلم " " اتركها وشأنها امير " " هذا لا يخصك عمرو .. الامر بيننا .. ثم اليس لد*ك عمل ؟! " تململت ثم تركتهما يتجادلان تخطو في الممر نحو مكتب الطبيب وتشتمه بسرها .. بغيض .. انه لم يتكلم طوال وجودهم خارجا .. يحدق فقط بتلك الثقة التي ترهق اعصابها .. تكلمت مع الدكتور باسهاب .. كل ما يخص الجراحة وما يجب ان يتم بعدها .. صحة والدتها وفترة النقاهة .. واخيرا انتهى الامر بنصائح لتهتم بنفسها والا لن تستطيع الاهتمام بوالدتها .. " هذا كل شيء شمس .. وارجو ان تتبعي نصيحتي .. الارهاق بادي عليك بشكل كبير .. والا سأسلط عمرو عليك .. كلانا نعلم ماذا سيفعل عندها ؟! " ابتسمت لمزاحه وصافحته بود كبير ثم تركت المكتب بعد وعد بان ترتاح وتأكل جيدا .. وقفت في الممر تنظر نحوه .. كان يستند لقدميه .. ينظر بشرود للحائط المقابل .. وجه يحمل الف شعور .. وكتفاه منخفضان وكأنه يحمل ثقل كبيرا فوقهما .. ورق قلبها الخائن له .. فخطت ورمت نفسها بجانبه تتن*د وتسند رأسها للحائط خلفهما " انت لست بخير " " ولا انتِ" ابتسمت لجوابه ورأت خيال مقابل لها .. وكأن مرآة تع** روحهما .. جسدها محتضن بذراعيه ورأسها يتوسد ص*ره .. خيال .. ام حلم مستحيل شمس .. ومررت يدها داخل شعرها تنزع رباطه وتحرره ثم تخلل اصابعها داخله بعدها اغمضت عيناها على تلك الصورة ربما تنتقل لتصبح حقيقة .. " لما نحن هكذا ؟! " لم يجب .. ثم سأل بدل عن ذلك بصوت رخيم جاد " اهناك شيء يجمعك بعمرو ؟! " صوت ساخر غادر شفتيها ولم تجيبه .. لما تفعل ؟! .. فليحرقه التساؤل كما يحرقها .. وضعت يدها على عنقها تسنده واخذت تدندن بصوت منخفض لحن دون كلمات لاليسا .. " اجيبي شمس " اخذت تميل برأسها واخرجت كلماتها بهمس حزين بينما تشعر بالكلمات تكوي روحها دون رحمة "غيرتني .. غيرت فيي كتير .. عودتني عيش الاسى بكير .. غيرتني وما عرفت غيرتك .. اسيتني عالدني كلا اسيت .. بكيتني وقبلك انا ما بكيت .. موتتني مع اني عيشتك .. " ابتسم ثغرها بسخرية وهي تشعر ان ما تقوله يصف كل ما داخلها بدقة .. واعتصرت جفنيها تحاول ان تمنع نفسها من البكاء .. بينما ظهر ذلك في عمق الكلمات التي مرت فوق شفتيها برقة خافتة جدا " شو عملت فيي .. وانتا لي عارف اني ما فيي منك انجرح .. شو عملت فيي وادام عينك انت .. قلبي قلبي بيندبح .. " " شمس " اعتصرت عيناها ولم تبدي اي اهتمام لبحة صوته المتأثرة بينما تشعر بتصلب جسده بجانبها يده امسكت وجهها بقسوة ثم قال بحدة " انظري الي " ابقت عيناها مغلقتين ولم تتكلم .. علقت غصة بكاء في حلقها واخذت تكرر دون توقف بصوت معذب " قلبي بيندبح .. قلبي بيندبح " اخيرا ترك وجهها ووقف ثم ففتحت عينها ببطئ ونظرت نحو جسده الذي يتحرك بلا هداية بالقرب منها .. تنفس بعدها بعنف يمرر يده لمرات في شعره وهتف " انتبهي لنفسك .. وداعا " رأته يغادر .. ثم ابتسمت وذلك الطيف يأخذ مكانه ويغمرها بدل عنه وعادت لتغمض عيناها .. انها تفقد عقلها .. والسبب ذلك المرض المتأصل داخل جسدها والمسمى بالحب .. ******* " ها نحن ذا " وابتعدت تنظر لوالدتها بحب كبير ثم قالت " ابنة خالي ستبقى معك عندما لا اكون موجودة .. لا تتحركي كثيرا .. مازل جسدك ضعيف ماما " نظرات العطف من والدتها عبرت اليها لتلامس جروح قلبها فعادت لتقترب ووضعت رأسها بحجر والدتها التي اخذت تمرر يدها فوق شعرها " ما بك صغيرتي ؟! " تن*دت ثم اغمضت عيناها .. ليتك تعلمين امي .. لكن من انا لاسرق راحة بالك وانت ضعيفة هكذا .. وكذبت بصوت منخفض " لا شيء .. سعيدة فقط لانك عدتي .. لقد افتقدك بجنون " " انت تكذبين حبيبتي .. هناك الم في صوتك بدل الفرح .. ما الامر ؟! " اقتربت اكثر تشد يديها حول خصرها الرقيق وقالت تجيبها " فقط كوني بخير ارجوك .. وكل شيء غير هذا لا يهم " دخول عمرو انقذها من اسئلة والدتها .. وقف ينظر لكلتاهما وابتسامة تمر فوق شفتيه بعدها حدق كل منهما بالاخر وشعرت به يلجم نفسه بصعوبة عن التكلم .. فتركت مكانها وابتسمت لوالدتها " ارتاحي امي .. سأصنع الحساء لك الان .. " واقتربت تقبل جبينها ثم تعبر الغرفة فلحق بها عمرو " كيف حالك الان ؟! " ضحكت بمرارة واقتربت تضع القدر على الغاز وتسكب قدر من الماء داخله " اتعلم كم مرة سئلت هذا السؤال منذ عودته ؟! .. لا اجابة لدي عمرو .. لا اجابة " اخذت تنظر للقدر وسمعت صوت الكرسي خلفها ف*نفست ببطئ .. صوته اتاها بنبرة متفهمة كعادته " انت ضائعة .. نصفك ساخط .. والاخر يشعر بالخذلان .. والاكثر انك تلوميه ليس لما يفعله .. بل لوقت فعله .. وهذا يجعلك ساخطة على نفسك اكثر منه " التفت نحوه تنظر بعيون واسعة لوجهه اللطيف ثم سألت " كيف تستطيع تحليل داخلي بهذه السهولة عمرو ؟! " وجرت كرسي لتجلس بدورها مقابل له بينما تنظر نحوه وتنتظر ما سيقوله " لاني مثلك .. اشعر بغضب شديد لتوقيت افعاله .. رأيتك تنتظرينه .. نظرت اليك تقطفين ورودا منعت الاخرين الاقتراب منها لسنوات .. واراك الان ترزخين تحت حمل ثقيل لاجل والدتك .. بينما داخلك يتألم لانك تريدين الصراخ والبكاء .. وتخافين فعل هذا لاجلها .. لذلك .. انا مثلك اكثر سخط بسبب الوقت .. لا الفعل " وضعت يديها على الطاولة امامها وابتسمت بسخرية " اليس غريبا اني لا اشعر بالغيرة .. لا ارى فيها منافس لي .. كل ما اشعر به .. هو جنون لاقتلع عيناه .. ثم ارمي نفسي في حضنه .. اشكوه لنفسه عله ينصفني " ضحك عمرو ثم فرك رأسه " الشعور نفسه مجددا .. دون احضان " قال اخر كلمة عندما زمت شفتيها وضحك مجددا بسرور " انت تغارين مني اكثر منها .. مجنونة حقا!!. "
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD