قال اخر كلمة عندما زمت شفتيها وضحك مجددا بسرور
" انت تغارين مني اكثر منها .. مجنونة حقا "
امتزجت ضحكتهما وهزت رأسها بيأس ..
" اذا .. سأغادر .. لدي عملية .. ومراجعات .. ولقاء مع والدي .. اراك فيما بعد "
واقترب يبعثر شعرها ثم رحل بعدها .. بقيت تنظر للباب ضحكتها اختفت وقبضت يدها بشدة .. ثم امرت نفسها .. والدتك اولا ..
" اشربيه كاملا "
وتأملت والدتها وهي ترتشف الحساء ببطئ بينما تبتسم هي وتستند لظهر السرير بجانبها .. صوت الجرس جعلها تبتعد وتترك مكانها .. فتحت الباب مرحبة بالقادم ثم رفت بجفنيها .. ليس الان ..
" الن تدعيني للدخول ؟! "
ابتسامته المائلة مجددا .. واحتد صوتها وهي تقول بعنف
" ماذا تفعل هنا ؟! "
" ازور حبيبتي "
اخترق سهم حاد قلبها ثم عبر الم اكبر وهو يكمل بينما يرفع باقة الورد ليريها اياها
" اقصد والدتك "
ابتعدت خطوة للخلف وهي تسمع صوت امها يسأل عمن يزورهما .. خطى امامها واحاطها عطره ليخنق انفاسها .. فعضت شفتها تمنع نفسها من الصراخ سخطا
" امير !! "
" مرحبا غاليتي .. الزهور للزهرة "
وقرب يده ليعطيها الزهور فانتزعتها منه ورمتها فوق الكرسي الجانبي تقول بحدة
" انها تأكل .. الا ترى ؟! "
" اعتذر من الشمس .. فرؤية حبيبتي اعمى عيناي "
ضحكت امها بمرح ثم دعته ليجلس بصوت ناعم ووجه مبتسم .. جلس براحة جعل جسدها يرتجف غضبا فجلست بدورها على طرف السرير تستمع لمحادثتهما
" تبدو وسيم اكثر .. هناك نضج في عينيك .. هل لندن كانت جيدة معك ؟! "
" ليس كثير .. لكن يسرني انك تقديرين وسامتي "
ضحكت والدتها بينما تشير لها وتنبهها
" عليك ان تحذري حبيبتي .. النساء ستلاحقه .. "
" ومتى كانت تنقصه النساء امي "
صوتها الجاد غير ملامح امها فابتسمت بعدها تخفف من وطأة الامر بينما يقول هو بصوت منخفض
" مازلت غيورة جدا .. "
ضحكت امها مجددا يبدو انها ظنت انهما يتشاجران كعادتهما .. قبضت يدها تغرز اظافرها في راحة يدها .. لكم تود غرزها في عنقه .. وابعدت وجهها فورا وهو ينظر نحوها .. اشعر بما فكرت به ؟!
" اعلم ان شمس لابد تزعجك هذه الايام .. لكنك تعلم ان مرضي اثر عليها كثيرا .. ارجوك كن لطيفا معها "
انه لطف جدا معي .. جدا .. تنفست بصعوبة ثم وقفت وهمست بضعف
" ساحضر شيء لك "
وابتعدت عنهما .. كن ماذا ؟! .. وشعرت بسخط اكبر انها لا تحتاج لشفقته .. سكبت كأس من عصير البرتقال .. وامسكته تتنفس ببطئ .. اهدئي .. اهدئي .. عادت بعدها للغرفة واعطته الكوب
" حبيبتي "
تجمدت للهمس الناعم ثم اعاد الكأس لها وهو يقول بابتسامة ناعمة اخترقت قلبها
" يبدو ان امك محقة .. انا لا احب البرتقال "
ابتسمت وامسكت الكأس ثم جلست مقا**ه ترتشفه بتلذذ واجابته
" نسيت .. تعلم سنتين طويلتان .. "
عيناه حدقتا بها .. واخذت تمرر ل**نها فوق شفتها وتتحداه .. واقسم داخلها هذه الجولة من الحرب لها هي ..
" اصنعي قهوة اذا حبيبتي "
حبيبتي مجددا .. رباه .. لم تترك مكانها وقالت بصوت ناعم تقلده
" ليس لدي بن .. حبيبي "
" انتما .. ما الذي يجري بينكما ؟! .. شجار اخر "
ابتسمت ولم تبعد عيناها عن حرب النظرات المتبادلة بينهما .. ورأته يعيد جسده للخلف ويضع ساق فوق الاخرى
" لديها طبع صعب .. لا ادري لما لم ترث رقتك وجمالك "
ضحكة ساخرة غادرت شفتيها بينما امها تبادل نظراتها بينهما .. عادت لترشف من كأسها بتلذذ وابعدت شعرها عن خدها تدفعه للخلف
" اوافقك بشأن طباعها .. لكن اخالفك بامر الشكل .. شمس ورثت عينا والدها .. عسل صافي .. يع** اي شيء .. لذا هي واضحة جدا .. وجسدي مع لون شعري .. اظن انها ورثت افضل مافي كلانا "
ابتسمت بحب لوالدتها ثم سمعت تاكيد امير بصوت جاد صادق
" اظنك محقة .. انها شمس حقيقية .. حارقة .. لكن لايمكن مقاومتها "
رنين الهاتف الارضي انهى الحديث فوقفت ووضعت شرابها جانبا ثم خطت نحو البهو ورفعت السماعة
" اهلا .. "
" مرحبا ابنة اخي "
عضت شفتها بحنق .. ثم قالت تتمالك نفسها ..
" اهلا عمي "
" كيف حالك انت ووالدتك ؟!"
ابتسمت بسخرية .. مبكر جدا .. كان انتظر لسنة .. وامرت نفسها .. كوني هادئة
" بخير عمي .. اهناك شيء ما ؟! "
" لقد دفعت نصف المبلغ للمشفى .. لكن القسط الاخير لن ادفعه .. "
تجمدت يدها فوق سماعة الهاتف ثم هتفت بصوت عالي
" ماذا قلت ؟! "
" ما سمعته .. لدي بعض الديون لاجل المعمل .. اجعلي احد اخر يساعدك .. او بعي المنزل "
تنفست بحدة ثم اخيرا تخلت عن هدوئها وهي تصرخ دون اهتمام بما سيفعله
" الا يكفي انك سرقت مال ابي منا .. وجعلتني اتنازل عن ارض المعمل ؟! .. بيع المنزل حلم لن احققه لك .. وارجو ان تكون ذكيا وتدفع باقي الاموال والا اقسم سالاحقك بالقضاء حتى افلسك .. "
" تهذبي .. بدل ان تشكريني لاني دفعت نصف المال .. انت جاحدة كوالدتك "
هذه المرة جن جنونها فاخذت تشتمه دون توقف ثم قالت
" المال حقي وحق والدتي .. لذا الجاحد هو انت .. لقد سئمت من معاملتك باحترام منذ زمن طويل .. "
انقطاع الخط كان اكثر من احتمالها فسحبت الهاتف ورمته ارضا وهي تصرخ بحنق
" وضيع .. نذل دون دماء "
" ما الذي يحدث معك ؟! "
اخذت تتنفس بسرعة ثم انحنت تجمع قطع الهاتف الذي تحطم لتوه .. اقترب امير وامسك مع**ها ثم جرها لتجلس فوق الاريكة وسأل مجددا
" من كان هذا ؟! .. شمس ؟ "
اطبقت فمها ولم تجيبه .. ثم وجدت والدتها تسير ببطئ شديد نحوهما ثم سألت بدورها
" ما الامر شمس ؟! "
" الحقير اخ زوجك .. هذا هو الامر "
شهقت والدتها للكلمة وهتفت بها
" شمس .. ماهذا الكلام ؟! "
اغمضت عيناها واخذت تعد للعشرة .. وامرت نفسها ان تهدأ .. ثم عادت لتنظر نحو امها التي كانت تقف مسنودة بذرعي امير وقالت بصوت منخفض
" هذا اقل ما اقوله .. لقد وصلت آخري .. انا .. لم اعد احتمل .. لم اعد احتمل .. "
ومررت يدها في شعرها تشده بقسوة وعضت شفتها تغرز اسنانها بها
" دعيني اكلمها .. لما لاترتاحين انت بغرفتك ؟! "
" اتظن هذا ؟ .. انها تبدو غريبة جدا "
تبادلت النظرات معه لثوان ثم رأته يساعد والدتها لتعود لغرفتها .. وقفت ثم توجهت للمطبخ وملأت كأس الماء ترشفه وهي تشعر بألم فظيع في رأسها .. لقد عادت لنقطة الصفر مجددا .. ماذا تفعل الان ؟! ..
" اجلسي "
استدارت نحوه وقالت بصوت رفيع حاد النبرة بينما تشعر بالنار تتآكلها من الداخل
" غادر "
سحب يدها ثم ابعد الكرسي ووضعها عليه رغم اعتراضها ثم سحب اخر وجلس مقابل لها
" اخبرني بكل شيء "
امر مجددا فضحكت ضحكة عالية مرة واجابته
" لما ؟! .. من انت لاخبرك ؟! "
تنفس بهدوء واجاب بصوت واثق بينما عيناه تتحدياها ان تنكر الامر
" الرجل الذي تحبينه "
" الرجل الذي اكرهه "
اعادت الكلمات بتحدي مماثل كانت مازلت تغلي بداخلها كألف مرجل ثم عادت لترشف من كأس الماء .. ابتسامته استفزت اي هدوء استجمعته فقالت بصوت حاد
" ازل هذه الابتسامة .. انا اكرهها "
يده امتدت ليلامسها فابعدت وجهها فورا تهتف به
" اياك .. اتريد ان تعرف ؟! .. اذا اسمع "
ووضعت الكأس بحدة فوق الطاولة واخذت تعد بنبرة عنيفة بينما يهتز جسدها وترتجف اصابعها
" امي مصابة بورم خبيث .. كانت والحمد لله .. شقيق والدي .. ابتزني مقابل مال العملية .. ف*نازلت عن حصتي بارض المعمل ايضا .. ما املكه في البنك اضافة لراتب والدي الشهري .. يذهب لسداد رهن المنزل .. وكان لدي حبيب .. قرر ان يرتبط بأخرى .. لسبب لعين لا اعرفه .. اهذا كافي لك ؟! "
وقفت بعدها وتجاوزته ثم اقتربت من نافذة المطبخ تنظر نحو غروب الشمس وتحدق بعيون دامعة بالزهور الحمراء الخاصة بها
" لقد اوقف من يسمي نفسه عمي الدفعة الثانية من مال العملية .. ان كنت رحيما غادر .. لدي من المصائب ما يكفيني دون ان اضطر لرؤيتك امير .. لرؤيتك والتمني لو اني لم اراك يوما .. لو انك لم تعد ابدا "
شعرت به خلفها وصوته كان لطيفا وهو يجيبها
" يمكنني مساعدتك .. فقط اخبريني ما افعل "
استدارت وهي تعقد يديها امام ص*رها وهمست بألم ليظهر صوتها محمل باختناق ضعيف
" قلت لك للتو كيف تساعدني .. وجودك يقتلني .. ي**ق انفاسي التي اقاوم لاخذها كل يوم .. يجعلني اتمنى ان ارمي كل مشاكلي اليك .. ان اتوسل ربما .. لاجل فقط ان احصل على عناق يواسيني .. لكن لاجل الله .. انا لا املك الحق بطلب ذلك حتى .. "
تجمعت الدموع داخل عينيها وعندما حاول لمسها ابعدت وجهها عنه تحتضن نفسها اكثر ..
" شمس "
" لايهم ما تفعله .. بل متى تفعله .. لقد قال عمرو لي هذا اليوم .. وكم هو محق .. انت تختار اسوء لحظاتي وتزيدها عذابا .. ايمكن ان ترحل ؟! .. ارجوك ارحل امير .. ساعدني بهذا وارحل "
اخفضت رأسها تتوسل لنفسها الا تبكي .. ان تكتم ذلك الالم داخلها .. انها تحتاج لقوتها .. تحتاجها لتركيزها .. وتحتاجه .. كم تحتاجه .. وعضت شفتها ترف بجفنيها تسمح لدموعها ان تجري فوق وجهها .. خطواته ابتعدت عنها .. فشهقت تقبض يدها بقسوة .. تمنع نفسها من التوسل لعودته ..
" اشربي هذا .. "
رفعت نظرها وحدقت به .. رؤيتها كانت مشوشة فرفت لتتوضح الصورة ثم وجدت كوب الماء يلامس شفتيها .. تجرعت منه تبتلع ببطئ ثم ارتجف فمها واهتز جسدها .. يديه احاطتا بها واسند رأسها لص*ره .. فامسكت بسترته تقبض عليها وانتحبت مجددا
" توقفي عن البكاء "
" لما ؟! .. اهذا ممنوع ايضا ؟! "
يده لامست شعرها بلطف واجاب بصوت منخفض
" مؤكد .. انت تقتليني بدموعك "
ابتلعت غصت البكاء واجابته بصوت مخنوق
" وانت تقتلني بافعالك .. نحن متعادلان الان "
تن*د يشدد من احتضانه لها وهمس بعذاب بالقرب من اذنها
" ابدا شمسي .. نحن لسنا ابدا متعادلان "
********
" مؤكد لن تفعلي هذا ؟! .. سنساعدك انا وعمرو .. بيع المشغل ليس الحل شمس "
تن*دت ورمت سترتها جانبا ثم جلست فوق الاريكة في المشغل .. ريم كانت تنظر نحوها بحنق ثم صرخت مجددا
" كفي عن عنادك .. "
" شمس .. ريم محقة .. بيع المشغل ليس حلا .. انه مكان عملك "
نظر نحو الثنائي الواقف مقابل لها ثم هتفت بسخط
" لا اريد .. لا اريد مساعدة احد .. اهذا جيد ؟! "
" ماذا عن الارض الخاصة بالمعمل ؟! "
ضحكت بمتعة وتراجعت للخلف وهي تقول بصوت مستهزئ
" وكيف برأيك قبل الو*د عمي ان يتكفل بعملية امي ؟! "
شهقت ريم ووضعت يدها على فمها بينما يقول عمرو بصوت غير مصدق
" انها تساوي الملايين شمس .. الحقير "
رفعت كتفيها ثم اسندت رأسها للخلف وقالت بيأس كبير
" انا اكتفيت .. صدقا اكتفيت من محاربة الرياح "
ريم جلست بجانبها وامسكت يدها تحاول مجددا ان تقنعها
" ارجوك دعينا نساعدك .. نحن اصدقاؤك شمس "
" وماذا بعد ذلك ؟! .. المراجعات .. الدواء .. وغيرها .. الامر لا يقتصر على الجراحة افهما "
وابتلعت ل**بها ثم عادت لتجلس وتضع يديها فوق ساقيها عمرو تأملها فاخذت تشرح بأسهاب
" بيع المشغل سيعطيني مساحة اكبر .. لن اوقف النحت نهائيا لكن بعد المعرض سأخذ استراحة حتى يصبح بامكاني العرض مجددا .. وانا احمل شهادة بأدارة الاعمال يمكن ان ابحث عن عمل بها ... تظنون اني اتسرع .. لكن كان هذا الحل الوحيد الذي فكرت به سابقا ان رفض عمي دفع المال لجراحة والدتي .. الامر ليس وليد اللحظة "
اخيرا تبدلت نظراتهما لكن ريم لم تكن لتتقبل الامر ببساطة فهتفت مجددا
" لكن شمس "
" اتركيها ريم ... انها محقة "
وقفت ثم تحركت بالمكان تنظر بأرجائه تعلم كم سيكون مؤلم التخلي عن جزء منها .. لكن هذا هو خيارها الوحيد الان
" وسام عرض شراء المكان السنة الماضية .. لم اعلم لما .. لكن ان كان مازل يريده .. فربما يؤجرني اياه بعد ذلك .. وبهذا لن اضطر لاخلائه .. "
" كيف تقبلين هذا من وسام ولا تقبليه مني ؟! "
امسكت احدى ادوات النحت وقالت بصوت جاد
" انت تحت رعاية والد*ك ريم .. اي ان اي مال سيكون مص*ره هما .. لم ارد قول هذا .. لكنها الحقيقة .. "
تململت ريم ثم همست بضعف
" انت تفعلين هذا بسبب امير "
ذكرى اسمه جعلتها تبتأس .. لقد خاضت جدلا مماثل معه البارحة .. حاول كثيرا ليساعدها والنتيجة هي نفسها .. لذا خطت نحوها تحتضنها وقالت
" اريد ان تساعديني برؤية وجهك الضاحك كل يوم .. اريد ان تساعديني بالجلوس بجانبي لساعات امام غرفة العمليات .. اريد ان تساعديني بالدفاع عني امام الجميع .. واحتاج دائما ان تخبريني كم تحبيني .. وانت تفعلين كل هذا ريم .. المال شيء جانبي حبي .. انت تفعلين اكثر منه بكثير "
" انت رهيبة .. وانا احبك جدا "