الحلقة-16- صندوق باندورا

3518 Words
كوكب الأرض وكالة ناسا كان جميع موظفي ناسا منشعلون منذ أن حدثت كارثة هاديس وجميع الأجهزة الألكترونية قد احترقت،وتم انقطاع الإتصال بالأقمار الصناعية . كان وزير الدفاع يستشيط غضبا في قاعة الإجتماعات بوكالة ناسا عندما علم أن كل الأجهزة،قد أصابها العطب وخاصة بعد أن فقد رجال ناسا القدرة على الاتصال بأقمارهم الصناعية . كان هذا المشهد يتكرر في كل دولة لها أقمار صناعية تدور حول الأرض،وفقدت الاتصال بها منذ الكارثة.غضب عارم يلطم وعى وزراء وروساء العالم . تخبط مرعب لم يتعرض له سكان الأرض من قبل . تفاجأ موظفو وكالة ناسا بتواجد ماثيو،ورفاقه من المنتقمين في الصالة الرئيسية،حيث ظهروا من العدم .قام ماثيو بفتح بوابة انتقال سريعة آنية بين متحف المنتقمين،وبين وكالة ناسا.شهر رجال أمن الوكالة أسلحتهم فور رؤيتهم لماثيو ورفاقه. قام ماثيو بنزع تلك الأسلحة بتعويذة تمتم بها بسرعة، مما أثار فزع موظفي ناسا.قال ماثيو بسرعة :نحن في نفس الجبهة،لسنا أعداء،بل جئنا لمساعدتكم.أفسح الموظفون الطريق ليمر وزير الدفاع الأمريكي الذي قال بلهفة واضحة : حقا يمكنكم مساعدتنا ؟ لوح ثور بمطرقته وقال بلهجة ساخرة : بالتأكيد لقد عاد أقوى المنتقمين.قالت إحدى الموظفات بحماس : يا إلهي ثور بنفسه،سننتصر لاشك.لاقت تلك الجملة استحسان ثور،فانفجرت أساريره فوكزه الرجل العنكبوت وقال مازحا : نحن هنا أيضا. زفر وزير الدفاع الأمريكي بحنق واضح وقال بغضب: لقد انقلب العالم رأسا على عقب،ومجموعة من الحمقى المتباهين يمزحون معنا الآن . رد الرجل الحديدي بلهجة حازمة:لسنا متابهين لقد أنقذنا الأرض أكثر من مرة ألا تذكر ....... قاطعه وزير الدفاع بحنق قائلا:الأمر مختلف هذه المرة ؛فالعالم بأسره لا يعلم من هاديس هذا وماذا يريد ؟ لدينا عدو مجهول لا نعلم عنه أى شىء . نيكولاس أول الخيط قالها ماثيو بحماس؛تحولت أنظار الجميع إليه بعد هذه الجملة.حك الرجل النملة أرنبة أنفه ثم قال : ومن نيكولاس هذا ؟ أخذ ماثيو شهيقا ثم زفره ببطء ثم قال:إنه رجل الأعمال الذي اشترى شركة ألبرت هيتشكوك مؤخرا في ذلك المزاد العلني.هز وزير الدفاع الأمريكي رأسه ثم قال :نعم،نعم،لقد شاهدت ذلك المزاد بالتلفاز،ولكن كيف يكون نيكولاس أول الخيط ؟ تدخل المراسل الصحفي قائلا: هناك أمرا مريبا في شركة هاد... لم يكمل جملته حيث انطلقت منه صيحة مكتومة لفتت الأنظار إليه، ثم أردف قائلا: كيف لم ننتبه كل هذا الوقت ؟ قال الرجل العنكبوت بلهفة : ما الذي لم ننتبه إليه يا صاح ؟أكمل المراسل حديثه : شركة هاديس لمستلزمات الفضاء لا أعتقد أن اسم الشركة صدفة ،من المؤكد أن عائلة هيتشكوك لها يد فيما يحدث ، علينا تقصي الأمر من هناك . هناك لغزا محيرا لقد جذبني الاسم أيضا،ولكن لم أجد رابطا منطقيا يربط جميع الخيوط ألبرت،ونيكولاس وهاديس ما الرابط الحقيقي بينهم؟ قالها ماثيو بصوت قلق. وضع وزير الدفاع يديه خلف ظهره ثم قال بلهجة آمرة: حسنا فليذهب المنتقمون إلى شركة هاديس ،ومقابلة نيكولاس ومحاولة سبر أغواره. تدخلت كلارا في الحديث وهى سيدة في ال*قد الثالث من عمرها ممشوقة القوام ذات شعر أحمر لامع يلهب كل من يراه . احم احم ،هل لي أن أشارك فريق المنتقمين في تلك المهمة ؟ قالتها بصوت خفيض لكنه وصل لأُذُنَى الوزير الذي انتبه لقولها؛فعقد حاجبيه دهشة وقال لها بلهجة أقرب للتهكم : وما المميز فيك حتى تنضمي معهم؟ ابتلعت ريقها وقالت بصوت خجل : لأنني زوجته.رفع الوزير حاجبيه دهشة وقال بلهجة أقرب للإعتذار منها على تهكمه وقال: زوجته ! ومتى تمت تلك الزيجة ؟ لَمَ لم نعلم عنها شيئا وهو رجل أعمال شهير؟ احمر وجهها خجلا وقالت: لقد تزوجني مضطرا بعد ما تأكد أنني حُبلى منه ، فكم يرغب كثيرا في الإنجاب ولأنه كان يخشى غضب زوجته الأولى والتي لم ينجب منها ، تزوجني في الخفاء . هز رأسه متفهما حديثا ثم قال: حسنا لقد فهمت ، فلتنضمي لهم أعتقد ؟ إنك ستساعدين كثيرا في استجوابه دون أن يلاحظ أليس كذلك ؟ ثم غمز بعينيه اليمنى وابتسم ابتسامة بسيطة . احمر وجه كلارا ثم توجهت إلى ماثيو الذي  أشار لها بالإنضمام إليها ،أردفت كلارا قائلة : ولكن كيف سنصل لهناك وقد أفسدت القنبلة الكهرومغناطيسة كل شىء الكتروني ؟ *** كوكب الأرض منزل نيكولاس ابتسم ماثيو بغموض ثم تمتم بتعويذة غير مفهومة،ورسم في نفس الوقت بيده دائرة واسعة، لتخلق بوابة تلتهم المسافات بسرعة خاطفة؛فأشار للفريق للإنضمام إليه والدخول فيها،فابتلعتهم بسرعة ،وانغلقت ليجدوا أنفسهم على باب منزل نيكولاس على الفور. كان جسد نيكولاس الذي يسيطر عليه وعى تيم يرقد فوق أريكة مريحة جلدية سوداء اللون داخل مكتب ذو أثاث ذهبي اللون . أعطى ماثيو السيدة كلارا عوينات بها كاميرا صغيرة جدا ثم طلب منها ارتداؤها،حتى يتم تسجيل اللقاء.أخرج لوح الكتروني ليشاهد هذا اللقاء،تعجب الجميع ثم سأل الرجل الحديدي : لكن أين لك بتلك الأجهزة الالكترونية السليمة بعد انفجار القنبلة الكهرومغناطيسية؟ ابتسم ماثيو بغموض ثم قال: القنبلة لم تفسد كل شىء هناك أجهزة سرية ومعامل محصنة جدا ولم يصيبها مكروه.غمز الرجل النملة وقال بتهكم :مثل متحف المنتقمين أليس كذلك ؟ ضحك ماثيو ولم يعقب،ثم أشار للجميع حتى يتبعوه؛ليتواروا خلف الشجيرات الكثيفة المنتشرة خلف تلك النافورة الرخامية والتي على هيئة أفروديت . ربطت كلارا جأشها وهندمت ملابسها ثم وضعت بضع خصلات من شعرها اللامع خلف أذنيها.تسلل صوت ماثيو لأذنيها حيث قال: هيا يا كلارا أطرقي الباب.طرقت كلارا الباب عدة مرات حتى أجابها صوت نيكولاس الوقور يسأل من الطارق؟ كانت كلارا ترتجف كلما تسلل صوته لقلبها؛فهى تكن له عشقا خاصة بعد زواجها منه،وعندما علمت أنها تحمل قطعة منه بأحشائها.أجابته كلارا بصوت مبحوح:افتح أنا كلارا،أريدك في أمر هام. اعتلت الدهشة وجه نيكولاس عندما سمع اسمها،فهو لا يذكر أى شىء عنها،ولكنه فتح لها الباب على أية حال،ففضول وعى تيم الذي بداخله كان يرغب في التعرف على كائنات أخرى.رغم أنه منوم مغناطيسيا إلا أن هناك شيئا ما يحيق بص*ره مشاعر مختلطة متضاربة . عدل نيكولاس من هندامه ورتب خصلات شعره المتطايرة بعجالة ثم فتح الباب،لمعت عيناه بمجرد وقوع عينيه على كلارا تلك الحسناء ذات الشعر الأحمر اللامع. أشار لها بالدخول،اعتلت بسمة كبيرة فوق شفتيها تعبر عن سعادتها بلقائه.جلست على أقرب كرسي،كان مخملي الملمس عتيق الطراز أحمر اللون،والخشب ذهبي اللون،ينم عن ذوق رفيع لصاحب البيت. قالت بحنان : كيف حالك بعد انفجار القنبلة الكهرومغناطيسية يا زوجي العزيز؟ زوجي ما معنى تلك الكلمة يا .. ما اسمك ؟ قالها بعيون زائغة. شعرت كلارا بغضب عارم،فنهضت من على الكرسي ثم قالت بحدة:يبدو أن القنبلة قد أفسدت خلاياك العصبية أيضا،ونسيت زوجتك كلارا ،كانت تجز على أسنانها عندما لفظت اسمها غيظا. اقترب منها محاولا بذلك صد موجة غضبها التي لا يفهم سببها،فهو يراها لأول مرة،ولكنه يشعر تجاهها بعاطفة ما قوية،لم يفهم تلك العاطفة فقد أحس بها عند قلبه . اقترب منها كثيرا ثم قال هامسا::يبدو أن تلك القنبلة التي ذكرتيها قد أصابتني بالتلف.كانت همساته تدغدغ حواسها؛لذا استكانت جوارحها ،فأحاطت ذراعيها حول عنقه برفق استشعرت وجود شيئٍ ذي ملمس خشن خلف عنقه . فاقتربت أكثر لتعرف ماهيته، فوجدتها شريحة صغيرة الكترونية مغروسة تحت الجلد،وقد برز منها جزء صغير منها قد استشعرت وجوده يداها الصغيرتان. كان ماثيو يتابع كل شىء من خلال لوحه الالكتروني،فلفت انتباهه تلك الشريحة التي تعمد كلارا أن يراها ماثيو. تسلل صوت ماثيو إلى أذنيها قائلا : هناك أمرا مريبا فيه، قومي بتخديره بذلك العطر الذي أعطيته لك حالا.ابتسمت كلارا  ثم قامت بإخراج زجاجة عطر وقالت بدلال:لقد اشتريتها خصيصا لك ،ثم قربت فوهتها لأنفه ثم أردفت قائلة : ما رأيك في اختياري . اشتم نيكولاس بعضا من العطر الذي كان ممزوجا بم**ر قوي؛فدارت رأسه ووقع في إغمائة فورية.دخل الجميع بسرعة لمنزل نيكولاس،حيث فحصه ماثيو بسرعة بنفس لوحه الالكتروني ، مرر اللوح فوق الشريحة ورأسه ليفحصهما بالأشعة تحت الحمراء وأيضا بأشعة إ**. رفع ماثيو حاجبيه دهشة وقال : عجبا تلك الشريحة متطورة للغاية لا يوجد منها سوى شريحتين، واحدة في مبنى المخابرات الأمريكية والأخرى في وكالة ناسا،كيف وصلت لرأس نيكولاس. أهى خطيرة قالتها كلارا بلهفة واضحة.مط ماثيو شفتيه  ثم قال :تكمن خطورتها في أنها تتحكم بوعي حاملها، فيمكنها أن تحجب بعضا من الذكريات وتسمح للبعض أن يتذكرها حاملها. قالت كلارا بصوت مرتاع :يا للهول من يجرؤ أن يفعل هذا بزوجي،ثم تذكرت شيئا فأردفت قائلة: لذلك لم يتذكرني ،وتعامل معي كأني غريبة.  حك ماثيو ذقنه لمدة دقائق ثم قال بحماس : علينا العودة لمتحف المنتقمين فهناك سنجد حلا لهذا اللغز.تمتم كعادته ثم حرك يده حركة دائرية واسعة،فانفتح بُعْدا ظهر فيه المتحف على الفور،فدخل الرفاق متتابعين حتى تواجدوا جميعا داخل المتحف ومعهم :نيكولاس الذي كان جالسا على ذلك الكرسي العتيق . *** متحف المنتقمين كانت الحيرة تسيطر على الجميع بسبب تصرفات ماثيو،وغموضه منذ أن قابلوه.فتح ماثيو كل شىء مغلق،بداخل المعمل الخفي الموجود تحت متحف المنتقمين بطريقته السحرية،كعادته منذ أن قابلوه. ظهرت تلك الشاشة الكبيرة التي كانت توضح أماكن الأقمار الصناعية الخفية من قبل،عبث ماثيو بأزرار لوحة التحكم المتصلة بالشاشة ثم التفت إلى الجميع وقال :من لديه خبرة مع الحاسوب الآلي فليختر حاسوبا آليا ويساعدني فيما أطلبه منكم الآن. اختار كل منهم مقعده أمام حاسوب آلي ، كانت الصفحة الرئيسية عبارة عن مربع بحث مستطيل ، قال ماثيو :كل الكاميرات الموجودة في مؤسسات رجال الأعمال الشهيرين مثل نيكولاس وغيره من الشخصيات ذات السلطة،والعامة يتم تحويل نسخة منها باستمرار إلى مكان خفي محصن جيدا ومؤمن جدا حتى لا تطاله موجات كهرومغناطيسية لذا لم يتأثر . ثم أشار لتك الحواسيب وقال بفخر : كلها موصلة الآن بذلك المكان الخفي وسيتم تقسيم البحث علينا جميعا . قسم ماثيو عمليات البحث عليهم بحيث يتولى كل منهم كاميرات أحد ممتلكات نيكولاس المعروفة والخفية للعامة. كان نيكولاس لا يزال في غيبوبته ، كان ممددا فوق طاولة صلدة ي**وها الجلد وتلك الطاولة ممددة تحت قبة صغيرة نصف دائرية يشع منها أضواء غريبة،كان هذا الجهاز هو جهاز فحص الوعى له القدرة على نسخ وعى الإنسان،ومقارنته بالوعى المسجل في قاعدة البيانات. انهمك الجميع في سبر أغوار تلك الفيديوهات المخزنة في ذلك المكان السري من خلال حواسيبهم الفائقة السرعة.بينما كان وعى تيم ابن هاديس يتخبط داخل عقل نيكولاس ذكريات تيم بدأت تطفو على الشاشة المتصلة بالجهاز . كانت كلارا تختلس الأنظار؛لذلك الجهاز الممدد فوقه زوجها،بدأت تلاحظ تدفق ذكرياته من وعيه على الشاشة.تركت حاسوبها يبحث تلقائيا ثم اقتربت من تلك الشاشة.كانت الذكريات تنهال على الشاشة.ذكريات تيم على تلك الجزيرة وكيف قابل :هاديس وكل شىء . انطلقت صرخة مكتومة من شفتيها الصغيرتين انتبه لها ماثيو فترك ما كان يفعله واقترب من جهاز فحص الوعى.انطلقت جملة بصوت مبحوح مختنقة بدموع ساخنة حيث قالت كلارا بصوت مرتعش: حتما ليس نيكولاس وعى من الذي ي**ق جسد زوجي؟ حسنا لا تقلق سنعلم كل شىء اتركي ذلك الحاسوب وقومي بفحص ذكريات هذا الوعى حتى نعلم كل شىء عنه ، لا تنس قومي بترتيب الذكريات ترتيب منطقي.ربت على كتفيها دعما لها ثم قال بلهجة حازمة : علينا الإسراع الوقت ليس في صالحنا .  صندوق باندورا القاعدة العسكرية على القمر تريتون كان العمل على إنهاء تلك القاعدة العسكرية الفضائية على أشده،خاصة وقد نما إلى مخيلة إدواردأن خطر تلك الآلهة المزيفة قد يكون ممتدا عبر المجرة من خلال كواكب المجموعة الشمسية، وأن تسمية العلماء لها تيمنا بأسمائهم ليس من قبيل الصدفة وأن هناك سرا ما وراء تسمية تلك الأجرام السماوية على أسماء آلهة الإغريق. إن هذا القمر لشديد البرودة كيف يمكن لكائن حى أن يعيش في ظل هذا البرد الشديد؟ قالها أحد الجنود أثناء حمله لبعض المعدات ، سمع مايكل حديثه لاسلكيا فرد عليه قائلا: حتى أنا لا يمكنني ال**ود كثيرا دون أنظمة الحماية التي ترافقني،فإذا أصابها عطب ما سينتهي بي الحال أن أكون خردة لا قيمة لها. وهذا آخر ما تحتاجه المهمة قالها آينياس بشرود ثم أردف قائلا:ترى هل لايزال هاديس على قيد الحياة أم انتهى أمره مثلما ينتهي كل شىء أم أنه حقا إله لا ينتهي؟أجابه مايك لقائلا: هذا يعتمد على رؤيتك للإله الذي تريد أن تعبده.قال آينياس بتعجب:ماذا تقصد ؟ قام مايكل بإرسال صورا كثيرة عن آلهة عبدها البشر منذ عصور سحيقة حتى العصر الحديث وقال له : انظر كل تلك الآلهة عبدها البشر،وهى تختلف عن بعضها في الصفات،أى أن البشر يختارون الإله الذي يمثلهم فتختلف عقائدهم،ولكن حاجاتهم لإله يتوجهون إليه بالشكر أو التضرع كانت محور كل الأديان . فجأة انطلق صوت أحد الجنود صائحا،لقد وجدنا شيئا عجيبا يا مايك لاقترب لتكتشفه بأجهزتك ، كان الجندي يقف بمقربة من أحد الينابيع الساخنة،وكان يتمايل فوقها صندوقا معدنيا يمتلك نقوش عجيبة كلما حاول الجندي الإقتراب منه انطلقت شرارات ضوئية حمراء اللون،فخشى أن تكون مؤذية لذا طلب من الآلي مايكل الإقتراب لفحصه. عندما اقترب مايكل وآينياس من الينبوع الساخن اتسعت عيناهما،فذلك الصندوق بحسب ما رأوه من صفات ما هو إلا أسطورة قديمة جدا عرفها الإغريق منذ العصور السحيقة،إنه صندوق باندورا. صاح آينياس الأفضل ألا نقترب منه إنه سبب لنا الدمار والخراب فيما مضى،ولكن كيف وصل إلى هنا؟ نظر الجنود لبعضهم البعض في حيرة أطلت من خلف خوذاتهم الزجاجية الشفافة،وقال أحدهم متسائلا: وماذا يكون صندوق باندورا؟ الأفضل أن يقص عليكم آينياس قصته فقد عايشه بالتأكيد قالها مايكل بشرود. حسنا القصة باختصار أن زيوس قد اختلف مع بروميثيوس فأراد الأول أن يؤدب الثاني بسبب دفاعه عن البشر؛ لذا مكر مكرا بأن يصنع امرأة بارعة الجمال والصفات،طلب زيوس من جميع الآلهة في ذلك الوقت أن يمنح صفة إلهية منه لتلك المرأة،فكانت جدائلها ذهبية يغطيها إكليلا من الزهور الرائعة. كما سرت في جسدها أ***ة صارخة،وكان الدفء صفة تميزها يستشعرها كل من اقترب منها،كما منحتها ربات البهجة،والسرور ظلا خفيا وروحا مرحة،حتى جاء دور هرميس الذي منحها خُلق الكذب اللذيذ والخداع الحلو والصوت العذب،فكانت باندورا ومعناها هدية الجميع، انت تلك مكيدة من زيوس الذي نفث فيها خصلة الفضول، فكان الخراب بسبب تلك الصفة .قاطعه أحد الجنود قائلا : الفضول سبب نهاية البشر كيف هذا؟ أردف آينياس قائلا : أعد زيوس صندوقا فاخرا مزخرفا بالعاج والذهب الخالص مرصعا بالجواهر،ملأ زيوس الصندوق بالأرواح الشريرة والأمراض الكفيلة ببث روح الكراهية والفرقة بين مجتمع الرجال،حيث يوجد بروميثيوس وأخيه إبيميثيوس الساذج الطيب.صارت باندوراوذلك الصندوق هدية له بأمر من زيوس الذي أرسلهما إلى الأرض من خلال رسوله هرميس. حذر بروميثيوس أخيه من قبول هدية زيوس له فرفضها ولكن زيوس ثارت ثورته فقام بأسر بروميثيوس وصلبه على شجرة ثم لعنه،بأن يأكل طائر ال*قاب كبده التي تنمو من جديد كل صباح. لم يتحمل ش*يقه هذا العذاب والألم لأخيه فوافق على قبول هدية زيوس فتزوج باندورا التي أخلصت له كثيرا وعاش الجميع في سعادة ولكن الفضول الذي غرسه زيوس فيها قد أورثها الندم والحسرة، فلم تتمكن من مقاومة فضولها بفتح الصندوق فخرجت كل الأمراض والأرواح الشريرة التي أفسدت على الإنسان حياته في تلك الحقبة،ومنذ ذلك الحين والأمراض لاتزال موجودة في عالم البشر والهلاك يحيق بهم من كل اتجاه فانجرفوا لسوء السبيل. ساد ال**ت بضع لحظات قبل أن يقطعه سؤال أحد الجنود قائلا: إذن لا ضير من ذلك الصندوق فقد خرجت الأرواح الشريرة سابقا، فلِمَ الحذر حاليا ؟أجابه مايكل: لد*ك حق ولكن إذا لم يكن لهذا الصندوق أهمية، لِمَ أحيط بذلك الدرع الحامي؟ لابد أن هناك سرا خلف ذلك. أطرق الجميع رؤسهم محدقين في ذلك الصندوق الذهبي تتصارع الأفكار والإحتمالات داخل عقولهم،وبسرعة خاطفة ،قام أحد الجنود بالإقتراب من الصندوق دون أن يأبه؛لتأثير الدرع الحامي عليه،ورغم تضرر بذلته إلا أنه انتزعه من بين براثن الينبوع الساخن،وأخرجه بسرعة،وبمجرد خروجه من الينبوع سطع فجأة وهج شديد في سماء تريتون اختطف الصندوق من بين يدى ذلك الجندي المسكين . انتبه الجميع لما حدث ،ولكن ردة فعلهم كانت بطيئة للغاية،وكأنهم مقيدون بقيود ما غير مرئية أفسدت عليهم محاولاتهم من أجل إنقاذ الجندي ومنعه من الإمساك بالصندوق. اختفى الوهج المفاجىء واختفى معه الصندوق،وسقط الجندي مترنحا على أرض تريتون فاقدا للوعى.بعد لحظات اقتربت مجموعة من الجنود من موقع الحادث للإطمئنان على الجنود وعلى مايكلو آينياس،فقد لاحظ الجميع ذلك الوهج المفاجىء. ماذا حدث ؟ قالها أحد الجنود القادمين بقلق ، الأمر حدث بسرعة خاطفة وهج مفاجىء تزامن مع إمساك ذلك الجندي للصندوق قالها مايكل ثم حدق في نفس المكان الذي سطع منه الوهج في محاولة لرصد أى جسم ص*ر عنه ذلك الوهج،ولكن مجساته لم تتمكن من ذلك. انطلق الجميع نحو القاعدة الرئيسية ليكشفوا عن غموض ما رأوه من خلال مراجعة سجلات المجسات ،والمسبارات الصغيرة التي نشروها فوق سطح القمر لاستكشافه. في تلك الأثناء كان فريق جاكقد انطلق إلى مدار تريتون وتزامن تواجد المركبة التي تقلهم مع سطوع ذلك الوهج،وفجأة اختفت مركبتهم مع اختفاء صندوق باندورا. بعد قليل تواجد الجميع في القاعدة استقبل القائد البشري الآلي مايك لوطلب منه إيجاد تفسير منطقي لما يحدث،جلس مايكل على كرسي القيادة،وجلس بجواره آينياس اقتسم الاثنان المهام حيث اهتم مايكل بمراجعة البيانات الخاصة بالوهج المفاجىء،والبيانات التي رصدها عن الصندوق أثناء حديث آينياس عنه ، أما الثاني فقد تولى مهمة التواصل مع سفينة جاكلعلها رصدت شيئا ما. انهمك الآليان في مهمتهما لمدة ساعة فالبيانات التي يجب معالجتها وربطها كثيرة جدا لذا استغرق الأمر كل ذلك الوقت. *** إسكليبيوس أثناء تلك الساعة،كانت المركبة الفضائية التي تحمل جاك وزميليه على متنها انتقلت آنيا، بفعل ذلك الوهج المفاجىء الذي ظهر لتوه في سماء تريتون . وجدوا أنفسهم داخل مكان كبير ذو أرضية بيضاء براقة،انتشرت فيه القنينات على أرفف كثيرة تزين الجدران كان ذلك المكان سفينة إله الطب عند الإغريق وهو إسكليبيوس. كانت الجدران ناحية اليمين ذات نقوش مقبضة للنفس،كانت الرسومات لأفاعي يخيل للناظر إليها أنها تسعى،وتتحرك مما أثار الرعب في نفوسهم بعد ما خرجوا من مركبتهم،أما الجدران ناحية اليسار فقد كانت على النقيض تماما، فكانت تزين الجدران رسومات لزهور ونباتات نضرة تبعث الراحة على نفس كل من يشاهدها. اضطربت مشاعر الجميع،كانت حالة جاك المتحول إلى سمكة صغيرة بداخل الدرفيل تسوء، فسقط مغشيا على الأرض مما أص*ر صوتا تنبه إليه إله الطب إسكليبيوسفي الحال . فأسرع إلى مص*ر الصوت كان زميلي جاكقد انتابهما الحيرة؛فهما يجهلان كيف ينقذان قائدهما ،وهما في مكان يجهلون كنهه،قطع حيرتهما دخول إله الطب الذي تفاجأ وتحدث بلهجة فضائية عتيقة لم يتعرفها جينو على الفور؛ لذا لجأ إلى التخاطر. تخاطر مع إله الطب قائلا: أعتذر عن تطفلنا بداخل ما تملك،ولكننا لا نعلم كيف وصلنا إلى هنا،فقد سطع الفضاء فجأة ونحن في طريقنا إلى ذوينا فوجدنا أنفسنا هنا،ثم أشار إلى الدرفيل،وقال بلهجة متضرعة: صديقي مريض حالته حرجة ،فقد حول نفسه إلى سمكة صغيرة،ودخل إلى ذلك الدرفيل ويجب أن نخرجه من هذا الجسد ،وإلا سيظل بداخله للأبد . كانت علامات الذهول على وجه إله الطب إسكليبيوس تشي بصدمته لسماع ذلك الحديث، تصارعت الأسئلة داخل عقله،لم يبدِ أى ردة فعل في بادىء الأمر،ولكن سرعان ما انتزعه جينو بصياحه قائلا: أرجوك ساعد صديقي نريد انتزاعه من داخل أنسجة هذا الدرفيل فورا. لملم إله الطب ردائه ثم أشار لهما باتباعه،حمل جينو وسوكيو الدرفيل ليتبعا صاحب السفينة إلى حيث يريد.انتهى بهم الأمر للتواجد داخل غرفة متوسطة يبدو من الأدوات،والأجهزة المنتشرة بها أنها غرفة عمليات جراحية. تم وضع الدرفيل فوق فراش رمادي اللون ثم اقترب إله الطب إسكليبيوس من الدرفيل الذي أحاطه بأنابيب صغيرة،غرست أطرافها في أماكن عدة بجسمه،بعد ثوان بدأت ال*قاقير تنساب خلال تلك الأنابيب،ثم أمسك إله الطب جهازا ماسحا مرره فوق جسد الدرفيل الغائب عن الوعى . ظهر شبح ابتسامة على شفتى إله الطب، فقد تبين مكان السمكة الصغيرة التي كانت ملتصقة بمخ الدرفيل،مما يجعل فصلها يشكل خطرا كبيرا على الدرفيل،التفت إليهما وقال :الحالة خطيرة سيكتب النجاة لأحدهما فقط فأيهما أهم ؟ تبادل جينو وسوكيو نظرات حائرة قلقة،ثم رفع جينو إصبعين وقال تخاطريا: كلاهما نريدهما على قيد الحياة. اكتست ملامح إله الطب بالوجوم،وشرد قليلا،ثم لمعت عيناه ببريق عجيب،ثم اتجه إلى أحد القنينات ،ونظر إليها بجزل واضح. اتجه إلى جسد الدرفيل ،وقام بنزع السمكة الصغيرة من خلال عملية جراحية دقيقة استغرقت خمس دقائق حاول فيها الحفاظ على مخ الدرفيل،ولكن السمكة أثناء نزعها تحركت حركة انقباضية ،فانغرست إحدى شوكاتها الصغيرة بداخل مخ الدرفيل، فحدث نزيف على الفور. انطلقت صافرة الانذار من أحد الأجهزة الحيوية المتصلة بالدرفيل تنبىء عن وجود هبوط حاد في الدورة الد**ية للدرفيل؛ بسبب فقده الكثير من الدماء ولكن إله الطب . أسرع بحقن جسد الدرفيل بعقار الحياة الذي له القدرة على تجديد الخلايا التالفة حتى لو كانت خلية عصبية رغم أنها غير قابلة للتجديد ،ولكن دماء مادوسا التي أخذها عندما قُتِلَت كانت لها صفات علاجية عجيبة وفي نفس الوقت كانت تملك دماء أخرى لها القدرة على القتل فورا . كان دم ميدوسا هدية الربة أثينة لإله الطب لكى يشفي المرضى، وليكمل أبحاثه الطبية حيث كان يصنع المرض، وكذلك علاجه لم يكن ينتوي أن يستغل قدرته في إيذاء أحد ولكن إله الحرب آريس اختطف هيجيا التي كانت تمتلك دما عجيبا يمكنها من إنتاج الكثير من مضادات اللقاحات كعلاج لكثير من الأمراض ،وكان إله الطب قد اختص نفسه بدراسة السموم والأمراض. لذا اختطفها آريس في مكان مجهول بالمريخ ثم هدد والدها بقتلها،إذا لم يصنع له أسلحة من نوع خاص أسلحة غير تقليدية أسلحة في صورة أمراض فتاكة تودي بحياة الكثيرين،فطالما الأسلحة التقليدية لم تجلب له النصر؛فبالرغم من أنه كان مدججا بشتى الأسلحة إلا أن الربات كن ينتصرن عليه؛ لذا قرر الاستعانة بإله الطب ليصنع له أسلحة غير تقليدية. كان آريس يجد في البشر أرضا خصبة لتجريب تلك الأسلحة الجديدة فكلما صنع إسكليبيوس مرضا جربه على سكان الأرض حتى انتشرت الأمراض والأوبئة،فكل مائة عام يزور آريس كوكب الأرض ليجرب تأثيرها عليهم ثم يعود إليه لمزيد من الأوبئة التي تحصد آلاف الأرواح بلا ذنب ولكن فيما بعد تولى ابنه تريوس تلك المهمة بعد ما لحق بأبيه آريس إلى المريخ هربا من حزنه على ولده. كان موعد عودة تريوسقد اقترب لذا كان على إسكليبيوس تجهيز الوباء الجديد،وكان صندوق باندورا المناسب لتحضينه،وكانت الينابيع الساخنة في تريتون أفضل مكان لتحضينه حتى يعود تريوس مرة أخرى. استقرت الحالة الطبية للدرفيل وجاك المتحول بعد ساعة منذ وصول الجميع لتلك السفينة،كان سوكيو قد استخدم مهاراته في سبر ذاكرة إله الطب مستغلا إنهماكه في إنقاذ جاك وعرف كل شىء . كان ما يقلقه عودة تريوس المنتظرة لاستلام ذلك الوباء وازداد رعبا عندما علم ما يفعل بتلك الأوبئة مع سكان كوكب الأرض،قطع شروده عودة جاك إلى هيئته الأصلية الشبيهة جدا بالبشر .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD