ما وراء المجرة

الحلقة-8- حوريات ومخلوقات أسطورية أخرى

دخلت الحورية بريتي إلى غرفة زوجها بوسيدون، فوجدته مشغولا بمشاهدة شيئا ما بتليسكوبه الكبير،فاقتربت منه،وداعبته بذ*لها،فكانت تظهر له بهيئة حوريات البحر الجميلات،وكان ذ*لها ذهبي اللون ذو حراشيف فضية لامعة.

انتفض بقوة،كاد التليسكوب يسقط لولا أن بريتي أسندته بيدها الرقيقة،ساعدها بوسيدون في إعادة الإتزان للتليسكوب مرة أخرى ثم قال في غضب : لقد أفزعتني كثيرا وكاد التليسكوب أن يسقط، لما فعلت هذا ؟

ضحكت الحورية وقالت : بل قل لي ماذا تفعل أنت ؟ وعلام تنظر ؟ أشار لها بيده لتقترب من التليسكوب، ثم قال لها وهو يشير إلى التليسكوب: ألقِي نظرة.أمعنت النظر فشاهدت سفينة بي**افوتا محلقة،فانطلقت شهقة مكتومة ثم اندفعت في خوف تحتضن زوجها،وقالت بصوت مرتعد : ما هذا الشىء الضخم الذي يوجد بالسماء؟

أجابها قائلا: يبدو أنها سفينة مثل التي نعيش عليها هنا ،ولكنها ذات طراز مختلف، ثم أردف بحماس أغاظها:لعلها لأحد الآلهة فقد تكون لزيوس أخى أو لأبنائي اشتاقوا لغيابي، فطفقوا يبحثون عني ،فردت عليه بريتي بنبرة تغلفها الغيرة والغضب قائلة: أو لإحدى عشيقاتك السابقات جاءت هائمة تبحث عنك بين الأجرام.

ضحك بوسيدون وقهقه ثم قال: يبدو أن الغيرة هى القاسم المشترك الوحيد بين جميع الإناث،ضحك مرة أخرى ثم أردف قائلا:عليك ا****ة يا دلفينوس،لماذا أخبرتها بمغامراتي العاطفية مع الإناث ؟

تحولت الحورية إلى هيئة ميدوسا ثم أطلت الحيات من رأسها ففزع وأشاح بوجهه خوفا من أن يتحول إلى حجر ثم قال بصوت مبحوح حاول جاهدا إخفاء: لقد أتقنت فن التحول كثيرا يا عزيزتي . أجابته بسخرية :اطمئن لن أحولك إلى حجر مثلما كانت تفعل ميدوسا ثم اقتربت منه وأردفت بخبث واضح: فتلك القدرة لم أتقنها بعد.

ابتلع بوسيدون ريقه،فتحولت زوجته إلى عدة هيئات متوالية فقالت بسخرية : أى هيئة تفضلها الآن يا زوجي؟

اشتم رائحة الغضب تفوح من كلامها، فقال لها بود ومحبة : أى هيئة تريديها فأنا أعشقك في كل حالاتك . رفعت حاجبها ثم عقدت ذراعيها الطويلين أمامها ،وقالت بسخرية :حقا! ثم أكملت حديثها قائلة بتحد وعناد: لقد سئمت لعب هذا الدور السخيف أن أكون دمية لك تغير هيئتها كما تشاء ،لقد حُرمت من الإنجاب بسبب قدرتي على التحول لقد حرمتني من الأمومة و......

قاطعها بوسيدون بإشارة بيده ثم قال: فلنؤجل هذا الحديث فيما بعد، فهناك سفينة مجهولة تحلق فوق سماء كوكبنا فلنهتم بأمرها أولا ثم نبحث مشكلة الإنجاب والتحول فيما بعد.

زفرت بريتي بحنق واضح ثم تحولت إلى هيئتها الأصلية،إلى حورية جميلة نصفها العلوي ذو ملامح بشرية والنصف السفلي منها ذو ملامح سمكية ،ثم تبعته زاحفة بذلك الذ*ل الذهبي البديع  لخارج الغرفة.

***

مرت ستة عشر ساعة على فريق سفينة بي**افوتا،استعد فيها مايكل وآينياس للهبوط إلى سطح كوكب نبتون الغازي من أجل استكشافه، والبحث عن حضارات عاقلة قد تحتاج إلى مساعدة .

ارتدى كل منهما درعه الو**ي،واحتفظ مايكل بالقلادة التي أعطاها لهماجينو لتساعدهما على التخفي إذا لزم الأمر،كما استقلا تلك الكبسولة سافا التي تحميهم من درجات الحرارة العالية والمنخفضة؛فهى عازل قوى للحرارة وكذلك توفر الضغط المناسب لهما.

انطلقت الكبسولة من سفينة بي**افوتا تحمل بداخلها مايكل و آينياس إلى المجهول،كان انطلاقها يمكن رؤيته بالعين المجردة، خاصة عندما اقتربت من غلاف نبتون الجوي.

 كان هبوطها ناعما، لم ينشأ عن احتكاكها بالغلاف الجوي شرارات مثلما تفعل المركبات أرضية الصنع؛ مما أثار دهشة وإعجاب جاك الذي كان يراقب عملية الهبوط من شاشة المراقبة في قمرة القيادة باهتمام بالغ.

قال جاك بوجوم : أتعلم يا سوكيو، أننا ثاني مركبة فضائية تزور كوكب نبتون بعد مركبة فوياجر 2؟،اندهش سوكيو وقال: حقا ،إنكم ج*س متأخر للغاية في مجال الفضاء و....

قاطعه دخول جينو الذي ارتسمت على وجهه علامات الذهول ،فاقترب من جاك ثم نظر إليه طويلا قبل أن يعرض له صورة ظهرت على لوحه الإلكتروني كانت لحمض نووي.

حك جاك ذقنه وقال له : لمن هذا الحمض النووي؟ رد جينو قائلا: إنه حمض نووي لشخص يحمل جينات غير بشرية ثم أردف بخفوت: المدهش هو أنه لك يا سيدي ، إنه حمضك النووي.

نهض جاك غاضبا من كرسي القيادة وقال بغيظ:ومن سمح لك بالكشف عن حمضي النووي؟ ارتبك جينو، وقال بتردد: سيدي لم تكن نيتي سيئة ،هذا أمر أفعله دائما يجب أن يكون لدينا نسخة من الحمض النووي لكل أفراد الفريق هذا إجراء معتاد في مجرتنا.

"لقد حان كشف سري،لا مفر من ذلك "قالها جاك بخفوت ؛فجلس على كرسيه ثم تن*د وقال: ما سأقصه يعد من الأسرار العسكرية للمؤسسة التي أعمل لديها، لن أقص تفاصيل، لكن كل ما تحتاج معرفته هو أنني هجين بين ج*س البشر وج*س فضائي آخر، لم يعرف صانعي كنهه حتى الآن .

فقد قيل لي أنهم وجدوا امرأة مجمدة في القطب الجنوبي للأرض بالصدفة .كانت رائعة الجمال ،كما وصفوها والعجيب أنها نبضت بالحياة عندما أزاحوا الجليد عنها تماما ،وبعد تغطيتها استفاقت للحظات ثم غابت عن الوعى مرة أخرى.

أخبروني أنه تم تلقيحها بسائل منوي بشري معزز بحمض نووي؛ قد صنعوه ليسهل اندماج حمضها مع الحمض النووي الخاص بالسائل المنوي البشري،وقد تم حملها على خير وجئت إلى الدنيا ،لكنها توفيت بعد ولادتي،سالت دمعة ساخنة حزينة فشل جاك في إخفائها.

لاحظ سوكيو وجينو تأثر جاك بوفاة والدته ف*نحنح جينو وقالولكن كيف وصلت تلك المرأة إلى كوكب الأرض ؟ قالها سوكيو في حيرة بالغة.

هز جاك كتفيه وقال: لا أعلم لم يخبروني بذلك وأظنهم لا يعلمون سرها،ثم حك ذقنه وقال : حسنا ،فلنعد إلى العمل أنتما راقبا مايكل و آينياسمن أجلي، أريد أن أخبر القائد إدوارد بما علمته منك الآن هيا .

دخل جاك غرفة التخاطر وتواصل مع قائده وأخبره بكل شىء وطلب منه توخى الحذر إذا ما اضطر لاستخدام قدراته كما نصحه بأن يسمح لجينو بدراسة قدراته وتدريبه على التحكم فيها.

استقرت الكبسولة التي تحمل على متنها مايكل و آينياس على ذلك النهر الصناعي ،الذي هيأه بوسيدون منذ زمن بعيد ،فكان قاعُه يحمل الطابع الصخري المنصهر،كأنه قناة مُهدت من أجل غرض ما.

سبحت الكبسولة عبره بنعومة وانسيابية تامة ،كأن قوة الإحتكاك بينها وبين الماء انعدمت،كانت مجسات الكبسولة تستقبل كثير من البيانات حول المكان أثناء طريقها لنهاية ذلك النهر الصناع.

سأل آينياس عن ماهية تلك البيانات التي تظهر على شاشة المراقبة،فأجابه مايكل أن تلك البيانات توضح أن ما تسبح فيه الكبسولة ماء ،ونقي جدا ،كما أخبره أن هناك طحالب تعيش فيه قد رصدتها المجسات وبعد نصف ساعة بدأت الأسماك تظهر كلما تعمقوا أكثر، وأخيرا ظهر للنهر مصب حيث انتهى ببحيرة صناعية دائرية الشكل،ولها نفس القاع الصخري المنصهر .

كان مشهدا عجيبا رست الكبسولة فوق أحد حواف البحيرة، حيث خرجت أذرع معدنية من كل جانب منها تحركت بضع خطوات ،ثم صعدت إلى حافة البحيرة .

خرج مايكل يتبعه آينياسالذي سأله قائلا :أتعتقد وجود حياة عاقلة هنا؟أشار مايكل إلى نقوشٍ زيَّنَت بابا معدنيا،كان مواجها لهما فور خروجهم من الكبسولة .

رُسِمت نقوش لبوسيدون تحيط به الحوريات من كل جانب،ومكتوبا تحته هنا مملكة إله البحار والمحيطات بوسيدون العظيم. ارتسمت علامات الذهول على وجه آينياس فور قراءته تلك العبارة ،فقد تعرف على تلك اللغة التي كُتبت بها،فكانت الإغريقية القديمة والتي اتخدها ذلك الج*س الفضائي لغة مقدسة لهم عندما سكنوا الأرض في الأزمان الغابرة.

إنه بوسيدون من الآلهة المشاغبة كثيرة الصراعات وكثير الزيجات أيضا،كيف وصل إلى هنا ؟ قالها آينياسبتعجب،ربت مايكل على كتفه ثم أردف قائلا : سنكتشف كل شىء عندما نعبر ذلك الباب والآن فعل درعك الو**ي تحسبا لأى مفاجآت، فمعلوماتي عن هذا الإله الزائف أنه عندما يغضب تثور الأعاصير.

التفت مايكل إلى الكبسولة، فضغط على زر ما في ساعده الأيمن، فاختفت على الفور حيث فعل خاصية الإخفاء . طلب مايكل من آينياس أن يدنو منه حتى يتم تفعيل القلادة التي تخفيهما عن الأعين، وتساعدهما على دخول المكان بسهولة.

ساعدتهما القلادة على العبور خلال جزيئات ذلك الباب المعدني بسهولة، بعد أن غيرت الصفات الفيزيائية للجزيئات التي صنعت منها ذلك الباب ،وحولتها في لحظات إلى سائل يسهل عبوره دون أن تتساقط جزيئاته السائلة لتعود على الفور إلى سيرتها الأولى بعد غياب تأثير طاقة تلك القلادة .

انطلق بطلانا بحرص يجوبان أروقة وطرقات السفينة التي بدت كمتاهة، كانت مستويات غازات الهيدروجين والهيليوم والميثان تنتشر في الأجواء ،هكذا أخبرتهما مجساتهما عن الغلاف الجوي المحيط بهما .

وجدا الكثير من التماثيل التي تحمل هيئات مختلفة من الكائنات البحرية متناثرة بتناسق بديع في الأرجاء والأركان ،كأنها تحكي قصة ما،كانت أعين آينياس  تسجل كل ما قا**ه بدقة فقد وُكل إليه تلك المهمة في حين كان مايكل يهتم بالأمور التأمينية لهما .

ورغم ذلك لم ينتبه لوجود تريتون الذي غير هيئته عدة مرات بعد أن تنبه لهبوط الكبسولة،فتواصل مع والده بوسيدون الذي سمح له بالهبوط إلى كوكبه،ومساعدته في تقصي أمرتلك السفينة التي تحلق على مقربة من كوكبه لعل فيها نجاتهما والعودة إلى الأرض مرة أخرى.

هبطت مركبة تريتون قبل هبوط الكبسولة بساعات، كان تريتون متحفزا فيها حتى هبط بطلانا إلى السطح العميق لنبتون،فحول نفسه إلى طائر العنقاء الأسطوري الذي عرفه البشر منذ عصور سحيقة، وطار حيث هبطت الكبسولة وهبط معها، ثم تحول إلى سمكة كبيرة ليرافق الكبسولة سابحا ،وقد شاهد كل شىء ،وعلم أنهما يمتلكان قدرات عجيبة ،فظن أنهما من نسل الآلهة ،ففرح جدا حيث ظن أنهما أتيا لإنقاذه وأبيه ،فأسرع إلى والده ليخبره بما علم.