أسر آينياس
وصل تريتون إلى والده وأخبره بكل شىء،خاصة قدراتهما على التخفي،لم يُسَربوسيدون كثيرا بما سمع، بل ساوره القلق، فكيف يحمي نفسه من كائنات يمكنها التخفي بسهولة ويسر ؟
كان بطلانا لا يزالان يجوبان أروقة السفينة التي صارت قصرا لمملكة بحرية عتيقة الطراز ،فأغلب سكانها من الكائنات البحرية أنقرضوا على كوكب الأرض الذي جاءوا منه،وهذا ما أثار دهشة آينياس الذي شاهد حوريتان تزحفان بذ*لهما برشاقة،وتتمايلتان برقة فحدث مايكل تخاطريا فقال بذهول : حوريات هنا في هذا الكوكب الموحش كيف هذا ؟
رد عليه مايكل تخاطريا : والأعجب أن تلك الكائنات البحرية والأسماك التي شاهدناها انقرضت منذ زمن بعيد جدا من على كوكب الأرض،حتما سيسيل ل**ب علماء الأحياء عند رؤيتها،أردف آينياس قائلا : وسيسيل ل**ب جاك عندما يعلم أنه توجد حوريات جميلات هنا على الكوكب .
تنحَّى البطلان جانبا حتى تمر الحوريتان، ولا تصطدمان بهما حيث التخفي هنا ظاهريا خادعا للعين فقط . تابعهما حتى اختفيا عن نظريهما وأكملا المسير حتى وصلا إلى حيث عرش بوسيدون الذي كان يذهب جيئة وذهابا في توتر واضح وقال بغضب : مجهولان متخفيان يتجولان بحرية في مملكتي ،ولا أدري ما العمل حيالهما؟
تمايلت زوجته بريتي تجاهه ،وقالت بتهكم : بوسيدون العظيم إله البحار ومحرك الأعاصير لا يدري ماذا يفعل ؟ أأصابتك الشيخوخة ؟ أم أصابك الوهن؟
لم يغضب منها، ولكن لمعت عيناه ،وتوهجت ،فقد أيقظت كلماتها فكرة في عقله، فأمسك شوكته الثلاثية ، ثم قام بالتلويح بها في الهواء عدة مرات ،فتجمعت سحابات غازية مختلطة ، وكونت دوامات صغيرة أطلقها في أرجاء السفينة .
أشاحت بريتي وجهها ؛لتتفادى دوامة صغيرة كادت أن تقترب منها ،فزحفت بعيدا عنها، وكذلك فعل تريتون ،في حين كان بوسيدون لا يزال يصنع دواماته الصغيرة بشوكته الثلاثية ،والتي ازدادت سرعة دورانها بمرور الوقت.
كان مايكل و آينياس لا يزالان متخفيان بقدرة تلك القلادة عندما وصلا إلى قاعة العرش ،حيث التفت تلك الدوامات حولهما مما أصاب آينياس الفزع ،فقد ذكرته تلك الدوامات بدوامة كبيرة كادت أن تقضي عليه منذ زمن بعيد قبل أن يأسره هاديس .
فأفلت يده بسرعة من يد مايكل ،وحاول الهرب بعيدا عنها،لم ينتبه إلى أنه درعه الو**ي سيحميه،ويعادل تلك الدوامات ،فلا تؤثر فيه،ولكن وعيه البشري استجاب تلقائيا بحسب تجاربه السابقة على ع** مايكل الذي لم يجزع بل كان هادئا جدا، وكانت نتيجة تصرف آينياس أنه خرج من مجال القلادة فظهر جليا للجميع .
كان مايكل لايزال يتمتع بقدرة القلادة متخفيا، كان وعى آينياس قد أصابه الارتباك ،فحدث ما لم يكن في الحسبان،حيث تسببت تسارع ذكرياته في زيادة الحمل الكهربي، وبالتالي إصابة الدارات الكهربية،مما جعلها تتوقف تماما عن العمل،فسقط وارتطم جسده المعدني على أرضية السفينة ،وتوقفت كل أجهزته عن العمل.
لم يتخل مايكلعن هدوئه ،ولم يكشف عن نفسه في حين انطبعت آيات الذهول على وجه بريتي و تريتون عندما شاهدا سقوط آينياس على أرضية القاعة ،أما بوسيدون فكان موجها ناظريه ناحية الباب منتظرا سقوط مايكل،ولكنه لم يسقط كان قد خرج من القاعة ،فقد كشف أمرهم وعليه تحذير باقي فريق سفينة بي**افوتا ،وإخبارهم بأمر آينياس.
اقتربت بريتي من الجسد الملقى على الأرض بحذر، وكادت أن تتحسسه بأناملها الرقيقة لولا صيحة تريتون الذي حذرها من فعل ذلك ،فمن الممكن أن يسبب لها الأذى ، تنبه بوسيدون لصيحة ابنه واتجه إلى ذلك الجسد المعدني ثم وكزه في عدة مناطق بشوكته ،ففطن أنه معدني رغم مظهره البشري بذلك الجلد الذي يشبه جلد البشر والذي غطاه .
حك بوسيدون ذقنه مداعبا لحيته الطويلة ،ثم قال بحيرة : عجيب أمره ذلك الجسد رغم أنه يبدو بشريا إلا أنه يملك هيكلا من المعدن بدلا من العظام .
أمر بوسيدون ابنه بحمل الجسد المعدني، ومن هنا نقله إلى معمل السفينة لدراسته ، كان المعمل ذو تقنيات عتيقة بالنسبة لتقنيات العصر الحالي،حيث كان مجهزا لدراسة الكائنات البحرية، ومجهزا بأدوات للتحكم في الطقس والبحار ودراستها،فهذا ما كان بوسيدون شغوفا بتعلمه،أما ما يخص غير ذلك ،فكانت معوماته محدودة عنها؛لذا شهر بالقلق البالغ عندما اكتشف أن معمله يفتقد الأدوات المناسبة لتشريح ودراسة ذلك الجسد المعدني العجيب دون إلحاق الضرر به.
كان مايكل قد أطلق جهازا صغيرا يعمل كدرع مؤقت ،حيث يعمل تلقائيا كلما اقترب من الجسد شيئا ما ،وذلك قبل أن يتركه ويذهب بعيدا عن القاعة الملكية ، فكلما اقترب بوسيدون من الجسد يتم تفعيل الدرع تلقائيا مسببا حروقا بمجرد لمسه وكان الدرع غير مرئيا .
ثارت غضبة بوسيدون بسبب ذلك الدرع كان المشهد مراقبا من تريتون وكذلك بريتي التي شهقت شهقة مكتومة كلما احترقت يد زوجها ،ويهتز ذ*لها طربا لما تشاهده ،حيث وجدت في ذلك الجسد المعدني بطلا يثأر لها دون أن يدري من ذلك الزوج الذي أوجدها من أجل متعته الشخصية ،ودون أن يأبه لأمرها أبدا.
خطا مايكل سريعا بعيدا عن تلك الدوامات متفاديا إياها بفضل درعه الو**ي حتى أصبح بخارج القصرأو بالأحرى السفينة الفضائية، حيث توجد الكبسولة التي حضر بها فضغط على زر ما ،فظهرت على الفور ،فأسرع إليها ودلف بسرعة ،ثم أعاد تقنية الإختفاء إلى العمل، ومضى بها سابحا عبر ذلك النهر الصناعي ليعود أدراجه .
أثناء عودته حاول الاتصال بقائده جاك لاسلكيا لكن لم ينجح في ذلك،حيث أحاطت عاصفة مظلمة بيضاوية الشكل أسرع من رياح كوكب الأرض بتسع مرات ،حيث وصلت إلى 1200 كيلو متر في الساعة مما سببت تشوش الإتصالات ،فلم يصل إلى جاك سوى صوت مايكل المتقطع والذي لم يُفهَم منه شىء.
أثار ذلك التشوش قلق جاك،خاصة عندما أظهرت شاشة المراقبة مرور عاصفة قوية بالكوكب كانت براقة متوهجة،مما أثار تساؤلا لدى جينو الذي كان يشاركه في المراقبة وهو، ماذا يكون تلك العاصفة ؟ في تلك الأثناء لم يجد مايكل سوى الإنتظار حتى تمر تلك العاصفة بسلام ، أجرت مجسات الكبسولة حساباتها،وأظهرت بيانات عن العاصفة في شاشة المراقبة حيث أوضح أن العاصفة مكونة من سحب كثيفة لغاز الميثان.
بعد ساعتين بدأت العاصفة تتبدد رويدا حتى ابتعدت عن المنطقة التي كان يختبىء فيها،في تلك الأثناء كان مايكل مشغولا بالتواصل مع نارينا تخاطريا،فتلك الطريقة أسرع ولا تتأثر بالظروف الجوية ،وعلى الرغم من ذلك لم يلجأ إليها ليتواصل مع جاك،لم يخبره بتوفر تقنية التخاطر التي تمتلكها سفينة بي**افوتا ،وتم حجب تلك المعلومة عنه .
مادة مظلمة
في تلك الأثناء تواصلت معه نارينا لعدة دقائق فقط،أخبرته أن سفينتهم تتعرض لهجمات من قراصنة الفضاء ،وهى تساعدهم على النجاة ،فهى مشغولة ولن يمكنها التواصل معه،حتى تمر تلك الهجمات بسلام .
حيث واجهتهم سفن قراصنة الفضاء التي تحمي أطراف مجرة سادورا كادت أن تتركه ،ولكنه طلب منها أن تتركه يندمج مع نظامها ليساعدهم ،فوافقت بدأت البيانات تنهال على معالجه الفائق السرعة ، كانت البيانات عجيبة حقا،فهم يواجهون هجمات من قبل سفن غير مرئية لا يمكن لمجسات سفينة بي**افوتا من الإحساس بها، فلا ينطلق منها ضوء ولا مجال مغناطيسي .
راجع مايكل معلوماته الخاصة عن ماهية تلك المادة التي تتمتع بتلك الصفات،فكانت النتائج توضح المادة المظلمة ،فهى تتفاعل جاذبيا فقط مع المواد المحيطة بها؛لذا لم تتمكن سفينة بي**افوتا من رؤيتها بمجساتها التي تعتمد على المجال المغناطيسي أو الفوتونات التي تص*ر من المواد عموما.
طرأ عليه نظرية ما فقال لنارينا تخاطريا : نارينا،إنه فخ فضائي لا يوجد هناك سفن ما أريد منك أن ترسلي لي قياسات الجاذبية منذ انطلاقكم إلى ذلك العالم المواز حتى الآن، أريد التأكد من شىء ما.
حسنا ، غابت لحظات ثم عادت ،وأرسلت له البيانات التي توضح تغيرا كبيرا حدث في الجاذبية المؤثرة على السفينة،عندما انهالت تلك الهجمات عليهم ،أخبرها مايكل أن ما يواجهونه ما هو إلا فخ فضائي،حيث استخدمت حضارة متفوقة جدا الطاقة المظلمة لمهاجمتهم.
الدليل أن هناك فروقات كبيرة في قياسات الجاذبية التي تؤثر على سفينتهم ،والمادة الوحيدة التي تتفاعل مع المواد الأخرى من خلال الجاذبية هى المادة المظلمة،بالإضافة للطاقة المظلمة التي تتسبب في تمدد الكون بشكل متسارع، قد طوعتها تلك الحضارة المتقدمة للغاية في عمل فخ فضائي لمهاجمتكم ،كانت الهجمات تنهال عليهم بشراسة،فأسرع ليحل تلك المشكلة،فطلب منها أن تضعه على أنظمة السفينة الداخلية الخاصة بالجاذبية؛ليقوم بشىء ما فنفذت طلبه على الفور .
عبث مايكل لمدة خمس دقائق في أنظمة سفينة بي**افوتا حتى تمكن من حجب مجال جاذبيتها عن الوسط المحيط ،فتوقفت الهجمات على الفور،كانت خطة مايكل تتركز في خداع الفخ الفضائي ،حيث فطن أنه يعمل فور دخول جسم ما حيزه ،حيث أن جاذبية السفينة وهى بالمناسبة ذات كتلة كبيرة ،فهى السفينة الأم قد أثرت وتفاعلت مع المادة المظلمة المحيطة،مما نبه الفخ الفضائي لوجودها .
وبالتالي تم توجيه الطاقة المظلمة بطريقة ما نحو ذلك الجسم،وهى السفينة وبالتالي تعرضت للهجمات فظن فريقها أنهم يتعرضون لسفن قراصنة الفضاء،ولكن هل وصل أولئك القراصنة لدرجة كبيرة من العلم تؤهلهم لصنع فخا كهذا ليس له مثيل؟ أم أن حضارة قديمة صاحبة هذا الفخ وقد مر فريق بي**افوتا للسفينة الأم به بمحض الصدفة؟
هذا ما دار بخلد كليبان عندما أخبرته نارينا بما توصل إليه مايكل ،وبعد ما ابتعدوا بسرعة عن مجال الفخ الفضائي، واستقرت قياسات الجاذبية للسفينة .