في أعماق نبتون
استيقظ الإله المزيف بوسيدون مع شروق تلك الشمس البعيدة، والتي يكاد نور أشعتها يصل لهذا الكوكب البائس ، نهض بتكاسل من فراشه ،وكانت رائحة الخمر تفوح من ثغره كعادته،دخل الدرفيل دلفينوس زاحفا تبدو عليه علامات القلق؛كما ص*ر عنه بعض الأصوات التي تمكن من فهمها بوسيدون على الفور، فاندفع ناهضا بسرعة من فوق فراشه الوثير واشتعل النشاط برأسه فجأة وقام بالتوجه إلى ذلك التليسكوب الكبير؛ليشاهد سفينة بي**افوتا محلقة في مدار كوكبه .
اختلطت المشاعر لديه ما بين فرح غامر، وبين قلق داهم، فكان هناك أملأ يداعبه منذ سنوات طويلة جدا، وهو أن ترضى عنه زوجته أمفتريتي ،وتساعده لكى يعود إلى الأرض مرة أخرى ،ولكن لم تأت أية سفينة منذ ذلك الحين .
طوال تلك السنوات كان بوسيدون قد تمكن من استيطان قلب الكوكب خاصة الجزء المحتوي على الماء ، شعر بالمرارة عندما اكتشف أن اللون الأزرق لهذا الكوكب ليس بسبب الماء على سطحه ، في بادىء الأمر حاول أن يرسو بسفينته على سطحه، ولكن لم يتمكن من ذلك حتى فطن أن سطحه يتكون من غازات.
قد اكتشفت مجسات السفينة أن ثلث قطر الكوكب الخارجي مكون بشكل أساسي من مجموعة غازات .
لم يكن أمامه سوى سفينته الشىء الوحيد الصلب، فكانت هائلة الحجم، ولكن كيف يتصرف حيال ذلك الأمر؟ كيف له أن يبني مملكته، ويجري تجاربه حول التحكم في البحار والمياه.انهارت آماله، وطموحاته أمام تضاريس، وظروف ذلك الكوكب الذي خُدِع فيه .
انصرف بوسيدون إلى غرفة خاصة بالسفينة محاولا استكشاف تلك الكتب التي تزخر بها بعد أن سرقها من أحد زملائه؛ لعلها تكن ملاذه ويجد فيها نجاته،عكف عليها قارئا ومنفذا لما بها من خطوات ساعدته على التكيف، والنجاة مع تلك الظروف .
اكتشف نواة صخرية صغيرة تحت سطح الكوكب الغازي بعد شهور من وجوده على الكوكب .
نَفِقَت كثير من الح*****ت البحرية، فقام با*****ص أحماضها النووية كما تعلم من الكتب التي قرأها.لم ي**د أمام تلك الظروف المخالفة لظروف الأرض سوى الدرفيل دلفينوس، وهو كائن بحري قد أحضره معه من مجرته، فهو كان حيوانه الأليف، حيث تتميز خلاياه بالقدرة على إنتاج غاز الأ**يجين من أى غاز آخر يستنشقه، لذا لم يجد صعوبة في التكيف والنجاة.
أما باقي الكائنات البحرية التي اصطادها من بحارومحيطات وأنهار كوكب الأرض، لم تتمكن من النجاة ،بعدما فشل في تجديد أحواض المياه بمياه جديدة فكان مصيرها النفوق.
حزن بوسيدون كثيرا لنفوق رعايا مملكته ، لم يحزن ابنه تريتون عليهم ولم يأبه لحزن وطموحات أبيه ؛لذا قام بطرده من الكوكب ليصبح ذلك القمر الكبير الذي يدور ع** دوران كوكبه ملاذا له حتى الآن .
طلب تريتون من والده أن يمده بمركبة تساعده على الصعود إلى ذلك القمر التابع لكوكب أبيه، ووعده بألا يزعجه ،وأن يعطيه بعض المؤن، وكذلك بعض الأدوات التي تساعده على النجاة .
رضخ الأب لطلبات ابنه، وأعطاه ما أراد ،ثم أعطاه جهازا يساعده على التواصل معه . ودع الابن أبيه ،وانطلق إلى القمر الأكبر للكوكب الذي يمتلك اثنى عشرة قمرا تابعا له مع ذلك القمر الأكبر، كأنها وجدت لتؤنس وحدته .
تحولت سفينته إلى صرح علمي ،فعُزلته تلك قد غيرت من شخصيته كثيرا؛ فصار يتحكم بغضبه أكثر، ترك شهواته تجاه النساء والإناث مضطرا؛ فلم يعد حوله تلك الحوريات الحسناوات اللاتي اعتدن على تحرشه بهن، ولا أولات الجمال الفتان من نساء البشر ليتزوجهن ،حتى زميلاته الربات لم يسلمن من شهوته فهناك من اغتصبهن قهرا .
كان بوسيدون صاحب تركة ثقيلة من الذنوب والجرائم ،فلم يسلم من مراسه الصعب أحد ،أو من اعتداءاته المتكررة على زملائه من الأرباب؛ طمعا في السيطرة على أجزاء عديدة ومتفرقة من البر بجانب سيطرته على البحار والمحيطات والأنهار.
انصرف بوسيدون إلى العلم والقراءة، فكانت ملاذه الوحيد للتخلص من نكبته تلك ،والسبيل الوحيد للتخلص من سجنه إلى الأبد. تمكن من فصل المياه عن الأمونيا عن الميثان ،وجعل لكل منهم مجرى يسير فيه.
كما أمكنه استغلال الميثان كوقود لسفينته، ولكن في تشغيل بعض الأجهزة والأدوات، فتحويل أنظمة السفينة التي تعتمد بشكل أساسي على طاقة البرق إلى غاز الميثان كان أمرا مستحيلا له.
يئس بوسيدون من جعل كل أنظمة السفينة تعمل بالميثان ،حتى يمكنه الاقلاع بها إلى الفضاء والتحرر من ذلك الكوكب البائس.
عاد إلى غرف سفينته باحثا عن أشياء قد سلبها من الآلهة يستعين بها على العيش على هذا الكوكب ، خاصة وقد أصابه الملل من تلك جدران تلك السفينة التي حفظها عن ظهر قلب .
فتش مليا في إحدى الغرف فوجد رأس ميدوسا، عادت به الذكريات إلى زمن بعيد ،فكانت تلك الجرجونة المسكينة رائعة الجمال يوما ما، لولا غضبة الربة أثينا فقد طارد ميدوسا حتى نال مأربه منها مثل باقي الإناث .
قاما بتدنيس معبدها؛ لذا قررت الانتقام من ميدوسا الجميلة وحولتها إلى وحش كاسر مخيف ..إلى جورجونة ..ذات أجنحة عظيمة وعينين يبعثان ألسنة من اللهب ..أسنان ضخمة ..ل**ن عريض .. حوافر برونزية..رأس ذات حيات قاتلة بدلا من خصلات شعرها الناعمة ..كل من ينظر إلى تلك الحيات يتحول إلى حجر فورا ..
عقد برسيوس عهدا مع الربة أثينة بأن يقتل مادوسا مقابل حمايتها لوالدته من الزواج غصبا من الملك بولود*كتيس، هاجم مادوسا ،ولم ينظر إليها ،ثم نظر إلى درعه حيث انع**ت صورتها ،فقطع رأسها فماتت فورا ،ولكنها أنجبت توأمين عندما لفظت أنفاسها الأخيرة.أنجبت الحصان المجنح بيجاسوس والآخر المحارب الشرس خروساؤر.
تن*د بوسيدون حزنا عندما ولجت أعماقه ذكرى مادوسا ،وقد استغل قدرة خصلات شعرها من الحيات على تحويل أى شىء إلى حجر صلب، فحاول استخدامها مع بعض الماء السائل المحيط بالقلب الصخري للكوكب فتحول إلى جليد صلب بدلا من حجر.استغل تلك المساحة الجليدية من أجل اللهو وممارسة رياضة التزلج .
شعر بالوحدة والملل ،ففكر في استغلال الدرفيل دلفينوس من أجل إنجاب كائنات أخرى، باستخدام الأحماض النووية التي استخلصها من أجساد الح*****ت البحرية التي نفقت سابقا .
كان الدرفيل دلفينوس خنثى استطاع إنجاب درافيل مخنثة كثيرة طبيعيا؛ لذا استغل بوسيدون ذرية دلفينوس في التجارب العلمية واستنساخ كائنات أخرى يمكنها التكيف والعيش مع جو خال من الأ**جين الذي تعودت عليه عندما كانت على الأرض.
كما استخدم حمضه النووي في إضافة قدراته الخاصة لتلك الكائنات المستنسخة منها خاصية التحول إلى هيئات أخرى، فقد اشتهر بوسيدون بها حيث استغلها في ا****ب الكثير من الإناث والربات والحوريات بتلك الطريقة .
بعد سنوات طويلة أصبح لديه مملكة،وعرش،وحياة مثمرة،بفضل تلك العلوم التي تعلمها،كما استطاع استنساخ حوريات جميلات باستخدام أحماضهن النووية التي احتفظت بها خصلات شعورهن التي طالما احتفظ بها كلما عشق حورية أو بشرية أو حتى ربة ،فكان يأخذ خصلة منهن بعد أن ينال مأربه ، لم يكن يعلم أن تلك الخصلات ستؤنس وحدته مرة أخرى .
وأما الطعام فكانت الطحالب البحرية وتلك الأسماك المختلفة التي تم استنساخها أيضا،والتي وجدت من الماء الدافىء في أعماق الكوكب مسكنا لها .
كان تريتون ابن بوسيدون يتسلل أحيانا إلى كوكب أبيه نبتون متخفيا بهيئات كائنات بحرية حيث ورث تلك القدرة منه من أجل الحصول على المؤن،ولكن سرعان ما يكتشف ذلك بوسيدون الذي يثور ويغضب، ف*نشأ عاصفة يصطنعها بشوكته الثلاثية ليطرد تريتون بعيدا ،فهو لا يستحق أى شىء فلم يساعده .
تكررت محاولات تريتون وأخيرا وافق والده على منحه بعضا مما لديه من الحوريات والطعام في مقابل الحصول على الحمض النووي له، كان تريتون مثل أبيه يمتلك قدرة على تغيير هيئته ،ولكن إلى هيئات بشرية بالإضافة إلى هيئات حيوانية أيضا على ع** بوسيدون الذي يغير من هيئته إلى هيئات حيوانية فقط .
أراد أن يستنسخ حورية لها القدرة على التحول لهيئات بشرية وكذلك حيوانية لتكون زوجة مثالية له تتحول له إلى هيئات مختلفة وقتما يريد . وافق تريتون على ذلك ومنحه قطرات من دمه وبعد شهور تم استنساخ الزوجة المثالية لبوسيدون وقد أطلق عليها اسم بريتي تلك الحورية التي صارت لها القدرة على التحول لهيئات مختلفة .