لقاء أول
الأرقام والحسابات .....العمل والدها....هذه هي حياتها. ..كانت تجري في المساحة الكبيرة المخصصة في احدي الأحياء الراقية التي انتقلت لها منذ أشهر مع والدها.....وكم هي سعيدة بوجود مكان مخصص لرياضة الجري التي تعتبرها المخرج الأول لطاقتها السلبية..فالعمل يأخذ كثيرا من طاقتها ويستنفذها...
لاوقت لديها إطلاقا لأي شئ آخر. ...
فهي ابنة وحيدة توفت والدتها وهي فقط في عمر الخامسة عشر ...ولم تنجب غيرها...ولم يتبقى لها سوي والدها ...والقليل من عائلته. ...
بعد فترة ليست بقليلة وقفت للحظة ترتاح فيها من الإرهاق الذي بدأ يصيبها نتيجة المجهود الذي بذلته .....كانت تنظر الي احدي البحيرات الصناعية....الموجوده بالحي الجديد...تنظر لعالم جديد ومجتمع لم تالفه من قبل .....تذكرت في الماضي كيف كان والدها كان يرفض ان يترك منزلهم الكبير بمدينة الإسكندرية. ....الا ان ظروف العمل التي كانت تضطرهم في الفترة الأخيرة. ...السفر كثيرا الي القاهرة...جعلته بالنهاية يتخذ قرارابالانتقال إلي هناك..خاصة أنه بدأ يتقاعد عن العمل...وهي من يشرف علي كل الأعمال. ....
تن*دت بخفوت ثم ألقت نظرة أخيره حولها قبل ان تبدأ بالجري مرة أخري. ...عائدة إلي الفيلا الجديدة التي يعيشون بها....
_______________________________________
بينما في حي راقي اخر كان هناك شخص اخر يجري بسرعة علي الاته الرياضيه....وهو يفكر في عمله وصفقاته لقادمة.....
قطع تفكيره صوت والدته المرأة القديمة الطراز رغم ثرائهم....الا انها كانت تقليدية للغاية ....
دائما ماكان يحسد والده على حصوله على امرأة كوالدته ....
أوقف كل شئ ليلتفت لها ....ليجدها تقف وهي ممسكة بيدها كوب من اللبن. ...كعادتها...لن تتغير والدته ابدا كان دائما يراها تفعل ذلك مع والده ...وهاهي لم تترك عادتها .....
أوقف العجلة الرياضية...وأمسك بمنشفته ...ثم اقترب منها مبتسما. ...بعيونه الزرقاء التي تماثل.....عيونها. ....
بادلته الابتسامة بوقار لتقول بجدية :
_ينفع كده ياعمر....يابني انت غاوي تتعبني معاك....قلتلك اشرب كوباية اللبن الأول. ....وبعدين العب رياضة...
امسك يدها ليقبلها. ...وأمسك بكوب اللبن المحلي بنكهة الفانيليا المحببة له....ليتحدث بمرح:
_والله يا ست الكل انت بتحسسيني اني عيل. ...والله ياماما انا كبرت. ...بس متزعليش هشرب اللبن علي طول. ....
وقبل ان تبدأ هي فيما تنوي عليه كان يخرج مسرعا قبل ان تبدأ هي حديثها اليومي عن ضرورة زواجه.....بما أنه بلغ الثلاثين عاما....
كان يسرع ليذهب الي غرفته. ....الا ان والدته كانت تتمتع بصحة جيدة. ...لحقت به لتمسكه من يده كالطفل الصغير لتتحدث بضيق:انت بتجري عشان متسمعش محاضرة الجواز ياعمر. ....طب هتسمعه....
وما ان همت بالحديث الا أنه كان اسرع منها باسكاتها.عن هذا الحديث الذي سأم منه...ليبدأ هو بتسميع كلماتها اليومية المتكررة التي لم تيأس منها ومن تكرارها..:
_خلاص ياماما. ...سيبيني انا اقول. ...يابني انا عاوز أفرح بيك. ...واشوف عيالك..
....والكلام الكتير ده. ...بس انا بقي هريحك مش عاوز أتجوز دلوقت يا امي. ....عشان خاطري سيبيني علي راحتي......
نظر لها ليجد نظرتها الحزينة الذي تقتله وتؤلمه في ان واحد..والدته اجمل شئ في حياته وهو لايحب ان يراها حزينة إطلاقا ....ولكن الزواج شئ بعيد عنه حاليا ....اقترب منها علي استحياء ليقبل رأسها كطريقة منه بالاعتذار ....ثم تركها مسرعا الي غرفته...لتنظر إلي أثره بعيون قلقة عليه ....متى سيتزوج ويريحها...تريد أن تراه زوجا محبا وابا حنون.....الا أنه منذ ان توفي والده واستلم هو العمل وهو علي تلك الحالة يعمل فقط كالالة .....
بينما هو بالداخل كان يرتدي ملابسه ليخرج سريعا الي عمله......فالعمل لابد أن يأتي في المرتبة الأولي كما كان دائما والده يقول.....
يتعجب أحيانا لما والده لم يحدثه عن عشقه لوالدته ....دائمآ كان الحديث عن العمل فقط لاغير....
ربما كان خائفا علي أمواله التي تعب كثيرا لأجلها. ....ومن قبله كانت عائلته. ....لذلك جعل من ولده الوحيد رجلا لايفكر الا في العمل....
كان يقف امام المرأة يصفف شعره ليشرد في فتاته الذي كان يعشقها بالجامعة. جميلته ذات العيون البندقية ...الا أنه بعد وفاة والده تخلي عنها من اجل....التفرغ للعمل والدراسة في وقت واحد. ...
تساؤل كان بداخله يتردد دائما هل استحق الامر مافعله .....هل العمل كان اولي منها ...الا ان صوت هاتفهه اوقفه عن كل شئ...ليمسك هاتفه ..ويقوم بالرد:ايوه يايزن خيرعلي الصبح
تأفف الاخر على الهاتف بملل وهو يقول:يابني انت اتأخرت ليه....مش المفروض عندنا ميعاد كمان ربع ساعة مع شركة الاسكندراني...
لم ينتبه عمر للوقت إطلاقا. ....حيث كان شاردا في ذكرياته. .....لينهي المكالمة سريعا....ويذهب إلي مقر عمله في اسرع وقت.....
____________________________________
كانت في سيارتها تحاول الوصول الي الموعد المتفق عليه ...تن*دت بحنق....فوالدها أصبح ملازما للمنزل تاركا العمل بالكامل علي عاتقها....فمنذ قدومهم الي القاهرة وهي مسؤولة عن كل كبيرة وصغيرة..ووالدها لايتدخل الا اذا هي طلبت المشورة...
ابتسامة صغيرة ارتسمت علي وجهها. ....والدها أصبح ملازما....الي الحديقة التي احتوت على جميع الأزهار المفضلة لدي والدتها الراحلة.....هذا العشق الذي جمع بينهم هي تعتبره معجزة ولها سر هي لاتعرفه ربما لانها لم تطرق درب الحب والهوي من قبل.خرجت من افكارها ثم رفعت يدها لتستنشق رائحة العطر التي تفوح منه ..هذا الذي صنعته والدتها قبل وفاتها مازالت تحتفظ بجميع زجاجات العطور التي صنعتها...وهذا سر آخر لم تكتسبه من امها قبل ان ترحل وتتركها....
بعد فترة كانت وصلت بالفعل الي مقر الشركة الأخرى. ...لتخرج من سيارتها سريعا حاملة ل حقيبتها...وتدخل بخطوات مسرعةالي داخلها. .متمنية ان تكون سكرتيرتها الخاصة قد وصلت قبلها....
شتمت في سرها. ...هي لاترتاح لتلك الفتاة ولكنها جيدة بالعمل....متلاعبة قليلا ولكن لابأس بها....لم تخطئ بعملها الي الان....وهي لاتحب ان تقطع رزق أحد بدون سبب واضح.....هكذا تعلمت من ابيها ....
بينما هو كان جالسا داخل مكتبه يراقب الفتاة الجالسة بغرفة الاجتماعات مع صديقه يزن. .... كان يعتقد انها المسؤلة عن الصفقة في البداية الا أنه علم فيما بعد انها مجرد المساعدة الخاصة بالمدير. ...ابتسم. ...فمن الواضح ان المدير الخاص بهم يختار موظفينه بعناية. ....الفتاة الذي يشاهدها امامه ترتدي ملابس ملفتة للنظر بطريقة ما ....نظرة لعوب تنطلق من عيونها الخضراء...ولكن هذا ليس الأمر الذي يشغله....بل مايريده ان تتم هذه الصفقة لينطلق في مجال صناعة الأغذية. ...مجال جديد ويعلم أنه مربح. وهو شخصية لاتترك اي شئ مربح اطلاقااا..وكما اوصاه والده لاتترك شئ للآخرين.كن الأول. ...اسبق الجميع بخطوات لابخطوة واحدة. .امتلك السوق من جميع الجهات ولا تبالي لأحد. ...
منطق اناني مادي خالي من الانسانية كما تصفه والدته ولكن هذا هو مجال عملهم الكبير يأكل الصغير..
نقر بيده على المكتب لينظر الي ساعة يده. ....ليجد أنه الموعد المحدد للاجتماع...ليهم بمغادرة مكتبه الي غرفة الاجتماعات.ليجد في نفس اللحظة وصول فتاة أخرى. ...ولكن مختلفة تماما.....تسائل بداخله هل مديرهم لايوظف الا النساء....الفتاة ونقضيها....
الفتاة الاخري كان وجهها خالي تمام من أدوات التجميل....وشعرها معقوص على هيئة دائرية. .....مظهرها يذكره بوالدته في الماضي....لم يطل النظر اليها كثيرا لينهض من مكانه ليدخل الي غرفة الاجتماعات....
في نفس الوقت كان يزن بالداخل يرحب بالفتاة التي دخلت في نفس وقت دخول عمر...
لتمد هي يدها. ...بهدوء وابتسامة عملية لتتحدث بجدية: شكرا على الترحيب الجميل ده ...انا لوتس الاسكندراني...وانا إلي هكون مسؤولة معاكوا عن الاتفاقات الجديدة....
وقف عمر مصدوما بعض الشئ....فأخر ماتوقعه ان تكون ابنة صاحب تلك الشركات....الاسكندراني. ....
دخل عمر أيضا وتم التعارف....ليجلسوا جميعا لبداية الاجتماع. ......
تحدثت هي بعد ان قام يزن بعرض كل شروطهم....لتتحدث هي بعدها:
_الشروط حلوة طبعا....بس انتوا ليه محسسني اننا محتاجينكوا....
اعتدل يزن في مقعده .....ليتحدث عمر بالنيابة عنه:
_لا طبعا ....احنا عارفين وزنكوا في السوق. ...بس دي شوية ضمنات يا انسة لوتس. ...
رفعت نظرها له وهي تنقر بيدها على طاولة الاجتماعات...بينما يظهر علي وجهها جميع علامات التفكير وربما الحيرة لتتحدث بعد دقيقة او أكثر بقليل:تمام ياعمر باشا....بس انا كمان ليا شروط...لو وافقتوا عليها يبقي ديل....لترفع كتفيها باهمال وهي تكمل حديثها:موافقتوش يبقي خلاص...
ابتسم عمر ليتحدث ببرود:
_بس انتوا عاملين شرط جزائي كبير اوي....
بادرت بالقول سريعا :
_يعني مش موافقين. ...
.ساد ال**ت قليلا ليتحدث عمر:
_انا مقلتش كده....بس رفع نظره لها....ليجد أمامه فتاة متحكمة وذكية .... مالذي يجب عليه ان يفعله ....تلك الشراكة مهمة لهم.....وشروطه صعبة أيضا. ..... وهذه الفتاة من الواضح انه لا مشكلة لديها في ان يفسد كل شئ....هم بالفعل رقم واحد حاليا في السوق في مجال صناعة الأغذية. ....
ليس لديه حل اخر سيوافق...ليجد نفسه يومئ براسه بالايجاب لينطق علي مضض :موافق تمام.....
ليتكلم يزن بحماس قائلا :يبقي نمضي العقود بقي ولا ايه....
لتعطيهم لوتس ابتسامتها البارده وكأن الأمر لايعنيها إطلاقا. ...بينما سكرتيرتها الخاصة توزع نظراتها المغرية اللعوب علي الرجلين عمر ويزن.
لتلكزها الاخري الذي لاحظت ذلك....رامقه إياها بنظرات محذرة....الا ان روان....لم تهتم إطلاقا. .....
___________________________________
يتبع