أنت السبب، أنت مجرم... أنت ضعيت ابني وموته منك لله.... منك لله.... أنا قولتلك قلبي بين إيد*ك حافظ عليه وأنت ضيعته، وضيعتني...أنا قلبي كان حاسس انه هيكون آخر حضن بينا ياحبيبي يا إياد اااااه ااااااه ياااارب الصبر من عندك يااارب، نااار في قلبي.... نار تحرق الكون كله.... ياااارب زي ما ادتهولي بعد سنين حرمان رجعهولي يااارب... يارب مليش غيره..... يارب متحرقش قلبي عليه لجعل حبيبك المصطفي يااارب... اااه اااه
حاول ان يمسك يدها لكنها رفضت بشده، وظلت تصرخ بحده مردده :
- هاتلي ابني ياحسين... عايزة ابني....هاتلي إياد ... ااااه يا اياااااد
ثم وقعت فاقده للوعي
وقف حسين عاجزا يتملكه العجز ناظرا بزوجته، ثم إلى البحر وداخله ابنه الوحيد، متردد يتوجه لمن فيهما... إلى زوجته وحبيبته، ام إلى ابنه الغريق، فحدث نفسه مرددا :
- ياربي دبرني في أمري ، لو رحت مع لبنى وفاقت مش هتسمحني ابدا، وقلبي مع ابني اللي مش عارف الاقيه،يارب التدابير من عندك
**ت لحظات ثم اتخذ قراره، وشاور على إحدى أصدقائه من فرقه الإنقاذ أن ياخذ زوجته إلى المشفى، وشعور الأبوه تغلب عليه، فكان غاضبا، ثائرا على قدره والموقف الذي وجد فيه، فنظر لإحدى اصدقائه مردد :
- الوقت بيعدي وأنبوبه الأ**جين زمانها خلصت والولد أكيد من الرعب مش هيقدر ينتفس بطريقه طبيعيه، أعمل ايه بس ياربي... يارب استرها مليش غيره يارب
شاور له زميله بحزن مردد :
- جم ياكابتن، بإذن الله خير، ربنا هينجيه أن شاء الله
وقد أتى سريعا أحدا بالمتفجرات وغطسوا جميعاً متجهين إلى كهف الموت وقاموا بتفجير جزء كبير منه واستطاعوا أن يدلفوا بداخله
بلاش باك
أصاب إياد الرعب من هول المنظر، فوقعت من فمه أنبوبة الأ**جين، أدرك الطفل حينها إذن أنها نهاية مغامرته التي طال عمره يحلم بها ويتمناها، فأغمض عيناه بألم بإستسلام لمصيره المحتوم، فرأى سرداب عن بعد سبح بداخله وكان يستنشق المياه فامتلئت رأتاه، فكان المكان مظلم شديد العتمه؛ مخيف، يوجد كثير من الأسماك بداخله، ما ان رأته حتى انقضوا عليه مفترسينه بكل وحشيه، وهو لا حول ولا قوة له، فنفذ أمر الله واستلم أمانته .
وإذا بصوت الانفجار يدوي المكان
باك
فمات الكثير من الأسماك المتوحشة ، بسبب الانفجار، والباقي هرب بعيدا، وإذا كانت الصدمه الكبري على ملامح حسين، فقد رأي ابنه مستلقي على ظهره ، وعدد كبير من الأسماك بالقرب منه يقومون بتمزيق وجهه في منظر لا يصدقه عقل،ولا يتحمله أي بشر فكان وجه لا يظهر له معالم وجسده مش*ه من أثر تمزيق الأسماك له، فنظر له بحرقه قلب أب فقد وحيده، وأخذ يض*ب يده برأسه، لايصدق ما يراه، اهذا ولده فلذة كبده بهذا المنظر، ياله من كابوس ب*ع لا يستطيع أن تصدقه عيناه، ياليت الزمن يعود ثلاثون دقيقة لما تركه أبدا ، وانقذ غيره، كل هذا والدموع تنساب من عيونه، حتى قام زميل له بتحريكه كي ياخذه، فتقدم وقام بضمه، ثم صعد إلى ظهر اليخت ووضعه، وقام باحتضانه وظل يصرخ ويصرخ حتى وصل صراخه إلى عنان السماء، في قهره ولوعه وألم قال :
- ابني حبيبي... متسبنيش يا إياد .. يا أول فرحه في عمري، قوم ياحبيبي، قوم كلمني، اااه ياربي صبرني يارب
أنا السبب،، أنا السبب، ياريتي ما وافقتك على نزول البحر.. ياما قولتلك البحر مالوش كبير و*دار مصدقتنيش، ياما قولتلك أنا خايف عليك منه مسمعتنيش
ثم نظر إلى البحر بغضب، فوجد امواجه عاليه متلاطمه بشده... غاضبه ثائرة أكثر منه كأنها تشهد على ثورانه، تشاركه الامه واهاته، فقال لها بحسره والم :
- وحياة حبي وعش*ي ليك ياإياد.. يحرم عليا نزول الميه تاني، يحرم عليا الفرح من بعدك يا إياد ... تحرم عليا الضحكه من بعدك يا ابني، اااااه والف ااااه
وظل يبكي ويبكي ويصرخ إلى أن انتبه لأحد يربت على كتفه باكياً مرددا له بحزن وآسي :
- أنا مش عارف أشكرك إنك أنقذت حياتي، ولا أعتذر لحضرتك إني كنت السبب في اللي حصل..... أنا بجد مش لاقي كلام اتأسف بيه لحضرتك، وربنا يصبرك يارب
رفع عينه الباكيه له ثم اخفضها في خزي مردد :
- متعتذرش كله مقدر ومكتوب، الغلطه غلطتي أنا ، كان مفروض أمسك إيده واطلعه معايا، بس أنا كنت عايز أنقذك بأي سرعه
الشخص المجهول نظر باسف مردد :
- أنا لو مكنتش سبت إيد الكابتن مكنش حصل كده، أنا استغليت فرصه انشغاله بزميلي وسبته عشان أكون بحريتي، ونسيت التعليمات المفروضه إني أكون تحت نظر الكابتن وادي النتيجه، كنت هموت لولا حضرتك انقذتني، وابنك، **ت لم يكمل
حسين وهو محتضن إياد بشده، قال بالم :
- كلنا غلطنا وكل واحد بيدفع ثمن غلطته، وأنا الثمن بتاعي غالي أوي فوق ما حد يتخيل، منه له.. كله جاي رايح منه له...
وظل يكررها كثيرا، إلا ان أتت سياره الإسعاف واخذته بالقوه منه ووضعته في الكيس المخصص وأغلقته بأحكام ثم انصرفت وهو ظل يبكي، إلى أن حاول إحدى اصدقاءه يساعده على النهوض ودلف معه إلى المشفى لتخليص إجراءات الدفن
استيقظت من نومها على صرخه واحده، فنهض إبراهيم من نومه مفزوعا، ثم أضاء الكهرباء وربت على ظهر سهام زوجته في حنان مردد :
- بسم الله الرحمن الرحيم مالك يا سهام خير ياحببتي، اشربي شويه ميه، واستعيذي بالله
اخذت منه المياة وتناولت القليل منها، واخذت تبكي بحرقه مردده :
- كابوس فظيع.. فظيع يا إبراهيم فظيع
ابراهيم بفزع قال :
- ياستر يارب، ربنا يسترها خير بس
سهام ببكاء شديد قالت :
- اتصل دلوقتي بحسين طمني عليه، أنا مش هعرف ارتاح غير لما اطمن عليهم كلهم
حسين ينظر لساعه يده ويقول :
- الوقت متأخر اوي ياسهام خليها بكره
نظرت له باعتراض وحده قالت :
- أنا قولتلك دلوقتي أرجوك يا إبراهيم ، اتصل هما بيسهروا كلهم
يمسك هاتفه ويقوم بالإتصال عليه، فلم يأتي رد، فنظر لها وقال :
- شوفتي مردش يمكن يكون نايم
سهام بقلق أكثر لانها تعلم ابنها لا ينام في ذلك الوقت، فحدثها قلبها أن الموضوع لا يطمئن، فقال له وهي تجفف دموعها :
- حاول تاني يمكن مش سامعه، معلش
عاود الإتصال به مره اخري، فرد عليه بصوت باكي مردد :
- ايوه يابابا، أنا محتاجلك أوي
إبراهيم ينهض من فوق فراشه بفزعه مردد :
- مالك صوتك ياحسين أنت بتبكي يا ابني، ايه اللي جري؟
حسين بانهيار جالساً على ارضية المشفى مردد :
- إياد يابابا مات مات ماااات
إبراهيم بصدمه لا تستطيع قدماه الوقوف عليهما، ارتمي على المقعد، متسائلا :
- إزاي وامتى حصل؟
قص عليه باختصار ما حدث، وبحاله زوجته التي فقدت الوعي، مستسلمه إلى فقدانها الوعي رافضه ان تعود، هاربه من الحياة لا تستطيع مواجهتها فستسلمت للموت البطئ
رد الأب بحزن والم قائلا :
- إنا لله وإنا إليه راجعون ربنا يصبرك يا ابني على مصيبتك وابتلاءك، الصبح كلنا هنكون عندك يابني
سهام برعب وصوت عالي قالت :
- في إيه ابني ماله جراله ايه انطق حرام عليك؟
نظر لها وبدموع منهمره قال مارواه حسين، فصرخت بشده، فستيقظت منة على صراخها وعلمت بما حدث، وظلوا جميعا يبكون، حتى أشرق الصباح وتوجه الأب لجهز تذاكر للسفر لهم، بعد أن بلغت منة كريم بما حدث، فحزن بشده وابلغلها بانه سوف يأتي هو ووالدته في أقرب طائره، ثم أغلق معها، وتوجه إلى والدته التي نظرت إلى وجهه وعلمت بانه يخبي شيئاً عليها فاقتربت منه وقالت :
- شكلك في حاجه عايز تقولها ومش عارف قول على طول ياكيمو أنا بفهمك من عينك ياقلبي
كريم بحزن وعيون تلمع بالدموع قال :
- اصل.. اصل منة لسه قفله معايا وقالتلي
بوسي تزفر نفساً بضيق مردده :
- يابني ما تقول على طول منة قالتلك ايه موترك كده؟
كريم جلس ووضع يده على وجه وسرد لها ما حدث، فنظرت له بوسي بصدمه ثم وقعت فاقده للوعي، صرخ كريم مناديا على والده وطلب منه احضار زجاجة عطر حتى يستطيع افاقه والدته، وبعد محاولات فاقت إلى وعيها وبكت بشده، ثم علم زوجها ما حدث وقرروا جميعا السفر إليهم ليواسوه في محنته
وصلت اسره حسين إليه في المشفي، فركضت إليه امه مسرعاً حين وقعت عيناها عليه وارتمي في احضانها، م**ور حزين ذليل، لا يستطيع ان يتفوه باي حروف، فربت على كتفه بحنان مردده :
- شد حيلك يابني، ميغلاش على اللي خلقه، امانه واستردها هتعترض، ربنا يلهمك الصبر من عنده يارب، ويعوضك خير ان شاء الله
خرج من احضانها وجفف دموعه مردد :
- مش قادر يا امي، مش قادر اتحمل صدمة فراقه، شكله مش قادر انساه حبيبي اتبهدل اوووي، شكله كان يصعب على الكافر، يارب ما حد يشوف اللي شوفته يارب
ثم جلس على الكرسي ووضع يده على راسه، والجميع فاقفون يبكون بشده على حاله، فقترب منه اباه وامسكه بشده وقال له بحده محاولا ان يكون متماسكاً أمامه مرددا :
- قوم ياحسين واجمد كده يابني، واقف شد ظهرك، اليوم طويل معاك واستعوضه خيراً واحتسبه شهيد في الجنه، والشهداء مش بيتبكوا عليهم يابني، وبإذن الله يكون سبب في دخولك أنت وامه الجنه، مراتك محتجالك، لازم تداوا جرحكوا مع بعض، هي هتكون في أشد الحاجه ليك يابني، واستحملها في أي حاجه تعملها، قلب الأم بيكون أضعف بيكتير ياحبيبي، يالا روح اغسل وشك كده ونخلص الإجراءات عشان نلحق ندفنه
نهض من على مقعده ب**ره وحزن، ثم نظر لوالده وقال :
- عندك حق يابابا، ادعيلي ربنا يصبرني على فراقه، ويعوضني عنه خير
وتركه ثم أتى بعد دقائق، وانصرفوا، وتم تجهيز كل شئ وتم الصلاة عليه وقاموا بدفنه في المقابر، ثم ذهب لاطمئنان على زوجته، فوجدها كما هي مستسلمه لفقدانها الوعي، كاره للحياه التي اصبحت بدون فلذه كبدها، فخرج وقلبه يعتصر من الألم، فوجد خالته وكريم يقتربوا منه فصافحهم بدموع العين وانصرفوا جميعا إلى منزله
ومر اليوم حزينا على الجميع، دلفت الأم إلى غرفته فوجدته جالسا مهموما، فالنوم لم يعرف له سبيل، فقتربت منه مردده :
- حرام عليك نفسك يابني، أنت عينك مشفتش النوم، كده هتقع من طولك وأنا مش هستحمل، كفايه اللي إحنا فيه، أجمد عشان خاطر أمك الغلبانه، وحياتي عندك قوم وحاول تاكل أي لقمه صغيره، النهارده العزاء واليوم لسه في اوله
نظر لها بحزن وقال مردد :
- مش قادر يا أمي والله ماقادر حاجه تنزل في جوفي، أنا حاسس ان مفيش حاجه في الدنيا هيبقي ليها طعم ثاني من بعد إياد ما راح، أنا حياتي أنتهت بموته
ردت عليه بوجع وقالت :
- يابني حضرة النبي لما مات الكل زعل عليه وحزن حزن شديد، خرج سيدنا ابو بكر وقال"من كان يعبد محمداَ.. فإن محمداَ قد مات... ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت" ابنك مش هيبقي أغلى من سيدنا محمد صل الله عليه وسلم، اللي كل بكي وحزن عليه حزن السنين... كل حاجه في أولها صعب وبتهدأ مع مر الزمن، وكمان سيدنا محمد مكنش بيعيش له اولاد صبيان، وربنا ابتلاه في اولاده الصبيان بموتهم، وصبر وكمل رسالته بكل جلد، حزن لكن الدنيا موقفتش كمل جهاده، اصبر يابني واحتسبه شهيد زي ابوك ما قالك وادعي ربنا يصبر قلبك ويقوم لبنى بالف سلامه
رد عليها قائلا :
- يارب يا امي ادعيلي
كانت الأسره تجلس جميعا في انتظار نزول حسين للوقوف بجانبه، فتقدمت منة اخته وقالت له في حنان :
- حسين عشان خاطري أنا ، ورحمه إياد عندك تاخد ياحبيبي ال**ندوتش ده عشان تقدر تقف على رجلك أرجوك
وقف عند سماعه جمله رحمه إياد ، وقال في نفسه :
- "جه اليوم اللي يتقال في رحمه إياد ، رحمتك يارب ارحمني وصبر قلبي يارب
فاخذ منها الطعام وحاول جاهدا أن يبتلعه، ولكنه لم يستطع فتركه علي الطاوله ونظر لهم بحزن وانصرف دون اي حديث
تجلس شمس تمارس عملها وإذا بها تلمحه أمامها بهيئته الرائعه وابتسامته الساحره، فتبسمت له مردده برقتها المعهوده مردده :
- إزيك يا أستاذ مازن اي خدمه أقدر اقدمهالك؟
اقترب منها وقال بأعجاب شديد :
- لا شكرا أنا بس حبيت اجي اشوف الشمس وهي ساطعه منوره الدنيا، واصبح عليها، صباح الخير ياشمسي
رقصت عيناها بشده وكادت أن تطير من شده سعادتها، فأصبحت تلمع من شده غزله لها، فنظرت له بسعاده مردده :
- صباح النور والسرور والورد المنثور
ضحك بشده وقال لها :
- والله ده أحلى صباح شوفته، ممكن بقى تقبلي مني الورده دي
اخذتها منه وقبلتها بحب ونظرت له بابتسامه قائله :
- ميرسي اوي على ذوقك يا أستاذ مازن
مازن بتمثيل الزعل قال :
- ممكن بلاش أستاذ دي قولي مازن بس، ولا اقولك قولي ميزو أحلى ، أنا مش بحب التكليف ابدا
رفعت إحدى حاجباها وقالت بتعجب مردده :
- أنت بتقول ايه إزاي أقولك كده طبعا مينفعش، إحنا لسه عارفين بعض من فتره قريبه قوي، مستحيل أناد*ك كده ابدا
أغمض عيناه وهمس لها بجرأه مردد :
- طب إيه رأيك نتعرف أكتر ، ونقرب من بعض أكتر وأكتر ، شمس أنا في حاجه شداني ليكي وبتجذبني ناحيتك، ومش عارف أمنع نفسي إني مقربش، وحاسس ان ده نفس شعورك صح ولا أنا غلطان، لو قولتي غلط هبعد ومش هتشوفي وشي تاني، ولو صح أديني فرصه نقرب ونشوف الدنيا مخبيه لينا ايه.. ها قولتي ايه؟
رفعت له رأسها وقالت بخجل و**وف :
- أسال قلبك هيدلك
تبسم بشده وقال بفرحه :
- هنتظرك بعد الشغل نخرج نروح اي كافيه، نتكلم ونتعرف على بعض اوك
اومأت راسها بالموافقه في حرج، فضحك من شده خجلها، ثم انصرف إلى مكتبه في سعاده لا توصف
جلست هي تفكر فيما حدث وقالت معاتبه نفسها مردده :
- من أمتى ياشمس بتخرجي وتوافقي أن حد يكلمك من أساسه ، اشمعني مازن اللي مش قادره تقوليله لاء عيب كده ميصحش، ليه قلبك كان بيرقص من السعاده لما بس بيبص عليكي، اااه قلبي حاسه أنه هيقف من كتر ما هو سعيد، أوعى تكوني وقعتي ياشمس، أيوه انتي وقعتي ولا حد سمي عليكي... ربنا يسترها وميكنش بيلعب بيكي، ويتسلي بمشاعرك البريئه، يارب يسرلي أمري واللي فيه الخير اقدمهولي يارب
كانت منة جالسه تبكي بحرقه على اخاها وحالته هو وزوجته، وفقدانها لأول حفيد لهم، فدلف إليها كريم بوجهه الحزين، جلس بجوارها على الاريكه ممسكاَ بيده منديلا ليجفف دموعها مردد لها بحب قائلا :
- دموعك دي غاليه اوي عليا يامنة، عشان خاطري، وحياتي عندك بطلي عياط، لازم تقوي مينفعش كلنا نكون منهارين كده، حاولي تقفي جنب حسين ولبنى ، خالتو محتجالك تقفي وتشدي حيلها وتواسيها، كده مش هينفع ياحببتي
نظرت له بعيونها الحمراء من شده البكاء، فازدات جمالا على جمالهما، وقالت هامسه :
- معاك حق ياكريم ماما وحسين محتاجني، وكمان لبنى ربنا يقومها بالف سلامه يارب، بس حقيقي أنا تعبانه أوي أوي ، ربنا يصبرنا يارب
لم يشعر كريم بما فعله إلا أنه اقترب منها وأخذها بين احضانه، فقد كان قلبه يتمزق برؤيتها كذلك، وهي ظلت ساكنه تبكي ب**ت فشتد في عناقها، وشعر باحاسيس لم يشعر بها من قبل، ففاق وحاول جاهدا ابعادها وقبل جبينها بحب وقال :
- هروح أشوف ماما وخالتو، وأنتي فوقي كده وتعالي ورايا
ابتسمت له بحزن وقالت :
- حاضر ياكريم
تركها وبداخله مشاعر واحاسيس كثيره لا بجد لها اي تفسير أو مبرر، فستعاذ من الشيطان الرجيم، وبحث عن والدته محاولا التخفيف عنها بعض الشئ
وظل يسير ويسير على اقدامه ولا يعلم إلى اين ذاهباً، حتى وجد نفسه في نفس مكان الذي فقد ابنه فتمدد على الرمال ناظرا البحر ينظر له نظره الم، ولوم، وعتاب، ببكاء شديد، فكان يقذفه ببعض الحجاره الصغيرة، كأنه يبث له مدى وجعه، كأنها خناجر يطعنه بأعماقه كما طعنه في قلبه على اخذه أعز الأحباب فردد بنبره منبوحه مصحوبه بغل وغيظ مردد قائلا :
- ليه عملت فيا كل كده ليه تسقيني من كأس العذاب والمرار؟ ليه ده إحنا كنا عشره طويله في يومٍ من الأيام ؟ كام مره جيت ليك اشكتيك حزني والامي، وكنت تتجاوب معايا وتسمع شكواي... ليه غدرت بيا؟ واخذت مني أغلى حبيب... هان عليك ابني إياد ده كان بيعشقك أكتر مني... هان عليك تشرب من دمه، وسمكك ينهش في كل حته في جسمه... قدرت إزاي تتخلي عنه...... نسيت شكله اد إيه كان فرحان وسعيد أنه نازل لأعماقك يستكشفك ويتمتع بجمالك، مصعبش طيب عليك وهو لوحده مستسلم للأسماك اللي بتنهش فيه ياقلبي لوحده ..... ليه ضيعت فرحته و**رتني... للدرجه دي أنت قاسي وأنا معرفش ؟ ليه يابحر أنت غدار كده.. سبتني اغوص وأُصارع في بحر احزاني لوحدي أدور عليه وقلبي بيتقطع من جوه، للدرجه دي وصل بيك الحال
"اخذ نفساً عميقاً، ثم اكمل بحده أشد قائلا كأنه شخصاً يوجه له حديثه مردد ":
- إيه مالك ساكت ليه كده، فين صوت أمواجك العاليه الثائره تصرخ معايا تواسيني في احزاني، خلاص ارتويت وشبعت من دم إبني الوحيد اكتفيت وأصبحت بارد برود الثلج،ولا حاسس بالذنب زي إنك السبب في اللي حصله.... ااااه والف ااااه من وجع فراق أغلى الأحباب ، روح منك لله، فوضت فيك أمري لصاحب الأمر ، هو عنده العوض،،، هو عنده العوض.... لقد انتهى الأمر وهذا فراقٍ بيني وبينك... الوداع يامن أحببته وسلب مني حبي الوحيد...
وأخذ يعفر وجه بالرمال في نفس المكان الذي فقد فيه ابنه، وظل يصرخ ويصرخ ويبكي مده لا يعلمها حتى انتبه لعامل بسيط من عمال نظافه الشاطئ اقترب منه وعلى وجهه الحزن عليه، فربت على كتفيه وقال في حنو مردد :
- قوم يابني قطعت قلبي من كلامك، حرام عليك نفسك، كل حاجه مقدره ومكتوبه، انت ليه بتعمل كده في نفسك، ربك رحيم أوي بعباده وبينزل المصيبه وبيلطف بعباده، أنت قول بس يارب اجرني في مصيبتي والهمني الصبر، وعيني على الرضا بقضاءك، وأكيد ربنا هينزل السكينه على قلبك ويكرمك ويعوضك خير ان شاء الله
كان يستمع إليه وقلبه يحترق من شده القهره والوجع، لكن حين انتهى من حديثه، نظر إليه وجفف دموعه وقال له :
- ادعيلي يا حج أنا مصيبتي كبيره أوي واللي راح مش هعرف اعوضه تاني، ربنا ادهولي بعد عذاب سنين حرام ووجع ودكاتره كان ليا إبني، وصاحبي، وسندي وعوضي عن الدنيا كلها، كنت اتمنى يكون عكازي اللي هتعكز بيه في نهايه عمري، كله راح... كله راح في ثانيه.. سابني وراح اعاني وحدتي في بعاده، وذنب فقدانه طول عمري
نظر له وقال متعجباً :
- يابني كله مقدر ومكتوب، خلي عندك إيمان بربنا أنت كنت سبب مش أكتر ، وهو كان كده كده ربنا هيسترد أمانته، وربنا قادر زي ما عوضك بيه هيعوضك بغيره، ده ابتلاء وكون اده واصبر وكن من الصابرين... الحامدين ... الشاكرين لله تعالى في السراء والضراء
نهض ونظر له نظرة شكر وعرفان، فكان حديثه كأنه البلسم الذي طيب جروحه والآمه، فصافحه وبكى بشده بين احضانه، ثم ودعه ببتسامه وشكره على حديثه معه، ثم نظر للبحر مودعا إياه بحزن، وتوجه إلى زوجته مقابلا الطبيب فوجده في حاله لا يرسي لها فقترب منه وسأله عن آخر أخبار زوجته فقال له :
- كان نفسي اطمنك لكن مدام لبنى كاره الحياة، ورافضه كل محاولاتنا إنها تفوق، ولما الغيبوبه طولت، عملنا تحاليل كتير واكتشفنا......