كانت ومازالت الأنثى لغز يحير الجميع وأولها هي !
قالت اثينا وين:
المرأة زهرة الربيع وف*نة الدنيا وروح الحياة.
بينما قال اناتول فرانس:
- المرأة كال*قرب تشُقُّ طريقَها في الحياة بأن تلدغ من يقف في طريقها
و تعددت الاقاويل, وبالنهاية لا أحد يعلم من هي المرأة, ولن يستطيع أحد فهمها.. كما الرجل !
كان يجلس هو على سريره ينظر لها .. يتأملها وهي تعمل على حاسوبها بتركيز شديد.. متسائلاً كم مر من الوقت..!
ثلاثة أشهر منذ أن انفصل عن مريم, وأصبح زواجه من ميرال معروف للجميع, التي أصبحت زوجته علنا..!
هل يمكنه إنكار ذلك الاشتياق الذي يرحل به إلى مريم, والإجابة كانت واضحة وخإلىة من أي تعقيد هو يمتاز به , الإجابة كانت (لا ) هو ببساطة لا يمكنه الإنكار والتملص من ذلك الشعور الذي ينهكه اشتياقاً لها كيف يمكنه ذلك؟ّ!.. ولكنه بالنهاية يهدأ حاله أنه مجرد حنين واشتياق.. ومصيره يهدأ ويزول!
تض*به مشاعره بعنف وتهدر فيه فتؤرقه ولكنه يعود يقنع نفسه أن ذلك ربما حنين وافتقاد لهدوئها ورقتها.. وربما لأنها النقيض من زوجته الحإلىة.. !النارية الطباع والهوي..!
الغامضة بكل شيء كما هو!
خرج من شروده على صوتها الناعم وهي تسأله بنظرات ماكرة :
-بتفكر في ايه
ابتسم وهو يخرج من شروده وينتبه لها, بينما نظراته تتلكأ على جسدها وما ترتديه بتروي شديد حفظته هي وفهمته جيداً, هي أنثى لا تبالغ في إظهار نفسها وبنفس الوقت هي مكتملة بطريقتها الخاصة!
ناوشته ضحكة خافته وخبثه يتجلى على ملامحه وهو يجيبها بطريقة مباشرة تماما دون أي تغيير:
-بفكر في مريم..
لم تكترث للحظة أنه يتحدث بتلك الأريحية ولكنها فقط أهدته نظرة طويلة وانفجرت بعدها بنوبة ضحكة تحت أنظاره الساخرة ثم هتفت بعد دقيقة تقريباً باستفهام خبيث:
-وحشتك..!
تفاجأه ميرال دائما فبرد فعلها تسدد له حقيقة عدم اكتراثها بأي شيء!
استقام من نومته ب**ل جالساً على السرير متحدثاً بنبرة شاردة وذكريات حياته مع مريم تهاجمه بضراوة فيتجاهل ذلك الألم الغريب الذي ينتابه:
-ساعات بتوحشني.. وساعات ضميري بيأنبني عشانها..
أمالت رأسها تمط شفتيها .. تصطنع التفكير وهي تردف بنبرة ماكرة وهي تضع حاسوبها على المنضدة جانبها وهي تستقم من مكانها تقترب منه بخطوات متأنية تعانق نظراته وتحتل عبثه:
-اه منكم يارجالة.. عاوزين كله معاكم في ايد*كم..
توقفت عن الحديث عندما وصلت أمامه مباشرة ترفع يدها تلمس بشرة وجهه مكملة بنبرة ممطوطة:
-متنكرش انك كنت عاوز مريم معاك برده..
ابتسم لها ملوحاً بيده بالإيجاب فيمسك يدها بقسوة مقصودة يعطيها الحقيقة بطريقته الخاصة:
-الحقيقة اه.. تخيلي واحدة ناعمة ومطيعة.. !
ثم شملها بنظرات وقحه اعتادت عليها ولا تكترث لها خاصة وهو يقول :
-وواحدة ناعمة ونار..
رمشت بأهدابها قائلة ببحتها المثيرة وهي تشير إلى نفسها:
-انا النار طبعا.. صح..
هز رأسه دون حديث يوافقها على حديثها بنظراته فقط.. ثم أكملت هي تعرض حقيقة أخرى باتت تؤمن بها:
-بس احنا معملناش حاجة حرام.. انت من حقك إلى عملته..
وافقها بهزة رأس ثم قال وهو يقف يعانق نظراتها بإهتمام:
-احنا صحيح معملناش حاجة في الحرام جوازنا صح.. بس عملنا حاجة واحدة حرام..
سألته بنظرة تحمل فضول لما قد يقوله:
- ايه هي..
ابتسم لها وهو يردف بإجابة تعرفها جيداً , إجابة كانت تؤمن بها يوماً ما كما هو أيضا ولكن الآن باتت منطق عابث لا يليق بهم:
-عملنا جريمة في عرف الحب والمشاعر إلى بتؤمن بيهم مريم.. وده حرام
تفهمته جيداً بينما لم تضف أي كلمة على حديثه , تؤمن بوجود كيمياء عقل كما الجسد بينهم!, هي تفهمه جيداً دون إحتياج لتوضيح يذكر!
.. يامن الرجل الذي أثر تفكيرها بطريقته الخاصة وفلسفته عن الحب والهوي..!
تلك الفلسفة التي لائمتها هي الأخرى! عقدت حاجبيها فجأة ثم أردفت باستفهام وفضول بينما تبتعد عنه وتجلس أعلى المقعد المجاور للسرير :
-بس مقولتليش مين شهر زاد في الحكاية.. انا ولا مريم..!
ضحك بصخب بعد سؤالها, يراها غ*ية في تلك اللحظة..!
توقف عن الضحك واتسمت ملامحه بالغموض كما نظراته, واقترب منها بخطوات بطيئة بعد أن هب من جلسته متحدثا بخفوت مثير للرهبة بعض الشيء وأثار بداخلها توجس خفي:
-صدقيني في عرفي انا شهر زاد لازم تموت.. عشان كده ولا واحده فيكم هي..
شعرت هي أن هناك أخرى من قبل مريم حتى فكلامه نابع من جرح قديم.. وهي من يعلم ذلك جيداً! فهمست تتابع فضولها:
-وياتري امتي هتلاقيها عشان تموت..
كان قد اقترب منها مشرفا عليها بطوله بينما هي جالسة يخبرها بطريقته مما قد يشبع فضولها ويخيفه بنفس الوقت:
-مانا لقيتها.. لقيت شهرزاد..
نظرت له بتخوف ظهر له فيمد أنامله يلمس وجهها مكملاً بنبرة باردة يزيد من فضولها وخوفها في آن واحد:
-عارفة هي فين..
نفت برأسها والرهبة تحتلها.. ليجيب هو ببرود أكبر وطريقة غامضة أكثر:
-ماتت..!
أرادات أن تكمل فضولها وتسأل ولكنها لم تفعل ذلك, لم تسأل ولم تطاوع فضولها , هي الآن تشعر أنه رجل مظلم دواخله قاتمة وللغاية..!
فالتزمت ال**ت..!
هي تعلم جيدا متي تكمل ومتي تسأل.. ومتى يجب أن تتوقف!
حاولت هي أن تتحرك من مكانها تبتعد عنخ وعن نظراتها وإحتلاله الغامض, . ولكن أصابها دوار جعلها تترنح للخلف مما جعل يامن يمسك بها مسرعاً وهو يهتف :
-مالك ياميرال..
امسكت برأسها هامسة بتعب حقيقي:
-مش عارفة مالي.. مش عارفة..
ابتسم هو بتكاسل يهتف بنبرة مرحة:
-اوعي تكوني حامل..
ابتسمت وهي تهتف بنبرة جاهدت أن تخرج مرحة رغم الألم:
-مانا قلتلك قبل كده انا سبب طلاقي الاول ان مش هخلف..
هز رأسه دون إكتراث ثم قال بنبرة جادة:
-يبقي لازم تروحي للدكتور..
وافقته بإيماءة خفيفة بينما هو يلتقطها.. يحملها بين يده هاتفا بخبث غير مبالى بحالتها:
-شهريار عاوزك..
تعلقت برقبته تتجاهل تعبها بالكامل قائلة بمرح متناسية ذلك الدوار الذي يداهمها:
-وانا تحت امر مولاي..
وانتهي اللقاء بقبلة على شفتيها تعددت وتناثرت هنا وهنا.. !
يجردها ويتجرد معها من قوانين الفلسفة والمنطق الخاصة بالحب !
يخضع معها لكيمياء الجسد التي تتناغم بها علاقتهم , والنهاية ينضم هذا اللقاء إلى ما مضى..!
**************
هل فقدت جنينها ..؟..!
أغمضت عينيها بقوة علها ترى شيء آخر وواقع آخر , ولكنها لم تجد سوي جسدها الراقد أعلى سرير بغرفة بإحدى المستشفيات وتلك الرائحة التي تكرهها تتشبع بها , تلك الرائحة الخاصة بالبنج من ملابسها وروائح الغرفة بأدوات التعقيم!! لتغمض عينيها رافضة كل شيء!
أما خارج غرفتها كانت تجلس فريدة بأعين دامعة علي ما حدث لمريم !
الوجوم يرتسم على ملامحها يرافقه الصدمة والألم المتغلغل داخلها!
فمنذ ساعات فقط ساعات كانت البسمة المرتسمة على وجه مريم كفيلة بنشر التفاؤل والراحة في النفس , ابتسامتها كانت تخبرها وتخبر الجميع أن تلك الرقيقة تمتلك العالم!
اتكأت على ركبتها ثم دفنت وجهها بين راحتي يدها وذكريات ما كان من ساعات لا يرحمها ولن يرحمها !
يا الله لقد كانت تكاد أن تقفز من شدت فرحتها عندما علمت بخبر حملها.. فكيف ؟ كيف انتهى كل هذا في غمضة عين ؟ كيف؟!
اهتز جسدها وعندها لم تستطيع أن تكتم نحيبها الذي ابى ال**ود أكثر من ذلك , فأقترب منها غسان المراقب لحالتها وتقلباتها وهو هنا أكيد بما تشعر به فهي على أي حال انثى شفافة يسهل التوقع بها , كان يقترب بخطوات متأنية وما إن وصل عندها تأملها قليلا ثم جلس بعدها على المقعد المجاور لها هاتفا بجمود يخالف تلك الأعاصير الغاضبة جراء فعلة يامن وخسارة مريم لجنينها وكأن ذلك الفقد وذلك الطفل يخصه هو, فمريم ورغماً عنه يضعها بمكانة ابنته وأخته!:
-خلاص يافريدة اهدي..
جمد جسدها للحظات , لحظات سيطرت فيهم على حالتها المزرية والتي قد تظهر لهذا القابع جانبها أنها بعض المشاعر الغير هامة بالمرة ! رفعت نظرها له قائلة بنبرة حزينة محملة بالكراهية بعض الشيء يشوبها العدائية :
-منكم لله.. دمرتوها حرام عليكم..
صدمه اتهامها إنها تحمله ذنب مريم و الذي لا يملك فيه أي ذنب , فالع** هو يحب مريم كش*يقته, لطالما احب تلك الرقيقة التي دخلت منزلهم عروس لأخية..!
ولا يمكنه أن يساعد في تدميرها , لقد حاول صدقاً حاول أن يخبرها بالحقيقة مرات عديدة ولكن هو خاف أصابه القلق ماذا لو انهارت وما استطاعت التحمل؟!
ليأتي بالنهاية الاعتراف من أخيه وبأكثر الطرق خسة ودناءة علمت الكثير بل علمت أكثر مما قد تتحمله روحها الهادئة .. المسالمة!
غضب من فريدة واتهامها ألا يكفيه ما يدور بداخله من انفعالات تتكالب على قلبه وجسده حد سواء!
وحينها هدر بنبرة غاضبة عالية ولكنها كانت رغم الغضب والصراخ .. رغم كل شيء كانت النبرة تقطر مرارة لما حدث:
-انا ذنبي ايه.. قوليلي ذنبي ايه.. انا قلتله يعمل كده!
ابتعدت عن محيط نظراته المخترقة لها فأكمل هو بنبرة معذبة :
-مريم دي أختي.. بنتي.. ولو يامن مش اخويا كنت أذيته! يبقى ذنبي ايه
كلماته الأخيرة لم تهدئها واجابتها كانت استقامتها من موضع جلستها فتقف أمامه , غير قادرة أن تشعر به , هاتفة بعصبية وصوت عالي بعض الشيء مراعاة لكونها بمشفى فتعرض أمامه حقيقة تراها ومترسخة داخلها الآن:
-ذنبك انه اخوك.. نفس الدم بتخونوا..
كان يطالعها بتعجب خاصة عندما أشهرت أصبعها بوجهه أمام نظراته التي تحولت من العجب لاستنكار مدمج بصدمة تشير إليه فتخرج الكلمات التي تقتلها هي فتؤلمه هو وهو النادم هنا:
-انت اتجوزتني علي مراتك ولا نسيت.. مستنكر عملت اخوك ليه..!
أصابته الصدمة من قولها وهي محقة بنصف ما تقول أما النصف الثاني هي تجهله كما الجميع ألا وهي حقيقة علاقته بريتا, انفجارها كان فوق طاقته الآن تحديداً ولأول مرة يراها بتلك الطريقة , هل تراه خائن..؟!
لا هو لم يخن هو.. هو لا يعلم شيء..! هو في تلك اللحظة عبارة عن بعض المشاعر المنهكة ولكن يجب عليها الاحتراق وال**ود!
و كم اراد منها في تلك اللحظة الذي يعاني فيها من شدة الانهاك أن يجذبها لأحضانه ينشد راحة..! أليس من حقه بعض الراحة..!
بعض فقط!
وهي قادرة أن تمنحه ذلك دون مقابل.. جاهد بصعوبة أن يقترب منها رغم كل ما يحثه على الاقتراب والتنعم ببعض الراحة !
ولكنه التزم ال**ت .. التزم الجمود.. التزم بقناع البرود الذي يجيد ارتدائه كما باقي عائلته!
الأفكار تدور داخلهم تعذبهم وتؤلمهم حتى خرج الطبيب هاتفا بنبرة عملية :
-المريضة فاقت تقدروا تدخلوا لها..
ما إن القى بكلماته حتى تخلت فريدة عن جمودها وغضبها تهرول إلى الداخل وخلفها مني بينما يتبعهم غسان بخطوات بطيئة تريد التهرب بنظرات ممتلئة بالذنب ..!
أما رجل الحدث الخائن !
البائس!
الملوث بلعنة الف*نه ! والمغامرة!
كان يجلس بسيارته أمام باب المستشفى حائراً يتذكر صورتها وهي تنهار ..
تبكي ..
تصرخ.. تستجديه أن يكذب ما سمعته من حقائق فوق طاقتها أن تتحملها هكذا ببساطة!
ثم يأتي مشهد سقوطها الذي لن ينساه ولو طال الأمد! وطفله !
وعند ذكر طفله يزداد عذاب ضميره الذي لا ينفك يذكره بفعلته وبشاعة كل ما حدث يواجهه , تن*د بصوت مكتوم اراح رأسه للخلف متسائلا ما القادم مع مريم تلك الأثنى الخانعة له..! الذائبة بخطوط دربه المظلم ف*نيره هي!
مريم الرقيقة الحلوة المعشر , التي لم ترهقه يوما .. بل إنها فقط كانت كالطيف تعطي دون مقابل.. تمنحه نفسها دون قيد أو شرط...
ولكن هنا تتجلى أمامه حقيقة وسؤال ملح يهاجمه (هل خسر مريم؟......!)
السؤال نفسه كان مخيف فترجل من سيارته معتقداً وممنياً نفسه أنه ربما ببضع كلمات قد يرضيها , وينسيها كل شيء.. كما الماضي والذي كان بالأمس!
تفكيره كان وكأنه مثلا غير مذنب.. ولكن منذ متي يرى الرجل نفسه مذنبا, ويامن ما هو ألا رجل تشابه معهم .. ليس إلا!
داخل غرفة المستشفى كانت نائمة شاردة تستمع الى بضع كلمات من فريدة والتي كانت وكأنها قادمة من بعيد فتسمع صداها وهي تواسيها قائلة بحنان ويدها تربت عليها:
-بكره ربنا يعوضك يامريم.. العمر قدامكم لسا طويل..
التفت لها بعد ما قالته وابتسامة هازئة ترتسم فوق محياها .. !
بالإضافة إلى تعبير ساخر علي وجهها... لتهتف بأولى كلماتها منذ آن دخلوا لها :
-عمر طويل مع مين..؟
لفظت السؤال ولم يجاوب احد بل التزم ثلا ثتهم ال**ت (غسان . فريدة , منى)!
فتكمل هي بألم وجرحها هو ينزف ويخبرهم بوجوده وصعوبة علاجه وهي تخرج الكلمات بعذاب :
-مع يامن مثلا..!
قالتها بلهجة باترة لأي حديث آخر رغم العذاب والألم.. تخبرها أن الواقع الوردي لحياتها قد ولي وذهب وربما إلى غير عودة..!
او ربما هي تخبر نفسها هي تؤكد لحالها أن زواجها انتهي ولو بعد حين..! لاعودة ولكن ذلك الخافق ما زال ينبض له!
في تلك اللحظة تخيلته داخل عقلها بملامح واجمة لا يظهر على ملامحه أي مشاعر او انفعالات تخيلته بارداً لا يأبه بفقدانها لصغير تكون في رحمها, مما جعلها هنا تنفره.. ولكن القلب يخفق ويتمرد !
وهنا كان السؤال والمواجهة هل حقا تنفر منه استفهام دار بداخلها فلم يرحمها لا ال*قل ولا القلب !
وحقيقة فقدانها للجنين جعلها تدرك أنها خسرت بل ربما انتهت فكانت شهقاتها هنا اعلى يتبعه انهيار صاخب!
بينما هو كان يقف بالخارج يستمع للحديث من أوله وشعور لا يعرف ماهيته يقتنصه ويقتص منه ذنب مريم , ذنبها الذي ربما لن يقبل التوبة , كاد أن يدخل فيواسيها ويشاركها الفقد لطفل لم يشاء الله أن يبقى ..
أن يحتويها هي تستحق الخير مريم زهرة خير وتستحق الخير!