الفصل تالثامن
يأتي النهار أحيانا ملبد بالغيوم, لا يحمل معه بشرى .. !
بل يحمل صدمات تقتلنا ..
تنحرنا..
تذهلنا ...
وتفاجئنا ..!
استيقظ من نومه شاعراً بثقل في رأسه, وكأنه يدور في حلقة دائرية مفرغة لا نهاية لها, هز رأسه ثم فتح عينيه بصعوبة غير قادراً على مواجهة الضوء فأغمضهما سريعا حيث يستوعب ما يحدث! فتحهما مرة أخرى ببطيء ثم
حاول أن يستقيم من مكانه إلا أنه شعر بيد ناعمة ترتاح فوق ص*ره العاري بأريحية تامة وكأن هذا هو مكانها الطبيعي..!! تشنج جسده
ولم يشعر بشيء للحظة..!! وكأنه انفصل عن العالم!
ولكنه بعد ثواني استدار فزعاً وهو يستوعب ما يحدث..!
يستوعب ما يدور حوله, يتذكر الأمس وما حدث به..
يراجع مشاهد الأمس حينما ارتشف من الخمر للمرة الأولى في حياته , يتذكر ذلك الكأس المحرم والذي تلاه العديد والعديد من الكؤوس تجرعهم بشرود وتيه وصورة فريدة تسيطر على عقله أكثر فيشرب أكثر..
يتذكر ضحكتها ودلالها .. رقتها ونعومتها.. خجلها وقوتها..
فتض*به الحقيقة بمرارة الفقد فيشرب ويشرب عله يغرق أو يتوه..
بل لعله ينسى! ويموت..
هز رأسه مرة أخرى وهو يتذكر فريدة وهو يحملها إلى شقته الذي يتشاركها مع صديقه بالعمل..
يتذكر قبلاتها وقبلاته , تجردهم من المنطق والوعي حتى أصابه الغرق معها ..!
ولكن الأمس لم تكن به فريدة ,بل كانت الش*يقة لها نورا..!
ألقى نظره حوله مرة أخرى يبحث عن كذبة ما بتلك الذكريات ولكن عبثاً فلقد وجد ملابسه متكومة على أرضية الغرفة وبجانبها ملابس يعرفها جيداً!! ملابس نزعها هو بنفسه!
التفت للجسد النائم مستكينا جانبه , وبداخله يبتهل ويدعوا للمرة الأخيرة أن يكن ذلك مجرد خيال مريض أ**د يهاجمه بضراوة قاتلة !,ولكنه وجدها بجانبه تنام.. !
غافية.. !
مستكينة..!
بعالم اخر..!
وخصلاتها السوداء تحجب عنه ملامحها الشبيه بش*يقتها..!!
بينما أشعة الشمس المتسللة لغرفته على استحياء تداعب ما ظهر منها..!!!
وعند تلك النقطة اتسعت عينيه فزعاً بعد أن أستوعب ما حدث, وبالنهاية حدث مالم يتخيل حدوثه يوماً, بل لم يتخيل في أسوء كوابيسه أن يستيقظ يوماً فيجد نورا بجانبه عارية..!
وهو أيضا...!! لقد وقع في لعنة الخطيئة و يا لها من لعنة!
انتفض من مكانه بعد أن أزاح يدها المستريحة على جسده ثم ارتدي سرواله بعد أن التقطه من الارض سريعاً وهو في حالة مصدومة..
شاحبة..
متوترة..!
نادمة..! فالأمس كان هو موسى واليوم هو موسى والذنب!
خرج من غرفته ببطيء في محاولة منه أن يستوعب ما يحدث..!
يجاهد في معرفة ما كان بالأمس.. يتساءل إلى أي حد وصل هو! ورغم كل الدلالات , رغم كل العلامات.. الصارخة به هادرة:
-لقد وقعت بالخطيئة..!
في تلك اللحظة الذي كان يعاني فيها من عذاب لعين وجد صديقه يفتح باب الشقة الذي يتشارك بها معه..!
يخطو للداخل بخطوات هادئة.. مدندناً بصفير غريب .. ماكر., ثم يغمزه بشقاوة وعبث خبيث..! ,قائلا بنبرة بانت لموسى متدنية وضيعة, نبرة جعلته يود لو يتقيأ ما بجوفه من دلالة كلمات صديقه:
-ايه ياوحش.. ليلة انبارح كانت عاملة ايه..!
توتر, ألم رهيب يجتاحه , يهمس بداخله يستنجد بربه .. بين صرخة تناجي خالقها وصرخة تخبره بالخطيئة..! تضع أمامه حقيقة ذنبه العظيم, تجلده وتسأله باتهام أين كان الله بالأمس؟
رفع نظره إلى صديقه بصدمة هاتفا بتوجس , ومازال على أمل أن ما حدث سراب ولكن ما يتمناه كان هو السراب والوهم:
-قصدك ايه يا مروان..؟!
هز مروان كتفيه.. !ببرود ولا مبالاة.
يرمي قلادة مفاتيحه الشخصية على المنضدة قبل أن يجلس على أريكة تتوسط الشقة.. هاتفاً وهو يخرج من جيبه لفافة تبغ يشعلها بهدوء تام, :
-قصدي ايه في ايه...انت جيت انبارح سكران طينة.. من امتي بتشرب ياموسى؟!..والأهم من ده كله..عرفت منين نورا الشيخ..؟!
**ت مروان قليلا ينفث الدخان من فمه , رافعاً نظره إلى موسى يغمزه متحدثا بنبرة ساخرة:
-ده انت نمس بقي!
مازال كما هو في طور الصدمة ,فهز رأسه بعدم استيعاب هاتفا بتوتر ونبرة متقطعة:
-انا مش فاكر حاجة .. فكرني..
حدق به صديقه لثواني قليلة قبل أن يجيبه بنبرة متعجبة!:
-انت جيت انبارح سكران ومعاك نورا..ودخلت اوضتك..
**ت قليلا ريثما ينفث الدخان من فمه ليكمل بعدها:
-انا مرضتش اتدخل في النهاية انت حر ..!
باغته موسى بنبرة متسائلة .. هادئة, تناقض ذلك الضجيج العالي بداخله:
-انت تعرف نورا منين يامروان..؟
قهقه صغيره ساخرة.. ص*رت من صديقه وهو يض*ب براحة يده الأخرى .. يهتف بنبرة حاقدة بغيضة:
-نورا تبقي البنت إلى قلتلك عليها.. إلى خلتني اخسر صاحبي كانت بتحبنا احنا الاتنين في وقت واحد .. وعادي يعني ده كانت بتعمل كده مع الكل..
يشعر بشيء غريب, يشعر بدوامة فهمس :
-قصدك ايه!
اجابه مروان ببساطة ,يعرض له حقيقه لا يعلمها موسى:
- قصدي انها كانت ترسم عليك الحب.. بعدين اول ماتعرف إنك ماتقدرش تستغني عنها.. تسيبك..
شعر بدوار , فكل ما يحدث اليوم غريب وأكثر من أن يتحمله ,هبط موسى على اقرب مقعد عله يستريح.. ولكن كيف ؟!, وما شتته و وضعه في حيرة اكبر نورا...!
غمغمة من صديقة اثارت بداخله غضب:
-انت مقضيها معاها من زمان
وهنا هب من مكانه هاتفاً بعداء غير مبرر له شخصياً وبكلمات مقتضبة جعلت أعين صديقه تجحظ من الصدمة..:
-نورا مراتي يامروان.. اتكلم عنها كويس..
ولا يعلم لما قال تلك الكلمات لما..؟
إلا أنه أردف بنبرة إتهام:
-وانت يامروان لما لقتني سكران وهي معايا.. ومتوقع إلى هيحصل.. ليه ممنعتنيش..
**ت دام لدقيقة وربما أكثر قبل أن يجيبه موسى بنفسه:
-بتنتقم منها.. صح..جيت دلوقت بدري عشان تشوفها وتعريها صح..
ابتسم له صديقه بسخرية هاتفا بتهكم:
-هي مش مراتك برده
وأنهى حديثه بابتسامة ملتوية...!
ورغم توتر موسى .. استقام من مكانه مدافعاً عن نورا.. قائلا بنبرة غليظة:
-كاتبين كتابنا بس..
**ت تام أصاب صديقه, فهز موسى رأسه بأسي وأسف.. وشعور ندم مختلط بصدمة من نورا..! الفتاة التي أصبحت بيده امرأة بدون إثبات.. بدون رابط شرعي, بل الأمر مجرد خطيئة..
ومن بين كل النساء يقع الخطأ مع ش*يقة الحبيبة... فريدة..!
استقام من مكانه قاصدا غرفة نورا مغمغما لصديقه من خلفه بجفاف..:
-معلش بقي يامروان ممكن تسيب بس الشقة ساعة كده.. عشان مراتي بس..
وبكلماته الاخيرة وصل التحذير لصديقه الذي استقام من مكانه هو الاخر مغادرا الشقة وب**ت..! امتثالا لرغبة صديقه ,تاركا في نفس موسى سؤال يضاف مع باقي الأسئلة.. هل هي انثي لعوب..؟!
هل هو أول رجل..؟!
دخل إليها بعد رحيل صديقه ليجدها مازالت نائمة وبعمق .. أثار تعجبه..!
فاقترب منها رادفاً بنبرة جامدة :
-اصحي.. نورا يلا اصحي..
تمللت بنومها ترمش قليلا.. تستوعب ما تعلم جيدا أنها قد تصحو عليه..!
ولكنها وللمفاجأة تفاجأت ..!
انصدمت.. !
الامر خرج من يدها تماما..!
هي لم تريد ذلك.. إطلاقا ولكن..!!!
كان يتأملها ويتأمل صدمتها وتلك الدمعة الحزينة المتمردة المصدومة .. ولكنه لم يأبه لها اطلاقا.. بل نظر لها بغموض هاتفا بنبرة جامدة:
-البسى بسرعة..
القى كلماته وخرج دون أن يلتفت إليها تاركا إياها خلفه بوجه باهت.. شاحب.. وكصدمته كانت هي أيضا...!
بعد فترة قصيرة كانت قد ارتدت ملابسها بشرود .. وطور الصدمة يغلفها تماما..
خرجت لتراه يرمقها بغموض قبل أن يشير لها أن تتقدمه للخروج من باب المنزل هامسا:
-يلا.. النهارده فرح اخوكي..
ثم رمقها بسخرية وهو يقول بنبرة لم تلتفت لها:
-ولا نسيتي.. شكلك بتنسي..
بعد فترة , في الطريق إلى القاهرة كانت تنظر إليه تارة.. وإلى الطريق من النافذة تارة أخرى..
تتصارع بداخلها العديد والعديد من الأسئلة..
كيف تركت نفسها لتلك المرحلة, رغم كل شيء هي لم تقصد؟!
هي فقط ارادت توريطه بها ولكن لم تحسب نهاية الأمر بتلك الطريقة أبدا..!
وسؤال آخر دار بداخلها ..كيف يراها موسى الآن؟!
ووسط دوامة اسئلتها التي لم تتركها ,ودون أن تشعر كانوا قد وصلوا إلى القاهرة.. إلا إنها عندما انتبهت ونظرت حولها أصابها التعجب فهمست متسائلة:
-احنا فين
خرج من سيارته مشيراً لها أن تخرج , فالتزمت بأمره لتجده يقف بجانبها مشيراً إلى أعلى هاتفا بنبرة ساخرة دون النظر إليها :
-احنا هنطلع عند الدكتورة دي.. عشان نعرف انا اول واحد.... ولا...!!
وبنهاية حديثه .. شعرت بثقل ..
تمزق..
امتهان لها..
حسرة..
هي انتهت والبداية إعدام
والقاضي أص*ر الحكم
**********************
هل المرأة مص*ر كل شر و ربما المرأة تغلب الشيطان..!
والعديد و العديد من الجمل الشهيرة بنفس المعني.. فالمرأة هي دائما وأبدا مص*ر كل الشر..!
المرأة إغواء..
خبث متواري..
وخطيئة قائمة..
ونسي الجميع أنها من أنجبتهم..!
كان هو يتأملها وهي ترتدي فستانها الاسود الذي اختاره لها ..
فستان يحتضن جسدها برقة ونعومة ,يشبهها .. هي ..
ولا سواها..
يتأثر بها.. أم أنه يتوهم وهمس سريع بصوت أبح باسمها الفريد كصفاتها ..:
-فريدة..
التفتت له تتحاشي النظر له .. هي بالكاد تتحمله ..فبادلته الهمس بهمس خافت:
-نعم..
و هنا كان اقترابه السريع بحذر, بداخله يريدها ولكن بمنطق رجل وأنثى, ألم تكن تلك هي القاعدة المعروفة ..!
كان يرمقها بغموض بينما هناك جرس انذار يدوي بالمكان..
وبداخلها صخب..! من نظراته
وزحام..! من هيئته
غضب وقلق من قربه ..!
كان يتأملها وهي تداري نفورها منه ومن قربه ,فلامس خصلاتها وهو يستعيد قسوته هامسا بنبرة متسلطة:
-مبسوطة إنك هتحضري الفرح..
وبنفي هزت رأسها قائلة بخفوت وهي تحاول أن تبدو قوية:
-مبسوطة لاني هشوف اهلي.. مش اكتر..
انهت حديثها ,ولا يعلم لما شعر أنها تريد رؤيته.. الحبيب السابق.. وربما مازال..!!
فجذب خصلتها التي تلتف حول اصبعه.. فتتأوه هي .. وتحبس الدموع بصعوبة , خاصة حينما همس بنبرة قاسية:
-عاوزة تشوفيه.. عاوزة تشوفي موسى..
موسى .. هي لم تتذكره خلال الايام الماضية.. هل نسته..! لا لا .. هي تحبه , ومازالت !
ولكن هل الشيطان الماثل أمامها استطاع أن يتلاعب بها وبدواخلها ...وبمهارة صياد يقتنص عقل فريسته قبل جسدها..!
حرب نفسية يشنها عليها وبمهارة ينجح ودون أن تشعر فنست.. ! ,ولكن الان تذكرت وتود لو تبكي..
حقا تبكي..
وبكت!!!
بركان ثائر بداخله عندما شاهد انهيارها أثر ذكر هذا البائس..! وإن كان لا يحبها فهي زوجته ولا يجوز لها التفكير في شيء .. لا يجوز لها التفكير إلا فيما يريد هو..!
فكان الرد صفعة.. !
لم تؤلمها بل لم تشعر بها, بينما هو يمسكها يجرها أمام المرآة ,فيكمل هيمنته وسيطرته وهو يلف حول عنقها عقد ماسي.. قائلا بغطرسة:
-ال*قد ده يليق بمرات غسان ابو العزم حتي لو كانت طروادة ..فاهماني ياديدا..
بقى مكانه يتأمل صورتهم سوياً في انعكاس المرأة لهم ,ثم ابتعد عنها مكملا حديثه بغطرسة يزيد من اذلالها ربما:
-انا همشي عشان ابقي مع مراتي وبناتي..السواق هيجيلك ويوصلك سلام..!
وتركها خلفه تود لو تموت , ولكن حتى تلك الأمنية بعيدة عنها تماما..!
******************
عندما تنتقم تثبت أنّك مثل عدوك.. وهو على أتم استعداد أن يشابه عدوه..!
العدو أدخل النساء في دائرة الانتقام, فمرحبا لا يمانع وهو أيضا سيقترب.. وينتقم..!!
والاخت بالأخت..
كما العين بالعين...
ولو صار العالم اجمع... أعمى..!!
كان يقف مبتسما بأناقة في حلته السوداء.. وسيما.. كعادته ..!
ينتظرها وهي تتهادي هابطة الدرج متأبطه ذراع ش*يقها الاكبر, ترتدي فستان ابيض.. حلم كل فتاة لم تحظي به ش*يقته...!!
هذا الفستان كان حلماً لها, تذكرها الان عندما كانت تتحدث معه بانبهار عن فستانها الذي ستختاره يوماً ..! وهي تزف لموسى , وعند تلك النقطة اشتعلت النيران بداخله أكثر وأكثر ولو يملك شيء لفتك بالجميع من حوله..
وها هو يتسلمها من ش*يقها الذي كان يهمس له بكلمات يظنها البعض كلمات توصية ولكنها كانت تحذير..
وعيد..
..تهديد!
-مش لازم انبه عليك.. نيرة لو مستها بأي حاجة تضايقها.. مش هيكفيني عيلتك تتشرد المرة دي
وبابتسامة بارده ارتسمت على ملامحهم سوياً وايماءة صغيرة بالرأس انتهي اللقاء القصير..!
وفي المكان المخصص لرقص العروسين ضغط هو على يدها المستقرة براحته.. هامسا لها وهم يتراقصون:
-مبسوطة يانيرة هانم..ايه رأيك في الفرح.. شايفة انك تستاهليه..
رفعت نظرها له تحاول ان تتخلص من يده الملتفة حول خصرها بقسوة بطريقة تؤلمها هامسة:
-قلتلك متكلمنيش كده حرام علىك بقي..
والاجابة كانت نظرة قاسية .. حادة , انمحت فجأة وهو يلمح من بعيد.. صديقة ش*يقته فريدة...
الجميلة التي تمناها له...(أثير)!!
اثير رمز النقاء كش*يقته.. حبه وعشقة المتواري بخلجات قلبه..
منتظراً الظهور في وقته المناسب.. فقط نظرات .. ابتسامات
وضحكات..
ووعد انه يعشق وينتظر الفرصة..!!
نظر لها بألم..
حب..
أسف..
وبادلته هي النظرة.. أسف وعتاب..
ونهاية الامر..! أشاحت بوجهها بعيداً..
وبعيدا وقفت نورا بجانب موسى تتذكر ما حدث في هذا اليوم...!
بعد دخولهم إلى غرفة الكشف بعيادة الطبيبة النسائية..!
فهمست له تستجديه.. تستعطف قلبه بنبرة باكية:
-موسى بلاش كده.. بلاش..
والرد قاسي جاحد يخرج من شخص اخر.. هذا ليس موسى الرد كان خنجراً يغرز بداخلها يقتلها ويتركها نازفة:
-خايفة من ايه.. من حقي اعرف انت كنتي بنت ولا لا.. عشان لو بنت هنتجوز.. هبقي راجل واتحمل الغلط..بس لو....
توقف عن الحديث ثم أكمل بنظرة دونية :
- مش عاوز اشوفك تاني..
والآن هي تقف بجانبه .. بعد ان اخبرته الطبيبة بما يريد..
سيتزوجها..
ويمقتها ..
يحتقرها..
يقتل قلبها..
دائرة وتدور كما فعل مازن بنيرة.. سيفعل موسى.. ويفعل غسان بفريدة.. وربما كريم ايضا.!!! دائرة الجميع بها سيدفع الثمن..!
وهكذا كان الانتقام, حلقه سوداء تستنزفنا وتغرق الجميع داخل محيط الفقد!
*****************
وفي جانب آخر تقف بجوار زوجها يامن تتأبط ذراعه تتأمله بحب ..!
وليتها تعلم كيف تصل لقلبه.. كيف تحظي بنظرة عاشقة منه.. كيف.؟!
.كانت تهم بطلب الرقص برفقته.. إلا إن صوت ما أوقفها... :
-مريم.. عاملة ايه ياروحي..وحشاني..
رفعت نظرها لصديقتها فابتسمت لها بود هامسة بنبرة ودودة يتخللها ترحاب:
-ميرال وحشاني اوووي...مبسوطة انك جيتي
وبعناق خفيف تبادلوه, كانت ميرال ترسل ليامن نظرات إعجاب ص**حة.. !! التقطها هو جيداً.
ابتعدت عن مريم الحمقاء كما تصفها دوما.. تمد يدها ليامن الذي بادر لها مرحبا, وبنظرات لامعه تنبئها انها ربما ستنال المزيد:
-اهلا ياميرال عاملة ايه.. منورة الفرح..
هزت رأسها ترسل إليه ابتسامة عابثة فهمها هو ولكن تصنع الع** فاطلقت ميرال ضحكة خافته قائلة بنبرة خبيثة لم تلاحظها مريم:
-ايه يامريوم مبترقصيش مع يامن ليه..؟!
وقبل أن يأتي الرد من الأخرى أكملت ميرال بتبجح لم تعترض عليه مريم:
-مريم هخ*ف منك جوزك ..هرقص معاه حبه
ثم **تت قليلا متصنعة الاسف المخلوط بزيف البراءة:
- انا عارفة انك مبتعرفيش ترقصي
**تت مريم ثم اومأت بتوتر وبابتسامة مهزوزة اجابتها:
-طبعا.. انا اصلا مليش في الرقص اوي انت عارفة..
والنتيجة كانت تقف تراقبهم من بعيد يتراقصون سويا.. وميرال بارعة ,دوما كانت بارعة وجذابه.. تخ*ف الانفاس وتحبسها..! بل والأدهى تتلاعب بها..!
بعيداً في حلبة الرقص وهو يتمايل معها ..يلف يده حول خصرها.. بينما هي تهمس بخبث :
-مراتك مش بتغيير عليك ولا ايه؟
رفع إحدى حاجبيه بدهشة من جرأتها وبابتسامة جانبية ارتسمت على فمه أردف بتساؤل:
-ليه بتقولي كده
هزت كتفها قائلة ببساطة وهي تتمايل معه ببراعة:
-ابدا عادي أصلها سابتك ترقص معايا
ضحك بخفوت قبل أن يجاوبها بحقيقة هو أكيد منها:
- مايمكن واثقة فيا..
ثم أكمل بنبرة متلاعبة:
-وبعدين انت صاحبتها..
اطلقت ضحكة مثيرة وهي تتلاعب بمقدمة قميصه,..هامسة :
-بتحبها..
وبنبرة مستمتعة .. متسلية قال:
-ليه بتسإلى..؟
وإجابتها كانت نظرة واعدة.. جريئة وإجابة أكثر جرئة :
-اصلك عاجبني..
ثم أكملت سريعاً بسؤال آخر متجاهلة دهشته:
-سعيد معاها..
ورغم أنه يجب أن ينهي الحديث.. يزجرها يبعدها.. ولكنه تمادي ببساطة الأمر يعجبه, فأجابها بنبرة باردة:
-مريحاني.. بسيطة.. شفافة...
ثم شملها بنظرة يقصدها :
-فاهماني...
وعند تلك الكلمات اشتعلت نارا مستعرة بداخلها.. كلمات ترددت على مسمعها من قبل عندما عشقت لأول مرة...
وبنبرة حاقدة أخفتها بمهارة:
-بس مريم ضعيفة.. رومانسية.. بزمتك مش حاجة تزهق..
وصوت بداخله يأمره بالهروب , أن ينهي الحوار, يدافع عن مريم, الا أنه لم يفعل..
ورغم عبوس وجهه اهداها اجابة شاردة تبحث عنها :
-هي فعلا حاجة تزهق... عاوزة توصلي لايه ياميرال..
وإجابتها كانت ال**ت لم تفعل شيء غير أنها ازدادت التصاقا به .. تتركه لأفكاره عنها وبها...!! ترسم خطتها وتخطوا الخطوات للحصول عليه بمهارة!
اقتربت مني من مريم الجالسة على أحد المقاعد بوجه شارد... هاتفه بتأنيب:
-سايبة جوزك يرقص مع غيرك ليه يامريم..
اجفلت مريم ثم رفعت نظرها لوالدة زوجها... قبل أن تتحاشاه هامسة:
-عادي .. دي ميرال صاحبتي ياماما...
هزت مني رأسها بأسف غير راضيه عن خنوع مريم وضعفها كادت أن تكمل حديثها.. قبل أن تلتفت بنظرها فتوقف كل شيء عندما وجدت غسان يقترب من الفتاة التي دخلت الى الحفل.. وهي تنظر إلى الارض..!
وبداخلها تهمس.. فريدة.. تشبه والدتها...
كانت تعرفها قديما...
وصولها للحفل لفت نظر الجميع.. فالليلة من المفترض كانت ليلة زفافها على موسى..
دمعة خائنة حبستها بصعوبة.. فأحلامها انهارت في لحظة..
تشنج جسدها عندما اقترب منها ذلك الشيطان قائلا بنبرة أمرة:
-اضحكي يابونبوناية اومال.. دلوقتي انا هعلن جوازنا... كل كلمة هقلها تقولي عليها تمام ونعم.. ماشي ياديدا.. وتبتسمي يلا...
تبعته بدون كلمة واحدة , فهي تعلم جيداً أن الكلمة الأولى والأخيرة له..! وفي مضمار الانتقام لا يجوز للطروادة الحديث !
أما هو لم يخف عليه رعشتها بين يده.. دقات قلبها الهادرة بعنف.. وهو لا يكترث..
ببساطة شديدة لا تؤثر به..!!
وصل إلى مكان جلوس العروسين..
فوجدها تتحرر من بين يده وبدون مقدمات كانت ترتمي بين أحضان ش*يقها كريم, تنتحب ب**ت بدون أن تذرف دمعه واحدة..
وهو فقط يربت على ظهرها بحنو هامسا بأذنها:
-هاخد حقك يافريدة.. هاخده..
ابتعدت عنه ليتقدم غسان مبتسما ابتسامة باردة مغمغما :
-مبرووك ياعريس... مب**ك علىك اختي..
ثم اتجه يمسك المايك هاتفا به :
-مساء الخير ياجماعة.. نورتوا فرح اختي الصغيرة النهارده ...مبسوط انكوا هنا بتشاركونا الفرحة دي... وبالمناسبة السعيدة دي ..عندي خبر حلو ليكوا...
انتبه له الجميع منتظرين ذلك الخبر في حين أنه اقترب من فريدة يمسكها من يدها .. يجذبها من خصرها بحميمية مكملا وهو ينظر لها كأنه عاشق ... إلا أنه كان ينظر لها تهديدا ووعيد إن خالفته .
اكمل حديثه وهو يرمقها بغموض تفهمه:
-الخبر اني اتجوزت حبيبتي فريدة الشيخ...
زاد تشنج جسدها وثارت الهمهمات ... بين الحاضرين ولكنه لم يهتم فاكمل دون اكتراث او اعتبار:
-في الحقيقة انا وديدا بنحب بعض من فترة.. واتجوزنا بسرعة في قاعدة عائلية..
ثم التفت لها قائلا:
-مش كده ياحبيبتي...
وبدون روح اعطته الابتسامة التي أراداها ابتسامة بانت للجميع أنها حقيقة ولكنها كانت ابتسامة ميته :
-اه طبعا... يا.... حبيبي...
وبعدها زادت الهمهمات المستنكرة للأمر ... أكثر ,إلى أن هدر أحدهم بسؤاله الخبيث:
-طيب هو مش المفروض ان مدام فريدة كان فرحها النهاردة على حد تاني...
هز غسان رأسه بنفي ... وبنبرة واثقة أجاب:
-ده صحيح... بس انا وفريدة اتقابلنا وحبينا بعض... ومقدرناش نقاوم حبنا...ورغم الرفض من العيلتين الا اننا اتجمعنا...الحب دايما بينتصر...
وباغته سؤال اخر:
-بس مش حضرتك متجوز... وعندك اطفال... غير فرق السن...
هز هو رأسه بأسف مصطنع ولكنه أتقنه ,مجيبا ببراءة مسلطا نظرات بدت للجميع عاشقة وهو يرمق فريدة بها:
-في الحقيقة انا فعلا متجوز... بس حبيت فريدة... وهي ممنعتش انها تبقي زوجة تانية...
ثم التفت لها مبتسما بغبطة:
-وفرق السن مبيمنعش الحب...صح ياحبيبتي..
هزت رأسه وبابتسامة كالمرة السابقة أجابت:
-ايوه, صح..
وبكلمتها انتهي الحديث.. وانتهى كل شيء... ونظرات الجميع ترمقها بسخط وربما اشمئزاز...!!
همهمات بين إنها خاطفة رجال... تخرب البيوت العامرة...
وهمهمات أنها فتاة لعوب , وبين اتهام آخر أنها باعت نفسها هي وعائلتها لغسان بعد خسارتهم الاخيرة, والعديد والعديد من الاتهامات...وكما أراد كانت الفضيحة...! لها ولعائلتها...!! فذلك الخبر سيكن مادة دسمة للنميمة في وسطهم المخملي ..!
والنتيجة أنها في النهاية بنظرهم الأنثى التي تخلت عن خطيبها وتزوجت من رجل متزوج.. يمتلك اطفال...!
هي بالنهاية منبوذة...!
ابتعدت عن الجميع تحاول ان تنزوي عن النظرات التي تطالها... بعد أن ابتعد عنها غسان..
كانت تركض بعيدا عن كل شيء إلا أن همس خلفها أوقفها همس بصوت تعرفه.. تألفه.. تحبه, وتشتاق إليه:
-فريدة...
والتفتت وكان هو الحبيب فتأملته بعذاب:
-موسى... عامل ايه..
ولا يعلم هو الآخر لما يقسوا عليها...
رغم شعوره أنها كاذبة في تلك الابتسامة التي أهدتها للجميع , بل هو أكيد من كذب تلك الابتسامة , وكيف لا , فهي بالنهاية فريدة التي يعرفها كما يعرف حاله..
ورغم ذلك قال بقسوة رجل جرح في ال**يم , رجل دُنس بخطيئة , رجل في طريقه أن يفقد نفسه كما فقدها هي فهتف بفتور:
-اتجوزتيه... وبتحبيه..
ارتدت للخلف من بشاعة المعني الذي وصلها فهمست بصدمة وأعين متسعة :
-انت بتقول ايه ياموسى... ما كل حاجة كانت قدامك...وعارف كل حاجة!!
هز رأسه نافيا ..متمتما بنبرة متألمة:
-موسى مبقاش عارف حاجة ولا واثق من حاجة يافريدة...
ابتعد عنها قليلا قاصدا الرحيل وقلبه ينزف ألماً لما وصلوا إليه ,ولكنه التفت مرة اخري يسدد لروحها رصاصته الاخيرة بحقيقة يعلم أنها ستزيد من ألمها ولكنه هدر بداخله أنه يتألم أكثر منها:
-انا هتجوز يافريدة...
اتسعت عيناها بصدمة من حديثه , هل سيتزوج بتلك السرعة.؟!
اليوم كان من المفترض أنه ليلة زفافهم , كادت أن تبكي أمامه.. ولكنها تماسكت بصعوبة وبخفوت وقلب نازف هتفت بنبرة حملت بين طياتها المرارة والعذاب:
-مبروك.. بجد هتتجوز...
ابتسم بيأس لما وصلوا إليه فألمها يصله وكيف لا يصله ألم تكن هي الحبيبة والحلم ؟!
تأملها بنظرة غامضة ثم هتف ببساطة زادت من تعب روحها:
-اه هتجوز...عارفة هتجوز مين...؟
هزت رأسها فهي لا تريد أن تعرف شيء آخر يكفي ذلك , يكفي ما تحيا به.., وهو كان يعلم حالتها ورغم ذلك لم يرأف بها , بل ألقى قنبلته الأخيرة قائلا بتهكم ساخر:
-هتجوز أختك.. نورا
ارتدت للخلف من الصدمة وهنا تمردت عبراتها عليها بينما هي تهمس بجنون:
-ليه... ليه ياموسى.. انت كمان..حتي انت..
والجواب كان صدمة وجع ينحرها...قلب يتألم بل يحتضر.. الحبيب تغير.. من امامها موسى أخر :
-جرحتك...بتتألمي كويس... انا بموت يافريدة ومش هموت لوحدي...حس بيا..
لم يبقى يتأملها أكثر ورحل سريعاً بعد ألقى كلماته في وجهها .. حتي اقتربت منها نورا ش*يقتها هاتفة بصلف وتشفي بعد أن استمعت للحديث السابق:
-ازيك ياديدا... مش هتقوليي مبرووك.. اوعي يكون موسى مقلكيش اننا هنتجوز...
والإجابة كانت عبراتها المنهمرة ,لم تستطيع أن تتحكم بها أكثر من هذا...ولكنها همست بين شهقاتها:
-بتعملوا كده ليه... ليه...ليه انا إلى ادفع تمن كل حاجة...
اهتزت نظرات نورا وهي تبتعد عنها ,بينما غسان يتابع من بعيد يستمع لكل شيء... من البداية... مصدوم من صلابتها أمام موسى.. إلا أنها انهارت أمام ش*يقتها...!
وبلحظة اقترب منها ملقياً لنورا نظرات غاضبة جعلتها تبتعد سريعا... يجذب فريدة بأحضانه ..وهي تقاومه بيأس وضعف... هاتفة به قبل ان تفقد الوعي:
-عاوزة اموت... عاوزة اموت...
وربما هكذا هو حقق هدفه... القابعة بين يده فاقدة للحياة لم تعد تصلح لشيء...هل اتم انتقامه سريعا...؟!
والسؤال الأهم... هل حان وقت اطلاق سراحها... ؟!ام ان هناك شيء اخر قد يبقيها...