الفصل السابع
استيقظت ليلا فوجدت أنها وحيدة ..التفتت حولها لعلها تراه قابع في إحدى زوايا الغرفة ولما لا لقد اصبحت تتوقع منه المفاجأة...
ولكنها وللمفاجأة لم ترمق له أي اثر, نفضت رأسها بحدة تكتم تلك الدموع المحتقنة بعينيها بصعوبة بالغة..
وأخيراً أغمضت عينيها لتعلن تلك الدموع أخيرا ًعن تحررها بملامسة وجنتيها الناعمة , وشعور بالألم والنفور من كل شيء تمر به يجتاحها.. يؤلمها ويعذبها.
وكم اوجعها ما شعرت به في تلك اللحظة الذي تركها بها ورغم انها تمقته ..تكرهه وربما تود قتله بيدها ,ولكن يؤلمها تركه لها في هذا الوقت بعد أن اثبت لها بكل الطرق أنها دميته التي سيفعل بها ما شاء, بل ومتى شاء ..! إنه اثبت لها مهارته باللهو على أعصابها .
,فما فعله اليوم اثبت لها من خلا له أنها لا قبل لها ولا قوة بها لمواجهة ومجابهة غسان في حرب الانتقام العبثية التي يسعي لها بجنون مرضي بنظرها.. !
ولكنها فقط متعجبة تطلق تساءل ما؟! ..
تفكر بداخلها لقد أذلها , لقد فعل كل شيء قد يفعله أي رجل ليذل أنثى معتدة بحالها اذاً لما لم يكمل للنهاية! لما يؤخر انتقامه إلى الآن؟!
فكرة ب*عة وشعور مرير يتسلل إلى روحها ببطيء مميت كل هذا مر ببالها وسؤال قاسي يهاجم دواخلها ..!
هل فعل ذلك لأجل إذلالها أكثر؟!
أم فعل ذلك ليتلذذ بانتقامه اكثر واكثر؟! فعل ذلك حتى يستمتع بانهيارها البطيء أمامه..!
كانت تفكر فوجدت أن النتيجة واحدة فبكل الأحوال سيكن المعنى والإجابة أب*ع ما يكون..!
فما تحيا به اقرب ما يكون للرخص , والرخص كلمة كبيرة بمعاني متعددة لم تتوقع في أسوء كوابيسها أن تتعرض لإحدى معانيها..!
ولكن على يد غسان أبو العزم.. شعرت بكل مالم تتخيل أن تصل إليه يوما ما...!
ض*بة موجعه سددها بجدارة لها ولروحها ,وبرحيله يعطيها اشارة انها عشيقة بعقد زواج..!
هبت من مكانها تنفض عنها الشرشف متجهه إلى حمام غرفتها ,تنعم بالمياه الدافئة عسى أن تتخلص من أثاره.. تنفض عن عقلها تلك الافكار التي لا تراها هي سوى افكار انحطت للقذارة...!
كانت تتمني وتواسي حالها أنها قد تتخلص من ذلك ولكنها لم تكن متأكدة...!
بالخارج كان يفتح باب المنزل بعد أن عاد مرة أخرى حينما أتاه اتصال من يامن لضرورة حضوره إلى القصر للسيطرة على نوبة من نوبات الهلع لنيرة والتي كانت تنتابها في الفترة الاخيرة..!
وكم ألمه مظهرها وهي تصرخ بطريقة هستيرية , لا ينسي في ذلك الوقت تلك الغصة التي أصابته وهو يرى مظهرها المنهار بتلك الطريقة المؤلمة.
كان قد دخل إلى المنزل بمزاج سوداوي للغاية ورغبة للانتقام تتجه لفريدة.. بداخله شعلة تريد الانتقام, بل تحثه على القتل ربما!
تسمر مكانه خارجاً من شروده وأفكاره عندما وجدها تخرج من غرفتها في طريقها إلى المطبخ .. ترتدي منامة طويلة بلون أسود.. وشعرها المبتل يلتصق بعنقها.. شاردة..
جميلة..
بريئة..
ولكنها قوية..!
وبينما هي تسير غير واعية له صاح بها هادرا بنبرة غاضبة منها ومن نفسه التي فكرت بها بطريقة مغايرة للحقد:
-فريدة...رايحة فين
تسمرت مكانها ولم يخفي عليه ارتعاش جسدها ربما مازالت خائفة منه او ترهبه بعد ما حدث منذ ساعات, كان يقف مكانه يراقبها وهي تلتفت له ببطيء وهي تغمغم باضطراب :
-رايحة اشرب..
كالطفلة ..مذعورة
..خائفة
..تائهة
وربما خجلي.. أو غاضبة!
بقيٌ في مكانه يتأملها بنظرات قوية شعرت هي وكأنه يخترقها بتلك النظرات, كان يتابع حركة جسدها المتوترة وأنفاسها المضطربة تخبره أنها ربما مذعورة..
تأمل ملامحها فكانت كعادتها تتحاشى النظر إليه , اقترب منها بخطوات متمهلة .. يجذبها من ذراعها بقسوة مطيحا بثباتها ,مستمتعا بخوفها.. ربما ..!
او مستمتعا بشيء اخر..!
هو لا يعلم حقا ما به ولكنه ..!
لكنه يريدها ..!
التصق بها مقتربا من صفاحات وجهها الندي هامسا:
-موحشتكيش.. ولا ايه..
جحظت عينيها ربما نفورًا وربما تعجبا.. هي مصدومة ببساطة هذا الرجل مجنون كيف تشتاق إليه. كيف ؟!..
فمنذ ساعات كاد ان...! لم تكمل الكلمة داخلها..!
نفضت رأسها تحاول أن تبعد تلك الصور التي اخترقت عقلها , فتمتمت باضطراب في محاولة منها لرسم القوة أمامه:
-انت طبيعي ..بجد شايف نفسك طبيعي..
ازداد اقترابه منها فتشعر هي بأنفاسه , تلمس منه غضباً يود الخروج والتحرر منه.
أما هو كان يفكر أنه بها سيفرغ غضبه, وكل الاصوات داخله تخبره أنها تستحق, فكما حدث لش*يقته سيحدث لها .. وربما اكثر هو رجل لا يترك ثأره ابداً..!
اردف مغمغما بنبرة ماكرة وهو يلف إحدى خصلاتها حول اصبعه:
-نسيت اقولك ...حاجة مهمة
رفعت نظرها له بينما تحاول الابتعاد عنه وعن جسده ولكنه لم يسمح لها ..ولن يسمح ,بل احكم يده حولها يخبرها بطريقته انه لا خلاص .. هي هنا ملك ما يريده منها..!
تحدثت بالنهاية وهي تكز على أسنانها غضبا وقهراً تحاول عبثاً أن تخمد تلك المشاعر المتوجسة داخلها:
-نسيت ايه...خير في حاجة لسا عاوز تعملها..
افلتت منه ضحكة مجلجلة ..تلك الاثني قوية ..تبهره وتثير جنونه بطريقة غريبه.. يراها جامحه وهو من سيكبح هذا الجموح ويقتله.. ويقتلها..!
مد يده يلامس بشرة وجهها بأنامله.. يغمز لها بوقاحة هامساً بنبرة خبيثة :
-من جهة انه انا نسيت , فأه فعلا انا نسيت اهم حاجة يابونبوناية وشكلك كده مضايقة اني نسيت, تحبي نكمل ولا ايه..!
انهي حديثه بغمزة من عينة, اثارت الخوف بها من ان يفعلها مرة اخري, شحب وجهها وابتعدت إلا أنه اقترب هاتفاً بصخب :
-كان نفسي اقولك صباحية مباركة ياعروسة.. بس ملحوقة ..
ثم ابتعد عنها قليلا يتأملها من أعلى إلى اسفل بنظرات اخافتها اكثر, ليكمل هو ببرود:
-وبصراحة بقي عاوز اكمل إلى عملته انبارح
بغضب وبثورة اهتاج جسدها يرفضه.. واهتاجت مشاعرها نفورا..
غضبا..
وربما ..خزياً..
وبينما هو يسيطر عليها بقوة جسده الذي استطاع ان يسيطر عليه بسهولة لضعفها, صرخت به بتقطع:
-لا..لا ياغسان مش هيحصل..على جثتي..ابعد عني..ابعد..
تأفف وببرود يتقنه ..يتفنن به.. متأصل بأعماقه , وهو يشدد من خصلتها الملتفة حول اصبعه لتطلق صرخة خافته لم يأبه لها :
-اممم..فريدة انا مضايق وزعلااان اوي..فوق ماتتصوري..فبراحة كده اهدي..انا هعمل ف النهاية إلى انا عاوزه.. وافتكري اني سبتك بمزاجي ..
اطلق جملته الاخيرة وهو يمسك فكها بقسوة ..ثم نفضها بعيدا عنه , مما جعلها تترنح للخلف عدة خطوات.
أما هو فابتعد عنها قاصداً غرفة مكتبه , لاعنا بداخله كل شيء, والسؤال هو لما لا يتمم زواجه منها.. لما؟
لما يشعر أن هناك حاجز, يريدها كرجل هو لا ينكر, فمنذ أكثر من عامين لم يقترب لأمرأه, هز رأسه وتفكيره يذهب مرة أخرى إلى ريتا اللغز الذي عجز هو عن حله.!
******************************
في غرفة يامن ..كان يجلس شاردا على إحدى المقاعد ..شاردا بميرال..
ميرال الغنام امرأة ذات مذاق ناري تعلم ما تريد ولا تتنازل..
استطاع فهم ذلك الامر من أول لقاء , فكفى النظر لها ليف*ن بها, وهو رجل يحب المغامرة وهي ربما ستكن اقوي مغامراته, ومنذ زمن بعيد وهو بعيدا عن لعبة المغامرة مع الحياة..!
وبينما هو يفكر بها جاءت أمامه صورة زوجته مريم.. والتي لم تكن سوى النقيض من الأخرى ,وهنا تكررت الكلمة (زوجته)..والتي كانت تقترب منه بحذر في تلك اللحظة في حالة ضعف كطبع بها..
..وخنوع تعودت عليه..!
كان يجلس كما هو على مقعده يراقب اقترابها بنظرات غامضة, يتأمل يدها التي امتدت لتربت على يده برقة قبل أن تجلس امامه منحنية على ركبتها هامسة له بمواساة وتأثر لحالته الشاردة:
-سرحان في ايه يايامن..انت بتفكر في نيرة..؟!
ساذجة.. بالتأكيد.. همسها بداخله قبل ان يستقم من مكانه دون ان يراعي جلستها أمامه.. غير مبإلىا بها بالمرة ,
ورغم ألمها منه إلا أنها اكملت وهي تتبعه بعد ان استقامت من مكانها بصعوبة وبداخلها تعتقد انه غاضب بسبب ما يحدث لش*يقته:
-متزعلش ..بكره ترجع زي الاول..عشان خاطري متزعلش...انا...!
**تت قليلا قبل ان تقول بنبرة متأثرة لأجله:
-لما بتزعل انا بزعل اوووي...انا بحب اشوفك مبسوط..
هنا المنطق الرجل يحب الخنوع.. يستهويه ضعف الاثنى التي يملكها.. ولو كان ينظر لغيرها..! ولكن مالا تعرفه الانثى أن هذا الشعور يجعله الرجل أكثر غروراً وقوة..!
التفت لها يمسكها من كتفيها يشعر بملمس بشرتها اسفل انامله ..!
يقترب ..
يقتنص قبلة..
غاضبة ..
متطلبة..
ولكنها لم تكن عاشقة..! كما تمنت هي !
فقط قبلة جافة يفرغ بها جزء من العديد من حيرته وغضبه..!
امسك بجسدها هاتفا بنبرة جامدة وهو يتأملها بنظرة جافة :
-مريم اتحكمي في نفسك.. مش اي حاجة تزعلى وتعيطي..
همس جاف كباقي حياتها معه.. وبلمح البصر كان يقصد حمام غرفته تاركها خلفه..
ولكنها اسرعت تمسك به تترجي منه عاطفة ولو كاذبة.. لما لا يشعر بها.. لما..؟
-يامن بتعمل معايا كده ليه..انا..انا
توقفت عن الحديث غير قادرة على كبح تلك الغصة المريرة ورغما عنها بدأت بالبكاء
لم يهتم بها ولحالتها فابتعد هو عنها مكملا حديثها ببرود:
-انا بحبك..عارف وقلتلك ميت مرة دي مش مشكلتي..انا شايف انك تروحي لدكتور نفسي..يعلمك تتحكمي في مشاعرك شوية..--
ارتدت مصعوقة ..مصدومة من بشاعة حديثه تواجهه بوجه شاحب.. وجسد متشنج , واعين دامعة.
مما جعل الندم يتسرب له على الفور.. متسائلاً بداخله لما يفعل ذلك بها.. لما..؟, فهي لا تفعل شيء سوى أنها تحبه , والسؤال يأتي مرة أخرى لما لا يستطيع ان يحبها ببساطة..؟!
وبالنهاية هو لا يعرف المواساة.. لا يعتذر.. وبالطريقة التي يعرفها ويتفنن بها معها..!
كان قد اقترب منها.. يلقيها بأحضانه وندم عميق بداخله.. ربما سيزول مع أولى دقائق الصباح..!
**********************