الحب لا يعرف المنطق, جملة خاطئة يا عزيزي الحب إن لم يوافق المنطق فسحقاً لذلك الحب , إنه لعنة فابتعد!!
الجميع يجلس في رتابة وقلق , الملامح كانت بلا تعبير يذكر , وهو كان يمسك بيد عمها يطلق الكلمات لتكن زوجته ومع نهاية الكلمات قالها و وثق ال*قد وهو يقول:
-قبلت زواجها..
تأملته وهو ينطقها ففقدت هي خفقة آخرى من قلبها لأجله, تساءلت همساً بداخلها هل حقا أصبحت زوجته بتلك البساطة؟!..
زوجة لرجل تمنته مِنذ زمن , منذ أن تعانقت النظرات بوعد خفي , منذ أن أول كلمة.. همسة ..!!
سلام...!!
, ووعد بلقاء يتجدد معه كل شيء من البداية ..
ولكن منذ يومان فقط كانت مدعوة إلى زفافه , عندما أتاها اتصال هاتفي من والدته تخبرها بموعد زفافه.. وهي تعلم بحبهم المتواري.. ورغم ذلك فضحته العين, وفضحه الجسد..!
بان في النظرات المشتاقة..
في الهمسات التواقة ..
ولكن نبرة والدته الشامتة بها وهي تدعوها من أجل حفل الزواج جعلتها تنهار.. تموت وهي تراه يتزوج من غيرها.. متناسيا كل الوعود..!!
ولكن لو نسيَ حقا ً فلما هو هنا الآن , لما ومنذ يومين فقط كان زفافه!!!! لما يأتي الآن يعطيها وعد جديد , هل يشفق أم يعشق؟!!, ترى يرغبها كأنثى.. أم يريد امتلاكها كحبيبة وعاشقة؟!
وسؤال آخر يضعها في بحر الحيرة والتيه هل هي النور أم الظلام والبؤس كزوجة ثانية!؟!!
خرجت من شرودها وحيرتها الممتلئة بالأسئلة على صوت عمها الغليظ موجهاً حديثه إلى كريم وهو يمعن النظر إلى الشيك الموجود بيده" وتلك النظرة الجشعة تطل من عينيه تجعلها تموت حقاَ.. تتمنى لو أن تنشق الأرض وتبتلعها .. تضعها بالقاع دون عودة للسطح مرة أخرى فالخزي الذي تمر به أسوء ما قد تمر به انثى ذات كبرياء:
-الف مب**ك ياكريم بيه.. تؤمرني بأي خدمة..
حدجه كريم بنظرات ساخرة حاول جاهداً أن يخفيها لأجلها هي , فلأجلها هو على إستعداد تام أن يتحالف مع الأعداء والنار فقط .. فقط لأجلها.. ف*نهد متحدثا بنبرة باردة:
-لا , متشكرين لخدماتك .. اظن خدت مهر اثير ياريت مشوفش حد منكم بيضايقها او بيتعرضلها بعد كده..
هز عمها رأسه بلهفة هاتفا بغبطة وتأكيد وهي يطوي الورقة بيده ثم يضعها بجيبه وكأنها كنز ثمين أغلى من تلك المخلوقة المغرقة بالدموع , تطلق نظرات له تستجديها أن يفعل أي شيء يحافظ به على كرامتها:
-يابيه دي اثير دي بنت الغالي.. والي انت شوفته من شوية ده عشان كنت خايف علها من القعدة وحدها وهي بنت برده.. وانت فاهمني..!
قلب كريم عينيه بملل من ذلك الحديث العبثي فرفع يده منهياً الحديث صائحا بنبرة حازمة تحمل تهديد بين طياتها تخبر لذلك الماثل أمامه أن سلطته هنا ماتت واندثرت كابتاً بداخله ذلك الشعور الضاري الذي يحثه على طرد الماثل أمامه بكل قوة وحدة وبربرية أيضا لأجلها هي!:
-خلاص.. انتهينا اظن دلوقت هي بقت علي اسم راجل..
ثم **ت قليلا مكملا بنبرة تحذيرية تحمل تهديد مبطن وهو يشير بأصبعه في وجهه :
-وعاوزة اقلك الي هيتعرضلها هو حر..
انهى تحذيره ثم قال بنبرة محايدة لأجلها هي فقط أيضا كما كل الموقف ! فرغما عنه لا يريد هو أن يزيد من شعورها بالنقص وهي غالية.. غالية جداً هي له جوهرة وحياة:
-وطبعا انتم اهلها منين ماتحبوا تزروها بيتها مفتوح ..
هتف عمها بلهجة بان بها الكذب والجشع أنه ربما سيأتي لزيارتها .. :
-طبعا يابيه .. دي بنت الغالي.. نستأذن احنا بقي..
ثم التفت الي زوجته وولده هاتفا بأمر:
-يلا بينا نرجع قبل الليل..
انصاعوا إلى حديثه دون أدنى اعتراض, ثم خرجوا من شقة اثير..!!
لتبقى هي مع كريم حقيقة تض*بها وتتعجب لها هي هنا وحدها معه ..!
هي هنا وحيدة مع رجل كان حبيب.. ثم خائن في نظرها.. والان زوج..
حقا اصبح زوج..!
زوجها!
الحقيقة تواجهها .. تخبرها بوضعها الغريب عليها تماما , كانت تريد أن تتأمله ولكنها لم تملك القدرة على ذلك , هي لا تعرف ما الذي يجب عليها فعله حقاً..!
كان هناك **ت تام بالغرفة الجالسين بها.. هو على أحد المقاعد يجلس .. يتأملها تارة .. ويتحاشى النظر لها تارة أخرى!!
ثم يعود بنظره يتشرب ملامحها .. !! يتعمق بها .. او يذوب..! بها أثير!
اثيره الخاصة به وحده..!!
بينما هي علي الأريكة المقابلة له.. تتحاشى النظر إليه.. تماماً, تشعر بداخلها بالضعف والذل الذي أجبرها علي الزواج بتلك الطريقة .. لقد تم بيعها ولا مسمى آخر لديها لما حدث لها..!
ضحكة ساخرة صدحت في نفسها تؤلمها وتض*بها بحقيقة أخرى لم تتوقعها في أسوء أحلامها وهو أن تكن زوجة ثانية .. و يا للسخرية!!! الزواج كان منذ يومين فقط!
تأملها كريم وهي تمسك بقماش فستانها الأ**د يتوتر ملحوظ , فألمه قلبه لما حدث , هو كان يريد الزواج منها في النور ولكن كان القدر ظلاماً! وظلما رغماً عنه!
زفر بيأس ثم تحدث هو أخيراً في محاولة منه لي**ر هذا الجمود والتوتر الذي يغلف المكان بل ويغلف ملامحها وجسدها وهو.. هو لا يريد ذلك هو يريد لها الراحة.. الأمان والحياة كما هي الحياة بالنسبة له:
-اثير.. ممكن نتكلم..
لم تجيب .. ولم تعطيه الرد ومازالت تنظر إلى الأرض.. تتحاشى نظراته وتأمله , قبضتها تنقبض بقوة أعلى قماش الفستان , ص*رها يعلو ويهبط من شدة الإنفعال والتوتر, كانت جامدة بلا حركة وفجأة ص*ر منها نحيب تحاول هي جاهدة أن تكتمه بداخلها ويعلم أنه لولا وجوده معها وبالقرب منها سيتحول لصرخات ونواح ..!
استقام من مكانه يقترب منها.. وعبراتها تتحرر أخيراً تعلن عن ألمها فكان هو عاجزاً عن التصرف ولا يعلم من أين يبدأ..؟
لا يعلم كيف يشرح لها الأمر ويهون عليها.. ويهون أيضا على نفسه..!
جلس بجانبها على الأريكة يكاد يكن ملتصقا بها وكأنه يريد منها عناق يتوه فيه عن الواقع , ثم مد يده إلى يدها القابعة بحجرها , يمسكها بتملك قوي فيجلي صوته بعدها هاتفا بهدوء وهو ينظر إلي جانب وجهها الظاهر إليه :
-انا مش هقلك اقبلي الي حصل بسهولة يااثير, بس هقلك حاجة واحدة..
توقف عن الكلام ثم اشتدت يده يعتصر يدها و كأنه يريد منها القوة , بل هي بالفعل بقربها هذا تمنحه القوة فهتف سريعا بنبرة حنونة .. قوية:
-انا بحبك..
تشنج جسدها وهو أحس بذلك وبعدها كان **ت دام لعدة ثواني توقع هو أن يطول لأكثر وهو سيتقبل هو معها صبور , هو معها كريم !
كريم جداً!
ولكنها فجأته وهي تهمس اخيراً بجملة واحدة بصوتها الرقيق الذي لمس أوتار قلبه , تهمس تخبره بتقرير منها بواقع يريد أن يمحيه ويتناساه لو يملك القدرة ولكنه لا يملك:
-فرحك كان من يومين ..!
جمدت يده للحظة .. قبل أن يستجمع نفسه من التشتت هنا في ذلك الأمر فهتف بكلمات تحمل تبرير ألمه وألمها:
-ولو قلتلك دي متعتبرش جوازة.. ولو قلتلك كله كان عشان مصلحة عيلتي..
اوقف حديثه ثم امسك بكتفيها يديرها باتجاه وجهه يقترب منها أكثر حتى تكاد تختلط الانفاس وتتعانق النظرات, فكاد أن يكمل إلا أنها همست بعذاب:
-بس اتجوزت ياكريم.. حقيقة مفيهاش انكار..
لم يرد بأي كلمة فقط تمعن بملامحها المتألمة وتلك الدمعة المنحدرة علي خدها تلسعه بسخونتها.. تنحره هو من الداخل..
فامتدت انامله يمسحها بإبهامه وهو يقترب منها .. يحتويها بيده.. هاتفا بحقيقة واحدة هو اكيد منها الآن:
-انا بحبك..!
وبعدها أحاط وجهها بيده مقتربا من ثغرها يلمسه برقه كفراشة.. لتتحول بعدها إلى قبلات..!
وهي معه كالجامدة من هول تلك العاطفة المحمومة التي تتلقاها منه.. عاطفة افقدتها قدرتها علي التفكير والبعد.. افقدتها الوعي والمنطق فما كان منها إلا أنها احاطت عنقه بيدها تنعم بلحظات مسروقة من كوكب السعادة.. مع المعشوق..! وهي تعلم أنها مجرد لحظات!
**************
هائما بالغربة بين الجموع .. هنا وهناك, الغربة كانت بداخله هو في وطنه , وهنا الغربة تحاوطه وهو خارج وطنه..
فيتساءل حائراً والندم يجتاح نفسه أي عبث غرق به من أجل أن ينعم بملذاته؟! .. أي شيطان تمثل بداخله عندما تركها وحدها تكاد تموت.. من اجل اجهاض طفله..؟! لماذا وكيف تركها تواجه وجدها ذلك المصير المعروف لمن هم على شاكلتها عندما يتركون أنفسهم لمن هم مثلهم؟!
كان يسير بخطوات متمهلة بينما الأسئلة تدور بخطوات سريعة للغاية تض*به كأمواج البحر ..
كان قد وصل أخيراً إلى إحدى المطاعم التي تقدم وجبة الإفطار صباحاً.. يتذكر ويتذكر.. يغرق في الذكريات ويغرق بها هي ..نيرة..!
طلب وجبته اليومية حيث كان يتذوق قهوته السوداء الداكنة كما مزاجه كالعادة, وضع قدحه أعلى المنضدة ثم استل هاتفة يتصل بوالدته في مصر ربما هناك ما قد يطمئنه.. ربما.. ويريحه ويخرجه من بحر التيه المظلم الغارق فيه حتي القاع!
الهاتف يرن ودقات قلبه تتصاعد , يترقب اجابة الطرف الآخر وبعد لحظات أتاه صوت والدته من متسائلة عنه وعن حاله:
-مازن.. ازيك ياحبيبي..
شعور بالحنين وهو يستمع لأنفاس والدته وصوتها ولو كانت والدته بعيدة عنه هي بالنهاية أم!! ولكن نبرتها الخافتة اصابته بالقلق! تري ماذا هناك..؟! فهمس قلقاً:
-انا تمام يا ماما.. صوتك ماله..
وصله صوتها المرتبك كإجابة أثبتت له أن هناك شيء ما سيء:
-مفيش يامازن انا كويسة ..
ثم أكملت بتردد شعر به:
- بابا بس كان تعبان
جملتها الأخيرة ألجمته فتشنج جسده قائلا بلهفة متسائلا ووجعه يزداد:
-بابا ماله.. حصله ايه
ردت برتابة وهدوء غريب ولكنه معتاد عليه:
-ابدا .. محصلش تعب شوية ودخل المستشفي وبقي كويس خلاص..
حاول أن يطمئن نفسه بحديثها وكلماتها المقتضبة ف*نهد بارتياح نسبيا ثم سأل بقلق وتردد:
-فريدة عاملة ايه.. خلاص اتجوزت غسان ..
ابتسمت بسخرية ثم اجابته ببرود ولا مبالاة كما يحدث كلما تحدث هو عنها:
-اه اتجوزته.. جوازة مكنتش تحلم بيها..
هدر دون وعي بصوت أشبه الصراخ لفت نظر الموجودين بالمكان حوله حيث تحولت نظراتهم تجاهه:
-ياماما انت بتقولي ايه.. انت اكتر واحدة عارفة انه اتجوزها عشان ينتقم.. وكله بسببي ..
**ت قليلا يضغط أعلى موضع قلبه الخافق بألم ووجع من عذابه الداخلي المتملك منه فهتف دون تردد:
-انا بفكر ارجع عشان يسيبوا فريدة..
ثم تابع بشرود:
-يمكن اصلح غلطتي مع نيرة ..
وبدون أن تدري بوجعه وقلقه.. تردده وحيرته, اطلقت جملتها بنبرة باردة كالصقيع و التي زادت من عذابه وبشده جملة جعلته في مكان آخر.. حقيقة متمثلة الان بسبب بشاعة افعاله فقتلته ببساطة:
-وهتيجي ليه .. اذا كان علي تصليح الغلط, اخوك اتجوز نيرة
انهت حديثها وللحظات ليست بقليلة كان يحاول أن يستوعب ما تقوله ول**نه حينها نطق وكأنه لا يصدق بل نفسه تنكر , هو يفقد نفسه ومنطقه , عقله.. ومابقى من تعقله , يسألها بل يستجديها بنبرته أن تنكر :
-اخويا مين.. ؟كريم!
تمنى أن تكذب.. أن يكن ذلك كابوس سيء سيستيقظ منه.. ولكنها أكدته بكل هدوء وبساطة حينما قالت باستنكار:
-وانت ليك اخوات غير كريم ..!
وها هي تؤكد الأمر فلم يشعر بعدها بحاله إلا وهو يغلق هاتفه بصدمة يفكر.. نيرة تزوجت من أخيه..
يتوقف عقله ثم يعاود التفكير غير مصدق, والتفكير يقتله ويكرر عليه.. أخيه هو من يصلح الخطأ والخطأ خطأه هو, أي دمار سببه للجميع..!
خرج من المطعم بعد ان دفع حساب قهوته.. وإفطاره الذي لم يمس منه شيء!
يسير بشوارع لندن الضبابية بتيه.. والآن أيقن أن غربته نافذة وإلى الأبد.. فكيف يعود.. كيف.؟!.
كل هذه الأفكار تدور بداخله..
تتسارع..
قلبه ينحر كروحه المعذبة..!
ولم يدري حينها إلا وسيارة ما تض*به بعيداً.. وحينها مرت أمامه الذكريات.. اللعب مع فريدة..
الشجار مع كريم..
مناوشاته مع نورا..!
تذمر والده من عبثه ..
لا مبالاة والدته مما يفعله مادام سعيد..
واخيرا هي نيرة.. تلك الطفلة التي انتهت على يده هو!
والآن ماذا هل تلك هي النهاية.. الموت وحيداً غريباً.. دون أهل .. دون حب.. فقط ضمير معذب ربما آن الأوان أن ينعم براحة أبدية..!
توقف عقله عن التفكير ثم ارتطم بعد اصطدامه بالسيارة بحافة الرصيف.. ليكن آخر شيء يسمعه صوت صراخ.. فقط صراخ من غرباء.. وبعدها الظلااام..!!!!!
**************
لا تعلم ما الذي يتوجب عليها فعله.. هل تتصل هي به, فمنذ أن تم عقد قرانهم بالمستشفى وهو لا يجيب على أي من محاولاتها للإتصال..!
امسكت هاتفها تعاود الكرة مرة أخرى تتمنى أن تسمع صوته ولكنه كالعادة لم يجيب.. أطاحت بعدها بهاتفها علي سريرها ..!
ثم هبطت بثقلها جانبه..!
تفكر ماذا تفعل هي تعشقه .. حقا تعشقه.. !!واخيراً حصلت عليه, لا يهمها الطريقة ولكن حصلت عليه..! تندم من الداخل على فعلتها ولكن يكفي أنها على أسمه الآن!
ألا يكفي أنها هربت من ذلك العذاب عندما ارتبط بفريدة , هي ليست سيئة ولكنها.. لكنها تحتاج للحب والإحتواء هل هذا كثير؟!
مسحت وجهها بيدها قبل أن تداهمها فكرة ما, وهي أن تذهب لمنزله لربما تراه وتتحدث إليه.. وتتعرف إلى والدته وش*يقته الوحيدة..
هبت من مكانها سريعا واتجهت إلى غرفة الملابس الملحقة بغرفتها .., ارتدت ملابسها على عجل .. ركبت سيارتها ثم انطلقت في طريقها إلى منزله..
بعد قليل كانت قد وصلت أخيراً إلى منزل موسي.. وحينها طرقت علي باب المنزل وبداخلها طبول تقرع من القلق.. قلق غريب انتباها هي ولأول مرة .. تشعر بتلك الرهبة!
فتحت لها والدته التي نظرت لها بتفحص هاتفة بتساؤل:
-ايوا يابنتي.. اؤمري..
عضت علي شفتها السفلي بحرج.. كونها لم تتعرف عليها ولكنها لا تستطيع لومها فهم بالكاد تقابلن مرتان.. أو ثلاثة..!
تنحنحت بخفوت هامسة بحرج في صورة قلقة:
-ازي حضرتك.. انا نورا..
كانت والدة موسى تحاول أن تستوعب عندما **تت الأخرى قليلا قبل أن تكمل :
-نورا الشيخ..
لم تتحدث والدة موسى بشيء فقط كانت في مكانها ترمقها بنظرات غير مفهومة لها بالمرة..
توترت نورا من ال**ت المطبق بالجو فكادت أن ترحل , ولكن والدته تحدثت بالنهاية هاتفة بترحاب جاف:
-اهلا يانورا.. اتفضلي يابنتي..
القت كلماتها وهي تفسح لها الطريق تشير بيدها إلى الداخل..
فانصاعت لحديثها .. وهي تدخل إلى المنزل الذي لأول مرة تراه .. أول مرة تدخله, كانت تقف في وسط الشقة إلى أن تبعتها كريمة التي اشارت لها :
-اقعدى يابنتي ارتاحي
ابتسمت نورا بتوتر ثم جلست على أريكة موجودة وسط تلك المساحة الموجودة وسط الشقة يطل عليها باقي أبواب الغرف..
ثم رفعت نظرها إلى والدة مرسي بترقب.. وحينها تحدثت الأخرى بدون مجاملة:
-جيت ليه يانورا..
ورغم صدمتها من طريقة حديثها ورغم الإرتعاش الذي ض*بها كإعصار داخلي بارد إلا إنها رفعت رأسها بتوتر وقلق , تخجل من الأمر تشعر أن والدته علمت بما حدث بينهم فهتفت بجمود:
-جاية اشوف موسي..
ابتسمت هي دون روح وهي تجلس على مقعد مقابل لها هاتفة بنبرة جامدة وهي تتأملها وتتعمق نظراتها بها:
-عاوزة ايه من موسي يانورا..؟!
تشنج جسدها فردت علي الفور بدفاع عن نفسها وعن أحقيتها به كما ترى هي:
-هعوز ايه.. موسي جوزي..
أمعنت والدة موسي النظر إليها قائلة بترقب تطلق تساءل:
-بيتحبيه..!
هزت رأسها بلهفة تجاوبها بصدق:
-اه..بحبه
تعجبت الأخرى فسئلت بتعجب وكأنها غير مقتنعة بالإجابة:
-من امتي..
كادت أن تدمع عينيها وهي تقول كلماتها الخارجة من قلبها:
-من زمان.. من زمان اوي..
الإجابة وصلت والدته , والإجابة كانت غير متوقعة أبداً وحينها ايقنت شيء واحد أن ولدها وقع لامحالة , هي اعتقدت ان الأمر خطأ مجرد خطأ.. يتوجب الإصلاح..
إلا أن نورا اثبتت لها أنها تريد ولدها موسيى وبشدة..
في تلك اللحظة خرج موسى من غرفته بأثار نوم على ملامحه الوسيمة لعينيها .. وقلبها الوله به.. الغارق به حد الفقد!
ابتسمت له تنتظر منه ابتسامه أو نظرة حانية تنشدها هي طوال حياتها ولكنه بقي جامداً وهو ينظر لها باشمئزاز.. وسخرية ..!
فساد ال**ت للحظات وترقب يسود الغرفة قبل أن يهدر بها بغلظة:
-ايه الي جابك هنا..
شحب وجهها من حدة لهجته معها وخاصة في وجود والدته.. مما جعلها تطرق بوجهها ارضاً وهي تقول بنبرة خافته:
-انا بس قلقت عليك..قلت اجي .. اشوفك
هز رأسه باستخفاف هاتفا بصرامة:
-تتفضلي دلوقت تمشي حالا.. واياك تعتبي هنا تاني.. واوعي اوعي تخرجي من غير اذن مني يانورا..
**ت.. فقط **ت مطبق في المكان.. والدة موسي تنظر لولدها بصدمه.. ولأول مرة تراه بتلك الحالة, أما هي ارتجف جسدها في إشارة واضحة من صدمتها..!
فأمسكت حقيبتها سريعا ولم ترى أمامها شيء سوى أنها تهرول خارج المنزل ..
وبداخلها تتساءل.. هل هذا هو موسي الذي تمنته بحياتها.. تمنته لها .. تمنت حنانه الذي أسبغه على ش*يقتها .. والآن سراب.. كل هذا أصبح سراب, لقد تحول العاشق!
أما هو كان ينظر إلى باب المنزل الذي خرجت منه بنظرات قاسية .. شاردا بأيامه القادمة معها..ض
متذكرا وجه فريدة وهي تتلقي خبر زواجهم.. متسائلا كيف حالها الآن... فهل هي بخير..؟!
بينما والدته تنظر له مذعورة.. !
مصدومة.. منه ومما فعله !
لتخرج بهمس لايسمعه احد:
-اتغيرت ياموسي.. وهتأذي الي حواليك..
وهي محقة لقد انقلب وتغير لقد فقد نفسه وحياته , لقد ناله الضعف والخسارة!
***************
فريدة وهي فريدة , لن ينكر ذلك هي بالفعل مختلفة , تبهره بقدرتها على التأقلم والتعايش, وتثير حنقه في آن واحد, وربما هو يشعر بأنه أخفق بشيء ما!
صور ش*يقته وهي غارقة بدمائها بالمستشفى لا تفارقه وتهاجمه بأحلامه كابوس مازال آثره في قلبه وروحه لا يمحى وهو.. هو متعب للغاية! ويحتاج للراحة....
تن*د وهو يسترق النظر إليها من الأعلى وهي تجلس مع بناته , تنظر لهم بحنان , يشعر أنها تعوض معهم شعورها كيتيمة الأم وهو يعلم هذا الشعور جيداً...!
كانت والدته بجانبها تتبادل معها الحديث بابتسامة نقية كباقي كيانها.. الذي لم يتبدل بعد ..
ابتسم باتساع عندما قامت إحدى بناته بسكب كوب العصير الخاص بها علي فستانها الليموني.. الذي يعطيها هالة من الانوثة والبراءة.. مزيج غير منصف بالمرة لرجولته..!
لتهرول بعدها للداخل بغرض تنظيفه..!
كان يفكر تلك الأثنى تستفزه , هي حقا خطر عليه.. !خطر على ظلام يجعله محافظا على مسافة ما مع الآخرين..
التفت اليها وهي تدخل إلى الغرفة متذمرة كالأطفال تحاول التخلص من الفستان دون أن تشعر بوجوده .. وهو تركها تفعل ذلك دون تنبيه..!!
يبتسم بعبث .. بمكر.. إلى أن رفعت نظرها اليه شاهقة بصدمة وهي تبتعد .. تهرول ناحية حمام غرفتهم تداري ما ظهر من جسدها ..!
ولكنه كان أسرع منها عندما أمسك بيدها القابعة فوق مقبض الباب..
كانت تشعر بأنفاسه الدافئة من الخلف.. تخشى الإلتفات له.. ولكن هو بالنهاية حقا يحصل على مايريد..!!
هتف بصوت ماكر وهو يداعب بشرة ذراعيها ببطىء:
-مش هتبصي ليا
تشنج جسدها وهي تحاول جاهدة أن تتمالك أعصابها فهمست بحدة متسائلة:
-وده ليه ان شاء الله حد قالك اني عاوزة اشوفك..
حوط خصرها ضاحكا بإستفزاز لها بينما هي تتلوى من تملكه لجسدها بتلك الطريقة ..! انتابها الغضب خاصة وهو يهمس بتسلية:
-طب مش يمكن انا الي عاوز اشوفك..
التفتت له حينها بعد أن تخلصت منه ومن تملكه هاتفة بعصبية وهي تلوح بيدها :
-ده بجد .. وعاوز تشوفني ليه..؟!
هز كتفيه ثم نظر لها ببراءة هاتفا بهدوء :
-يمكن عاوز أتأمل فيك وفي جمالك..
جحظت عيناها أمام نظراته الو**ة والتي وازت حديثه الفج بنظرها.. تستوعب وقاحة لا يواريها ابدا.. لقد وصلها المعنى وكم كان ذلك خارج كل الحدود! هدرت به وهي تمسك بوشاح موضوع أعلى السرير ؛ثم وضعته أعلى جسدها تستره بعيدا عنه وعن نظراته:
-انت وقح..
انفلتت منه ضحكة صاخبة ثم هتف مقا**ها بحقيقة غير قابلة للإنكار:
-انا جوزك على فكرة ولا نسيتي..
رفعت نظرها لها تتأمله بقوة رغم تلك الغصة المريرة من آثر تلك الليلة فهتف بصوت تحاول هي جاهدة أن تخرجه قوي:
_لا ،طبعا منستش..حد ينسي أسوء ليلة في حياته..
كانت عينيها تطل منها نظرات الألم؛شعر بندم لحظي لذكره ذلك اليوم ؛فثبت نظراته عليها...يتأملها؛
مما جعلها تخفض وجهها وهي تتحاشاه وتتحاشى النظر إليه .. تخاف الغرق في دجنتها.. إما رعبا منه.. وإما قلقا.. فغسان رجل لا يسهل التنبؤ به اطلاقا..!!!
وكأنه سمع جملتها الاخيرة.. عندما انقض على شفتيها يقبلها على حين غرة.. ليثبت لها أنه حقا غير قابل للتنبئ..
اما هي لم ترتعش ...!
لم تخاف منه..!
لم تحاول حتى التخلص!!
فقط بقيت مكانها جامدة حتى انتهي .. ثم ابتعد عنها هاتفا بقسوة وهو يمسك ذقنها بجمود:
-برودك مش هيخليني ارجع عن حاجة انا عاوزاعملها يافريدة.. افهمي ده كويس..!
ابتعد عنها يتأملها بنظرات تقيميه مكملا :
-الفستان ده حلو على فكرة..
كاد أن يخرج ولكنها أوقفته وهي تتسائل:
_انا مش لعبة ولا تسلية ياغسان..
لم ينظر لها كان يقف مكانه باتجاه الباب يوليها ظهره مما جعله تكمل:
_انا قوية والدليل اني هنا متقبلة اشوفك قدامي...
لم ينظر لها كما هو يستمع لها وهي تكمل تسرد حروفها بشرود وتيه...تحارب فقدها القابعة داخله:
_انا قوية عشان قادرة اتعامل مع بناتك حلو..قوية عشان وانا معاهم بفصل انهم بناتك...
توقفت عن الحديث وهي تأخذ انفاسها قائلة بحدة جعلته يستدير لها:
_لو مفصلتش انهم بناتك أنا ممكن ااذيهم غصب عني..بس انا انسانة..
قالتها وهي تسير تجاهه تكمل:
_قوية
ثم اقتربت أكثر وهي تعانق نظراته دون خجل:
_انا احسن منك .. انا مش ضعيفة عشان اسيب الانتقام يسيطر عليا..
وصله المعني ؛ وصله جيدا...ولكنه تجاهل كل حديثها وكأنه يخبرها بأنه لا أهمية له قائلا وهو يقترب منها ؛ينحني برأسه لمستواها هامسا بأذنها بجملة واحدة:
_بناتي خط أحمر يافريدة..
فقط تلك الجملة ثم ابتعد عنها يهديها نظرة سوداء وبعدها خرج.. ألقى إعصاره وخرج.. وحقا هو شخص غير قابل للتوقع.. هو رجل المفاجأت....
لقد تجاهل كل ماقالته ؛يحصر الأمر ببناته..!
هو رجل يثير تعجبها وحنقها!
يثير غضبها ويقتل هدوئها..!
هي معه مشتته ضائعة..مفقودة من تعقلها وواقعها..!
فهل من طريق تسير به وتخرج من حيرتها!
هل من طريق يجعلها تتحرر أم أن لا مجال لذلك..وهذا الرجل واقعها..!!!!!
****************
نهاية الفصل