الفصل الثالث

1220 Words
كان كما هو جالسا على مقعده الوثير ,ظهر الملل جليًا على قسمات وجهه، ينتظر منها تنفيذ ما أمرها به للتو، طلب منها أن تتحرر من ملابسها لكي ينفذ صك ملكيته لها، طلبها منها ببساطة وينتظر منها أن تفعل ما يأمر ببساطة مماثلة..! لكنها على ع**ه؛ فوقع ما طلب منها كان كالصدمة بالنسبة إليها، شيء لم تتخيل في أسوء كوابيسها أن يُطلب منها، لم يبدر إلى ذهنها يومًا أن تكون في مثل هذا الموقف. كانت نظراتها مثبته على الأرض تجاهد أن تبكي وتصرخ بصوت عالي إلا إنها كانت تنزف وتتألم من الداخل.. تود لو تركض بعيداً, ولكنها لا تقدر لقد انتهي أمرها عند تلك النقطة المخزية, فطلبه وكأنها ساقطة..!!! وهو بنظرها فقط مجرد رجل غريب عنها كتبت على اسمه منذ أقل من ساعة, يطلب منها التعري وكأنها بائعة هوي لا زوجته...!! زوجته وهل هي حقا زوجته؟!.., هي تحاول أن تستوعب ما يحدث لها , ولكن كل هذا كثير .. كثير لدرجة تؤلمها وبشدة..! هزت رأسها تحاول أن تقاوم الدموع , تتخلص من داخلها من ذلك الضعف الذي يتلبسها , ثم رفعت نظرها له بأعين دامعة هامسة باستجداء صامت أن يرحمها تناجي ربها من الداخل صارخة بالدعاء أن يخرجها من كل ذلك ولكنه قابل ذلك ببسمة شيطانية ساخرة , يخبرها ببساطة أنها هنا للانتقام وأنه لا مجال للشفقة أو الرحمة التي تطلبها .. اتكئ بأريحية على المقعد قائلاً به***ة وأمر وهو يتشرب معالم جسدها الماثل أمامه: -ايه يابونبوناية.. انا بدأت أزهق.. وده مش حلو عشانك.. نفذي الكلام.. ساد ال**ت لدقيقة أو أقل بينما هي تقف بجسد متشنج من شدة الخوف والرهبة, انتفض هو من مكانه يقترب منها بهدوء حذر يثير الذعر بمحياها أكثر, بينما هي تقف في مكانها لا تقوى على الحركة وكأن نظراته تلك تسيطر عليها فتثبتها بالأرض اكثر ...! أما هو كان يدور حولها يفحصها بنظراته, رفع يده يمررها على ظهرها ,فترتعش هي من الخوف... وتتجمد اكثر ! ابتعد عنها قليلا ثم وقف أمامها واضعاً يده بجيبه ينظر لها بخبث هاتفا بتهديد اخر: -هتنفذي إلى بقوله ولا انفذه انا بنفسي وهتبقي دعوة ص**حة منك اني اتمم جوازنا النهاردة...وبطريقتي..! اتسعت حدقتيها بعد حملته الأخيرة لتقع بين نارين لقد وضعها بين طريقين كلاهما نار بالنسبة لها فأي الطرق تختار. همست بداخلها ليتها تموت هي حقاً لا تقدر على أي شيء , هي تشعر بالتعب وأنها قد تنهار بأي لحظة.. مسحت يدها المتعرقة بفستانها , ثم همست بعد فترة قصيرة بصوت متعب ضعيف مما هي فيه: -بتعمل فيا كده ليه...انا اذيتك في ايه.. انا معرفكش اصلا.. ومع انتهاء جملتها ببكاء مرير يقطع القلب كان رد فعله نظرة باردة ثم انفلتت ضحكاته الساخرة عليها تلك الصغيرة حتما مجنونة , ألا تعلم لما هي هنا ,وعند تلك النقطة تذكر ش*يقته وما حدث لها في تلك اللحظة تخيل كم عانت هي وكم عانوا هم عندما ظنوا بوقتها انهم قد يفقدوها للنهاية , فتحولت نظراته للقسوة وهو يكور يده بغضب , فهو الآن بداخله غضب لو ترك شيطانه يخرجه ربما قد تخرج هي من تحت يده محطمة ,ورغم ذلك هدأ قليلا ثم اقترب منها منحياً قليلا لموضع أذنها هامسا بنبرة اثارت بها رعشة من شدة الخوف : -انا فعلا معرفكيش , بس الصراحة القدر بقي جابك في طريقي يافريدة.. حظك ان فرحك اخر الاسبوع والناس كلها عارفة..فضيحة مثإلىة لعيلتك خصوصا بعد مايعرفوا انك اتجوزتي بالطريقة دي... كادت أن تسقط من فظاعة حديثة وشعرت أن الأرض تميد بها , هي ترى نفسها على حافة الانهيار ,ولكنها جاهدت ذلك بصعوبة فتمالكت حالها قليلا متمتمه بخفوت وهي تتحاشي لنظر إليه تتلاشي تلك القسوة التي تنطلق من حركات جسده ككل هادفة إياها : -وانا ذنبي ايه , مازن إلي غلط مع اختك أنا ذنبي ايه... قالت كلماتها بنبرة باكية وضعيفة ورغم ذلك تجاهلها, فرفع كتفيه ببرود ولامبالاة , مجيبا إياها وهو يرفع أنامله الخشنة يلمس ملامح وجهها ماراً على تلك الدموع التي تنهال بلا هوادة , فيرفع أنامله يمسحها بهدوء متسللًا إلى ذقنها يرفعها , تعانق نظراته القاسية بنظراتها الخائفة المنهزمة: -ذنبك انك اخته وإلى عرفته انك اقرب واحدة ليه..واقرب واحدة لباباكي ..عشان كده اختارتك خصوصا فرحك كمان اسبوع..! ابتعدت عنه تنتزع وجهها من بين يده هاتفة بنبرة متألمة وهي تشير إلى حالها بيأس: -حرام عليك , انت خسرتني كل حاجة خطيبي وعيلتي كل ده في يوم واحد.. سيبني في حالي...! شملها بنظرات جامدة قبل أن يلتفت بخطوات بطيئة لمقعده يجلس عليه مرة أخرى...هاتفاً بغطرسة ونبرة ناهية.. قاسية تخبرها أن لا مجال لمعارضته: -يلا مش عاوز كلام كتير والا...بلاش اقلك هعمل ايه...!! دقيقة ... اثنين ... ثلاثة... لتدرك أنه لا مناص من عدم التنفيذ ,وحينها ارتفعت يدها تتخلص من ملابسها ونظراتها اليائسة مسلطة إلى موضع قدمها...! ودموعها لا تتوقف..! ********************** دموع الرجال تعني قهر.. وموسى كان يعاني من القهر والخزي .. !! يشعر أنه فقد كل شيء, كان في تلك اللحظة ينهار ببطيء وهو ينظر إلى خاتم خطبته على فريدة بضياع ..! يتذكر لمعة عينيها وهي تلبسه إياه .. وابتسامتها الخجولة تناوش ثغرها على استحياء..! يتذكر همسه لها بكلمة: -بحبك يافريدة.. وإجابتها الهادئة الناعمة الخجولة : -موسى..! فقط تنطق حروف اسمه فيضيع هو فيها أكثر.. يذوب أكثر.. يعشقها أكثر وأكثر..! خرج من تلك الذكرى الجميلة على واقع مرير..!. يود أن يصرخ فهو إلى الآن لا يصدق أنه خسرها, حتي كلمة الخسارة كانت تترد على ل**ن حاله كالسكين الحاد الغارز بقلبه يشطره نصفين..! وهو حقا كان ينشطر ويموت من الداخل , فالحبيبة ضاعت أمام عينيه ولم يقدر على حمايتها من براثن شيطان يختطفها.. فريدة ضاعت وخسرها وكلما وصل بتفكيره إلى تلك النقطة, ينقلب عقله مشتتاً وكأنه سيفقده الآن بل هو ربما يفقده في تلك اللحظة..! فلتت منه عبرة حزينة على حلم داعب قلبه وعقله وخياله في كل مراحل العمر, لم يتخيل في أسوء كوابيسه أن ينتهي الأمر بتلك البساطة..! هب من مكانه يقف أمام المرآة الموجودة بغرفته هامسا لانعكاسه بها بنبرة مريرة صارخة ولكن الصراخ كان بالداخل, الفوضى كانت هناك بالقلب: -انت جبان .. جبان ! كرر الكلمة بوجع ولم يعي لحاله إلا وهو يلكم زجاج المرآة يهشمه بقبضته التي انجرحت نازفة الدماء بقوة..! كحال قلبه.. دخلت والدته لغرفته على صوت تهشيم الزجاج ليصيبها الهلع من مظهر ولدها بوجهه الباكي ويده النازفة... اقتربت منه مسرعة قائلة بنبرة خائفة متأملة: - مالك ياموسى ..ايدك مالها يابني... ازدادت وتيرة بكاؤه فصاح بنبرة متألمة تتخللها الحسرة تعرض حقيقة وواقع لا يقبله ال*قل والقلب سوياً: -فريدة راحت مني ...خلاص كده راحت مني وقدامي.. انا جبان اوي امسكت بيده هاتفة بحزن على حاله الذي يؤلمها فيكفيها حزنها على فريدة , بل يكفيها ما حدث اليوم , هي إلى الآن لا تستوعب الأمر: يابني وانت كنت هتعمل ايه بس ... احنا مش قد الناس دي... مش ذنبك إلى حصل ياموسى متعذبش نفسك.. قالتها وهي من الداخل تتألم أكثر منه..! تشعر بالخزي , فلقد ضاعت أمانة ش*يقتها..! أجابها بقهر وهو يجلس على المقعد خلفه بتعب وكأنه تقدم بالعمر : -بس انا بحبها اوي يا أمي...بحبها والله انا .. **ت قليلا ليتابع بنبرة معذبة: -أنامقهور اوي.. لم تتحمل نبرته تلك.., فجذبته لأحضانها تذرف معه الدموع متحدثة بنبرة ضعيفة وباكية تهون عليه او ربما تهون على حالها تخبره بتعبها هي الأخرى علها ترتاح وتنسي مشهد ابنة اختها الراحلة بل ابنتها هي , هي من قامت بتربيتها وتعليمها كل شيء, لم تستطع هي ايضا السيطرة على دموعها التي انهالت منها دون هوادة : -ومين يكره فريدة يا موسى .. متعذبنيش يابني انا قلبي واجعني ...كل مافكر ان امانة اختي ضاعت...كفاية اني خسرت فريدة ..فريدة مش بنت اختي , فريدة بنتي حته مني ... كررت كلمتها الأخيرة بحرقة مصاحبة لشهقاتها العالية.. فشدد هو من عناق والدته يواسيها ويواسي نفسه, عله بذلك يجد الراحة بداخله إلا أن جرح القلب لا يشفي سريعا وربما لا يشفي إلى النهاية...! هو رجل عاشق , والان هو عاشق يتألم , فمحراب الحبيبة اصبح سراب..! ولكن هل انتهى الأمر!
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD