اقتباس

1297 Words
_صباح الخير! فقط كلمة واحدة قالها ولم ينتظر منها الرد بل التفت بعيدا عنها يستقم من نومته , بل من السرير بالكامل , يدخل إلى حمام غرفته تاركها خلفه تتأمله بصدمة..! ولا تعلم هل الصدمة من تجاهله لها أم من طريقته وكأن الأمس لم يكن! شردت بأفكارها لفترة لا تعلمها حينما وجدته يجلس بالمقعد المقابل لها يدخن مرة أخرى قائلا بنبرة جادة وهو يعدل من ربطة عنقه: -انا خارج واحتمال اتأخر لهجته كانت باردة متباعدة وكأنه يود الهرب منها سريعاً, تراه وهو يستقم من مكانه داعساً لفافة تبغه بالمطفأة الخاصة بذلك, هم هو بفتح باب الغرفة ولكنها أوقفته هامسة بتساؤل ولا تعرف لما تفعل: -انت عندك كام سنة؟! تأمله بنصف حاجب مرفوع وملامح مستنكرة للسؤال , بل هو هنا يود أن يطلق بعض السباب ولكنه كبحه بصعوبة حينما أجاب بنبرة فاترة : -سته وتلاتين ! كان ينتظر منها تعليق ولم تعطه أي شيء فقط نظرت له بهدوء وهزت رأسها بلا مبالاة حقيقة لم تفتعلها هي , مبالاة تخبره من خلالها أن التساؤل للفضول والفضول هنا فاتر بارد ممل! ابتعد هو عن الباب وعاد إلى داخل الغرفة يقف أمام السرير الجالسة عليه ف*ناقده هي وتجابهه بتساؤل ونظرات تعني(ماذا تريد؟!) هتف وانفعاله يحركه ولا يستطيع السيطرة عليه: -ليه؟ عقدت جبينها تهتف فتقا**ه بسؤال: -ليه ايه؟ مسح بأنامله أعلى خصلات شعره يواري ارتباك فيهمس بانفعال : -بتسألي على سني ليه؟ لم تجيبه ! ربما لأنها لا تريد وربما لأنها بالفعل لا تجد إجابة! الوضع برمته كلوحة ملونة مزيفة .. باهته وهي أضحت ضمنها! تأملها لحظات وبعدها خرج تاركاً إياها وتركه لها لم يكن سوى لتستوعب ما يحدث وما حدث! يلوم نفسه على انجرافه نحوها وتعمقه بها حتى النهاية ! بعد أن خرج من الغرفة التفت إلى حجرة صغاره عندها وجدهم برفقة مربيتهم فهتف حينها : _جهزي البنات عشان ينزلوا.. هزت المربية رأسها ثم تساءلت بخفوت: _مدام فريدة مش هستناها زي كل يوم.. قطب جبينه ..يرمقها بغموض قائلا: _لا مدام فريدة تعبانة شوية النهاردة ياريت محدش يزعجها!، اجابته بإيماءة موجزة هاتفة وهي تحمل احداهن: _تحت أمر حضرتك.. أشار لها هو أن تتقدمه ليحمل هو ابنته الأخرى هابطاً بها إلى الأسفل. وبالأسفل كانت منى تجلس على رأس مائدة الإفطار تنظر إلى الطعام بلا إكتراث.. تسأم..من وضع عائلتها.. تشرد في حال ابنائها.. وتغضب لإنعزالها بعد وفاة زوجها!! في تلك اللحظة ظهرت هيئة غسان الذي ما إن دخل إلى الغرفة قبل رأسها باحترام مما جعلها تربت على يده بابتسامة حنونة.. يجلس بالقرب منها ينشغل بتناول طعام الإفطار؛ ولكن الإنشغال كان عبثاً بالتفكير وال*قل يرفض أن يفكر بسواها فريدة!! الأسئلة تحيره .. تض*به...وتضعه على شاطىء اليأس..! والسؤال يتكرر كيف تكون تلك فريدة..هي تناقض كل ماسمعه وماعلمه..!! تناقض كل شيء..كل شيء! همس والدته باسمه وهي تمسك بيده أخرجه من شردوه وتفكيره القابع بأعماق الحيرة : _ _غسان مالك! اغتصب نصف ابتسامة وهو يمسك بيدها يربت أعلاها يطمئنها ويطمئن حاله يود لو يخبرها بكل ما يعرفه: _انا تمام...الفطار جميلة.. رفعت حاجبها تعجباً يحمل السخرية ترتشف قهوتها قائلة: _انت مكلتش حاجة اصلا! نظر لها بغموض وكأنه بعالم آخر.. نقر أعلى المنضدة وبعدها استقام من مكانه يود الآن ..حالاً أن يذهب إلى عمله ربما ذلك ينتشله من كل شيء! _انا همشي اروح الشغل.. خرج بخطى سريعة ولكن صوتها اوقفه تتساءل: _مالك ياغسان..وفين فريدة.. لم يلتفت لها بل أجاب بلهجة مقتضبة: _مفيش..؛فريدة تعبانة ياريت محدش يصحيها أوقفته والدته تلك المرة بحزم وأشارت له بعد أن وقفت تقا**ه تتأمل ملامحه الغامضة..المدمجة بحيرة: _غسان تعالى عاوزاك في أوضة المكتب شوية.. كان يود أن يعترض ويخرج..هو يحتاج الابتعاد ؛إلا أن والدته تقدمته بخطوات نحو غرفة المكتب تخبره ان طلبها أمر غير قابل للنقاش.. داخل غرفة مكتبه جلس في المقعد المقابل للسيدة مني التي جلست بهدوء هاتفا بتمعن تتعمق في نظراته..!تستشف منها ماتريده أو بمعنى آخر هي تحاول ! أجلى غسان صوته قائلاً : -اؤمري يا امي.. عاوزاني في ايه.. لم تجاوبه مباشرةً بل كانت تهديه **ت ؛ تحاول أن تجد طريقها لما تريده هتفت مسرعة بعد لحظات ال**ت تطلق تساؤل بهيئة استفسار متعجب : -فريدة.. فريدة ياغسان..! فريدة الكلمة كفيلة الآن أن تشعل به فتيل الارتباك وذلك إن كان خمد! هو هنا يريد أن يخرجها من عقله ودواخل نفسه ؛هو يريد الهرب الأمس يقتله ويشمله بندم مرير! عقد حاجبيه على تكرار الهمس بأسمها من والدته فيهتف بتساؤل بارد مدمج بنبرة فاترة يغلفه جمود: -مالها فريدة .. في حاجة حصلت..! نفت برأسها وهي تقول بلهجة هادئة : -لا مفيش حاجة حصلت .. بس.. توقفت عن الحديث و لا تعلم كيف تكمل ولا كيف تصيغ ماتريد وهو هنا في حال لا يسمح له أن يتمهل ويحلل فهتف بتساؤل : -بس ايه.. هي لا تعرف وهو لايريد المزيد؛ يود لو توقف الحديث وهرب من كل شيء ولكنها اكملت ماتريده سريعاً بنبرة جادة حائرة: -بس عاوزة اعرف نهايتك مع فريدة فين يابني.. لا يعلم ولم يجيب وربما لا يفهم كينونة ماتريد هي فهتفت اكمل متسائلة: _أنت عاوز منها ايه..؟! تهرب بنظراته منها وارتباكه من مسار الحديث يضعه بخانة العبث والتعثر.. فكان ال**ت هنا قائم..مسيطر لعدة لحظات ؛ لحظات لا تخلو من بعض التوتر الذي اصاب غسان عقب سؤال والدته , هو لا يعلم حقا الاجابة .. لا يعلم النهاية..! بل هو لايريد النهاية مطلقاً ولا ينشدها إطلاقاً..! ربما جنون.. تملك.. أو راحة! ولكنه اكيد من شيء واحد أنه يريدها بحياته؛ يريدها قربه منه ومن بناته.. ! يريد تلك الراحة التي تنبعث منها فتريحه هو..! يريدها مع بناته.. وزوجة له.. يرغبها.. يحترمها.. العديد والعديد..!! وهذا العديد ظهر له الآن..يواجهه بالحقيقة المنكرة داخل الدائرة..! هتف اخير وهو ينظر الي والدته بنبرة بها حنين وضعف يخبرها بتشتت يعتريه بغرابة: -عارفة ايه نقطة ضعفي.. تعجبت من إجابته؛ فالإجابة هنا تغاير ماتريد ولكنها ورغم كل شيء! فهمته مباشرة, وهي اكثر من يفهم غسان حيث قالت بنبرة حانية هادئة ؛ تخبره ببساطة: -بناتك.. هما نقطة ضعفك ياغسان صح..! انهت حديثها بتساؤل واثقة هي من إجابته للنهاية! وهو بإجابتها ابتسم ابتسامه نصفها حب والآخر فقد ومع الإبتسامة ايماءة بسيطة وجملة أطلقها بيقين : -بناتي حبوا فريدة.. بيقولولها ماما..! اعترضت بطريقتها تحاول من خلال ذلك الوصول لما تريد ؛ _البنات بيقولوا ليا ولمريم ياماما! كان _على **ته وأنامله تنقر أعلى المكتب فهزت رأسها بابتسامة هادئة هاتفة بتساؤل يغاير طريقتها الأولى والسؤال عنا كان مباشر: - طب وابو البنات.. بيحب مين.. نظر لها بتعجب.. يهز كتفه ببرود متحدثا بلهجة تقريرية ونبرة جليدية متقنة متأصلة به بخبرها بما يراه ويؤمن به: -مش بحبها.. لو ده قصدك احنا بينا راحة.. هي مريحة نفسيا تركبيتها سهله.. مش بتتعبني ! لم تريحها الإجابة فريدة عاشقة من قبل ويحق لها الحب والعشق مرة أخرى فأردفت بتساؤل اخر سريع تضعه أمام حقيقة ربما غائبة عنه تماماً: -طب وفريدة.. تفتكر هتكتفي بكده..؟!، لايريد التفكير هو منهك ! متعب ! منهار على باب الندم ! ستقام هو من مكانه بعد سؤالها بتهرب وكأنه بذلك ينهى الحديث وينهى حيرة وليدة بداخله بسببه يعطيها الإجابة الوحيدة المتيقن هو منها: -الحب مش شرط.. انت اتجوزت بابا من غير حب.. بس كنت سعيدة معاه.. **تت ولم تجيبه.. هي حقا لم تتزوج عن حب.. ولكن فريدة كانت تحب.. هي رغما عنها تحبها الفتاة رقيقة.. تستحق الحنان..نظرت له وهو يوليها ظهره ينظر من نافذة غرفته نحو بناته .. نقطة ضعفه.. صاحت به بجدية: -غسان التفت لها هاتفاً: -نعم.. استقامت من مكانها ثم اقتربت منه تقا**ه تتأمله..تعطيه وتمرر له كلمة ما: -خليك حنين يابني.. الحنية شرط.. لو الحب مش شرط.. معادلة بسيطة أخبرته بها ربما يوماً ما يتغير الأمر وتنقلب الثوابت! لم يعقب هو على حديثها فقط اقترب منها وقبل أعلى رأسها ثم خرج من المكان قاصداً الذهاب إلى عمله.. كان يهم بركوب سيارته إلا أنه التفت إلى صوت صياح إحدى بناته .. كانوا يقفزون .. يبتسمون.. يأسروا قلبه ومن غيرهم قد يفعل ويملك هذا القلب! وحينها رفع عينيه تجاه شرفة غرفته يفكر في تلك القابعة داخلها ! لا يمكنه انكار مدي ندمه على ما حدث ..ولا يمكنه أن يفعل شيء سوى أن يتجاهل ويترك الأمور تسير كما هي.. فهو إلى الآن يريدها معه في حياته ولن يتركها..!! اخفض بصره وركب سيارته هارباً ؛ بينما تلك التى كان يراقبها تشاهده وهو يرحل وهي.. تندم! هي وُشمت به وبكامل إرادتها..؛دموعها هنا تتلاحق وأصوات الندم تهاجمها وتحاسبها بلا رحمة! هي الآن أنثي جزء منها حنين وجزء راحة والباقي ندم من لعنة أصابتها وبيدها
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD