:
عندما تشعر بشيطانك وهو يتوغل بداخلك يزرع نفسه أكثر....!
يتعمق بك ,يحتلك يقاومك ويقاوم أنفاسك النقية , يزرع بدلاً منها أنفاس بدلائل عَتِمَة...!
في تلك اللحظة تطلق مقاومتك تحاول أن تبحث عن سماء أخرى غير تلك الملوثة ...!
إلا أنه بالنهاية تجد أنه قد تمكن منك, أصبح مكان تلك الروح النقية التي كانت تميزك يوما ما....!
خرج من غرفة ش*يقته بروح مثقلة بالهموم لأجلها غضبه يتفاقم , ولا يعلم كيف له أن يخمده..؟
كيف أن ينسي هذا الكابوس يوما؟!, فنيرة صغيرته ربت على يده كان سعيداً بها عندما ولدت وكأنها ابنته لا ش*يقته ...!
كان يُحَمل نفسه مسؤولية ما حدث لها عندما انقطع تواصله معها خلال فترة سفره إلى الخارج, فقط ثلاثة أعوام وكانت ش*يقته كالغريبة عنه...!
تتجنبه تتحاشاه, ولا تتقبل منه أي كلمة فقط ردود مقتضبه, وليته وعى لها أكثر من ذلك.. ليته..!
ولكن لا عودة بالزمن..!
كان غارقا بأفكاره عما مضى متحسراً على ش*يقته الصغرى وما أصابها حتي وصل إلى جناحه الخاص به ...
أمسك بمقبض الباب يفتحه بهدوء ينافي ما بداخله قاصداً غرفة بناته حتى وقع نظره عليهم ,يراهم نائمين كالملائكة على أسرتهم الوردية, وهنا تحولت نظراته المتعبة الغاضبة إلى أخرى تشع حناناً وحباً لأجل ملائكته..
اقترب منهم طابعا قبلة حانية على جبينهم, شارداً في توأمه تلك النقطة البيضاء التي نتجت عن زواجه بريتا...
وهنا دارت أفكاره بريتا أو الخائنة.. تلك المخادعة زوجته وأم بناته..!
ابتعد عن بناته بعد أن دثرهم جيداً يمنحهم مرة أخرى قبلة أبوية ,ثم ذهب إلى غرفته المشتركة مع زوجته..!
بعد ثواني كان يدخل إلى الغرفة فوقع نظره عليها ينظر لها بجمود فتبادله النظرات بين ساخرة وباردة.. !
وكأنها لا تهتم..!
هائمة هي بعالم آخر , شاردة بأفكارها الخاصة, والتي لا يعلمها أحد..
تلكأ قليلا قبل أن يجلس على إحدى المقاعد الموجودة بالغرفة هاتفاً ببرود :
-انا هتجوز كمان يومين ....
لم تهتم لما يقول بل لم تلتفت بالمرة جامدة هي بلا انفعالات.
ساد ال**ت قليلا قبل أن يتبع حديثه بابتسامة باردة وبداخلها يتمني استفزازها فتغضب ولو لمرة واحدة:
-ايه رأيك يا ريتا...
أشاحت بنظرها تبادله تلك الابتسامة الباردة , تكمل عبثها بهاتفها الخاص , تقريراً منها أن الأمر لا يعنيها بشيء....
اقترب منها مبتسماً بسخرية, بينما هي تجلس ممددة على سريرها بغلالتها العارية...تظهر بشرتها الخمرية بسخاء .. وبجانبها كأس من النبيذ الذي من الواضح أنها شربته بالفعل رغم تحذيره عن فعل ذلك بالمنزل..
كان يقترب منها وهي مازالت على وضعها تنفث سيجارها بلا مبالاة وبرود, تأملها بنظراته لثواني أو لدقائق ...
قبل أن يستمع إلى همسها الناعم الذي كان يجعله في الماضي داخل هالة وردية زائفة...
إلا أنه الآن لا يشعر بشيء فقط يشعر بحيرة وتشتت :
-اااه ...وهتتجوز بقي بنت لسا انت أول حد في حياتها
لم يتأثر ...باقياً في مكانه كما هو , وبداخله يتساءل كيف كانت تف*نه ...!
ذلك الهمس الذي كان يحمله لعالم العشق والهوي ..
ينغمس فيه..
يصبوا إليه..
بل ويتوق للمزيد...!
ولكن الآن شيء آخر ,ورغم ذلك هو من داخله لا يكرهها...لا يعلم هناك شيء يثير حيرته!
وهنا كان قد نسي أن الوردي لا يليق بعالمه...!
ساد شروده قبل أن تقترب منه تتلمس حنجرته بأناملها الناعمة .. تهبط إلى بشرة ص*ره السمراء الظاهرة من فتحة قميصه الأبيض , لتقترب من أذنه هامسة بنعومة صوتها :
-وياتري هتكون مرتاح معاها ...
تشنج جسده بعد كلماتها التي أثارت حيرته وغضبه فأي راحة تلك فمنذ زواجهم وهو يعيش بحيرة وتشتت, و فقط استغرق الأمر..
ثانية...
اثنان ...
ثلاثة...
وصوت الصفعة كان يجرح سكون الغرفة...
وتلك الصفعة قبل أن تقع عليها كانت تصل داخله مدوية كالانفجار ...
بالنهاية هو من اختار.. والنتيجة زوجة خائنة وبناته التوأم...!
القى نظرة عليها إلا أنها كانت تنظر بعيدا شاردة دون أن تذرف دمعة واحدة, ولولا تلك الكدمة التي تزين خدها من أثر صفعته لأعتقد أنه لم يفعلها.. من شدة جمودها وتصلبها..
كاد أن يصفعها مرة اخري يود أن يرى دموعها ولو لمرة واحدة , فحتي عندما علم بخيانتها هي لم تدافع فقط ألقت عليه نظرات جامدة وكأنها لا تهتم..!
اعتقد أنها ربما تهرب منه عندما ينوي السفر ولكنها لم تهرب وتشبثت به بل وسافرت معه إلى وطنه مصر..
هي حقاً تثير حنقه وتعجبه بنفس الوقت..!
تشعل بداخله الحيرة... لا تريحه وهو يتمني لو فقط تريحه!
صوت هاتفه الخاص اخرجه من تفكيره بها واوقفه عن صفعها مرة اخري مخرجا طاقة غضبه عليها بل وغضبه من كل شيء...
أجاب هو بصوته القوي , وحينما أتاه صوت الطرف الاخر يخبره بعض الأشياء الهامة كما أمره , وتحولت نظراته للقسوة...
فابتسم ابتسامته القاسية.. قائلاً بعدها بهدوء قاتل :
- انا جاي حالا ...جهزوا نفسكوا
اغلق الخط ثم التفت إلى ريتا هاتفا بنبرة باردة .. جامدة:
-انا رايح اتجوز ياقلبي سلام..
**********************************
في قصر عائلة الشيخ...كان قد وصل موسى وبرفقته والدته (فاطمة) ...في انتظار المأذون ليعقد قرآنه على حبيبته (فريدة).
كان ينظر لها بحب و من داخله لا يصدق أنه وبعد دقائق ستكتب هي على اسمه أخيراً..
أما هي كانت تجلس بجانب والدها تتنظر تلك اللحظة التي ستكتب بها على اسم موسى حلمها منذ الطفولة, هذا الحلم الذي بات وعد لحياتها الجديدة بالأمان والدفيء..
رفعت نظرها له لتجده يغمز لها بمرح مما جعلها تشهق من الخجل.., فأبعدت نظرها عنه وهناك قبضة بداخلها غصة تجتاحها ألم , تود أن تصرخ!
هي الآن تبحث عن من يطمئنها ولكن من يطمئنها فهي ربما في غضون دقائق تصبح زوجته...وهكذا ينتهي هذا الكابوس الذي ظهر فجأة ,قاصداً أن يحيل عالمها الوردي إلى رماد...
وربما.. لا!
بعيداً كانت هي جالسة على إحدى المقاعد بثقة ونظرات متشفية بالقادم.. لقد قامت بالفعل