الوشم
كانوا على متن يخت صغير يملكه ساري يمارسون هوايتهم المحببة في مياه المتوسط، يلقون صنانيرهم داعين الله أن تلتقط رزقًا وفيرًا
إنهم الطبيب سهيل، وزوج أخته باهر وصديقهما ساري صاحب اليخت، لفت نظر ساري شيء ما يضارب الأمواج فامعن النظر فاذا به شخص ما، زاد من سرعه المركب فجأة، كان بيد سهيل كوب من الشاي فانسكب عليه فصاح
"ماذا بك يا ساري هل جننت؟ ماذا هناك لتسرع هكذا؟"
فأجابه "يبدو أن هناك غريق"
فجاء باهر مسرعًا "سترك يا الله"
إلى أن وصلوا، كان ذلك الذي يغرق قد توقف عن المقاومة وبدأ في الغوص في المياه، ألقى سهيل بنفسه بسرعة في الماء، وتبعه باهر وأمسكا ذلك الغريق و صعدا به للسطح، صعد باهر على المركب وساعده ساري وأمسكا بالغريق و أصعداه على متن المركب، ليفاجئوا أن الغريق فتاة ويسيل الدم من جبهتها، قام سهيل بعمل التنفس الصناعي لها حتى بدأت تسعل وتخرج الماء من رئتيها، ثم أجلسها وأحضر لها باهر غطاء لتضعه عليها
اقترب منها سهيل فجفلت "لا تخافي انتِ مصابه سأمسح الدم"
ومسح الدم عن رأسها " ستحتاج للتقطيب، أحضر العلبة يا ساري"
فأحضر ساري العلبة مناولًا إياها له "تفضل"
احساس داخلي ينتاب ساري بأنه يعرف هذه الفتاه لقد رأى ذلك الوجه بالتأكيد قبل الآن لكنه لا يذكر أين؟
نظر سهيل للفتاة "لا تخافي أنا طبيب"
نظرت له الفتاة غير مصدقة، فتح العلبة وأخرج منها زجاجه رش منها علة جبهتها "هذا م**ر موضعي لكي لا تؤلمك الخياطة"
وخاط لها الجرح وضمده "أنت بخير الآن "
وأعطاها قرصًا لتتناوله
فقالت "ما هذا؟"
فرد عليها سهيل " إنه مضاد حيوي من أجل الجرح، والآن تعالِ معي للأسفل لتبدلي ثيابك المبتلة"
فنزلت معه فقال "للأسف لا ملابس معنا تناسبك، وهذا ما لدينا"
وأعطاها قميصًا وبنطلون من الواضح أن مقاسهما كبير وتركها وخرج، فخلعت الملابس السوداء التي كانت ترتديها وارتدت ما أعطاه لها، كانت تبدو كالخرقاء في تلك الملابس، وجدت حبلًا قصيرًا ربطته على البنطلون لكي لا يقع وقامت بربط القميص من الأمام وصعدت لهم.
قال ساري "الحمد لله لقد أنجدناك في آخر لحظة، كدتِ أن تموتي غرقًا "
وناولها كوبًا من الشاي لتتدفأ وتركهم ودخل كابينة القيادة
"كيف وقعتِ في الماء؟ ومن أنتِ؟" قال باهر
"أنا .... أنا .... " وهي تغمض عينيها بقوة وكأنها تحاول التذكر
"لا أدري"
فرد باهر " لا تدرين كيف وقعتِ في الماء؟"
فقالت "ولا أدري من أنا"
فنظر باهر لسهيل" أنجدنا يا طبيب الفتاه لا تدري من هي؟"
"ربما هذا فقدان مؤقت للذاكرة بسبب الجرح في رأسها، بالتأكيد ضُربت على رأسها ض*بة قوية"
صاح ساري "وصلنا يا رجال "
فقاموا بإرساء اليخت ونزلوا ومعهم الفتاة التي تساءلت
"إلى أين سنذهب؟"
أجابها باهر ضاحكًا "سنخ*فك "
فخافت وتلقائيًا تعلقت بذراع سهيل الذي وكز باهر قائلًا "ليس هذا وقت مزاحك الثقيل يا باهر"
ونظر لها بطمأنينة " لا تخافي سنذهب للمنزل، أمي وأختي زوجه هذا المختل هناك والطريق للمنزل في شارع عمومي"
فقاطعهم ساري "السلام عليكم، سأزن الأسماك وأوردها للمطعم"
فقال سهيل" سننتظرك مساءا لا تتأخر"
فرد "إن شاء الله "
وسارت الفتاة مع سهيل وباهر حتى وصلوا لمنزل ذو طابقين وفتح سهيل الباب مناديًا "يا أمي أين أنتِ؟"
فظهرت رباب أخت سهيل وزوجة باهر قائلة "وأين سنكون أنا وأمي بالمطبخ "
وجرت على باهر "لماذا تأخرتم ؟"
فرأت الفتاة "ومن تكون هذه؟"
فرد سهيل عليها "إنها سبب تأخرنا لقد وجدناها تغرق وللأسف فاقدة للذاكرة "
قالت رباب "ماذا تعني؟"
فرد عليها زوجها "يعني أنا جائع وأريد تناول الغذاء قبل أن أتهور وآكلك"
"انتظر يا باهر لنعرف حكاية الفتاة"
فتضايق باهر وصرخ "رباب أنا جائع هل يرضيك يا حماتي؟"
جاءت سيدة عجوز من الداخل قائلة " هيا يا رباب ضعي الطعام، البحر يجعل الانسان يجوع، وبالتأكيد الفتاة أيضًا جائعة"
ووجهت نظرها للفتاة، فارتاحت لها، كانت قصيرة القامة، ضئيلة الجسد، شعرها قصير كالصبية، وتبدو كالطفلة الصغيرة، وكان مظهرها مضحكًا بالملابس التي ترتديها.
ابتسمت حورية لها واحتضنتها
"تعالي معي لتبدلي ملابسك"
دخلت معها غرفتها وأخرجت لها جلبابًا فهما من نفس الطول ولكن حوريه أسمن منها بالطبع، كان الجلباب واسعًا لكنه أفضل حالًا مما كانت ترتديه
خرجت لهم "تعالي بجواري " قالت حوريه
"ما اسم حضرتك؟"
ضحكت الأم "بدون حضرتك فلتناديني أمي حوريه، وأنتِ سأناد*ك أمل، إلى أن نعرف من أنتِ؟"
فقالت الفتاه " أمل إنه اسم جميل أنا موافقه يا أمي حوريه" فاحتضنتها حوريه و قالت "هيا تناولي الطعام "
تناول الكل الطعام، وأنهت رباب غسل الأطباق وحدها، بعد أن عرضت أمل مساعدتها ف**رت طبقين.
كان سهيل و باهر وحوريه يجلسون بالشرفة انتظارًا للشاي الذي ستحضره أمل
التي كانت تقف بالمطبخ في حيص بيص وسألت
"رباب ماذا أفعل "
فقطبت رباب حاجبيها "ماذا تفعلين في ماذا؟ في الشاي!! الرحمة يا رب، اغلي الماء وضعي ملعقة من الشاي في الكوب وصبي عليه الماء المغلي وضعي السكر و رصي الاكواب على الصينية و أخرجيها "
نفذت أمل التعليمات ورباب توليها ظهرها لتنهي ترتيب المطبخ
أخرجت أمل الشاي الذي ما أن رآه سهيل حتى قال
"لم يغل الماء جيدا " وتذوقه فبصقه " يا الله لقد وضعت ملحًا بدل السكر "
أخذت حوريه تضحك و نادت على رباب لتصنع الشاي قالت رباب "الصبر يا رب ، يبدوا أننا سنعلمك كل شيء "
طلبت منها حورية أن تدخل لترتاح قليلًا فيكفيها ما عانته اليوم
وأرشدتها رباب لغرفه الضيوف التي سترتاح فيها،
عندما دخلت راحت في النوم سريعًا.
أنهت رباب ترتيب المطبخ وأعدت الشاي و خرجت لهم في الشرفة تذوق سهيل الشاي "هذا هو ما يطلق عليه الشاي، سلمت يداك يا رباب"
قالت حوريه "يا تُرى ما حكاية هذه الفتاه ؟"
"سنعرف كل شيء في وقته يا أماه " قالها سهيل
في المساء رن الجرس
ذهب سهيل ليفتح فوجد ساري بالباب
"السلام عليكم " قالها ساري "
"وعليكم السلام " رد سهيل
"هيا يا باهر " و خرج خارج الباب
"ألن ندخل ؟" قالها ساري
فرد سهيل "لا وراءنا مهمه سننفذها ثم نعود "
فتساءل ساري " أي مهمه؟ "
فأجابه " لاتكن لحوحا، سأخبرك عندما ينهي ذلك الاخرق باهر وصله الحب مع رباب و يخرج "
خرج باهر قائلا "هيا بنا "
رد سهيل ساخرًا متهكمًا " بالله عليك ادخل مره أخرى فأنت لم تتأخر "
"ما بك يا سهيل؟ إنها أختك ماذا أفعل؟"
وسار الثلاثة حتى مكان سيارة سهيل فركبوا
سأل ساري " ألن تخبرني الي أين سنذهب؟ "
فرد سهيل " سنذهب لمهاب "
فقال باهر " أنا حقا افتقده "
نظر ساري نظرة "اللهم صبرًا " إلى باهر وقال موجهًا كلامه لسهيل " لتحكي له حكاية الفتاه الغريقة، أليس كذلك؟"
"نعم لنحكي له عن أمل " قال باهر
فرد ساري " من أمل؟"
فأجابه سهيل " إنها الفتاه، أطلقت أمي عليها هذا الاسم"
كانوا قد وصلوا لقسم الشرطة
ما أن رآهم العسكري مطاوع أمام الباب حتى أدى لهم التحية العسكرية
قائلًا" مرحبًا بكم، لم نركم منذ مده، تفضلوا بالدخول "
فقال سهيل " أعطي خبرًا أولًا لمهاب "
فرد مطاوع " عندي تعليمات بإدخالكم فورا ما دام المكتب لا يوجد به سوى مهاب باشا ، تفضلوا "
وفتح لهم الباب ما أن رآهم مهاب حتى سارع بالقيام لاحتضان كل منهم حضنًا قويًا " مرحبًا مرحبًا باتحاد طلبة الجامعة، لقد افتقدتكم، مر اسبوعان على آخر اجتماع لنا "
قال سهيل " و نحن أيضا افتقدنا صحبتك، لكننا هنا اليوم لأمر آخر "
جلسوا جميعا وسأل مهاب " ما هو؟"
فحكى له سهيل حكاية ايجادهم لأمل كما أسمتها أمه حوريه
وأضاف " أنا أعتقد أن الفتاه من عائلة ثرية، تلك الملابس التي كانت ترتديها من ماركات عالمية أصلية، كذلك ساعه يدها وطريقه تناولها الطعام معنا، كما أنها لا تجيد أعمال المنزل، ولا حت تعرف كيف تصنع الشاي؟ فهي لا تميز السكر من الملح "
ضحك الجميع ثم سأل مهاب " هل لد*ك صوره لها؟ "
أجابه سهيل " نعم صورتها بدون أن تلاحظ "
ووصف له بنيتها الجسدية "انها تبدو كالأطفال قصيرة القامة والشعر "
ما أن نظر مهاب لصورتها حتى قال " أنا متأكد أني رأيتها قبل الآن، لكني لا أتذكر أين؟ سأقوم ببضعه اتصالات "
أخذ مهاب يهاتف زملائه بحثًا عن بلاغات الاختفاء والغرق، وأخذ في التحدث مع أحدهم باهتمام وعلامات الانتباه والتفكير واضحة عليه، ثم أغلق الخط والتفت لهم
"لن تصدقوا من تكون هذه الفتاه! ،ألم أخبركم أني أعرفها، الفتاة التي وجدتموها تكون روشان السمنودي ابنه رامز السمنودي"
"هل أنت متأكد؟" قال سهيل
فرد مهاب " أهذا سؤال يسأل لي؟"
فحرك سهيل يديه بلا وقال " لا أقصد لكن الدكتور رامز توفي من فتره بسيطة، أيعقل أن تكون أقدمت على الانتحار؟!"
قال مهاب " لا يصح أن تتلفظ بذاك القول، المرحوم الدكتور رامز ربى ابنته جيدًا و لقد تعاملت معه كثيرًا في مجال الطب النفسي لتحليل شخصيات بعض المجرمين و كان خير معين لي، لقد رأيت روشان بضعة مرات متفرقات، عندما كانت تأتي لهنا لتمر عليه"
قال سهيل " حسنًا عرفنا أهلها، نأخذها لهم صباحا، لننتهي من هذه الحكاية "
وافقه باهر وساري الرأي
لكن مهاب ظل صامتًا قليلًا وأخذ يفكر ثم قال
"لأفكر معكم اصدقائي بصوت مرتقع، موت الدكتور رامز بطريقه مفاجئة بتوقف قلبه مع عدم وجود أي أثر في التشريح مع أن قلبه كان قلبًا قويًا فلقد رافقته ذات مرة لطبيب القلب، وتعجب طبيب التشريح من توقفه، لكننا لم نجد دليلًا ملموسًا يدفعنا لفتح تحقيق، ثم بلاغ عن أن روشان ألقت بنفسها من على متن المركب أثناء نزهتها مع ابن عمها نائل، الذي أخذها للتنزه على المركب وحدهما مع أنهما الاثنان لا يجيدان السباحة على حد قوله، ولكن هذا مريب فروشان كانت تجيد السباحة فأنا أتذكر جيدًا قولها لدكتور رامز في أحد المرات أن مدرب السباحة أشاد بتميزها في سباحه المسافات الطويلة، هناك أمر لا يريحني"
فرد سهيل "بعد كلامك هذا أنا أيضًا غير مرتاح والدكتور رامز صاحب فضل كبير عليّ في مساعدتي لنيل الدكتوراه ولن أظلم ابنته أبدًا، فلتبق عندنا حتى نعرف أصل الحكاية فهي بأمان بالمنزل"
قال ساري " هذا رأي سديد "
ثم قال مهاب " وأنا سأكثف التحريات لأرى ما يمكنني اكتشافه"
و أمضوا بقيه الأمسية مع مهاب و ودعهم ساري حيث سيسافر إلى مخيم في منطقة بالصحراء لا اتصالات فيها في اجازه للاستجمام ثم انصرفوا.
أخبر سهيل أمه بما قاله له مهاب و وافقته على رأيه أن تظل أمل معهم وأعطاها ملابس تناسب أمل اشتراها لها.
في الصباح ارتدت أمل الملابس التي أعطتها لها حوريه البارحة وكانت تبدو كالأطفال وأحست بنشاط رغم تلك الكوابيس التي انتابتها أثناء نومها لكنها لم تكن تتذكر منها شيئا،
فدخلت المطبخ وهي عازمة على إعداد إفطار.
استيقظ الجميع على رائحة دخان فأخذوا في البحث عن الرائحة ليجدوا أمل بالمطبخ والمقلاة تحترق مشتعلة بها النيران،
فأسرع سهيل بوضع غطاء فوق المقلاة ونظر لأمل فوجدها تبكي بكاء هستيري فاحتضنتها حوريه وأخذت تهدأ من روعها
"لا تبكي يا صغيرتي فداك ألف مقلاة"
ردت أمل باكية بحرقة " كنت أود أن أفرحكم وأعد افطارًا شهيا؛ لئلا يتندر عليّ سهيل ويقول اني لا أحسن عمل شيء"
قال سهيل غاضبًا " وما همك بسهيل وما يقول؟ أي ابتلاء بليت به نفسي يا الله "
فانفجرت أمل في البكاء
فدخلت رباب "صباح الخير، ما بكم لماذا سهيل يتطاير الشرر من عينيه؟ ولماذا استيقظ مبكرًا هكذا ؟ و ما هذه الرائحة ؟ و لماذا أمل تبكي ؟"
قالت حوريه " يا الله كل هذه تساؤلات علي الصباح، ا**تي قليلًا رباب "
فردت " حسنًا سأ**ت لكن ما الذي حدث أخبروني؟"
قالت حوريه وهي ما زالت تحتضن أمل "لا شيء أمل حاولت أن تصنع افطارا لنا لكي لا يتندر عليها سهيل "
وغمزت لرباب
ثم أكملت "لكن البيض احترق واشتعلت النار بالمقلاة واستيقظ سهيل فزعًا من نومه"
فأومأت رباب " من أجل هذا يتطاير الشرر من عينيه لاستيقاظه مبكرًا
ومفزوعًا "ثم ضحكت و احتضنت أمل هي الأخرى
أخرجهم صوت سهيل يأتي مرتفعا " أريد كوبًا من القهوة، كوبًا يا رباب"
جرت رباب تزيل فوضي أمل وقامت بصنع القهوة
فقالت أمل " سأقدمها أنا له لأعتذر منه " فأعطتها رباب الصينية
وعندما غادرت المطبخ قالت لأمها " هل تحسين بما أحس به أيتها الحورية، الغريقة يبدو أنها وقعت في غرام ابنك كحيل العينين، كثيف الحاجبين، ناعم الشعر"
ثم ضحكت وقالت "لكنه طويل جدا بالنسبة لها " واستمرت في الضحك فقالت حوريه رافعه يديها للسماء "فليجعلها الله من نصيبه "
فعقبت رباب "ادعي الله ألا تكون متزوجه "
فقالت حوريه " لا تخافي ليست متزوجه "
فأمسكتها رباب من كتفيها "كيف عرفت اخبريني بسرعه هل عرفتم من هي؟"
"إنها ابنه المرحوم رامز السمنودي الطبيب الذي كان له فضل على أخيك بإنهاء رساله الدكتوراه "
فقالت رباب "ما دمنا عرفنا أهلها فلماذا لا تذهب لهم؟!"
قالت حوريه " سأخبرك ولكن انتظري، كيف لم يخبرك باهر؟ "
فردت رباب و هي تضيق عينيها متوعدة لباهر " باهر يعرف، و لم يخبرني، سينال جزاءه ذلك الباهر، و لكن انتظري لقد كنت نائمه عندما أتى البارحة، أفلت منها يا باهر "
ضحكت حوريه " أنقذك الله يا باهر، هلا أخبرتني كيف يتحملك؟"
" انه يحبني، يا أماه"
أمسكتها أمها من أذنها قائله "و لهذا تنغصين عليه و تحاصرينه دائما بأسئلتك "
و أخذتا تضحكان.
حملت أمل الصينية و عليها القهوة بمنتهي الهدوء و طرقت باب غرفه سهيل
فجاء صوته من الداخل " ما هذا الأدب يا رباب؟ ادخلي، انجدي رأسي بالقهوة"
ففتحت أمل الباب ليراها سهيل ويقطب حاجبيه قائلًا " لا تقولي أنك من صنعها "
فردت " لا رباب صنعتها "
فزفر قائلا "الحمد لله هكذا ضمنت أني سأشربها "
ما أن قاله جملته هذه حتى تعثرت أمل بطرف السجادة لتطير الصينية و تنقلب القهوة على ملابس سهيل
الذي صاح قائلَا " لا، لا هذا كثير يا ربي كيف سأتحملها، ألا تجيدين أي شيء؟!"
وصل صياحه لوالدته ولرباب اللتان أتيتا مسرعتين
لم يكن المنظر يحتاج لتفسير يقف سهيل و قد كاد الدخان يتصاعد من رأسه و ملابسه ملطخه بالقهوة و تقف أمل وهي تجاهد لكي لا تبكي
" خير بمشيئة الله "قالت حوريه
"اهدأ سهيل ، هيا بدل ملابسك "
وخرجت معهما من الغرفة و ما أن خرجتا حتى انفجرت رباب من الضحك ففتح سهيل الباب وأمسكها من مؤخرة رأسها " تضحكين علي أيتها البلهاء"
فقالت متوسلة "السماح يا سهيل سأتوقف عن الضحك " فتركها ناظرًا شذرا لأمل و أغلق باب الغرفة بعنف قائلًا " بإذنك أمي "
قالت حوريه لأمل " لا تتضايقي لقد استيقظ مبكرا لهذا هو نكد قليلًا "
فقالت أمل " قليلًا!! لا إنه نكد جدًا "
فضحكت رباب وقالت لها " تعالي لأعلمك كيف تصنع القهوة والشاي ، و سأعلمك كل شيء سنفاجئ سهيل "
******
ظلت أمل تتجنب سهيل إلى أن أتقنت صنع القهوة فقامت بعمل كوب من القهوة كما يجب أن يكون وقدمته رباب لسهيل على أنها هي من صنعته
فتذوقه سهيل قائلا " تقدم مستواك كثيرا روبي، هذه القهوة ممتازة "
ضحكت رباب " و لكنني لست من أعدها "
فقال " طبعا بالتأكيد أمي أعدتها "
فضحكت رباب "لا إن أمل هي من أعدتها "
فنادى سهيل قائلًا " أمل تعالي هنا "
فجاءت فقال لها " أحقًا أنتِ أعددت القهوة؟!" هزت رأسها بنعم
فقال مبتسمًا "إنها ممتازة بعد ذلك أعدي أنتِ قهوتي "
تضرج وجه أمل بالحمرة وفرت من أمامه لغرفتها وهي في قمة سعادتها، فمنذ فتحت عينيها البنيتين والتقت بعينيه السوداويتين حين أنقذها من الغرق وهي تشعر بشيء يربطها به، انجذاب غير عادي، مع أنه يخيفها حينما يغضب، وتشعر أمام طوله بأنه كالعملاق الأخضر بالنسبة لها، لكنها تود أن ترضيه بأي شيء، حتى لو كان بسيطًا، و**مت أن تتعلم عمل كل شيء؛ فهي تشعر أن سهيل كالمغناطيس يجذبها إليه.
كان سهيل وباهر يذهبان للعمل في المركز الطبي بالمنطقة ويعودان الساعة الثانية
يتناولون الطعام جميعًا ثم يصعد باهر ورباب شقتهم، و يدخل سهيل لينام وفور استيقاظه تعد له أمل قهوته التي لم يعد يشربها إلا من يديها.
بعد أسبوعان هاتف مهاب سهيل مخبرًا اياه أنه لم يجد دليل ملموس يدين نائل ابن عم روشان، ويجب أن تظهر روشان لأنه يسعي للسيطرة على ممتلكاتها فهو الوريث بعدها فكل شيء مكتوب باسمها.
نادي سهيل على أمل فجاءت وجاءت والدته ورباب أيضًا
قال "اجلسي يا روشان " فنظرت له مستغربه
فأردف " نعم إن اسمك روشان رامز السمنودي، ويجب أن تعودي، لأن ابن عمك نائل...
ما أن سمعت روشان اسم نائل حتى أصابها صداع فظيع وصرخت ممسكة برأسها و سقطت على الأرض تتألم.
أسرع سهيل لها، ما أن أمسك يديها حتى توقف الألم فقال بهدوء "نائل " فعاودها الألم
فنظر لباهر قائلًا "ذلك المأفون له يد في غرق روشان، لا أحتاج دليل، أنا متأكد "
وأعطاها مسكنًا " يجب أن ترتاحي الآن روشان"
دخلت معها رباب و حوريه إلى أن غفت ثم تركتا الغرفة قائلتين " لقد نامت"
فقال سهيل " هيا بنا يا باهر"
و قال لأمه ورباب "تعاليا معنا "
دخل الغرفة على روشان ورش م**ر موضعي علي يدها ثم حقنها بعقار محفز للذاكرة، وأخذ هو و باهر في ترديد اسم نائل بالقرب من أذنها بدأت تتململ ثم بدأت في قول جمل غير مفهومة
وبدأ صوتها يعلو "أيها القاتل لن أدعك تنجو بفعلتك "
و صرخت و استيقظت من النوم غارقه في عرقها وتصارع بيديها وقدميا كأنها في الماء، احتوتها حورية في حضنها وربتت عليها فنظرت لسهيل قائلة " تذكرت ما حدث يا سهيل وأخذت تبكي "
" اهدئي أولا و تمالكي أعصابك قبل أن تتكلمي "قالها سهيل
فردت " كيف أهدأ، يجب أن يسجن كوالده!"
" احكي لي كل شيء "قال سهيل
"سأقص عليك كل شيء من البداية سهيل"
ثم تن*دت تنهيدة طويلة وقالت " أريد سيجارًا اولا " فتحت رباب فمها استغرابًا وض*بت حوريه على ص*رها استنكارًا " سيجار يا روشان منذ متي؟ "
أما باهر فابتسم ابتسامه صفراء
وسهيل أرغى وأزبد قائلا " سيجاره يا روشان! أنت هنا منذ اسبوع لم تقربي السجائر "
قالت بعناد " أريد سيجاره الآن وإلا نزلت بنفسي لشرائها "
**ت قليلًا ثم أخرج من علبه سجائره سيجاره أعطاها لها فقالت " هل سأشعلها بالهواء يا سيد سهيل " فنظر لها وهو يود أن يخنقها
ثم اشعل لها السيجارة وهو ينظر في عينيها البنيتين كلون معشوقته القهوة
أخذت روشان نفسا عميقًا من السيجارة وزفرته بحدة ثم بدأت الكلام
"عمي زهران كان مستهترًا في كل مراحل حياته ولم يكن يعتمد عليه على الاطلاق فما كان من جدي السمنودي إلا أن سجل أملاكه باسم والدي
، ليحافظ علي أمواله، واشترط على عمي أن ينتبه لأعماله و يتوقف عن إسراف الاموال و تبذيرها يمنه و يسره، وألا يبذر ما تعب فيه جدي على الساقطات اللوات كان يصاحبهن، أو على موائد القمار التي كان يرتادها، فامتثل عمي لكلامه، واتفق مع والدي على انشاء شركه للمقاولات فهذا هو مجاله الذي يبرع فيه، فانشأ والدي له الشركة وسجلها باسمه، لكنه أبدًا لم يكن ليعطيه المال إلا بحساب، و يعرف إلى أين سيذهب المال؟ و باي مشروع ؟ و ما درجه تقدم المشاريع؟ لكن عمي لم يكن يهمه اتقان تنفيذ المشروع بقدر ما كان يهمه أن يسحب من والدي نقودًا يضع منها القليل في المشروع و يضع الباقي بجيبه، بالطبع كان هذا على حساب متانة الأساسات، بعد فتره انهار احد المشروعات على العمال اثناء التنفيذ، صعق والدي و عندما انكشف له تلاعب عمي بالمواد الأولية وغشه فيها لم يرحمه ابدا، و قام بالإبلاغ عنه، وأحضر من كان لهم صله بالموضوع، وثبتت التهمه على عمي و دخل السجن وحكم عليه بالإعدام فلقد توفي الكثيرون نتيجة سقوط المبنى"