حلقة 12مأساة سعاد

1064 Words
جلست سعاد في بيت والديها عدة أيام بسبب مرض والدتها و كانت اختها أيضا تبيت معهم و تأتي زوجات أخواتها من حين لأخر للأطمئنان عليهم ، عاشت هذه الأيام الصعبة تعاني الأمرين من خوفها على والدتها و قلقها لتدهور حالتها الصحية و في نفس الوقت تعيش مأساة ذكرياتها المؤلمة التي تلاحقها حتى الأن و ما زالت ال*قدة القديمة تطاردها في كل لحظة فأبويها ما زالوا يعاملونها بنفس الطريقة و بالرغم أن أمها حين مرضت لم تجد سوى بناتها هن اللواتي يتفانون في خدمتها إلا أنها ما زالت تفرق بينهم في المعاملة و تفضل عليهن الذكور يا لها من مأساة مكررة في كل بيت بشكل مختلف هذا غير أن أم سعاد أيضا تفضل سلوى اخت سعاد عليها و ربما سعاد ترى في نفسها بعض الطباع السيئة و لكن كيف تحملها سعيد و لم يشكوا منها أو يرى فيها أي نقص ، أه يا سعيد أنت خير عوض عوضني به الله عن كل ما عانيته في حياتي اللهم بارك لي فيه يا ربي هو و أولادي هذا الحوار هو ما يدور دائما بنفس سعاد و هو ما يجعلها ت**د و تتحمل ما تعانيه هي لا تنسى مطلقا حين كان يأتي سعيد لزيارتهم فيتعمد أخيها محمود أن يضايقه و يعاملها بقسوة أمامه و يحرجها بأفعاله و يؤذي مشاعرها لو كان شخص آخر غير سعيد ما تحمل ما يحدث و لابد أنه سيهرب من هذه العائلة التي لا تحترم ضيوفها و لكن سعيد تمسك بها و تحمل من أجلها الكثير و الكثير . أخذت سلوى يد امها تساندها حتى تدخل الحمام في نفس الوقت ذهبت سعاد تعد لها الطعام سريعا عادت والدة سعاد من الحمام و ارتاحت على سريرها بمساعدة سلوى رن هاتف سلوى معلنا عن مكالمة هاتفية من زوجها فاستأذنت امها و تركت الغرفة لترد على مكالمة زوجها بعيدا كي لا تزعج امها أتت سعاد تحمل صينية الطعام إلى أمها لتطعمها في سريرها قالت الأم - لا يا سعاد لا أريد أن أأكل معدتي لا تحتمل أي طعام - أرجوكي يا امي أنتي لم تأكلين أي طعام منذ الصباح - هل بدلتي لي الفراش اليوم - بدلته سلوى في الليل لم يمر عليه عدة ساعات - هذا هو الفرق بينك و بين سلوى **تت سعاد و كتمت حزنها في قلبها و لم تنبس ببنت شفة فحالة امها لا تحتمل أي شيء سوى ال**ت التام دون أي تعليق أو حتى تعبير بملامح الوجه ، سمعت صوت طرقات الباب فتركت سعاد أمها لتفتح الباب و حين فتحت وجدت محمود أخيها أمامها دخل البيت دون سلام و لا كلام كعادته قالت سعاد - ألن تأتي لتطمئن على أمك ؟ - سأدخل لها الان - حاول أن تطعمها فهي م**مه أن لا تأكل - و انت لماذا لا تطعميها ؟ - حاولت مرارا و تكرارا على مدار اليوم ذهب محمود إلى غرفته لتبديل ملابسه ثم عاد إلى غرفة أمه قال محمود يمزح - ما شاء الله انت اليوم في أحسن حال يا أمي - لك يومين لم تسأل عني و انت معي في نفس البيت ماذا ستفعل حين تتزوج و تذهب لبيت اخر ؟ - لا أحب أن اراك في هذا الحال يا حبيبتي و أنت تعرفين ذلك - و انت تعرف أنني أشتاق إليك - المهم الآن أنا لم أكل منذ الصباح و اتيت لأكل معك - كل أنت يا حبيبي أنا لا احتمل أن يدخل معدتي أي طعام - لا يا امي لن أأكل بدونك و أخذ محمود يطعمها بيديه فأكلت من يده و تذكرت سعاد حين حاولت أن تطعمها بيديها و رفضت بعنف و أصرت على الرفض أستفزها الموقف فتركت الغرفة أتت سلوى بعد أن أنهت المكالمة الهاتفية التي قالت مازحة - حبيب قلبك أتى لذلك طعمتي من يده - لا تحسدينا أيتها الحاقدة - أنا لست حاقدة يا حبيب قلب أمك - ما لك و اخوك محمود يا سلوى لم تبالي سلوى بتفرقة والديها بينها و بين إخوتها الذكور و حاولت بذكائها أن ت**بهم بعض الشيء قررت أن لا تخسر كل شيء و تعيش مأساة لن تجني من وراءها اي مكاسب بل لن تجني سوى مزيدا من الالم ع** سعاد التي لم تحاول جني أي مكاسب من اي نوع وظلت مأساتها بداخلها لا تنتهي مهما مرت الأيام . سمعت سعاد صوت طرقات الباب ففتحت فوجدت ابيها هو الطارق فقالت مرحبة به - تفضل يا أبي كيف حالك الان ؟ رد متجاهلا كلامها - أين أخوك محمود ؟ - محمود مع امي بحجرتها - هل اتى أي من أخواتك أبراهيم أو محمد ؟ - لا يا أبي أنا يومان لم نرى أيا منهم و لا أيا من زوجاتهم - بالتأكيد لديهم مشاغل - أعانهم الله - سعيد يستأذنكم أن يأتي اليوم للأطمئنان على صحة أمي - هو يأتي كل يوم ليأخذ أولادكم ليذهبوا للمدرسة - نعم و لكن ينتظرهم أمام البيت لا يأتي إلينا هنا في هذه الساعة المبكرة من الصباح - سعيد رجل يعرف الأصول بالتأكيد يشرفنا في أي وقت - هو يحبكم جدا يا أبي و يقدركم - و نحن نحبه و نقدره طبعا يكفي أنه أراحنا منك هههههه بالرغم أن ابيها يقل ذلك على سبيل المزاح إلا أن الكلمة أثارت غضبها و لكنها أخفت ما بداخلها بضحكة صفراء قالت لأبيها بطريقة مستفزة - سألت عن كل أخوتي الا سلوى - أنت تعرفين أنني لا أسأل سوى عن الرجال البنات ينتمون لأزواجهم فقط لا ينتمون لي ردت سعاد بتحدي - أذا كان كلامك صحيح يا أبي فلا مكان لنا هنا و يجب أن تأتي زوجة ابراهيم و زوجة محمد لخدمة أمي في مرضها و ليست أنا أو سلوى - و هل تقبلين أن تخدم أمك امرأة غريبة و انت موجودة على قيد الحياة أنت و أختك - ليست غريبة بل هي زوجة الغاليين و انتمائهم و ولائهم لأزواجهم و عائلات أزواجهم - أذهبي للجحيم لا نريدك ما دامت خدمتنا تضايقك - لا تضايقني يا أبي و لكن فقط أردت أن تعلم أن أبنائك الرجال الذين ينتمون لكم لم نرى وجوههم منذ يومين لا هم و لا زوجاتهم أما البنات اللواتي لا ينتمون لكم هن من يحملن همومكم دوما أنت و أمي حتى محمود لم نراه منذ يومين الا الان بالرغم من أنه يقيم معنا بنفس المنزل - أغربي عن وجهي يا سليطة ا****ن أنا لا احتمل أي كلمة الان من اي مخلوق - انت دائما لا تحتمل أي كلمة مني أنا تحديدا رغم اني أكثر أبنائك حبا لك لم تتمالك سعاد نفسها من البكاء فتركت المكان كله و ذهبت إلى الحمام وقفت أمام صنبور الماء تغسل وجهها مرارا و تكرارا و كلما غسلت عينيها تزرف مقلتيها الدموع مرة أخرى و لا تتوقف عن البكاء حتى ألتهبت مأقيها و يمر أمام عينيها كل ما حدث بحياتها منذ وعيت على هذا البيت و كأنها تشاهد فيلم سينمائي .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD