جلست سعاد في بيت والديها عدة أيام بسبب مرض والدتها و كانت اختها أيضا تبيت معهم و تأتي زوجات أخواتها من حين لأخر للأطمئنان عليهم ، عاشت هذه الأيام الصعبة تعاني الأمرين من خوفها على والدتها و قلقها لتدهور حالتها الصحية و في نفس الوقت تعيش مأساة ذكرياتها المؤلمة التي تلاحقها حتى الأن و ما زالت ال*قدة القديمة تطاردها في كل لحظة فأبويها ما زالوا يعاملونها بنفس الطريقة و بالرغم أن أمها حين مرضت لم تجد سوى بناتها هن اللواتي يتفانون في خدمتها إلا أنها ما زالت تفرق بينهم في المعاملة و تفضل عليهن الذكور يا لها من مأساة مكررة في كل بيت بشكل مختلف هذا غير أن أم سعاد أيضا تفضل سلوى اخت سعاد عليها و ربما سعاد ترى في نفسها بعض الطباع السيئة و لكن كيف تحملها سعيد و لم يشكوا منها أو يرى فيها أي نقص ، أه يا سعيد أنت خير عوض عوضني به الله عن كل ما عانيته في حياتي اللهم بارك لي فيه يا ربي هو و أولادي هذا الحوار هو ما يدور دائما بنفس سعاد و هو ما يجعلها ت**د و تتحمل ما تعانيه هي لا تنسى مطلقا حين كان يأتي سعيد لزيارتهم فيتعمد أخيها محمود أن يضايقه و يعاملها بقسوة أمامه و يحرجها بأفعاله و يؤذي مشاعرها لو كان شخص آخر غير سعيد ما تحمل ما يحدث و لابد أنه سيهرب من هذه العائلة التي لا تحترم ضيوفها و لكن سعيد تمسك بها و تحمل من أجلها الكثير و الكثير .
أخذت سلوى يد امها تساندها حتى تدخل الحمام في نفس الوقت ذهبت سعاد تعد لها الطعام سريعا عادت والدة سعاد من الحمام و ارتاحت على سريرها بمساعدة سلوى رن هاتف سلوى معلنا عن مكالمة هاتفية من زوجها فاستأذنت امها و تركت الغرفة لترد على مكالمة زوجها بعيدا كي لا تزعج امها أتت سعاد تحمل صينية الطعام إلى أمها لتطعمها في سريرها قالت الأم
- لا يا سعاد لا أريد أن أأكل معدتي لا تحتمل أي طعام
- أرجوكي يا امي أنتي لم تأكلين أي طعام منذ الصباح
- هل بدلتي لي الفراش اليوم
- بدلته سلوى في الليل لم يمر عليه عدة ساعات
- هذا هو الفرق بينك و بين سلوى
**تت سعاد و كتمت حزنها في قلبها و لم تنبس ببنت شفة فحالة امها لا تحتمل أي شيء سوى ال**ت التام دون أي تعليق أو حتى تعبير بملامح الوجه ، سمعت صوت طرقات الباب فتركت سعاد أمها لتفتح الباب و حين فتحت وجدت محمود أخيها أمامها دخل البيت دون سلام و لا كلام كعادته قالت سعاد
- ألن تأتي لتطمئن على أمك ؟
- سأدخل لها الان
- حاول أن تطعمها فهي م**مه أن لا تأكل
- و انت لماذا لا تطعميها ؟
- حاولت مرارا و تكرارا على مدار اليوم
ذهب محمود إلى غرفته لتبديل ملابسه ثم عاد إلى غرفة أمه قال محمود يمزح
- ما شاء الله انت اليوم في أحسن حال يا أمي
- لك يومين لم تسأل عني و انت معي في نفس البيت ماذا ستفعل حين تتزوج و تذهب لبيت اخر ؟
- لا أحب أن اراك في هذا الحال يا حبيبتي و أنت تعرفين ذلك
- و انت تعرف أنني أشتاق إليك
- المهم الآن أنا لم أكل منذ الصباح و اتيت لأكل معك
- كل أنت يا حبيبي أنا لا احتمل أن يدخل معدتي أي طعام
- لا يا امي لن أأكل بدونك
و أخذ محمود يطعمها بيديه فأكلت من يده و تذكرت سعاد حين حاولت أن تطعمها بيديها و رفضت بعنف و أصرت على الرفض أستفزها الموقف فتركت الغرفة أتت سلوى بعد أن أنهت المكالمة الهاتفية التي قالت مازحة
- حبيب قلبك أتى لذلك طعمتي من يده
- لا تحسدينا أيتها الحاقدة
- أنا لست حاقدة يا حبيب قلب أمك
- ما لك و اخوك محمود يا سلوى
لم تبالي سلوى بتفرقة والديها بينها و بين إخوتها الذكور و حاولت بذكائها أن ت**بهم بعض الشيء قررت أن لا تخسر كل شيء و تعيش مأساة لن تجني من وراءها اي مكاسب بل لن تجني سوى مزيدا من الالم ع** سعاد التي لم تحاول جني أي مكاسب من اي نوع وظلت مأساتها بداخلها لا تنتهي مهما مرت الأيام .
سمعت سعاد صوت طرقات الباب ففتحت فوجدت ابيها هو الطارق فقالت مرحبة به
- تفضل يا أبي كيف حالك الان ؟
رد متجاهلا كلامها
- أين أخوك محمود ؟
- محمود مع امي بحجرتها
- هل اتى أي من أخواتك أبراهيم أو محمد ؟
- لا يا أبي أنا يومان لم نرى أيا منهم و لا أيا من زوجاتهم
- بالتأكيد لديهم مشاغل
- أعانهم الله
- سعيد يستأذنكم أن يأتي اليوم للأطمئنان على صحة أمي
- هو يأتي كل يوم ليأخذ أولادكم ليذهبوا للمدرسة
- نعم و لكن ينتظرهم أمام البيت لا يأتي إلينا هنا في هذه الساعة المبكرة من الصباح
- سعيد رجل يعرف الأصول بالتأكيد يشرفنا في أي وقت
- هو يحبكم جدا يا أبي و يقدركم
- و نحن نحبه و نقدره طبعا يكفي أنه أراحنا منك هههههه
بالرغم أن ابيها يقل ذلك على سبيل المزاح إلا أن الكلمة أثارت غضبها و لكنها أخفت ما بداخلها بضحكة صفراء قالت لأبيها بطريقة مستفزة
- سألت عن كل أخوتي الا سلوى
- أنت تعرفين أنني لا أسأل سوى عن الرجال البنات ينتمون لأزواجهم فقط لا ينتمون لي
ردت سعاد بتحدي
- أذا كان كلامك صحيح يا أبي فلا مكان لنا هنا و يجب أن تأتي زوجة ابراهيم و زوجة محمد لخدمة أمي في مرضها و ليست أنا أو سلوى
- و هل تقبلين أن تخدم أمك امرأة غريبة و انت موجودة على قيد الحياة أنت و أختك
- ليست غريبة بل هي زوجة الغاليين و انتمائهم و ولائهم لأزواجهم و عائلات أزواجهم
- أذهبي للجحيم لا نريدك ما دامت خدمتنا تضايقك
- لا تضايقني يا أبي و لكن فقط أردت أن تعلم أن أبنائك الرجال الذين ينتمون لكم لم نرى وجوههم منذ يومين لا هم و لا زوجاتهم أما البنات اللواتي لا ينتمون لكم هن من يحملن همومكم دوما أنت و أمي حتى محمود لم نراه منذ يومين الا الان بالرغم من أنه يقيم معنا بنفس المنزل
- أغربي عن وجهي يا سليطة ا****ن أنا لا احتمل أي كلمة الان من اي مخلوق
- انت دائما لا تحتمل أي كلمة مني أنا تحديدا رغم اني أكثر أبنائك حبا لك
لم تتمالك سعاد نفسها من البكاء فتركت المكان كله و ذهبت إلى الحمام وقفت أمام صنبور الماء تغسل وجهها مرارا و تكرارا و كلما غسلت عينيها تزرف مقلتيها الدموع مرة أخرى و لا تتوقف عن البكاء حتى ألتهبت مأقيها و يمر أمام عينيها كل ما حدث بحياتها منذ وعيت على هذا البيت و كأنها تشاهد فيلم سينمائي .