محمد ينظر لها بغضب ثم يقول لها بحده :
- خلاص يانادية بعد كل الكلام اللى اتقال ده، انتى جبتى اخرها أنا قررت هسيب البلد كلها وهسافر الكويت مدير المدرسة عرض عليا قبل كدة، وأنا رفضت عشان مبعدش عن عشق بس دلوقتى خلاص، مش هقدر أعيش في البيت وكل حاجة حوليا بتفكرنى بيها زى ما أنتوا كنتوا السبب في ضياعها وحرمتونى منها؛ أنا هحرمكوا منى أنا مش هقدر استنى لحظة واحدة هنا.
تقف ناديه مصدومه وبأعين باكيه مردده :
- انت بتتكلم جد يامحمد... أنت عايز تسبنا وتسافر طب ازاى هان عليك عشرة السنين، وعيالنا ذنبهم اية تحرمهم منك؟ ، حرام عليك متبقاش قاسى اوى كدة يامحمد، عيالك كدة هيكرهوا عشق أنت عارف هتوصلهم لأية؟ ليه بتكبر الفجوة بينهم بدل ما تعوضهم حرمانهم منك بتأسى عليهم أكتر... مستحيل تكون أنت محمد اللى عشت معاه سنين عمرى مستحيل .
وتبكى الأم في انهيار، ويقف محمد صامد جامد المشاعر، لايقول شئ وكل ما يقوم به يبحث عن ملابس عشق ويضعها، في شنطة سفر قبل ان يضع ملابسة، وعيونة تنذف من الالام وبعد الانتهاء من وضع كل شئ ينظر لها نظرة عتاب ولوم مردد :
- خلاص مفيش داعى لكلامك ده، أنا طيارتى فاضل عليها 3 ساعات يادوب اجهز واروح المطار.
وفي هذه اللحظة يدخل خالد وشيرى، وهم يبكون بعد سماعهم صوت اباهم مع والدتهم فيتحدثون مع والده قائلا :
- يعنى خلاص يابابا هتسبنا وتسافر، ومش هنشوفك تانى متسبناش يابابا احنا عايزينك وبنحبك عشان خاطرى والنبي يابابا.
شيرى ببكاء تقول له :
- فكر تانى يابابا بلاش تسبنا إحنا محتاجينك، إحنا بنحبك متسبناش يارتى كنت أنا اللى توهت مش عشق عشان تفضل وسطنا ومتسبناش، احنا عارفين أنك بتحب عشق بس احنا ملناش دعوة.
وهنا فجاة عند هذه الكلمه ثار الاب بكل قسوة وصرخ مردد :
- لاء انتوا السبب... انتوا السبب لو كنتوا افلتوا باب الشقة مكنش مشيت وراكوا ...لو كنتوا قولتوا لامكوا إنها مش معاكوا كانت خدت بالها منها، كلوا مذنبين وذنبها في رقبتكوا كلكوا... ياترى حصلك اية ياعشقى بتاكلى.؟ طب سقعانة، ولا بردانه بتضحكى، ولا الحزن مالى قلبك زى.... اااااه حرقة قلبى عليكى ياعشق، اعيش ازاى من غيرك يارب صبرنى.
ويقف الاب وقدماه غير قادر على الوقوف، ويوجه كلامه لنادية مرددا :
- كل اللى ليكوا عندى مصاريفكم كل اول شهر هبعتالك ومتنظريش منى حاجة اكتر من كدة اشوفكوا على خير.
ناديه بانهيار تنظر له نظره عتاب ولوم، ثم تقول :
- مصاريف وفلوس، هو ده اللى باقى بينا فلوس، احنا زى ما محتاجين فلوس يامحمد محتاجينك انت محتاجين، الحضن.. والامان.. والنصيحة.. مش الفلوس بس لكن أقول أية ربنا يجمعنا تانى يامحمد بس صدقنى بكرة هيجى اليوم اللى هتندم عليه على بعدك عننا، وهفكرك بس ساعتها مش هينفع الندم، مع السلامة يامحمد ربنا معاك ويوفقك.
محمد ينظر إليهم بحزن وألم قائلا :
- مع السلامة يا ام خالد وأشوف وشكم بخير؛
ويتركهم الاب بدون ما يأخذ ابناءه في حضنة لاخر مرة وهو لا يعلم متى قلبه يحن ويعود لهم مرة اخرى، ثم ينصرف وبداخله الالم والحيره على ضياع الجميع.
تاخد ناديه اولادها في حضنها فهى من الآن أصبحت ام واب في آن واحد يالها من مسئولية صعبه ولكن قدر الله وما شاء فعل وهى ايرادة الله، ولا اعتراض لحكمة، وظلوا يبكون معا حتى نامت الاطفال في احضان امهم حملتهم على فراشهم وضمتهم إليها ، كأنما تستمد منهم القوى على محاولة العيش بمفردها... ياله من اختبار ومحنة صعبه تمر بهم، ولكن المؤمن دايما مصاب ومبتلى وعليها ان تتحمل وتصبر على ابتلاءها بصبر وجلد
........................
وفي مكان اخر عند فرحة التى تجلس حزينة تبكى بمفردها تبحث عن والدها، ولا تجده ودايما تنادى عليه بابتى كما كانت دايما تنادية تدخل عليها هالة وتحضنها مردده :
- فرحتى بتعيطى ليه ياقلبى لعبة العروسة مش عجباكى تحبى اجبلك لعبة تانية؟
فرحة تبكى ولا ترد
هالة تنظر لها وتضمها بحنان مردده :
- طب متعيطيش عشان خاطرى، بصى أنا هلعب معاكى بالعروسة تعالى تشغلها كدة ونخليها تمشى أية رأيك؟
وتحاول هالة كتيرا وتبذل كل ما وسعها لتهدئة فرحة وها هى تستجيب اخيرا حين تحركت العروسة امامها وضحكت لاول مرة حين سمعتها تغنى وفرحت هاله جدا واخذتها في حضنها بكل حنان الامومة وهتجاوبت فرحة معها واحست بحنانها، وتمر الايام وفرحة تقرب من هاله التى اصبحت فرحة كل حياتها ودنياها، وفى يوم يطرق باب الشقة لتجده حسن وعلامة السعاده على وجه فيدخل فتقترب منه هاله مردده :
- خير ياحسن مالك مبسوط اوى كدة ليه في حاجة حصلت؟
حسن بفرحه يقول :
-اتفضلى ياستى هو ده اللى مفرحنى.
هالة بتعجب تمسك منه الورق ثم تقول :
- اية ده! وتفتح الورق وتجدها دى شهادة ميلاد فرحة، أنت عرفت تطلعها ازاى ياحسن وكمان البسبور.
- عملتها أمتى فدى من ساعة ما قررنا انها هتبقى بنتنا، وأنا مش ساكت لحد ما لاقيت حد في السجل يكتبها باسمى وخد حلاوتة.
هالة تنظر له بسعاده وتقول :
- يعنى كدة إحنا في امان، وفرحة بقت رسمى بنتنا.
حسن ببتسامه يردد :
- ايوة ياهالة مش شهادة ميلادها معاكى اهى، عايزين بقى نحجز في اقرب وقت لدبى عشان نختفى خالص، وانا النهاردة هقول لياسر أننا مسافرين عشان انتى حامل، وأنا مش هقدر اسيبك لوحدك وهتيجى معايا قي دبى.
هالة تنظر له بفرحه وتقول :
- خلاص اتفقنا ياحسن وأنا هجهز الشنط وهشترى حاجات لفرحة قبل السفر.
حسن بنظره اعتراض يقول :
- بلاش تشترى حاجة أنتى اشتريتى قبل كدة تبقى، تجيبى اللى عايزاه من هناك أنا مش عايزها تظهر خالص ياهالة افهمينى خايف حد يشوفها معاكى انتى بس حضرى نفسك وشنطتك ولما نوصل بالسلامة تبقى تجيبى ليها دبى كلها.
هالة اومات براسها ثم قالت :
- حاضر ياحسن بس أنا لازم أنزل اروح الجمعية الخيرية، وابلغهم أنى هسافر واخلى سميرة مديرة الجمعية تمسكها بدالى مع وفاء، وانسق معاها الشغل وبعدين ابقى اتابعها من هناك.
حسن ي**ت قليلا ثم يقول :
- خلاص روحى أنتى، بس سيبى فرحة معايا ولما ترجعى هبقى أروح الشركة عشان أبلغ ياسر، واعمل اجتماع واخلى ياسر يمسك الشركة لحد ارجع تانى.
هالة تنهض ثم تقول برجاء :
- حسن وحياتى عندك خلى بالك منها، اوعى تزعلها وخليك حنين معاها والنبي إحنا هنتعب شوية لحد ما تاخد علينا.
حسن ينظر لها ويقول بهدوء :
- انتى بتوصينى على بنتى ياهالة، فرحة خلاص بقت بنتى رسمى وربنا يعلم محبتها في قلبى اد اية يالا روحى انتى مشوارك ومتتأخريش علينا.
هالة:حاضر ياحسن
وتركض هالة تحضن فرحة وتضع قبلة على وجنتيها، وتذهب إلى الجمعية لترتب احوالها هناك.
حسن يحاول ان يتقرب إلى فرحة التى تكون حذرة ومنكمشة في نفسها في بادئ الامر، لكنه بذكاءة يقترب منها رويدا رويدا، محاولا اللعب معها بعروستها وبعد فترة تتقبل اللعب معه ويعيش حسن احساس لم يجربه من قبل، احساس الابوة، والحب يغذو قلبه تجاه فرحة وكأنها ابنتة من صلبه، ياااه له من شعور عجيب ولذيذ، ويمر الوقت دون ان يشعر حسن وفرحة تلعب معه في فرح وسعادة إلى ان تأتى هالة مسرعة إليهم في فرح حين رأت السعادة على وجه زوجها.
هالة تنظر له بسعاده، مردده،،،
-حسن اول مرة من سنين الاقيك فرحان وسعيد كدة.
حسن ينظر لها بفرحه على وجهه مردد:
-فعلا ياهالة أول مرة انسى الدنيا كدة، واعيش السعادة الحقيقية اللى اتحرمت منها... فرحه حسستنى أنى لسة عايش، وليا قلب بينبض احساس الابوة لا يوصف، أنا كنت هندم ندم عمرى لو كنت ضيعتها من، ايدى فرحة دى عوض ربنا لينا وجزاءنا على صبرنا الحمدلله انها معانا.
هالة تقترب منه وتربت على كتفه في حنو مردده :
- الحمدلله ياحسن ربنا يقدرنا ونسعدها، زى ما اسعدتنا ودخلت الفرحة في قلوبنا يارب.
- ان شاء الله ياهالة، أنا همشى بقى عشان أروح ارمى القنبلة لياسر، واحجز التذاكر واحضر شنطتى واجيلك قبل المعاد.
هالة محتضنه زوجها بحب، ثم قالت :
- مع السلامة يا حسن.
حسن مودعها بحب :
- مع السلامة حببتى اشوف وشك بخير.
ويقرب حسن من فرحة ويحضنها ويضع قبلة على خديها ويقول :
مع السلامة يافرحتى باى.
فرحة بسعاده تقول :
باااى بااابتى
وهنا ي**ت حسن وينصدم من فرحته، انتى قولتى اية يافرحة قوليها وثالث وعاشر والدنيا مش سيعاه من الفرحة.
فرحة :باااابتى..باااابتى
ففرحة نطقتها وهى لا تعنى هذه الكلمة فهى متعودة دائما تقولها لوالدها حين يودعها كل صباح، ولا تعلم بهذه الكلمة البسيطة ماذا فعلت بحسن الذى عشق هذه الكلمة التى يسمعها لاول مرة في حياتة.