الفصل الرابع

4761 Words
إستيقظت بعد ساعات قليلة تشعر بصداع شديد يكاد يقسم رأسها نصفين...وضعت يدها على حبينها و هي تفتح عينيها ببطئ قبل أن تغمضهما من جديد بعد أن تفاجأت بضوء ساطع كاد أن يعميها لشدته... تأوهت بتعب من آلام رأسها و جسدها و هي تدير عيناها من جديد حولها متفادية ذلك الضوء الساطع الذي لم تكتشف مص*ره حتى الآن... لتنهض فجأة بعد أن تذكرت ما حصل معها منذ ساعات....رواية بقلمي ياسمين عزيز كانت تخرج من النادي الليلي الذي تعودت ان تسهر فيه مع أصدقائها و هذه الليلة كانت إحتفال بعيد ميلاد صديقتهم فيري خرجت بعد أن ملت من الحفل و صار الوقت متأخرا...كانت خارجة من النادي متجهة نحو سيارتها التي جلبها لها الحارس لكنها تفاجأت بسيارة كبيرة سوداء تقف أمامها و شخصا ما يجذبها للداخل دون أن ترى وجهه كل ذلك حصل في ثانيتين من الوقت...و بعدها أغمي عليها و لم تعد تشعر بشيئ و هاهي الان تستيقظ في مكان غريب ... وقفت بخطوات مترنحة و هي تحاول معرفة أين هي...اصابها الهلع و الذعر بعد أن إكتشفت أنها ليست في غرفتها الفاخرة... بل كانت في غرفة قذرة أشبه بالصندوق الكبير تحتوي على سرير قديم و مصباح معلق في السقف جدرانها مازالت بلون الأسمنت و بعضها حجارة هرولت نحو الباب لتتعثر بفستانها الأحمر الضيق الذي عرقل حركتها لتسقط على الأرضية الصلبة المليئة بالغبار و الاتربة و الحشرات الصغيرة... صرخت بخوف قبل أن تستقيم من جديد نحو الباب... ض*بت الباب بكفيها عدة مرات بقوة و هي تصرخ :"إفتحوا... خرجوني من هنا....إفتحوا الباب.... ظلت تصرخ و تبكي بأعلى صوتها و هي ترسم عدة أفكار سيئة في رأسها عن سبب وجودها في هذا المكان الموحش... تراجعت للخلف عندما سمعت صوت مقبض الباب ليظهر من وراءه رجلين ضخمين يرتديان ملابس سوداء.. إرتجفت بخوف عندما لمحت إبتسامتهما الخبيثة و هما يتفحصان جسدها بوقاحه بسبب ملابسها الضيقة و العارية... تصنعت الشجاعة و هي تكاد تسقط في مكانها من شدة الرعب :"إنتوا مين و جايبيني هنا ليه؟؟إنتوا مش عارفين انا مين؟؟ نظر الرجلان لبعضهما راسمين على وجههما إبتسامة مستهزءة قبل أن يتطوع أحدهما و يجيبها :" حتى لو كنتي بنت رئيس الوزراء... تنفست الهواء بقوة قبل أن تجيبه بحدة رغم إرتعابها من نظراته الخبيثة التي يرمقها بها :" انا بنت المستشار ماجد عزمي... **تت قليلا قبل أن تكمل بلهجة اقل حدة :"لو عاوزين فلوس انا حد*كوا كل اللي إنتوا عاوزينه بس سيبوني امشي من هنا... انا معرفكمش...... ضحك الرجل الثاني لتزداد ملامحه شراسة بصوته الغليظ الذي ملأ قلب المسكينة رعبا حتى يكاد يتوقف :" بس إحنا مش عاوزين فلوس... إحنا عاوزينك إنت يا قمر ". إلتفت لصديقه ليغمزه ثم إنفجرا بالضحك مرة أخرى.... رعب، خوف، هلع كلمات لا تصف ماتشعر به يارا بعد سماعها لكلام الرجلين المخيفين... نظرت لأجسادهما الضخمة ليجتاح الذعر كامل اوصالها و تشعر بجفاف في حلقها و قلبها يدق بشدة حتى يكاد يخرج من قفصها الص*ري تراجعت للخلف عدة خطوات و هي مازالت تتفرس هيأتهما المخيفة و الاوشام التي كانت تغطي يديهما و رقبتهما... ناهيك عن تلك الندبة التي كانت تقسم وجه أحدهما لتزيد من منظره الإجرامي خطورة و هلعا في نفسها... تمتمت برجاء و وجهها غرق بدموعها :"ارجوكوا بلاش كده انا حد*كوا فلوس كثيرة اطلبوا المبلغ اللي إنتوا عاوزينه...إدوني موبايلي حكلم بابا و هو يبعثلكم فلوس بس و النبي سيبوني انا معرفكمش رواية بقلمي ياسمين عزيز ... تكلم أحد الرجلين ببرود ليزيد من ضغطها النفسي و هي التي تجاهد حتى لا يغمى عليها من شدة الخوف :" بس إحنا نعرفك...و إنت هدية لينا من الباشا الكبير... متقلقيش حنتسلى اوي مع بعض الليلة... لوحت بيدها أمامها صارخة بتوسل :" ارجوكوا لا... إنتوا مش ممكن تعملوا فيا كده... انا مش أذيتكوا في حاجة إنتوا معندكوش إخوات... رواية بقلمي ياسمين عزيز صفحتي على واتباد قاطعها أحدهما بحدة ارعبتها :"جرى إيه يابت إنت... إنت حتعملي نفسك شريفة علينا داه إحنا خاطفينك من قدام كباريه بفستانك اللي شبه ال.... إخرسي بقى و إتلمي و خلي ليلتك تعدي على خير هما ساعتين زمن ننبسط فيهم و نرجعك مكان ماجيتي...و لو عاوزة الطريقة الصعبة بردوا إحنا جاهزين بس إنت اللي حتتضرري في الاخر و حتبقى نهايتك يا المستشفى يا الخرابة و على فكرة وفري صوتك الحلو داه و إتكتمي عشان إحنا في مكان بعيد و لو فضلتي تصرخي لبكرة الصبح مفيش حد حيسمعك.... مفهوم يا.... صرخ في آخر كلامه و عيناه تقدح شرارا..ضخمين للغاية و ملامحهما تدل على أنهما من أصحاب السوابق ذوي القلوب الميتة التي لا طالما سمعت عنهم... يخ*فون يغتصبون و يقتلون بدم بارد... جرائهم لا تحصى و لاتعد... و هي ضحيتهم الجديدة....تكاد تختنق بشهقاتها و هي تتوسلهم ان يتركوها دون جدوى... الاصرار و التجاهل هذا ما لمحته في أعينهم لن يتركوها مهما قالت أو فعلت... لن تستطيع النجاة منهم او التغلب عليهم في هذا المكان المقطوع... لطالما سمعت عن جرائم الا****ب و الخطف لكن لم تكن تظن انها ستكون ضحية في احد الايام... خانتها ساقاها و لم تعد قادرتان على حملها لتتنزلق على الأرض بعد أن سمعت أحدهما يقول :"خمس دقائق و راجعين ياقطة..جهزي نفسك...". غمزها و هو يدعك أنفه باصبعه بحركة قذرة تدل على إستهلاكه للم**رات...لتوقن يارا أن نهايتها إقتربت و لا نجاة لها بعد هذه الليلة إلا بمعجزة... لطمت فخذيها بكفيها قبل أن تنتحب بيأس و هي تدعو الله بداخلها أن ينفذها من براثن هذين الوحشين الجائعين .... في برلين.... ألمانيا.... في إحدى المستشفيات... تجلس سيلين أمام أحد الغرف تنتظر خروج الطبيب منذ ساعات طويلة بعد أن تدهورت صحة والدتها و اغمي عليها فجأة لتظطر لنقلها إلى المستشفى... رفعت رأسها عندما سمعت صوت الباب تلاه خروج الطبيب الذي كان يفحص هدى بالداخل هرولت نحوه قائلة بلهفة :"دكتور طمئني ارجوك... هل هي بخير؟؟؟ الطبيب بلهجة بعملية :" الان هي بخير... لكن أنت تعلمين وضع قلبها إنه ضعيف... تحتاج عملية جراحية في أقرب وقت... الأدوية لا تكفي لقد تعدت مرحلة العلاج بالأدوية.... العملية هي الحل..لن ت**د طويلا.... سيلين بحزن يغمر قلبها :" لكن دكتور..كلفة العملية باهضة جدا...الا يوجد حل آخر... الطبيب بأسف:" لقد أخبرتك يا آنسة..تحتاج تدخلا جراحيا في أقرب وقت و إلا فقدناها.. سوف أتكلم مع إدارة المشفى.. تستطيعين تقسيط المبلغ.... تدفعين نصفه الان و النصف الاخر بعد إجراء العملية..... اومأت له سيلين بإيجاب دون أن تجيبه لينسحب الطبيب مكملا عمله بينما بقيت هي تفكر :"يا إلهي إنها ستون الف يورو من أين سأجلب مبلغا كهذا...انا بالكاد أسدد فواتير الكهرباء و الماء و الطعام.... لم أستطع شراء حذاء جديد منذ سنتين...مالذي علي فعله... صاحب العمل لن يوافق على إعطائي سلفة بهذا. المبلغ الضخم...لا يوجد حل سوى بيع المنزل... لكن هذا سيحتاج وقتا طويلا حتى أجد سعرا مناسبا و منزلا جديدا...يا إلهي انقذ أمي لايوجد لي أحد سواها.... أدمعت عيناها بعجز و هي تحدق بباب الغرفة المغلق حيث تنام والدتها وراءه بقلب انهكه المرض ماذا سيحدث لها لو خسرتها... هي لا تعرف أحدا في هذا العالم سواها... لا أقارب و لا أصدقاء... يبدو أن والدتها محقة عندما طلبت منها العودة إلى الوطن... عادت من شرودها على صوت الممرضة التي سمحت لها بالدخول و رؤية والدتها لدقائق قليلة فقط.... دلفت إلى الداخل بقلب ممزق و عينان محمرتان من شدة البكاء...أمها روحها الثانية تنام بقلة حيلة على سرير أبيض يدها موصولة بأنابيب و معدات طبية لم تفقه منها شيئا... فلتت منها شهقة رغما عنها لتضع يدها على فمها تبتلع بقية شهقاتها بداخلها حتى شعرت بكف والدتها الحنون تمسك يدها... لتنتفض بهلع قائلة بغصة :"مامي إنت كويس؟؟ اندهلك الدكتور.... سعلت هدى قليلا قبل أن تجيبها بصوت متعب و ضعيف :" لا يا حبيبتي انا كويسة... متخافيش عمر الشقي... سيلين ببكاء و هي تمسك بيدها كف والدتها البارد:"مام الدكتور قال لازم عملية ب 60 الف يورو... اكملت حديثها باللغة الألمانية مبلغ كبير من أين سنحصل عليه.. سأبيع المنزل... لكن يلزمني القليل من الوقت و الطبيب يقول يجب أن تخضعي للعملية في اقرب وقت... هدى بابتسامة ضعيفة :" متقلقيش يا حبيبتي انا حبقى كويسة...متبكيش يا ضنايا كل مشكلة و ليها حل بإذن الله... سيلين بدموع :" أعلم و لكني سأموت إن حصل لكي شيئ... امي ارجوكي انا لا يوجد لي سواكي انت كل عائلتي... يجب أن ت**دي من أجلي... غدا صباحا سأذهب إلى كل مكاتب بيع العقارات و سوف ابيع المنزل بأي ثمن.. الطبيب قال لي اننا نستطيع تقسيم المبلغ ندفع حزءََالان و الباقي بعد العملية... أغمضت هدى عينيها بتعب فقد حان الوقت المناسب لتنفيذ ماعزمت عليه منذ رحيل زوجها يجب أن تعيد إبنتها إلى عائلتها... لن تبقيها وحيدة ستفعل اي شيئ لإنقاذ وحيدتها من الضياع في هذا البلد الغريب الذي إلتهم سنوات عمرهما دون رحمة.... أخذت نفسا عميقا قبل أن تتحدث بهدوء:"مفيش داعي تبيعي البيت... انا حقلك إزاي تجيبي فلوس العملية... إسمعيني كويس يا بنتي و متقاطعينيش عشان انا بتكلم بالعافية.... اومأت لها صغيرتها و هي تمسح دموعها التي إنهمرت على وجنتيها المحمرتين قبل أن تركز جميع حواسها مع حديث والدتها.... :"...... داه أحن واحد فيهم انا ربيته زمان لما كان صغير...انا سبته و هو عمره إثناعشر سنة اكيد لسه فاكرني...عشان خاطري. ياحبيبتي وافقي و روحيله...انا بقالي سنتين بتابع أخباره هو كبر و درس محاماة بس هو حاليا ماسك شركات بابا... بقى رجل أعمال ناجح.... من هو صغير و هو ذكي جدا انا كنت عارفة إنه لما حيكبر حيبقى حاجة عظيمة و فعلا مخيبش ظني... تن*دت سيلين باستسلام فهي و إن كانت في الماضي ترفض الذهاب لمصر و الالتقاء بعائلة والدتها إلا أنها مضطرة الان من أجل والدتها.. تحدثت بصوت منخفض دلالة على موافقتها رغما عنها و هذا ماكانت تعلمه والدتها لكنها تجاهلت رأيها ليس من أجل الحصول على ثمن العملية بل من أجل وحيدتها الصغيرة... لاتستطيع تركها وحيدة دون مأوى و سند يحميها من هذه الحياة القاسية... :"تمام... و انا وين حيعرفه؟؟ انا نسي إسمه؟ هدى :" إسمه سيف عز الدين...ادخلي اوضتي حتلاقي في الدرج الثاني بتاع تسريحتي... في شوية فلوس كنت مخبياهم من مصروف البيت و معاهم صندوق صغير بني فيه صور كثير...صور عيلتي اللي دايما بف*جك عليهم... اومأت سيلين بتفهم لتكمل :"تحت الصور حتلاقي ظرف أبيض صغير إفتحيه حتلاقي ورقة فيها عنوان الشركة الرئيسية للمجموعة هو دايما بيكون هناك...و مع الورقة حتلاقي سلسلة فضة فيها قلب صغير... القلب داه بيتفتح جواه صورتين واحدة صورتي زمان قبل ما أتجوز و الثانية صورة سيف... السلسلة دي كان هدية منه عشان كان بيحبني اوي و قريب مني جدا... كان بيعتبرني أمه الثانية.... رواية بقلمي ياسمين عزيز سيلين بقلق :"حاضر انا الليلة ححجز في أول طيارة نازلة مصر و حروحله الشركة و حاخذ السلسلة معايا.... بس انا خايف هو مش يفتكر إنت... هدى :" سيف اللي انا أعرفه عمره ما حيعمل كده...إحنا نحاول يا بنتي و الباقي على ربنا لو مصدقكيش إبقى كلميني و انا حفهمه.... سيلين بخوف و قلق :" حاضر مام... قاطع حديثها دخول الممرضة لتطلب من سيلين مغادرة الغرفة لترتاح والدتها.... قبلت جبينها قبل أن تهمس لها في الاخير :" لا تقلقي امي سوف احاول و لن ايأس ابدا... لن أسمح بخسارتك ابدا.. لا تقلقي انا إبنتك و أنت تعرفينني...لا أستسلم بسهولة...سأهاتفك عندما اصل هناك.... إبتسمت لتهدأ من قلق والدتها عليها عليها فابنتها لازالت صغيرة وهي لم تذهب من قبل لمصر لتبادلها الأخرى إبتسامة خفيفة قبل أن ترتخي ملامحها و تغط في نوم عميق..... عادت سيلين إلى المنزل الموحش بدون وجود أمها... انارت الصالة ثم نظرت أمامها نحو الكنبة التي كانت تجلس عليها هدى كل ليلة تنتظرها حتى تعود من عملها.. رمت حقيبتها أرضا لتهرول نحو الاريكة لترتمي عليها و تجهش ببكاء مرير... الان فقط أحست باليتم رغم أن والدها غادر و تركهما وحيدتين...إلا أن والدتها عملت كل ما في وسعها حتى تكون لها الاب و الام في نفس الوقت لطالما سهرت الليالي تعمل على آلة الخياطة إلى جانب عملها اليومي بالمصنع حتى تستطيع سيلين إكمال دراستها و شراء الملابس و الأكلات التي تحبها حتى لا تشعرها بأي نقص او إختلاف عن صديقاتها اللواتي يمتلكن آباء....لطالما شعرت بلمساتها الحنونة إلى جانبها كلما شعرت بالخوف فهي كانت الملجأ الوحيد لها تحتمي به من الدنيا القاسية... في حزنها في فرحها في مرضها لم يكن غيرها إلى جانبها يواسي وحدتها حتى صارت كل حياتها... لكنها الان غير موجودة...بدا لها المنزل كقبر مظلم بدونها... هي تبكي الان و خائفة لاتستطيع المكوث لوحدها لليلة واحدة فكيف لو فقدتها... ظلت تبكي لساعات حتى جفت دموعها قبل تنام على الاريكة تحتضن نفسها و هي تتخيل انها بأحضان أمها الحنون.... في ذلك المكان المهجور.... فتح الباب من جديد لتنكمش يارا برعب و كل خلية في جسدها ترتعش حد الموت.... صوت أقدام توحي بدخول أحدهم...لترفع رأسها حيث إصطدمت عيناها بزوج من الاحذية الفاخرة أمامها... رفعت رأسها ببطئ متجاهلة السيول المنهمرة منهما لتجد أمامها رجلا طويلا و ضخما لا يقل ضخامة عن الرجلين اللذين كانا هنا منذ قليل عريض المنكبين ببشرة قمحية و عينان سوداوان غامضتان تتفرسانها بنضرات ثاقبة مخيفة جعلت جسدها يرتعش رعبا من القادم... عقدت حاجبيها باستغراب فوجهه يبدو مألوفا لها لكنها لم تتذكر أين رأته.. ربما من شدة خوفها ذاكرتها مسحت تلقائيا... كان يرتدي بدلة فاخرة كحلية اللون بدون ربطة عنق... عطره الحاد كملامحه إنتشر بكامل الغرفة مما زاد في إضطرابها... وضع يديه في جيوب بنطاله ناظرا إليها باستعلاء تحت قدميه...شعور الانتشاء و الراحة تسللا داخل جسده عند رؤيتها ذليلة و خائفة و ضائعة... تماما كحاله عندما تركته منذ سنوات... زفر بانفاسه بجمود قبل أن يجلي حنجرته متحدثا بصوت بارد :" لسه زي ما إنت...متغيرتيش". جاهدت لتقف على قدميها أمامه لتصطدم بعيون صقرية تراقبها بتمعن شديد لتجفل قليلا قبل أن تجيبه بارتعاش واضح في صوتها :"إنت... مين؟؟ قهقه عاليا حتى تردد صوت صدى ضحكاته في ارجاء الغرفة الضيقة قبل أن يتوقف فجأة و قد تحولت ملامحه الهادئة إلى أخرى تحمل الجحيم في ثناياها ليقول بصوت عميق واثق :" أنا صالح عزالدين...و رجعت عشان آخذ حقي منك... انا وعدتك زمان و انا لما بوعد بوفي.... إندفعت نحوه يارا و هي تمسح دموعها بظاهر كفها قائلة بلهفة :" صالح...الحمد لله إنك جيت انا كنت حموت و الله الناس اللي برا دول عاوزين يموتوني ارجوك خرجني من هنا... ". دفعها بغل على الأرض قائلا :"طول عمرك أنانية متغيرتيش.. مش بتفكري غير في نفسك.... نظرت نحوه بذهول و هي لاتصدق مايقوله ليكمل بنفس الحدة:" طب إيه رأيك إن انا اللي جايبك هنا... يارا بتوهان إيه؟ جايبني هنا... طب ليه؟؟ صالح و هو يرمقها باستعلاء و غرور :" ما انا قلتلك...عشان آخذ حقي منك... حاولت الوقوف ثانية رغم المها لتنجح في ذلك قائلة بصراخ:" حق إيه؟؟ إنت تجننت باعثلي ناس مجرمين يخ*فوني و جايبني في مكان زبالة زي داه و تقلي حقك.. حق إيه؟؟ لم يكن رده سوى صفحة قوية من يده الضخمة على وجنتها الرقيقة حتى سالت الدماء من جانب شفتها و جعلتها تلتصق بالحائط لتكتم يارا ألمها الحارق رغم صدمتها و إحساس الإهانة التي شعرت به فهي المدللة التي لم يتجرأ احد من قبل علي لمس شعرة واحدة منها... لفت راسها ببطئ تنظر له بصدمة لتجده ينقض عليها من جديد ممسكا ب*عرها في يده هادرا بصوت مرعد :"أول و آخر مرة تعلي صوتك قدامي...يا زبالة زيك يا تربية الشوارع و الكباريهات...فاكراني زي العيال اللي إنت مصاحباهم لا فوقي و إعرفي انا مين؟؟ انا صالح عزالدين اظن إن إنت فاكراه كويس و لو نسيتي مفيش مشكلة انا حعرف افكرك فيا إزاي؟؟؟ وضعت يارا كفها فوق يده التي كانت ممسكة ب*عرها بقوة حتى شعرت بأن بعض الشعرات تقطعت في يده لتتحدث بصعوبة :"صالح ارجوك سيب شعري... حيطلع في إيدك.... قاطع كلامها بلهجة اكثر حدة و هو يكز على أسنانه :" صالح بيه يا زبالة... صالح بيه و من هنا و رايح متتكلميش غير بإذني.... سامعة.... أنهى كلمته الأخيرة ثم رماها على الحائط و هو ينفض يديه مكملا :" حبعثلك هدوم دلوقتي تغيري قميص النوم اللي إنت لابساه دلوقتي و تغوري من هنا و خلي تليفونك في إيدك عشان لما اتصل بيكي الاقيكي موجودة.... و على الله تتأخري ثانية في الرد...أقسم بالله لخليكي الموت من اللي حعمله فيكي.... تركها في ذهول تام مما يحصل...ساقيها حرفيا لم تعودا قادرتان على حملها لم تكد تخرج من صدمة خ*فها حتى تبينت لها هوية الخاطف..لطالما ظنت انه صفحة من الماضي و إنتهت رغم إحساسها بالذنب الذي كان يقتلها كلما تذكرته... كيف لعبت بمشاعره رغم أنه أحبها بصدق لكنها كانت دائما تعذر نفسها بأنها كانت صغيرة و طائشة حتى تتحمل مسؤلية مشاعر جديدة لم تشعر بها في حياتها... شخصيتها المدللة و المغرورة جعلتها تعتقد انه من حقها أن تخطئ و لا أحد يجب عليه الاعتراض او محاسبتها... إرتكزت على الحائط تاركة دموعها تنزل ب**ت على وجنتيها و تلف ذراعيها إلى جسدها بعد أن شعرت بالبرودة تسري بكامل جسدها... نظرت إلى الباب الذي فتح مرة أخرى بترقب لترى احد الرجلين الذين رأتهما منذ قليل لتجفل و ترتعش بخوف و هي تتراجع إلى الوراء باشمئزاز من نظراته التي كانت تتفحصها بوقاحة... رمي لها الكيس ليسقط عند قدميها ثم قال بسماجة و إبتسامة خبيثة :" خسارة فلتي من إيدينا الليلة بس متقلقيش انا حبقى أكلم الباشا عشان يديلنا فرصة ثانية....يلا يا عروسة إلبسي داه و مطوليش... دقيقتين و أرجعلك.... غمزها بقلة حياء لتشعر يارا يرغبتها في التقيئ...لكنها تحاملت على نفسها لتلتقط الكيس من الأرض و تخرج محتواه لتجده عباءة سوداء فاخرة... أسرعت نحو الباب لتتأكد من إغلاقه باحكام و ترتدي العباءة فوق فستانها بسرعة قبل أن تعيد فتح الباب من جديد ليدخل بعدها ذلك الحارس الكريه قائلا :"يلا يا عروسة خلينا نمشي...حنرجعك لبيتك.... تبعته إلى الخارج لتتفاجئ بأن الغرفة تقريبا تحت الارض بعد مشت في ممر طويل ينيرة بعض المصابيح القديمة لينتهي بسلم من عدة درجات صعدته يارا وراء الحارس ثم وجدت نفسها في حديقة كبيرة لم تتضح سوى بعض الأشجار العالية تحيط بفيلا كبيرة لم يظهر منها سوى القليل بسبب الظلام.... وجدت صالح أمامها يتفرس هاتفه الذي وضعه بجيبه و بقي ينظر لها.. توقفت عن السير لكن الحارس تكلم ليطلب منها أن تتبعه :"يلا خلينا نمشي.... تبعته متجهين نحو سيارة سوداء كبيرة ليفتح لها الباب الخلفي و تصعد و هي مازالت تنظر لصالح الذي كان ينظر نحوها بوجه جامد بتعابير غامضة.... سارت السيارة حتى إختفى عن مرمى مصرها متخذة طريقها نحو وجهتها و عندما خرجت السيارة من سور الفيلا رفع الحارس البلور ليمنعها من رؤية الطريق ... بعد أقل من ساعة توقفت السيارة ثم فتح الباب... نزلت لتجد نفسها أمام ذلك الملهى و بجانبها غير بعيد عنها وجدت سيارتها... أسرعت نحوها لتفتح الباب لتجد حقيبتها في الكرسي الجانبي... اغلقت الباب بسرعة ثم شغلت السيارة قادتها بعيدا عن هذا الكابوس الذي جعلها تعيش أصعب لحظات حياتها... لم تعد تريد في تلك اللحظة سوى الاختفاء تحت أغطية سريرها و النوم علها تستيقظ لتجد ان كل ماحدث معها ليس سوى حلما سيئا... لكن هيهات فقد عاد صالح و معه بداية جحيمها الابدي... صباحا في فيلا صالح عز الدين.... و تحديدا في غرفة الصغيرة لجين... إستيقظت أروى على دغدغات الصغيرة التي سرعان ما تقبلتها و أصبحت لا تفارقها ليلا نهارا... إبتسمت و هي تقلبها لتصبح فوقها و تبدأ في دغدغتها لتتعالي ضحكات لجين السعيدة :"يا لهوي على القمر...اللي عاوز يتاكل داه.. انا حبدأ من الخدود الحلوة دي... همممم.... إنحنت عليها أروى و هي تمثل بأنها ستقضم خديها لتتلوى الصغيرة محاولة الافلات منها و هي تضحك بصوت طفولي... أما في الخارج فيقف فريد أمام باب غرفة إبنته و هو يستمع إلى صوت ضحكتها نفخ بضيق قبل أن يحرك مقبض الباب ليفتحه فقد أصبح مجبرا على رؤية تلك الفتاة المسماة زوجته كل صباح في غرفة إبنته.... طوال اليومين الماضيين لم يحدثها او يحتك كلما دخل للغرفة تخرج هي و رغم ذلك لا يرغب في وجودها و تمتعض ملامحه كلما لمحها... حالما تفطنتا لوجوده صرخت لجين :"بابي... تلقفها بين ذراعيه ليقبل وجنتيها المكتنزتين و ينشغل بالحديث معها بينما وقفت أروى من مكانها لتنسحب من الغرفه كعادتها لكنه اوقفها قائلا :" إستني.... لجين بلهفة طفوليه :" بابي.... فريد :"ياروح بابي...نمتي كويس... اومأت بايجاب برأسها و هي تنظر نحو الكيس العلبة الفاخرة التي وضعها على السرير بجانبها ليضحك على مظهرها المتلهف فهي في الاخير طفلة صغيرة لا تفقه من الحياة سوى اللهو و اللعب... تركها لتزحف نحو العلبة و تبدأ في فتحها تحت نظرات والدها الحنونة... فهو و إن كان ذو شخصية جافة مع الجميع إلا أنه حين يكون مع إبنته فهو يتحول لشخص آخر مختلف تماما...رواية بقلمي ياسمين عزيز وقف ليغادر الغرفة بهدوء كما دخل لكنه توقف حيث كانت أروى تقف ليقول لها بنبرة جافة :"خلي بالك منها... أومأت له ثم سارت نحو الطفلة التي كانت منشغلة بفتح العلبة... شهقت بفرح عندما نجحت في فتحها بمساعدة أروى لتحدثها قائلة و هي تنظر ببراءة أمامها :" شاطة... شاطة... اجابتها أروى ضاحكة :"أيوا شكلاطة...لأحلى فرولاية في الدنيا.... مدت الصغيرة يدها بحرص لتأخذ إحدى القطع تحت أنظار أروى المذهولة من جمال هذا النوع من الشوكولا الفاخرة التي لم تر مثلها سوى في الصور... بالطبع أين ستراها فمن الواضح أنها تساوي ثروة و من مثلها لا يستطيعون سوى الحصول على الأنواع العادية الموجودة في المحلات.... تجاوزت دهشتها و هي تنظر للجين التي كانت حرفيا تفترس قطع الشوكولا دون توقف مص*رة أصواتا طفولية تعبر على تلذذها... لتعاتبها أروى قائلة :"حبيبتي مينفعش ناكل شوكولا كثير... كده حتمرضي.. و كمان مش حتقدري تفطري كويس... همهمت الصغيرة برفض لتيأس منها أروى فوالدها هو من أحضرها لها إذا منعتها في فستغضب و تبكي و قد تتعرض لتوبيخ من زوجها... تن*دت بقلة حيلة قبل أن تمد يدها هي الأخرى و تشاركها الاكل بعد أن قررت انها سوف تخبر خالتها و هي ستتصرف معه.. أخذت الغطاء المصنوع بالشوكولا لتقلبه في يديها قائلة بصوت منخفض تحدث نفسها :"طيب و داه المفروض ناكله و إلا نحنطه... داه شكل حل اوي و مش هاين عليا... يالهوي انا بقول إيه دلوقتي خليني اذوق طعمه عامل إزاي.... قضمته ثم أغمضت عينيها لتهمهم بتلذذ مستمتعة بطعمه الرهيب الذي تتذوفه لأول مرة في حياتها.... في مطار برلين تيجيل في ألمانيا.... تجلس سيلين على احد الكراسي في صالة الانتظار تنتظر رحلتها المتجهة نحو مصر بقلق و توتر كبير ودعت والدتها منذ قليل قبل أن تتجه نحو المطار... وضعت يدها على ص*رها تهدئ ض*بات قلبها المتسارعة برهبة و هي ترفع نظرها كل ثانيتين للوحة البيانات التي تحتوي على موعد إقلاع الطائرات... دقيقة... إثنان... خمسة....ستة و عشرون دقيقة قضتها قبل أن تسمع صوت نداء رحلتها لتقف من مكانها متوجهة نحو المكان المخصص لكشف جوازات السفر.... إنتهت من الإجراءات ثم صعدت إلى الطائرة لتدلها المضيفة على مكانها بجانب النافذة.. دقائق قليلة ثم تعالي صوت المضيفة الأخرى تطلب من المسافرين ربط الأحزمة و الإستعداد للإقلاع نحو مصر..... بعد أكثر خمس ساعات لم تعلم سيلين كيف مروا عليها.. خرجت من باب مطار القاهرة الدولي نظرت أمامها تبحث عن سيارة أجرى (تا**ي).... أخرجت الورقة التي كانت تحتفظ بها في حقيبتها اليدوية و التي تحتوي على عنوان الشركة الذي كتبته لها والدتها باللغة العربية ثم توجهت لأول سيارة وجدت صاحبها يتكئ على بابها و هو يدخن سيجارة... تنحنحت قليلا قبل أن تتحدث:"ممكن العنوان داه...". رفع الرجل نظره نحوها ثم إتسعت عيناه بصدمة عندما رأى كتلة الجمال الواقفة أمامه مد يده بدون وعي ليأخذ الورقة منها قبل أن يتمالك نفسه قليلا و هو يستغفر بصوت مسموع قبل أن يبعد نظره عنها بصعوبة ليقرأ الورقة بصوت عال :"مجموعة عزالدين العالمية لل..... طبعا و مين ميعرفهاش... بس إنت لا مؤاخذة عاوزة تروحي هناك ليه... تناولت سيلين الورقة من يده لتخبئها من جديد في حقيبتها و هي تجيبه :" تقدر نروح لهناك و إلا اشوف تا**ي غيرك.... ". أسرع السائق نحو حقيبة سفرها ليأخذها قائلا :"إتفضلي يا آنسة.. انا بس كنت عاوز أسألك مش أكثر... إتفضلي إركبي.... نورتي عربيتي... وضع الحقيبة في صندوق السيارة ثم اسرع ليفتح لها الباب قائلا:" إتفضلي...يا آنسة.... ركبت سيلين ثم أغلق الباب خلفها ثم توجه نحو مقعده ليشغل السيارة ثم يحرك المرآة قليلا حتى يظهر له وجهها و هو يبتسم بخفة قائلا من جديد :" حضرتك جاية منين... أمريكا و إلا كندا....و إلا فرنسا.... تاففت سيلين و هي تتذكر حديث والدتها عن ثرثرة اغلب أصحاب التا**ي و توصياتها بعدم الحديث معهم لتتجاهله عله ي**ت لكنه عاد لثرثرته من جديد :" انا قلت اسليكي شوية عشان الطريق للعنوان اللي إنت إديتهولي طويل حبتين و حتزهقي.... إمتعضت ملامحها بملل من ثرثرته و صوته الاجش المزعج الا يكفيها خوفها و قلقها... و قلبها الذي يكاد يخرج من ص*رها من شدة خوفها ليأتي هذا الكائن الثرثار ليزيد عليها... بللت شفتيها قبل أن تتكلم بصوت حاولت ان يخرج واثقا ع** داخلها '"على فكرة انا مصري بس كنت في ألمانيا و لو سمحت كفاية سؤال عشان دماغي صدًعة كتير ...". قهقه السائق على لهجتها المضحكة و كيفية نطقها الطريف للحروف قائلا :"لا واضح حضرتك إنك مصري جدا ... حركت رأسها ناحية النافذة تنظر للمباني و الشوارع التي تراها لأول مرة فهي لم تأت من قبل لمصر... فتحت عينيها بتعجب عندما رأت عربة صغيرة سوداء اللون بثلاث عجلات... شهقت بانبهار قائلة :" إيه دا؟؟؟ إلتفت السائق حيث أشارت ثم أجابها :" داه إسمه توكتوك... زي التا**ي بس أصغر زي ما إنت شايفة.... تبعته سيلين حتى إختفي قبل أن يظهر لها آخرون لتبتسم بانبهار متناسية خوفها لبعض الوقت.... وقفت السيارة أمام مبنى فخم و شاهق يتكون من عشرات الطوابق.. إلتفت السائق قبل أن يخرج من سيارته قائلا :"وصلنا يا آنسه هو داه العنوان... نزلت سيلين من السيارة ثم أمسكت بحقيبة سفرها بعد أن أعطت أجرة السائق ثم جرتها نحو المبنى.... أوقفها أحد رجال أمن المبنى الذين كانوا يقفون أمام الشركة قائلا و هو يتفحصها بغرابة :" عاوزة مين يا آنسة... ". سيلين بتوتر :"أنا إسمي سيلين و عاوز سيف عزالدين....". هز الحارس حاجبيه و هو يتفحص هيئتها التي تدل على أنها ليست مصرية إبتداءََ من شعرها البني المائل للون البرتقالي و عيناها الخضراء و بشرتها البيضاء الناصعة بالإضافة إلى لكنتها الأجنبية.... أمسك بهاتفه اللاسلكي ليتحدث مع أحد ما قبل أن يومئ برأسه قائلا :" الباشا مش فاضي عنده إجتماع... تقدري تاخذي معاد و ترجعي وقت ثاني....". إعتلى الحزن ملامحها الفاتنة و هي تجيبه :"بس انا جاي من المطار... شوف شنطة.. و مش عارف اي مكان هنا... بليز كلمه قله أنا عاوز اشوفه ظروري كثير..... نفخ الحارس بضيق و هو لا يدري ماذا يفعل قبل يقول لها '"يا آنسة إفهمي... اللي بتتكلمي عليه داه سيف باشا عز الدين صاحب المكان داه كله يعني لو عاوزة تقابليه لازم تاخذي معاد مش قبل اسبوع او عشرة أيام...صدقيني مستحيل تقابليه النهاردة... دي التعليمات.... سيلين برجاء :" طب إنت خليني ادخل و انا حتصرف جوا.... نظر الحارس لزميله الذي كان يستمع لحديثهما ليأتيه متسائلا :" مالها الخوجاية دي... عاوزة إيه؟؟ الحارس الأول :"عاوزة تقابل سيف باشا.... و شكلها جاية من المطار على هنا على طول... الحارس الثاني و هو يتأملها :" تكونش واحدة من الخواجات اللي يعرفهم الباشا بس دي شكلها صغير.. اوي... نهره الحارس الأول قائلا :" سيف بيه مش بتاع الكلام داه...و بعدين إحنا ملناش دعوة انا كلمتهم فوق و هما قالولي إنه مش فاضي.... فرك الحارس الثاني لحيته بتفكير قائلا و هو مازال يتفحص ملامحها الجميلة باعجاب :"بس دي جاية بشنطتها و حرام تتبهدل... إحنا نكلم كلاوس (رئيس حرس سيف) و هو حيتصرف.... الحارس الاول بعدم إهتمام و هو يعود لمكانه :" إنت اللي تكلمه انا مليش دعوة... ". اومأ له و هو يبتسم لسيلين التي كانت تنظر نحوهما على أمل أن يسمحا لها بالدخول ليقول لها :"متقلقيش يا قمر انا حساعدك". بادلته إبتسامة بريئة و هو تقول :"حضرتك انا إسمي سيلين سامي مش قمر....". قهقه الحارس و هو يخرج هاتفه ليطلب كلاوس قائلا :" اهلا يا باشا..في واحدة خواجاية عاوزة تقابل سيف بيه شكلها صغير اوي و ..... لم يكمل كلامه حتى اقفل كلاوس الهاتف في وجهه لم يتعجب الحارس فهذا طبع كلاوس الروسي كما يسمونه... جاف و قليل الكلام لكنه ذكي جدا و ماهر في عمله مما جعل سيف يعتمد عليه كثيرا...رغم أنه مصري الأصل إلا أن والدته روسية.... تحدث الحارس وهو يعيد هاتفه إلى جيبه قائلا :" إستني هنا.. كلاوس باشا حييجي و هو حيقرر إذا كان سيف باشا فاضي و تنفع تقابليه او لا... سيلين في نفسها :" يا إلهي ما كل هذا التعقيد و كأنني سأقابل رئيس مصر...انا متعبة جدا و جائعة اوف.... و اريد النوم.... **تت عن التذمر و هي تشاهد ثلاثة رجال يقتربون منها ليتقدم نحوها أضخمهم بهيئته المرعبة لتنكمش سيلين بتوتر و تبتلع ريقها بخوف عندما سمعته يقول لها :" إتفضلي ورايا...." تبعته بسرعة محاولة مجاراة خطواته الواسعة لتمر بجانب الحارس لتبتسم له بامتنان..ثم اكملت طريقها.... دخلت إلى الداخل لتنظر أمامها بانبهار من شكل المبنى الفخم من الداخل....و الموظفون الذين كانوا يعملون دون توقف و كأنهم آلات.... امسك أحد الحارسين حقيبتها ليمررها بجهاز ما مثل الذي رأته منذ ساعات في المطار ثم وضعه في أحد الأركان بينما أشار لها كلاوس باتباعه.... صعدا المصعد ليضغط كلاوس بعض أزراره ليرتفع بهما نحو طابق معين.... نظرت سيلين حولها بتوتر و ذعر من الإجراءات الأمنية المشددة حيث لاحظت إنتشار القاردز في كل مكان في الشركة و قد ميزتهم من خلال ملابسهم المتشابهة و نظارات السوداء التي يرتدونها بالإضافة إلى السماعات البيضاء في آذانهم.... و قد قامت إحدى الموظفات بتفتيشها و قامت أخرى بالتدقيق من هويتها و جواز سفرها و هو لا ينفكون يلتهمونها بنظراتهم المتسائلة عن من تكون هذه الجميلة الصغيرة.. وصلت اخيرا أمام مكتب السكرتارية الذي يضم مجموعة من الفتيات اللواتي يعملن بجهد كل واحدة أمامها حاسوب تدقق النظر فيه.... وقف كلاوس أمام إحدى الفتيات قائلا بصوت غليظ حاد :"الباشا فاضي". هزت الفتاة رأسها و هي تعدل من نظارتها قائلة بعملية : حاليا هو فاضي بس عنده إجتماع كمان تسع دقائق بالضبط.... ". عقدت حاجبيها و إتسعت عيناها بذهول عندما لمحت للتو سيلين وراءه لتسأله :" مين الباربي دي... تجاهلها كلاوس كعادته و هو يلتفت نحو سيلين لتتبعه لتشتمه ناديا (السكرتيرة) بصوت منخفض قائلة :" غلس و بارد.. و مين المزة اللي معاه؟؟ انا اول مرة اشوفها... طرق كلاوس الباب ثم دخل بمفرده ليجد سيف منكبا على أوراقه كعادته....رفع رأيه لثوان دون أن يتحدث.... وقف كلاوس مطئطئا راسه باحترام أمام مكتبه واضعا يده فوق الاخرى أمامه ليقول :" سيف باشا في واحدة برا عاوزة تقابل حضرتك.. شكلها مش مصرية و معاها شنطة سفر الظاهر إنها جاية من المطار م**مة إنها تقابل حضرتك...". رفع سيف رأسه مرة أخرى و قد ظهر على وجهه الاستغراب ليتمتم بصوت عال :"واحدة....مقالتلكش إسمها إيه؟؟؟ كلاوس :" إسمها سيلين سامي...انا دققت في أوراقها و باسبورها بنفسي... لسه جاية من المطار حالا.... حضرتك تحب ادخلها و إلا امشيها.... نظر سيف في ساعته قبل أن يجيبه :"لا خليها تدخل بسرعة.... أومأ له كلاوس بطاعة قبل أن يختفي من أمامه تاركا الباب مفتوحا حتى تدلف سيلين..... يتبع ?♥️❤️
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD