الفصل الخامس

4929 Words
دلفت سيلين و هي ترتجف من الخوف و التوتر فالدقائق القادمة ستحدد مصيرها و مصير والدتها للأبد...لاتعلم إن كان هذا المدعو سيف سيعترف بها كقريبته و يساعدها ام أنه سيتنكر لها كما فعلت عائلة والدتها طوال السنوات الماضية هزت رأسها ببطئ و قد تسللت إلى رئتيها رائحة عطر فاخرة ثقيلة.. بحثت عن صاحبها لتجده يجلس بأريحية على طاولة مكتبه الفخم يتحدث مع شخص ما على هاتفه بتركيز حتى أنه لم يعر أي إهتمام لدخولها... إبتلعت ريقها ببطئ و هي تتفرس دون وعي كتلة الوسامة التي أمامها... طوال حياتها كانت محاطة بالرجال الوسيمين ذوي البشرة البيضاء و الأعين الزرقاء لكن هذا الاسمر الوسيم الجالس أمامها حكاية أخرى.. عضت شفتيها بقوة و هي تشتم نفسها داخليا على وقوعها السريع تحت تأثير سحره فهذا ليس ابدا وقت اللهو.. هي قادمة من أجل مهمة و يجب عليها التركيز بكل حواسها... تنحنحت بصوت منخفض حتى ينتبه لها ليلتفت نحوها ثم يسارع لانهاء مكالمته و يضع هاتفه بجانبه و هو مازال يتفرسها بنظرات غامضة لم تفهمها.... أما بالنسبة لسيف فحالما رفع رأسه تجمد الدم في عروقه حرفيا و لم يصدق مارآه أمامه...حتى أنه قطع مكالمته دون وعي منه... إنها هي تلك الصغيرة التي إلتقاها منذ أشهر في ألمانيا... نفس الشعر البرتقالي المميز و العينان ذوات اللون الغريب اللتين تضيفان على وجهها هالة من البراءة حيث بدت له و كأنها طفلة في الخامسة من عمرها... رواية بقلمي ياسمين عزيز وبخ نفسه بأسف لأنه نسي أمرها بعد أن عاد من ألمانيا منذ أشهر بعد أن حاول العثور عليها.... لم يدقق في البحث عنها في ذلك الوقت بل إكتفي بتكليف أحد حراسه بسؤال زملائها في المطعم و أمرهم بالاتصال به حالما يروها ثانية....ثم نسي أمرها بعد أيام قليلة لانشغاله بالعمل و بعدها عاد لمصر... نسيها وقتها و لكنه تذكرها الان حالما رآها و كيف له ان ينسى هاتين العينين اللتين سحرتاه منذ اول نظرة.. يستطيع تمييزهما من بين آلاف العيون.... أشار لها أن تجلس على الاريكة مقابلة له دون أن يتحرك من مكانه بل إكتفي بالتحديق بها و كأنه يدرس جميع تحركاتها.... قطب جبينه باستفهام و هو يفكر هل من المعقول أنها بحثت عنه و قطعت كل المسافة حتى تأتي و تطالبه بتعويض لانه كان السبب في فقدانها لعملها...او ان أحدا ما علم أنه كان يبحث عنها فأرسلها له لسبب ما.. قد يكون احد أعدائه من وصل إليها و قرر إستخدامها ضده...جميع الاحتمالات واردة إذن... فرك ذقنه بحيرة لكنه سرعان ما نفى تلك الأفكار من رأسه بعد أن قرر سماعها أولا ثم الحكم عليها بعد ذلك...فكما يقول المثل الشعبي...ياخبر النهاردة بفلوس..... قطع ال**ت متحدثا بصوت رجولي واثق باللغة الالمانية:"تكلمي...إني أسمعك". حركت سيلين حقيبتها بتوتر و هي لاتستطيع التحدث فقد علقت الكلمات في حلقها حتى انها لك تنتبه أنه حدثها باللغة الألمانية فمن أين يعرفها حتى يتكلم معها بلغتها (طبعا هي معرفتش هو مين)... ارجعت إحدى خصلات شعرها التي تمردت وراء أذنها قبل أن تستجمع كامل شجاعتها و تقول بلهجة مصرية متلعثمة:"انا آسف عشان جيت فجأة كده...مش خذت موعد بس انا جيت عشان مامي... هو قالي إيجي مصر و روحي هنا عشان اشوف سيف عز الدين.... هز سيف حاجبيه باستغراب لما تقوله هذه الصغيرة...من هي والدتها التي جاءت إلى هنا من أجلها. من هذا الذي ارسلها لتقا**ه و ماذا يريد منه...كتم بداخله ضحكاته على كلامها الغير مرتب لكنه تدارك نفسه عندما طرق باب المكتب لتدخل السكرتيرة قائلة بنبرة رسمية :"سيف باشا كلهم مستنيين حضرتك عشان الاجتماع.... **تت عندما أشار لها بأن تتوقف عن الحديث و عيناه لاتزالان مثبتان على سيلين... سيف بأمر:" إلغي الاجتماع... ثم أشار لها بالإنصراف لتومئ له السكرتيرة و تغادر دون إضافة أي كلمة أخرى فهي طوال سنوات عملها هنا حفظت طبعه جيدا...إذا قرر أمرا لا يجب على أحد الاعتراض او المجادلة فهو دائما يعلم ماذا يفعل جيدا.... نظرت نحوه سيلين بتوجس لتجده ينظر لها ب**ت منتظرا إياها أن تكمل كلامها ليهتف بعد أن يئس من تحدثها يعلم انها خائفة و متوترة جدا و هذا ليس أمرا جديدا عليه فهو يعلم تأثير وجوده على من حوله من رجال أشداءو الذين يجعلهم يرتبكون من نظرة واحدة من عينيه و يحرصون على إنتقاء كلامهم قبل التفوه يه أمامه فمابالك بهذه الصغيرة التي تبدو كطفلة ضائعة في الازدحام... :"كملي كلامك انا سامعك... بس حاولي تفهميني أكثر... مين اللي بعثك هنا و كنتي فين بالضبط ؟؟؟ أخذت نفسا طويلا محاولة إبعاد شعور التوتر و الارتباك الذي طغى عليها قبل أن تجيبه :" مامي هو اللي بعثتني هنا... هو قالي إيجي مصر و روحي على عنوان هنا.... ". سيف و هو يحاول فهم كلماتها الغير مترابطة :"هو... قصدك مين؟؟ سيلين بتفسير أكثر و حاولت التكلم بالإنجليزية لان والدتها أخبرتها أن أكثر لغة متداولة في مصر هي اللغة الانجليزية و معظم المصريين يفهمونها:" مامي my mother". سيف و هو يحاول مجاراتها (بياخذها على قد عقلها) :"يعني مامتك هو اللي بعثك هنا... للشركة بتاعتي و قالتلك تقابليني". أومأت له سيلين بالايجاب ليكمل :"طيب ليه؟؟ لا يعلم مالذي دهاه حتى يترك عمله و يضيع وقته الثمين في التحدث إلى هذه الفتاة ليس من عادته فعل هذا و لكنه شعر بالفضول و الاستمتاع بمشاهدتها أمامه هكذا كدمية باربي صغيرة اسرته من اول دخولها جعلته حتى أنه لم يستطع أن يزيح عيناه عنها... بالإضافة إلى طريقة نطقها للكلام و التي جعلته أكثر من مرة يريد أن ينفجر من الضحك... لاحظ تحول ملامحها إلى الحزن و هي تقول :"هو في المستشفى... مريض جدا....حيموت و يسيبني لوحدي انا مش عندي حد غير مامي انا عايش في ألمانيا مع مامي و هي مريض و انا خايف يموت... مسحت دموعها و هي تنزل رأسها أكثر تحدق في حقيبتها التي كانت تضعها على ساقيها شتمت نفسها بسبب دموعها التي خذلتها و أظهرت ضعفها أمامه فهي طوال رحلة مجيئها إلى هنا تذكر نفسها في كل دقيقة و ثانية أن تجعل نفسها قوية و لا تبين ضعفها أمام أحد.... اما سيف فبدأت الرؤيا تتوضح أمامه شيئا فشيئا.. فهم من حديثها أنها تريد نقودا لوالدتها المريضة...لكن هل هي صادقة في كلامها... فمن الممكن أنها تستخدم هذه الحجة القديمة لتحصل على النقود... لكن لماذا أتت له هو بالذات هل من الممكن أنها تريده أن يعوضها عن فقدانها لعملها بسببه كل الاحتمالات واردة لكنه كالعادة لا يخبر أحدا بما في رأسه من أفكار حتى يتأكد رغم انه يكره شعور أن يكون جاهلا بما يدور في خلد الآخرين .... فهو لم يسمى الشبح من فراغ بل بفضل ذكائه الشديد و دماغه العبقرية التي تمكنه من معرفة ما يفكر به أي شخص أمامه قبل التفوه به... لكنه يعترف بفشله هذه المرة فهناك الكثير من المعطيات المفقودة و الغامضة تجعل من معرفة الحقيقة صعبة بعض الشيئ لذلك فضل التريث و ال**ت و إنتظارها حتى تكمل حديثها و بعدها سوف يتصرف ..... تنحنحت لتجلي صوتها قائلة بلغة أنجليزية متقنة :"سيدي انا إسمي سيلين سامي...والداي مصريان ولدت في ألمانيا و عمري تسعة عشر سنة... ابي تركنا منذ أربعة سنوات عندما كان عمري خمسة عشر سنة لا أعرف أين ذهب كل ما أعرفه أنني عدت من المدرسة في يوم من الايام و لم أجده... عندما سألت أمي قالت لي بأنه توفي في حادث ما ...في كل مرة أسألها عنه تجيبني بنفس الكلام و في إحدى المرات صفعتني و قالت لي بأنه رحل و لن يعود ثانية و إن أكف عم السؤال عنه و منذ ذلك اليوم لم أسأل... بعدها خرجت والدتي للعمل في أحد المصانع لتتكفل بأعباء المنزل و مصاريف دراستي... لكنها تعبت بعد ذلك و مرضت بالقلب...إضطررت انا للخروج للعمل و ترك دراستي لاوفر لها ثمن الدواء و لكن مرضها إشتد... الطبيب يقول أن مرضها خطير و قلبها أصبح ضعيفا و تحتاج عملية جراحية في أقرب وقت...نحن لدينا منزل إنه ملك لوالدتي بالأمس ذهبت لمكتب العقارات حتى أبيعه لكنه أخبرني أنه سيحتاج وقتا حتى يجد من يشتريه بثمن مناسب أخبرني ان المنزل يساوي مائة و خمسون ألف يورو.. لكنه يحتاج للوقت و انا لا أملك ذلك الوقت حتى أنتظره...يجب إجراء الجراحة هذا الأسبوع و إلا سوف أخسرها..أنا أعمل في وظيفة عادية لا اتقاضى الكثير و صاحب العمل لن يعطيني سلفة و العملية تحتاج لستون الف يورو... الطبيب أخبرني إنه يمكنني أن ادفع نصف التكاليف قبل العملية و الباقي بعد إجراءها...أقسم أنني لم أكن اريد المجيئ إلى هنا...انا لم ازر مصر من قبل رغم إلحاح والدتي و لكنني كنت أرفض المجيئ...كانت دائما تقول لي بأنها إن ماتت فسأبقي وحيدة و لكنني لم أكن أبالي...لكنني الان خائفة جدا من فقدانها... لا أعرف أحدا غيرها... هي كل عائلتي.... توقف عن الحديث بعد أن شعرت بغصة في حلقها أجبرتها على التوقف.... لتسمعه يقول :"ممم فهمت يعني إنت جيتي هنا علشان تاخدي تعويض...طبعا داه من حقك بس ممكن أعرف إنت ليه تأخرتي عشان تيجي هنا..يعني الحكاية بقالها شهور كثيرة ليه دلوقتي بالذات... قطبت سيلين حاحبيها بعدم فهم من كلامه لتجيبه:" انا لا أفهم عن أي تعويض تتحدث انا لا أريد شيئا سيدي... لقد اخبرتك أن والدتي مريضة و لولاها لما كنت أتيت هنا ابدا...لقد خاطرت بالمجيئ وحدي إلى بلد لا أعرفه من أجلها هي فقط لا اريد فقدانها...كنت أريد أن تساعدني...بأن تعطيني الستون الف دولار و انا سأعيد لك مائة ألف بعد شهرين عندما يباع المنزل...لدي نقود و لكن ليس لدي الوقت...حتى انني ذهبت للبنك و لكنهم أخبروني بأن الإجراءات تتطلب وقتا...امي قالت لي أن الوحيد الذي سيساعدني هو سيف عزالدين.... سيف بهدوء و قد أيقن أنه وصل لنهاية اللغز :"و لماذا أنا بالذات؟؟ عبثت بحقيبتها بعض الوقت قبل أن تخرج ظرفا كبيرا... وضعت حقيبتها جانبا ثم وقفت من مكانها متجهة نحو لتعطيه له قائلة :" هذه هويتي و نسخة من هوية والدتي و بعض الصور و كذلك سلسلة.... هذا كل ما أملكه من دليل سيدي ". رواية بقلمي ياسمين عزيز تفحص الأوراق بهدوء و صبر قبل أن ينتفض من مكانه فجأة و قد إرتسمت على وجهه ملامح الصدمة... تمتم بعدم تصديق و هو مازال يتفحص الأوراق :"طنط هدى....إنت بنت طنط هدى...هي لسه عايشة؟؟ نزلت أروى الدرج تحمل بين ذراعيها تلك الصغيرة لتجد هوانم الفيلا كما تسميهما جالستان في الصالون تتحدثان تمتمت بداخلها و هي تتفحص مظهرهما الراقي و المنمق :" الستات دول مبيكبروش ابدا.. الشعر مصبوغ و ماكياج و كأنهم رايحين فرح...عاملين زي هوانم جاردن سيتي بالضبط بيتمشوا في البيت بالكعب... عيني عليكي ياما مكنتش بشوفك غير بالجلابية الصفراء بتقلعيها عشان تغسليها و ترجعي تلبسيها من ثاني..... وصلت حذوهم لتضع لجين على الأرض و هي تقول :"صباح الخير.... أشارت لها سناء (خالتها) لتجلس بجانبها و هي تبتسم لها : صباح النور يا حبيبتي تعالي أقعدي حنادي على عزة تجيبلك قهوة...". جلست أروى بتوتر بجانبها فالبرغم من أنها خالتها إلا أن علاقتها بها لم تكن وطيدة و ذلك بسبب الفارق الاجتماعي بين العائلتين حتى أنها لم تكن تزرهم في منزلهم إلا مرات نادرة تعد على الأصابع لكنها كانت تساعدهم ماديا خفية عن زوجها و أولادها و قد إختارتها زوجة لابنها بعد إقتراح شقيقتها سميحة التي بقيت تزن في أذنها لاشهر حتى تقنع فريد بأن يتزوج من إبنتها.... لاحظت نظرات إلهام المتعالية لها حتى أنها لم ترد تحيتها ع** سميرة التي رحبت بها ببفرحة صادقة :مشاء الله زي القمر يا حبيبتي داه فريد محظوظ بيكي جدا ". خفضت أروى رأسها قائلة بخجل :"ميرسي يا طنط داه من ذوقك...". قلبت إلهام عيناها بملل متحدثة بفتور:" هو إنت في كلية إيه يا.... أروى؟؟ أروى :"كلية آداب قسم لغة إنجليزية... إلهام بنبرة متعالية:" ممم على كده خلصتي جامعة... ". أروى بخجل :" لا.. فاضلي سنة و أخلص...". إلهام بقصد:" تكملي؟؟ و هو فريد حيوافق؟؟ قاطعتها سناء بنبرة حاسمة و قد فهمت ماترمي إليه :"إلهام...الموضوع داه خاص بين أروى و فريد مفيش داعي نتدخل في خصوصياتهم... اومأت لها إلهام بعدم إهتمام و هي تكمل إرتشاف فنجان قهوتها مكتفية بالاستماع لحوارهم السخيف حسب رأيها... يجلس فريد في مكتبه يتفحص بتركيز ملف أحد القضايا التي تشير لتورط احد رجال الأعمال في تهريب شحنة من أل**ب الأطفال الغير مطابقة لشروط الجودة....طرق باب المكتب ليسمح للطارق بالدخول دون أن يرفع رأسه و الذي لم يكن سوى صديقه أحمد زميله في العمل لكنه كان برتبة اقل من رتبة فريد ... أحمد بمرح :"انا مصدقتش لما قالولي برا إنك هنا.... إيه يا عريس زهقت بالسرعة دي....". فريد بلامبالاة و هو مازال مركزا في عمله :"عندي شغل مستعجل... لو عاوز تقول حاجة إنجز مش فاضيلك". تأفف أحمد قليلا من أسلوب فريد الجاف و الذي تعود عليه منذ وفاة زوجته ليتحدث بانزعاج:" مفيش بس كنت عاوز أسألك عملت إيه في قضية ناجي العواد.... نفخ فريد الهواء بملل قبل أن يخرج سيجارة من علبة السجائر ليشعلها ببرود مستفز دون أن يجيبه و كأنه غير موجود...ليقف الاخر من مكانه راكلا الكرسي وراءه ليسقط على الأرضية مص*را صوتا مزعجا و هو يصيح :"انا استاهل عشان إبن ستين جزمة.. رغم كل مرة بكلمك فيها بتتجاهلني كده كأني مش موجود لكن برجع ثاني اكلمك عادي و كأن محصلش حاجة عشان بقول صاحبي و اللي مر بيه مش سهل بس لامتى حتفضل كده... إرحم نفسك شوية يا اخي داه إنت مبقاش عندك صحاب غيري انا و عادل...... أجابه الاخر ببرود و عدم إهتمام :"عاوز إيه يا.. يا صاحبي؟؟؟ إنحنى أحمد علي المكتب ليقترب من فريد قليلا ليهمس :" عاوزك ترجع فريد القديم اللي بيضحك و يهزر... فريد اللي بيحب الحياة... انا مش قادر اشوفك كده زي الشمعة بتنطفي كل يوم...يا اخي مش إنت اول و لا آخر واحد يفقد حد عزيز عليه... و بعدين إنت خلاص تجوزت... و الحي ابقى من الميت.. حاول تنسى... حاول تعيش عشان بنتك..... أدار فريد كرسيه للجهة الأخرى قائلا بتنهيدة عميقة :"مش قادر.... اللي بتقوله مستحيل انا خلاص حياتي إنتهت يوم ما ماتت.. الفرق الوحيد إن هي تحت التراب و انا فوقه.... حتى بنتي بقعد بالأسبوع ما بشوفهاش عشان بتفكرني بيها.... بتفكرني بسبب موتها....انا كل يوم بفكر اسيب الفيلا و ارجع شقتي القديمة بس كل اما آجي اعمل كده بفتكر وصيتها ليا قبل ماتموت... قالتلي خلي بالك من بنتنا و سميها لجين... الاسم اللي بتحبه صدقني انا بقيت جسد من غير روح لدرجة إني معادش هاممني حاجة.. مين يزعل مين يموت...أعز إنسانة في حياتي راحت.... جلس احمد و هو يتفرس ملامح وجه صديقه المتألمة قائلا بشفقة:" بس لإمتي ياصاحبي إنت كده..... قاطعه الاخر بحدة بعد أن تمالك نفسه أمامه :" لغاية آخر يوم في يوم في عمري...و يلا دلوقتي إتفضل عندي شغل... لو في حاجة جديدة حبلغك... زفر أحمد بضيق و هو يقف من مكانه متجها نحو الباب شاتما إياه بكلمات ب**ئة :"طول عمرك....... و و...... لو حشوفك مولع قدامي مش حعبرك..... أغلق الباب ورائه بعنف متجها نحو مكتبه بعد أن فشل للمرة الالف في إرجاع صديقه لطبيعته القديمة....وجد عادل ينتظره في مكتبه و الذي إعترضه قائلا بلهفة :" ها عملت إيه.... قبل يسهر معانا الليلة..... إرتمي أحمد بجسده على الكرسي قائلا باستهزاء:" مش لما اقدر أقله الأول... ياعم انا كنت لسه بمهدله قام مديني كلمتين سكتت على طول.... بقلك إيه أنا زهقت من صاحبك داه خليه عايش في الماضي بكرة حيزهق و يرجع لعقله لوحده.... قلب عادل عينيه و هو يجيبه بقلة حيلة :" يلا...حسيبه يهدى يومين و ارجع أزن عليه من ثاني....ماهو انا مقدرش أسيبه كده". أحمد بسخرية قبل أن ينفجر ضاحكا :"يا حوونين". في فيلا ماجد عزمي.... إنتفضت يارا من سريرها على صوت هاتفها الذي كان يرن دون توقف....بحثت عنه طويلا لتجده تحت الغطاء.... أغمضت عيناها بقوة و هي ترفع خصلات شعرها التي غطت وجهها بعد أن توقف الهاتف عن الرنين دون أن ترى الرقم.... تنفست الهواء سريعا و هي ترى رسالة نصية وصلتها للتو على هاتفها... قرأتها بصوت متقطع و هي تحرك رأسها يمينا و يسار بصدمة :"ردي ". تمتمت بفزع بينما إنزلق الجهاز من يدها :"يعني مكانش كابوس... كان حقيقة....انا خلاص حتجنن هو عايز مني إيه..... تعالت دقات قلبها عندما رن الهاتف مرة أخرى لتنظر له بعيون دامعة و كأنها ترى أمامها خبر موتها.... فتحت السماعة بيدين مرتجفتين ليأتيها صوته الغاضب:" ساعة عشان تردي... كنتي فين يا ك... مش قلتلك تاخذي زفت التلفون يكون معاكي لأي مكان تهببي تروحيه.... لم يستمع سوى لأنفاسها المتسارعة من شدة خوفها ليزداد جنونه ليصرخ :" إيه إتخرستي.... ماتردي يا و..... شعرت يارا بجسدها يتشنج بتقزز من الشتائم التي توجه لها لأول مرة في حياتها فهي دائما الفتاة المدللة التي لا يجرؤ أي أحد من التقليل من شأنها.... تردد قليلا قبل أن تستجمع باقي شجاعتها لتجيبه بصوت ضعيف :" لو سمحت بلاش الكلام الزبالة داه....انا كنت نايمة و التلفون.... قاطعها بحدة دون أن يستمع لباقي كلامها :" إخرسي...قدامك خمس دقائق و تنزلي حتلاقي عربية مستنياكي تحت.... صرخت يارا ببكاء و هي تنزل من فراشها ممسكة بهاتفها بيديها الاثنتين :"مش جاية و إبعد عني بقى...انا مقولتش لبابي على اللي حصل إمبارح و مش حقله بس كفاية حرام عليك....إنت عاوز مني إيه ". تعالت ضحكات صالح لتزداد ض*بات قلبها حتى يكاد يقفز من قفصها الص*ري....و هي تسمعه يهمس بنبرة مميتة بعد أن توقف فجأة عن الضحك :"هما خمس دقائق بس...خمس دقائق و ثانية زيادة حتتعاقبي....و انا عقابي وحش اوي...صدقيني اااا و متنسيش تشوفي المفاجأة في الواتس.... أغلق الخط لتبتلع يارا ريقها بصعوبة و هي تمسح دموعها التي أغشت عيناها و تفتح النت على هاتفها ما إن ضغطت على الزر حتى تعالت النغمة المخصصة تنبهها بوصول رسائل كثيرة.... كان صوت الرسائل مفزعا و كأنه صوت اجراس عالية ت** الآذان... بأصابع مرتعشة فتحت إحدى الرسائل لتشهق بصراخ و هي تضع يدها تارة على خدها و تارة فوق رأسها و هي ترى صورها بملابسها الداخلية فقط ...... صورة إثنان ستة صور اقل كلمة توصف بها فضيحة....لا تعلم متى التقطت لها هذه الصور أو من..... توقفت عن التفكير و هي عيناها تلتهمان تلك الكلمات الي رافقت الصور :"دول نموذج بسيط من اللي عندي....باقي الصور نار ? و انا ماسك إيدي بالعافية عشان متهورش و إنت عارفة الباقي... يلا يا قطة فاضل ثلاث دقائق و انفذ..... رمت الهاتف من يديها و هي ترتعش من شدة الرعب تشعر أن دماغها توقف عن التفكير لتترك لجسدها التحكم في حركاتها.... سارعت لتخرج فستانا شتويا طويلا باللون الأ**د إرتدته بسرعة ثم أخرجت حقيبتها لتضع هاتفها و بعض النقود بطريقة عشوائية ثم ربطت خصلات شعرها ذ*ل حصان و إرتدت حذاء رياضيا باللون الأبيض وجدته أمامها ثم غادرت الغرفة مهرولة نحو الاسفل.... خرجت من الباب الرئيسي للفيلا و هي تنظر يمينا و يسارا لتجد سيارة سوداء كتلك التي اقلتها البارحة..... توجهت نحوها ليخرج سائقها و يفتح لها الباب دون أن ينطق بكلمة.. ركبت السيارة لتستغرب قليلا عندما وجدتها فارغة...أين ذهب أولئك الحراس المرعبون الذين ظلت طوال الليل تراهم في كوابيسها... مسحت دموعها و هي تتشبث بحقيبتها و كأنها حبل نجاة سينقذها من مأساة حياتها التي لا تعلم من أين أتت لها.... بدأت السيارة تخرج من مناطق العمران و تنحرف نحو مكان ناء بعيد عن السكان...قطبت يارا حبيتها بحيرة و قلبها لا يتوقف عن النبض برعب كلما تقدمت السيارة إلى الأمام حتى توقفت أمام فيلا قديمة ذات لون ابيض يميل للاصفرار.... جالت عيناها داخل الحديقة الكبيرة لتلاحظ أنها تحتوي على انواع كثيرة من الاشجار و النباتات حتى الطفيلة...رغم أنها تنقصها العناية إلا انها كانت كبيرة جدا و جميلة... إستيقظت من شرودها على صوت فتح الباب... نزلت بتردد و هي تحاول تنظيم أنفاسها و تهدأة نفسها.... لن تستسلم له هي لم تفعل شيئا سوف تخبر والدها كل شيئ و هو سيتصرف سينقذها من هذا الموقف الصعب الذي وقعت فيه دون إرادتها...والدها رجل ذو مكانة و مركز مرموق في البلاد و لديه الحل لكل مشاكلها... و هي مدللته التي لا يرفض لها طلبا بقي فقط أن توقف هذا الصالح عند حده.... أخذت نفسا طويلا و هي تقف أمام الباب الذي فتح...جفلت متراجعة إلى الوراء خطوتين و هي ترى وجه ذلك الحارس الذي تحرش بها البارحة... كان وجهه مليئا بالجروح و الكدمات لدرجة انها كادت ان تشفق عليه خاصة أنه حالما رآها اخفض بصره و تنحى عن الطريق مشيرا لها بيديه نحو الداخل قبل أن يختفي.... نظرت في اثره و هي تقف أمام غرفة ما بابها كبير باللون الأسود..طرقت الباب ليأتيها صوته من الداخل يدعوها للدخول.... لاتعلم لماذا إرتجف جسدها فقط لسماع صوته لكنها رغم ذلك طمأنت نفسها و هي تتذكر ما عزمت عليه منذ قليل.. دلفت إلى الغرفة و التي كانت عبارة عن صالة جيم تحتوي على مختلف الآلات الرياضية.. بحثت عنه بعينيها لتجده يجلس على آلة المشي يرتدي فقط شورت رياضي عاري الص*ر و منشفة بيضاء على رقبته.... جسده البرونزي كان يلمع من العرق دلالة على تدريبه الكثيف... نظر نحوها قليلا قبل أن يتجه نحو باب يبدو كحمام داخل صالة التدريب... لا حقته بنطراتها لتلاحظ مدى ضخامة جسده و عضلات ظهره العريض...كم أصبح يشبه أولئك المحاربين الرومان الذي كانت تراهم في كتب و أفلام التاريخ...لقد تغير كثيرا منذ آخر مرة رأته فيها منذ خمس سنوات.... ضحكت على تفكيرها السخيف فهي الآن تواجه مصيبة كبيرة لا تعلم كيف ستنجو منها و عقلها الغ*ي يفكر في مدى وسامة ذلك الشيطان سبب تعاستها... خرج بعد عدة دقائق و هو يرتدي بنطالا و كنزة صوفيه باللون الرصاصي رمقها بنظرات مشمئزة و هو يتجاوزها ليجلس على احد الكراسي و يعيد ظهره إلى الوراء و هو مازال ينظر نحوها.. زفرت يارا بملل و هي تحاول تهدأة نفسها و التحلي بالصبر حتى ينتهي كل شيئ... سارت نحوه لتقف أمامه مباشرة قائلة :"إنت عاوز مني إيه قلي إيه آخرة فيلم الرعب اللي معيشهولي من إمبارح...". فرك ذقنه بحركته المعتادة قبل أن يجذب جهاز هاتفه ليبدأ في تقليبه دون أن يجيبها... إستفزها بروده لتكز على أسنانها تنوي الصراخ في وجهه هذه المرة.. لكنها **تت عندما وجهه لها شاشة الهاتف التي كانت تحتوي على صورة شخص ما... تحدث بصوت هادئ و لكنه كان مرعبا في نفس الوقت خاصة مع تلك النظرة المميتة التي خصها بها جعلتها ترتعش من راسها حتى إصبع قدمها :"مين داه؟؟؟ حركت ل**نها بصعوبة لتنطق بتوتر :" سامح عبد الله... ". أومأ برأسه ليجيبها :" مممم سامح عبد الله ... و تعرفيه منين بقى... ". يارا بضيق :" حيبقى خطيبي قريب جدا.... رمى الهاتف من يده و هو يضع ذراعيه وراءه رأسه يتأملها بنظرات عميقة قبل أن يقف من مكانه فجأة... كتمت يارا أنفاسها عندما وقف صالح ورائها لتشعر بأنفاسه الساخنة تلهب عنقها... همس بعدها قائلا :"قولتيلي خطيبك المستقبلي.... اومأت له بالايجاب و هي تكتم أنفاسها و تنكمش على نفسها خوفا من اي ردة فعل مجنونة منه لكن كل ما سمعته هو صوت همسه ثانية لكن هذه المرة بنبرة ساخرة'" طيب و سيادة الخطيب شاف صورك الحلوة....اللي حتنور النت قريب إن شاء الله ". إتسعت عيناها برعب لما سمعته لتلتفت نحوه دون تفكير حتى وجدت يقف منحنيا حتى يصل لمستواها.... حافظ على وقفته و هو يرسم مظاهر الاستخفاف على وجهه قليلا قبل أن يستقيم مبتعدا ليعود للجلوس في كرسيه بكل غنجهية و غرور و كأنه احد الملوك الاقوياء.... كزت يارا أسنانها بغضب لترفع اصبعها صارخة باتهام :"إنت عارف كويس إن الصور دي متفبركة...دي مش صوري و اللي إنت بتعمله داه جريمة يعاقب عليها القانون داه إسمه إبتزاز.... اول حاجة خ*فتني و ض*بتني و بعدها جاي تهددني و تبتزني على فكرة انا حقول لبابي و هو حيعرف إزاي يتصرف مع الأشكال اللي زيك.... زمجر صالح بغضب حارق و هو يهب من مكانه كأنه احد الوحوش المفترسة ليركل الطاولة التي كانت أمام الكرسي حتى تطاير كل شيئ فوقها على الأرض..... ثم إلتفت نحوها رامقا إياها بنظرات مميتة ليجذبها من شعرها صارخا بقوة :"واحدة زبالة تربية كباريهات...إزاي تتجرئي و تقولي كلام زي داه في وشي....أقسم بالله لندمك و اخليكي تعرفي الأشكال اللي زيي حتعمل إيه في ال... اللي زيك.... تأوهت يارا بألم و هي تجاهد بكل قوتها حتى تتخلص من قبضته التي إلتصقت على خصلات شعرها و قلبها يدق بفزع تشعر و كأنه سيتوقف في اي لحظة.... رماها على الأرض أمام كرسيه ثم خطى نحو إحدى الرفوف ليحضر جهاز حاسوب محمول فتحه بسرعة رغم إرتجاف يديه و سائر جسده من شدة الغضب... لاتعلم كم يجاهد حتى يسيطر على وحشه الكامن بداخله حتى لا ينقض عليها و يحولها إلى كيس ملاكمة مع انه على يقين انه سيفعل ذلك قريبا.... مد يده نحوها ليمسكها من رقبتها جاذبا إياها إلى الأعلى قليلا حتى صارت ترتكز يكفيها على ركبتيه... أدار شاشة الحاسوب أمامها...صارخا من جديد في وجهها :"إفتحي عنيكي و شوفي...انا حعمل فيكي إيه... أقسم بالله حخليكي تندمي على اليوم اللي فكرتي إنك تلعبي فيه على صالح عزالدين.... بقى واحدة.... زيك تستغفلني ااااه يا بنت الكلب يا حقيرة،صبرك عليا بس لو مخلتكيش تتمني تبوسي جزمتي عشان ارضى عنك و اسامحك.... بصي قدامك و شوفي بابي اللي إنت فخورة بيه بيعمل إيه و فين؟؟ مش داه الكباريه اللي إنت بتروحي تسهري فيه كل ليلة مع اصحابك الو.... اللي زيك... مش هو داه نفسه.... فتحت يارا عيناها على وسعهما و هي تشاهد صدمة عمرها أمامها على شاشة الحاسوب... كان فيديو لوالدها المستشار ماجد عزمي في غرفة خاصة يراقص إحدى فتيات الليل ممسكا في إحدى يديه كأس مشروب و هو يتمايل دون حياء مع فتاة في عمر إبنته.... حدقت أمامها و هي تحرك رأسها يمينا و يسارا بينما دموعها عرفت مجراها... همس صالح بصوت أشبه بفحيح أفعى :" إيه رأيك بقى في المفاجأة الحلوة... متقوليليش إن داه كمان فيديو مفبرك زي الصور....شايفة بابي بيعمل إيه... بيرقص مع واحدة من ال.....اللي في النايت كلاب اللي إنت بتسهري فيه... لا و المفاجأة الأكبر إنه متجوزها عرفي..... شهقت يارا بصدمة أخرى أكبر رغم إختناقها و هي مازالت لا تستوعب حجم الكوارث المتتالية التي ستقلب حياتها الوردية رأسا على عقب... لم تعد تشعر بما يحدث حولها و لا باختناق إنفاسها بسبب قبضة صالح علي رقبتها و لا بالشتائم الب**ئة التي يرددها على مسمعها و كأنها إحدى فتيات الليل إختفى كل الكون من حولها و لم تعد ترى سوى صورة والدها أمامها حتى شعرت بارتخاء جسدها و سقوطها في دوامة سوداء سحبتها نحو المجهول.... في مكتب سيف...... قطبت سيلين عيناها باستغراب قائلة :"مش فاهم إنت يقصد إيه؟؟؟ رمقها سيف بنظرة حادة متوعدة و هو يضع إصبعه على شفتيه يأمرها بال**ت قبل أن يقف من مكانه وفي يده إحدى الأوراق... جلس وراء مكتبه ليرفع سماعة هاتفه و يطلب من السكرتيرة أن تستدعي كلاوس و جاسر.... أشار لسيلين ان تجلس لكنها رفضت و ظلت ترمقه بنظرات متحدية و غاضبة... جعلت وجهها يتلون بالأحمر ليزداد ف*نة و روعة خاصة عيناها البلوريتان التين كانتا تلمعان بعناد أثار فضوله... كيف لفتاة صغيرة ان تكون بهذه الثقة و الشجاعة و هي تقف أمامه غير مبالية... سحقا الا تعلم من هو....من سيف عزالدين الملقب بالشبح...طبعا هي لاتعرف أيضا مالذي ينتظرها على يديه إذا ثبت خداعها... أرجع ظهره للوراء و هو يتذكر منذ سبعة أشهر ماذا فعل بذلك المدعو أ**ل و صديقه مارتن لقد جردهما من كل فلس يملكانه... جعلهما حرفيا يتسولان في الشوارع للحصول على ثمن وجبة طعام...ليصبحا عبرة لكل شخص يتجرأ على التفكير في خداعه او اللعب معه... كم يكره الكذب و الغش لا شيئ يجعله يخرج طبيعته سوى هاتين الصفتين... لا أحد ينجو بفعلته إذا تجرأ على خداع الشبح... رغم هدوء ملامحه و نظراته التي كان يرمقها بها إلا أنه بداخله كان أشبه ببركان هائج..مرت ألف فكرة في رأسه من أجل عقاب هذه الصغيرة الشبيهة بحبة البرتقال... اخفي إبتسامته القاتلة عندما طرق باب المكتب ليأذن لهما بالدخول..... جلس جاسر على اليمين بينما أخذ كلاوس المقعد الاخر منتظران أوامره، لم يتأخر عليهما سيف ليعطيهما الأوراق التي أعطتها له سيلين منذ قليل و هو يقول :" في إد*كو ساعة واحدة بس عشان تجيبولي معلومات عن الشخص اللي موجود في الأوراق دي عاوز كل حاجة بالتفصيل و إتأكدوا كمان من الورق داه فيه عنوان مستشفى إتصلوا بيه و إعرفولي كل حاجة بسرعة... اول ما تخلصوا تعالولي على المكتب...". أومأ له كلاوس ليأخذ الملف من يده دون التفوه بأي كلمة فهو معتاد على هذه المهمات بل تعتبر هذه المهمة سهلة جدا لأنها تحتوي على عدة معلومات من الممكن الاستعانة بها.... ثم غادر المكتب يتبعه جاسر دون الالتفات لسيلين و كأنها غير موجودة..... بعد أكثر من نصف ساعة....تأففت بملل و هي تقف من كرسيها حاملة حقيبتها على كتفها متجهة نحو الباب..لم تكد تخطو خطوتين حتى أوقفها صوته الذي جعلها تتصنم مكانها :"رايحة فين؟؟ إلتفتت نحوه لتجده يناظرها بعيونه الخضراء الثاقبة بنظرات عميقة و كأنه يتأمل روحها من الداخل لترتجف قليلا قبل أن تجيبه بصوت جاهدت كي يخرج طبيعيا :" عاوز امشي... انا كنت في السفر عاوز اروح أوتيل عشان أكلم مامي و أنام ". هز حاجبيه بسخرية رغم أن إجابتها كانت طبيعية و بسيطة لأي شخص إلا بالنسبة له... همهم بصوت مسموع :"مممم طيب خلينا نتأكد من إن كلامك صح و إنك بتقولي الحقيقة و بعدها روحي لأي مكان إنت عاوزاه.... سيلين بضجر :"انا حسيب رقم هنا و لما إنت تتأكد ممممم مش عارف إسمه إيه بالعربي.... . "Call me إبتسم سيف رغما عنه من مظهرها الذي يشبه كثيرا الأطفال و هي تنفخ وجنتيها دلالة على ضجرها...كيف تكون هذه الصغيرة ذات الملامح البريئة إبنة عمته.... هي حتى لا تشبهها في شيئ ولا والدها أيضا...إذن كيف تكونت كتلة الجمال هذه.... راقبها و هي تحاول فتح الباب لكنها فشلت لتلتفت نحوه قائلة :"إفتح الباب.. انا عاوز يمشي.... أجابها ببرود :" و عاوزة تمشي ليه؟؟ في حد مضايقك هنا و إلا إنت خايفة من حاجة ". سيلين بحدة :" لا مافيش حاجة انا عاوز يروح دلوقتي... دلوقتي الساعة واحد الساعة واحدة) و انا لازم يلاقي أوتيل عشان انام... انا مش يعرف حاجة في مصر و مش ينفع يقعد هنا لليل مامي قالتلي إني بنت و الشارع في الليل خطر أخطر من هناك (تقصد إنها متعرفش حد في مصر و لازم تلاقي مكان تنام فيه).. هكذا تحججت سيلين لكن السبب الحقيقي انها تكاد تموت جوعا فهي لم تأكل شيئا منذ البارحة و لم تأكل أيضا في الطائرة بسبب شعورها بتقلصات في معدتها طوال فترة سفرها...إضافة إلى إحساسها الشديد بالتعب و رغبتها في الاطمئنان على والدتها فركت يداها بتوتر و هي تقاوم تساقط دموعها بسبب إحساسها بالضعف و الان**ار الذي سيطر عليها.... وحيدة، ضائعة جائعة و متعبة كثيرا إضافة إلى تشردها فهي حاليا تعتبر تائهة بلا مأوى...اسوأ ما قد يحصل لأي إنسان في حياته قد حصل لها في يوم واحد عندما إبتعدت عنها والدتها رغم أنها مازالت على قيد الحياة فماذا سيحصل لها يا ترى لو تركتها.... إلتفت للجهة الأخرى لتمسح دموعها ثم عادت نحو الاريكة لتجلس بهدوء مبتلعة ريقها بصعوبة بسبب تلك الغصة التي ملأت حلقها..... أما سيف فقد كان في حالة يرثى لها...أمسك طرف مكتبه بقوة يمنع نفسه بصعوبة إلى الذهاب إليها و طمئنتها فهو طبعا كان يدرس أدق تفاصيلها و لم يفته ماكنت تشعر من تمزق.... شتم كلاوس و جاسر بداخله عدة مرات لتأخرهما رغم ان المهلة التي أعطاها إياهما مازالت إلا أنه يكاد يحترق شوقا حتى يعلم الحقيقة.... حقيقة عمته التي كذب عليهم جدهم منذ سنوات و أخبرهم انها توفيت...أمسك سماعة الهاتف ليطلب السكرتيرة بأن تهاتف مطعمه المفضل لارسال وجبة غداء ضخمة تحتوي على جميع أصناف المؤكولات... فهو طبعا لا يعلم أي نوع تتناوله...ما إن انهى مكالمته حتى دلف كلاوس و جاسر و على وجههما علامات الصدمة..... يتبع ❤️❤️❤️ مستنية رأيكم في الرواية يا قمرات
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD