عندما قمت برمي سماعة الهاتف و تخبية الورقه وراء ظهري، اقتربت امي مني واخذت تنظر الي وتحدق بعيناها ثم قالت لي:
علا: في ايه يا هبه، انتي اتخضيتي كده ليه اول ما شوفتيني، وبعدين كنتي بتكلمي مين؟
هبه: ده، ده رقم غلط انا قفلت على طول لانه عمال يحاول يتكلم، وانا مش فاهمه هو عاوز ايه وبيقول اسامي ناس غريبه.
علا: طيب لما حد زي كده يكلمك تاني ما تبقيش تردي عليه واقفلي السكه في وشه على طول.
هبه: حاضر يا ماما .
علا : ها يا بنات عاملين ايه، اتعشيتوا ولا لسه؟
هند: ايوه يا ماما اتعشينا وكنا لسه داخلين ننام، بس كنا مستنيينك هو انتي اتاخرتي كده ليه
علا: معلش والله كنت في الشغل واتاخرت عليكم انا عارفه اعذروني في ضغط شغل اليومين دول جامد جدا، وبنسلم براند جديد.
في الحقيقه اني لم اكن خائفه من الرجل الذي تحدث معي ولا من العنوان الذي قاله، ولا من اسلوب كلامه، لكن ما كنت اخاف منه هي هند كيف عرفت ان الهاتف سوف يرن في هذه اللحظه، وبالفعل رن الهاتف، ظلت امي تجلس بجوارنا حتي انتابها النعاس واستأذنت مننا ان تدخل غرفتها كي تستريح واخذتني هند الي غرفنا كي ننام مثل ما يحدث كل يوم ، نظرت لها بدهشه ثم همست في اذنيها:
هبه: على فكره انتي مش طبيعيه، انتي ايه اللي عرفك ان التليفون هيرن دلوقتي؟
هند: انا مش طبيعيه ليه، انا ما كنتش اعرف ان التليفون هيرن ده في حاجه جات قالت لي التليفون هيرن دلوقتي حالا، وفعلا رن.
لم اكن اتوقع ان الهاتف سوف يرن في نفس اللحظه، سكت قليلا كي استجمع عقلي ، وبعدها وجدت هند تنظر الي وتقول لي
هند : انتي عارفه يا هبه انا كنت عارفه كمان ان ماما هتتأخر قبل ما ماما تقول انها هتتاخر في الشغل النهارده كنت عارفه انها هتقول لنا كده، انا عندي حاجه غريبه قوي يا هبه وهي اني باعرف كل حاجه قبل ما تحصل.
هبه : انا كده هابدا اخاف منك، طب قولي لي ايه اللي هيحصل لي بكره بقى.
هند : مش هيحصل لك حاجه هتفضلي زي ما انتي . ايه اللي هيحصل لك يعني.
خلدنا الي النوم وقلبنا هذا الموضوع بمزحه كي لا نخاف، لكني كنت خائفه حقاً فهل هند اختي ترافق الاشباح كي تعرف ماذا سيحدث في المستقبل، وفي الصباح الباكر قامت امي بإيقاظنا ثم ذهبت الي العمل وذهبنا الي المدرسه، بينما كنا نجلس في الصف وجدنا زميلتنا التي تدعي لمياء تقول بتأفف
لمياء: يووه اول حصه عربي انا مبحبش الحصه دي.
نظرت اليها هند مع ضحكه خبيثه ثم قالت لها:
هند: ما تخافيش الميس مش هتيجي النهارده، ضحكت لمياء وقالت لها: مش هتيجي ازاي يعني هي دي اصلا بتفوت يوم وتغيب فيه عمرها ما غابت، ايه اللي هيغيبها النهارده .
هند : عندها حاله وفاه ومش هتيجي،
في نفس اللحظه، مرت مشرفة الدور و قالت لنا
_ميس انتصار مش هتيجي النهارده، لان عندها حاله وفاه.
نظرت اليها انا وباقي زميلات الصف ونحن لا نصدق آذاننا، فا استاذة انتصار لا تفوت يومآ دراسيا حتي تأتي، بدأ الاصدقاء بالابتعاد عن هند والنفور منها لكني لم افعل هذا فا كنت احاول ان افهم منها ماذا يحدث بالضبط لكنها لم يكن لديها اي إجابه، غير انها عندما يسأل شخص ما عن شيء سوف يحدث في المستقبل فإذا بشيء يأتي داخل رأسها ويخبرها عما سيحدث بدون اي تفكير، وهي تقوم بالرد بتلقائيه عندما يسأل شخص ما . انتهي يومنا الدراسي واثناء عودتنا الي المنزل قلت لها
هبه: انا خايفه عليكي جدا على فكره، كده هيطلع عليكي سمعه في المدرسه انك ملبوسه وهيقعدوا يتكلموا عليكي.
هند : ملبوسه مره واحده يا هبه، طب قولي اي حاجه ثانيه مش ملبوسه، وانتي شوفتيني وانا معاكي في البيت تصرفاتي مش طبيعيه مثلا .
هبه: بصراحه لا بس موضوع انك بتقولي اي حاجه لما تحصل ده جديد بصراحه، ما فيش حد يقدر يستوعبه.
هند : خلاص انا هاحاول اسيطر على نفسي ومش هاقول اي حاجه تاني، بس يلا بينا دلوقتي نروح على ماما في الشغل لانها تعبانه جدا، ولازم نروح ناخدها .
في هذه اللحظه نظرت لها بخوف شديد وقلت لها
هبه: ماما تعبانه انتي عرفتي منين الكلام ده.
هند: يووه يا هبه بقى، وانا هاقعد اقول لك برده عرفت منين، انا عرفت وخلاص انها تعبانه، لو سمحتي يلا نروح لها دلوقتي حالا على الشغل ناخذها ونروح، هي مش تعبانه اوي بس هي فعلا محتاجه تروح دلوقتي، تعالي بالمره نعدي عليها وناخدها.
امسكت بيدي واخذتني للذهاب لأمي في العمل وعندما وصلنا وجدناها داخل مكتبها تستريح علي كرسي وواضعه يديها علي رأسها.
هبه : مالك يا ماما فيكي ايه؟
علا : انتوا ايه اللي جابكم هنا، انا مصدعه شويه يا بنات وكنت مروحه دلوقتي، كويس انكم جيتوا عشان امشي معاكم.
في نفس اللحظه نظرت لهند وقلت لها : انتي تاني يا هند، الموضوع كده مش طبيعي خالص
انا لازم احكي لماما لكنها نظرت لي نظرة جعلتني ينتابني الخوف بشده، وقالت لي في الحال:
هند: لو حكيتي لماما اي حاجه انتي متعرفيش انا ممكن اعمل فيكي ايه، انا هاقدر اسيطر عليكي تماما
بدأ الخوف يتملك من قلبي فا اختي الوحيده لا أعلم ماذا حدث لها ولماذا تقوم بفعل هذه السخافات، طوال الطريق انظر اليها و هي ايضا تنظر الي خائفه مني ان افشي سرها، لاحظت امي علينا شيء غريب واننا لا نتحدث طوال الطريق ولاحظت علي ملامحي الكثير من الخوف والرهبه.
علا: مالك يا هبه في ايه ساكته كده يعني ومبتتكلميش خالص؟
هبه: ابدا يا ماما ما فيش حاجه انا تعبانه شويه بس.
علا: وطالما تعبانه ايه اللي جابك هنا كنت روحي يا بنتي على طول.
هبه: معلش يا ماما هند بقى **مت وجينا عشان ناخذك بالمره.
علا: انتو عارفين يا بنات انا نفسي اجبلكم اي حاجه انتوا عاوزنها واحققلكم كل احلامكم.
هند: هو بابا مش هيرجع تاني يا ماما.
ظلت علا صامته عندما سمعت سيرة اسعد فمن الممكن انها تذكرت آلام الماضي وقام الجرح بالنزيف مرة اخري.
وصلنا الي المنزل واستمرت هند بفعل هذه الاشياء كل يوم تقريبا وانا صامته لا اتفوه بأي كلمه لأمي هتي لا اقلقها، اصبحت تقول لي كل صغيره وكبيرة سوف تحدث لاحقا، حتي اذا قالت ان هذا الشخص سيموت غدا بالفعل عندما نستيقظ نسمع صوت الصراخ يملأ المكان.
بدأت الخوف والنفور منها واصبحت اقول لها عندما تأتي لتقول لي شيء جديد:
هند: يا ريت ما تقوليليش حاجه تاني انا مش عاوزه اعرف اي حاجه خالص عن الحاجات اللي انتي بتشوفيها دي، سيبيني عايشه كده بلاش تنكدي عليا
هند : انا ما اعرفش ان الموضوع ده بيضايقك، وبعدين والله انا ما ببقاش قاصده اني اقول لك كده،
هبه: خلاص انا لازم الموضوع ده اوصله لماما وهي تتصرف، هروح عند ماما افهمها.