في لندن حيث الأزدحام و الشوارع جميلة تسير نورسين و تتنقل بين المحلات لتأخذ بعض الهدايا لأصدقائها و والديها فهي بعد أن تنتهي من عملها بلندن سوف تأخذ أجازة لبضع أيام لكي تذهب لزيارة والديها بمصر الحبيبة، بعد أن أنتهت من شراء ما يلزم جلست بأحد المقاهي لتحتسي بعض القهوة التي تعشقها، أمسكت بمفكرتها تدون بها ما رأته في هذه البلاد الجميلة لتجد من يجلس بجانبها مبتسمًا لها فنظرت بأستغراب سريعًا ما تحول لصدمة حينما وجدته هو يوسف ذالك الفتى من الطائرة لطالما كانت تفكر به و حاولت العديد من المرات الأتصال به و لكنها كانت تتراجع في نهاية الامر خوفًا ألا يتذكرها أفاقت من شرودها علي صوته
يوسف: صدفة غريبة صح
نورسين بأبتسامة جذابة: غريبة أوي فعلًا
يوسف: بس بالنسبالي مش غريبة عشان أنا كنت بفكر فيكي أصلًا
نورسين: بتفكر فيا أنا ؟
يوسف: تحبي نتمشي
نورسين: أحب
ذهبا للتنزة معًا في شوارع لندن مر الوقت بين حديثهم و مشا**ة يوسف لنورسين و قد كان من أجمل الأوقات التي عاشتها نورسين علي الأطلاق
في مكان آخر كان الهدوء يعم السيارة بعد أن أخذها الشاب من المشفي بعد أن حدث والدته
و قال لها ما حدث و أنه سوف يجلبها للعيش معهم حتي يتمكن من معرفة مكان أهلها فرحبت بها
أما هي فكل ما يدور برأسها: من أنا؟ أسمي ليان كما قال لي هذا الشاب و لكن ماذا بعد ذالك لا أعلم
وصلا الي بيت جميل يتكون من طابقان لونه أزرق و به العديد من الورود علي كل نافذة أو تراس، شعرت ليان بالراحة لهذا المنزل فهو دافئ حتي من الخارج فماذا عن الداخل اذا ؟
وجدت الشاب يتجه نحو البيت فأسرعت خلفة قائلة: أستاذ عمر لو سمحت هو بيت مين دا؟
ألتفت عمر لها قائلًا بأبتسامة: بيتي
توردت وجنتيها خجلًا قائلة: بس أنا مينفعش أقعد معاك لوحدنا
نظر عمر لها بتفهم قائلًا: متخافيش أنا قاعد مع أمي و أختي و جدتي يعني بيت حريمي أساسًا و أنا ضيف
ضحكت علي كلماته الأخيرة ليبتسم لها و من ثم أشار لها لتدلف أمامه للمنزل فتح الباب و دعاها للدخول دخلت الي المنزل لتجد شابة و سيدتين يجلسون أمام التلفاز
ألقى عمر التحية لينتبهوا لهم رحبت والدته بليان كثيرًا و مثلها الجميع، شعرت ليان بالحب تجاة أفراد عائلة عمر، أوصلتها السيدة حنان والده عمر الي إحدى الغرف لكي تستريح فهي متعبة أثر الحادث فجراحها ليست بالهينة، ما أن خرجت السيدة حنان حتي سقطت ليان بالنوم العميق.
مرت أيام و شهور علي نورسين بالندن فقد زاد عليها العمل فلم تستطع العودة الي مصر و في أحد تلك الأيام أعترف يوسف لها بحبه و هي أيضًا صارحته بحبها ليقررا الزواج بعد أن أخبروا ذويهم الذين رحبوا و باركوا هذه الزيجة فتمت خطبتهما حتي يعودا الي مصر بعد انهاء أعمالهم ليتموا الزفاف
في مكان آخر أفاقت من عالمها المؤلم علي عالم آخر أشد آلم أفاقت فتون لتجد نفسها في فراشها و ها قد حل النهار بشمسة الحارقة نظرت حولها لعلها تتذكر ما حدث، دقائق و تذكرت كل شئ موت جدتها و تركها لها وحدها و وجود تلك السيدة الملقبة بوالدتها في المنزل و شجارهم سويًا ثم وصول أبيها!
نهضت مسرعة لخارج الغرفة حتي تتأكد من أن ما حدث مجرد وهم و لكن أحلامها تحطمت ما أن رأت الأثنان جال**ن بالخارج يتلقيان واجب العزاء من الجيران و الأقارب، أقتربت منهم مسرعة و هي تصرخ قائلة: أنتوا هنا بتعملوا أيه أطلعوا برا مش عايزة أشوفكوا
-أحترمي نفسك و أنتي بتكلمي أبوكي يا بنت
-أبويا!،كنت فين طول السنين اللي فاتت يا أبويا ولا مفتكرتنيش غير دلوقتي
- يا بنتي اا
-متقوليش يا بنتي، أنتي بالذات ما تتكلميش كنتي فين و أنا داخلة أول يوم المدرسة، كنتي فين لما كنت بنجح، كنتي فين لما خلصت الثانوية العامة بتفوق، ده أنتي مكلفتيش نفسك تتصلي بيا كل سنة تتطمني عليا حتي يا شيخة، أنتي أكيد مش أم أنتوووا أيييييه
-خلصتي! أدخلي أوضتك
-مش داخلة أنت اللي هتخرج بررررا
-ده بيتي يبقى مين اللي يخرج برا ؟
نظرت له بصدمة شديدة أيقول لها أرحلي حقًا، أيتركها بالشوارع لترى ما ترى!، أي أب هذا الذي يفعل بأبنتة هكذا نظرت حولها ببكاء فلم تجد أحد الجميع رحل، نظرت له مرة أخرى لتجدة ينظر لها ببرود شديد
-أنت عايز ترميني في الشارع!، أنت بجد عايز تعمل كدا!، هو أنا لي بحس أني عدوتك مش بنتك، ده أنت عمرك ما حسستني أنك أبويا، ليه كل دا أنا عملتلك أيه؟
- عندك أختيارين يا أكتب كتابك بكرا يا تمشي و تسيبي البيت
تركها و رحل ببساطة كأنه لم يلقي بقنبلة هشمت قلبها الصغير منذ قليل
في لندن كان كلا من نورسين و يوسف يجهزون كل شئ لزواجهم و في تلك الأيام كانت نورسين تبدو شاحبة و يصاحبها آلم الرأس طوال الأيام و تبدو مرهقة كثيرًا قلق يوسف عليها و أصر علي أخذها الي أحد الأطباء للأطمئنان عليها فرضخت له في النهاية لتذهب معه لأحد المشافي ليتم فحصها و قد طلب منها الطبيب العديد من التحاليل و الأشاعات و هي لا تفهم شئ منه و لكنة أصر علي عدم أخبارها حتي يتأكد من ظنونة جلس يوسف و نورسين بقاعة الأنتظار منتظرين أن تنتهي النتائج
-يوسف أنا خايفة أوي
-متخافيش أكيد دي شوية فحوصات عادية عشان بس يطمن عليكي
-مش عارفة حاسة الدكتور عارف حاجة و مش راضي يقول
-أن شاء الله خير يا حبيبتي
- أن شاء الله
في مصر
-أنا موافقة علي الجواز
-كويس أنك عارفة مصلحتك
-مصلحتي أني أكون في اي حته بعيد عنكوا
-هنسافر الصبح عشان نكتب الكتاب
-مش عايزة فرح
- أنا قولت كدا عشان جدتك
-ثانية هنسافر فين؟!
-الصعيد
-الصعيد!!
أستلم يوسف نتائج التحاليل و أخذ نورسين للطبيب مرة أخري ليعلموا نتائج الفحص جلس الأثنان أمام الطبيب بقلق بالغ تفحص الطبيب الأوراق ثم أغلقها لينظر لنورسين بأسف حقيقي قائلًا: للأسف يا آنسة نورسين التحاليل أثبتت أنك عندك كانسر بس الحمد لله الخبر الكويس أنه في المراحل الأولي
نورسين: بعد كلمة كانسر أنا مسمعتش أي حاجة بعدها عارفين أحساس الأنفصال عن العالم و صوت الدكتور بيتردد بنفس الكلمة نزلت من عيني دموع محستش بيها و كل اللي في دماغي أنا عروسة و فرحي بعد شهر، هعمل أيه؟، فوقت علي صوت الدكتور و أنا ببص حوليا بتوهان و قمت مشيت من غير ولا كلمة، كل اللي في دماغي صراع كبير، أزاي هقول لأهلي الخبر ده؟
نهضت نورسين و هي حزينة للغاية و معها يسير بجانبها يوسف و هو صامت تمامًا ولا لم يظهر أي رد فعل تجاه ما قيل أوصلها حيث منزلها و تركها و رحل.
(بارك الله لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير)
أنتهي مراسم كتب الكتاب لتشعر فتون أنها علي حافة الهاوية