5
3956 Words
مسحت سو ريم دموعها، فأومأ لها السيد كيم موافقًا. استقل سيارة أجرة متوجهًا إلى المستشفى. مضى بعض الوقت وأخرجوا الشخص العالق، فتنفست سو ريم الصعداء، ثم سألتهم عن الشخص الآخر. أخبروها بأنهم لا يزالون يحفرون للوصول إليه. حل المساء وعاد السيد كيم لموقع البناء متسائلًا عما حدث، فأخبرته بأنهم على وشك إخراج الشخص الأخير.
لم تكد تنهي كلامها وإذا بهم يعلنون وصولهم إليه. قاموا بإخراجه، ولكنه كان فاقدًا للوعي. أجرى له المسعفون بعض الإسعافات الأولية، ثم نقلوه إلى المستشفى على الفور. أشارت سو ريم للسائق كي يستعد للحاق بسيارة الإسعاف.
بقيت سو ريم والسيد كيم في المستشفى يطمئنون على المصابين حتى خرج الرجل الأخير من غرفة العمليات، واطمأنا بأنه تجاوز المرحلة الحرجة. حرصت سو ريم على التحدث مع الأهالي ومدير المستشفى، وطلبت منه أن يتم نقل المصابين إلى مستشفى خاص في سيئول إن دعت الحاجة، وأكدت على ضرورة العناية بهم بشكل جيد.
كان نام هو يتبعهما من بعيد ويراقب ما يحدث بينما كان السائق مشغولًا بإخبار مساعد السيد هان بالتفاصيل. ذهبت سو ريم إلى الحمام وغسلت وجهها، ثم نظرت لنفسها في المرآة، فأجهشت بالبكاء. وضعت يدها على فمها كي لا تص*ر صوتًا، ثم قالت بصوت منخفض: أشكرك يا إلهي على نجاتهم، أنا ممتنة للغاية.
خرجت سو ريم إلى حديقة المستشفى بعد أن أخبرت السيد كيم بأنها ستستنشق بعض الهواء ريثما ينتهي من حديثه مع عائلات الضحايا. جلست على إحدى المقاعد وشردت قليلًا، ثم أمسكت بهاتفها واتصلت بعمها.
- هل علمت بما حدث؟
- تقصدين موقع البناء؟ أجل، تواصلت مع المسؤول هناك وطمأنني أن الجميع بخير.
- لمَ فعلت هذا؟ ما ذنب أولئك الأبرياء؟
- ما الذي تهذين به؟ أنا لم أفعل شيئًا.
- سأجعلك تدفع ثمن هذا غاليًا. سأفضح كل القذارات التي فعلتها في حياتك سيد هان. ها أنا أعلن الحرب بشكل رسمي، فكن مستعدًا للقادم.
- لا تهذي يا فتاة، أنا لم أفعل شيئًا. لا علاقة لي بهذا الحادث.
أنهت سو ريم المكالمة، فتن*د نام هو قائلًا: يا إلهي، هذه الفتاة تستعجل موتها لا محالة، ولكنها ... شجاعة وقوية وتمتلك قلبًا طيبًا.
خرج السيد كيم وعندما رآها تجلس على المقعد اقترب وجلس بجانبها.
- هل أنتِ بخير؟
- أحاول أن أكون كذلك. (أمالت رأسها ووضعته على كتفه)
- كل شيء سيكون على ما يرام، فلا تقلقي.
- أجاشي، كنت أخطط لقضاء إجازة هنا في بوسان بعد انتهاء كل شيء. تخيلت بأننا سنأتي لقضاء نزهة على الشاطئ، ونقيم حفلة شواء ونمرح.
- سنفعل ذلك، سأساعدك بكل ما أوتيت من قوة للتخلص من هؤلاء الأوغاد وعندئذ سنذهب في نزهتنا هذه.
- سنتمكن من فعلها صحيح؟
- بالطبع، نحن ثنائي لا يقهر.
نظرت سو ريم لوجه السيد كيم وابتسمت بألم قائلة: شكرًا أجاشي، على خوفك عليَّ وتشجيعك المستمر لي. لقد فعلت الكثير من أجلي، ولكنني لم أستطع فعل شيء من أجلك.
وضع السيد كيم يده على رأسها، ثم ابتسم قائلًا: لمَ تقولين هذا؟ وجودك في حياتي يمنحني السعادة والطمأنينة يا ابنتي.
دمعت عينا سو ريم قائلة: أجاشي ... هل أنا قريبة بما يكفي لتخبرني بكل ما يؤلمك ويزعجك؟
أجاب السيد كيم: هل لد*كِ شك في هذا؟
صمتت سو ريم وهي تحدق به بعد أن أبعدت رأسها عن كتفه فقال: سو ريم، إن كان هناك ما لم أخبرك به فهذا لأنني أكره رؤيتك حزينة. أنتِ أثمن شخص في حياتي. كوني واثقة من ذلك.
ابتسمت سو ريم قائلة: أعلم هذا.
نهض كلاهما متوجهين للسيارة وتبعهما نام هو الذي ركب سيارته وانطلق خلفهما.
بينما هم في الطريق توقف السائق قائلًا: الطريق مغلق، يبدو بأن هناك أعمال صيانة.
خرج السيد كيم من السيارة وتحدث مع العاملين، يسألهم إن كان بإمكانهم المرور، ولكنهم رفضوا وطلبوا منه سلوك طريقًا بديلًا وأرشدوه إليه. عاد السيد كيم للسيارة، فسألته سو ريم ماذا حدث.
- إنهم يرفضون السماح لنا بالمرور، يبدو بأنهم يقومون ببعض التصليحات.
- ولكننا أتينا من الطريق ذاته صحيح؟
- أجل. لا بأس سنذهب من الطريق البديل الذي أرشدونا إليه، ولكنه سيستغرق وقتًا أطول.
- يا إلهي، لقد تأخر الوقت أجاشي. يبدو بأنه كان علينا أن نبيت ليلتنا في بوسان بدلًا من العودة لسيئول في وقتٍ متأخر من الليل.
- لا بأس، يمكنك أن تنامي إلى أن نصل.
التفتت سو ريم للسائق وسألته قائلة: هل يمكنك الاستمرار بالقيادة؟ إن كنت تشعر بالتعب ولا يمكنك فعلها فلا بأس. يمكننا البحث عن مكان قريب لنمضي الليلة.
أجاب السائق أنه بخير وسيستمر بالقيادة. ألقت سو ريم بثقل رأسها على المقعد وأغمضت عينيها. مضى السائق في طريقه وسلك الطريق البديل وكان طريقًا جبليًا نائيًا يطل على البحر.
كان نام هو يتبعهم وقد ترك مسافة كافية بينه وبينهم لأنه يضع جهاز تحديد للموقع في سيارة سو ريم. شعر نام هو بالريبة منذ أن رأى العاملين الذين أغلقوا الشارع، ولكنه تجاهل ذلك الهاجس الذي راوده للحظات.
بعد دقائق اقتربت شاحنة من سيارة نام هو، وأصر السائق على جعله يفسح له الطريق كي يمر. انزعج نام هو من الأمر وسمح له بالمرور. مضت الشاحنة في طريقها حتى باتت خلف سيارة سو ريم، فزاد السائق السرعة فجأة واندفع نحو السيارة وصدمها بكل قوة حتى خرجت من السياج الحديدي الموجود على جانب الطريق، وبدأت تتدحرج على الجرف حتى استقرت في نهايته مقلوبة رأسًا على عقب.
كانت مجرد ثوانٍ معدودة لم يفهم أحد ما جرى خلالها إلا بعد فوات الأوان. وقفت الشاحنة وألقى السائق نظرة للأسفل ليتأكد من موت الثلاثة. توقفت إشارة التعقب على شاشة هاتف نام هو وإذا بمشهد مرور الشاحنة من جانبه يقفز أمامه، فانطلق بأقصى سرعة وعندما رآه سائق الشاحنة يقترب فر هاربًا. أراد نام هو ملاحقته، ولكنه توقف وألقى نظرة للأسفل فعلا محياه الغضب والدهشة. أمسك بهاتفه وأجرى اتصالًا حيث طلب من أحدهم إرسال سيارة إسعاف، وتعقب الشاحنة حيث أعطاهم رقمها وأوصافها.
أخرج نام هو حبلًا وحقيبة إسعافات أولية من سيارته، ثم نزل لأسفل الجرف بسرعة. اقترب من السيارة متوجهًا نحو سو ريم وعلم بأنها لا زالت على قيد الحياة، ولكنها فاقدة للوعي. اقترب من السيد كيم وعندما تأكد من أنه فارق الحياة أغمض عينيه وطأطأ رأسه للحظات، ثم اتجه نحو السائق الذي لاقى حتفه كذلك. عاد لسو ريم مسرعًا وأخرجها من السيارة بحذر، ثم حاول تفقدها لمعرفة مدى سوء إصابتها. شرع بتضميد جراحها وإجراء الإسعافات الأولية خشية أن تكون هناك **ورًا في جسدها.
خلع نام هو معطفه ووضعه عليها قائلًا: تماسكي سو ريم، لا يمكنك الموت الآن. ستصل سيارة الإسعاف عما قريب. تماسكي أرجوكِ.
وصلت سيارتا إسعاف بعد دقائق، وشرعوا بوضع سو ريم على نقالة تجهيزًا لرفعها ونقلها بسيارة الإسعاف. أتى الرجل الذي كان يقابله السيد كيم حيث اقترب وألقى نظرة عليه. تن*د الرجل وأغمض عينيه بأسف وندم، ثم قال بصوت منخفض: لم أفي بوعدي هذه المرة أيضًا سيد كيم. أنا آسف جدًا.
اقترب منه نام هو وناداه، فنهض الرجل حتى وقف كلاهما متقابلين.
- سيدي، أنا آسف ... كان عليَّ أن أتوقع خدعة متكررة كهذه.
- هذا ليس ذنبك نام هو، بل ذنبي. أنا أعرف هؤلاء منذ سنوات، وكان عليَّ توقع ما قد يفعلونه. لا أصدق بأنهم خططوا للحادثين بنفس اليوم ليتخلصوا من سو ريم والسيد كيم بهذه السرعة. ظننت بأنهم سيحملونها مسؤولية ما حدث في موقع البناء، ويجبرونها على الاستقالة أو حتى يكيلون لها الاتهامات لتدخل السجن.
- سيدي ... لقد قامت سو ريم بالاتصال بعمها وهددته بشكل صريح. لذا أعتقد بأنه شعر بالخوف وقرر التخلص منها.
- ربما، ولكن السيد هان لا يقدم على أي خطوة دون تخطيط مسبق. إنه يحسب الأمور جيدًا، ويدرك تمامًا أن التخلص من سو ريم بهذه الطريقة وفي هذا التوقيت تحديدًا سيجعل الأمور تسوء.
- هل هناك جهة أخرى أو شخصًا آخر يعارض السيد هان وأراد التخلص من سو ريم والسيد كيم؟
- أظن ذلك. أنا واثق من أن حادثة موقع البناء كانت من تخطيط السيد هان أما ما حدث مع سو ريم والسيد كيم فلا.
- ربما يكون أحد شركائه، لأنه ليس راضيًا عن تأجيل الأمر أكثر.
- لم يحدث وأن اختلفت أوامرهم حتى وإن لم يوافق الجميع عليها. السيد هان بقي يماطل أمر التخلص من سو ريم بهذه الطريقة. أراد التخلص منها دون إيذاءها وأصر على ذلك لذا لا أفهم كيف حدث هذا.
- سيدي ... هل يعقل بأن لديهم طريقة أخرى للتواصل ومن خلالها أعطوا الأوامر بإنهاء حياة سو ريم والسيد كيم؟
- هذا وارد ... في حال أتى الأمر من جهة أعلى شأنًا وبشكل مباشر للسيد هان.
- هؤلاء الأوغاد لا ينتهون. مهما كشفنا من رجال في هذه المنظمة، فلا زال هناك المزيد.
- هذه هي المعضلة الحقيقية. دعنا الآن نخطط لما سنفعله. يجب أن نحمي سو ريم مهما كلف الثمن. لقد وعدت السيد كيم بحمايتهما وفشلت.
- أخبرني بما يتوجب عليَّ فعله سيدي.
- لا أريد أن يتبقى أثرًا لوجود المسعفين هنا. رتب الأمر وكأن سو ريم سقطت في البحر. وسأجعل أحدهم يبلغ عن الحادثة.
- هل تريدهم أن يظنوا بأنها ماتت؟
- أجل، هذا أفضل خيار للجميع. من جهة سنحمي سو ريم لأنهم سيحاولون قتلها من جديد إن علموا بأنها لا تزال على قيد الحياة، ومن جهة أخرى سيصبحون مطمئنين وسيقدمون على خطوتهم التالية.
- فهمت. سأقوم بما يلزم على الفور.
أشار نام هو لبعض الرجال وتقدم نحوهم وشرع بالتحدث إليهم بينما نظر الرجل للسيد كيم المخضب بالدماء واقترب منه قائلًا: أعلم بأنك لن تسامحني، ومهما فعلت من أجل سو ريم بعد الآن فلن تغفر لي. أنا أيضًا لن أسامح نفسي سيد كيم، ولكنني سأضع حياتي على المحك على من أجل سو ريم.
....................................
اتصل أحد أفراد الشرطة بالسيد هان، فاستيقظ السيد هان من نومه على صوت رنين الهاتف. بعد انتهاء محادثته مع الشرطي اتصل السيد هان بمساعده الشخصي.
- أخبرني ماذا حدث؟
- وقع الحادث في طريق عودتهم من بوسان.
- أنا لا أسألك عن هذا أيها الأ**ق.
- ما زلت أبحث في الأمر سيدي. الشرطة تتكتم على التحقيق، ولم أستطع الحصول على أي معلومات.
- ألا تعلم إن كانوا قد ماتوا أم ما زالوا على قيد الحياة؟
- ليس بعد سيدي.
- تبًا. أنهى السيد هان المكالمة بحنق، وهرع إلى غرفة جون سوك ليوقظه من نومه.
- ماذا هناك يا أبي؟ لقد أفزعتني.
- سو ريم تعرضت لحادث سيارة في طريق عودتها من بوسان.
- ماذا؟ هل هي بخير؟
- لم يخبرني الشرطي بشيء. قال بأنهم الآن في الإسعاف متوجهين إلى المستشفى في سيئول.
- حسنًا، دعنا نبدل ثيابنا ونتوجه إلى هناك على الفور.
خرج السيد هان عائدًا لغرفته بينما بقي جون سوك للحظات على فراشه شارد الذهن، ثم نهض ليبدل ثيابه.وصل كلاهما إلى المستشفى، وعندما سألا عن ضحايا الحادث أتى طبيب ومعه محقق للتحدث معهما.
نظر لهما جون سوك وسأل الطبيب عن حال سو ريم والسيد كيم؟
- السائق والسيد كيم يون تشول الذي كان يجلس بجانبه توفيا.
- ماذا؟ هل أنت واثق؟ ماذا عن سو ريم إذًا؟ هي بخير أليس كذلك؟
نظر الطبيب للمحقق بحيرة، فاقترب المحقق منهما خطوة وقال: الآنسة هان سو ريم مفقودة.
رد السيد هان: ماذا تعني بمفقودة؟ ألم تكن في السيارة معهما؟
- السيارة وقعت من جرف صخري يطل على البحر. حسب التحقيقات الأولية في موقع الحادث، فعلى ما يبدو بأن الآنسة هان سو ريم قد اندفعت من السيارة أثناء سقوطها، ووقعت في البحر. لقد وجدنا حذاءها وحاجياتها الشخصية والدماء التي تعود لها مما يعني بأنها كانت في السيارة، ولكنها وقعت في الماء.
- هل هناك احتمالية ... أن تكون سو ريم على قيد الحياة؟
- لا أريد أن أمنحكم الأمل، ولكن نظرًا لحالة السيارة وطريقة وقوعها ... فالأمر صعب.
أغمض السيد هان عينيه، وبدا كأن توازنه قد اختل. أمسك جون سوك بيده وساعده على الجلوس، ثم نظر جون سوك للمحقق قائلًا: سو ريم لا تزال على قيد الحياة. دعنا نتمسك بهذا الأمل من فضلك، وابذل جهدك لتبحث عنها. افعل كل ما يتطلبه الأمر لإيجادها، وسنتحدث مع الجهات المسؤولة بشكل شخصي لتوسيع نطاق البحث. يجب أن نجد سو ريم أيها المحقق.
أومأ له المحقق موافقًا بينما طلب منهما الطبيب أن يذهبا إلى غرفة ثلاجة الموتى لرؤية جثة السيد كيم بما أنه لا يمتلك أي عائلة ليبلغوها بوفاته.تلقى مدير المستشفى في بوسان اتصالًا من غرفة العمليات يخبرونه بأن عملية سو ريم قد انتهت. ما أن أخبر نام هو ورئيسه بذلك حتى هرعا ووقفا أمام باب غرفة العمليات بانتظار الأطباء.
خرج طبيبين، فسارع رئيس نام هو بسؤالهما عن سو ريم.
- تعاني من **ور متعددة في ذراعها اليمنى وساقها اليسرى وضلعين أيضًا. أحد الأضلاع الم**ورة ثقب الرئة، ولكننا أجرينا لها جراحة وعالجناها، ولكن الأسوأ كانت إصابة رأسها. كانت عملية صعبة ولكنها تمت بنجاح.
- ستكون بخير أليس كذلك؟
- علينا الانتظار حتى تستيقظ. كونها على قيد الحياة بعد حادث كهذا يعد معجزة. الإسعافات الأولية التي أجريت لها في موقع الحادث أنقذت حياتها.
- إنها فتاة قوية. ستكون بخير.
- سيتم نقلها لغرفة العناية المركزة الآن ونقوم بمراقبة وضعها.
- شكرًا لكما.
اقترب مدير المستشفى قائلًا: نخبة الأطباء لدينا يقومون بمتابعة حالتها. ستكون بخير، فاطمئن سيدي.
نظر لهم نام هو قائلًا: ألا ينبغي أن نقوم بنقلها إلى مستشفى في سيئول؟رد الطبيب قائلًا: لا داعي لذلك، فنحن نقدم لها رعاية كاملة بالإضافة لذلك لا ينصح بنقلها وهي في هذه الحالة.
نظر الرئيس لنام هو قائلًا: اطمئن فكل شيء متوفر هنا وإن حدث واحتاجوا لشيء ما، فسأقوم بتوفيره على الفور.
نظر مدير المستشفى لنام هو وابتسم قائلًا: يبدو بأنها تجربتك الأولى في مهمة كهذه؟اتسعت عينا نام هو ونظر له باستغراب، فرد رئيسه قائلًا: نام هو خبير وماهر في عمله، ولكنه لا يعلم بشأن تعاونكم معنا. هو من أجرى الإسعافات الأولية في موقع الحادث.
نظر له أحد الأطباء قائلًا: هل أنت طبيب؟
رد نام هو بتلقائية: كلا.
نظر مدير المستشفى للطبيب قائلًا: مثل هؤلاء ماهرون في كافة المجالات لذا توقف عن طرح أسئلة لا لزوم لها. لا داعي لأوصيكما بالسرية، فأنتما تدركان هذا.
انحنى الطبيبان احترامًا ومضيا في طريقهما.
- سأطلب من الموظفين تجهيز غرفتين لكما.
- كلا أنا سأذهب، فلدي الكثير من العمل. نام هو سيبقى هنا.
ابتعد رئيس الأطباء ليتحدث مع إحدى الممرضات فنظر الرئيس لنام هو ووضع يده على كتفه واقترب من أذنه وهمس له قائلًا: لا تلم نفسك. أنا المذنب الوحيد في هذا الأمر.
ابتعد قليلًا وأكمل كلامه قائلًا: أبلغني بتطورات حالتها، ولا تتحدث مع هاري، ولا تجب على اتصالاتها مطلقًا. خذ هذا الهاتف بدلًا من هاتفك السابق.
نظر نام هو له وقال: سيدي، أنت لا تشك بها ري نونا صحيح؟
ابتسم الرئيس ثم قال: عليَّ التحدث معها أولًا.
ابتسم نام هو باستهجان قائلًا: سيدي، هذا مستحيل. نونا لا يمكنها فعل ذلك. لا بد من أن هناك ظرفًا منعها من الذهاب مع سو ريم.
- مهمتها هي حماية سو ريم ومرافقتها أينما ذهبت. لا يوجد أي مبرر لعدم فعلها ذلك.
- ربما لديها مبرر منطقي. لو لم تكن مضطرة لما طلبت مني ملاحقة سو ريم.
- لقد أخبرتك بأنها لم تتمكن من مرافقتها بسبب جون سوك، صحيح؟
- أجل. لا أدري ما الحيلة التي قام بها ليبقيها بجانبه، ولكنها ...
- نام هو، دع أمر ها ري لي الآن. مهمتك الآن هي البقاء مع سو ريم وحمايتها مهما كلف الأمر أما من كان وراء هذا الحادث وقتل السيد كيم، فسأجده وأعاقبه بنفسي.
انحنى نام هو لرئيسه الذي غادر مسرعًا، ثم تبع سو ريم التي أخرجوها من غرفة العمليات ووضعوها في غرفة العناية المكثفة. كان نام هو يراقبها من خلف الزجاج عندما أتت إحدى الممرضات تخبره بأنهم جهزوا له غرفة في نهاية الممر ليبقى بقربها، ولكنه آثر البقاء أمام غرفتها.
جلس نام هو على المقعد أمام باب الغرفة وقاطع ذراعيه وشرد غارقًا في تفكيره.
كان الرئيس على سطح المستشفى ليركب طائرة مروحية ويعود إلى سيئول عندما اتصل بها ري. استيقظت ها ري من نومها وسارعت للرد عندما علمت من المتصل.
- نعم سيدي.
- أين أنتِ الآن؟
- في منزلي سيدي. هل هناك خطب ما؟
- ها ري .... تعالي إلى المقر بسرعة.
- ماذا حدث سيدي؟
- تعالي على الفور.
أنهى المكالمة قبل أن يتيح لها فرصة الرد، فتساءلت ها ري بقلق: يبدو بأن هناك كارثة قد حلت بنا. إنه غاضب جدًا.بدلت ها ري ثيابها بسرعة وأسرعت إلى مقهى انترنت حيث كان هناك بابًا سريًا يفتح ببطاقة العمل وبصمة الإصبع. دخلت ها ري إلى ممر ضيق في نهايته مصعد. استقلت المصعد إلى الطابق الثاني تحت الأرض.
بعد قليل خرجت ها ري من المصعد وألقت التحية على زملائها حيث كان هناك بضع أشخاص خلف مكاتبهم وشاشات عديدة. اقتربت إحدى الموظفات منها قائلة: الرئيس طلب منك انتظاره في مكتبه إلى حين وصوله.
ردت ها ري: هل هناك خطب ما؟أجابت الموظفة: لست مخولة بالتحدث معك عن الأمر. تعلمين بأننا ننفذ الأوامر وحسب. انتظري في المكتب من فضلك.
تن*دت ها ري بضيق قائلة: حسنًا.توجهت ها ري إلى المكتب وبقيت تنتظر وقد شعرت بالضجر والقلق في الوقت ذاته إلى أن وصل رئيسها. دخل وقد علا صوته بتوجيه الأوامر للجميع قائلًا: أريد معرفة أين كان أعضاء منظمة كروسنو الكوريون في آخر أربع وعشرين ساعة. بمن التقوا ومع من تواصلوا وحتى ما هو الطعام الذي تناولوه. أريد كل شيء يتعلق بهؤلاء الأوغاد على الفور، ومن ضمنهم السيد هان وابنه جون سوك كذلك. لا تستثنوا أحدًا، هل فهمتم؟رد الجميع بصوت واحد: أمرك سيدي.عاد كل منهم إلى عمله ثم مضى في طريقه إلى مكتبه. وقفت ها ري بانتباه أمامه وعندما رأت وجهه أدركت خطورة الأمر. أغلق الباب وأسرع نحوها ضاربًا المكتب بيده قائلًا: لماذا لم تذهبي مع سو ريم؟
- جون سوك تذرع بشأن اجتماع هام والملف الذي ساعدت هان سو ريم بإعداده. كنت سأرافقها، ولكن في اللحظة الأخيرة جون سوك أقنعها بضرورة بقائي، فذهب معها السيد كيم عوضًا عني.
- هل كان الأمر يستحق بقاءكِ وعدم مرافقتك لهان سو ريم؟ ألم يكن بوسعك التملص من الأمر؟
- لقد حاولت وأشرت لها بأن عليَّ الذهاب معها لترفض طلبه، ولكنها وافقت وطلبت مني البقاء.
- لماذا فعل جون سوك هذا؟ ألم يكن بوسعه تدبر أمر الاجتماع من دونك؟
- بلى بوسعه، ولكن ذلك الو*د بات حريصًا على إبقائي بقربه لأنني أقوم بتجاهله كما طلبت مني. إنه يتذرع بأي حجة ليبقيني أمام ناظريه.
- أهذا هو السبب فقط؟ لأنه يحبكِ؟
- وماذا قد يكون غير ذلك؟ سيدي، هل حدث شيء مع سو ريم؟ هل تورطت في المشاكل بسبب ما حدث في موقع البناء؟
- أرسلوا أحدهم واصطدم بسيارتها في طريق عودتهم لسيئول.
- ماذا؟ هل هم بخير؟- لقد ماتوا جميعًا.
- ماذا؟ ولكنني طلبت من نام هو تعقبها ومراقبتها. كيف حدث هذا؟
- هل تريدين إلقاء اللوم عليه؟ كيف له أن يعلم بأن الشاحنة ستقوم بصدم سيارة سو ريم وهو يبقي مسافة كافية بينهما كي لا يكشف أمره؟! لو كنتِ رافقت سو ريم وقدتِ السيارة لتمكنتِ من ملاحظة الشاحنة قبل اصطدامها بالسيارة واستطعتِ إنقاذ سو ريم. بسبب عدم ذهابك مات ثلاثة أشخاص.
- سيدي ... أنا لم يكن لديَّ خيار آخر صدقني. سو ريم هي من رغبت ببقائي لحضور الاجتماع مع ذلك الو*د. أنا حقًا آسفة.
- لا تعتذري لي ها ري. السيد كيم والسائق في ثلاجة الموتى وسو ريم مفقودة وربما لن نجد جثتها أبدًا.
- ماذا؟ ربما تكون على قيد الحياة، أليس هذا محتملًا؟
- لقد وقعت في البحر، فكيف لها أن تنجو من حادث كهذا؟
دمعت عينا ها ري وقد أخرج رئيسها هاتفه يريها صورًا من موقع الحادث. انسابت الدموع من محجريها بألم وندم، ثم مسحت دموعها بسرعة وقالت: لو كنت أعلم بأن ذهابها سيكون فيه خطرًا على حياتها لرافقتها.
- هل من الممكن أن يكون جون سوك هو من خطط لقتلها هي والسيد كيم؟
- لا أعتقد هذا. لطالما كان يهتم بها ولا يظهر أي عداء تجاهها. جون سوك صوت لصالحها في اجتماع مجلس الإدارة، فلمَ قد يحاول قتلها؟
- لماذا تدافعين عنه دون أدلة ملموسة؟ هل لد*ك مشاعر تجاهه؟ تكلمي.
- سيدي، أنا أقدر بأنني لم أقم بتأدية مهمتي على أكمل وجه، وعدم إصراري على الذهاب مع سو ريم كان خطأ، ولكن إصراري كان سيؤدي لجعلهم يشكون في أمري وخاصة جون سوك. أنا لا أملك مشاعرًا تجاهه وإن حدث ذلك فلن أدع مشاعري تكون عقبة في طريق أدائي لمهمتي. إن اكتشفت بالدليل القاطع أن جون سوك مجرم ويستحق القتل، فسأقتله بيدي.
كان كلاهما ينظران في عيني بعضهما البعض، وبعد أن أنهت ها ري كلامها هز رئيسها رأسه، ثم ابتعد عنها وأولى ظهره لها قائلًا: مهمتكِ الآن متوقفة إلى أن نرى ماذا سيحدث. يمكنكِ أن تبقي في الشركة وتعملين مع جون سوك أو قدمي استقالتك. اعتبري نفسك في إجازة مؤقتة لذا افعلي ما شئتِ.
ابتسمت ها ري بتهكم قائلة: إجازة؟ سيدي، أنت لا تمنحنا الإجازات إلا للضرورة القصوى. هذا يعني بأنك تشك بأمري، صحيح؟ تظن بأن جون سوك دبر الحادث ووجد عذرًا ليبقيني معه من أجل حمايتي بما أنه يحبني لذا لا تريدني أن أبقى قريبة من هذه المهمة خشية أن يصبح عائقًا في طريقي ويكشف أمري، وإما أنك ... تظن بأنني خنتكم وأتعاون معه ضدكم؟ لو كان الاحتمال الأول فهذا من حقك سيدي لأن أولويتنا كانت وستبقى الحرص على نجاح المهمة، ولكن ... إن كان الثاني ....
طأطأت هاري رأسها قليلًا، ثم رفعت رأسها تنظر له حيث كان يولي ظهره لها وقد انسابت دموعها على وجنتيها بقهر، ثم نهضت من مكانها وخرجت من مكتبه غاضبة.أغمض عينيه للحظات، ثم تن*د قائلًا: ها ري التي أعرفها لا يمكنها أن تخوننا. أنا آسف ها ري، ولكنني مضطر لهذا.
خرجت ها ري من مقهى الانترنت تمشي بخطوات سريعة غاضبة، وحاولت الاتصال بنام هو دون فائدة.عاد السيد هان وجون سوك للمنزل وبينما كان السيد هان متوجهًا للطابق العلوي أوقف جون سوك قائلًا: أبي، أود التحدث معك.
- ماذا هناك؟
- أنت لم تفعلها صحيح؟
- ماذا تقصد؟
- أنت تعلم ما الذي أقصده. أعلم بأنك وراء ما حدث في موقع البناء، ولكن ماذا بشأن حادث سو ريم والسيد كيم؟
- هل جننت؟ هل تظن بأنني سأقتل ابنة أخي؟
- هذا ليس غريبًا بالنسبة لي فقد كنت جزءًا من مؤامرة قتل والدها من قبل.
- ما هذا الهراء الذي تتفوه به؟ هل فقدت صوابك؟
- ليس هراءً. فأنا أعرف كل شيء عن عملك منذ سنوات قبل أن أبدأ العمل معك حتى.
رفع السيد هان حاجبه وقد تغيرت تعابير وجهه واقترب من جون سوك بضع خطوات حتى بات يقف مقابله تمامًا، ثم ابتسم بمكر قائلًا: هل تحاول أن تجعلني الشيطان وأنت الملاك الآن يا فتى؟
- أعلم بأنني لست ملاكًا فنحن بشر نصيب ونخطئ.
- أجل، نحن بشر نصيب ونخطئ. نشعر بالكره والجشع والأنانية وتغرينا متع الدنيا، فنسلك طرقًا تجعلنا نقوم بأشياء خاطئة. لا أنكر هذا مطلقًا، فقد سلكت هذا الطريق منذ زمن وما زلت أمشي فيه لأنه لا سبيل للتوقف أو العودة.
- هل هذا يعني بأنك لن تتوقف؟
- كلا، ليس لأنني لا أرغب بذلك، ولكن لأنه لا يمكنني لذا لا تسلك هذا الطريق. سيجلب لك هذا الطريق المال والقوة والنفوذ، ولكنه لن يعطيك السعادة ولا الحب، هل فهمت؟
- كان عليك أن تقول هذا الكلام لنفسك قبل أن تسلك هذا الطريق.
- لم يكن لدي من يخبرني، ولكن ها أنا أخبرك بذلك.
- وهل تظنني أشبهك؟
- كلا، أنت لا تشبهني. أنت تشبه أمك.
- أبي! (قالها بغضب)
- اذهب ونل قسطًا من النوم. بانتظارنا يوم حافل.
- ماذا عنك؟ هل ستتمكن من النوم؟
- عليَّ أن أجد من قتل ابنة أخي أولًا.
- لماذا أنت واثق من موتها؟ ربما تكون على قيد الحياة، فهم لم يجدوا جثتها بعد.
- هل تؤمن بالمعجزات في هذا الزمن؟ عودتها للحياة ستكون معجزة.
ذهب السيد هان لغرفة مكتبه بينما بقي جون سوك يحدق به بنظرات غامضة وحادة إلى أن غاب عن ناظريه، ثم عاد لغرفته.
مع ساعات الصباح الأولى أتى أحد الأطباء لتفقد حالة سو ريم وما أن سمع نام هو صوت خطواته في الممر فتح عينيه وعندما رأى الطبيب هبَّ واقفًا.
- صباح الخير، هل نمت هنا؟
- آه ... أجل، يجب أن أبقى بقربها.
- أتيت لتفقد حالتها.
- أجل بالطبع، تفضل.
مشى الطبيب خطوتين، فأوقفه نام هو وسأله إن كان بإمكانه الدخول لرؤيتها. وافق الطبيب وأشار للممرضة بأن تعطيه الملابس الخاصة ليرتديها قبل دخوله.
دخل نام هو برفقة الطبيب الذي تفقد مؤشراتها الحيوية، ثم أعطى تعليماته للممرضة.
- متى ستستيقظ؟
- ما زالت بحاجة لبضع ساعات. بعد استيقاظها سنقوم ببضع فحوصات لنعلم إن كانت جراحة الدماغ قد أثرت عليها بشكل سلبي أم لا.
- لقد قلت بأن العملية كانت ناجحة.
- أجل، ولكن ربما يكون هناك أضرار مؤقتة، فإصابتها لم تكن بسيطة.
- أضرار مؤقتة مثل ماذا؟
- في حالة إصابات الدماغ الناتجة عن حوادث كهذه يجب مراقبة المؤشرات الحيوية للمصاب. علينا المحافظة على ضغط الدَّم ومستويات الأ**جين وثاني أ**يد الكربون في الدَّم عند المستويات المرغوبة. هذا عدا عن مراقبة وظائف الأعضاء الأخرى مثل الكليتين وغيرها لأن إصابة الدماغ قد تضعف عمل الأعضاء الأخرى. إن سارت الأمور على ما يرام واستيقظت يبقى أن نلاحظ الأعراض التي قد تستمر لبضعة أسابيع أو حتى بضعة أشهر.
- هل تقصد أعراض مثل ألم في الرأس والدوار والغثيان وعدم التركيز وما إلى ذلك؟
- أجل، ها أنت تعلم كل شيء. بالإضافة إلى احتمال مواجهة صعوبة في الحركة أو الكلام أحيانًا. ما يهم في هذه المرحلة هو أن تبقى هادئة وألا تقوم بأي نشاط عضلي.
- هادئة؟ كيف ستبقى هادئة بعد أن تستيقظ وتعلم بما حدث.
- سنحرص على إعطائها المهدئات باستمرار بعد استيقاظها إلى أن تتحسن. لا يجب أن تعلم بموت من كانوا برفقتها في الحادث.
بعد أنهى الطبيب جملته بلحظات بدأ الجهاز بإصدار طنين، فقالت الممرضة: أيها الطبيب، أصيبت بسكتة قلبية
....................................................
- Writer
