13

1531 Words
أحلامي ، أنظر في أثرها ، أشعر في نفسي وفيها بذلك التوتر الذي وحدنا بانتقاء غامض ومبهم مرتبط بكل شيء وفي كل شيء حولنا . أشعر بتلك الكآبة وبذلك الأسى . الآن فقط ، بعدما طرت ونظرت إلىالأرض من أعلى ، عرفت في نهاية الأمر الحدود الحقيقية للفزع والحزن والكآبة . وها هي تتوارى ، العتمة المتكاثفة تخفيها سريعا ، لكنها تقول: سوف أعود . وإذن فما أن تخرج إلى الشارع ، وتتحرر من ألمك فماذا إذن؟ لا أدري حقًا ، بعد ذلك على الفور كنت واقفًا في الأعشاب أطوح حولي بعصاي أجعل القطرات تتطاير ، وألعن ، بسباب قذر ، نفس الكلمات مرارًا وتكرارًا ، أرجو ألا يكون قد سمعني أحد . حلقي ملتهب جدًا ، البلع كان عذابًا ، وشيء ما قد أصاب إحدى أذني ، ظللت أدس أصبعي فيها دون أن أجد راحة ، شيء قديم ربما يضغط على الطبلة ، وسكون خارق يخيم على الأرض ، وفي أيضًا كل شيء ساكن تمامًا ، مصادفة ، لماذا كانت اللعنات تتدفق مني لست أدري * لا ، ذلك قول أ**ق ، والتطويح بالعصا ، وما الذي استحوذ عليَّ ، وديعًا وواهنًا ، حتى أفعل ذلك ، بينما أناضل أشق طريقي . هل هي ح*****ت القواقع الآن ، لا ، أولاً أهبط وأغوص ، أضيع وأختفي في النباتات ، كانت ترتفع إلى خاصرتي عندما كنت أمضي في طريقي . طحالب ، أشياء خشنة ، نباتات السرخس الضخمة هذه ، شائكة وخشبية جدًا ، جذوع مخيفة ، تنزع الجلد من ساقيك ، من خلال ملابسك ، ثمَّ الحفر التي تخفيها ، ت**ر ساقك إذا لم تتخذ حذرك ، شيء إنجليزي للغاية ذلك كله ، تسقط وتختفي عن الأنظار . من الممكن أن ترقد هناك أسابيع بطولها ولا أحد يسمعك ، كنت أفكر في ذلك كثيرًا هناك عاليًا في الجبال ، لا ، ذلك قول أ**ق لا يقوله إلا ع**ط ابن مجنونة ، مضيت إلى الأمام ، جسمي يبذل كل ما يستطيع من جهد ، من غيري .   من يقرأ باهتمام قصة متاعبي يُدركأن رجلاً من القبيلة قد اقتفى أثري ، كأنه قلب يتبع صاحبه ، حتى ظل الأسوار غير المنتظم . حين خرجت من آخر سرداب ، ألفيته عند مدخل الكهف مستلقياً على الرمال يخطو ويمحو ، على نحو مجنون ، صفاً من الرموز كانت كحروف الأحلام ، عندما يهم المرء بفهم معناها يختلط ببعضها البعض . في أول الأمر ، ظننت أنها كتابة بدائية ، ثم رأيت أن من العبث تصور أن يعرف الكتابة بشر لم يعرفوا الكلام . أضف إلى ذلك أن من بين تلك الرموز لم يكن هنالك اثنان متشابهان . * وهو ماينفي أو يستبعد إمكان أن تكون رمزية . كان الرجل يخطها ثم يتفحصها ثم يصححها . ثم محاها بغتةً بكفه وذراعه كأنما أثارت هذه اللعبة حنقه . ونظر إليّ . لم يبد عليه أن يعرفني ، ومع هذا ، كان الشعور بالراحة الذي انتابني عظيماً ، أو كانت وحدتي شديدة ورهيبة ، حتى أنني طفقت أفكر في أن ساكن الكهوف البدائي ذاك ، الذي كان يرنو إليّ من أرضية الكهف ، ربما كان ينتظرني من مبتدأ الأمر . كانت الشمس تشعل السهل جحيما ، وعندما استأنفنا طريق العودة إلى القرية ، تحت أول نجم ساطع ، كانت الرمال لا تزال لافحة تحت أقدامنا . سار الرجل البدائي في المقدمة . في تلك الليلة ، واتتني فكرة تعليمه التعرف على بعض الكلمات وربما ترديدها . فالكلب والفرس - فكرت - قادران على الأولى؛ وكثير من الطيور ، مثل كروان الامبراطور ، قادر على الثانية . لذا ، مهما يكن إدراك الإنسان بدائياً فإنه يفوق دائماً الح*****ت غير العاقلة . أعادت مهانة وبؤس ساكن الكهوف إلى ذاكرتي صورة أرجوس ، كلب "الأوديسا" العجوز المحتضر ، وهكذا أسميته أرجوسوحاولبت تدريبه . فشلت المرة تلو الأخرى وذهبت سدى كافة الذارئعوالأعذار والشدة والمثابرة ، إذ ظل جامداً ، عيناه لا تتحركان ، وبدا كأنه لا يتلقى الأصوات التي كنت أحاول تلقينه إياها . بدا وهو على مقربة خطوات مني كأنه بعيد تماماً عني . ** كان يستلقي على الرمال كأنه تمثال رمسيس من بازلت ، صغيراً ، خرباً ، لا يلقي بالاً إلى السموات التي تدور فوق رأسه منذ شروق الشمس حتى الشفق . ولقد عنّ لي مستحيلاً ألا يكون قد أدرك أهدافي . تذكرت أن من الشائع بين الإثيوبيين أن القردة تتعمد عدم الكلام حتى لا تضطر إلى العمل ، وعزوت صمت أرجوس إلى الخبث أو الخوف . وانتقلت من هذا التصور إلى تصورات أخرى أكثر غرابة . فكرت في أن كلاً منا ينتمي إلى عالم مختلف وافترضت أن مداركنا متساوية غير أن أرجوس يستخدمها على نحو آخر ويبلغ بها نتائج أخرى؛ افترضت أن لا وجود للأشياء عنده ، وإنما هي لعبة مستديمة عقيمة ومسببة للدوار من الانطباعات اللحظية . تخيلت عالماً بلا ذاكرة ، بلا زمن؛ تخيلت إمكان وجود لغة تجهل الأسماء ، لغة أفعال لا شخصية وصفات جامدة . وهكذا جعلت تموت الأيام ، ومع الأيام الاعوام . بيد ان شيئاً شبيهاً بالسعادة حدث ذات صباح: أمطرت السماء في بطء وفي شدة .   قد تكون ليالي الصحراء باردة ، لكن تلك كانت جحيماً .  رأيت في نومي نهراً في تساليا كنت قد ألقيت في مياهه سمكة ذهبية ، جاء لنجدتي؛ وفوق الرمال الصحراء والحجارة السوداء ، كنت أسمعه يقترب . أيقظتي رطوبة الهواء وصوت المطر المنهمر فركضت عارياً أستقبله . كانت آخر ساعات الليل .  تحت الغمام الأصفر ، وفي حبور لا يقل عن حبوري ، كانت القبيلة تستقبل الوابل الشديد فيما يشبه النشوى . لاحوا كأنهم كهنة سيبيليتواقعهم الألوهية . كان أرجوس يئن شاخصاً بناظريه في الفضاء . كان الماء ينهمر على وجهه ، ليس ماء المطر وحده بل دموعه أيضاً ( حسبما علمت فيما بعد ) . صرخت فيه: أرجوس ، أرجوس! حينئذ ، في دهشة وادعة ، كأنما يكتشف شيئاً ضاع وطواه النسيان أمداً طويلاً ، تمتم أرجوس بهذه الكلمات: " أرجوس ، كلب أوليس" . ثم أضاف دون أن ينظر إليّ أيضاً: "هذا الكلب الملقى في البراز" . نحن نتقبل الواقع في يسر ، ربما لأننا نحس بأن لا شيء حقيقي . سألته ماذا يعرف عن الأوديسة . كانت ممارسته لليونانية شديدة الوعورة . اضطررت إلى إعادة السؤال . قال: "قليلاً جداً ، أقل من أشد الرواة إملاقا . ربما انقضى ألف ومائة عام منذ أن نظمتها ."     في ذلك اليوم ، انزاحت عني الغشاوة بالكامل دفعة واحدة . سامنو الكهوف كانوا الخالدين ، والجدول ذو المياه الرملية هو النهر الذي كان يبحث عنه الفارس . أما المدينة التي بلغ صيتها الجانح فقد هدمها الخالدون منذ تسعة قرون وأقاموا ببقايا أطلالها ، في نفس المكان ، تلك المدينة المجنونة التي ارتدتها:  ضرب من المحاكاة الساخرة أو ع** الحقيقة ، ومعبد الآلهة غير الراشدة التي تحكم العالم فقلبت له ظهر المجن ولا نعرف عنها سوى أنها لا تشبه الإنسان .  وكانت تلك المدينة هي الرمز الأخير الذي سمح بوجوده الخالدون ، دليل حقبة قرروا فيها أن يحيوا في التأمل المحض ، من مبدأ أن كل غاية باطلة . كانوا أقاموا المصنع ونسوه وسكنوا الكهوف . في شرودهم ، ما كانوا يدركون عالم المدركات . ذكر هوميروس هذه الأشياء كمن يتحدث إلى طفل . حكى لي أيضاً عن شيخوخته ورحلته الأخيرة التي قام بها - بصفته أوليس –  بدافع العثور على الرجال الذين لا يعرفون البحر ولا اللحم المقدد ولا يتخيلون مجدافاً . كان قد سكن مدينة الخالدين قرناً من الزمان ولما هدموها نصحهم بإقامة المدينة الأخرى . ولا ينبغي لذلك أن يثير دهشتنا ، فبعد أن أنشدنا نبأ حرب إليسون أنشد حرب الضفادع والفئران .  كان أشبه بإله يخلق الكون ثم يعيث فيه الفوضى .   من المبتذل أن يكون الإنسان خالداً ، ففيما عدا الإنسان ، كل المخلوقات خالدة لأنها تجهل الموت . أما القدسي والرهيب وغير المفهوم فهو أن يدرك المرء أنه خالد .  لقد لاحظت ندرة أن يعى أحد ذلك رغم وجود الديانات . فأهلها يؤمنون بالخلود لكن تقديسهم للقرن الأول يبرهن على أنهم يؤمنون به وحده ، فهم يكرسون القرون الأخرى ، وإلى مالا نهاية ، للاحتفاء به أو معاقبته أو تدميره .وأرى أن العجلة في بعض ديانات هندوستان أكثر عقلانية ، ففي هذه العجلة ، التي ليس لها بداية او نهاية ، كل حياة وليدة الحياة السابقة ومنجبة لها لكن ليس لأي منها أن تحكم مصير المجموع . . بعد ممارسة قرون ، بلغت جمهورية أهل الله الخالدين درجة الكمال في التسامح ، والازدراء تقريباً . كانوا يدركون أن كافة الأشياء تحدث للمرء على مدى فترة زمنية لا نهائية ، فيصير الإنسان صاحب كل صلاح بسبب فضائله الماضية والقادمة وصاحب كل خيانة أيضاًَ بسبب أفعاله الشائنة المنقضية والمستقبلية . ومثلما يحدث في أل**ب الحظ ، حيث تميل الأرقام الزوجية والأرقام الفردية إلى التوازن ، تبطل العبقرية البلادة وتصحح كل منهما الاخرى . وهكذا أيضاً تكون ملحمة "السيد" القحة المقابل الواجب لنعت واحد من قصائد فيرجيل الرعائية أو عبارة واحدة من عبارات هيراكليتوس . إن أشد الخواطر لحظية ليتأسس على رسم غير مرئي ويمكن أن يكون أيضاً تتويجاً او مستهلاً لتكوين خفي . إن لي علماً بمن كانوا يفعلون الشر كي يستحيل خيراً في القرون التالية أو لأن هذا ربما كان خيراً في القرون التي خلت . . . ومن هذا المنطلق تكون كافة أفعالنا عادلة في النهاية ولكنهما سواء أيضاً . ليس هنالك قيم أخلاقية أو ذهنية . لقد ألف هوميروس الأوديسة؛ لكن إذا افترضنا وجود فترة زمنية لا نهائية ، ظروف وتغيرات لا نهائية ، يصبح المستحيل ألا يؤلف الأوديسة ولو لمرة واحدة . لا احد يكون شخصاً بعينه ، ورجل واحد هو كل الرجال . وأنا ، المدعوكورنيليوسأجريبا ، إله وأنا بطل وأنا فيلسوف وأنا فنان وأنا عالَم ، وهي طريقة مرهقة لكي أقول أنني لا أكون .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD