الفصل الرابع

6570 Words
"مش عايز صوتك يطلع عشان لو حد عرف حاجة هنتفضح احنا الاتنين سوا، وفي الآخر أنا راجل وأنتي ست والكل هيشك فيكي مش فيا أنا وهيفتكروا انك انتي اللي سمحتيلي ادخل اوضتك في ساعة زي دي وهمّ نايمين!" آمرها بنظرة محذرة "هشيل ايدي واسمعيني للآخر وبعدين قرري" تحدث لها ليخفض كف يده في بطئ بينما نظرت هي له في توتر وخوف من مفاجأته له بغرفتها في منتصف الليل وتثاقلت أنفاسها ليكمل هو  "وعموماً أنا جايلك في حاجتين.. الأولانية إن جوز امك بيخطط لحاجة مش سهلة وواضح عليه إنه انسان طماع ومادي جداً ومش بعيد يبيعك للي يدفع أكتر" نظرت له والدموع كادت أن تنهمر من زرقاوتاها عند سماع كل ذلك عن يُسري الذي لم تتوقع أن يكون بهذه الدناءة "الحاجة التانية اني هقدر احميكي منه كويس بس لو طاوعتيني وعرفتي تنفذ*لي اللي أنا عايزه" تحدث في خبث وهو يتطلع ملامحها التي شرد بها لثوان ثم مد إبهامه ليتحسس شفتاها الكرزيتان في جرأة ليفرقهما ليشعر بأنفاسها المرتعدة الرقيقة. "أنت.. أنت.. عايز ايه بالظبط؟" سألته هامسة في خوف "يعني عايز اللي جوز أمك كان عايزه.." نظر لها في وقاحة يتفحص جسدها وساقيها المكشوفتان أسفل ذلك الرداء القصير ثم ابتلع وهو يتفقد ثدييها الظاهر بعضا منهما من ملابس النوم خاصتها في شهوة ووقاحة "بس في الحلال طبعاً.. ولو اتجوزتيني محدش هيقدر يقربلك.. لا بدر ولا يسري وهنتجوز على سنة الله ورسوله وقدام الناس كلها، بس محدش هيعرف حاجة عن كل ده في البيت هنا!" أكمل بعد أن حدق بزرقاوتاها "أنت اتجننت! اكيد اتجننت! أنت راجل متجوز ومراتك حامل وعندك أولاد، ازاي تفكر تفكير زي ده و..." "هشششش.." قاطعها ليقترب منها لتشعر بالخوف وحاولت الابتعاد عنه حتى لامس ظهرها رأس السرير خلفها "أنا عارف إن شاهندة وحماتي بس اللي يعرفوا حقيقة اللي حصل في المستشفى، لكن تخيلي لو بدر الدين عرف.. مش بعيد يفكر إنك أصلاً عاملة مسلسل وحوار عليه ومتفقة مع يسري إن شاهندة تشوفكم بالطريقة دي عشان تيجي تعيشي هنا وبعدها بسهولة تدخلي العيلة هنا عشان تلهفي مبلغ محترم!" ابتسم نصف ابتسامة في خبث لم تلانمس عيناه لتندهش هي في صدمة وتوتر بنفس الوقت  "متفقة ايه.. ده كلام فارغ.. أنا.. أنا.. استحالة أفكر فيـ.." "لو اتجوزتيني هدفع لجوز أمك اللي هو عايزه، وهبعدك عن قرف بدر.. فكري كويس وقرري وإلا بدر هيكون عارف عنك كل حاجة ومش بعيد يرميكي في الشارع بالذات لما يتأكد إنك متفقة مع جوز امك.. وساعتها يا إما الرجوع ليسري يا إما الشارع" قاطعها وهو ينظر لها بإبتسامة  "أنا متأكد إنك شاطرة وذكية وهتختاري صح.. متخلنيش مستني كتير.." نظر لجسدها بأكمله ثم مرر سبابته على فخذها المكشوف لترتجف هي للمسته وتحشرجت الكلمات بحلقها "تصبحي على خير يا قمري" نهض مبتسماً لتنظر هي له في احتقار ثم تركها وتوجه للخارج لتتبعه هي موصدة الباب بالمفتاح. مشى في ذلك الرواق الذي يجمع بين الغرف بالدور الثاني الذي يوجد به غرفتي شاهندة ونورسين كما كان يوجد به أيضاً غرفة هديل بالسابق ولكنها منذ حملها الأخير وهي تمكث بالطابق الأرضي ليقابله بدر الدين ثم نظر له ببرود وعيناه الثاقبتان تتفحصا كريم "كنت بتعمل ايه هنا يا كريم؟!" سأله بهدوء ليعقد كريم حاجباه  "جرى ايه يا بدر؟ أنت هتعملي تحقيق ولا ايه؟" تسائل بإبتسامة مريبة ليحاول بدر الدين التحكم في أعصابه وبرع في السيطرة عليها وتأكد أن هناك شيئاً ما مريباً قد فعله منذ قليل.  "لا أبداً، أنا بس مستغرب إن حد صاحي في البيت غيري والوقت أتأخر أوي" اجابه دون تعابير على وجهه ليبتسم كريم ابتسامة امتلئت بالثقة المُزيفة التي استطاع بدر الدين قرآتها "كنت بدور على شوية اوراق في حاجاتي القديمة بس ملقتهومش، الظاهر كده هلقيهم في المكتب.. بكرة هبقا ادور تاني.. كفاية كده الوقت أتأخر.. تصبح على خير" أخبره تلك الفكرة التي آتت برأسه في ثوان ليومأ بدر الدين له في تفهم وتوجه لغرفته ساحقاً أسنانه ليعيد تذكر رؤيتهما سوياً بالحديقة والآن هو قادم بالقرب من غرفتها.. خلع سترته وبنطاله وارتدى سروالاً قطنياً قصيراً ثم أراح جسده على السرير وسند ساعده على رأسه ووصد عيناه متن*داً ليُفكر بتلك التي دخلت حياتهم فجأة. جميلة، صغيرة ويافعة، في مقتبل حياتها، مستوى عائلتها ليس بالفقير، ولكن زياد الخولي يبدو فكرة جيدة، شاب غني ووريث محتمل تلك هي أقصر الطرق للثراء دون عناء بالنسبة لفتاة مثلها، ولكن زياد ليس ذلك الرجل المسئول، ليس هو من تستطيع الإعتماد عليه، ليس هو ذلك الرجل ذو الشخصية القوية، ليس له منصباً كباقي أخوته، وهي أيضاً ليست بالشخصية المثابرة التي تستطيع أن تتحكم برجل ما وتعمل على أن تغير شخصيته وتجعله مسئولاً، ويبدو أنه ليس مولعاً بها، فهو لم يهتم بها كالمتوقع عندما أدعت مرضها بسبب موت والدتها.. ولم يأتِ تظاهرها بمرضها وعدم القدرة على الحديث بثماره..  فماذا عن آخر؟! ماذا عن رجل آخر يستطيع توفير كل ما تتمناه ولكن بنفس الوقت دون تحمل تلك المسئوليات؟ لا يهم أكان أكبر منها، متزوج، صغير، المهم ما تريد تحقيقه لنفسها!! حمزة أم كريم؟! كلاهما وسيمان، مناصب مرموقة، أسهم في مجموعة شركات ذائعة الصيت، ولكن حمزة يستحيل أن يفعلها بالرغم من أن ظروفه التي مر بها مع شاهندة تعطيه الأحقية لأن يتزوج مرة ثانية، ولكن لا، لن يبدر هذا منه، هو يعشق شاهندة وكان أكثر من عارضها عندما أرادت تركه بعد معرفتها بإستحالة إنجابها..  حمزة ذلك الشاب الثري الهادئ الطباع والمحب لزوجته الذي بالكاد يتركها لأمر طارئ.. هكذا هو منذ أن دخل حياتهم جميعاً ولا يزال بنفس تلك الشخصية التي تجذب الجميع من حوله وتُجبر الجميع على احترامه.. لا يزال يتذكر عندما كادت شركتهم أن تُفلس ليقف بجانبهم حمزة بكل نصيبه من أملاكه من والده بل وترك عمل عائلته وظل يعمل مع بدر الدين ونجوى وشاهندة حتى مرت تلك الأيام العصيبة.. كريم!! ذلك الوسيم الذي سحر أعين الجميع مثلما أخبرتهم هديل ولكنه بالنهاية وقع لها هي؟! وقع لها أم لأملاكها؟ نعم هو ذكي، كان يعمل وتدرج في سُلمه الوظيفي كمهندس بسرعة البرق ولكن أهذا لذكائه أم دهاءه وحيلته الواسعة؟ لم يثق أبداً به بالرغم من أنه حتى الآن لم يُرى عليه ما يثير الريبة..  شاهندة أم هديل!! الاثنتان اخواته، الاثنتان لديهما حياة، بالرغم من قرب شاهندة منه كثيراً ولكن كلتاهما أخواته، لم يختر ذلك، عليه حمايتهما، كل الإحتمالات تشير إلي أن كريم افتتن بتلك اللعينة الصغيرة، نظراته إليها وطريقته معها كلما صادف ورآهما ولكن لا، لربما هو متعاطف معها هي الأخرى مثلما انخدع الجميع بها.. سيتريث وسيراقبها ويراقب الجميع، لابد وأن كل شيء سيتضح قريباً، عليه فقط أن يحاذر ويحمي عائلته بكل ما استطاع من قوة، لن يضيع عناءه هو وأخوته ووالدته من قبل كالهباء المنثور.. هكذا اهتدى عقله، قرر أن يعطي الجميع المزيد من الوقت ويدعهم يتصرفون على سجاياهم وألا يتسرع لأنه يعلم جيداً إذا صحت ظنونه تجاه أحد منهما لن يرحم أحدا، سواء هي أو هو!! ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ جلس الجميع على طاولة الطعام مكررين نفس الطقوس الصباحية بمحادثات جانبية وبعض الضحكات الخافتة ولكن بدر الدين هذا الصباح ليس غاضباً.. هو فقط هادئ أكثر من المعتاد، بالكاد ألقى الصباح على الجميع ولم يسأل أسئلته المعتادة، لم ينظر بغضب لنورسين مثلما يفعل، لم يُعلق على أي شيء.. لاحظ الجميع تجول عيناه الثاقبتان بينهم ونظراته المبهمة الخالية من التعابير والكلمات، كانت نظرات فارغة ولكنها كالعادة بعثت التوتر في نفس نورسين التي توترت أيضاً بنظرات كريم لها.. "يالا أنا ماشي.. سلام" نهض وتوجه للخارج ليفر خلفه زياد الذي لحقه قبل دخوله سيارته "بدر.. أنا.. امبارح كان غصب عني اصحابي قالـ.." تحدث متلعثماً ليقاطعه بدر الدين بهدوء "أظن إنك راجل كبير وعارف أنت بتعمل ايه كويس.. مالوش لزوم تبررلي حاجة أنت مقتنع أنها صح" " انا مقولتش ان اللي بعمله صح بس أنـ.." "خلاص يا زياد.. مالوش لازمة الكلام.. لو جايلي تعتذر على حاجة أنت شايفها غلط فعموماً الاعتذار مبيكونش بالكلام وبس وأنت ياما اعتذرت.. أنت عارف إني عايز أشوف أعتذارك ده في افعال وانت عارف إني مبحبش الكلام الكتير اللي مفيش منه فايدة" قاطعه بهدوء مجدداً ليتعجب زياد لذلك الهدوء الذي تحدث له به ليقع في حيرة من أمره وهو لا يدري ما الذي اعترى أخيه للتو. ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ "ايه يا شاهي، مش هتروحي تشوفي مصنع الـ Uniform (زي موحد) اللي قولتلك عليه؟!" صاح كريم في هاتفه "هاروح اهو بخلص حاجة بس" "ماشي يا جميل.. على فكرة اضغطي عليه شوية هينخ.. كده كده أصلاً نفسه يتعامل معانا من زمان.. خدي وقتك بقا براحتك وقوليلنا الموضوع هيرسى على ايه" "تمام.. هخلص وأكلمك أعرفك عملت ايه" "وأنا مستنيكي" أنهى كريم المكالمة معها وهو يبتسم بخبث ثم جلس ينظر بساعته ليعد الدقائق التي سيذهب بعد مغادرتها لينفرد بنورسين. "معلش يا نور.. رنا سكرتيرة بدر اجازة وفيه Proposal (عرض) لمجموعة شركات كبيرة لازم يتقدم النهاردة، وأنا والله لولا الإجتماعات اللي عندي كنت عملت الحاجة بنفسي، ممكن بس تطبعي اللي على الـ CD أربع نسخ وتختميهم وتبعتيهم مع أي مندوب هنا من الإدارة؟" سألتها في توسل وناولتها القرص المدمج "طبعاً يا شاهي.. من غير كل المقدمات دي هاعمل اللي أنتي عايزاه"  "ميرسي يا نور.. بالا يادوبك أنا الحق أنزل وعلى فكرة الـ Dead Line (الموعد النهائي) عشان نسلم الحاجة قبل 2 الضهر" جمعت أشياءها لتستعد للمغادرة "أشوفك بليل.. معلش ممكن أرجع متأخر شوية"  "تيجي بالسلامة ومتقلقيش كله هيبقا تمام" ابتسمت لها ثم نظرت في حاسوبها لتتفقد تلك الملفات على الذاكرة مثلما أخبرتها شاهندة  "باي" "باي" ودعتها نورسين التي صبت كل تركيزها بتفقد ملحقات الملفات ليقاطع تركيزها صوت شاهندة  "آه على فكرة الختم عند بدر الدين" أخبرتها ثم فرت مسرعة فهي تعلم جيداً كيف هي علاقتهما سوياً! الختم بمكتبه!! لماذا عليها أن ترى وجهه الآن؟! صرخ عقلها ثم تن*دت لتفر مسرعة حاملة القرص المدمج بعد أن رآت أن أعداد الأوراق ستكون كثيرة وستتعدى النسخة الواحدة فوق الآلف ورقة فرآت أن من الأفضل ألا تحملها كل تلك الطوابق لثقلها ولتطبعها بجانب مكتب بدر الدين الذي احتوى على الختم.  دندنت في عفوية بأحدى الأغنيات بهمس بعد أن أوصدت الباب حيث أن لديها الكثير والكثير من الوقت فلماذا لا تشغل وقتها ببعض الأغاني التي أحبتها كثيراً ثم أعطت آمر الطبع للنسخ ووقفت لترتب الأوراق التي استغرقت حوالي ساعة ونصف حتى ترتبها وتجلدها بشكل يليق بصورة الشركة ودون إدراك منها بدأ جسدها يتمايل على أنغام ما تدندنه.. شعر بصوت ما خارج مكتبه ليعقد حاجباه في تعجب فهو يعلم أن رنا مريضة ولن تأتي اليوم ولكن يا تُرى من آتى وهو قد قام بإلغاء كل مواعيده لليوم حتى يستعرض الوضع المالي للشركات ويقارن أرباح السنوات السابقة بآخر ربح سنوي! نظر بشاشة كاميرات المراقبة لتتصلب سوداوتاه على جسدها الذي يتمايل بمنتهى المرونة والأنوثة الناعمة في آن واحد في ذلك الثوب الأ**د الذي فسر جسدها ببراعة. آخذ يتأملها ولاحظ رشاقة قوامها المرسوم داخل ذلك الرداء اللعين الذي احتضن خصرها ليبتلع ل**به وأراح جسده بالكرسي خلفه وجفناه لم يتقابلا نهائياً ثم ضغط بزر في حاسوبه لتمتلئ الشاشة بأكملها بذلك الجسد المثير أمامه. تفقد ثدييها المثيران الذي لاحظهما كل مرة توقفت أو مرت من أمامه، خاصةً وأنهما يرتجان الآن ليدفعا تلك الإثارة بدمائه فمسك بكرسيه بكلتا قبضتاه وعيناه تذهبان مع جسدها يميناً ويساراً كلما تحرك. أشعل احدى سجائره بعد أن اراح ربطة عنقه واستمر في مشاهدتها واضعاً قدماً فوق الأخرى وكأنها ترقص له هو وحده وتعطيه عرض خاص اقتصر عليه هو فقط. خلل شعره الفحمي وهو يتآكل سجائره عندما حركت رأسها في تمايل ليتمايل شعرها الحريري كذلك هو الآخر. عضت على شفتاها ثم ابتسمت وهي لا تزال تدندن بأغنية ما وجسدها لا يزال يتمايل ولا تزال تُكمل ترتيب الأوراق لتتثاقل أنفاسه وسحق أسنانه وكاد أن يهشمها من كل ما تفعل به وأوصد عيناه في غضب عارم ليضغط زر شاشة حاسوبه ليغلقها في عنف اهتزت على اثره الشاشة ثم توجه للحمام. آخذ يلقي بالماء البارد على وجهه وهو يحاول أن يفيق نفسه ويتناسى حركاتها المثيرة تلك ثم صفف شعره وأعاد إحكام ربطة عنقه وحاول العودة لهدوءه مرة أخرى ثم أعاد أدراجه للجلوس على مكتبه. أشعل شاشة الحاسوب مرة ثانية ورغماً عنه كانت لازالت الشاشة مثبتة على مكتب رنا الذي تواجدت به ليرها قد توقفت عن عرضها المثير وجزء بداخله شعر بالراحة ليطلق زفيراً حبسه طوال مشاهدته لها منذ البداية.. تلك الصغيرة قد كتمت أنفاسه! حقاً لا يُصدق. وجدها تتوجه أمام باب مكتبه ليحمحم وأغلق الشاشة وأعاد فتح بريده الإلكتروني وحدق به ولكنه لا يستوعب شيئاً مما امامه حقاً وبنفس الوقت سمع طرقات على الباب. "ادخل" صاح بصوته الرخيم وحمحم مجدداً وهو يتصنع النظر في حاسوبه لتدخل هي وتوقفت أمامه  "بعد اذنك محتاجة الختم عشان شاهي قالتلي أختم الـ Proposal اللي هيروح شركة .... النهاردة" رفع نظره لها ليجدها لا تنظر له مباشرة وعيناها تنظران للأرضية فكرِه كثيراً منعها اياه بأن يرى تلك الزرقاوتان  "بتقولي ايه عشان مسمعتكيش" تظاهر بالإنشغال بينما هو سمع ما قالته جيداً "محتاجة الختم عشان شاهي قالتلي أختم الـ Proposal اللي هيروح شركة .... النهاردة" لا زالت ناظرة للأرضية فابتلع ل**به بعد أن توقفت عيناه على شفتيها الكرزيتان. "احنا مش في البيت هنا عشان تقولي شاهي كده من غير ألقاب.. مدام أو Mrs. بعد كده" أخبرها بمنتهى الجمود ولكنه كان هادئا ليشعر بتن*دها سئماً ليبتسم في تهكم ثم قرر أنه سيدعها ترى الملل بعينه.  "فين الـ Proposal ده وريهوني؟" أراح جسده بكرسيه ثم سند ذراعه على يد الكرسي وعبث بسبابته على شفتيه ملامساً اياهما لتومأ له هي. "حاضر.. ثواني" أخبرته ثم توجهت للخارج ودخلت مكتبه وهي تحمل العديد من النسخ التي بدت ثقيلة الحجم بين ذراعيها الضعيفتان وأقتربت من مكتبه لتضعها ولكن رغماً عنها تعثرت عندما تشابكت سلسلتها الرقيقة بملابسها ولاحظتها فحاولت ابعادها ونست تماماً ما تحمله لتتهاوى الملفات التي أعدتهم من بين يديها أرضاً لتسقط على قدمها اليسرى "آه.." صرخت ثم حاولت التوازن على قدمها اليمنى بينما حاولت لمس الأخرى التي شعرت بآلمها بعد أن سقط عليها كل ذلك الثقل وبالطبع لم تستطع التوازن أكثر بسبب ذلك الكعب اللعين الذي ترتديه لتسقط بالنهاية أرضاً بعد أن التوت قدمها أسفلها. تعالت هو ضحكته بعد أن شاهد تلك الحركات البهلوانية لتنظر له في غضب وخجل بآن واحد لجزء من الثانية ثم شعرت بالإهانة من تصرفه لتبدأ في الشعور بالإحراج ونظرت للأرض وكادت أن تجمع تلك الملفات ولكنها لاحظت لمعان حذاءه الشديد بجانب الملفات. ابتلعت ل**بها وهي لا تدري لماذا توقف أمامها هكذا بهذا الشكل لترفع زرقاوتاها إليه لتراه واقفاً بشموخه أمامها واضعاً كلتا يداه بجيبي بنطاله ونظر بطرف عينه للأسفل دون أن يحني رأسه لتتقابل أعينهما سوياً وكأنما توقف الوقت من حولهما.  شعر ب ***ة غريبة من نوعها وراحة وسلام داخلي ما أن رآها أسفل قدماه بتلك الطريقة التي لا تفعلها إلا خاضعة مخضرمة؛ أما عن نظرة التوسل التي صرخت بها عيناها الزرقاء ووجها المحتقن بدماء الخجل كادا أن يفقداه عقله. ظلا يتبادلان النظرات الصامتة لتبدأ هي في الشعور بغرابة الموقف وقد قرأ عيناها ليخرج يده من جيبه ومدها لها لتستند عليها وأماء لها بالإشارة فترددت هي لثوانٍ ولكنها وضعت يدها بيده في النهاية لتجده يجذبها بقوة ولكنها صرخت آلماً. "آآه..رجلي بتوجعني اوي مش قادرة اقف عليها" صاحت في صراخ وانهمرت دموعها وتآوهت ليسحق هو أسنانه وتمنى أنها لا تدعي كل ذلك الآلم والبكاء وحملها في لمح البصر لتشهق من مفاجأته اياها وتتوقف عن البكاء في صدمة تامة لفعلته ونظرت له في غير تصديق والتفت يدها حول عنقه في تلقائية تامة رغماً عنها. نظرت لملامحه الجامدة عن قرب وشردت بها لتتساقط حبات اللؤلؤ المتساقطة من أبحر عيناها المنسابة أعلى وجنتيها على ملابسه وآخذت تتفحص جفونه الثقيلة التي تحاوط تلك المقلتان الثاقبتان وخصلات شعره الفحمية وذقنه النامية التي اختلط فيها سواد شعره ببعض الشيب الذي جعله جذاباً للغاية من وجهة نظرها وأنفه الذي لطالما لعب دوراً في تشبيهه بالصقر خاصة عندما ينظر بغضب. نظر لها بطرف عينه لتخجل وتتوتر من مقابلة أعين بعضهما البعض فأخفضت رأسها لتشتم عطره الذي تسلل لأنفاسها دون استئذان ليشل جسدها تماماً عن الحركة ووصدت عيناها تستنشقه في استمتاع. انحنى بجسديهما سوياً ليجلسها على احدى الارائك بمكتبه فاقترب منها دون قصد لثوان لتشعر بضربات قلبه تكاد تهشم ص*ريهما معاً. ورفعت رأسها لتنظر إليه بتلك الزرقة بعيناها ليشرد هو بهما.  بدأت في استغراب قربهما الشديد فاخفضت ذراعاها من حول عنقه بينما هو لا يزال ممسكاً بها لتخفض نظرها ربما يتركها ولكنه لم يفعل فأعادت النظر إليه في تعجب امتزج بشيء آخر لتتلاقى أعينهما وقد علم أنها ستعترض على اقترابه منها الآن فابتعد قبل أن تبدأ بالكلام وذهب ليوليها ظهره وغادر واختفى داخل حمامه. حاول جاهداً السيطرة على تلك العاصفة بداخله وعمل على أن ينظم أنفاسه المتلاحقة من قربها الذي أضرم بجسده لهيباً فريداً من نوعه لم يشعر به قط، ثم ازاح آثار دموعها من على سترته. لن يغضب.. لا لن يفعلها هو يريد لها أن تتصرف بمنتهى التلقائية حتى يعرف ما وراءها، سيحاول السيطرة على أعصابه بكل ما أوتي من قوة وسيرى إن كانت تدعي ذلك أم لا! بعد أن هدأ امسك بصندوق الإسعافات الأولية وخرج ليضغط بزر ما بجانب مكتبه لتتابعه زرقاوتاها ثم توقف أمام مبرد صغير بمكتبه أحضر منه شيئاً لم تتبينه بعد، وازداد توترها في صمت ثم جلس أسفل قدميها لتجذب قدماها لص*رها خوفاً من أن تلامسه لتجده يتحدث لها في هدوء تام  "انهي رجل اللي بتوجعك؟"  "اليمين" همست لينظر لها والتف بجسده وثنى قدمه اليسرى أسفل اليمنى التي تدلت أرضاً ليقابلها ونظر لها نظرته تلك التي لا تتحملها فابتعدت قليلاً للخلف مستندة بيديها جانب جسدها ولكنها شُلت تماماً عندما أمسك بكاحلها الأيمن وخلع حذاءها ووضعه أرضاً لتزيح هي خصلاتها الحريرية خلف أذنها ونظرت له في وَجس. أخفض نظره لكاحلها المرمري الذي اختفى وراء ذلك الجورب الشفاف ليرى التورم به فهي حقاً كانت لا تدعي.. أنقذتها قدمها تلك المرة من غضبه فتن*د ثم رفع نظره لها وابتلع ثم تحدث  "حاولي تحركيها يمين أو شمال" حاولت ولكن لم تستطع من الآلم وهزت رأسها في إنكار  "مش عارفة، حاسة بوجع فظيع فيها" أخبرته بنبرة امتلئت بالآلم ليومأ لها في تفهم "هتوجعك شوية" "أنت هتعمـ.. آآآه.. " صرخت عالياً ولم تستطيع أن تكمل كلماتها عندما مسك كاحلها بيداه القويتان وأثناه بطريقة ما لتشعر هي بآلم أسوأ من ذي قبل "أنت عملت ايه حـ.." "حركيها كده يمين أو شمال" قاطعها وهو ينظر لتلك الدمعات المتراكمة بعيناها فنظرت لكاحلها وحاولت لتستطيع أن تحركها على ع** المرة الأولى. "أنت عملت كده ازاي؟!" سألته بتلقائية ولكنه لم يكترث لها  "لسه الوجع فيها زي ما هو؟" سألها لتهز كتفيها في عدم معرفة ليزفر هو ثم نهض واضعاً يداه بخصره "قومي كده وحاولي توقفي عليها" آمرها لتفعل بحذر شديد لتتآوه ولكن ليس مثل المرات السابقة  "هو احسن بس لسه فيه وجع" أجابته ليشير بعيناه للأريكة خلفها فجلست بعد أن فهمت نظرته إليها وجلس أسفل قدميها مجدداً ليقابلها بجسده وأمسك بقدمها وبدون مقدمات مزق ذلك الجورب الأ**د الشفاف الذي كانت ترتديه  "أنت ايه اللي عملته ده؟" صرخت به لينظر لها نظرته الثاقبة  "ما هو يا إما تقومي تقلعيه، يا أقطعه، يا اقلعهولك أنا!!" خفضت رأسها لتنظر بعيداً عن عيناه وهي تتخيل منظره وهو يساعدها لتخلعه خاصة وأنه امتد ليعانق كلتا ساقيها حتى انتهى عند خصرها فابتلعت في توتر. شعرت بيده تدلك كاحلها ليتثاقلا جفنيها رغماً عنها ووصدتهما وعضت على شفتاها ليصر هو أسنانه من التهامها لتلك الكرزيتان بمثل هذه الطريقة ودون إدراك منه اشتدت حركة يده على كاحلها لتغادر شفتيها آهه جعلت الدماء تنفجر بعروقه وتوقف فيما بعد عن تدليكه لقدمها ثم شعرت بشيء مثلج يلامسها  "اح.. ايه ده" تحدثت بتلقائية ليجد هو كلماتها تثيره رغماً عن محاولاته في إرغام نفسه على ألا يستجيب لها. "خدي ده" ألقى بشريطاً من الدواء إليها ثم أحضر لها المياة لتتناوله بعد أن قرأت اسمه وعرفت أنه مُسكناً قوياً.. جلس هو مجدداً ولكن لم يواجهها وضغط ذلك الكيس المثلج على قدماها لتصيح هي في آلم "كفاية ساقع اوي مش قادرة استحمله" نظر لها بطرف عينه ثم تن*د ليزيحه جانباً ثم آخذ الرباط الضاغط وأخذ يلفه حول التورم بكاحلها ثم فرغ ونهض وتركها وتوجه لمكتبه لتصيح هي في صدمة "الـ proposal لازم ابعته كمان ساعة.." حاولت النهوض ليآمرها ناهياً "خليكي"  أحضر تلك الملفات التي سقطت أرضاً والختم ثم توجه بجانبها واضعا الأوراق على منضدة أمام الأريكة  "تختمي ولا تقلبي الورق؟" نظرت له في شرود وهي حقاً لا تصدق أنه يساعدها "انجزي عشان الوقت" اخبرها في ضيق لتجيبه هي مسرعة  "هقلب الورق" جلس بجانبها وكذلك فعلت هي الأخرى وأخذت في تقليب الأوراق له بينما طبع هو بالختم  على كل صفحة وآخذت تنظر بتركيز فيما تفعله لتتهاوى خصلاتها الحريرية على عيناها لتحاول رفع رأسها كل بضع ثوانٍ حتى تزيحها للأعلى فيداها شُغلتا بتقليب الأوراق له ليفاجأها بإزاحة خصلاتها خلف أذنها ببطئ فنظرت له في تعجب وتوقفت عن إكمال الأوراق "خيلتيني.. عشان كده رفعتلك شعرك.. انجزي خلينا نخلص" صاح بإقتضاب كاذباً وهو منذ ذلك اليوم الذي فقدت به وعيها أراد أن يتلمس شعرها مرة أخرى.  أنهيا كل شيء بعد حوالي ساعة إلا ربع لتنظر بساعتها وكادت أن تنهض لينظر لها في تحذير ثم أخرج هاتفه ليتحدث به لأحدى الأشخاص وأخبره ما عليه فعله بالملفات ليوصلها للشركة ثم توجه لخارج المكتب واضعاً الأوراق على مكتب رنا وعاد مرة أخرى. "مددي رجلك وخليكي رافعاها" آمرها ثم توجه لمكتبه وهو يحاول بكل ما لديه من قدرة أن يركز بعمله وألا ينظر لها ولكن دون جدوى، رغماً عنه وجد نفسه يسرق بعض النظرات لها كل دقيقتان.  جلست وهي لا تدري هل ستُكمل باقي يومها هُنا أم ماذا، وماذا عن باقي أعمالها التي كلفتها بها شاهندة، لا تُحب أن تُقصر بعملها أبداً ولكنها بنفس الوقت لا تستطيع أن تخبره بالذهاب ليحضر لها أشياءها.. يكفي مساعدته وعدم غضبه عليها حتى الآن بل يكفي أنها استطاعت أن تتصرف معه منذ قليل بعد تقاربهما الشديد الذي قتلها حيرة وتوتراً. غرقت بالتفكير وفقط تنبهت عندما سمعت رنين هاتفها الذي سقط منها أمام مكتبه لينظر لها نظرة الصقر تلك وهز رأسه في انكار ثم نهض متآففاً ليمسك بهاتفها وأقترب ليلقيه على الأريكة بجانبها فتفقدت المتصل لتجده رقماً غريباً لا تعرفه فأجابت على الفور.. "آلو.." "أنتي فين يا نور بقالك أكتر من تلت ساعات مش في مكتبك" صاح كريم من الطرف الآخر "مين معايا؟" تعجبت نورسين  "لحقتي تنسيني؟!" صاح ساخراً "أنا كريم.. تعاليلي حالاً!" لقد نست تماماً ما حدث معها ليلة أمس لتشعر بالفزع عندما أنتعش عقلها بالتفاصيل "أنا.. أأنا.. عندي شغل فـ.." "اتصرفي وتعالي دلوقتي تكوني قدامي"  "أنا عند Mr بدر.. لما أخلص هاجي.. سلام دلوقتي" أوصدت هاتفها وكادت أن تموت خوفاً فهي لم تُفكر حتى كيف ستتصرف معه وكأنها تناست كل ما حدث ليلة أمس!! لقد قررت مسبقاً بأن تخبر شاهندة ولكنها شعرت بالخوف مما قد يترتب على ذلك ومما قد يحدث مع زوجته، قد تخبرها شاهندة، وحينها ستواجه كريم وقد يذهب ويخبر بدر الدين بذلك المخطط الذي نسجه من محض خياله وقد يرغمها على العودة لزوج والدتها وهذا آخر ما قد تريده بحياتها.. فرأت أن الحل المناسب أن تلتصق بشاهندة دائماً وألا تتركها وبالمساء ستوصد بابها بالمفتاح حتى لا يستطيع أن يأتي لها مرة أخرى. لم تلق بالاً لذلك الذي جلس أمامها وتابعها بثاقبتاه ولاحظ تغير نبرتها وتوترها بسبب تلك المكالمة ليصيح سائلاً اياها بعد أن أقترب ووقف أمامها ناظراً لها في تمعن شديد واضعاً يداه بجيبي بنطاله "كنتي بتكلمي مين؟!" "أأأنا؟" تلعثمت وهي تراه يتفرسها بنظرته المُزعجة تلك ليومأ لها بالموافقة "ده.. ككان..مممـ.. مممعرفش الرقم" ازداد تلعثمها وابتلعت ل**بها في توتر. "انتي هتستعبطي؟!" نظر لها في غضب لتتدارك هي ما قالته "مممكنتش أعرف الرقم" تريثت لثوان ثم استجمعت شجاعتها واجابت "وبعدين عرفت إنه كان Mr كريم!" سكتت لبرهة ليصر أسنانه في غضب وبدأ الشك يتآكل عقله من جديد "كان بيسألني Mrs شاهندة رجعت ولا لأ عشان يسألها على حاجة لأنها مبتردش على موبايلها.. وكان عاوز حاجة في الشغل بس أنا قولتله إني هنا" نظرت للأرض ولم تتحمل أن تظل ناظرة لعيناه الثاقبتان تلك. تلعثمها وشحوب وجهها المفاجئ جعله يرتاب أكثر.. يعرف جيداً أن هناك شيئاً ما تخفيه ولكن لربما تخبره الحقيقة، فلقد أخبرته منذ ثوان بمنتهى السهولة أنه كان كريم، ثم حقيقة ماذا الذي يظن أنها أخبرته بها؟! أتخدعه تلك الصغيرة هو الآخر؟ لا لن يصدق تلك التراهات التي تحدثت به! بالطبع هناك شيئاً ما تُخفيه وسيعرفه عاجلاً أم آجلاً. لماذا يسألها عنه؟ أسمع شيئاً؟ أيعرف ما الذي حدث بينهما؟ نظراته تلك لا تبشر بالخير، ومتى كانت نظراته تبشر بالخير؟ ستتجاهله، نعم ستفعل، أهم شيئاً أن تبتعد عنه هو وكريم وكل شيء سيكون بخير.. "طب أنا هقوم عشـ.." صاحت وهي تنهض بينما أختل توازنها ليلحقها مسرعا وهو ويمسك بخصرها كي لا تسقط  وتوقفت عن الحديث من تلقاء نفسها بعد أن أقترب منها وتلاقت أعينهما مجدداً في ذلك الصمت العجيب وتلك الأنفاس المتهدجة منها وأنفاسه هو المتثاقلة وتلك المرة ظلت تنظر له وتحدق بملامحه لترى الغضب يرتسم على وجهه مرة أخرى. "أنتي مبتفهميش؟ قولتلك متتحركيش دلوقتي خالص!!" تحدث بعصبية حانقاً ليدفعها راغماً اياها على الجلوس مرة أخرى على الأريكة خلفها  "يعني أنا هافضل قاعدة كده طول اليوم؟ الساعة بقت اتنين ونص وأنا مخلصتش غير الـ proposal وبعدين أنا جوعت! سيبني بقا اروح آكل وأشوف شغلي" تحدثت هي الأخرى بإنفعال رافعة رأسها وهي تنظر إليه بتلك الزرقاوتان التي قتلته ليعقد حاجباه في غضب  "لا طبعاً مش هتفضلي قاعدة كده.." تحدث بين أسنانه المتلاحمة غضباً ثم توجه لمكتبه موليها ظهره وأمسك بهاتفه ليفعل به شيئاً لمدة دقيقتان وهي تتابعه بعيناها ثم آتى مُحضراً العديد من الملفات وأقلام ثم عاد ليجلس على مكتبه بعد أن  ألقى بكل ما كان بيداه على المنضدة أمامهما  "مش عايزة تشتغلي.. اتفضلي" أخبرها دون أن ينظر لها وبدأ في اشعال حاسوبه وكأنما يبحث به عن شيء ما ثم أعطاه لها بطريقة فظة.. "مليني الأرقام اللي هسألك عليها من الـ Sheets (أوراق) اللي معاكي وأنا هارجعها من على الـ system" ظل لا ينظر لها عاقداً حاجباه لتتن*د هي في سأم وتوتر وبدأت في فعل ما أخبرها به. ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ اتصلت بها أكثر من مرة ليتسلل الخوف لقلبها! أين هي إلي الآن؟! تستطيع أن ترى أن حقيبتها بنفس مكانها ولكن أين هي نورسين؟ بدأت في السؤال عنها ولم تحصل على إجابة من أحد لتفاجأ بكريم أمامها "ايه عملتي ايه؟ نقول بقا عندنا supplier (مورد) جديد؟!" ابتسم تلك الإبتسامة الواسعة بأسنانه تلك ناصعة البياض ونظرته تلك الغير مريحة بعيناه الزرقاوتان  "جرا ايه يا كيمو.. جايلي مخصوص من الموقع عشان الـ supplier، كنت ممكن تكلمني على فكرة!! وعموماً اه الـ Collection (مجموعة) بتاعنا زاد واحد.. اطمن!!" نظرت له بإبتسامة مُضيقة عيناها ثم أعادت نظرا لحاسوبها  "وأنتي يعني شايفاني قلقان!" سألها ليجلس على مكتب نورسين  "لا مش قلقان.. اقصد اطمن ياللي واكلها والعة" غمزت له بعيناها ليرفع حاجباه في تعجب  "يعني مش هو ده شغل المشتريات.. أظن حقي.. وبعدين عدي الجمايل يا ستي" غمز لها هو الآخر ليبتسما سوياً "قال يعني مش طالع بمصلحة!" صاحت بإبتسامة وهي تنظر له بدهشة "والله كل واحد وشطارته" ابتسم لها وكلاهما يعلمان جيداً تلك العمولات التي يحصل عليها عند توقيع مثل هذه العقود "ماشي يا سيدي.. انا مفوتالك بمزاجي على فكرة" "متحرمش من حنيتك عليا أبداً" نظر لها في امتنان مزيف "إلا قولي صحيح مشوفتش نور؟" نظرت له عاقدة حاجباها في استفسار بينما هو ابتسم داخلياً لأنها هي من بدأت بالسؤال عنها "كنت كلمتها من شوية عشان أسأل عليكي قالت انها مع بدر" هز كتفاه وكأنه لا يعرف، هو فقط سيموت شوقاً ليراها ولكن لن يستطيع الدخول لمكتب بدر الدين بينما شاهندة فهو متأكد أنها ستذهب لهناك على الفور. "بدر! دي موبايلها مقفول.. اما اروح اشوفها" تنفس براحة بعد علمه بأنها ستذهب لتتفقدها ولكنه سيتأكد الليلة جيداً أن يريها كيف لها أن ترفض المجيء إليه، وكيف توصد هاتفها بتلك الطريقة وسيعلمها ألا تُكررها مرة ثانية! ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ تآففت وهي تنظر في تلك الأوراق التي تعج بالحسابات وقد قتلها الجوع، لقد أصبحت الرابعة ولم تتناول شيئاً منذ الإفطار، كما أن وجوده أمامها بنظراته وطريقته التي توترها لا تجعل عليها الأمر سهلاً.. لم تتوقف عن التفكير بكلمات كريم كما أنها لا تدري كيف ستتهرب منه الأيام القادمة وهل حقاً سيخبر بدر الدين بتلك الخطة التي نسجها من خياله أم كان يهددها ليصل لمبتغاه ليس إلا! تعرف أنه ليس من حقها أن تمكث مع تلك العائلة ولا بذلك المنزل الضخم ولكن أين عساها أن تذهب؟ كيف ستتصرف وهي وحيدة تماماً؟ وجود شاهندة بجانبها مثّل لها الحياة وكأنها ولدت من جديد، لقد عوضها وجودها كثيراً عن الصديقة والأخت وبالطبع لم ولن تعوضها عن وجود والدتها كوثر التي لم تحب مثلها بحياتها ولكن شاهندة لم تترك لها الفرصة حتى تشعر بالوحدة أو الخوف من زوج والدتها! أمّا الآن فهي لا تدري كيف تخبرها بتخوفاتها، كريم يبدو شخصاً حقير ومصمم على ما يريد!! لا تستطيع البوح لها بأن زوج أختها يريد أن يتزوجها، هي حتى لا تتقبله، ماذا عليها أن تفعل وهي لا تملك أحداً بجانبها غير شاهندة التي لربما تتطور الأمور وتتركها هي الأخرى؟ تهاوت دموعها في صمت وكأنما الدنيا بأكملها تصمم على أن تنهال على رأسها بالمصائب المتتالية التي لم تواجها من قبل ولن تستطيع أن تواجهها وهي ذات الخبرة المعدومة في الحياة. لاحظ بدر الدين بكائها الصامت ودموعها التي انسابت على وجنتاها ليلقي القلم من يده في عصبية على الأوراق أمامه ثم تفحصها جيداً وهو لا يدري لماذا بداخله يشعر بالغضب وشعور آخر غير مفهوم لديه بأن بكائها ذلك يدفعه لفعل العديد من التصرفات غير المفهومة هو حتى لا يدري بمّ يُفكر وكأنما يحدث بداخله تعقيدات لا يستطيع تبينها أو فهمها كلما رآها تبكي! "بتعيطي ليه؟" سألها وهو يحاول أن يتحكم بعصبيته وانفعاله لتنظر له ولم تكن تظن أنه سيلاحظ بكائها  "جعانة" اجابته وهي بالطبع لن تستطيع البوح بما تُفكر به ليهز رأسه في تهكم ليطرق بابه فتركها لينهض وذهب ليتفقد الطارق ثم آتى وبيداه  صندوقان علمت ما هما جيداً تلهفت على ما يحمله كثيراً وابتلعت ل**بها ثم بللت شفتاها أكثر من مرة وقبل أن يضع ما بيده على المنضدة جذبت احداهما منه بسرعة وتركت العمل جانباً لتفتح صندوق البيتزا الكرتوني ثم همهمت وهي تشتم رائحتها في شهية.  نظر لها هاززاً رأسه بسخرية وهو لا يُصدق ما تفعله، تبدو حقاً كطفلة صغيرة بتصرفاتها تلك ليجلس هو على كرسي أمامها وبدأ في أن يُرتب الأوراق أمامه بعناية شديدة وكأنما نظم كل ما على المنضدة بأكملها وحتى جذب ما أمامها ليُرتبه واضعه جانباً وشرع في تنظيم طعامه أولاً لتلمحه نورسين وتتعجب بداخلها من يأكل بمثل تلك الطريقة التي يتناول طعامه بها ولكنها لم تهتم وتناولت طعامها في هرج تام لتسد ذلك الجوع بداخلها!  شعر بالإنفعال من طريقتها التي تفتقر للنظام ولآداب تناول الطعام وتلهفها الذي لم يُصدقه حقاً، ألهذا الحد كانت جائعة؟! سأل نفسه ليهُز رأسه في إنكار وفي ثوانٍ ودون أي مقدمات وجد بقعاً من الكاتشب تلتصق بقميصه الأبيض وربطة عنقه. توقفت تماماً عن تناول البيتزا وجحظت عيناها عندما أدركت ما حدث للتو فهي قد ضغطت على حقيبة الكاتشب بطريقة خاطئة ولسوء حظها كان اتجاهها ناحية بدر الدين. وضعت كف يدها تغطي به عيناها ثم رفعت رأسها ببطئ شديد لتنظر له بين أصابعها لتجد نظرة أرعبتها وجعلتها لا تريد أن تأكل مجدداً طوال حياتها لتبتلع في وجل من نظرته. "أنا آسفـ.." "أخرسي!!" قاطعها زاجراً اياها بين أسنانه المتطابقة ونبرته لا تقبل النقاش مطلقاً وغضبه ازداد للغاية ونهض خالعاً سترته ثم ربطة عنقه وهي تنظر له في وجل ومن ثم بدأ في خلع قميصه لتنفرغ شفاهها وشهقت في خفوت  "أنننت.. أنت.. بتعمل ايه؟" تلعثمت وهي تراه يفك أزرار قميصه  "مش عايز اسمعلك صوت" صاح بها في عصبية وهو يسحق أسنانه ثم خلع قميصه في غضب لتطلع هي جسده وضربت تلك الحمرة في وجهها وهي تراه بذلك المنظر! تلك االتقسيمات بمعدته وعضلاته القوية ثم نهاية خصره، لا تصدق أنه مجرد رجل عادي، لابد وأنه بطل رياضي ويخفي الأمر عن الجميع، لم تقع من قبل بمثل ذلك الموقف ووجدت نفسها تحدق بجسده في إعجاب وبلاهة تامة فهي لأول مرة تنظر لرجل هكذا وهو نصف عاري أمامها ثم بلت شفتاها وآخذت زرقاوتاها تنظر لعنقه ومنكبيه الرجوليان وتفاصيل جسده لتجد نفسها تشعر بشيء لم يسبق لها اختباره من قبل! لاحظ نظراتها له ليبتسم بداخله ثم تلاقت أعينهما فخفضت نظرها في ارتباك والتوتر سيطر على حركاتها ليرى هو حُمرة الخجل تلك بوجهها ليتن*د وبالكاد استطاع أن يتوقف عن النظر لها وولاها ظهره متجهاً لمكتبه لتشاهد هي ظهره المثيرالرجولي المليء بتلك التقسيمات والعضلات التي رُسمت بطول ظهره بداية من أسفل شعر رأسه حتى خصره. رآته يتوقف أمام مكتبته الضخمة ثم مد يده ليجذب مقبضاً لتفاجأ أن هناك دولاب كامل للملابس أمامه، كانت تظن أنها ستحتوي على المزيد من الكتب ولكنها كانت مخطئة. تناول قميصاً أبيضاً ثم ارتداه دون أن يغلق ازراره ثم فتح درجاً بالأسفل آخذاً منه ربطة عنق جديدة ووضعها حول عنقه وأغلق الدرفة ليجد خبطات على الباب ليذهب في غضب يفتح الباب بمضض ليجدها شاهندة التي امتلئت عيناها بالتساؤل لمظهر أخيها فدلفت مكتبه بعد أن تركها وتوجه للداخل مُغلقاً ازرار قميصه بينما نظرت لتجد وجه نورسين يصرخ بالحمرة فتعجبت خاصةً بعد أن رآت ملابس أخيها ملقاة على الأرض بينما نورسين جوربها ممزق وقدمها يبدو وكأن بها شيء ما واتجهت نحو بدر الدين حتى وقفت أمامه ثم نظرت له بأعين مستفسرة  "ايه ده؟" وأماءت لقميصه ثم نظرت للملابس الملقاة أرضاً لتجده يجذب يدها ثم امسك بقميصه الملقى ليريها بقعة الكاتشب "وقعت كاتشب من غير ما اخد بالي" "وانت من امتى بتاكله؟" تعجبت لأنها تعرف ان بدر الدين لا يحبه "هو تحقيق ولا ايه؟" تآفف بدر الدين وهو يعيد عقد ربطة عنقه بينما اتجهت لنورسين "وانتي يا نور فينك؟ عارفة قلقت عليكي قد ايه؟ قافلة موبايلك ليه؟" صاحت في لهفة ثم عقدت ذراعاها ووقفت أمامها منتظرة ردها بينما سمع بدر جيداً وانتظر اجابتها ولكن دون أن يبدي اهتماماً ملحوظ "ده.. ده فصل شحن" اجابت بإقتضاب فاقتربت شاهندة جالسة بجانبها "ايه اللي على رجلك ده؟ مالك انتي كويسة؟" أشارت للرباط الضاغط "أنا.. كنت.. ممم" تلعثمت ليزفر بدر الدين حانقاً من تلعثمها الممل "اتكعبلت ووقعت ورجليها اتلوت" اجاب بدلاً من نورسين لتتعجب شاهندة بداخلها، منذ متى وبدر الدين يتحدث هكذا؟ لتراه يأخذ سترته يرتديها وجلس ليكمل عمله وازاح الطعام جانباً  "طب انتي كويسة، تحبي نروح لدكتور عشـ.." "متقلقيش بقيت احسن" ابتسمت لها بإقتضاب لتقاطع لهفتها  "اعملي حسابك إنك هتشتغلي معايا الفترة الجاية!" تحدث بدر الدين دون أن يزيح نظره من الأوراق أمامه إلا عندما أماء لنورسين  لتجحظ عيناها الزرقاوتان "يا سلام!! وأنا مش عاجباك مثلاً ولا مش واخد بالك انها الـ Assistant بتاعتي ولا ايه؟!" صاحت شاهندة في انفعال "مش هاكرر الكلمة تاني.. رنا واخدة اجازة مرضي والفترة الجاية عندي اجتماعات كتيرة"  "لا يا بدر ده ظلم بقا، أنا مش هاسيب نور و.." "مترغيش كتير يا شاهندة.. كلمتي تتنفذ من غير نقاش" تحدث بلهجة لا تحتمل المزيد من الجدال لتنهض شاهندة في انفعال  "وأنا قولت إن.." "ميهمنيش قولتي ايه، اللي يهمني إن شغلي محتاجها" قاطعها مجدداً دون أن ينظر لأي منهما  "طب وشغلي؟" تسائلت بغضب "اتصرفي.. أنتي عندك في الإدارة ناس كتير.. لكن انتي عارفة ان شغلي هيوقف عليها" "ماشي يا بدر، براحتك، اعمل اللي أنت عايزه!!" صاحت في انفعال وتوجهت للخارج في حنق "بس أنا مش عايزه أشتغل معاك" تحدثت في هدوء ليرفع رأسه وتتلاقى أعينهما  "وأنتي ايه أصلاً عشان تعوزي أو متعوزيش" اهانها بتلك الكلمات لترفع حاجبها في تحفز  "أنا جاية هنا اتدرب في إدارة معينة عشان اخد خبرة أنا عايزاها، لكن شغلي معاك مش هايديني أي خبرة" "ومين بقا اللي قالك كده؟" اراح جسده في الكرسي ووضع قدماً على أخرى وعبث بسبابته في شفاهه وهو ينظر لها نظرة الصقر خاصته يتفحصها بها "من غير ما حد يقول.. أنت عايزني اشتغل Reminder (مذكرة) واستقبلك ضيوف وأناولك ورق.. استحالة أنا اعمل كده! عمري ما فكرت إني ابقى سكرتيرة!!" تحدثت في تحفز لتعقد ذراعيها ولأول مرة تنظر له مباشرة دون خوف ورأى الاعتراض يغلف نظرة تلك الزقاوتان "كويس"  "هو ايه ده اللي كويس!!" عقبت على كلمته التى قالها بعد أن ابتسم بسخرية "قدامك حل من الاتنين.. يا تشتغلي معايا يا تتفضلي برا الشركة كلها واتفضلي اتدربي مكان ما يعجبك" نظرت له في دهشة وهو يتحدث هكذا بمنتهى الهدوء بينما اشتعلت هي غضباً ونهضت ليعتري ملامح وجهها الآلم بينما اقترب هو ليساعدها ولكن لم تعطه الفرصة  "لا هتفضل برا الشركة يا Mr بدر.. مفيش شغل بالعافية" "عندك حق" قلب شفتاه متهكماً لتنظر هي في حزن امتزج بإنفعالها ثم توجهت بخطوات بطيئة وتعرج واضح للباب حتى تغادر وكادت أن تُمسك بمقبض الباب بينما أوقفها كف يده الذي منع به أن يُفتح فالتفتت له لتحاصر بينه وبين الباب الذي أصبح خلفها "سيبني اعدي" "اتكلمي بأدب وبأسلوب كويس وبعدين ماشية حافية ورايحة فين بمنظرك ده" "أولاً أنا مؤدبة وأسلوبي كويس، ثانياً مش هاقدر البس حاجة بكعب دلوقتي علشان رجلي لسه بتوجعني، ثالثاً مالكش دعوة بيا وسيبني امشي" "خليني اوضحلك حاجة انتي مش قادرة تشوفيها من يوم ما دخلتي الشركة دي بس لآخر مرة الفت نظرك ليها، أنا بدر الدين الخولي، اللي من غيري الشركة دي كانت هتقع في يوم من الأيام، يعني كل اللي فيها بيرجعلي قبل ما ياخد خطوة، والكل عارف حدوده كويس معايا عشان مأذيهوش.. فأنتي باللي بتعمليه ده بتجني على نفسك، بس ارجع وأقول إنك عيلة صغيرة مش عارفة الصح من الغلط، وعشان كده هاسيبك لغاية بكرة الصبح عشان تقرري، يا تيجي بكرة وتبدأي شغلك معايا يا هأذيكي.. وأعتبري إن اللي قولتهولك ده فرصة وفي نفس الوقت تحذير!" نظر لها بعيناه الثاقبتان لتشعر هي بالإرتباك الشديد ثم أقترب منها وبنفس الوقت أجرى مكالمة هاتفيه ليسألها "مقاس رجلك كام؟!"  "38" اجابته ثم عقدت حاجباها متعجبة لسؤاله  "هاتلي جزمة flat سودا مقاس 39" رفعت حاجباها في دهشة بينما هو اعاد هاتفه لسترته ونظر لها ملياً لتنفجر هي بالكلام "تأذيني بتاع ايه؟ أنت أصلاً مالكش عندي حاجة، واسمع بقا أما أقولك يا Mr بدر عشان كده اللي بتعمله ده كتير اوي، أنا جيت هنا عشان اتدرب مع شاهي، والبيت شاهي وماما نجوى موافقين إني أكون معاهم، سواء هنا أو هناك تبعد عني وملكش دعوة بيا تاني ابداً.. كفاية عصبيتك وكلامك السم اللي كل شوية بسمعه وبصاتك الغريبة دي" صاحت بجرأة لينظر لها نظرة ارعبتها بالرغم من تحاملها على نفسها ومحاولاتها اللانهائية في التغلب على توترها وخوفها منه. "أفتكري كل كلمة قولتيها وأنا أوعدك إنك هتتحاسبي عليها، وحسابها هيكون غالي اوي عليكي" ابتسم متهكماً لتنظر له هي بإنفعال وعيناها تصرخ غضباً في طفولية "هافتكر.. وهتشوف إنك مش هتقدر تعملي حاجة" تحفزت كالأطفال تماما بمنتهى البراءة التي رفض عقله أن يُصدقها  "أما نشوف" اخبرها بتهكم لتلتفت وتغادر ولكنه استند على الباب بيده لتلتفت له مرة أخرى لتجده قريب للغاية منها حتى شعرت بأنفاسه الساخنة على وجهها فنظرت له في ارتباك وابتلعت ل**بها  "لما تبقي تلبسي حاجة في رجلك هبقى اسيبك تمشي، مش هستنى حد يقول كلمة على بدر الدين الخولي، ادخلي الحمام وغيري الشراب اللي انتي لابساه وبعد كده ممكن تغوري حتى في ستين داهية عشان ارتاح من وشك!"  همس لها بكراهية تنهال من عيناه ولكن قربه منها وترها للغاية ليمكثا لدقائق على هذا الوضع يحدقان بعينا بعضهم البعض في صمت تام ليبتلع هو ثم انتقلت عيناه لشفتاها الكرزيتان في تلقائية عندما تآكلتهما في ارتباك وبدأت أنفاسه في التثاقل ليقترب منها أكثر وآخذ يُفكر ماذا لو أطاع ذلك الشعور الداخلي بأن يقبلها، مرة واحدة فقط ليرى كيف مذاق تلك الشفتان، لن يحدث شيئاً، هي تبدو مستسلمة للغاية، لن تمانعه، وحتى لو مانعته، سيبرر لها فيما بعد، أهم شيء هو أن يتذوقها الآن ويريح ذلك الإلحاح بداخله بأي شكل. رائحة أنفاسه الرجولية تشتتها داخلياً، لماذا يقترب منها بهذا الشكل بعد أن تلفظ لها بأبشع الأقوال؟ لماذا لسانها عُقد ولا يستطيع الحديث؟ تود أن تصرخ، أن تقول له ابتعد ولكن صوتها لا يغادر حلقها، قوتها انعدمت، لا تستطيع التحرك، لا تستطيع السيطرة على أنفاسها المتهدجة، تشعر بالخجل الشديد من اقترابه، لا تستطيع أن تنظر لملامحه أكثر بعد الآن لتنظر للأرض لتجده فجأة يلامس أسفل ذقنها بسبابته مُرغماً اياها على أن تنظر لعينتيه الثاقبتين مرة أخرى بينما ابتلع لترى بعنقه تفاحة آدم تحدث زوبعة بتحركها ذلك ليزداد ارتباكها وأقترب لها أكثر حتى لفحت شفتاها سخونة أنفاسه وكاد أن يقبلها ولكن أفاقهما تلك الطرقات على الباب ليحمحم بدر الدين وتفر هي هاربة لحمام مكتبه وبداخلها عاصفة من المشاعر الغريبة عليها لا تستطيع التحكم بها خاصةً وأنها لأول مرة تواجه كل ذلك مع رجل. ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢  لا يدري لماذا هذه الأيام عاد لتلك العادة السيئة ولا يستطيع التوقف عن التدخين طالما هو وحده، وقف في شرفته وهو يُفكر بتلك اللحظة التي جمعتهما وكاد أن يقبلها، تلك اللعينة لم تعترض اقترابه كما لم تعترض اقتراب كريم منها تلك الليلة بالحديقة عندما رآهما، تلك اللعينة تريد أن تخدعه هو الآخر.. لا.. لن يحدث ولو بعد مائة سنة!!  إن لم تأتِ بنفسها وتقر بأنها قبلت أن تعمل معه سيجعل أيامها بلون الليل الحالك، هذا هو الحل الوحيد ليبعدها تماماً عن كريم ويعرف ما الذي يجمعهما، يعرف أن شاهندة طيبة للغاية، قد تستغلها فتاة مثل نورسين بمنتهى السهولة، كذلك نجوى والدته تلك المرأة التي لطالما وقفت لأبيه ودافعت عنه دائماً واحتمى بها منه قد تستغل طيبة قلبها هي الأخرى، إنما هو فلا.. لن يحدث هذا معه.. لن تستغله فتاة مثلها، فلقد حاولت من قبل تلك الشيطانة التي انجبته ولم تستطع فعلها أبدا!  وقف يحدق بالفراغ في شرفته لا يرتدى سوى بنطالاً قطنياً اسود اللون واضعاً يد بجيبه والأخرى امسكت بالسجائر التي لا يستطيع تركها ليتن*د مجدداً وهو يُفكر بها مرة ثانية وبتلك الطريقة التي يخفق قلبه بها عندما يقترب منها. لمح كريم يدلف للمنزل بعد أن ترجل من سيارته ليعقد حاجباه وكاد أن يرتدي قميصاً ويذهب ليتفقد إلي أين سيذهب كريم فلربما سيذهب لنورسين مرة ثانية ولكنه فوجأ بطرقات على باب غرفته ففتح ليجد أن الطارق هي من لم يبارح عقله التفكير بها "عايزة ايه؟!" سألها بهدوء خالف الغضب الذي بداخله لترفع رأسها ناظرة إليه بزرقاوتان مرتعدتان "أنا هاشتغل معاك.. مش.. مش.." تلعثمت وهي تهز رأسها في انكار ثم أكملت بصعوبة "مش هاكمل مع شاهي ولا هاسيب الشركة" عقد حاجباه لمظهرها الذي يثير التساؤلات العديدة بعقله ولم تعطه الفرصة للتحدث معها وغادرته على الفور مسرعة وكأنما تهرب من شيء ما. ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ قبل قليل بغرفة نورسين.. لماذا تشعر بكل ذلك الإرتباك أمامه هو؟ ليس مثل زياد ولا كريم ولا حتى زوج والدتها، لماذا كل شيء معه مُربك ويوترها قربه للغاية، نظراته تلك، أنفاسه الساخنة، لماذا اعتنى بها عندما التوى كاحلها اليوم؟ ولماذا اقترب منها بتلك الطريقة عندما أخبرته أنها ستذهب ولا تريد العمل معه؟ وبعد كل ذلك يأتي ليخبرها بتلك الكلمات اللاذعة وترى الكراهية تفيض من عينيه ودائماً هو غاضب!! "ملك الكون!!" تمتمت وهي تهز رأسها في سخرية ثم فتحت هاتفها الذي اص*ر صوت وصول رسالة بعد أن أوصدت بابها جيداً لترى أن الرسالة من كريم  "طيب واضح إنك مبتسمعيش الكلام.. بس أنا بردو لسه عايزك زي ما انتي عاوزاني ومحتاجاني.. عايز ردك عليا يكون النهاردة بليل، هطلعلك زي امبارح في نفس الوقت.. وأول وآخر مرة اتصل بيكي واقولك تعاليلي ومتجليش" تصلبت زرقاوتاها بشاشة هاتفها وهي لا تدري ما الذي عليها فعله، تلك الرسالة منه بتلك الطريقة لا توضح أنه يبتزها ولكن هي تعرف جيداً ما يقصده، هي حتى لا تستطيع مواجهة شاهندة بها فكلماته بدت وكأن بينهما علاقة. آخذت تجوب غرفتها في رعب تام، لن تستطيع إخبار شاهندة، هي حتى لم تراها منذ عودتها في وقت متأخر من الشركة حيث أرهقها بدر الدين بمراجعة كل تلك الأرقام اللعينة ولم يسمح لها بالمغادرة، بالطبع لن تستطيع الرفض فإنه سيخبر بدر بالخطة تلك التي سيصدقها بالطبع وهو الذي لم يكف عن إخبارها بأنها تلاعبت برأس زياد وأنها مُستغلة وطماعة ولا تريد شيئاً غير الأموال ليس إلا.. حسناً.. كيف عليها الإبتعاد عن كريم؟ آخذت تفكر مراراً وتكراراً حتى وجدت الحل الوحيد أن تُثبت لبدر الدين براءتها، ستكون بجانبه طوال اليوم، أمام عيناه، ستعمل معه حتى عودة سكرتيرته وسترى بعدها كيف ستتصرف مع كريم! غادرت غرفتها مُسرعة بعد أن وصدت هاتفها مرة أخرى خوفاً من أن يتحدث معها أو يرسل لها برسالة لتخبر بدر الدين ذلك وبداخلها تدعو ألا ترى وجه كريم بطريقها.. ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ #يتبع . . .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD