الحلقة 19 سكان جزيرة الثلج

1538 Words
اجتمعت عائلات الشباب الستة على متن مركب واحدة و قضوا الرحلة معا و جلست النساء مع بعضهن ينامون و بناتهم في مكان واحد على ظهر المركب و الرجال في مكان آخر بجوارهم ليحموهم و معهم الصبيان الصغار ، الرحلة شاقة جدا لكنها حقيقة رغم كل مخاطر الأمواج و غيرها من المخاطر هي رحلة حقا ممتعة جدا ممتعة للغاية شعروا جميعا أنهم على قيد الحياة بعد أن قضوا حياتهم وهم في ثبات عميق تمر بهم الايام و الحياة كما هي اليوم مثل الأمس و يأتي الغد على نفس الشاكلة لا جديد يحتاجون فعلا ليوم مثل هذا و رحلة مثل هذه لتجدد مسار حياتهم ، و لكنهم في نفس الوقت يخافون المجهول و لا يعرفون إلى أين سيصلون بعد ما تركوا أرضهم و حيا تهم الهادئة المستقرة . نهاية رحلة المركبة البحرية هي جزيرة الثلج حيث هي نهاية المطاف و اخر جزيرة يمر بها المحيط يقطن بهذه الجزيرة عدد قليل جدا جدا من البشر و بعض المخلوقات البحرية و الدببة القطبية الجو بارد جدا الى درجة التجمد الأرض عبارة عن جليد ملاحم لجليد اخر على سطح المحيط ربما لا تعرف أثناء سيرك أين اليابس و اين سطح الماء ، سطح الماء عبارة عن جليد متماسك وصلت المركبة إلى شاطئ جزيرة الثلج رست على الشاطئ و بدأ القبطان يوجه الناس إلى النزول من المركب و حين نزل حماد و زوجته و أطفاله إلى الجزيرة قالت زوجته - ما هذا يا رجل كيف سنعيش على هذا الجليد ؟ - ا**تي يا امرأة العيش على سطح الجليد افضل من الموت على أرض الظالمين الذين ضيعوا ابنائنا قالت أم عزيز - معك حق يا ابو صالح لا حياة لنا على أرض ضاع فيها حقوقنا و حقوق ابنائنا قال حنا - بل أضاعوا ابنائنا أنفسهم و ليست حقوقهم فقط قال الصاوي - أننا كنا نحتاج حتما لهذه الرحلة كي يتغير مفهومنا عن الحياة قالت أم عمران - نحن منذ خلقنا لا نعرف أي شيء سوى بيتنا الصغير و حارتنا الضيقة في جزيرة النار يكفي أن نرى شيء جديد و حياة جديدة قالت أم عدنان متبرمة - حياة جديدة بمصاعب شديدة لا نعرف كيف سنتغلب عليها فمصاعبنا القديمة قد تعودنا عليها أما المصاعب الجديدة لا نعرف كيف سنواجه تلك المصاعب ردت ام عوض بلهجة قاسية - أن ابنائنا الشباب الصغار قد ضحوا بحياتهم من اجل كلمة حق فهل لا نستحق أن يكونوا ابنائنا ردت ام عوض - سلم ل**نك يا أختاه لابد و أن نبدأ من جديد ربما نعيش حياة أفضل من حياة الخراف و الماعز التي كنا نحياها في جزيرتنا جزيرة النار وسط هؤلاء الظالمين المارقين الذين أرادوا قتل ابنائنا و لكن الله نصرهم قالت أم عزام - كان يجب أن يحدث كل ذلك كي نستفيق من غفوتنا و نترك تلك المدينة التي نشعر فيها أننا عبء على ذلك الحاكم و أعوانه الذين ينهبون خيرات جزيرتنا التي ردموا الماء الذي هو رمز الحياة كي يقضوا علينا و نموت بدعوى المدنية و التحضر قال حسان - أ**توا ايها النساء دعكم من هذا الحديث فقد انتهى وقته نحن الآن نسير فوق الجليد و الأمر انتهى لابد و أن نبحث الأن عن مكان لنستتر فيه من العراء في هذا البرد القارص و الا سنتجمد قال حلمي - معك حق يا ابو عوض لابد من البحث عن بيت يجمعنا أنهوا الحديث الذي يدور بينهم أثناء سيرهم و بدأوا يبحثون عن مكان ليرتاحوا فيه قليلا بعد هذه الرحلة المجهدة ، تجري الاطفال من فرط شعورهم بالبرد رغم ذلك يلهون و يلعبون فرحين بالرحلة التي لم يمروا بمثلها من قبل و الدببة القطبية تمر بجوارهم من وقت لأخر فزعوا في البداية و لكن بعد مرور قليلا من الوقت شعروا بالأمان والطمأنينة لهذه الدببة التي تمر بسلام دون أن تسبب لهم أي ضرر ، شكل الدببة القطبية مبهج جدا بالنسبة لأطفال مثلهم شعرت الأمهات بالقلق على أطفالهن في البداية و لكن بعد مرور بعض الوقت شعروا و كأن الأمر يبدوا عاديا جدا و كأنهم يعيشون طوال حياتهم مع هذه الح*****ت اللطيفة التي يبدو أنها أليفة و لا تؤذي سوى من يؤذيها . مشوا لمسافة طويلة و قد أهلكهم التعب و فجأة صرخ طفل قائلا - أمي أشعر بألم شديد في قدمي - تحمل يا بني أن شاء الله سنجد مكان لنرتاح فيه قريبا - و لكني أيضا أشعر بالجوع - سأبحث لك عن شيء لتأكله الأن أنت و أخوتك أخيرا وجدوا بيتا جدرانه مغطاه بالجليد و على مسافة قريبة منه بيت أخر جدرانه مطلية بالفخار و لا أثر للجليد على جدرانه فاتجهوا ناحية البيت المطلي بالفخار بل هرولوا نحوه كالغريق الذي وجد طوق نجاة و لكن المسافة ليست قصيرة كما يظنون غير أن السير باتجاه المنزل يبدوا و كأنه صعود و ليس طريقا ممهدا و كأنه فوق جبل و لكن الاطفال كانوا سعداء رغم آلامهم لأنهم أخيرا وجدوا أمل و لو بسيط للراحة والاسترخاء ظلوا في رحلة صعودهم حتى وصلوا اخيرا إلى باب المنزل طرق الاطفال الباب بعنف شديد حيث وصلوا هم أولا فتح الباب طفل صغير يبدو أنه في العاشرة من عمره ابتسم في وجوههم خرج رجل يبدوا أنه ابو الطفل وقف امام الباب وجدهم امامه فابتسم بسعادة شديدة قائلا - مرحبا بضيوفنا من بني البشر رد أبو صالح - شكرا لك يا اخي الكريم على ترحيبك بنا - بل شكرا لكم على زيارتنا نحن ننتظركم منذ زمن بعيد رد ابو عدنان مندهشا - تنتظرونا نحن - نعم ننتظركم اخوتنا في الإنسانية مرحبا بكم في بيتنا المتواضع - شكرا لك اخي الكريم على حسن ضيافتك أدخلهم الرجل بعد أن دخل أحد أبنائه لأمهم يخبروها بقدوم ضيوف كما أمره أبوه أن يفعل كان البيت بسيطا لكنه متسعا و الغريب في الأمر أن البيت دافئا بشكل غريب كيف هذا في ذلك الجو القارص الذي يحيطهم من كل اتجاه جلسوا على حصائر مصنوعة من القش الكثيف رحب الرجل بهم ترحيبا كثيرا و احسن ضيافتهم و اتت زوجته لتجلس معهم و تعد لهم الطعام وأخيرا عرفوا سبب دفء البيت كل الجدران مبني بها مدفأة من الفخار اربع مدفئات مبنية في اركان البيت في خلف كل مدفئة غرفة يتسرب الدفء إليها ، كل مدفأة مطلية بالفخار و ملقى في داخلها أغصان و اوراق شجر مشتعلة بالنيران حين دخلوا وجدوا ثلاثة أبناء آخرين غير الطفل الذي فتح لهم الباب أتت زوجة الرجل تحمل صاجا كبيرا بحجم المدفأة التي يستخدموها هي و مثيلتها كأفران لطهي الطعام ، أعطت الصاج لزوجها فأخذه ووضعه داخل أكبر مدفئة كان الصاج محملا بالأسماك المتبلة و تركها حتى تنضج و اتت بعدها بصاج اخر اصغر قليلا به أسماك متبله أيضا و لكن من نوع أخر ثم أتت ببراد كبير وضعه داخل مدفئة أخرى حاول أن لا يجهدهم بالحديث كثيرا لمعرفته بمدى شقاء رحلتهم و تعبهم ، ظل الاطفال يلعبون و يمرحون مع بعضهم البعض فرحين جدا و مع وجود عدد كبير من البشر داخل البيت ازداد دفئا أتت الام بطاجن كبيرا مغطى فأخذه الرجل من زوجته ووضعه بالمدفئة الثالثة و بعد مرور بعض الوقت ازدادت رائحة السمك انتشارا معلنه عن نضجه فاتجه الرجل ناحية الصاج الأول و أخرجه ووضعه على طاولة خشبية قصيرة عبارة عن جزء سفلي من شجرة ضخمة و بالبيت أكثر من طاولة بنفس الشكل يوضع عليها الاشياء و الطعام شكل المنزل بوجه عام رغم بساطته منظما و جميلا ، ذهب إلى الصاج الآخر و أخرجه أيضا من الفرن او المدفئة و وضعه على طاولة أخرى و الجميع ينظر إليه باشتهاء و الرجل يبتسم بخجل ثم ذهب ليخرج الطاجن الكبير من الفرن الآخر و وضعه على طاولة أخرى و حين كشف عنه الغطاء وجدوه ممتلئا بالأرز وضع الطاولات جميعها بجوار بعضها. البعض قال طفل من الضيوف لأمه - سأموت جوعا يا امي - ا**ت يا ولد لا تنبس بحرف مرة أخرى رد ت السيدة صاحبة البيت - لا داعي يا اختي أن تض*بيه أنه طفل رد زوجها قائلا بهدوء - فلتتفضلوا جميعا لتناول الطعام لقد انتهينا من إعداده و أصبح على ما يرام رد حنا - لقد ارهقناكم بزيارتنا المفاجأة. و كلفناكم تكاليف كثيرة - لا تقل هذا ايها الرجل الطيب أرجوك كما قلت لكم نحن ننتظر زيارتكم لنا رد حماد قائلا - سامحني لسؤالي و وفضولي كيف تنتظرونا و انتم لا تعرفونا من قبل يا اخي الفاضل - عمر يا أخي الكريم نحن ننتظر أي ضيف أو طارق يطرق بابنا بكل شوق و ترحاب فنحن كما ترى نعيش وحدنا في هذا المكان قال الصاوي بلهفة - أذن هل نجد لنا مكان على هذه الأرض لنجاوركم دائما و نأنس بوجودكم معنا - أن شاء الله يا اخي لا تقلق فلتتفضلوا اولا لتناول الطعام و بعدها ستذهبون للنوم و الراحة لا تقلقوا قال حسان - نشكرك كثيرا اخي الكريم - لا تقل ذلك يا اخي تناولوا الطعام جميعا و هم يضحكون و يشعرون بالأمان و الراحة و الدفء و الأطفال يأكلون معا و يلهون بأحاديث لطيفة و النساء يتبادلون الحديث مع السيدة صاحبة المنزل و ذهب الرجل إلى البراد الكبير الفخاري و أخرجه من المدفئة و أحضرت له زوجته طواجن فخارية صغيرة بها بعض الأعشاب صب الرجل الماء المغلي على الأعشاب الموجودة بالطواجن و تركها تبرد قليلا كي لا تأذيهم و تحرق ألسنتهم و عاد ليجلس معهم حتى يفرغوا من طعامهم و حين انتهوا من تناول الطعام الشهي جدا كان المشروب الساخن قد أصبح على ما يرام فناول الرجل ضيوفه كل منهم طاجن و ناولت السيدة ضيفاتها كل منهن طاجن و حتى الاطفال قد ناولتهم ليشربوا و يدفئوا و بعد ما فرغوا من الطعام و الشراب أصطحبهم عمر إلى خارج منزله متحدثا إليهم أنه يوجد منزل آخر سيرتاحون فيه اكثر و بالطبع لم يملكوا أي قرار بالقبول أو الرفض ذهبوا معه فإذا به متجها ناحية المنزل المطلية جدرانه بالجليد فصعقوا من المفاجأة فأبتسم لما رآه من دهشة في عيونهم جميعا و فهم أنهم يظنون أنه قد تخلص من ضيافتهم بهذه الطريقة .  
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD