مارس 2018...
"لا مش عايز اصحى دلوقتي" همس بنعاس ثم احتضنها بكل ما أوتي من قوة لتبتسم هي على طفولته التي لن يتوقف عنها أبداً
"لأ هاتصحى.. يالا كده صباح الخير وصباح النور ويالا فوق على ما أحضرلكوا الفطار"
"طب بذمتك صباح النور ايه وانا في حضني النور كله؟!" سألها بنبرة ناعسة لتتوسع ابتسامتها
"طب هقولك.. تعالى نصحيهم ونفطرهم اللي يروح شغله واللي تروح جامعتها وننام تاني بعدها"
"يوووه بقا يا نوري.. مبقاش فيه حب ودلع خلاص، كله بقا لسليم وسيدرا وأنا بقيت كخه"
"لا فيه دلع وحب وكله كله بس بردو لازم نصحي الحلوين دول وبعد كده عندنا اليوم كله نعمل اللي عايزينه براحتنا"
"افهم من كده إن فيه قلة أدب النهاردة؟" همس بنبرة رخيمة بأذنها ليقبل عنقها لتهز نورسين رأسها في إنكار
"مبتكبرش على قلة الأدب أنت؟! ما تبطل بقا يا ملك الكون!" صاحت بإبتسامة
"لا أنا لسه شباب.. الدور والباقي عليكي.. عجزتي يا نوري ولا ايه؟!"
"مين دي اللي عجزت.. ده أنا اللي زيي بيعملوا افراحهم اليومين دول!" اجابته بإنزعاج
"طب ما تيجي نعمل فرح وشهر عسل!"
"يوووه بقا با بدر.. وسع كده أما أقوم" نجحت في الإفلات منه لتنهض ثم نظرت له "قوم يا عم الشباب خدلك شاور على ما اصحيهم وحصلني على تحت عشان تساعدني"
"ما يعملوا هما فطارهم.. يهون عليكي تسيبيني؟!" اخبرها متصنعاً الحزن لتزفر هي في حنق ثم توجهت لتغادره
"متتأخرش يا بدر الدين" صاحت وهي تمسك بمقبض الباب وتتوجه خارجاً لينهض هو وهو يحاول ازاحة النوم عن وجهه ليتمتم
"أنا قولت ماخلفش احسن محدش سمع كلامي"
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
اقترب منها محاوطًا خصرها بكلتا يداه ثم دفن وجهه بعنقها لتبتسم هي على أفعاله التي لن تتغير أبداً ثم التفتت له وتوسعت ابتسامتها لتخبره بنبرة جادة
"يعني لو حد شافنا دلوقتي يقول علينا ايه؟ مراهقين؟!"
"محدش ليه دعوة بينا.. اتنين متجوزين وبيحبوا بعض.." تبادلا النظرات لبرهة ثم قبلها بدر الدين على جبهتها
"طب اتفضل روح رص الأطباق دي وبنتك أنا مش عارفة اصحيها وعندها جامعة.. روح اتصرف معاها"
"ماليش دعوة بيها.. خللي سليم بقا يروح يتصرف معاها" هز كتفاه ثم حاول أن يقبلها ولكنها نجحت بالإفلات منه
"بدر بطل بقا هزار.. مش وقته بجد" صاحت في تآفف وأكملت إحضار الفطور
"ماشي.. كلها ساعة والبيت هيفضى علينا وهتتفرتك يا جميل" هزت رأسها في إنكار لحديثه ثم أكملت ما تصنعه بينما توجه بدر الدين للأعلى حيث غرفة سيدرا ابنته.
"سيدرا.. روح بابي.. مش هانصحى بقا؟" ناداها بينما جلس بجانبها على سريرها لتلتفت للجانب الآخر من السرير بينما همهمت في امتعاض بنبرة ناعسة
"يالا يا سيدرا يا حبيبتي.. اصحي عشان تروحي الجامعة، هتتأخري كده على فكرة" ناداها مرة أخرى لتتمتم بنعاس
"معلش يا بابي سيبني شوية"
"سيدو حبيبتي مش عايزة تصحى ليه بقا؟" صاح سليم الذي دلف الغرفة بينما نظر له بدر الدين وكأنه وجد نجدته
"أيوة.. شيل بقا يا عم.. اتصرف أنا ماليش في الحوارات دي" أخبره بدر الدين ثم توجه خارجاً
"سيدو، هاتصحي ولا مش هاتصحي؟!" وقف سليم الذي وضع كلتا يداه بخصره وهو ينظر لها بعد أن أضاء أنوار الغرفة وازاح الستائر
"امشي بقا يا سليم وسيبني أنام!" صدح رنين هاتفها ولكنها لم تكترث ليقترب سليم ويتفقده
"ايه ده.. ده أدهم بيكلمك" تحدث في خبث لتفر هي ناهضة وموجات شعرها البني المبعثرة دفعته للضحك على مظهرها "ايه يا أدهم صباح الفل" تحدث سليم له بعد أن أجاب هاتفها وتوجه وكأنه سيغادر غرفتها لتلحق هي به وتناست ذلك النوم الذي ارادته بشدة منذ دقيقة واحدة
"هات الموبيل يا سليم وبطل سخافة" صاحت سيدرا التي تحاول أن تحصل على هاتفها من على أذنه بينما لم تستطع الحصول عليه لفرق الطول بينهما "يا رخم بقا هات" أخبرته بإمتعاض مرة أخرى
"طب ثانية يا أدهم" كتم الصوت بينما نظر لأخته "ايه؟ هتموتي كده وتكلميه؟ ما أنتو في الجامعة كل يوم ما بعض!" تفقدها بنظرة جدية وهو يخفي ضحكته بتلك الملامح الصارمة التي رسمها على وجهه بينما ارتبكت هي "ايه المهم اوي اللي يخليكي هتموتي وتكلميه؟!"
"ايه؟!" حمحمت ثم ازداد توترها "ده.. ده.. أنا وهو وأسما كنا هنروح النهاردة نـ.. نعمل shopping وبعدين طنط شاهي قالتلي اجي اتغدى عندهم، فكنا عايزين نتفق يعني.." اجابته وهي تدعو بداخلها ألا يرتاب بشيء
"ممم.. طنط شاهي!! طب ابقي سلميلي عليها.. ويالا بسرعة علشان تلحقي تروحي كليتك.. سلام" ودعها ثم قبل جبينها وأعطى لها هاتفها بينما توجه خارج الغرفة ليضحك متمتما
"عيال هبلة وربنا!"
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
"صباح الخير يا نوري.. صباح الخير يا بدر"صاح سليم بنبرته التي خرجت من فمه الممتلئ وهو على عجلة من أمره
"مش قولنا هنبطل نوري دي وأنا بس اللي أقولها" تمتم بدر الدين منزعجاً
"ما تسيبه يا بدر براحته بقا.. صباح الخير يا عيون نوري.. مش هتفطر ولا ايه؟ على الواقف النهاردة؟!" ابتسمت له بطيبتها المعهودة
"يادوبك الحق لحسن عندي Meeting مهم اوي"
"ايه!! ابن الدمنهوري مش كده؟!" أومأ له سليم "طيب خد بالك كويس ولو عايزني في اي وقت كلمني"
"خير متقلقش.. هو جاي يتكلم في شغل.. أهلا وسهلا يعني، أكتر من كده ملهوش حاجة عندنا" تعجبت نورسين بداخلها من تلك الكلمات ولكنها ستعرف لاحقاً من بدر الدين لذا أسرت الكلمات بداخلها ولم ترد أن تبدأ بالحديث الآن
"سيدرا محدش فيكو عرف يصحيها؟!" تسائلت نورسين
"لا زمانها نازلة اهى، بتجهز وهتنزل على طول" اجابها سليم الذي شرع في المغادرة "يالا سلام، أنا احتمال اتغدى مع إياد متستنونيش، وسيدرا عند طنط شاهي" صاح وهو يتجه للخارج
"شوفتي.. البيت كله هيكون لينا النهاردة" غمز لها بدر الدين هامساً بينما نظرت له بتحفز
"مين ابن الدمنهوري؟ وفيه ايه اللي بيحصل؟ حسيت شكلك قلقان" تفقدته بزرقاويتيها في جدية
"ابن أخو كريم الحيوان اللي كان متجوز هديل! وأخوه كرم الدمنهوري" تحولت ملامحه للجدية هو الآخر لتزفر نورسين في ضيق
"ودول عايزين مننا ايه؟!"
"معرفش.. فجأة بقى عندهم شركة مباني كبيرة من كام سنة كده وبيقولوا عندهم كذا compound وعايزين يمضوا عقد معانا، بس أنا مش مطمن.. حاسس إن الموضوع ده وراه حاجة" تحدث بجدية بينما توقف عن تناول الطعام
"حاجة زي ايه يعني؟ ممكن مثلا يكون كريم جي معاهم؟" سألته بتلقائية شديدة لجهلها بما حلّ بكريم
"استحالة يجي معاهم" اجابها بإقتضاب ثم شرد بسوداوتيه بكل ما فعله بكريم من قبل
"اشمعنى يعني بتقول كده؟!" ضيقت ما بين حاجبيها ونظرت له في تساؤل
"علشان أنا هددته وماسك عليه حاجات كتير، استحالة يفكر يواجهني أبدا" تبدلت نبرته لتُصبح أكثر قتامة بينما ودّ أن ينهي ذلك الحديث معها "ما تندهي سيدرا علشان تلحق تفطر!"
"ماشي يا بدر!! بتحور عليا! والله لأعرف" صرخت بداخلها بينما ابتسمت له "حاضر يا حبيبي" توجهت لتستدعي سيدرا وبداخلها صممت أن تعرف كل ما يُفكر به بدر الدين لاحقًا!
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
"أنا مش فاهم أنت ليه مصمم متجيش؟ مش بعد ما تكون أنت صاحب الفكرة تجبرني إني اروح.. أنا أصلا مش فارق معايا عمي ده اللي طول حياتنا منعرفش عنه حاجة!" تحدث شهاب بعنجهيته الدائمة التي لم تفارقه أبدا وعبست ملامحه الحادة في ضيق مبالغ به
"يا ابني أنا خلاص كبرت، أنا بس كل اللي عايز أعرفه أخويا راح فين السنين دي كلها" تحدث كرم الدمنهوري بنبرة تحمل القلق
"يعني أنت مستنيني بعد العمر ده كله إن أنا اجي وادور عليه؟ ما يولع بجاز واحنا مالنا؟ وبعدين ندخل مع ولاد الخولي دول في شغل وحوارات وهباب، ايه لازمة كل ده أنا مش فاهم!"
"معلش يا ابني عشان خاطري اسمع الكلام ومتقاوحش معايا، أنا عمري ما طلبت منك حاجة أبدا يا شهاب، وبعدين مراته أنا حاولت اتفاهم معاها أكتر من مرة بس شكلها كده مش سهل، حاول مع ولاد عمك يمكن تعرف منهم" تآفف شهاب ثم تفحص والده بعينتاه البنيتان التي شابهتا عينا الصقر
"ماشي.. طيب.. بس أول ما اعرف راح فين أنا مش هاشتغل مع الناس دي وهافسخ العقود، ده لو وصلنا يعني لمرحلة العقود معاهم" امتعضت ملامحة وبصق الحروف من أطراف شفتاه وكأنما يتحدث عن شيء مقزز ثم شرد في الفراغ.
"ليه يا ابني دول ناس كويسة وليهم سمعتهم ومعروفين من زمان، أنا صحيح مش هدفي الأول الشغل بس برضو الناس دي ليها اسمها في المجال"
"مش أنت عايزني أنا اشيل الليلة، سيبني اتصرف بقا" اجابه بإقتضاب دون إبداء أسباب حقيقية ثم توجه للخارج في منتهى الحنق ثم غادر الشركة وشرع في قيادة سيارته وهو يتحدث بالهاتف.
"أنت فين؟" تحدث شهاب سائلا بهاتفه إلي وليد
"كالعادة يعني في النادي بفطر"
"طيب معاك حد؟"
"البت اللزجة اللي اسمها ميرال دي نازلة على دماغي هري عنك.. شهاب فين، طب ما تكلمه، طب هيجي امتى، تعالى حوشها عن دماغي"
"ماشي.. انا ربعاية وهبقى عندك" أنهى المكالمة وبداخله يشعر بالحقد الشديد وهو يحاول تهدئة نفسه بأي طريقة قبل ذلك الإجتماع المزعوم!
ظل يقود سيارته إلي ذلك المجمع الرياضي الذي لا ينتسب إليه سوى صفوة المجتمع، لا يستطيع الهدوء بتاتا، هناك شيئا بداخله لا يستطيع قبول أنه سيواجه تلك العائلة بأكملها، سمعتهم معروفة منذ زمن، مستواهم يعرفه الجميع حتى هو، هو من يحاول بشتى الطرق أن يبتعد عن مثل هؤلاء الأشخاص بحياته دائما بينما حكم عليه والده أن يواجههم بمثل هذه الطريقة بل ووحده تماما حتى دون وجوده!
صف سيارته وهو يتن*د موصدا عيناه ليُذكر نفسه أنه مثلهم الآن وليس هناك ما يستدعي ذلك الشيء الذي لطالما حاربه لسنوات، هو رجل الأعمال الناجح الذي يمتلك الكثير وليس هناك ما قد يعكر صفو حياته الحالية، لا تلك العائلة ولا غيرها..
توجه للداخل وأخذ يبحث بعيناه عن وليد وتلك الفتاة ميرال فهو لم يخطر على باله من قبل أي علاقة بينه وبينها ولكنها تبدو اليوم أنها أتت له في مزاج مناسب للغاية حتى يسمح لها بالإقتراب منه!
جلس على الكرسي أمام كل من وليد وميرال وصمم بداخله أن اليوم لن يمر دون أن يخرج كل ما بداخله من كبت شديد على تلك الفتاة، هي تريده إذن بنظراتها التي تنهال منها لوعتها لرؤيته ويبدو الإشتياق قد بلغ منها منتهاه، تسأل عنه وتنتظره كل صباح هنا، حسنا.. هو لها اليوم!
"شهاب.. عامل ايه؟ كده برضو متجيش الأيام دي كلها؟" صاحت بنبرة مزقها الشوق وتفحصته بنظراتها المتلهفة
"كنت مشغول" اجابها دون أن ينظر إليها وتصنع الإنشغال بينما بدأ يجوب ببنيتاه المكان بحثا عن النادل
"لو سمحت" صاح برسمية شديدة ليأتي له النادل مهرولا وبدأ بالإبتسام بداخله على تلك الخُطة التي سيشرع بتنفيذها
"عايز فطار.. اومليت بالزيتون وجريب فروت، او ممكن mashed potatoes with cheese، أو بص هاتلي Pan a la Catalana و orange Juice وPlain omelette وبعدهم قهوة سادة" أخبره بكل ذلك بسرعة شديدة وهو قد تأكد أن النادل لم يستطع تدوين كل ما تفوه به من سرعته في إملاء الطلب عليه ثم أخبره مجددا بهدوء
"شكرا.. تقدر تروح أنت"
أمسك بهاتفه وتظاهر بالإنشغال الشديد بينما تعجب وليد لطريقته تلك، فهو ليس ذلك الشخص الذي يطلب تناول تلك الأشياء ولطالما عرف شهاب ما يريده جيدا وليس من عادته التردد أما ميرال فظلت تنظر له تلك النظرات التي لا تعبر سوى عن الوله الشديد تجاهه بينما تظاهر هو بعدم الإكتراث ثم نهض وتظاهر بأنه انشغل بمكالمة هامة ووليد لا يريد أن يتحدث له إلا عند الإنفراد به تماما.
لاحظ أن النادل قد أحضر فطوره فأنهى المكالمة وجلس مجددا بينما نظر مليا إلي ما يضعه النادل في إستغراب ليعقد حاجباه ولكن دون إنفعال مبالغ به ثم أخبره
"بس مش ده اللي أنا طلبته"
"حضرتك.. أنا آسف.. لو حابب نعيد الـ Order مفيش مشكلة يا فندم"
"أنت ايه الطريقة اللي بتتكلم بيها دي؟ واحنا هنستناك عشان نعيد الـ Order.. امشي روح اندهلي الـ manager" صرخت به ميرال
"بس يا فندم أنـ.."
"وكمان ليك عين ترد عليا وأنت حتة جرسون لا روحت ولا جيت؟ أنت متعرفش أنا بنت مين ولا اتعميت عشـ.."
"ميرال!" صاح بمنتهى الهدوء المبالغ به ليقاطع مقاطعتها للنادل
"خلاص الموضوع خلص!" تحدث بهدوء هائل مضيفًا لتتطرق رأسها لأحد الجوانب وتوسعت عيناها في غير تصديق لما يخبرها به
"لأ ازاي كده هو مش عارف إنـ..." لم يتحدث ولكنه أوقفها بتلك النظرة الحادة الصارمة التي لا تقبل النقاش بينما نظر للنادل الذي شعر بأنه يتمالك غضبه بعد تلك الإهانة اللاذعة التي تلقاها من ميرال
"خلاص روح حصل خير" أخبره ثم بدأ في تناول طعامه وهو بداخله قد وصل لتلك النقطة التي كان يريد أن يصل إليها منذ أن أتى ويعلم جيدا أنها ستبدأ الآن بما سيوقعها فيما لا تتوقعه أبدا
"ازاي كده يا شهاب تسيبه وتقوله حصل خير و.."
"قولت.. حصل.. خير" نظر لها نظرة جانبية بطرف عينيه تعجبت لها كثيرا ولوهلة ظنت بداخلها أنه لو كاد أن يقتلها لما رمقها بتلك الطريقة البشعة وما استفزها أكثر هو نطقه لجملته بمنتهى الهدوء والزجر لها بل وتريثه بين كل كلمة والتي تليها جعلها تتعجب لأسلوبه هذا!
"طيب، أنا لازم اقوم دلوقتي عشان عندي معاد" نظر له وليد نظرة فهم شهاب جيداً ما خلفها ليومأ له
"سلام يا ميرال" ابتسمت له بإقتضاب ثم أعادت نظرها لشهاب وفجأة أمسكت بيده
"وحشتني اوي، ليه مفكرتش تكلمني ولو لمرة واحدة بس الأيام اللي فاتت دي؟" نظرت له بأعين متوسلة للقليل من المشاعر علها تظهر عليه
"قولت كنت مشغول" اجابها ببرود وهو يُكمل طعامه
"طب مهنش عليك مرة بس تسأل عليا؟ وبعدين مالك كده زي ما تكون زعلان مني او متضايق؟" حدثته بدلال بينما تشجعت لتقترب منه بينما رمقها بإنزعاج
"بقولك ايه، أنا ورايا اجتماع مهم اوي، وهامشي دلوقتي علشان مش فاضي.. تعاليلي بليل، هبعتلك العنوان" جذب يده بعيدا عن يدها ثم جفف فمه بأحدى المحارم على المائدة ثم وضعها ونهض لتتهلل هي ملامحها
"يعني هنسهر النهاردة سوا؟" ابتسمت بينما رفعت رأسها لتنظر له وهو يجمع أشياءه بعد أن نهض
"آه.. سلام" اجابها ببرود ثم دلف المطعم وهو يبحث بعيناه عن ذلك النادل الذي أخذ طلبه منذ قليل وتوجه نحوه ليرى التوتر بدأ أن يرتسم على ملامح الرجل
"ياريت متضايقش من اللي حصل، والأكل كان تمام على فكرة وطعمه حلو" أخرج من جيبه حفنة أوراق مالية قد تعادل قرب راتبه الشهري
"حصل خير" ابتسم له بإقتضاب ثم توجه مغادرًا لحضور الإجتماع بشركات الخولي!
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
"صحصحوله كويس أوي، واحد زي ده ميتأمنلوش!! فاهمين ولا لأ؟!" أومأ عاصم وكذلك أروى بينما أنضم لهما كلا من سيف وإياد
"يصحصحوا لمين يا ماما، النكد على ايه النهاردة؟!" تسائل اياد بينما منع سيف نفسه من الضحك ونظر له بلوم وقليل من الزجر الطفيف
"صباح الخير يا ولاد.. صباح الخير يا حبيبتي"
قبّل هديل على جبينها بينما جلس مكانه وذلك فعل إياد ثم هبط كلا من شاهندة وابنتها أسما ليتبادل الجميع الصباح بينما حاول إياد بصعوبة ألا يشرد بأسما فهو يُدرك جيداً إن فعلها سيلاحظه الجميع وخاصةً والدته وأخته أروى وهو لا يريد أن يعلم أحد الآن عن مشاعره تجاهها.
"ايه شغل بدري النهاردة ولا ايه؟!" تحدثت شاهندة التي جلست لتتناول الطعام وبجانبها ابنتها التي انشغلت بتفقد شيئا ما على هاتفها
"آه يا طنط، عندنا إجتماع مع شهاب ووالده كرم الدمنهوري"
اجابها إياد الذي أراد أي موضوع يجذب أنتباهه عن أسما بينما عقدت شاهندة حاجبيها عندما علمت جيدا من يتحدث عنه ابن اختها ثم نظرت لهديل التي تن*دت لها ورفعت كتفيها ثم اخفضتهما وكأنها لا تعلم ماهية الأمر
"مين أصلا وافق إنهم يشتغلوا معانا؟!" نظرت لكلا من هديل وسيف
"سليم يا طنط هو اللي قرر يعني.." اجابت أروى بضيق "كالعادة.." أضافت كلمتها الأخيرة بحنق اتضح على ملامحها بينما هز إياد رأسه في إنكار لتصرف أخته غير اللائق
"ما هو يعني مش هيعاديه من الباب للطاق.. أكيد سليم شايف إن دي حاجة كويسة"
"ليه يعني ما أنا مكنتش موافق! ليه بردو مصمم على موضوع عمنا ده، مالوش اي لازمة أصلا" صاح عاصم في إنزعاج غلف ملامحه
"ولا يعني مش شايف إني مدير تنفيذي وليا كلمتي"
"وسليم هو اللي في مكان رئيس الشركة و.."
"خلاص يا ولاد اهدوا حصل خير" تدخلت شاهندة لتقاطع عراكهما لينظر كلا منهما للآخر بحقد بينما نهض عاصم في عصبية
"أروى هتيجي معايا ولا هتروحي مع إياد؟!"
"لا جاية معاك اهو.. باي يا جماعة" غادرا سويا وهما يتمتمان بشيء بينما أوقفهما سيف الدين والدهما ونهض خلفهما
"خدوا بالكوا من بعض يا ولاد، وميصحش يا عاصم اللي أنت بتعمله ده.. أنت يا حبيبي أسلوبك وعصبيتك دي حتى لو معاك الحق بتضيعوا، وأنتي يا أروى يا حبيبتي هدي أخوكي شوية ومينفعش تردوا على أخوكوا الكبير كده"
"يعني يا بابا السنة دي هي اللي هتفرق؟" نطق عاصم في غضب
"معلش يا حبيبي مينفعش كنت تكلمه كده قدام خالتك وبنتها بردو.. وأنتي يا اروى يا بنتي بطلي ترمي كلام من تحت لتحت أسلوبك ده غلط يا حبيبتي، أنا بجد نفسي أشوفكوا في احسن حال، بلاش الأسلوب ده أرجوكم.."
أقترب ليعانق أروى التي تن*دت في ضيق بالرغم من أنها تعشق والدها ولكنها لا تقبل تحكم سليم الزائد عن الحد في كل شيء كما عانق عاصم كذلك بعد أن فرغ من أروى ثم همس بأذنه
"حاول تكبر يا عاصم في أسلوبك وتفكيرك يا حبيبي وبص لقدام وبطل تبص تحت رجليك"
"يالا روحوا على الشركة وأنا هاجي وراكوا، هاسلم بس على مامتكوا وهاحصلكوا على طول" ابتسم لكليهما بعذوبة ليبادله كلاً منهما الإبتسامة وأومأ كلاهما له ثم تركاه وغادرا للخارج.
أقترب من إياد ثم جلس بالقرب منه وبدأ بالهمس له لتتفحصهما هديل بعيناها وهي بداخلها تود أن تستمع لما يدور بينهما
"معلش يا إياد على اللي بيعمله عاصم وأروى، أنت الكبير، عديها يا حبيبي" أخبره ثم وضع يده على كتفه في حنان أبوي
"خلاص يا بابا مفيش حاجة حصلت" هز رأسه بينما نظر لأسما التي نهضت في إنزعاج ثم ذهبت لتقف بجانب الدرج وصاحت
"أدهم لو منزلتش حالا أنا هاروح الجامعة من غيرك.. كفاية كده تأخير"
"ركز معايا يا ابني" نظر سيف الدين للحظة نحو أسما لينتبه إياد
"أنا معاك اهو يا بابا فيه ايه بس؟" أعاد نظره لسيف ليبتسم له وسيف بداخله يعلم مسبقاً بإعجاب إياد بإبنة خالته أسما.
"ماشي ماشي.. هنقول إنك كنت معايا، بص عايزك تهدي الدنيا خالص لغاية ما الإجتماع ده يعدي على خير، وبعدين أنت كبير أخواتك، عايزك دايماً تساعدهم يقربوا من بعض وبلاش شغل الأحزاب ده.. اتفقنا؟!"
"حاضر يا بابا، هو بس عاصم كل شوية يعترض على اللي بيعمله سليم و.."
"أنا فاهم" قاطعه والده بإبتسامة حنونة "بس بردو خليك أنت العاقل الكبير وحاول تفهمه إن سليم فاهم هو بيعمل ايه، خلاص؟!"
"حاضر" أومأ له إياد في تفهم
"يالا يا حبيبي عشان منتأخرش.. روح أنت وأنا جاي وراك، هقول بس لهديل حاجة وهحصلك على طول"
"طيب.. يالا سلام"
"سلام يا حبيبي"
"خدني معاك يا إياد لحسن مش قادرة أسوق والسواق بتاعنا واخد اجازة" تحدثت شاهندة إلي إياد عندما رآته ينهض من على المائدة ويستعد للمغادرة
"يا سلام.. ده أنا حظي من السما إن طنط شاهي هتنورني النهاردة في العربية"
"يا واد يا بكاش.. يالا بينا.. قهوتي عليك النهاردة"
أخبرته شاهندة ثم اقتربت منه لتشابك ذراعها بذراع إياد الذي قدمه لها وتوجها للخارج يتمازحان بينما هزت هديل رأسها في سخرية خلفهما ليتن*د سيف الدين من أفعالها
"ايه يا هدولة يا حبيبتي.. ما تهدي الدنيا كده يا جميل.. الولاد كبروا ومينفعش تسبيهم كده" أخبرها بعد أن توجه وأمسك بيدها
"يعني أنت عجباك عمايل إياد دي؟ ماشي في ضل سليم كده وناسي خالص إنه ليه حق زي زيه.. يا سيف يا حبيبي ولادي ليهم حق زي سليم بالظبط" حدثته بنبرة منزعجة بينما نظرت لعيناه لتلين ملامح سيف الدين بإبتسامة
"إياد ولد كويس وذكي وهادي، إنما عاصم دايما متسرع ومندفع وبيعمل اللي بيهب في دماغه، أنا برضو اللي هاعرفك يعني يا دودو؟! أكيد مش هيوافق سليم إلا لو كان القرار صح"
"لا يا سيف.. سليم بقا فاكر نفسه صاحب كل حاجة والآمر الناهي و.."
"ما انتي عارفة إن دي مش تربية سليم.. مينفعش تقولي كده يا هديل على ابن اخوكي" قاطعها بقليل من اللوم بنبرته ليتابع مضيفًا
"حبيبتي الولاد كبروا، دايماً قربيهم من بعض، وحتى لو سليم بيتدخل بس كلنا عارفين إنه شاطر وبيحب ولادنا واستحالة يرضالهم بحاجة وحشة.. اعتبريه ابنك واحضنيه زي ولادك، وبعدين أنا عارف إن لو فيه حد هيتحكم زيادة عن اللزوم أنتي مش هاتسبيه، بس لازم متسكتيش كده على خناق الولاد.. قربيهم من بعض ده احنا ملناش غيرهم، وبعدين يا عالم احنا هنعيش قد ايه علشان نشوفهم بيكبروا قدامنا"
"جرا ايه يا سيف مالك؟ ايه جو الوصايا العشرة ده؟" ضيقت ما بين حاجبيها ونظرت له تتفحصه بقلق
"ولا وصايا ولا حاجة.. خدي بس بالك منهم ومن نفسك.. وحاولي تقربي من إياد شوية.. وكمان زينة متنسيهاش.. أنا هاقوم اهو اكلمها هي وآسر.. سلام يا حبيبتي"
قبّل جبينها ثم توجه للخارج وأمسك بهاتفه ليحدث كلا من آسر وزينة ولا يدري لماذا تمنى وجودهما اليوم بجانبه دونا عن سائر الأيام السابقة وشعر بإشتياق جارف إليهما بينما توجهت هديل لتشرف على تحضير الطعام لوالدتها التي لم تعد تستطع مغادرة الفراش إلا بصعوبة.
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
جلس الجميع حول طاولة الإجتماعات العملاقة، سليم وإياد وأروى وعاصم وشاهندة وانتظر الجميع سيف الدين بينما غاب حمزة الذي قد سافر ليتفقد احدى المشروعات بواحدة من المحافظات وقد غلف الصمت المكان بينما أخذ شهاب يتفرسهم ببنيتاه وهو يحاول فهم شخصية كلا من هؤلاء الجالسون أمامه حتى يستطيع تحليل شخصياتهم فيما بعد..
"يا ترى كرم بيه منورناش ليه؟!" تكلم سليم في تساؤل الذي نظر لشهاب يتفرسه بعيناه هو الآخر
"مشغول.. بس عموما أنا معايا كل التوكيلات" اجابه بإقتضاب وبنبرة هادئة للغاية بينما حول عيناه لأروى
"ويا ترى احنا مستنين ايه علشان نبدأ؟!"
"مستنين مهندس سيف الدين رئيس العمليات"
اجابه سليم بتلك النظرة التي تجبره على مبادلته النظر وكأنما يزجره عن نظرته لأروى بينما جملته تلك قاطعت ما ود عاصم أن يقوله لترتسم ملامح الإنزعاج على وجهه لشعوره بتفوق سليم الدائم عليه
"طب ما أنا معايا الـ CEO والـ Executive Director، ايه لازمتها الباقين؟"
تسائل بهدوء لاذع بينما لم يعجب الجميع تلك النبرة التي يتحدث بها شهاب وكأنه يخبرهم أنه ليس هناك داعٍ لحضورهم
"آه.. علشان ورثة يعني.. لازم تتجمعوا مش كده؟! معلش نسيت"
ابتسم ابتسامة جانبية ولكنها كانت تنم عن السخرية أكثر من مجرد ابتسامة بينما سحق سليم أسنانه ولم يعجبه أسلوب شهاب بالحديث وهمس إياد بأذنه شيئاً لم يتبينه شهاب
"لا اتفضل ابتدي، اي حد من اللي قاعد هنا اعتبره صاحب شركة و.." لم يُكمل سليم جملته ليقاطعه تلك الطرقات على الباب ليصيح إياد
"ادخل"
"الحقوا.. بشمهندس سيف عمل حادثة جامدة اوي تحت والعربية اتقلبت بيه واحنا كلمنا الإسعاف"
صاحت واحدة من الموظفات ليقم الجميع ينهضون بهرجلة يتسابقون على الخروج بين همسات من عدم التصديق وصياح أروى المتلهف بينما تريث سليم الذي نظر لشهاب نظرات لا تنم سوى عن عدم القبول والإنزعاج
"بعتذرلك.. الإجتماع أتأجل وهتتبلغ بمعاده الجديد.. مع السلامة يا Mr شهاب"
أخبره ثم لحق بأولاد عمته وعمته شاهندة وترك شهاب خلفه الذي شعر بقمة الإستهزاء لشخصه وتركه هكذا وحده بالغرفة دون أي إكتراث يذكر.
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
في ألمانيا.. برلين بالتحديد، وقفت تلك الفتاة ذات الثلاثة وعشرون عاما التي قررت فجأة أن تبتعد عن الجميع بيوم إجازتها ونظرت لنهر شبريه ببرلين ثم أخرجت دفترها الأ**د تجتذبه بتلك الأصابع التي أطليت باللون الأ**د من احدى جيوبها وأخذت تخط بقلمها به..
"ها أنا.. أجلس بين أشخاص لا أعرفهم.. أعانق وحدتي.. أحبها وأعشقها.. لا زلت لا أجد إجابة لذلك السؤال الذي لطالما جعلني أحيا في حيرة من أمري.. ذلك السؤال الذي قد أكل ثنايا عقلي لسنوات.. من أنا؟ أأنا تلك الشخصية الضعيفة؟ هل أنا تلك المسيطرة التي تكره القيود؟ هل أنا مسالمة أم أتلذذ بالعراك؟ متمردة أم أتقبل الآوامر وكأنني أنتظر من يوجهني؟
هل سئمت دنيتك وحياتك يوما مثلي وأنت تبحث عن إجابة لسؤالٍ بسيط، كلمتان ليس لهما ثالث! خمسة أحرف بددتني خوفًا وحيرة بل وملئتني عنادًا وتمردًا ووعيًا.. من أنا؟
أأنا تلك الصغيرة التي تود أن تقطع تلك المسافات لأرتمي بعناق من أحبهم حتى يرشدونني، أم أنا تلك اليافعة اليقظة الواعية لكل قرارٍ وكل تصرف؟
لقد أكتظت تلك الأوراق بدفتري الذي سابقه العديد من الدفاتر التي لا يعلم عنها أحد.. ولا زال السؤال يتكرر بكل ورقة، ستجده بين طيات السطور، حبر قلمي يرسمه بتلك الأحرف الخمسة كل يوم.. من أنا؟ من أنا؟ من أنا؟!
ابتسامتي المشرقة، وملامحي ال**بسة.. تلك الحقوق التي لا أنفك أدافع عنها كمحامية ثبورة.. وحالة اللامبالاة التي تتخلنني عندما أغادر متحدثة بعقلي "وما شأني أنا!".. من أنا حقًا؟
ها أنا الفارس المغوار بساحة القتال! لا تسخر من سيفي الذي سيباغتك لتلقي حتفك في ثوانٍ! لا تتهكم بوحدتي بتلك البرودة بشهر مارس فأنت لم تراني بعد وأنا ألتقط أنفاسي بصعوبة بين ضحكاتي مع أصدقائي وعائلتي..
لا تنظر لي هكذا حتى لا أتركك، فتلك النظرة بعيناك أيها الغريب قد تجعلني أغادرك دون أن أنهي قصة حياتي البائسة التي أمتلئت بالضحكات والأفراح، أنت تجعلني أشعر أنك لا تريدني أن أمكث معك أيها الدفتر الأسود.. فلتدع لي فرصة حتى أُكمل!
أوتعلم يا ذا السطور التي لا تُشبع حاجتي من أنا؟ أنا من لم يخلق بعد من ي**رني، من يُملي علي آوامر لا تنتهي، أنا ذات الكبرياء اللاذع الذي جعلني أخسر الكثير ولكنه يسري بدمائي، أنا من لا أكترث بوجودك أو عدمك، أنا أفعل ذلك بالبشر، أتظن أنني سأكترث لك؟ أجلس معي رغما عن أنفك حتى أنتهي منك أولا!!
ألم تعرف بعد من أنا؟ أنا التي سهرت ليالٍ طويلة أكتب بدموعي قبل قلمي تلك الحروف بك وأرسمها على سطورك بإتقان، ولكن أتعلم أنني أستطيع أن ألقيك هنا بنهر شبريه حتى أتخلص من تلك السطور الفارغة التي تنظر لي بها!! أنا قد أقتلع قلبي بيدي إذا آلمني أكثر من اللازم، كما أن حياتي لن تتوقف عليك إذا كنت مصراً أن ترمقني بتلك النظرات المفجعة!!
فألزم حركة أوراقك بين يدي ولا تدع تلك النسمات تقلب أوراقك فأنا لن أتركك قبل أن أنتهي منك!!
عزيزي الغريب، مرافقي الوحيد في رحلتي الكئيبة، أنت يا ذو النظرات القاتلة الفارغة من صوت مسموع يخفف عني، ألن تجيب سؤالي؟ ألن تخبرني من أنا؟
لقد رأيت تلك القوة الضارية بداخلي وخارجي، ولقد لمست ضعفي كلما أقتربت من الإعجاب بذلك الرجل يوم الثلاثاء الماضي، لقد رأيتني وأنا أمرح مع أصدقائي أمس بعطلة نهاية الأسبوع ولكن لما أنا الآن أعتذرت لهم وفضلت البقاء بجانبك هنا، ألا يُخبرك ذلك شيئاً عني، ألم تستطع معرفة من أنا؟
أنا لا أكترث أن يرى الناس تلك العبارات بقلمي وخطي، أكره الإختباء، كما أنني أريد التدثر بتلك الأوراق علّها تصرخ بي ولو مرة واحدة حتى تخبرني من أنا!
يكفي لقد أُرهقت اليوم منك ومني.. لتنتبه فنحن على موعد معاً غداً.. لربما سنعرف سوياً من أنا!!"
أوصدت دفترها الأ**د الذي ظنت أنه يشابه قلبها ثم وضعت القلم واياه باحدى جيبي معطفها الأ**د الضخم الذي لم يكن ثقيلا للغاية طبقا للجو الربيعي ذو تلك الرقعات التي **ت أسفلها ببضع قماشات رمادية اللون وجذبت من جيبها الآخر قداحتها وعلبة سجائرها ثم أشعلت واحدة منها ونفثت دخانها بأنوثة طاغية وهي تعيد العلبة والقداحة لجيبها ..
تركت تلك النسمات تتخلل شعرها الذي لطالما حافظت على تقصيره قبل كتفيها بقليل وتلوينه بالسواد القاتم وأطبقت جفنيها لتداري تلك الزرقاواتان وهي تتمنى بداخلها أن تنتهي من ذلك التضاد والتشرد النفسي بداخلها وهذان الجانبان اللذان يجذباها في آن واحد لليمين والآخر لليسار لتسمع هاتفها يصدح بالرنين لترى أسم والدتها فعقدت حاجبيها في امتعاض وهي تظن أنها ستفتعل معها عراك جديد ولكنها لم تعد تخشى مواجهتها بعد الآن!
"آلو!" همست بنبرة حازمة
"أيوة يا زينة.. تعالي على أول طيارة.. سيف مات!"
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
يُتبع . . .