#منزل_الشيطان
حين تجد انك ستفقد من تحب ستحارب بكل قوتك حتي لو كان الموت هو العدو
#الفصل_الاول
.
خيم ظلام ليلة 29 فبراير واستعد حسن وأميرة للسفر بسيارتهم النيسان الجديدة التي اشتراها حسن بالتقسيط , ارتدوا ملابس ثقيلة وارتدت أميرة قبعة غطت شعرها حتى اذنيها ودلفت إلي السيارة مسرعة وهي تمسك في يدها كوب من القهوة الدافئة , انطلقوا نحو الاسكندرية بعد ان حجز حسن ليلة واحدة في فندق كبير هكذا اعتادوا ان يحتفلوا بعيد زواجهم في مكان مختلف كل عام , اشتدت الامطار ودوى الرعد كأنه يصرخ محذراً اياهم , لم يكن حسن مرتاح بسبب التحذيرات التي تذاع باستمرار في الراديو عن خطورة القيادة في هذا الجو لكنه تماسك حتى لا تشعر أميرة بالذعر .
كانوا في الطريق الزراعي ولا يوجد حولهم سيارات أخرى نظر حسن إلي أميرة فوجدها نائمة فهمس بصوت خافت مليء بالغضب والتهكم
حسن : نايمة انتي ولا علي بالك وسيباني انا في الحوسة دي
أميرة : سمعتك !!
ابتلع حسن ريقه واردف مسرعاً
حسن : ياحبيبتي انا بهزر معاكي عشان اشوفك بس صاحية ولا نايمة
أميرة : انا صاحية بس مغمضة عينيا .. ركز في الطريق احسن وياريت تواطي صوت الراديو شوية او تشغل موسيقى هادية
حسن : اي طلبات تاني يا فندم ؟؟
بتهكم وهي تعود بمقعدها للخلف لكي تأخذ راحتها أكثر
أميرة : شكراً يا حبيبي
تن*د حسن وهو ينظر حوله ولا يستطيع الرؤية بوضوح
حسن : مين مجنون اصلا يسوق في جو زي دا
أميرة : انت ياروحي
ضحك حسن رغماً عنه ونظر إليها وهي نائمة غير مبالية بالطريق ولا بالسيارة التي ترقص يمين ويسار بسبب الامطار الغزيرة والتي سببت برك مياه كبيرة علي الطريق , لاح البرق منيراً الطريق أمام حسن , شعر حسن بالخوف من البرق لكنه لا يستطيع علي كل الاحوال التراجع او التوقف , كان الطريق كلما تقدم به ازداد ظلمة ولم تعد مصابيح السيارة قادرة علي كشف الطريق لحسن وهذا ما اربكه اكثر .
ازداد صراخ البرق واصبح مرعب يهز القلوب حتى ان أميرة لم تعد تستطيع ان تتجاهل الامر وتتصنع النوم حتى لا تتوتر أكثر نهضت ونظرت حولها فلم ترى الطريق لا شيء سوى صوت الامطار وهزيم الرعد المرعب و ومضات البرق الخاطفة , لم يعد يعرف حسن اين هو كل ما كان يعرفه هو ان يسيطر علي السيارة وان لا يدعها تنقلب بهم , كانت أميرة ترتجف من الذعر والهلع وامسكت بملابس حسن وهي تصرخ كلما اهتزت السيارة او ترنحت لأقصى اليسار او اقصى اليمين , حدقت أميرة بعمق أمامها فوجدت بقعة نور تأتي من بعيد فأشارت لحسن إليها
أميرة : حسن في نور هناك
حسن : انا مبتحكمش في العربية !!
ابتعلت أميرة ريقها بعد جملة حسن وتصلبت في مكانها كأنها تنتظر الموت القادم نحوهم , كانت بقعة الضوء تقترب وتتسع أكثر فأكثر حتى وصلا إلي مفترق طرق يميناً حيث بقعة الضواء ويسار حيث الظلام الدامس لم يأخذ حسن لحظة تفكير ووجه السيارة نحو اليمين إلي بقعة الضوء استمروا في الطريق فترة حتى أخذت السيارة تص*ر اصوات غير مطمئنة وتوقفت تماماً اضطرا ان ينزلا من السيارة , اخرجا هاتفيهم وحاولا الاتصال بأي شخص ينقذهم من هذا الموقف إلا ان الهواتف لا تلتقط اي شبكة , نظر حسن إلي محرك السيارة فلم يستطيع الرؤية جيداً فقررا ان يتركا السيارة ويتجها نحو الضوء عسى ان ينجدهم أحد يقطن هناك .
ابتلت ملابسهم وكان يشعران بالبرد بل ان أميرة كادت ان تتجمد حتى وصلا إلي بوابة حديدية كبيرة دفعها حسن بكلتا يديه حتى انفتحت عن اخرها , كان صوت صريرها مزعج ومرعب يقشعر له البدن وكأن الصدأ أكل منها ما أكل , تحرك الاثنان نحو قصر كبير ظهر لهم جلياً شامخاً , وقفا الاثنان يتأملان هذا القصر المهيب ت**يمه الفريد الذي ينتمي للقرن الثامن عشر والتماثيل الموضوعة في كل اركانه من الخارج كأنها تروي قصة مبهمة غامضة لكنها بدت مرعبة كلما انع** ضوء البرق واضاء المكان من حولهم , هناك مجموعة من التماثيل المحفورة في جدران القصر حاول حسن ان يدقق النظر بهم جيداً واستطاع بصعوبة ان يرى امرأة علي اليمين عارية الص*ر وعلي اليسار رجل عاري ايضاَ يمسكاً بأيدي بعضهم وينظرون لبعضهم بينما توسطهم شجرة صفصاف خرج منها رأس رجل ذو وجه مرعب له زيل يشبه عرائس البحر يلتف حول الشجرة بينما ينظر هذا الرجل ذو الوجه الب*ع إلي المرأة وهو يبتسم واسفلهم مجموعة من الاطفال يجلسون تحت اقادم الرجل والمرأة , لم يفهم شيء مما رأى وظن انها بالتأكيد مجموعة من التماثيل التي تحمل قيمة فنية دفينة لا يفهمها سوى المثقفين او النخبة .
صعد حين وأميرة الدرج المؤدي لباب القصر الخشبي احمر اللون مرصع بزخارف ومنقوشات جميلة ومتشابكة , قبل ان يطرق حسن الباب امسكت اميرة يده وهي متوترة
أميرة : حسن انا خايفة المكان دا شكله غريب اوي
حسن : معندناش حل تاني يا أميرة يمكن صاحب البيت يساعدنا
تركت أميرة يده حتى يتمكن من طرق الباب , طرق الباب عدة مرات ولم يفتح أحد
أميرة : الحمد لله .. مفيش حد يالا نرجع عند العربية
لم تنهي أميرة جملتها حتى انفتح الباب وهو يص*ر صريراً مزعجاً , ظهر الخادم من خلف الباب , كان رجل في الستين من عمره امتلأ وجهه بالتجاعيد , نظر إليهم ماليا دون ان يتفوه بكلمة فبادره حسن
حسن : احنا اسفين علي الازعاج بس عربيتنا عطلت في مكان قريب من القصر
قاطعه الخادم
الخادم : اتفضلوا
وافسح لهم الطريق للدخول , نظر حسن إلي أميرة مندهشاً من رد فعل الخادم لكنهم دخلوا
حسن : شكراً .. مش عايزين نسبب ازعاج لأصحاب المكان لو ممكن بس تتصل بحد يجي يصلح العربية وهانمشي علي طول
قاطعته هيام وهي تهبط من الدرج العلوي , هيام امرأة في منتصف الاربعين من عمرها جميلة للغاية شعرها بني مجدول في ضفائر رفيعة متخذة شكل قبعة بينما خصلات شعرها الامامية منسدلة علي وجهها ما زادها سحر وجمال متوسطة الطول ذات جسد ممتلئ قليلاً لكنه جذاب للغاية , كانت ترتدي فستان انيق لونه ازرق بدت فيه كأنها إحدى اميرات القصص الخيالية
هيام : اطمن مفيش ازعاج ولا حاجة .. بس مع الاسف التليفون عطلان
أميرة : طيب هانعمل ايه دلوقتي ؟
هيام : هاترتاحوا عندنا لحد ما العربية تتصلح والجو يتعدل .. خطر جدا تتحركوا في الجوا دا
نظر حسن إلي اميرة معاتباً إليها فامتعضت وهي تشعر بالإحراج , دقت الساعة معلنة عن تمام الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل
حسن : الوقت متأخر حضرتك متأكدة اننا مش مضايقنكوا ؟
هيام : ابداً احنا بنحب دايما يجلنا زوار
ابتسمت أميرة لها بود وهي تشعر بالامتنان لها علي انقذها لهم في هذا الموقف العصيب
هيام : اتفضلوا ارتاحوا لحد ما اطلب من الخدم يحضروا الاوضة اللي هاتناموا فيها
حسن : هو حضرتك عايشة هنا لوحدك ؟
فتح عزت باب مكتبه وخرج متجهاً نحو مص*ر الصوت , عزت رجل ارستقراطي اشيب الشعر في اوائل الخمسين من عمره وسيم ذو جاذبية شديدة طويل القامة عريض المنكبين له شارب كث ومميز كان يرتدي عوينات ويحمل في يده كتاب , نظر إليهم وقد ادرك ما يحدث من ملابس حسن وأميرة , نظرت إليه هيام وابتسمت وهي تقول
هيام : لا مش عايشة لوحدي .. اعرفكم بعزت جوزي
اومئ حسن برأسه يحيه وهو مبتسم
حسن : تشرفنا .. وشكرا علي استضاف*نا
ابتسم عزت وهو يقترب منهم ويتأملهم جيداً وبالأخص أميرة
عزت : العفو يا استاذ .... ؟؟
ادرك حسن انه لم يعرفهم علي نفسه
حسن : اه اسف نسيت اعرفكوا بينا .. انا حسن ودي أميرة مراتي
اشار عزت إلي الخادمة ان تجلب لهم شيء سخان ليشربوه ثم نظر إليهم بثبات
عزت : ارتاحوا دلوقتي وبعدين نكمل كلامنا
تركهم وعاد إلي مكتبه مرة أخرى بينما نظرت أميرة إليه بارتباك ثم حولت نظراتها إلي حسن الذي بدا مندهشاً من طريقة عزت الجافة , ضحكت هيام وهي تنظر إلي ملامحهم المرتبكة
هيام : تعالوا نقعد عند الدفاية جوه
تحركوا من البهو الواسع وبدأ ينظران حولهم متأملين هذا القصر الرائع المليء بالأثاث العتيق واللوحات التي تنتمي لعصور النهضة
أميرة : انا حاسة اننا في متحف
هيام : كل لوحة وكل قطعة من الد*كور والا**سوار هنا اصلية تقدري تعتبري نفسك في متحف فعلا .. بالمنسبة انا اسمي هيام
حسن : واو حقيقي مش متخيل اللي انا شايفه دا القصر تحفة فنية بجد
هيام : كل حاجة هنا جوزي ورثها عن اجداده من سنين طويلة جدا القصر اتبنى سنة 1879 وكان كل الاراضي اللي حوالينا دي مزارع ملك رستم باشا جد جد عزت , كان بيحب الفن ومهتم جدا باقتناء الاشياء النادرة
جلسوا أمام مدفئة مشتعل بها نيران كثيفة , اقتربت الخادمة ووضعت فنجانين من الشاي الساخن امامهم لفت انتباه أميرة شكل الفنجان وروعته أخذت الفنجان وبدأت ترتشف منه ببطء ثم نظرت خلف هيام فوجدت بعض اللوحات الزيتية المعلقة لها ولعزت واربع فتيات اخريات
أميرة : بناتك دول ؟
هيام : بناتي
أميرة : ربنا يخليهملك
ابتسمت هيام بود , اقتربت منهم خادمة في الثامنة عشر من عمرها ق**حة الوجه بشكل لافت للنظر
الخادمة : الغرفة جاهزة
هيام : اتفضلوا اطلعوا ناموا دلوقتي وبكرة الصبح نكمل كلامنا
صعد حسن وأميرة إلي الغرفة وأمامهم الخادمة كان القصر في طابقه العلوي واسع وكبير ومليء بالغرف المغلقة ادخلتهم الخادمة إلي غرفتهم وخرجت .
نظرت أميرة علي السرير فوجدت ملابس لها ولحسن
أميرة : الست دي محترمة جدا بصراحة بتحرجنا بذوقها بس في نفس الوقت فيهم حاجة غريبة كدا مش مريحاني البيت شكله قديم اوي حتى لبسهم وطريقة كلامهم تحس انها من التسعينات
حسن : دا بدل ما تشكريهم بتتريقي عليهم دا لولاهم كان زمنا ميتين من التلج في الشارع برا
أميرة : عندك حق كتر خيرهم بصراحة الناس دي جتلنا نجدة من السما يالا بقى عشان انا خلاص هاموت وانام بجد
ارتدوا الملابس التي وضعت لهم وكانت ايضاً من طراز قديم لكنهم لم يهتموا كثيرا , اخذ حسن أميرة بين ذراعيه وغاصا سوياً في نوم عميق .
...........................