الفصل الخامس

3231 Words
وأستدارت لترحل تاركة الاخير مستمرًا يتابعها وهى تغادر المنزل بأقصى سرعة .... !! شعر برجولته تتهمه على تلك الجريمة الذى سيفعلها أن ترك تلك القطة الصغيرة تسير ليلًا وتتجول فى الشوارع لتكون فريسة للكلاب ، فأستغفر ربه وركض خلفها ليقبض على ذراعها ليوقفها هاتفًا على مضض : _ مفيش خروج ياملاك ادخلى جوه يلا ، انا أاااا .. مكنتش أقصد انا بس بتعصب بسرعة اليومين دول ضحكت بخفة قائلة متغطرسة : _ ايه مش كنت دلوقتى اتفضلى مش همنعك ايه اللى اتغير ، ثانيًا انت مالك انت وبصفة ايه تقولى مفيش خروج هااا ! ، ثالثًا وده الاهم شكرًا جدا يا أسيد بيه على التوصيلة انا المكان اللى هروح قريب من هنا اصلًا يعنى وفرت عليا المشوار ولو ريان أتصل قوله مشيت وهو هيعرف انا روحت فين ! لم يتمكن من التحكم فى أنفعالاته فصرخ بها فى غضب عارم : _ ايوة يعنى هتروحى فين فى نص الليل دلوقتى ، ادخلى ولو عايزة تمشى ابقى امشى الصبح يلا ! انكمش جسدها من صراخه بها وهتفت بصوت تخنقه العبرات وأعين دامعة : _ مش عايزة ادخل ، وابعد عنى لو سمحت ! تفهم خوفها منه وانها كطفل صغير لا تتحمل صراخ احدهم بها ، ولا تأتى بالعنف والشدة بل بالارضاء واقناعها بطريقة حانية ! ، فصر على اسنانه متشدقًا بصوت هادئ تمامًا : _ طيب ادخلى يلا مش هقعد اعيد وازيد فى كلامى كتير ياملاك ، مش هاكلك انا .. فى الواقع كان نفسى يبقى اول لقاء لطيف بس انتى عنيدة وهتتعبينى فبلاش عند واتفضلى ببكاء حار يشبه بكاء الاطفال صاحت فى صوت متشنج : _ قولتلك مش عايزة اقعد معاك ، انا قولت لريان اصلا ميسبنيش معاك وبرضوا مشى وسابنى ، وابعد بقى من قدامى كده يا اسمك ايه خلينى امشى !!! جملتها الاخيرة جعلت الضحكة القوية تخرج اخيرًا منه التى لم تخرج منذ وفاة زوجته لتعيد الجمال لوجهه مجددًا ويجيبها ضاحكًا : _ أُسمى أسيد ، مكنتش متوقع انى بخوف زي كده ، بعد كده هبقى اخد بالى لما اتكلم معاكى لانك واضح انك حساسة زيادة عن اللزوم ، على العموم حقك عليا يلا بقى ! كما توقع طفلة ! أن كنت تريد ارضائها فتعامل معها بكل لطف ، سارت معه الى الداخل وهى تجفف عبراتها بظهر يدها بينما هو فمسح على وجهه وشعره وهو يزفر بشئ من الضيق حتى دخلا الى المنزل فقابلوا كل من أسمى وليلى الذين هبوا واقفين يحدوقون بتلك الفتاة المجهولة فى أستغراب وأعين متسائلة حين قالت ليلى بريبة شديد : _ مين دى يا أًسيد ؟! كانت هى تطرق ارضًا فى حياء وقلق حتى سمعت نبرته التى مازالت تخيفها حتى الان وتجعلها ترتعب عندما يتحدث ! : _ دى ملاك بنت عمتى فردوس هتقعد معانا لفترة كده همت بأن تجيبه ليلى فى نظرات تنم عن أعتراض وأستياء منها فأكمل هو مقاطعًا بصرامة وصوت يهتز له البدن : _ وقبل ما حد ينطق يحرف انا قولت هتقعد معنى كده أن الامر ص*ر خلاص ومفيش مجال للنقاش ! _ يعنى ايه مفيش مجال للنقاش ، واتلميت عليها فين دى ولا انت نسيت كلام عمك وجدك ... البنت دى مش هتقعد فى البيت هنا يا أُسيد انا ايه عرفنى كانت عايشة ازاى مش يمكن تكون زي امها ! رفعت نظرها بهم ومن ثُم به فى أعين من**رة وهمت بالاستدار والرحيل ، فغرز يده الفولازية فى رسغها وهو يهتف بشئ من الصياح : _ امى ، انا قولت اللى عندى خلاص وعلى الله حد يدايقها ، دى ضيفة هنا واحترام الضيف واجب ولا ايه ياصاحبة الواجب .. خوديها يا أسمى على اوضتها حول نظرته الهادئة لها يشير لها بالذهاب معها وكأنه يقول لها " لا تقلقى " .......!!!! *** اصطحبتها أسمى الى أحد الغُرف لترمقها بنظرة بغيضة مغمغمة : _ وانتى عرفتى أُسيد من فين بقى ؟؟ لم يخرج صوت منها ، أكتفت بملامح وجهها المن**رة والضعيفة وهى تحدقها بصمت فأكملت أسمى حديثها فى إبتسامة أستنكار : _ هتقولى ازاى ، ولا ليكون هدفك هو انك تاخدى حق امك وابوكى احب اقولك انك مش هتطولى هنا يعنى مش هتلحقى تعملى حاجة أاااااا.......... اتاها صوت اخيها الجهورى وهو يهتف بنظرة اوقعت الرعب فى قلبها : _ أسمى انا قولت ايه تحت ، غورى على اوضتك يلا وحسابى معاكى بعدين ! صرخت به لاول مرة فى مرارة وسخط هادر ممزوج بصوت تخنقه العبرات : _ لا مش همشى يا أُسيد انت نسيت ان عمتى دى هى السبب فى موت بابا وعمى عزت !!! وانت جايبلنا بنتها وعايزين نتعامل معاها بحب ونرحب بيها أحسن ترحيب جذبها من ذراعها بعنف وهو يصيح بها بأنفعال : _ انزلى تحت استنينى جايلك أستقرت نظرة شرسة منها على ملاك المتصلبة وعبراتها على وجنتيها غزيرة ، ثُم هبطت لاسفل كما اخبرها ... فتوجه هو لها ليجدها تطفق بصوت مبحوح : _ اولًا انا امى مقتلتش حد فاهم ، ثانيًا انا مش عايزة اقعد هنا انا مهربتش من أكرم ومن تعذيبه ليا علشان اجى للانيل منه زفر بخنق وهو يمسح على شعره الاسود الغزير ليجيبها بشئ من الحدة : _ أكرم هتطلقى منه زى ماعدناكى انا وريان وانك تتخيلى انى اسيبك تمشى بليل دلوقتى فانا بقترح انك تفضلى تتخيلى كده لانه مش هيحصل قولتلك بكرة الصبح عايزة تمشى امشى تكلمت عيناها بالنيابة عنها لترد بأعتراضها عليه لتقابل نظرته الثاقبة كالصقر التى لا تنم عن اى تنازل منه لما قاله ، اقنعها عقلها بأن الذهاب صباحًا سيكون فى صالحها أكثر ... خرج صوته الخشن قائلًا : _ نامى والصباح رباح أن شاء الله ، ولو عوزتى حاجة انا موجود فى الاوضة اللى قدامك دى أصبح عقلها يتساءل بشدة حول ماهية هذا الرجل لحظات تجده يعاملها بقسوة ولحظات بحنان وهدوء ، حتمًا انه رجل غريب الاطوار لا يستطيع أحد فهم طريقة تفكيره بسهولة .. نظرت حولها باحثة عنه فلم تجده ف*جحت انه ذهب بينما هى تقف شاردة بأمره !! ............... *** فتح الباب على مصراعيه لينتفضوا بفزع من هيئته المرعبة وبالاخص أسمى ، أزداد رعبهم عندما صرخ فى صوت مهيب : _ اللى عملتيه ده ايه معناه ، ممكن افهم يا أسمى هانم أنتصرت لها ليلى لتهتف بثبات تام : _ مغلتطش فى اللى قالته ابوك قعد يحمي عمتك دى لغاية ما مات بسببها وانت دلوقتى بتحمى بنتها ايه مش هامك لا انا ولا اخواتك ضرب بقبضة يده القوية على الحائط وهو يهتف فى أنفعال جلى : _ امى كلنا عارفين كويس اوى أن عمى عزت مات ليه انتوا اللى مش عايزين تصدقوا وبتحاولوا ترموا اللوم على عمتى وبابا مات موتة عادية زى اى أنسان ومش هتعرفوا اكتر منى لانى كنت معاه فى اللحظة دى ... لو مش عاملين احترام ليا انتى وبنتك اعملوا احترام لياسر الصاوى الله يرحمه وانه هو السبب انى اجيب ملاك هنا البيت وانتوا فاهمينى كويس ! غارت عليه كالوحش الهائج وهى تصيح بأعتراض قاطع : _ لا مش فاهمين يا أسيد ، وانا مش عايزة البنت دى تقعد فى البيت هنا ومش هتقعد زى ماجبتها تمشيها بكرة !! أنتصب وقفته وهو يحدقها بشموخ وأعين ثابتة تمامًا لم تعى اى أهتمام هامسًا : _ مش هتمشى يا امى الا بمزاجها ، واتمنى أن اللى حصل ده ميتكررش تانى لا منك ولا من الابلة اللى وراكى دخل مراد فى تلك اللحظة وهو يهتف بأستغراب شديد : _ فى ايه صوتكم عالى كده ليه ؟! وجد امه تصرخ بأخيه قائلًا : _ بتعصى اوامرى يا أُسيد ، دى اخرتها يا ابن ياسر ! تصنع البرود التام وهو يهتف بحدة : _ انا قولت اللى عندى ومعنديش حاجة اقولها تانى وسرعان ما أستدار وغادر تاركًا ليلى وأسمى يشتعلون من الغيظ لتهتف ليلى بنظرات تحمل فى طيأتها الوعيد : _ تمشى بمزاجها ! ، وانا هخليها تمشى بمزاجها ، انا بتعصى اوامرى يا أُسيد لا وبتوقف فى وشى علشان البنت اللى امها السبب فى موت ابوك !!! خرج صوت مراد المصدوم متشدقًا: _ هى ملاك هنا !؟ وقع نظر أسمى عليه التى حدقته بغيظ وتمتمت بأستياء : _ ايه هو انت تعرفها كمان !؟ صاحت ليلى متغطرسة : _ اهااا مهو هيختلف ايه عن اخوه ! لم يعيرهم أهتمام فقد حدق فى اللاشئ بشرود يتأمل الامر ويتساءل حول ماذا حدث حتى جعل أُسيد يجلبها المنزل !!! ............ *** دلف الى غرفته ونزع سترته عنه ، ليزفر بقوة فى أقتضاب .. ألقى بجسده الصلب على الفراش محدقًا فى سقف الغُرفة داخله أعاصير ، دومات تعافر فى أزالة كُل ماهو مثمر وجميل ، جاهدًا هو فى الصمود امامها وبالفعل تخطاها ولكن بعد أن تركت أثرًا لا يمكن محوه بسهولة .. تلك الاعاصير التى نشبت فور موت حبيبته وزوجته مستمرة فى نشاطها حتى تحقق هدفها ..... !! جلس منتصبًا ثُم فتح أحد الادراج وأخرج منها عُقدًا يبدو باهظ الثمن تحسسه بأصابعه فى إبتسامة مريرة يسترجع لحظات حياته السعيدة ..! "" _ ده ليا يا أُسيد !؟ تقدم نحوها خطوة ليهمس فى نبرة تقطر حنانًا وعشقًا : _ طبعًا ليكى ياروح أُسيد امال لمين يعنى ! تفحصت العُقد جيدًا بنظرها ثُم عاودت النظر له وهى تردف برقة أشعلت نيرانه : _ بس ده باين عليه غالى اوووى يا أُسيد ملوش لزمة لو كنت جبت اى حاجة كانت هتعجبنى او اساسا مكنتش جبت حاجة كفاية انك معايا مد أصابع يده ليزيج خصلة شعرها المُتمردة من على عينها ويمرر ابهامه على وجنتها بحنو مغمغمًا بصوت رجولى جذاب : _ الغالى يلبس الغالى ياقلبى ثُم انى عندى كام مريم يعنى هى وحدة لو طلبت نجوم السما اجبهالها ارتمت داخل احضانه بعاطفة عشق جياشة وهى تهمس له بصوت انوثى هادئ : _ ربنا يخليك ليا ياحبيبى وميحرمنيش منك يارب ابعدها عنه بهدوء ليديرها حتى أصبح ظهرها فى وجهه ، ولف العقد حول عنقها ثُم انحنى بجزعة للامام ليحتضنها من الخلف هامسًا بجانب اذنها فى مكر بسيط : _ هياكل حتة منك ايه ده ياناس ، على الله اشوفك طالعة بيه ده يتلبس فى الاوضة هنا بس مفهووم ! "" افاق من شجونه الحزينة فتأفف بشدة من فرط مشاعره التى تتحرق لرؤيتها مرة وحدة ولكن هيهات فماذا عسى ابن أدم أن يفعل سوى القبول بتلك الحقيقة وهى الموت ! ، مسح على وجهه وهو يهمس بصوت خرج من صميم قلبه : _ يا الله انت العالم بحال عبدك فهون عليه تلك المصائب ! *** فى أحد محافظات الصعيد ...... يجلس احدهم على مقعد فاخر وبيده كأس نبيذ هتف وقد بدأ تأثير الكحول يظهر عليه وهو يتحدث الى صديقه قائلًا : _ لسا مشوفتوش حاجة يا عيلة الصاوى ، واحد واحد بالدور وهبدأ براس الافعى محمد الصاوى وبعده ثروت وبعده ريان افندى اللى عاملى فيها سبع رجالة فى بعضها واما ياسر بقى فاللى خلف مماتش مراد ده مش هيملى عينى ولا يطفى نارى خلينا فى الابن الاكبر أُسيد بيه اجابه صديقه بنبرة رخيمة فى احتجاج : _ قوم يامعتز شكلك كترت العيار النهردا خرجت ضحكته القوية وهو يطفق ساخرًا : _ فاكرنى بهزر ياك لا انا مبهزرش يا خالد حق ابويا اللى قتلوه هاخده بس مش هيكفينى واحد بس يعنى راس قصاد راس لا ده انا هنيهم كلهم ، ومش حق ابويا بس لا حتى حق اختى ومرات ابويا المسكينة دى ، اتحرمت من اختى بسببهم ياخالد فاهم يعنى ايه معرفش عنها حاجة وينها بتعمل ايه معرفش اى حاجة قلبت عليها الدنيا برضوا ملقتهاش وهما اللى هيدفعوا التمن ... !!! *** فى صباح يوم مشرق ..... !! أستيقظت وهندمت من مظهرهها جيدًا وهبطت الى أسفل لكى تغادر ذلك المنزل الذى لا مكان لها فيه ! ، أعترى طريقها حراس المنزل هتف احدهم : _ على فين ياهانم الاوامر أن محدش يطلع من البيت من دون أذن أسيد بيه وهو مسمحش لينا اننا نخليكى تخرجى أنفعلت عليه ملاك صائحة لتظهر عن مخالبها : _ أُسيد ايه ده !! ، عدينى يا أستاذ بالذوق انا مش ناقصة !! ألتفتت خلفها عندما أستمعت الى صوت ليلى القادمة نحوها وهى تقول بلؤم بسيط : _ ايه الصوت العالى ده فى ايه !؟؟ تجاهلتها تمامًا وهى تزفر بنفاذ صبر لتنظر الى الحارس قائلة بشئ من الانفعال : _ اتصلى بأُسيد لو سمحت اكلمه ! أخرج الرجل هاتفه واجرى أتصال بسيده ثُم اعطاه اياها فأجابت عليه فى زمجرة : _ على اساس أن الصبح لو عايزة امشى ، همشى ايه غيرت رأيك ولا ايه يا أُسيد خرجت نبرة صوته الرجولية القوية قائلًا : _ لا يا ملاك انا عند كلمتى ، انتى عايزة تمشى دلوقتى يعنى ؟! هدأت ثورتها فورًا وتمتمت بخفوت بعد أن عادت لنبرتها الرقيقة : _ ايوة والحراس مش عايزين يطلعونى ، ايه معناه ده ؟ تنفس الصعداء فى عبوس فقد ملت نفسه من كل شئ ، اجاب بإيجاز : _ ماشى يا ملاك ممكن تصبرى لما ارجع البيت وانا هاخدك واود*كى المكان اللى عايزاه لانى دلوقتى ورايا اجتماع ومش فاضى كادت أن تجيبه فوجدته أنهى الاتصال ، فصاحت فى ضجر : _ بيستهبل يعنى !! ، بقولك ايه انت هتطلعنى غصب عنك مهو انا مش مسجونة هنا ومجبورة استنى البشمهندس لما ياجى ! اتاها نبرة ليلى الصارمة وهى تهتف بنظرة مريبة : _ واضح انك مش ساهلة وهتتعبينا ، قالك مش هتطلعى غير لما يسمح أُسيد بكده يعنى مفيش خروج عاملة غارة ليه .. هتقعدى هنا يبقى تعيشى على عيشتنا فاهمة وبلاش الصوت العالى ده هااا حدقتها بأعين سابحة بها العبارات ولكنها ام يكن لديها الجراءة الكافية للاجابة عليها سوى بقولها الضعيف : _ ومين قالك انى هقعد هنا اساسًا ! لوت فمها ليلى مبتسمة بخبث مردفة : _ يبقى احسن برضوا والله !!! تركتها ملاك وسارت مسرعة الى غُرفتها وهى تحاول منع عبراتها من السقوط ...! *** فتح مروان باب المنزل بوجه مشرق ليدخل وينزع حذائه عنه وهو يصيح على امه شبه ضاحكًا : _ انتى فين يا لولو ، ياحلوم طيب !! خرجت من المطبخ لترمقه بنظرة تتصنع الغضب : _ حلوم فى عينك ، عايز ايه يازفت !! تهجمت ملامح وجهه وأبدى الدهشة وهو يطفق بضيق : _ زفت بقى دى اخرتها يانبع الحنان طاب انا غلطان كنت جايبلك خبر حلو ! أسرعت أحلام نحوه فى نظرات شغوفة وقد تزين وجهها الجميل وهى تقول : _ اوعى يكون اللى فى بالى يامروان ؟ ضحك بقوة وضمها لص*ره وهو يقبل جبينها بنعومة هامسًا بصوت ينسدل كالحرير ناعمًا : _ ايوة هو ياست الكل ، جهزى نفسك يلا عاد اخر الشهر ده هاخدك ونروح نعمل عمرة تلألأت العبرات فى مُقلتيها وضمت ابنها بشدة وهى تقبله فهمس هو بحنان : _ خلاص عاد يا امى انا معملتش اكده علشان اشوف دموعك ، بدل ماتبكى ادعيلى دعوة حلوة قال اخر جملة له بشئ من المرح فكفكفت دموعها وهى ترفع كفيها الى اعلى هاتفة بصوت ينبع من صميم قلبها ودعوة صادقة : _ ربنا يكرمك يا مروان يا ابن بطنى ويبعد عنك ولاد الحرام ويفتح فى وشك ابواب رزقه يارب تأفف بخنق هاتفًا فى عبوس : _ مش هى دى اللى عايزاها ياحجة !! ، ادعى كده بأيه ربنا يكرمك ببنت الحلال اللى قلبك رايدها رفعت كفيها مُجددًا تكرر ماقاله بنفس نبرتها السابقة فى عدم وعى لما تقوله وبعد انتهائها نظرت له وهمست بلؤم وهى ترفع أحد حاجبيها : _ وهى مين دى عاد اللى قلبك رايدها يا واد !!؟ هتف مازحًا فى إبتسامة صافية : _ وانتى مالك انتى عاد ، انتى ادعى وانتى ساكتة ! معلكيش غير تدعى ضربته بقوة على ذراعه وهى تغمغم بحنو امومى : _ طاب امشى يلا غير هدومك علشان احط الغدا *** كان مستلقيًا على فراشه فى صمت تام يعقد كفيه خلف رأسه يحدق فى اللاشئ بشرود ، جزء من عقله استحوذت عليه تلك " الملاك " ، تمنى لو كانت معه الان امام عينيه ، حتى يكون متفرغ لمراقبتها وسلامتها ، تلك الوردة الصغيرة التى تلمع كالجوهرة عندما تشرق وتضحك لا تستحق سوى رجل يتقن جيدًا الاعتناء بتلك الورود .... فتحت " أشجان " الباب بقوة ودخلت كالعاصفة وهى تهتف : _ اهلا يا أستاذ ريان ، ليه تاعب نفسك وجاى البيت تشوف امك وابوك .. خليك جاعد فى القاهرة علطول عند ولاد عمك ، عاملين ايه ليكم عايزة افهم حتى اختك عاجباها الجعدة هناك زفر بنفاذ صبر وهو يمسح على وجهه ، ثُم هب واقفًا على قدميه هامسًا : _ امى بالله عليكى انا مش حامل كلمة ، سبينى فى حالى وروحى شوفى وراكى ايه ! صاحت به فى أندفاع وهى تتجه نحوه : _ ليه مالك أن شاء الله ، انا مش مرتحالك اصلًا الفترة دى ياريان وروحتك كل يومين عند أُسيد مش مريحانى ! تكدر صفوه همس وهو يجاهد فى السيطرة على انفعاله : _ انا مش صغير هااا مش عيل لسا عندى 10 سنين ، قوليلى مين هيتولى الشغل غيرى انا وأُسيد ، مروان اخره يساعدنا فى حجات بسيطة ولا مراد اللى عايش لنفسه .. وخودى على كده لانى هاجى يومين وامشى تانى اطلعى من نفوخى عاد قبضت على ذراعه بعنف وادارته لها لتستقر نظرة ملتهبة منها فى عيناه وهى تطفق بترقب : _ لتكون بتروح تقابل عمتك وبنتها ! ، عارف جدك وابوك لو عرفوا هيعملوا ايه ، اوعى يكون صح ياريان ازاح يدها عن ذراعه بنظرات متمردة وغاضبة لينحنى ويقرب وجهه من وجهها هامسًا بنبرة لا تحمل ادنى خوف او تردد : _ ابقى روحى وقولى لجدى وابويا أن ريان مبيخفش ثُم تركها ورحل فجلست على الفراش وهى تطلم بخوف : _ يامرارى هو ده اللى كنت خايفة منه ، ده عمى محمد لو عرف هيقلب البيت ! *** كانت تتحدث فى الهاتف بشئ من الصياح : _ ريان انا مليش دعوة سواء جيت او مجيتش انا مش هقعد هنا ثانية واحدة اجابها متسائلًا فى زهو : _ ايوة انا عايز افهم عايزة تمشى ليه حد دايقك ، أُسيد دايقك يابنت الناس ؟! همست بتبرم فى تمرد واضح : _ لا امه مشوفتهاش بتكلمنى ازاى ، انت ليه سبتنى ومشيت اصلًا ! صرخ بصوت رجولى بأنزعاج شامل ، جعلها تنتفض من نبرة صوته : _ ما قولتلك ياملاك تعالى معايا واقعدى هناك وملكيش دعوة بى وابويا انتى اللى قولتى مش عايزة اقعد عند الناس دول ، ودلوقتى مش عايزة اقعد عند أُسيد امال عايزة تقعدى فين يعنى ، بلاش شغل العيال ده ياملاك استحملى يومين لغاية ما اجى ، واياكى تمشى من عند أُسيد فاهمة ، مش هتروحى تقعدى فى بيت وحدك ياهانم تلألأ بؤبؤى عيناها بالعبرات ولمعت عيناها العسلية وهى تهتف بصوت يكاد لا يخرج يغلبه البكاء : _ انت بتزعقلى ليه ياريان ، انا غلطانة انى كلمتك اصلًا وملكش دعوة بيا اعمل اللى انا عايزاه ثُم ألقت بالهاتف على الفراش وهى تهز قدميها بشدة من الغيظ وعيناها تشبه جمرتين النيران المشتعلة ، ملامحها الصغيرة والبريئة كافية لجعل اى رجل ينصاع لتلك الدموع الطفولية وهذا ماحدث عندما سمعت طرق الباب وهرولت لتفتح ظانة منها انها " سارة " ولكن صدمت بأُسيد الذى دقق النظر فى وجهها لبرهة من الزمن هامسًا بصوت رخيم : _ مالك ؟! أطرقت أرضًا كى تخفى دموعها التى تسيل كالشلال وهى تهمس بتشنج يحتوى على رجفة وصوت متقطع : _ كل..مت ريان وزعقلى لما قولتله انى عايزة امشى استقرت نظرة ملؤها الدفء وهو يهمس بشئ من المرح : _ وده كله علشان زعقلك ولا علشان مش عايزك تمشى ! التسمت فى نبرته السخرية فهتفت بضجر هادر : _ انت بتتريق صح ! ، ما انت مشوفتش الصبح م....... صمتت قبل أن تُكمل كلمتها وهى تتن*د بعمق لتتابع بحدة : _ انا لسا عند قرارى وعايزة امشى وافتكر انك وعدتنى _ طيب انا معاكى هخليكى تمشى وبعدين هتروحى فين هااا صمتت لبرهة من الوقت تفكر فى حديثه ثُم هتفت بعناد شديد : _ هروح مكان ما اروح محدش ليه دعوة ! أُسيد بنظرة حازمة فى غضب : _ مفيش حاجة اسمها محدش ليه دعوة ، متنسيش انك لسا متجوزة ومطلقتيش ، بكتيرها بكرة او بعده هقولك يلا علشان ننهى الموضوع ده وتتطلقى وتخيلى انك تروحى تقعدى فى بيت وحدك اكرم ممكن يعمل ايه لو عرف مكانك ، علشان كده القعاد وسطينا لصالحك .. اعقلى ياملاك وبلاش عند لو عايزة لسا ومصممة تمشى انا معاكى روحى البسى يلا تسمرت بأرضها تحدق به فى تردد ، فهى لا تخشى شئ سوى ذلك الحيوان " أكرم " يكفيها ما رأته منه ، قلبها يسحق تحت الأسى والشجن ويمزقه الالم ... وكأنه قرأ افكارها فهمس بخفوت فى إبتسامة عذبة وهو يناولها هاتف يبدو باهظ الثمن : _ كويس طلعتى عاقلة اد*كى ، خدى التلفون ده علشان لو عوزت اكلمك انا سجلت رقمى عندك ! توردت وجنتيها من الخجل وطفقت تقول برقة : _ شكرا يا أُسيد انا أاااا ......... رأت نظرة فى عيناه كافية لجعلها تصمت فورًا وتأخذ الهاتف من يده وتغلق الباب فى أرتيعاب .... !! *** خرج مراد من باب المنزل وهو يهندم من مظهره الرجولى الجذاب ، يستعد للذهاب الى أنهاء بعض الاعمال وبعدها لسهرته الليلية كعادته ! ، فلمح بعينه سارة التى تقف فى أحد اركان الحديقة وتتحدث فى الهاتف ، اقترب منها بخطواط هادئة دون أن تشعر فقد تعشش الشك بداخله منذ تلك الليلة .. سمع صوت ضحكاتها الشبه عالية وهى تهتف ببراءة : _ بتستهبل انت يا اسلام والله ! _ يتبع .................. يلا بقى هى اللى جابته لنفسها سارة هانم ملناش دعوة باللى هيحصل ??? استعدوا من الفصل ده لان بعد كده هتلاقوا كل فصل مفاجئة جديدة او حقيقة بتتكشف?? #ندى_محمود
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD