الفصل الثاني
_ _ _ _ _ _ _ _ # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # ## # # # # # # # # # # #
وفى نهاية اليوم أصرت على الانتظار معى حتى نجمع كل شئ ، كنت معتادا أن تنصرف هى ثم أبقى انا لأتمم كل شئ ، رأيتها تجلس على مقربة تنظر إلىّ ، عيناها تخترق جسدى ، ، فى هذا اليوم لاحظتها تتعمد المرور من أمامى كثيرا ، تحتك بجسدى ، ثم صارت تنحنى بشكل مبالغ فيه وهى تجمع الأشياء فى مرمى بصرى ، وعندما ذهبت لأغلق الصناديق بالأقفال اقتربت ومالت حتى صار ص*رها فوق ظهرى ثم مدت يدها لتمسك بيدى وهى تأخذ المفاتيح منى ، سحبت يدها ببطء شديد من فوق يدى ، مر اليوم التالى وهى تجتهد فى إرضائى ، تختلس الوقت لتتحدث معى ، تتطوع لمعاونتى ثم تمثل انهماكها فى العمل وتلصق كتفها بكتفى ، أو ظهرها بص*رى ، أو ص*رها بظهرى ، كلامها صار أنعم بكثير ، ثم فى نهاية اليوم طلبت أن تسر إلىّ بأمر ما فى أذنى ، ملت ناحيتها ، وضعت كف يدها على ظهرى وكف الثانية على كتفى ، وهمست فى أذنى لتخبرنى بنعومة ان امها تدعونى لتناول العشاء معهم الليلة ، ارتبكت كثيرا لكننى لم أقدم نية السوء لتصرفاتها ، ذهبنا لنستقل الميكروباص – كما هى عادتها .
وصلت معها إلى البيت لأجد المائدة عليها أشهى الأطعمة ، سلمت على فتحية واطمأننت عليها ، دعتنى نورا للجلوس على كرسى حول المائدة ، جلست فتحية أمامى ووليد إلى يمينها ، التلفاز امام عين وليد مباشرة بينما فتحية تدير رأسها لليسار لتشاهد ، كانا يتابعان مسلسلا فى التلفاز أثناء الطعام ، ويتناقشان فى أحداثه دون أن ينظر أحدهما للآخر ، عيناهما ما بين الطعام والتلفاز ، جلست نورا عن يمينى ، وبدأنا تناول الطعام ، بعد ثوانٍ أحسست بشئ يتلمس قدمى ، إنها قدم ، قدم ناعمة ، لم أعهد نفسى مرتبكا كما كنت حينها ، زادت اللمسات ، أصبحت القدم فوق قدمى مباشرة ، تتحرك بخفة ، إبهام القدم يعانق إبهام قدمى ، ارتبك كما لم ارتبك من قبل في حياتي ، لم أجرب يوما أن تتحرش بى امرأة ، زادت التحرشات ، صوت ض*بات قلبى وتدافع نبضاته جعلنى سأسقط فوق المائدة ، لا أقوى على الحركة ، بل لا أستطيع الكلام ، أم نورا تحدثنى عن المسلسل بينما لا أرد ، نظرت إليها نورا ثم قالت ،
نورا : مسلسل إيه ، ما تسيبى الراجل ياكل براحته يا امه ، إيه عاوزاه يزور ولا يشرق ؟
أم نورا : طيب هاتى له كوباية ميه يا لمضة أحسن يزور بجد
نورا : من عينيه الاتنين
ذهبت إلى الداخل فأحضرت قارورة ماء ، وقفت امامى لتصب لى فى الكوب ، جلست بعد صب الماء ، عادت تتلمس قدمى من جديد ، أكاد أجن ، لم يعد للأكل طعم ، هل أتركه وأنصرف ؟ هل أنتظر ؟ ماذا لو رأتنا أمها أو اخوها ؟ أمها تحدق فى التلفاز ، ووليد كذلك ، ومفرش المائدة طويل ، نورا تتظاهر بالأكل ، فنظرت إليها نظرة المصدوم ، نظرت فى عينى وقالت بهمس شفاهها دون صوت " بحبك " ارتجفت وارتعدت وتوقف الطعام فى حلقى ، هممت أن أشرب بعض الماء لعلى أفيق من توترى ، لم يعد أى شئ يجدى نفعا ، ، نظرت لها فوجدتها تبتسم لى فى زهو و
***ة ، عادت تهمس بكلمتين هذه المرة " بموت فيك " ، ثم نطقت بصوت مرتفع قليلا
نورا : عجبك ؟ّ
اسماعيل بدهشة : هو إيه ؟
نورا : الأكل !
أم نورا تنظر إليها ثم تعود لمتابعة الحلقة قائلة : تقولش هى اللى عملته ؟ انا اللى عاملاه يا حيلة امك
وليد : وانا مش كنت باساعدك !
اسماعيل : الحقيقة مفيش أطعم من كده تسلم إيدك يا ستنا ، عامر بحسكم يا وليد ، هاقوم أغسل إيدى
أم نورا : يا اخويه انت كنت كلت إيه ؟ ده طبقك لسه ما كلتش ربعه
اسماعيل : لا ده انا بطنى اتملت خلاص مش هقدر تانى ، الحمام منين ؟
نورا : هقوم اوريهولك تعالى ورايه
وقامت من فورها أمام عينى ، أدخلتنى الحمام ثم وقفت إلى جوارى ، أعطتنى المنشفة لأجفف يدى ، لم أنظر إليها ، جففت يدى ومددت لها المنشفة ، أمسكت بيدى ونظرت فى عينى ، تعالى صوت أنفاسى ، شعرت بجفاف حلقى ، عيناها تفترس وجهى ، تتأمل جسدى ، أسقطت المنشفة من يدها ، وضعت يديها على كتفى ، عيناها تخترق عيونى ، ال**ت شل ل**نى ، انعقدت الكلمات فى حلقى ، اقتربت اكثر فأكثر ، رفعت يدى لأمسك بذراعيها ، سرحت يدى ببطء حتى بلغت كتفيها ، ألقت بنفسها فى حضنى ، هجمت بقبلاتها على وجهى ، لم تقل غير كلمة واحدة ، كررتها عشرات المرات بهمس " بحبك " ، عادت تلقى بنفسها فى احضانى ، تعالت أنفاسها وهى تقول " رد عليه ما تعذبنيش ! بتحبنى ؟ " وكيف أجيب وانا لم أعرف شيئا عن الحب الذى تسألنى عنه ؟ ألقت بشفتيها فوق شفاهى بمهارة تقبلنى ، ثارت ثائرتى ، ضممتها بكل عنف لص*رى ، قبلتها فى كل بقعة فى وجهها ، استجمعنا انفسنا وقررنا الخروج ، دخل وليد إلى الحمام ، خرجت لأجدها تجمع الاطباق من فوق المائدة مع أمها ، جلست ما يقارب الساعة ثم استأذنتهم للانصراف مع خالص التمنيات لوليد بالتوفيق ، جاءت معى نورا حتى وصلنا للباب ،
نورا تهمس بحذر : هاجيلك بكره الساعة خمسة الصبح فى البدروم ابقا استنانى
اسماعيل بدهشة : ليه ؟
نورا : اوعا تكون مستعجل ! أصلى مش هعرف اجيلك قبل كده ، مع السلامة يا حبيبى
فهمت ، هى تواعدنى لنتطارح الغرام ، أى ليلة هذه ! مشيت فى الطريق أحدث نفسى وأنا فى عقلى ألف سؤال ، ماذا سنفعل فى الصباح ؟ هل أنا على موعد مع أول علاقة في حياتي ؟ لكن كيف ؟ نورا وأنا ! عجيب هذا الأمر ، هل وقعت فى حبى حقا أم ان الرغبة بعد الحرمان جعلتها تقبل على أول رجل تلقاه ! أو ربما الأمران معا ، على كل حال قد خرجت الأمور عن السيطرة ، امرى وأمرها ، وبعد ساعات يحين أمر لا دراية لى به ولكن بداخلى شوق يتحرق له ، تمنيته طوال أعوام عمرى الماضية ، لكن نورا ! تلك الأنثى التى يتمناها كل رجال المنيب ! تتمنانى أنا وتجتهد فى إثارتى حتى رأيت كل النساء تتجسد فيها ، رحت أتقلب فى فراشى لا يعرف النوم لى جفوناً ، فى تمام الخامسة سمعت طرقات خفيفة على باب البدروم ، أسرعت لأفتح الباب وأنا أحمل شوق السنين ، لا شئ فى مخيلتى سوى كيف لى تحمل هذه المفاجأة ، دخلت نورا تحمل كيسا فى يدها ، كانت أولى كلماتها ،
نورا : فطرت يا سمعة !
اسماعيل : لا لسة
نورا : كنت عارفة ، جبتلك سندوتشين أهم اقعد افطر
بعد ساعة
نورا : بص انا هاخد رابطة السكر دى واسبقك
اسماعيل : وانا دقيقتين واحصلك
نورا : بحبك
اسماعيل : وانا بموت فيكى يا نورا
صار اللقاء متكررا كل صباح فى البدروم ، عشرة أيام منذ اللقاء الاول لم يمر يوم دونما لقاء ، حتى عادت ام نورا تتولى العمل معنا من جديد بعد انتهاء الامتحانات ، انقطعت اللقاءات إلا من قبلة نختلسها فى المخزن ونحن نجلب بعض الحاجيات او حضن على سلم شقتهم فى زيارة خاطفة لها هى ، كنا نحاول أنا ونورا أن نوارى عشقنا بعيدا عن نظر أمها ، لكن هيهات ، أمها خبيرة بذلك الشأن ، كانت ترمقنا بنظرة بين حين وآخر ، والعشق تبدو ملامحه فى العين ، وفى يوم لمحتنا نتهامس فصارت تلاحقنا بنظراتها ، وبينما انا فى حذر من نظرات أم نورا وفى خوف أن ينكشف الأمر سقط الماء من غلاية الشاى على يدى فصرخت ، وبينما هرعت أم نورا تجلب بعض قطع الثلج ، ألقت نورا بما فى يدها وأقبلت تصرخ وتبكى " حبيبى سلامتك يا حبيبى " كانت تضم رأسى لص*رها وهى تصب الماء البارد فوق يدى ، بينما أقبلت أم نورا لتزيحها بعيدا وهى تنظر إليها فى جسارة وهى تقول " اهدى يا حيلة أمك على نفسك شوية كده ، إيه مالك ؟" انتبهت نورا لما كان منها فقامت فى خجل وصدمة تقف أمامنا بينما أم نورا تمسد جلد يدى بالثلج ، لحسن الحظ كان الأمر بسيطا بالنسبة ليدى ، لكنه لم يكن بسيطا بالنسبة لموقف نورا أمام امها ، بعد ساعات عدت لاستئناف العمل من جديد ، همست لى ام نورا أنها تريد أن تلتقينى الليلة فى منزلها ، ارتجف قلبى وارتعدت ، أخشى أن أخسرها ، اول من وقف بجانبى ، مدت لى يدها وانتشلتنى من الضياع ، هى سبب كل ما أنا فيه الآن من استمتاع ونعيم بالحياة ، حتى ابنتها كانت أول من أدخلتنى عالم المتعة الحسية ، ذهبت وأنا أخشى مواجهتها لكنها لابد ستكون ، لم أحضر كلاما أقوله لها ، لم أخمن ماذا ستقول ، طرقت الباب فتحت بنفسها لى وأدخلتنى إلى الصالون ،
فتحية : اقعد يا اسماعيل ، انت عارف انك غالى عندى وبحبك أكتر ما انت تعرف
اسماعيل : وانا كمان يا ست الناس يعلم ربنا أد إيه انتو كلكم غاليين عندى وانتى بالذات أفد*كى بعمرى
فتحية : استنا بس لما أكمل كلامى
اسماعيل : اتفضلى يا ست الكل
فتحية :الشقة اللى فوقينا فضيت ، إيه رأيك أأجرهالك بدل البدروم وتبقا جنبنا هنا
اسماعيل باندهاش : يا ريت يا ستنا ده يوم الهنا يوم ما ابقا جنبكم
دخلت نورا تحمل الشاى وبعض الحلوى ، ابتسامتها طمأنت قلبى ، نظرت لها أم نورا شذرا ثم قالت ،
فتحية : حطيتى الشاى ! اتفضلى روحى انتى
نورا : طب ما اقعد يمكن تحتاجوا حاجة تانى
فتحية : يا حلاوتك ! لما نعوز يا اختى هابقا اندهلك
تحركت نورا بدلال وهى تنظر لأمها بطرف عينيها سارت بمنتهى البطء ، بينما تحرقها نظرات أمها التى تابعت " ما تنجرى يا بت "
اسماعيل : ربنا يخليهالك يا أم نورا
فتحية : ويخليك انت كمان ليه يا اسماعيل ، خلاص اتفق مع صاحبة البيت ع الشقة
اسماعيل : ياريت يا ستنا ننزل دلوقتى نكلمها
فتحية : ماشى نعدى عليها كمان ساعة بعد ما نخلص كلامنا ، طب الشقة واتحلت ، مش ناوى بقا تتأهل كده وتخش دنيا!
اسماعيل : خلاص بقا يا ستنا كلها كام شهر واكمل اربعين سنة مين اللى هاترضى بواحد زيى ؟
فتحية : واحد زيك ! ده انت الف واحدة تتمناك ، بص كده حواليك وانت هتلاقى
اسماعيل : حواليه فين ؟
فتحية : هنا مثلا ! فى البيت ده ! يا اسماعيل ما تفهم بقا ، عاوزة نتلم ونبقا عيلة واحدة كلنا
وقعت كلماتها فى سمعى كالرصاص ، أم نورا تريد الزواج منى ، لم يبق بعد التلميح إلا التصريح ، وماذا عن نورا ، سأشعلها حربا داخل هذا البيت لو وافقت أو رفضت وحتى ولو سكتت ، أشعر بالغرق ! أختنق ، زاغت عينى ، عاد شريط ذكرياتى مع ام نورا يمر أمام عينى منذ لقائنا الأول فى القطار ، امرأة بألف رجل من عينتى ، كيف الخلاص ، قاطع تفكيرى دخول نورا فجأة إلى الغرفة ، أكلتها امها بنظرتها
فتحية : عاوزة إيه يا بت ؟
نورا بابتسامة خبيثة : يوه يا امه ! قلت أشوفكوا عاوزين إيه مش ندهتى عليه !
فتحية : لا يا حلوة ما ندهتش غورى شوفى بتعملى إيه
نورا بدلال : هه ، طيب ،
لم تتمالك أمها أعصابها ، نظرت بجانبها ثم التقطت كتابا من كتب وليد وقذفتها به فخرجت تجرى وهى تصرخ ، ضحكت ام نورا حتى احمر وجهها وقالت ،
فتحية : شوف البت مش على بعضها ازاى من ساعة ما عرفت انى هافاتحك !
اسماعيل : هى عارفة انك هاتكلمينى فى الموضوع ده !
فتحية : طبعا ، مش لازم آخد رأيها الأول قبل ما اتكلم فى أى حاجة معاك ، شوف يا اسماعيل ، البت بتعزك ، وعارفة انك بتعزها برضو ، وانا مش هالاقى راجل زيك يصونها ويحافظ عليها وياخد بحسنا فى البيت ، وادى انت شايف النهارده لما لقيتك متصاب عملت ازاى عليك ، وانا كلمتها لقيتها موافقة ، وانا عارفة انك لو قعدت عشر سنين مش هاتتكلم ولا تطلبها ، قلت أقصر عليك الطريق
انف*جت أساريرى ونفثت الضيق الذى تجمع فى ص*رى واستندت برأسى للمقعد ثم نظرت لأم نورا وأنا أبتسم ، سحبت يدها لأقبلها ، ربتت على كتفى وهى تقول ،
فتحية : تعيش يا أخويه ، من يوم ما شوفتك وانا عارفة انك راجل جدع وأصيل ، ربنا يسعدكم ويهنيكم
نورا تدخل الغرفة بشكل مفاجئ : ندهتى لى يا امه
اسماعيل : انجرى يا بت هههههههههه
ام نورا وهى تضحك : لا تعالى يا نورا اقعدى ، مب**ك يا بت
اسماعيل : مب**ك لى أنا ، دى نورا عندى بالدنيا كلها ، هو انا اطول تبقا هى مراتى وبنتى وامى
نورا : ربنا ما يحرمنى منك يا سمعة
أم نورا : ربنا يهنيكم ببعض ، الف مب**ك يا راجل يا طيب
اسماعيل : انتى البركة كلها يا ام نورا ، من يوم ما عرفتك وانا الفرحة عرفت طريقى ومش هاتسيبنا أبدا مب**ك عليه نورا ومب**ك عليه العيلة الطيبة اللى هابقا واحد منها .
مضى عامان ، واليوم قررت أن أحتفل بعيد ميلادى ولم اكن انا صاحب قرار الاحتفال ، بل كانت كل الأسرة تحتفل معى حتى ولدى محمود ، بعد عام من زواجنا أنا ونورا كان حملها بمحمود دون أى تدخل طبى ، لم تكن جدته فتحية تتركه لنا ، بل كانت هى له كل شئ كما كان لها أيضا كل شئ ، لا زالت تعاند الدنيا ، وليد يدرس فى كلية الهندسة ، توسعنا فى أعمالنا حتى صار لدينا مقهى شعبى جيد فى منطقة المنيب ، كلنا فيه شركاء ، وكلنا مجلس إدارته ، وكلنا قلب واحد ، لا نحمل لبعض إلا الحب ، الحب الذى كانت نشأته فى منيا القمح منذ أعوام ، وامتدت أشجاره مورقة خضراء حتى اليوم وإلى ما لا نهاية .
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
# # # # # # # # # # # # # # # # # * # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # # #